Skip to main content

Full text of "1465 pdf"

See other formats







#العصرالحديث - 


الان - بط ولات - كماح -استشهاد 


إعداد 


أ.د. توفيق يوسف الواعى 


الجزءالتاني 





جميع الحقوق محطوظة 
الطبعة الأولى للناشر 


1ه 5١٠1م‏ 


رقم الايداع: ۲۰۰۵/۱۵٦۸7‏ 


الترفيم الدولى: I.S8.B.N‏ 
977-265-662-0 





دار التوزيع والنشو الا سلامية 


مص ر-القتاه رة -السيدة زينب ص. ب ١5175‏ 
۱ش بور ع ید :۲۹۰۰0۷۲ - ففاكس: 591114170 
مكتية السيدة: 4 ميدان السيدة زیتب ت: 5911951 
www.eldaawa.com‏ 
email:info @eldaawa.com‏ 


الداعية الشهيد نزا رأحمد الصباغ 
۱34/۱۲۳ 

مولده ونشأتك: 

ولد نزار أحمد الصباغ فى مدينة (حمص) بسورية يوه 
والإعدادية والثانوية. ثم تتلمذ على يدى الشيخ 
وخلال المرحلة الثانوية انضم إلى جماعة الإخوان 
المسلمين فى حمص . وقد ألقى القبض عليه فى أعقاب 
الانقلاب البعثى عام 9577١م,‏ ثم خرج من السجن ليتابع 
نشاطه الإسلامى وسافر إلى مصر 575١م‏ ليكمل دراسته الجامعية هناك وانتسب إلى 
كلية الهندسة المدنية بجامعة القاهرة؛ ولم يمض على وجوده هناك عدة أشهر. إلا 
وجاء أمر من المخابرات المصرية بترحيله عن مصر فعاد إلى (حمص) سنة 1478م . ثم 
افترح عليه بعض إخوانه السفر إلى إسبانيا للاستفادة من نشاطه الإسلامى هناك فرحل 
إليها سنة 1171م على أمل أن يلتحق بكلية الصيدلة فى جامعة غرناطة » ولكنه انشغل 
فى أمور المسلمين ولم يتابع الدراسة وانطلق يعمل فى حقل الدعوة الإسلامية بين ) 
الطلبة العرب والجاليات العربية والإسلامية ووسط الإسبان أنفسهم. فأسس أول كيان 
إسلامى فى إسبانيا منذ سقوط آخر معاقل الدولة الأندلسية سنة 1م كما أقام فى 
العام نفسه أول اتحاد للطلبة المسلمين فى إسبانيا . 

وقد كرس جهوده لفتح المراكز الإسلامية والمساجد وتربية النشء تربية إسلامية 
وأسس دارا للترجمة والنشر قدم من خلالها ثلاثة عشر كتابًا باللغة الإسبانية آخرها 
(حياة محمد) . 

ولقد أجرى الله على يديه الخير الكثير» حيث تمكن بفضل الله ثم بمساعدة بعض 
الشباب العرب المسلمين من تجميع صفوف الشباب المسلم وبخاصة الطلاب وإنشاء 


۲ 





المراكز الإسلامية التى يمارسون من خلالها نشاطهم» وعقد المؤتمرات والندوات 
والمخيمات والدورات وإلقاء الخطب والمحاضرات» وكانت إقامته الأولى فى غرناطة 
لسنين طويلة انتقل بعدها للإقامة فى برشلونة . 

ولقد تعددت المراكز الإسلامية وأقيمت المساجد فى أكثر من مكان . 

كان نزار الصباغ خطيب الجمعة بالمركز الإسلامى فى (برشلونة) التى انتقل إليها سنه 
۸م والذى تؤمه جموع كثيرة من الطلاب والمقيمين والمسلمين الإسبان» وكانت 
خطبه الحماسية تستجيش مشاعر المصلين وتلهب عواطفهم وتستنهض هممهم . 
صعاته وموافمهك: 

وكان صلبًا قوى الحجة ثابت الجنان رابط الجأش لم تلن له قناة ولم تزده الأحداث 
الجسام إلا قوة ورسوخمًا وصلابة وثباتاء حيث يفزع إليه الشباب المغترب حين تدلهم 
الخطوب وتشتد الأمور فيواسيهم ويشبتهم ويبذل وقته وعافيته وماله وجهده لقضاء 
حوائجهم وتفريج كربهم وإزالة العقبات التى تعترض طريقهم» متوكلاً على الله 
ومستعينًا بإخوانه من أهل السابقة بالدعوة الذين خرجوا من أتون المحن أصلب عودا 
وأشد مراسًا فكانوا نماذج صادقة للإسلام الحق بعلمهم وعملهم وخلقهم وسلوكهم. 
رهبانًا فى الليل فرسان فى النهارء يعيشون الإسلام بشموله وكماله ويتتصبون لحمل 
الدعوة الإسلامية وإبلاغها للناس كافة . 
جهوده العلمية والد عويك4: 

لقد كان نزار الصباغ صوت ال حق فى إسبانيا ومركز الثقل لتحمل مسؤولية الدعوة 
الإسلامية فيها وكان من الشخصيات القيادية المتميزة . | 

وقد كانت له حيو مشكورة فق رقد العمل الأسلامى فى كتمال إفريقيا وتتصوضا 
فى المغرب والجزائر وفى أوروبا عموما حيث كان من مراكز التنسيق فيما بينها . 

ومن أجل هذا ضاق به الطغاة ودبروا المؤامرات للتصدى له والنيل من جهاده مرات 


عديدة. 


استشهاده: 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد. بل جوا إلى اغتياله بأيدى عملائهم أمام باب مكتبه 
فى برشلونه جهاراً نهار uss‏ ومنل بلك اسه 
فى سجل الشهداء الذين سيقو ة إل الله وكان ذلك ليلة السبت 57/١١/١118١م‏ 
وقد أوردت وكالات الأنباء الحلة والعالمية ناا هاده وأذيع فى الإذاعات ونشر فى 
الصحف وتوجهت أصابع الاتهام إلى عملاء السفارة المأجورين هناك . 


وفى يوم 75/١1١1981/1١م‏ نقل جثمانه إلى مدينة غرناطة ودفن فى السفح المطل 
على (قصر الحمراء) بالقرب من (جنة العريف) حيث توجد مقبرة إسلامية كان قد دفن 
فيها المفكر المسلم النمساوى الأستاذ محمد أسد. ومن الجدير بالذكر أن استشهاده كان 
وهو فى طريقه إلى المركز الإسلامى ببرشلونة ليكمل موضوع الأسبوع السابق» وكان 
بعنوان (الشهادة ومكانة تن فاك وهذه من المبشرات التى يفرح بها 
المؤمنون. 

ولقد كانت بينه وبين أستاذنا الشهيد محمد كمال الدين الستانيرى بيعة وميثاق› 
فشاء الله أن يستشهد نزار الصباغ بعد استشهاد السنانيرى ببضعة أيام فى نوفمبر 
١0م‏ ليلحق به إن شاء الله فى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين . 

رحم الله أخانا نزار وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك 
رفيقًا. 


هو 


١ 
7 
2 


الشهيد / نافد يوسف سلما ن أقطيعان 
34 
مولده ونشأتك: 


وأرضه ليسكتها الغرباء. وتتميز أسرة الشهيد بالتدين والالتزام بأحكام اللإسلام» 
فقد عاشوا مع نافذ وعاش معهم› ألفهم وألفوه» أحبهم وأحبوه. وزاد من هذه الآلفة 
والمحبة الخلق الرفيع الذى يميز نافذا . وكذلك وداعته الظاهرة وبراءته الطفولية 
1" 

دوره فى الانتماضك: 


كان نافذ من أوائل الذين خرجوا لمواجهة المحتلين» فوداعته وبراءته تنفجر ثورة 
عارمة ضد المحتلين» تحول هذا الفتى الوديع» الخلوق الدمث إلى ثائر بكل معانى 
الكلمة. . لا يكل من قذف الحجارة. . وقبيل استشهاده هاجم نافذ مع الجموع مركز 
جنود الاحتلال فى وسط دير البلح وكاد يستشهد. . لقد أعلنت حركة المقاومة 
الإسلامية (حماس) يوم 7106م يوما لتصعيد المواجهات مع الاحتلال» 
فعادمن دير البلح إلى المخيم ليشارك أهل المخيم وشباب (حماس) تصديهم 
وبطولتهم . . . وقد شوهد ملثمًا بلفحة له يتقدم الصفوف ويقذف الحجارة بكل قوة 
صارخًا : الله أكبر. اا 

حدثنا شقيقه الأكبر فقال: لمأر نافد من قبل كمارأيته فى هذا اليوم 
7/105 م .أى يوم استشهاده فلقد أبى رغم كثافة النيران وزخات الرصاص 
المتواصلة أن يتراجع . . . واقتحم جنود الاحتلال المخيم . . طلب منه شقيقه الأوسط 
أن يتراجع أكثر من مرة. . . فرد عليه قائلاً: إذا كنت خائفا فاذهب. . . آنا لست 


9 


غا وی وسدهاتى ار اا ری و كان یری الخد اک د ھر ی د ان 
إلا أنه استمر فى قذف الشياطين بالحجارة» ولاهم أن يلتقط حجر آخر من الشارع» 
عاجله أحد الجنود برصاصة فى كليته استشهد على إثرها فى المكان. . . ليصبح نافذ 
لوجر ی مخيم دير البلح . 
بقول شقيق الشهيد الأكبر: لم نعثر فى جيب الشهيد إلا على بطاقته الشخصية 

الور الأول لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) . 

بعد يومين من استشهاده . . أحضر جنود الاحتلال جثة نافذ ليدفنها نفر محدود من 
أهله تحت حراسة عسكرية مشددة» وفى ساعات الليل كانت جموع اللائكة تستقبل 
بفرح ذلك الفتى الشهيد لترفرف روحه الطاهرة فى حواصل طير خضر تروح وتجهىء فى 
روضات الحنان عند مليك مقتدر . 

رحم الله الشهيد. . . فقد أوقد بدمه قنديلاً مضيئًا يبدد ظلمة الليل» ويرشد التائهين 
إلى الطريق القويم لتحرير البلاد والعباد. 


الشهيد عصام أبو خليفة 


2|000 
اله 5 عصام أبو خليفة من مخيم جنين من مواليد 


ا ۱۷۰/۱ . 
نشا على حب الدراسة وحب الصلاة وبدت عليه | ,. _ 
علامات الشجاعة وحب البذل فى سبيل الله والوطن» ‏ 2# 
فكان ينشد وهو فى سن السابعة . . ش 
والله لروح على لبنان ما أهاب المنيه 





وأمانهيا خوان إن مت ابعثوابرقيه 
وإنماعرفتوارقمالدارع رقم الهويه 
عاش مأساة شعبه من خلال المعاناة والعذابات التى كان يشاهدها بعينه. واصل 
عصام مرحلته الثانوية العامة وكان يستعد لتقديم امتحان التوجيهية العامة . كان يشارك 
أقرانه فى حرب الحجارة ويعد نفسه لذلك اللقاء جسميا ونفسيًا ويتتحدث عن كرامات 
شهداء المجاهدين الأفغان. 
استشهادهد: 
استشهد فى /۲٣‏ ۲/ ۱۹۸۸ حيث اغتسل قبل استشهاده وقد سألته والدته عن ذلك 
فقالت له؟ هل أنت على موعد مع الموت «بدك تموت يا عصام»؟ خرج وشارك فى 
مجابهة جنود الاحتلال بالقرب من مسجد المخيم . وعندما سمع نداء صلاة الظهر هرع 
إلى المسجد وصلى الظهر وخرج وشارك فى المجابهة» وأثناء صعوده لاستطلاع مكان 
جنود الاحتلال أطلق قناص النار فأصاب عصام برصاصه فى وجهه بالقرب من عينه 
اليسرى واخترقت الرأس ونقل عصام ليدفن فى مسيرة لم يشهد المخيم مثيلاً لها فهو 
أول شهيد «يفرح الناس فيه» حيث إن جنود الاحتلال تصادر جثث الشهداء وتعرض 
نظام منع التجول . أما عصام فقدتم اختطاف جثته وشيع فى جنازة وسط الزغاريد 


۸ 


وأصوات الله أكبر . إنها فرحة نيل الشهادة . قال شقيقه صالح عندما سمع نبأ 
استشهاده : 

«القد أدى عصام حق الله فى العبادة وحق الوطن فى الفداء والشهادة» قال لشقيقته 
- وقد زارها عصام قبل الشهاده - : القد رأيت نفسى مع الشهداء فى المنام وعلى مدى 
ثلاث لال متا ظ 

وقالت والدته: لقد صبرنا ولله الحمد وخفف عنا أنه مع الشهداء. 

ولا زال شقيقه حمود يذكر كلمات زميله : «أهنئك باستشهاد شقيقك» . . تقبل الله 
عصام وجعله من يشفع فى سبعين من أهله . 


عاد واد عاد 
i I‏ 


احمد إبراهيم مصطفى البرغوثى 
لاله را ١‏ 

مولده ونشاته: 

فى ربوع قريته «عابود» نشأ وترعرع» كانت ولادته فى 
606 لأسرة مستورة الحال» والده عامل بناء 
بسيط قضى عمره فى هذه المهنة» وهو اليوم لا يستطيع 
العمل» وإخوة ستة للشهيد يعينون الوالد» وأخت واحدة 
تسناعة الواللة: : واحسد ايفن الك مو ل 
الطول» تنظر إلى عينيه العسليتين فترى فيهماء عزم 
الرجال» وبراءة الأطفال» وبساطة الفلاحين من أبناء 
ريف فلسطيننا الطاهرة . 

نشأ الشهيد وترعرع محبًا لله ورسوله والمؤمنين» كان يأتى المسجد قبل السادسة من 
عمره» فنشأفى طاعة الله» لذلك تجده كريمًا متواضعاء مرحاء محا لأهله وإخوتهء 
مطيعًا لوالديه يطلب الرضا الدائم من والدته» ويقبل يديها كل صباح . . أما مع إخوانه 
من شباب المسجد فقد كان أليفًا مألوفاء يحترم كبار السن» ويعطف على الصغار» 
وعلاقاته مع الناس ممتازة . 

أنهى الشهيد الثانوية العامة» ولم تسعفه الظروف لإكمال دراسته» فعوض عن ذلك 
بحفظه لسور من كتاب الله الكريم» وأحاديث المصطفى يلا . 
إرهاصات الشهادة: 

قبل استشهاده بعدة یام استيقظ من نومه» وقال لآمه وأهل بيته: إذا مت فلا تبكوا 
على ولا تعملوا ختمة كماهى العادة (طعام للناس)» فهذه بدعة» ثم قبل يدى 
أمه . . . لقد اغتسل أحمد قبل خروجه للمواجهات» فأرادت أمه أن تمنعه من الخروج 
فقال: إنى سأكون شهيدا. . وخرج . 





١ 


حادته الاستشهاد : 

فی ۲۷/ ۴۲ م داهمت القرية قطعان المستوطنين تحت حماية عسكرية مكثفة» 
أنزلت فى الجهة الشرقية من القرية» تتقدمها جرافة ضخمة تعبر الشارع الرئيسى فى 
القرية الذى يربط مستوطنة حلميش كبرى مستوطنات المنطقة المحتلة عام /195١م‏ . 

روعت راف العملاقة تقتلع الأشجار والأسوار المحيطة بالشارع. ما إن علم 
الشباب بذلك حتى دوت صيحات «الله أكبر» عبر مكبرات الصوت» وتعالت النداءات 
لوقف زحف المستوطنين» فلبى النداء الشباب الطيب الذين تخفق قلوبهم بالإيمان» 
وبدأت المواجهات» وانطلقت الحجارة تضرب رؤوس المجرمين المحتلين» وتضايق 
هؤلاء الذين جاؤوا خصيصا للانتقام لما يتعرضون له من هجمات على أيدى الشباب 
أثناء مرورهم بشارع القرية. . . وبينما كان أحمد وابن عمه الشهيد رائد ينصبان كميئًا 
للقوات الغازية ليحولا دون تقدمهاء فأقاما الحواجز الحجرية» وأمطروا المستوطنين 
بوابل كثيف من الحجارة» التف عليهما أحد المستوطنين تحت ستار الظلمة حتى أصبح 
على بعد ثلاثة أمتار» وأطلق النار بحقد دفين فأصاب أحمد ورائدا» أما أحمد فقد 
أصيب برصاصة فى خاصرته اليمنى فأحدثت نزيقًا داخليًا حادًا فتحامل على نفسه. 
ووصل إلى بيته وهو يضع يده على جرحه . 

تقول والدة الشهيد: لقند وخ ادرت عاك ج ا افتحى المسجل يا 
أمى , فالشباب يريدون أن يسمعوا القرآن. . ثم قال بكلمات متقطعة تفصلها عن 
بعضها زفرات الموت الممزوج بالدماء . . . لا تبكى يا أمى فإنى سأكون شهيدا . 

ويقول والده: نام أحمد فى فراشه قرير العين» ونفسه مطمئنة» يردد الشهادة بين 
فينة وأخرى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة» وخرجت الروح إلى بارتها. أخفينا الخبر لأن 
المواجهات ما زالت مستمرة». والرصاص يطلق بعشوائية حتى طلع الفجر فانتشر خبر 
الاستشهاد انتشار النار فى الهشيم . 
جنازة الشهيد: 

أقبل الشباب مكبرين حيث موقع الشهادة» وحملوا الشهداء إلى المسجد رغم 
نداءات جنود الاحتلال المتكررة بحظر التجول» وقد شارك فى تشييع الشهداء آهل 


۱۱ 


القرية جميعًاء أى ما يزيد على ألف شخص» وبعد رفع إجراء منع التجول أمها جمع 
كبير من أهالى القرى المجاورة ومعظم قرى رام الله والمدينة . 
ردود أفعال حول الشهادة: 

كانت والدة الشهيد على أعلى درجات الصبر والتحمل» فقد بكت قليلاً ثم ثبتها 
الله سبحانه وتعالى» وقد كان أشقاؤه وشقيقته فى صبر على قدر الله الذى اصطفى 
أخاهم شهيدا فى سبيل الله . 

لقد ترك استشهاد أحمد ورائد أثرا بالا فى نفوس الشباب» فزاد عدد المصلين 
والتائبين العائدين إلى الله تبارك وتعالى . 

وفى الذكرى الثانية لاستشهادهما وزعت حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ١‏ 
صور الشهيدين » وقد جاء فى الملصق الذى وزع على الناس والأعمدة والجدران 
دا « ولا تحسبن الّذينَ فوا في سَبيل الله أموانًا بل أحياء عند رهم يرزقون 4 
ا 00 0 تنعى أبناء الإسلام فى الذكرى الثانية لاستشهادهم.. مع 
تهانى حركة المقاومة الإ سلامية(حماس؟.ِ 


عند عام عاد 
2 


الشهيد /هانى محمود أبو حمام 
0 


ولد فى ۱۹۷۲ قبل استشهاد والده بتسعة شهورالذى ج 
کی القوين هاتى يعيش ا تحرط | 
عملت أمه( فراشة) فى وكالة الغوث» فى المستشفى 
السويدى» وكان حلمها الكبير : هانى . كانت تقرأ أ 
المستقبل فى عيونه. حصل على شهاده التوجيهية» وكان 
يحلم بالشهادة فى سبيل الله . فَيند الغزاة الذين دنسو [ 
أرض وطنه الحبيب . 










وعن قصة هذا البطل روى لنا شاب من مخيم الشاطى. أنه فى تاريخ 
١988"‏ ذكرى الاعتداء على المسجد الأقصى » اغتسل قبل صلاة الجمعة وذهب 
إلى الصلاة وحدثت مجابهة مع الصهاينة بعد الصلاة وأطلقوا النار بشكل كثيف› 
فأصيب هانى برصاصة فى بطنه واستدعيت سيارة الإسعاف إلا أن القوات الصهيونية 
منعتها من المرور» فقام الأهالى بنقله فى سيارة أجرة» ولكن الجيش الصهيونى أوقف 
السيارة مرة أخرى وتصعد روح الشهيد إلى باريهاء وتعلم والدة الشهيد فتصاب 
بالذهول» وتصرخ صرخة تفجر سكون الكون» وسارع الشباب بنقل الجثمان فى 
مسيرة ضخمة» وهدأت والدة الشهيد من هول الصدمة وقالت الحمد لله : الذى من 
عليه بالشهادة ومن علينا بالصبر والثبات» وهو موقف عظيم» ولكنه خلف لها مرض 
السكر الذى صبرت عليه واحتسبت ذلك عند الله سبحانه . 

اقودا عا رسي سبوا ت 


راد ماد عا 
0 


۱۲ 


الشهيد /ياس رأسعد إبراهيم الزعلان 
ا ا ١‏ 

ولد الشهيد ياسر الزعلان فى قرية سلفيت'١2‏ فى شهر 
تشرين الأول عام ۱۹۷۳ء لقد كانت حرب رمضان فى 
أشدها عندما جاء شهيدنا إلى الحياة» هذه المعركة التى 
اقتحمت السدود والحدود بصيحة الله أكبر» ليولد بعد 
ذلك الجيل الذى يحمل فى قلبه هموم أمته لا تجد على 
ألسنتهم إلا هذه الكلمة العجيبة التى تعمل عجلهنا فن 
نفوس المؤمنين قوة وثباتا ورباطة جأش وعزة نفس» وفى | 

المقابل تعمل فى نفوس الأعداءء وخاصة أننا نتعامل مع 
أخس خلق الله -يهود ‏ الذين جبلوا على الجبن والخور» كيف لا ؟ والله تبارك وتعالى 
يقول عنهم : ل ولَفجدنهم احرص الاس على حَيّاة ومن الدين أشركوا يود أحدهم ل يمر 
آلف سنة وما هو بمزحزحه من الْعَذَاب أن يعر واللّه بصير بما يعملوت 4 [البقرة: 45]. . 
أى حياة سواء كانت عزيزة أم ذليلة دنيئة» ولكنهم اليوم يستأسدون فى زمن غياب 
الأسود أو تغييبهم عن الساحة فى غياهب السجون. درس الشهيد فى مدارس قريته 
«سلفيت» حتى وصل إلى الصف الثانى الإعدادى» ولا بدأت الانتفاضة المباركة قام 
اليهود أعداء الله وأعداء البشر بإغلاق دور العلم لأنهم أعداء لكل علم ولكل حضارة» 
فخرج شهيدنا إلى الحياة» وانتقل إلى مدرسة المسجدء إلى دار القرآن» ليحفظ أجزاء 
من كتاب الله» لقد كان ياسر من الأشبال المؤمنين الذين التزموا فى صفوف الحركة 
الإسلامية فى سن مبكرة ليرضعوا الإسلام فى نفوسهم» ويتربوا على الإسلام عقيدة 
ومنهج حياة» لقد أحب ياسر الإسلام أكثر من روحه محافظًا على صلاة الجماعة عاملاً 
ات قروم فى ری و ا و ا قيطا اس ا 
محمد عبد الله السلفيتى» من رجال القرن التاسع للهجرة» كان فقيها انتفع به جماعة من هذه النواحى» 
وشهاب الدين أحمد السلفيتى الإمام العالم الزاهد الورع توفى سنة ١۸۸ه.‏ انظر: السخاوى / شمس 


الدين محمد بن عبد الرحمن-الضوء اللامع لأهل القرن التاسع / متشووات ار ا وت / 
(۹/ ۱۲۹( الدباغ, بلادنا فلسطين (۲/ )0٥۰۷ - ٥۰۵‏ . 


١ 





للإسلام محبًا لبيت الله وعلم من خلال جماعته أن اليهود هم أعداء لله ولرسوله 
وللمؤمنين وللبشرية جمعاء» فرضع كرههم لأنهم احتلوا أرضه»ء ودنسوا مقدساته 
وشردوا أهله. كم من أم فقدت وليدها ! يسمع ياسر هذا الكلام فيمتلئ قلبه حقدا على 
أعداء الله وعلى كل من يمد يده ليصافح أيادى ملطخة بدماء الأطفال والنساء والشيوخ 
والشباب من أبناء شعبه» لقد رضع ياسر الإسلام من منبعه الأصيل وتربى فى بيت الله 
ليكتسب روحا مؤمنة» ونفسية مطمئنة» وقلبًا جسورا جريئًا لا يهاب الموت. . وهكذا 
أتباع الإسلام دائما . 
حادثة استشهاده: 

فى يوم ۲۷/ 1988/7 الموافق 4 شعبان ۸١٤۱ھ‏ كانت (سلفيت) تئن تحت وطأة 
المحتلين يقتحمونها بعشرات الآليات العسكرية ومئات الجنود يطلقون النار فى كل 
اتجاه. ولا يجرؤ فى هذا الوقت على الخروج إلا المؤمنون الصابرون» ومن غير ياسر 
وإخوانه يتصدون لهؤلاء الخنازير من حثالة البشر؟ خرج«ياسر» يحمل مقلاعه 
وحجارته فى يده» يضرب أعداء الله وهو يقول «بالنباطة والمقلاع حطم بنى قينقاع». 
«يا مسلم كبر كبر رأس اليهود كسر كسر» . . فى هذه الأثناء كانت والدة الشهيد خلفه 
تلحق به تريد أن تجاهد مع فلذة كبدها لا تريده أن يمستشهد وحده وياسر يقول: يا أم 
ارجعى إلى البيت والأم تأبى الرجوع! لقد كان الجبناء من أتباع «حيى بن الأخطب» 
كالوحوش الكاسرة يكمنون فى كل زقة وفى كل شارع يطلقون النار بكثافة كبيرة ما 
يدل على خوفهم وجبنهم » ومن بين الرصاص الكثيف تصيب إحداها رأس الشهيد؛ 
دخلت من عينه التى طالما نظرت فى كتاب الله وبكت من خشية الله وباتت تحرس فى 
سبيل الله وخرجت من خلف الأذن لتكون آخر ما تسمع تلك الأذن صوتا يتردد فى فم 
الشهيد «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله». . وها هم الشباب يتراكضون 
من كل صوب لا ترهبهم آليات العدو ولا مجنزراته ولا جنوده المدججون بالسلاح 
الأمريكى «بلد الحرية !» ومن بين الرصاص يحمل الأخ ياسر على أكتاف إخوانه 
ليمتزج دمه بدموعهم» وفى داخل السيارة وقبل وصوله إلى المستشفى فاضت روحه 
الطاهرة إلى بارئها لتعانق النجوم فى علاهاء وتكون فى حمواصل طير خضر تغدو 
وتروح فى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للشهداء المؤمنين المتقين . 


10 


جنازة الشهيد: 

لقد كان أهله من الصادقين الصابرين» فتقبلوا أمر الله» بل إن الفرح غمر قلوبهم 
باستشهاد ابنهم: فاه تقرة قوق 'قبره أتداء مواراة ختمانة ماراب ها أروغك يهنا 
الشعب . . لقد عرفت الطريق؛ طريق الشهادة» فأصبحنا نحرص على الموت فى سبيل 
الله كما يحرص غيرنا على الحياة» أصبحت الشهادة عرسا تزغرد الأمهات فيه إنه 
لشرف ما بعده شرف» وفخار ما بعده فخار أن يسجل التاريخ هذه الحوادث وهذه السير 
بحروف من نور لتكون نبراسًا للأجيال ومشاعل هداية للأمة من بعد. لقد شيعت 
(سلفيت) شهيدنا البطل إلى جنة الخلد إن شاء الله» وخرجت جموع أهلها لتزف 
عروسًا جديدًا إلى الحور العين» مزينة جدران القرية بصور الشهيد البطل» ثم تذهب 
الجموع إلى بيت والديه فيرفضان أن يعزيهما أحد. بل نادوا فى الناس أن : هتئونا فابننا 
شهيد ونتمنى من الله أن يرزقنا الشهادة كما رزق ولدنا. 

فى ليلة استشهاد ياسر وحسين وهما من أبناء الحركة الإسلامية'!' عاشا معا 
واستشهدا معًاء أقول: فى هذه الليلة ولد طفلان فسميا بأسماء الشهيدين ياسر 
الزعلان» وحسين عودة وسمى أهل القرية شارعين من شوارع البلدة بأسماء الشهيدين 
المؤمنين . لقد روى الشهيد بدمه الطهور أرض سلفيت لتنبت فيها شجرة خضراء أصلها 
ثابت وفرعها فى السماءء ولتقلع كل الأشواك الأخرى الحمراء والصفراء وليعود 
للوطن هويته وللأمة عقيدتهاء فرحمك الله رحمة واسعة وجعلك ممن يموزود 
بالفردوس وألهّم ذويك الصبر والسلوان. . . أمين . 


f xt 
j 





. كانا شابين ملتزمين بأسر وحلقات جماعة الإخوان المسلمين فى سلفيت‎ )١( 


15 


الشهيد /حسيئن كامل حسن عوده 
AA 7Y‏ 





ولد الشهيد فى 1/۲۲/ ۱۹١۷‏ فى بلدة (سلفيت) 
ليرى شعبًا يائسا من كل شىء» وبعد النكبة علم الناس أن 
لا خلاص لهم إلا بالإسلام» فتوجهت جموع الشباب 
إلى الله تائبة ضارعة منتمية إلى جماعة المؤمنين من 
اران الاو او كاو قدا م السياقين إلى 
الانضمام إلى ركب المؤمنين الأطهار . 

و ا ان الدج اة م 
للانضمام إلى حركة المقاومة الإسلامية «حماس» إذ كان يتشوق إلى ذلك اليوم الدى 
يقارع فيه جنود الطاغوت› وينازل أعداء الله فى ساح الوغى» كيف لا؟ وهو الذى 
أشرب حب الجهاد والاستشهاد فى قلبه . . فأصبح جزءًا من كيانه ينشد دائما : 

ا اا أكرض ا 


ف ل ديد 5 








الردئ اویطاي برصاص أوحديد 


کا اط ينا ق 


ونه ضنانحو آفاةق العلى 


أشرق القرآن بالفجر الجديد 
بعدايام ضياع وشرود 


ا و و 
تبذة عن حياة الشهيد: 


ولد الشهيد فى أسرة كثيرة الأولاد ككل أسر شعبنا لأن معركتنا على هذه الأرض 
هذه الأسرة تمن يباهى بهم رسول الله ب : «تناكحوا تناسلوا فإنى مكاثر بكم الأمم يوم 
)١(‏ أبيات شعرية لشاعر الأقصى الأستاذ يوسف العظم من ديوانه « عرائس الضياء؟ . 
۱۷ 


القيامة70١2:‏ لقد حشد اليهود كل قوتهم» ووضعوا من المغريات أمام اليهود الشىء 
الكثير وذلك ليهاجروا إلى فلسطين ويتناسلوا فيهاء ولكن شعبنا بوعيه أدرك أنه أمام 
تحد كبيرء فأصبحت الأسر على أرضتا كالشجرة الثابتة المغروسة فى أرضن الوطن 
وفروعها فى السماء عالية تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها. لقد درس الشهيد فى مدارس 
البلدة كافة مراحل دراسته حتى التوجيهى › وكان رحمه الله أصغر أبناء عائلته› 
محبوبا عند أبويه وإخوته» الكل يحبه ويدلله» ولكن هذا الدلال وهذا الحب لم يؤثر 
سلبًا على شخصية «حسين»» فلم تكن شخصيته مائعة رخوة كالأبناء المدللين» بل كان 
شابًا صلبًا جادًا خلوقًا تقيّاء تراه فتحسبه صغيرا لکن فی ثيابه یکمن أسد هصورء 
ولذالف كان شجاعا مات ارت جرع لا بعرت اكور وهذة ارغ دافا تعن 
للأمة مجدا سامقا وتزرع فى الأمة المهزومة الأمل وتثبت فى كيانها الثقة وتفتح باب 
الرجاء . 

لقد أحب حسين المسجد ومن أحب بيت الله أحبه الله «إذا رأيتم الرجل يرتاد 
المساجد فاشهدوا له بالؤيمان» يواظب على صلاة الجماعة» يكتب مجلة المسجد» فيجد 
إخوانه مجلة متقنة الإخراج متنوعة المواضيع ينهلون من أفكارها وأخبارهاء لقد اهتم 
الحسين» بأخبار المسلمين وأتحف إخوانه بكل مايهمهم» ويغذى فكرهم» ويزرع فى 
نفوسهم حب الجهاد فى سبيل الله . 
حادثة الااستتهاد : 


فى يوم ۲۷/ ١988/7‏ كانت جموع الذئاب المفترسة من جنود الاحتلال تهاجم 
تلك القرية الوادعة بدباباتها وجنودها وخيلائهاء يهاجمون شعبا أعزل إلا من إيمانه 
وحجارته التى تحولت فى أيدى المؤمنين إلى قذائف خارقة تزلزل قلوب جند الباطل 
وتحطم مشاعره ونفسياته» لقد تصدى الشهيد ومجموعة من إخوانه لهؤلاء المجرمين» 
وقام الشهيد مع إخوانه بالالتفاف من الجهة الشرقية من بين أشجار الزيتون وانهالوا 
)كرد ابو ةرطق ا ا قال: جاء رجل إلى النبى ية فقال: إنى أصبت امرأة ذات 

حسب وجمال. وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال «لا» ثم أتاه الثانية فنهاه. ثم أتاه الثالثة فقال: «تزوجوا 


الودود الولود فإنى مكائر بكم الأمم) انطو أبو داود» الستن۲(۰/ »)۲۲١‏ اا أحمد بن شعيب - 
ت ١۲۷ه/‏ السننء دار الحديث/ القاهرة /1941١م(5/‏ ٥1ء‏ 55). 


14 


عليهم بالحجارة» وقامت قوات كبيرة من الجنود - الذين جبلت طبائعهم على الخسة 
والغدر اتر رن الشات فأطلقوا الناريشكل كتف فاضاو الشهيد 
«حسين» برصاصة فى ساقه فجرح «حسين» جرحا بسيطاء ولكن مصاصى الدماء 
وسفاحى القرن العشرين وكل القرون لم يرق لهم أن يروه حياء ويروى طفل يبلغ 
الثانية عشرة من عمره كان الجنود قد ألقوا عليه القبض وشاهد الجريمة . . أن الجنود 
قاموا بالإجهاز على الشهيد بعد اعتقاله» وذلك بإطلاق النار على صدره» ثم ضربوه 
ضربًا شديدًا ولم تشفع له دماؤه المدرارة» ولا جرحه النازف لأنهم فقدوا كل معانى 
الإنسانيةء ولم يأخذوا من سمات البشر إلا أشكالهم. أما أفعالهم فإن الكواسر فى 
الغابات تخجل من نفسها إن سمعت بهذه الأفاعيل التى تقشعر لها الأبدان» لقد 
فاضت روح الشهيد إلى بارئها فيما ردد لسانه تلك الكلمات الخالدة التى تعلو فوق 
الرصاص وتسمو على الجراح : «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . 

لقد حمل الجنود جثئمان الشهيد إلى طولكرم ولكن ماذا يفعلون بالجسد بعد أن 
عجزوا عن الروح؟ إن جسد الشهيد يضحك مستهزئا بهذه الوحوش الآدمية» ويذهب 
أهله لإحضار جثمانه» وفى منتصف الليل كانت الجموع المؤمنة تشيع شهيدها البطل 
إلى جنات الخلد مقسمة من على قبره أن لا سلام مع القتلة. . . لا تراجع. .. لا 
استسلام » إنه جهاد نصر أو استشهاد . 

رحنمك الله يا شهيدنا وجعلك لأهلك وإخوانك ذخرا وجغل دماءك الزكية لعنة 
على المحتلين. . إنه نعم المولى ونعم النصير . 


om 2:‏ اميا 


18 


) الشهيد /عمر محمود حمد ربايعاه 
AA 7Y‏ 


فى قرية من قرى جنين القسام ولد شهیدنا البطل عمر فى ۱۹١١ /٤ /٤‏ وفى 
أحضان ميثلون"١'‏ كبر وترعرع» ومن هناك شمخ بطلاً من أبطال الإسلام» شمخ 
كشموخ نخل بيسان» يحمل فى صدره قلبا هو أكثر عذوبة ورقة من جدول رقراق من 
جداول طبرية التى شهدت أحداثًا جساما على مر التاريخ . فعلى ضفاف طبريا وقف 
التاريخ يوما ليحيى صلاح الدين» ووقف التاريخ يومًاكذلك ‏ ليقهقه مستهزئًا من كل 
الطغاة والمغتصبين الذين مروا على هذه البلاد ثم كان مصيرهم إلى مزبلة التاريخ فمزقوا 
شر ممزق» وكذلك سيكون مصير التتار الجدد من أتباع صهيون لأنه لا يدوم على هذه 
الأرض ظلم» وكتب الله تبارك وتعالى لا تحمل هذه الأرض الخبث لأنها أرض مباركة 
طيبة تحمل فى طياتها أجساد الأنبياء والأولياء والأتقياء . لقد كان شهيدنا محبًا للإسلام 
وعلومه مصمما على دراسة شرع الله والتعمق فى كتاب الله عز وجل» فأكمل دراسته 
بعد التوجيهى فى كلية الشريعة ‏ قلقيلية» فاكتسب من سماحة الإسلام سماحة نفس» 
ومن نور الإسلام نور وجه» ومن الصلاة والصيام قوة يقين وإيمان متين . 

إن مسجد ميثلون بكل أركانه وأرجائه يشهد لعمر بالخير» فهذا الركن يحدثك أن 
عمر طالما فيه ركع وسجد» ويستوقفك ركن آخر ليهمس فى أذنك : يا هذا هنا عمر 
وقف خطيبًا معلماء وأثناء خروجك من المسجد تنظر فتناديك سارية من سوارى 
المسجد لتروى لك على استحياء أنه تحت ظلها سالت دموع عمر مدرارة خشية من الله 
وخوفًا منه» إن إخوان عمر من أشبال المسجد يشهدون له كيف كان يجلس فى المسجد 
يتدارس معهم كتاب الله وسنة رسول الله لا . 
حادثة استشهاده: 

فى ليلة ليلاء كان عمر يجلس فى المسجد يتدارس القرآن مع إخوانه- وهكذا كان 
يفعل دائما - ولكنه لم يكن طبيعيا هذه الليلة؛ ليلة ۲۷/ 7/ /194/8م» فقد استرعى 
(1) ميثلون: قرية تقع فى الجهة الجنوبية من جنين على مسافة 5 ؟كم منهاء وأهل القرية ينقسمون إلى حامولتين 

كبيرتين وهما: الربايعة والنعيرات . انظر : الدباغ» بلادنا فلسطين (۲/ ۱۲۹٠ء .)٠١١‏ 

۲۰ 


اتتباهه» وهز كيانه قول الله تبارك وتعالى : ظ فَالَت إن الْمُوك إذا دحلو فرية أفسدوها 
وجعلوا أعرّة اهلها أذ وكذلك يفعلون 4 [النمل: ]۳١‏ فأصر عمر على كتابة هذه الآية 
على لوح المسجد» فقد دخلت إلى نفسه لتتفاعل مع قلبه . 

إن عمر يتذكر تقاعس هؤلاء عن تحمل مسؤلياتهم تجاه مسرى رسول الله يك وأرض 
الأنبياء» فيزداد همه» ويرفع يديه يلهج لسانه بالدعاء إلى الله العلى العظيم . عاد عمر 
إلى بيته» والغيظ يفتت كبده» وهو ينظر إلى أعداء الله يعيثون فى الأرض فساداء 
فيأوى إلى فراشه» ولكن عينه لم تنم» وفى الساعة الثانية فجرا وتحت جنح الظلام 
الدامس كانت تتسلل إلى القرية الخفافيش البشرية التى لا تخرج إلا فى الليل لأن من 
طبيعتها الغدر واللؤم والخسة والجين» فاقتحم هؤلاء القرية ليروعوا سكونهاء ويهتكوا 
ستار حيائهاء فلا يسمع عمر إلا صراخ الأطفال وعويل النساء وتمتمات الشيوخ 
الركع» فماذا يفعل عمر؟! إنهم يقفون بالقرب من بيته» فكيف يخرج؟ وهل يطيق 
الأسد أن يبقى فى عرينه» وهو يسمع استغاثات الأمهات والأخوات؟! يحاول الخروج 
ولكن أباه يمنعه لأن الجنود يقفون على باب المنزل . بقى عمر فى فراشه يتلمظ تلمظ 
الحجيات» لا يكتحل بنوم» ولا تعرف السكينة إلى قلبه سبيلاًء ومن بين أصوات 
الاليات» والضوضاء المنبعثة عن اقتحام البيوت› وصياح الجنود هنا وهناك كان صوت 
(الله أكبر) يجلجل فى سماء القرية مؤذنًا بدخول وقت صلاة الفجر» وليقول للظلمة : 
مهما تعاليتم» مهما تباهيتم بقوتكم وأسلحتكم فإن الله أكبر من الطواغيت» وأكبر من 
جندهم وأسلحتهم وجمعهم. صلى شهيدنا الفجر. وفجأة تغلى الدماء فى عروقه. 
وهو يسمع صراخ النساء واستغاثتهن فى الجزء الجنوبى من البلدة» فيخرج مسرعا من 
بيته لا يلوى على شىء» حاول الشباب منعه من الاقتراب لكن عمر قال: «لم أخرج 
من بيتى لأعود إنما حرجت أطلب الشهادة فى سبيل الله» وصل عمر إلى الشارع » ومن 
بين الطلقات الكثيفة التى تنهمر كالمطر يحمل عمر حجارته ليلقى بها على وجوه 
الأعداء» ولسان حاله يقول ايا مسلم يا عمر هذا يهودى أمامى تعال فاشدخ رأسه)7١2,‏ 
وفجأة كان قدر الله أسبق من يد عمر على التقاط الحجر» فيرفع رأسه» فتصيبه رصاصة 





)١(‏ يحدثنا النبى اة حديثًا فيه : التقاتلن اليهود. فلتقتلنهم حتى يقول الحجر يا مسلم» هذا يهودى فتعال 
فاقتله» انظر صحيح مسلم بشرح النووى (۱۸/ ۰٤٤‏ 8 الترفةىء الست TAD‏ 


۲١ 


غادرة تخترق كتفه الأيمن لتخرج من ظهره فيصرخ عمر قائلاً لصاحبه: لقد رزقت 
الشهادة يا أخى . . هنئنى بها. . وحافظ على العهد الذى بيننا بأن لا يمس اليهود 
جثمانى”'!'» نظر صاحبه إليه والدماء تنزف من كتفه لتروى أشجار الزيتون فى 
ميثلون. . يحاول إنقاذه فلا يستطيع أن يحمله» كان لسان عمر رطبًا بذكر الله والتهليل 
والتكبير لا يفتر لسانه عن طلب الشهادة والدعاء على أولئك الزعماء المجرمين . 

يأتى الطبيب ليعالج عمرء ولكنه يطلب منه أن يسعف إخوانه الآخرين! ! إنه الإيثار 
حتى فى هذه الساعة الحرجة والدماء تنهمر منه. . الله أكبر . . إنها أخلاق الإسلام . 
إنها أخلاق محمد ياء تذكرنا بالسلف الصالح رضوان الله عليهم . 

نقل عمر إلى المستشفى» وفى الطريق اعترضهم التتار الجدد من أبناء القردة 
والخنازير. . رشقوا السيارة التى تقله بوابل من الرصاص الحى ما أدى إلى توقف 
السيارة... ثم نقل عمر إلى سيارة أخرى» وفى الطريق يصحو عمر من إغماءته. 
فيسأل إخوانه إلى أين تذهبون بى» قالوا: إلى المستشفى» قال: لا داعى لذلك فإنى 
أريد الشهادة. . وفجأة أمسك الجميع أنفاسهم وهم يرون عمر يفيض وجهه بالبشر 
ولسانه بالذكر. . ثم تفارق الروح الطاهرة الجسد الفانى لتحلّق مع أرواح شهداء بدر 
راجا والكائمية وو وين جال ته ل ق م امدق ودا 
والصالحين وحسن أولئك رفيقا . 
كرامة الشهيد: 

لقد حداث الإخوة الذين حضروا مع الجئمان إلى المسجد» أن رائحة زكية طيبة كانت 
تنطلق من السجاد وتعبق فى المسجد» وعندها تذكر الجميع الكرامات التى أعدها الله 
للشهداء فى الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. رحم الله عمر وجزى الله أهله وإخوانه كل 
خير فقد كانوا مثالا فى الصبر على قضاء الله وقدره» ولتستبشر أمك يا عمر. . إنها 
ليست جنة بل جنات» وإن الشهيد ليصيب منها الفردوس الأعلى . . إن شاء الله تعالى . 





0) هذا يذكرنا بقصة الصحابى الجليل عاصم بن ثابت فى غزوة الرجيع (4ه) حيث استشهد فأراد الملشركون 
ان اداه وكان عاصم قد أعطى الله عهدا ألا يمسه مشرك أبدا ولا يمس مشركًا أبدّاء فمنعه الله 
بعد وفاته كما منعه منهم فى حياته . انظر : الطبرى» محمد بن جرير (ت ٠‏ "ه) التاريخ» دارالكتب 
العلمية» بيروت» ط١ء‏ /19481م, (5/ ۷۷» ۷۸). 


۲۲ 


الشهيد /البطل محمد فارس الزين ‏ 
1/7111 


اق لواو الا ا لخشعت للبطل الكمى الأروع 





عزيمة لا تلين» إيمان لا ريب فيه» ابتسامة لا تكاد تفارق 
شفتيه» مشرق الوجه»ء يلقى إخوانه هنا وهناك فيسلم 
على هذا ويسأل عن أخبار ذاك» مسجد الكنزة فى غزة 
هاشم لا يزال يذكره ويذكر سرعة تلبية النداء من شاب 
نشأفى طاعة الله» ودعوة الإسلام شدته فلبى النداء 
فدخل فى صفوف الحركة الإسلامية وهو فى الصف 
الأول الثانوى» دخل صرحًا أعطى لله الانتماءء يسعد الأرض بانوار السماء. يجعل 
الدين هوية ومسارا للقضية» ذاك هو فارسنا المتعطش لبذل الدماء لتكون شلالاً دافقا 
بالعطاء لهذا الشعب» ألم يقل لإخوانه : آنا أويق أن انال اهاد فى سا الله ج 
أكون نورا يضىء طريق شباب الإسلام فى اليامون! ولسان حاله لا ينفك عن ترديد : 
نحن فى البيداء رقراق جميل يحمل القرآن جيلاً بعد جيل 
ليخن آنا العقيدة والحضارات المجيدة» كان -رحمه الله -معترًا بإسلامه» صلبًا فى 
عقيدته» التقى بعض الشباب المسلم القادم من غزة الأحرار لإحياء حفلة زواج إسلامية 
وسأل عن غزة فأحب فيها حبها للإسلام» حبها لدعوة الإسلام الذى جاء من مصرء 
ولازالت دماء إخوانه أمغال محمد فرغلى تلهب قلوب هذا الشعب بقصص البطولات 
والفداء ونسيان الذات والعطاء من غير حدود» فاتجه قلبه للدراسة فى جامعتها 
الإسلامية والتى كه ولوق ]لا عون مهبر له بالفرق وا ا 
ا لو ا اة هرود : ) 
فى عيون الشمس فى الفجر البعيد با لباه الشم بالعزم الجديد 
010 وهو الدكتور إسماعيل الخطيب عميد كلية اللغة العربية فى الجامعة الإسلامية والذى اغتالته أيدى بعض 
المشبوهين فى عام ٩۱۹۸م‏ . 





زف 


تززع العلل ايا و ج رال يداول 
ا ا ايد عن كشات الا افد 
يحدثنا شقيق الشهيد عن حياته فيقول: محمد من مواليد ۸٨۱۹م‏ درس المرحلة 
الابتدائية والإعدادية فى اليامون7١؟,‏ والثانوية فى مدرسة جنين» التحق بالجامعة 
الإسلامية فى غزة» أنهى سنتين من دراسته فى الجامعة فى قسم الآداب ومن ثم حول 
إلى كلية التجارة» ابتداء من المرحلة الاعدادية أصبح من شباب المسجد والتزم بأغلب 
صلوات الجماعة وأصبح عضوا فى فريق المسجد الرياضى» شارك فى الأعراس 
ا وشيرا و كان بل تعمس أقوان الا اتی وع هرات يرل 
شقيقه : كان يهوى اقتناء الأشرطة الدينية والمجلات الإسلامية وكان ينقلها من غزة إلى 
البلدة وكان يصوم يوم الخميس ويشارك فى الإفطار الجماعى . 

ويشاركنا شاب الحديث ‏ وهو من أصدقائه ‏ فيقول: «كان شابا داعية إلى الله» إنه 
من الشباب الداعين إلى الرجوع للإسلام العظيم» والدعوة إلى مواصلة الانتفاضة 
بروح إسلامية وإنشاء جيل مسلم مؤمن بالله وحب الوطن». ويستأنف شقيقه الحديث 
فيقول: «كان يحرص على الاعتكاف فى المسجد الأقصى مع إخوانه من البلدان 
الأخرى فى بداية الاتتفاضة» وبعد المشاركة الفعالة لمحمد سألته يومًا عن الدوافع 
الحقيقية لمشاركته فى الانتفاضة - ومحمد كان بمثابة الأخ والأب بالنسبة لى فأجابنى فى 
البداية جوابا غير شاف حيث قال : التحرير الأرض» فأعدت عليه السؤال فأفصح عن 
NE‏ لالبو ميهي انان الدولة الإسلامية وتطبيق شرع الله» . . وتابع الشهيد 
قوله: كيف سيكون موقفنا أمام الله عز وجل إذا لم يكن هدفنا إقامة دولة الإسلام» 
فنحن لسنا كجيلنا السابق» نحمد الله أن منحنا رجالا دعاة إلى الله يعلموننا رسالتنا فى 
هذه الحياة»)» ويقول عنه شقيق يق الشهيد بأنه كان «سريا للغاية»» فبالرغم من العلاقة 
الوثيقة بينى وبينه إلا أنه لم يكن يطلع أحدا على الأعمال التى كان يقوم بها ولم نعلم 


(1) اليامون: قرية عربية تقع على بعد تسعة كيلو مترات من مدينة جنين» وتحتوى اليامون على قرية على موقع 
قديم وأعمدة وتيجان أعمدة وقواعدها قرب المسجد ومدافن منقورة ذ فى الصخر وقطع معمارية 
وصهاريح . . انظر الدباغ / بلادنا فلسطين(7/ 189 -191) حكومة فلسطين» جدول المواقع التاريخية 
والأبنية الأثرية / الملحق رقم ٠۲‏ للعسدد المتاز ٠۳۷١‏ من مجلة الوقائع الفلسطينية المؤرخ فى 
E TRS CT‏ 


۲ 


بكل ما كان يقوم به إلا بعد استشهاده» السرية والكتمان مزروعان فى تفكيره 
وتخطيطه) . 
قصة استشهاده: 

يقول أحد الشباب : «امتاز محمد بسرعة تلبية النداء . ما من نداء إلى العمل إلا 
وكان اول الجن له وأحيانًا حين كان يسمع نداء عبر مكبرات الصوت للتصدى 
للجيش كان يقوم بملابس النوم وقت الفجر ولا ينتظر حتى يلبس ملابسه» كان عالى 
الهمه»» إلا يوم استشهاده وذلك فى ١‏ م فقد صلى الظهر جماعة ورجع 
إلى البيت فاغتسل ولبس أجمل ملابسه» كانت المرة الوحيدة التى يلبس فيها ملابس 
جميلة وكأنه ذاهب إلى فرح »› وكان يلبس حذاءً جديدًا فقال له أحد إخوانه مازحا : 
«محمد نازل عالمظاهرة امشخص» وما هى إلا لحظات وإذا بالجيش يقتحم البلدة» ونزل 
مسرعًا لمقابلة الجيش وكان على موعد مع المجدء واستخادم الجيش الغاز بكثافة 
واستنشق محمد كميات كبيرة من الغاز» فدعاه الشباب إلى التراجع لأخذ قسط من 
الراحة» ولكن عزيمة المؤمن لا تعرف الراحةء وقام محمد بإلقاء زجاجة على الجيش 
فأطلقوا النار عليه فأصابته رصاصة غادرة فى جبينه فوق حاجبه الأيسر وأخرى فى 
دزف فارتفع فى سماء المجد والبطولة شهيداء مقبلاً غير مدبر» محبًا لله ورسوله. 
إلى جنان الخلد مع أبى القاسم وصحبه» وحاول الشباب حمله. . لكن كثافة الرصاص 
لم تسمح بذلك» ومرت سيارات الجيش من جانبه وهو ملقى على الأرض فلم يكترثوا 
لذلك» وبعد أن اقتحم الجيش البلدة تم نقله إلى مستشفى «تل هشومير . 

وهنا تيدأ والدة الشهيد بالحديث فتقول: «عندما سمعت أن محمدا أصيب نزلت 
من البيت بسرعة وأخذت أصرخ : يا أم الشهيد زغردى» وفك إلى ال ف وكديوا 
علينا بقولهم إنه مصاب» ولا وصلنا إلى المستشفى قال لنا الدكتور وببساطة وعدم 
اكتراث: مات محمد) وبعد إجراءات عديدة تم إحضار الشهيد» وشهدت «اليامون» 
عرسا لم تشهده من قبل» مسيرة تقدر ب ١0٠٠١‏ مشيع» حيث حضر سكان القرى 
الجاورة وطافوا به شوارع البلدة مرددين الشعارات الإسلامية «بالروح بالدم نفديك يا 
شهيد» غير المصحف مافى حل»» ورفعت الأعلام الإسلامية وشعارات الكتلة 
ET‏ دافم سباكم 


۲۵ 


ويضيف شقيقه قائلاً: «فى نهاية المسيرة ألقيت كلمات تأبينية تحدثت عن أخلاق 
الشهيد العالية» وكان عزاؤنا مشاركة الناس حتى إننا لم نشعر أن المصاب مصابنا وحدنا 
بل كان مصاب كل البلدة أو حتى كل المسلمين» واحتسبنا محمد عند الله وصبرنا 
أنفسناء عله يشفع لنا. . .» ويقول بأنه شاهد الشهيد وكأن الموت لم يسكن جنته. تشم 
من دمه رائحة العطرء وأثناء الحديث لم تنفك والدة الشهيد عن الرضا والدعوة لابنها 
وأن تكون معه فى جنان النعيم . 
حديث عن الشهاده: 

المسلم لا ينفك عن ذكر الموت ولا ينسى حلاوة الشهادة وقائده يقول : «وددت أن 
n» 5 2‏ ماعه عه واءكهء ء 5 م و 
ولم تحدثه نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق2'72 وهذا الذى تجلت فيه أخلاق 
الإسلام وحبه للرسول القدوة التى صاح بها مرات ومرات ‏ الرسول قدوتنا» كان دائم 
الحديث عن الشهادة وخاصة فى مرحلة الانتفاضة» فكما يقول أهله : كان يكثر من 
الحديث عن الشهادة وكان يتشوق لهاء وطالما قال لهم «الشهيد عندما تنزل أول قطرة 
من دمه يغفر الله له ذنوبه جميعًا» وقالت والدة الشهيد لوالده يوما بعدما رأت بلاءه : 
محمد سوف يستشهد وتقولها أمام محمد فيقول لها: ببق ات س أحرام أن 
تضحى بواحد؟ فلو أن كل أم ضحت بواحد من أبنائها لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من 
الذل والعار. وتقول والدته يوم استشهاده : رأيته فى المنام وهو فى الجامعة الإسلامية 





)١(‏ هذا الجزء من الحديث الذى يرويه أبو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله ية حيث قال : «تضمن الله لمن 
خرج فى سبيله - لا یخرجھ إلا جھادا فى سبيلى» وإيمانًا وتصدیقًا برسلى ‏ فهو على ضامن أن أدخله 
الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه. نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة» والذى نفس محمد بيده ما 
من كلم يكلم فى سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين کلم لونه لون دم؛ وريحه ريح مسك والذى 
نفس محمد بيده» لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو فى سبيل الله أبداء ولكن لا 
أجد سعة فأحملهم. ولا يجدون سعة. ويشق عليهم أن يتخلفوا عنى» والذى نفس محمد بيده. لوددت 
أن أغزو فى سبيل الله فأقتل» ثم أغزو فأقتل» ثم أغزو فأقتل» انظر : ابن الأثير الجزرى - مبارك بن 
محمد/ ت505ه_جامع الأصول فى أحاديث الرسول / ط ؟» دار الفکر / بيروت 19/87م, 
(4/ كلاة). 

(۲) انظر : صحيح مسلم .)٥٦/۱۳(‏ 


۲٢ 


يتظاهر ويمسك به الجنود ويقومون بضربه بعصا على رآسه» فهجمت على الجندى 
وصرخت فى وجهه: لماذا تضربه؟ وتراه أيضا زوجة شقيقة ليلة استشهاده فى المنام وهو 
فى قصر ملئ نورا» وتتساءل : ماذا تفعل حتى تستحق هذا القصر؟ فيجيبها: أستشهد 
إن شاء الله لأنال هذا القصر . . وقد كان. . . 

أما أحد أساتذة محمد فى الجامعة الإسلامية فيقول لم أره إلا مبتسماء لا أذهب إلى 
النجد إلا وعدت قد سقف :لبه كان فى قاعة النخاضر ات يدل السنروز إلى قل 
ناسيتابقة الغو :1 والآن علميف مكون العا E a‏ 


HEE:‏ ع 





هجرة الرعب 


۲۷ 


الشهيد /جميل راشد حسين الكردى 
شهداء آل الكردى 
ار مر ١‏ 


فى أحد شوارع غزة اختلطت دماء شهداء آل الكردى مع الرمال لتحكى للأجيال 
قصة أبطال ثلاثة ينتمون إلى هذا الشعب المؤمن بربه الملتصق بأرض الإسراء يدافع عنها 
بكل الوسائل المتاحة لديه» لا ترهبه قوة العدو المدجج بالوسائل القتالية التى زودته بها 
دولة حقوق الإنسان (أمريكا)؟ ! 

وقصتنا تبدأ فى يوم السبت ۲/ 5/ ۱۹۸۸م الموافق ل ١6‏ من شعبان ١4٠4‏ ه من حى 
الصبرة» ولعلك عندما تدخل فى شارع الثلاثين الذى يخترق حى الصبرة تجد قصة 
هؤلاء الأبطال محفورة فى قلوب الأطفال والرجال حتى الأجنة فى بطون أمهاتها تعلم 
هذه القصة لكثرة ما تردد ذكرها فى المجالس والمحافل» فأهل الحى يعرفون ذلك الرجل 
الفاضل (جميل راشد حسين الكردى) الذى كانوا ينادونه بالحاج» والحاج رجل كبير 
بلغ من عمره )٥١(‏ عامًا لكن روحه ما زالت تحمل حيوية الشباب وقوتهم» فكان 
خلوقًا محبوبا بين الناس» محافظًا على صلاة الجماعة» حج بيت الله أكثر من مرةء 
وكان الحاج رجلا بسيطًا أليفًا يكسب رزقه من عرق جبينه فيعمل طوال النهار فى مطعم 
ليستر نفسه وأهل بیته» ومع بساطته وضيق ذات يده إلا أنه ما كان يتوانى فی عمل 
الخير؛ فيصوم الاثنين والخميس ويحافظ على سنة الصيام فى ٠١١٠٤١۱۳‏ من كل 
شهر قمرى (الأيام البيض) 2١7‏ ومن حب الناس له وثقتهم منه كانوا يضعون أماناتهم 
عنده» لقد كان الحاج يتقطع ألا حينما يرى منكرا من المنكرات فيسارع إلى الأمر 
بالمعروف والنهى عن اك 
نظفت كثيراً من المنكرات التى كانت منتشرة فى المجتمع الفلسطينى . 


(1) قو ذلك و ا و زفي الله نه سيف قال ( أوصانى خليلى لا بثلاث : 
البخارى (57/5؟5؟). 





۲۸ 


حادثة اللاستتهاد : 

فى هذا اليوم ۲ م اندلعت مظاهرة عنيفة فى حى الصبرة وتجمعت عند 
مفرق شارع الثلاثين مع الشارع الفرعى المؤدى إلى بيت (آل الكردى) حيث يسكن 
(الحاج جميل راشد الكردى ). وابن أخيه أحمد خميس راشد الكردى» لقد التهب . 
الحى كاملاً فى ذلك اليوم» وتحولت المظاهرات إلى مواجهة عنيفة مع القوات 
المتوحشة . فى هذه الأثناء كان الشهيد الحاج جميل راشد الكردى عائدا من الصلاة فى 
اا ركان وححة الل وا عاتن يفت و أصيع فن 
منتصف الشارع المؤدى إلى بيته رأى ابن أخيه (أحمد) البالغ من العمر 54 سنة» وهنا 
قال أحمد لعمه: ما رأيك يا عم لو تستشهد الآن؟! فقال له الحاج : ولم لا؟ ثم خرجا 
باتجاه المفرق إلى الطريق العام» وكانت سيارات الحبناء تفر من حجارة السواعد الرامية. 
فجلس الاثنان عند محل الجزارة التابع لابن الحاج واسمه محمد جميل الكردى . بعل 
قليل مرت سيارة فولكس تحمل أرقامًا محلية» وكان من بداخلها يلبسون اللباس المدنى 
ثم انطلقوا فى الشارع بشكل هستيرى وعادوا فى نفس الاتجاه, فعلم الناس أنها تحمل 
جنودًا من اليهود» فتفرق الجمع إلا شابا يافعا هو ابن (لأحمد خميس الكردى) واسمه 
(علاء)» وهنا نزل هؤلاء المتوحشون وبدأوا يضربون (علاء) ضربا مبرحاء وفى هذه 
الأثناء دبت الحمية الإسلامية فى دم عمه ووالده. فاندفعا باتجاه الجنود» وأمسكا بهم 
وصاح الحاج فى وجوههم : اذا تضربونه؟ وهنا اعتدى الجنود على الحاج ودفعوه إلى 
الخلف وبدأوا يضربونه ولكن الحاج الذى تربى على العزة الإيمانية لم يتحمل أن يضربه 
وهو المؤمن العزيز علج من علوج اليهود الجبناء؟ وتحدثه نفسه متى أصبح هؤلاء 
الجبناء رجالاً يضربون الرجال؟ متى أصبحت عندهم الجرأة ليمدوا أيديهم الملطخة 
بالدماء على الشرفاء؟ تتسارع الأفكار فى نفسه الأبية» وذوق أن عضي وفنا فن التفكير 
ينطلق كالسهم هو وابن أخيه (أحمد) إلى محل (الجزار) فيحمل فى يده بلطة والأخرى 
سكيئاء واشتبكوا مع الجنودء وأطلق المجرمون النار على الحاج جميل» وابن أخيه 
أحمد وولده علاء» وتكاثر الناس واشتبكوا مع المجرمين» وأطبق آل الكردى على 
(1) الوارد فى ذلك حديث للنى له روته السيدة عائشة أم المؤمنين حيث جاء فيه (لم يكن النبى ب يصوم 


شهرا أكثر من شعبان» وكان يصوم شعبان كله. . .) انظر: فتح البارى شرح صحيح البخارى 
OOP‏ 


۳۹ 


اجنود يضربونهم بكل ما تصل أيديهم إليه» بالسكاكين» بالحجارة» بالبلطات» 
بالعصى» وبعد ذلك هرعت قوات كبيرة من الجيش بسياراتها لحماية المجرمين» فبدأوا 
يطلقون النار بشكل كثيف على كل من كان بالشارع» لقد أسفرت تلك المعركة البطولية 
من آل الكردى عن قتل ثلاثة جنود يهود وجرح اثنين» وذلك باعتراف الحاكم 
العسكرى الذى قال للناس الذين قدموا لأخذ جثث الشهداء الثلاثة (يكفى ما حدث » 
لقدفقدناثلاثة وجرح اثنان» وكذلك أنتم» ونريد أن يتم الدفن دون مسيرات أو 
مظاهرات). أمافى الجانب الآخر فقد استشهد كل من الحاج جميل الكردى (50 
عامًا)» وابن أخيه أحمد خميس الكردى (٥٤عامًا)‏ وابنه علاء (۱۸ عامًا)» وجرح 
اثنان من أبناء الحاج : جميل إسماعيل (18 سنة) وهو طالب ثانوى أصيب بعيار دمدم 
فى الصدرء ونقل لاحقا إلى المستشفى الأهلى» ومكث هناك تحت العلاج 15 يومّاء 
وكذلك جرح محمد (۳۸سنة) وهو متزوج» وأب لثمانية أطفال» حيث أصيب بسبع 
رصاصات فى القدم» واثنتين فى الفخذ الأيسر» وأصيب بعاهة دائمة وهو يسير الآن 
بمساعدة عكازين . 


بعد أن استشهد الثلاثة على مفرق الشارع الرئيسى مع الشارع المؤدى إلى منازلهم. 
أخذ الجيش الهمجى يطلق الرصاص بكثافة بحيث لم يتمكن أحد من الاقتراب» ولكن 
السواعد الرامية بدأت تقذف بحجارتها على رؤوس الأعداءء وقام الجبناء بإغراق 
المنطقة بالرصاص والغاز حتى أخلوا قتلاهم وجرحاهم. وكذلك أخذوا معهم الشهداء 
الثلاثة» ونقلت الحثث إلى (أبو كبير) للتشريح» وفى هذه الأثناء حضرت سيارات 
الإسعاف والصليب الأحمر وإسعافات وكالة الغوث. . إلا أنها جميعًا تعرضت 
للرصاص المنهمر من القتلة أعداء الإنسان. 
تشييع الشهداء: 

أراد الاحتلال أن يتم وداع الشهداء على حسب طقوسه» فاستدعوا مختار الحى. 
وطلبوا منه إحضار ٠١‏ شخصا فقط من عائلة الشهداء وتحت حراسة أكثر من ١6٠١‏ 
جندى توزعوا فى المقبرة وعلى أسوارهاء وعند مداخلها تمت مراسم الدفن» وعند 
الانتهاء من مراسم الدفن أخذت زوجة الحاج جميل تزغرد ومعها مجموعة من النساء 
احتفاء بالشهادة والشهداء» وحاول الجيش إسكات حتى الزغرودة التى تنطلق من أفواه 

01 


الزوجات والأمهات والأخوات وهن يودعن أعز شىء يملكنه فى هذه الحياة الدنياء 
وطلب الحاكم العسكرى من ( المختار) أن يسكت زوجة الحاج» فقال له المختار: نحن 
فى حالة الشهادة نزغرد ولا نبكى» وهى لا تريد السكوت . 

وفى بيت العزاء كانت غزة كلها تتمثل بعوائلها ووجهائهاء جاءوا من كل حدب 
وصوب يعزون آل الكردى» ووجهت التعازى والتهنئة فى آن معنا من حركة المقاومة 
الإسلامية (حماس) ولكن الجيش لم يكتف بقتل الشهداء بل منع الناس من التوجه إلى 
بيت العزاء بحجة أن هناك مسيرة» فألقوا على الشارع أكثر من ٤١‏ قنبلة غاز مسيل 
للدموع» ما أدى إلى إصابات عديدة بالاختناق . ولم يكتف القتلة بذلك بل عاقبوا 
الحى الذى يسكنه الشهداء الأبطال بحواجز إسمنتية لمدة ثلاثة أشهرء كما أنهم صبوا 
جام غضبهم على محل الجزارة ! كيف لا ؟ وهو مصدر السكاكين التى أهلكت ثلاثة 
من جبنائهم » فأغلقوا المحل حتى إشعار آخر وبداخله متلکات تقدر ب ” الاف دينار. 

لم ينس اليهود قتلاهم. وبعد شهرين من حادث الاستشهاد» حدثت مظاهرة عنيفة 
بالقرب من مدخل الشارع المؤدى إلى بيت آل الكردى» فقام الجيش بأخذ الإطارات 
المشتعلة ووضعها فى بيتهم فى غرفة الاستقبال» وذلك بعد أن رفضوا إطفاء 
الإطارات» مما أدى إلى حرق أثاث الغرف كاملاً. وما يروى عن الشهيد الحاح جميل 
الكردى أنه قبل استشهاده بساعات كان يشعر بقرارة نفسه أنه سيلقى رب العالمين شهيدا 
فأعطى ابنه نقودا» وطلب منه أن يسدد ديونه للناس» وبالفعل استشهد فى هذا اليوم 
فرحمة الله عليكم دار قوم مؤمنين. لقد رفعتم ببطولتكم رؤوسنا وشفيتم صدورنا من 
رؤوس يهودء فجزاكم الله عنا كل خير وجمعنا وإياكم فى الصالحين إنه نعم المولى 
ونعم النصير . 


ف 


الشهيد /نزار حمد مساد 
8[ ا ١‏ 


يبدأ والده بالحديث عن البطل فيقول: «ولد نزار 
بتاريخ /7١‏ 0/١471١ء‏ وأنهى دراسته الإعدادية فى قرية 
فقوعة ثم توجه للدراسة فى المدرسة الثانوية فى جنين» 
ليتهى دراسة التوجيهى . وبعد عام من ذلك يلتحق 
بمعهد قلقيلية الشرعى لدراسة الشريعة التى أحبها. وبذل 
دماءه للدفاع عن شرف الانتماء إلى الإسلام العظيمء 
وكان يعيش حياته بتجرد خالص لله سبحانه وتعالىء» لا 
يريك دنا فان بل سعیا إلى خلود وثواب دائم . ٠‏ وينهى 
نزار دراسته ليعود إلى القرية» لا ليقعد مع القاعدين ولا مكان للتثاؤب فى حياة نزار» 
بل حركة ونشاط » دروس فى المسجد وتربية للأجيال» فتراه تارة يقف فى المسجد 
واعظاء تنساب الكلمات من بين شفتيه بلا تكلف يغلفها الإخلاص» تخرج نقية من 
القلب إلى القلب. والكلام الذى يخرج من اللسان لا يلامس القلب ولا يقترب من 
الجوارح » ويصبح مسولا عن الإفطار الجماعى فى المسجد والنشاطات الأخرى. وعن 
سلوكه وتصرفاته يقول والده: كان هادئ الطبع متمسكًا بأهداب الدين» واتصف 
باجرأة والإقدام على العمل . ويضيف أحد الإخوة قائلاً: « كان نزار ركنا من أركان 
المسجد وكان نشيطًا فى العمل الدعوى» ويمتلى حيوية فى الأعمال التطوعية بالإضافة 
إلى نشاطه فى إعطاء الدروس فى المسجد وإمامة الناس فى حالة غياب الإمام. 





والقيام برفع الآذان . . ۰ کان صوته وهو ينادى للأذان يناجى مآذن بيسان المهدمة . . 

ومن يلبى النداء يا ترى فى زمن النخوة المقبورة. . . والضمير الغائب . . والعاطفة 
الباردة؟ . .. من سوى المسلمء من غير نزار وأمثال نزار. كان نزار مع رفقه على 
إخوانه وحبه لهم» نارا على الكفارء ينطبق عليه قول الحق عز وجل ل أذلّة على المؤمنين 
أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لَومَة لائم ذلك فال الله يؤتيه من يَشَاء 


بن 


واللّه واسع عليم 4 [المائدة : ]١ ٤‏ كان غضبا على الاحتلال» ونارً على الكافرين» لا 
ينهض حاملاً العلم الفلسطينى ب«لا إله إلا الله» ليزرعه على مئذنة المسجد» ولهذا دخل 
اسم نزار فى قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال . 

حادث الاستتهاد : 


بتاريخ ۱۹/ /٤‏ ۰۱۹۸۸ ۲ رمضان» وفى مستشفى هداسا بالقدس» صعدت روح 
نزار إلى السماء بعد إصابته برصاصة فى الرأس» وكان الشهيد أصيب برصاصة بعد 
مواجهات شهدتها القرية» وعن الاستشهاد يحدثنا من كان مع نزار» مع السواعد 
الرامية يلقى الحجارة على جنود الاحتلال. فى الساعة العاشرة والنصف» حضرت 
فوات من الاحتلال تقدر ب ٠١‏ (جيبات) عسكرية وجرافة ومجنزرة» وكان الهدف 
واضحًا وهو هدم منزلين فى القرية» وبعد أن رأى الشباب المسلم هذه الحشود هبوا 
لوقف هذا الزحف الذى لا يعرف إنسانية ولا رحمة» وكان من بين المتصدين نزار» 
الذى لم يكتف فقط بتكليف نفسه بمقارعة الاحتلال؛ بل هب إلى بيوت الشباب» 
يناديهم أن هبوا إلى اللقاء الذى انتظرتموه بفارغ الصبرء وكان كلما نادى شابًا قال: هيا 
لنرى رجولتكم اليوم» واستمرت المواجهات حتى ساعات الظهرء وعندها قال لى : 
نزار أريد الذهاب لصلاة الظهر والأذان» فقلت له: ولكن ألا ترى حشود الجيش؟ 
فأصر على الذهاب إلى الصلاة. ورجع إلى ساحة الوغىء لم يكن نزار يعرف الراحة» 
وكلما كانت الطموحات كبيرة تعبت فى مسعاها الأجسام. . وبعد أن رجع قلت له. 
ال ا إن انث ادت فن ند افيف واجك» أن افا 


وفى المواجهات قسم الشباب أنفسهم إلى عدة مجموعات» تطارد جنود الاحتلال 
من زقاق إلى زقاق وينتصر سلاح الحجر» ويعود جنود الاحتلال من حيث أتوا خائبين 
وقد نحطمت سياراتهم. وجماجم جنودهم. وعزائمهم. وهل يرضى نزار بهذه 
التتيجة؟ لا بد من مطاردتهم» ويعود الجميع إلى مواقعهم إلا نزار» فإنه يلاحق جنود 
الاحتلال من أجل إيقاع أكبر الأذى بهم» فهذا اليوم هو الذى كان ينتظره» وتمترس نزار 
لف أحد أغيميدة اھر اء وید ا ری الدوريات ا ار وكقفن احدع السارات 
ويترجل منها أحد الجنود. وبینما كان نزار يرفع يده ليلقى با لحجر وإذا برصاصة تخترق 

ف 


الرأس» ويسقط نزار على الأرض ليرتفع إلى السماء» ويحمل الشباب نزارا ولكن كان 
قد سبق عليه الكتاب ونال الشرف العظيم» وكان صائما فى ذلك اليوم» وقرأ خمسة 
أجزاء من القرآن واستشهد والمصحف فى جيبه . . إنه عهد الرجولة أن لا يفارق رفيقه 
المحبب إلى قلبه حتى آخر اللحظات . 
مسيرة الشهيد: 

ما إن سمع خبر استشهاد نزار حتى هب الشباب المسلم من كل حدب وصوب» 
ووقف الجميع وقفة إجلال واحترام أمام وجهه الذى يكاد يضىء نوراء ولف الجثمان 
بالعلم الأخضر والعلم الفلسطينى» وساوتهسيرة كبر وهی تمقف (الله أكبر) ودلا 
إله إلا الله الشهيد حبيب الله) ويقول أحد إخوانه عنه : «كان جسمه لينا كالحرير وتشعر 
أنك أمام رجل من أهل الجنة» رغم أن الأمور كلها بيد الله سبحانه وتعالى» إلا أن هذا 
الشعور ينتابك عندما تنظر للوهلة الأولى إلى جسده المسجى ولحيته الكثة التى تخللتها 
الدماء وعينيه السابلتين. . إنه ليس موتا بل حياة بعثت من جديد» . . وبالرغم من حب 
الأهل لابنهم إلا أن والد الشهيد تمتع بالصبر والشجاعة والجلد» ولم يبد أى مظهر 
للحزن إطلاقًا. وعن شعور والده» كوالد شهيد» يقول: «أشعر بالفخر والاعتزاز 
فكل إنسان لابد ميت» ولكن هذا الشرف لا يستطيع أى إنسان أن يحصل عليه»» وبدا 
والد الشهيد حديث ذكريات عن معارك جرت» وعن أصحاب له شاركوا فى هذه 
المعارك» إلا أنهم عاشواء فالشهادة لا تعطى إلا لمن وطن قلبه عليها. . وعقد النية 
الجازمة على نيل شرفها . 

وتقول شقيقة الشهيد بأنها شاهدت نزارا فى المنام يلبس لباسا أخضر» ورآه إخوانه 
من أبناء المسجد وهو يطوف بين الجنائن يتنقل كيف يشاء ولسان حاله يقول : 

هذه الحنانم راحى وعطرهامن + راحى 

وما تمنى الشهيد شيئًا إلا وكان يطلبه سعيًا» فطوبى لها من سبيل» وعن شعور 
شباب المسجد بعد دخولهم لأول صلاة افتقدوا فيها نزارا وعند هذا السؤال بدت دموع 
غزيرة فى عيون أحد إخوانه وأجاب بصوت منخفض : «دخل الشباب للصلاة ووجدوا 
سترة نزار على المنبر» فبكى كل الشباب بصوت عال على أخيهم الشهيد» . 


٤ 


وهل كان نزار يتحدث عن غير الشهادة والجهاد ؟ 

أمام والديه لم يكن يحدث بذلك» أما أمام الشباب فكان مجالاً خصبًا لحديثه. 
فيقول أحد الشباب الذين كان يعيش معهم فى المعهد : كان نزار يقوم الليل ويدعو : 

اللهم ارزقنى الشهادة فى سبيلك وكان يرددها ثلاث مرات» وكان عندما يقرأ ورد 
الرابطة عند الدعاء «وأمتنا على الشهادة فى سبيلك» كان نزار يرددها مرات ودقن نزار 
فى المقبرة الجديدة» وهو أول شاب وضم فيهاء وبعد رحيل نزار افتقد المسجد» رجل 
المهمات الصعبة» والصوت الندى فى ترتيل القرآن» وترك خلفه فراغا لا يستطيع أحد 
انو . وكان نزار يحرص على الاشتراك فى المهرجانات الإسلامية» فاشترك فى 
مهرجان بدر فى (كفر كنا)» وعندما سمع نشيده المحبب «هو الحق يحشد أجناده ويعتد 
للموقف الفاصل» كاد أن يطير عن الأرض بعد الحديث عن السيرة العطرة للشهيد. . 
بدأ والده حديثا عن بيسان التى أصبحت تحرث وتزرع من الغرباء القادمين من بولندا أو 
روسيا. . حرجنا من بيت نزار» وكان الأطفال يلعبون. . تقذمنا من بعضهم سألته : 
هل تشترك فى المظاهرات ؟ فأجاب نعم» قلت له: لماذا ترجم قوات الاحتلال؟ قال 
لأنهم أخذوا أرضنا. . والطفل الذى أجاب على هذا السؤال لا يتجاوز السنة ونصف . 


ولد وا ماده 
AS si‏ مني 


۵ 


الشهيد / محمد أبو زيد 
2/۲ مره ١‏ 












نزفت أول قطرة دم من جراح شهيدنا محمدء الذى 
لاقى وجه الله وهو صائم» وكان ذلك فى اليوم السابع 
من رمضان 508 ١ه-‏ ۲۳/ 5/ ۱۹۸۸ م. بدأنا الحديث 
مع والدته التى كان يبدو عليها التأثر فهو حبيبها الذى لا 
يمكن أن تنساه فتقول عنه «فى يوم الحادث كعادته خرج 
من البيت وهو صائم وذهبت آنا لأعد له الإفطار. .» 
ولكنه كان ينتظر إفطارا فى السماء لذ وأطيب مما هو بين 
أيديناء كان من عادة محمد أن يخرج فى المظاهرات»؟ 
كان يطلب من شقيقه أن يقوم بإطعام الأغنام وسقى الأرض ويتسلل هو للمشاركة 
بواجبهء كان «المقلاع» لا يفارقه» وكان فى الصفوف الأولى . تجيبنا والدة الشهيدء 
ويأخذنا الحديث وذكريات محمد المؤثرة تطغى على هذا الحديث . 

فيقول شقيقه مؤيد: كان محمد شجاعا غاية الشجاعة» وكان يحب الأعمال البيتية 
الزواعية والحيوانية: وأبدع فى هذا المجال غاية الإبداع» وكان يتطلع إلى التعليم 
المهنى» بسبب حبه للمجالات العملية فى الحياة» أما عن دراسته فيقول : كان طالبًا فى 
عدريلة لاط ا من مواليد ۱۹۷١‏ . وعن قصة استشهاده يحدثنا شاب من البلدة 
فيقول : كان لمحمد أخ فى الله قد سبقه إلى الشهادة وهو محيى الدين سوالمة» وكان هذا 
الحب نابعا من العلاقة التى توطدت بينهما فى المسجد. . . كيف لا وهما ايئا المسجد 
وشبابه وقلما فارقا المسجدء التقيا فى حبهما لله» وافترقا على نفس الدرب» درب 
التضحية والفداء. ولعله يكون اللقاء الذى لا فراق بعده» ولقد تأثر محمد كثيراً لفراق 
أخيه محيى › حتى إنه فى يوم زفاف شقيقته» والذى كان قبل استشهاد محمد بيوم» 
رفض حضور مراسم الزواج البسيطة» واستنكر على أهله كل مظاهر الفرحة إن وجدت 
وصاح بهم يومها مستنکرا "كيف تريدون أن تفرحوا ودماء محيى لم تجف بعد»! ما كان 
يدرى شهيدنا أنه فى اليوم الذى يليه سيكون فى الركب الذى سار به محيى الدين» 

۳٦ 


يومها سارت مسيرة كبيرة طافت شوارع البلدة وهى تهتف بحياة الشهيد محيى الدين › 
وأصوات «الله أكبر» تعانق عنان السماء» ويومها حضر مندوب من صحيفة «شتيرن) 
الألمانية وطاف فى شوارع البلدة يصور لحظات الغضب الفلسطينى» يصور الحجارة 
التى تنطلق وأصوات «الله أكبر»» هذه الحجارة التى أخافت الاحتلال أكثر من المدافع 
المكدسة عند جيوش أنظمة الردة العربية» وتتجمع المسيرة بعد كل هذا على الشارع 
الرئيسى» وتحضر قوات كبيرة من الجيش ويبداً الشباب بإعلان الفرحة والنساء تزغرد 
ويبدأ رأس الصحفيين الألمان بالدوران وكأنهم لا يصدقون مايرون» شباب مؤمن 
مجرد من كل الأسلحة» إلا أسلحة الإيمان يقابل جيشا جرارا يحمل الأسلحة الحديثة 
وقنابل الغاز المتطورة ويحيط الشباب بالجيش من كل جانب» ولا ترى سوى الأيادى 
التى تدور وتدور معها المقاليع وحجارة تتطاير حتى يخيل للجيش بأن العصافير الطائرة 
حجارة قادمة عليهم . وما هى إلا لحظات حتى يبدأ الجيش بالتقهقر إلى الوراء وينتشر 
الشباب فى الشارع الرئيسى ويعلنون تطهيره من الغزاة وسط زغاريد النسوة. وما هى 
إلا لحظات حتى تحضر طائرة استكشاف وتبعها بعد لحظات اقتحام قامت به قوات 
حرس الحدود» لقد اقتحموا البلدة من جميع نواحيها وسط زخات من الرصاص» 
ويبدو أن الطائرة قد صورت ثغرات فى الدفاع لدى الشباب فجاءوا منها وباغتوا 
الشباب الذين بدأوا انسحابا غير منظم» وكان فى صفوف المغادرين للمكان مصور 
صحيفة «شتيرن »الألمانية وصحفى ألمانى آخر وكان يسير إلى جنبهما محمد وقفز الجنود 
وبشكل مباغت إلى منطقة قريبة وبدأوا يطلقون.النار. . وأصيب محمد برصاصات فى 
الظهر» وعن هذا الحدث يتابع الحديث الشاب أبو عبد الرحمن فيقول: كنت أسير 
خلف محمد فأصيب بالرصاص ورأيت دخانًا يتصاعد من مكان الإصابة وبعدها 
بلحظات قليلة بدأ الدم ينزف من فمه وأنفه وسقط على الأرض بجسده وعلا إلى 
السماء بروحه وهذه اللحظات جميعها صورت من قبل المراسل الأجنبى» ووضعت 
على الصفحة الأولى من صحيفة «شتيرن)وتم نقل محمد بسرعة إلى أحد البيوت 
المجاورة» لم يكن بالإمكان نقله إلى المستشفى بسبب إطلاق النار الكثيف» وفى المكان 
الذى وضع فيه محمد نزفت بقية دمائه ليجود بها من أجل فلسطين» ويلتقى الشباب 
المسلم ويتعانق مع تراب الأجداد عله يروى الظمأء ظما الكرامة والعزة. . ظمأ زيتون 
قباطية» ويتم نقل محمد بسيارة. . إلا أن قوات الاحتلال أوقفت السيارة. . ويبدأ هذا 
الحوار بين أحد الشباب وجندى يتحدث العربية بطلاقة : 


۲۷ 


الحندى: قف . 

الشاب : معنا شاب جريح فى حالة خطرة . 
الحندى : إن شاء الله يموت . 

الشاب : أنت مسؤول عما تقول . 

الجندى وقد بدأ بتعبئة سلاحه : أريد أن اكه 


. . . ويسير السائق وبسرعة ولكن محمدا لم يكن فى تلك اللحظات فى هذه الحياة 
الفانية» بل كانت روحه تصعد إلى السماء لتأخذ مكانها فى حواصل الطيور الخحضر› 
وترفرف فى الجنان وكأنى به يسأل : اطلب تجهب » وكأنى به يجيب : أن أعوديا رب 
لأرجم حكام العرب بمقلاعى!! وما إن يصل موكب الفخار إلى البلدة ويودعون 
حبيبهم إلى المجد كما ودعوا قبل أيام حبيبهم محيى الدين» ترفع الأعلام وأصوات الله 
أكبر ولا إله إلا الله تدوى من الحناجر الصائمة . ويقتحم الجيش ويحاول اختطاف جثة 
الشهيد» ويدافع أهل البلدة وببسالة عن الشهيد وجسده الطاهر ويقوم الشباب بنقله إلى 
ديوان آل أبو الرب» ويجلس أحد الشباب المسلم يقرأ القرآن ويصلى عليه ومن ثم ينقل 
إلى قبره» وشاهد أهل البلدة والدة الشهيد وهى تصرخ بأعلى صوتها «هنوا محمد 
بالشهادة» لقد نال محمد الشهادة» فاز أى والله فاز» وسار فى مسيرة الشهيد يومها 
والده وأمه وإخوانه وأخواته» وودعوا الشهيد وداعا يليق به» ويليق بشرف الدماء التى 
غطت جسله المبارك» وأكثر ما شد أهل البلدة صبر والدة الشهيد وتحملها حيث إنها ما 
أظهرت انكسارً ولا لفظت ما يغضب الرب. . إنها مثال مواقف الأم الفلسطينية 
المسلمة. . ولتعلم نساء العرب فى بلدانهن كيف يكون الفداء . . وكيف تكون أعراس 
شباب فلسطين» كان الجميع يودع محمدا وكان الليل يسدل أستاره ورجع الجميع إلى 
بيوتهم. . ويأتى وقت الإفطار ولكن من تتوق نفسه لتناوله ؟ كل البلدة صامت إلا 
محمد الذى أفطر فى السماء . . . وفى المساء يذيع راديو اليهود خبر استشهاد محمد 
ويقول فيما قاله: وحاول شاب من البلدة ضرب أحد أفراد حرس الحدود «ببلطة» كانت 
يدم وضحك الجميع اسحهواء من هذا البر» ومن الذين اسعغريوا ذلك الضحفى 
الألمانى الذى شاهد بأم عينه عملية القتل . ويغك هذا التسلل فن :ذكرياك الا نهد 


۴۸ 


يقول شقيق الشهيد بأن محمد كان يتمتع بحس أمنى غريب حيث إنه لم يكن يبلغ حتى 
اقرب ار لب عيبا كاذ كتوم هارن يحرف ا نا عيتاله البطرلينة لبعد 
استشهاده. وتقول والدة الشهيد : حتى يوم استشهاده اقتربت منه ودعوته للعودة إلى 
الت كال لي : سأجعل الشباب يرجمونك بالحجارة إن أنت لم تغادرى هذا المكان. . 
- أليس كل الشباب أولادك؟ فلماذا لا تحرصين إلا على لمغادرة المكان؟ وكما يبدو فإن 
زالدة التتهيد تدر ت شا فقالت : اولك محمد فى شير رمقيان وا مهد فى شهر 
رمضان»2. 

ومن كرامات الشهيد: ما يذكره أحد الشباب المسلم» فأثناء اجتماع أهل البلدة بعد 
استشهاد محمد حضر شاب ومعه بقايا دم الشهيد المتكدرة وطلب من الحضور أن يشموا 
رائحتهاء كان العطر ينبعث منها. . وبعد استشهاده بثمانية أشهر استشهد شاب آخر 
فأرادوا أن يحفروا له قبرا بجانب قبر محمد فانهار جزء من قبر محمد» فبدا جسم 
الشهيد لم يتغير من جسمه شىء . . لقد كان كيوم استشهاده» ملابسه هی هى» وأكد لنا 
هذا أحد الشباب الذين شاهدوه وكذلك إحدى النساء وتسكن بقرب المقبرة. . وفى كل 
عيد يخرج الشباب المسلم بالخروج بمسيرة كبيرة يزورون خلالها الشهيد تأكيدا للعهد 
ومواصلة الدرب . . أما شقيق محمد الصغير (يوسف) فهو يحافظ على العهد ويتردد 
باستمرار على المسجد . . وكم هو عظيم وجه الشبه بين محمد ويوسف . 


اد ءاد اد 
CESSES‏ 


۳۹ 


الشهيد /خالد رفقى عميرى 
۱۹۸۸/0/۳ 


كانت مساجد المخيم البؤرة التى انطلقت منها الجماهير 
المؤمنة وهى تردد (الله أكبر) فكانت تهتز جبال جرزيم 
. وعيبال طربا لهذا الشعار الخالد. . سكان المخيم غير 
متجانسين سكانياء فقد شردوا عن ديارهم من مناطق 
مختلفة» فبعضهم جاء من حيفا والبعض الاخر جاء من 
يافا. . وأخرون قدموا من بيت دجن . . ولكن دماءهم 
اختلطت فى ساحات الوغى» وتوحدت قلوبهم على 
نفس الهدف» وتآخت أرواحهم فى الله. . أجدادهم 
هناك سقطوا على ذرى الكرمل وهم يحملون اللواء» وأبناؤهم اليوم يسقطون فى 
حضن جبال نابلس يرفعون رايتهم التى أحبوها وكتبوا عليها بالدماء قبل المداد (لا إله 
إلا الله محمد رسول الله). . . ولكنهم يسقطون على الأرض وعيونهم تتطلع فى 
نظرتها الأخيرة إلى خريطة الوطن والراية تخفق على ذرى القدس وتنصب على قمة 
الكرمل! ورغم الجراح وأهاتهاء ترتسم ابتسامة الرضى على وجه الشهيد ويردد كلماته 
الأخيرة لإخوانه أن : تقدموا. 


هذا هو المخيم. . سيارات جيش الاحتلال تحاصر المخيم» مئات الجنود فى عدة 
مراكز. . وقنابل الغاز المسيل للدموع تتدلى من أسلاك الكهرباء. . . شوارع المخيم لا 
يتجاوز عرضها نصف متر كأنك تسير فى سراديب تحت الأرض . . بيوت جد 
متواضعة . . والدة الشهيد ترحب بنا بطبائع فلسطينية أصيلة . 





مولده ونشاته: 
الح تر لاا ري ا ا 
مات والده» فأصبح الأب الحانى على إخوته. 
عائلة الشهيد رحلت عام ۸٤۱۹م‏ من فلسطين المحتلة من قرية بيت دجن والتى 
يسميها الغرباء اليوم (بيت دجون) . تقول والدة الشهيد : إنهم بعد تشريدهم رحلوا إلى 
5 


منطقة نابلس» وفى بلاطة وضعو النا الخيام وعشنا طوال أربعين عامًا وعيوننا تنظر إلى 
هناك» إلى ذكريات الآباء والأجداد» إلى أشجار البرتقال والزيتون. إن كل الدنيا لا 
تعدل على رامن ترا ست نحن ...ينا أل إساعائدوة عنائدون :. عنانذون إن 
شاء الله . 

نظرت فى عيونها فعلمت أنه الإصرار المنبثق من عقيدة الإيمان. . فأيقنت أنهم 
عائدون . 
خفصة استتهاده: 

بدأ الاحتلال يعيد حساباته من جديد . ففی يوم ۳/ 5/ ۱۹۸۸م كان موعد أسود 
(حماس) مح التصعيد الذى دت له حركة المقاومة الإسلامية (حماس) . 

كانت القلوب تعيش تلك اللحظات بين الخوف والفرح» الخوف من التجربة 
الحديدة للانطلاقة. والفرح لتحقيق الأهداف التى عاش الاب المسلم وهو يحلم 
بتحقيقها : شهادة أو نصرء ولهذه اللحظات الحميلة» يستعد المؤمن لها بالوضوء 
و e‏ ؛ ففى ذلك اليوم اغتسل وصلَّى 

رفن تلاق اللممظ ابه عدون والرة ا زعا لذ ون مقر ان بجا قل ها 
الصلوات» وكان مؤمتا بمبادئه إيمانًا راسخاء كما كان يحرص حرصا شديدا على أداء 
الصلاة فى تمده رتل E a E‏ 1 أوية أن E‏ 
إن شاء الله وأشفع لك لتكونى معى فى الحنة)! 

أما ابن خالته فيقول: كنت أجلس مع خالد وكنت أتابع التلفزيون ولم يعجب خالدا 
ذلك» فقام للوضوء وقال: ماذا تفيد هذه التفاهات؟ لا شىء يكسبه الإنسان سوى 
العمل الصالح» هذه الكلمات كانت أخر ما قاله الشهيد قبل إصابته . 

وتقول والدته : إنه ختم قراءة المصحف مرتين خلال رمضان. وقبل استشهاده كان 
قد وصل فى قراءته إلى الصفحات الأخيرة من القرآن . أما عن لحظاته الأخيرة قبل 
صعود روحه» فيقول أحد الذين رافقوه: كان خالد يقف بجانبى وسمعته يقول: لقد 
أصبت فلم أصدق ذلك» ونظرت إلى صدره فوجدت الدماء تتدفق من صدره ونزف. 


ج١‎ 


معا ع لاضن ر ت التو و ها ع( لصيف انمه بان غات 
اش 

نعم حتى فى لحظاته الأخيرة كان فى تسبيح وذكر لله سبحانه. بهذه الروح يقبل 
فرسان (حماس) على الااستشهاد. روح مرتبطة بالله. وسواعد تقذف الاحتلال 

وتقول والدة الشهيد: إن خالدا كان مطاردا من قبل سلطات الاحتلال وإن الذى 
أطلق النار (قناص) أراد قتله» فقد أطلق عليه رصاصتين» أصابتاه فى القلب المفعم حبا 
لفلسيظية و با تانعافن عقيدة راسحة :وف كليظاته الأخورة.رفت شه ندا فن 
يودع والدته فقال لإخوانه ثلاث مرات : أحضروا لى والدتى لأراها ولا تهتموا. . أنا 

وأثناء الحديث تغمض والدة الشهيد عيونهاء وتغور فى أعماق عيونها دمعة وتقول : 
فى ذلك اليوم لبس أحسن ما لديه من ملابس» فأثار استغرابى وسألته: مالك يا خالد 
اليوم (لابس ومشخص) ؟ فابتسم ابتسامة عريضة وهو يغادر البيت قبل 
استشهاده» وكانت ابتسامة وكأنها تقول : هذه آخر مرة لى فى هذا البيت! . 
مسيرة الشهيد: 

نقل خالد إلى مستشفى الاتحاد وأخبروهم بأنه قد استشهد قبل وصوله إلى 
المستشفى » فقام الشبان باختطاف جثته ونقلوه إلى المخيم» فوجدوا أن المخيم قد امتلاً 
بجنود الاحتلال» وفرضوا منع التجول» وبالرغم من ذلك أصر الشباب على أن يزفوا 
العريس إلى مقره الأخير» فى مكان ينام فيه مستوى القامة مرفوع الهامة والجحبين . 

ويقول سكان المخيم : إن مسيرة الشهيد كانت عرسا حقيقيًا حيث الأناشيد 
الإسلامية والوطنية وزغاريد النسوة والتكبير» فالكل يعرف أن لخالد مكانة خاصة فى 
قلب كل فرد من أفراد المخيم . هذا الشاب المؤمن الذى أخلص لوطنه ودينه. 

ويقول العديد من الإخوة فى | لمخيم عن تلك | للحظات : (لقد تناثرت روائح العطر 
والزامتمية من جمد اله وكانك و ضعت ر خاجة فط غل عسل القهيك: ب 
وفرض جنود الا حتلال نظام منع التجول على المخيم لمدة شهر كامل» وقضى سكان 

3 


المخيم عيد الفطر تحت نظام منع التجول . وتقول والدة الشهيد: إن العديد من الناس 
يأتون للبيت ليحدثونا عن رؤى يرونها فى المنام . . معظم هذه الرؤى تؤكد رؤية الشهيد 
وهو يلبس لباسمًا أخضر أو يرونه وهو راكب على فرس وكأنه فى زفاف العرس!! . 

وعن أعظم اللحظات تأثيرا على القلب» فهى اللحظات التى وقفت فيها والدة 
الشهيد على جثمانه» وألقت كلمة أكدت فيها ضرورة مواصلة الطريق وزغردت لابنها 
الشهيد» حتى إن الضابط المسؤول صرخ عدة مرات مطالبًا بإخراج والدة الشهيد من 
المقبرة» وفى اليوم التالى وعندما توجهت إلى المقبرة واجهها أحد الجنود وقال لها بلغة 
عربية (مش كفاية زفيتو العريس؟) وإذا كان جنود الاحتلال لم يطيقوا أن يروا خالدا 
حياء فإنهم لم يطيقوا أن يروا صور الشهيد معلقة فى بيته تحيط بها الزهورء وقاموا 
بزيارة خاطفة للبيت لتمزيق صور الشهيد. وأصبح عرق صوو اليد هوايتهم 
المفضلة! ! 

وعندما سألت والدة الشهيد عن السبب الذى دعاها للتحلى بالصبر وعدم البكاء 
والعويل قالت : (لأننى لا أريد أن يغضب منى الشهيد» فالشهيد حى يرزق . . وهذه 
أمنيته التى طالما تمناها . . . ) وتضيف : (ولكن الذى يؤلمنى هو أن خالدا كان بمثابة رب 
العائلة حيث كان يقوم بالإنفاق على العائلة ا مكونة من ٤‏ أولاد و” بنات) . 

وتقول والدة الشهيد: إن جنود الاحتلال اعتدوا عليها بالضرب ثلاث مرات ونقلت 
الاي ظ 


را ولء al‏ 
2 


<۴ 


الشهيد (جمال محمد موسى عوده رأبو إسلام» 
AA/A/ ۱€‏ 


جمال يمثل ذلك الجيل الذى تجاوز عقدةالخوف» تھ 
وشب عن طوق الجزع من الاحتلال» يمثل الشباب المؤمن | ٠‏ 
فى عصر الانتفاضة الذى حول الليل نهاراء يقومون الليل | 
بمقارعة جنود الاحتلال» قلوبهم مع الله» فى ظل غياب 
خليفتهم. يجلسون فى ظلمات الليل» لعل الحديث 
النبوى ينطبق عليهم «عينان لا تمسهما النار» عين بكت من 
خشية الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله» وعيون 
جمال تنزف الدموع الغوالى فى الليل الحالك والناس نيام 
مع ثلة من الشباب الطاهر النقى يحيون الليل فى ذكر الله» وتركوا إحياء الليالى 
الساهرة والحمراء لأولئك الذين غرتهم القشور. أما جمال وإخوانه فينطبق عليهم قول 
الششافن: 
- مدليل الظلام جنحه فى البلاد واستطاب المقام واستراح العباد 





غيور» شهم» عنيدء لا تنام هذه العين التى لا تنام وهى تحرس المخيم خوقًا من 
اقتحامه» بينما الآخرون يتمتعون فى النوم على الفراش الوثير وجمال يتذكر أيام 
طفولته فى مخيم طولكرم» طفولته معذبة لأنه يرى أبناء شعبه يعانون ويقاسون» وهل 
هناك معاناة أصعب من بعدك عن الوطن؟» وطننا لا يقاس بالأرض والأمتار. وطننا 
رمزء وطننا يمثل كبرياء الأمة» ولن يعود هذا الكبرياء المجروح إلا بعودة هذا الوطن . 

شوارع المخيم الضيقة تذكرنا بالمأساة» كما ذكرّت جمالا بالمأساة التى يعيشها بنو 
شعبه» حيث الشتات والضياع والتمزق. حيث البؤس والشقاء والحرمان» وهل 
اصعب من أناتورى قوراط ا بو لدا وح له زراعة أرفبلة واراه و الك وات 
يسمح لك حتى بشم عبق زهورها! 

لح رم على بلابله الدوح حلال للطيرمن كل جنس ! 

3 


آليس صعبًا أن ترى أبناء الوطن يطردون فى المنافى» وهى جريمة أخطر من القتل 
بينما الأوغاد قادمون للاستيطان على أرض الآباء والأجداد؟ بيارات أبو حسين فى يافا 
أصبحت لمناحيم وشجرة الجميز التى زرعتها آم محمد فى الجورة أصبحت لمردخاى»› 
وزيتون الجليل استولى عليه عصابات القتلة والمخدرات القادمة من أزقة نيويورك! ! 
وأنت ابن الوطن لا يجوز لك أن تقترب حتى من الأطلال ‏ إن بقيت هناك أطلال». 
وإن أنشدت شعرا عن الأطلال فى حبهاء فهى جريمة لا تغتفر» فهذا تحريض» قد 
يكون الحكم بإبعادك عن السحر الذى أوحى إليك بهذه الخاطرة! ! 

هذه التخيلات عندما كان يتذكرها شهيدناء كما يتذكرها كل إنسان. كانت كفيلة 
بأن تملا قلبه حقدا على الاحتلال والمحتلين» سرنا فى أزقة المخيم كما سار جمال. وقد 
نكون خطونا خطوات مشابهة» وكان أمامنا منزل جد متواضع » وعندما دخلنا قال أحد 
الشباب : فى هذه الغرفة الصغيرة كنا نجلس الجلسات الإيمانية مع أبو إسلام» والغرفة 
مبنية من الطوب ومغطاة بألواح الزنك وداخل الغرفة صورة معلقة للشهيد» وهناك 
التقينا شقيق الشهيد الذى حدثنا عن حياة بطل من أبطال السواعد الرامية «(حماس»: 
ولد جمال عام ٠۹١١‏ وأنهى دراسة الأول الثانوى» وبعدها اشتغل فى القصارة 
والتحق يركب الدعوة الإسلامية» دعوة الإخوان المسلمين» وكان من الشباب العامل» 
المحب لدينه والمضحى فى سبيل الدعوة إليه» وكان قلبه معلقًا بالمساجدء لا يكاد يخرج 
فنها حص يعوة إليقناء وهناك جَمَعَنْهُ والشباب المسلم جلسات إيمانية وروحانية 
عظيمة» عرف خلالها الشباب مدى الإحساس المرهف والخلق الدمث الذى ب يتمتع بهما 
شهيدنا. وكا جنال لے اا د فكان يقول : «يا نيال من طلب الشهادة 
بصدق» ويطلب من الله أن لا يتعذب من الجراحات وكان دائمًا يقول: إن شاء الله تأتى 
الرصاصة هنا - ويشير إلى صدره - وأستشهد دون أن أتعذب. وبالفعل فقد أصيب 
برصاصة وسط الصدر واستشهد على الفور. 

ففى يوم ۸۸/۸/٠١‏ كان هناك تصعيد دعت له حركة المقاومة الإسلامية «(حماس» ‏ 
وكعادته صلَّى المغرب والعشاء فى المسجد وسلم على الشباب بحرارة» وكأنه يودعهم 
وفى ذلك اليوم زار أحد الإخوة الجرحى فى المستشفيات بنابلس» وقام فى مستشفى 
الاتحاد بتوزيع الحلوى والبسكويت على الشباب» وداعب إخوانه المجرحى» وأدخل 


۵ 


السرور إلى قلوبهم- ويقول أحد شباب المخيم : «كان رحمه الله شديدا فى مواجهة 
جنود الاحتلال» وليلة استشهاده استخدم الطبل وعلق عصبة خضراء على جبينه مكتوبا 
علا ل ال إلا الله مخمدرسرل الله وكعاذتة ا غار هو قحا انا وخطظر ا ودا 
يواجه جنود الاحتلال بمقلاعه» وكان يلبس قميصا رسمت عليه سفينة كتب عليها 
الهذه السفينة ندعو الأنام» ومكتوب عليها «مهرجان الفن الإسلامى» وقبل استشهاده 
صلَّى ركعتى الشهادة وطلب من الله الشهادة بقلب مخلص خاشع لله» واستخدم 
الجيش فى عملية اقتحام المخيم القنابل المضيئة» وبينما كان جمال كالأسد الهصور 
يربض على موقع استراتيجى» أطلق قناص النار عليه فاخترقت صدره وسالت بقعة دم 
صغيرة» غطت شراع السفينة المرسوم على القميص الذى كان يلبسه. . نعم إن سفينة 
الدعوة التى يدعو جمال الناس إلى الركوب بها وقودها الدماء والتضحيات والدموع. 
وشهيدنا ومنذ أن عاهد هذه الدعوة فقد عاهد أيضًا أن تكون دماؤه وقودا لسفينة 
الإيمان. 

أما وقت الاستشهاد فقد كان قبيل الفجر بقليل» بينما كان معظم الناس يغطون فى 
سبات عميق » كانت عيون الشهيد تنظر إلى الفجر القادم» فجر الشهادة الذى سيصنع 
فجر الانتصار. . وهكذا فقد صدق جمال الله فصدقه الله» ويقول أحد إخوانه : 
كانت تفوح من الشهيد رائحة عطر . 
من كرامات الشهيد: 

لقد مرت جنازة الشهيد(بفضل الله)على عدة حواجز عسكرية بين نابلس وطولكرم 
دون أن يمسها مشرك» ووضع فى المسجد ودفن فى شويكه» وفى اليوم التالى جرت 
مسيرة ضخمة طافت شوارع المخيم وهى تردد التكبيرات والشعارات الإسلامية. 
وجرى تصعيد مع قوات الاحتلال» كذلك جرت مسيرة فى قرية كفر ثلث وتم إلقاء 
كلمات باسم الشباب المسلم» أما عن ردود فعل العائلة فيقول شقيق الشهيد: «نحن 
عائلة تؤمن بالله واليوم الآخر» ويقول شقيقه للشباب الذين حوله : 

«الرجاء أننى لا أريد أن ييكى أحد» فأخى شهيد. . لا تبكوه» أما شقيقه خالد 
فيقول: «يا نيالك يا أخى إن شاء الله نبقى على العهد ونموت شهداء». أما أخته فتقول 

4 ظ 


اوها الا نكوا عليه قإئة إلى اة إن شاء الله ورل شنقيقه سيد ان قا الله ن 
أخى يجمعنا الله بك فى الجنة . .. أما والد الشهيد ووالدته فقد تغمدهما الله برحمته 
قبل استشهاد جمال بسنة» وعن هيئته يوم استشهاده يقول لنا شاب مسلم «كأنه نائم 
وعيونه كانت متفتحة وفمه مبتسم حتى إن شقيقه ابتسم معهء وكانت رائحة المسجد 
الذى وضع فيه رائحة مسك» ومن الأعمال التى كان يقوم بها توزيع التموين وإيصاله 
إلى الفقراء ويساعد فى مجالات الإسعافات الأولية . لقد كان جمال يرا فى أخلاقه 
وأعماله . . فإلى جنات الخلد بإذن الله . 





ياسرون النساء ولا حياء.. 


<¥ 


الشهيد /جمال إبراهيم مطر شقيرات 
۱4۸۸/4/۲1 


الشهيد «جمال شقيرات» ولد بتاريخ ۱۹٦٩/۱۲/۱۳‏ › 
وفى عام ۱۹۸۸ لبى نداء ربه» فأطلق صرخة الحق مدوية 
مجلجلة «الله أكبر ولله الحمد)» تنساب أمواجها من فم 
شهيدنا المقدام لتلتقى مع تكبير سيدنا عمر وأبى عبيدة 
وشرحبيل وخالد» ولتكون سنبلة حق تغرس فى جبال 
القدس ورباها لتنبت الأمل الباسم فى فجر ليل بهيم . 
حياة الشهيد: 

درس الشهيد المرحلة الابتدائية كباقى الطلبة فى قريته» ولكن قدر الله عز وجل أن 
يصاب الشهيد وهو فى الصف الثالث الابتدائى بمرض فى الجهاز العصبى» ولكن 
صموده وإيمانه الراسخ جعله يتحمل المرض ويصبر على الابتلاء» وينجح فى هذا 
الامتحان الصعب حتى شفاه الله عز وجل» ثم التحق بعد ذلك بالمرحلة الإعدادية. 
وكان الشهيد ‏ رحمه الله من الشباب الأذكياء حتى أكمل هذه المرحلة بنجاح وتفوق › 
بعد ذلك التحق الشهيد بالمرحلة الثانوية وفى هذه المرحلة تأثر الشهيد بالفكر الشيوعى» 
ولكن فطرته السليمة وعقله الراجح» وإيمانه الصادق جعله يمقت هذا الفكر المستورد 
الذى لا يغنى ولا يسمن من جوع › لأن الشهيد عرف أن هذا الفكر فقط من أجل إشاعة 
الفساد والفتن والفواحش بين شباب الإسلام» وهذا الفكر لا يمثل هوية الأمة ولا 
قيمها وحضارتها. وفى مرحلة التوجيهى ابتلى شهيدنا بشلل فى ركبتيه» فذهب 
للعلاج هنا وهناك» ولكن أصبحت حياته صعبة حيث أصبح قعيدا على العجلة 
«العربانة» يقوده إخوته» ولكن شهيدنا كان صاحب إرادة قوية وعزيمة ثابتة لا تحرف 
الخورء فأصر على أن يؤدى الامتحانات فى المدرسة الرشيدية الثانوية فى بيت المقدس » 
وقبل يوم واحد من الامتحانات للتوجيهى كانت رحمة الله تبارك وتعالى سابقة» 
فشفى الله شلله» ومشى على رجليه بدون عجلة» وبدون أن يقوده أحدء ونجح جمال 





۸ 


بتفوق» وبعدها التحق بإحدى الجامعات المتوسطة فى الأردن ليدرس الهندسة المعمارية 
فكان من المتفوقين فى الدراسة فعاد إلى وطنه الحبيب . . عاد إلى قريته لينضم إلى 
لاط فو ت ادس 
الشهيد فى ركب الأطهار: 

التحق «جمال» بركب الدعوة الإسلامية» وأصبح من الشباب المسلم ومن الدعاة 
النشيطين الذين لا يهداً لهم بال ولا يعرفون الكلل ولا الملل فأصبحت حياته فى 
المسجد. يحافظ على الصلوات الخمس»› يصوم الاثنين والخميس› ثم تولى نشاطات 
المساجد من تدريس للقرآن والعلوم الشرعية» فكان هادثًا طيبًا يحبه جميع الناس لأنه 
كان محبوبًا لدى الناس» كان فى قلب الشهيد حقد على أعداء الله . . يقود دائما 
المواجهات ضد اليهود. . وكان رحمه الله يبدى شجاعة فائقة فى مواجهة الاحتلال» 
فهو دائمًا متحفز للجهاد سيفي لا كلها نادف منادى الجهاد : حى على 
الجهاد. . حى على المواجهة»ء يخرج الأسد من عرينه ليكون من أوائل المتقدمين فى 
صفوف المؤمنين . 
حادثة استتهاده: 

فى يوم المواجهة مع الاحتلال الغاصب . : يوم ذكرى معركة خيبرء يوم 
7 . دعت حركة المقاومة الإسلامية «(حماس» إلى مواجهة مع 
الاحتلال» وإلى تحويل الذكرى إلى ملحمة حقيقية ضد اليهود. . خرجت الجموع 
المؤمنة وهى تردد «بسم الله الله أكبر . . بسم الله قد حانت خيبر» ومن بين الجموع ترى 
شابًا لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره ينطلق كالسهم لا يأبه أيقع هو على الموت أم 
يقع الموت عليه؟ ! وهو يضرب تارة» ويكبر تارة أخرى» وقبة الصخرة المشرفة ومأذن 
الأقصى المبارك» وأرواح الشهداء فى سماء القدس ترمق هذا الشاب بزهو وافتخارء 
إنه يعيد لنا صورة البطولة والفداء» صورة الجهاد والمجاهدين» صورة الشهادة والشهداء 
وهى التى افتقدتها القدس . . مسرى رسول الله اة منذ أمد بعيد. 

لقد كان الشهيد «جمال» مقدامًا شجاعًا لا يهاب الموت مقبلاً غير مدبر» وهو يعلم 
أن الحجر أعظم وآثقل من المدافع الخرساء» والدبابات الكسيحة والطائرات المقعدة التى 


8 


لانراها فى عالمنا العربى والإسلامى إلا فى المناسبات الملكية والرتاسية». فيلتقط الحجر 
تلو الحجر وقلبه ينشد : 


وها هو شهيدنا يصدح بالتكبير» وها هو يفتح فاه ليقول « الله أكبر ولله الحمد» فإذا 
برصاصة غادرة يطلقها قناص مجرم من مسافة قريبة تخترق فاه ورأسه ليسقط شهيدا 
فترتفع روحه إلى السماء لتحلق فى عليين» وتأوى إلى قناديل معلقة بعرش الرحمن. . 
لقد اهتز مسرى رسول الله يك وبيت المقدس كلها عندما سمعت بنباً استشهاد «جمال» 
المرابط فى أرض الأقصىء والذى طالما كتب بيديه الطاهرتين المتوضئتين شعارات 
الإسلام. . شعارات حماس . . ونداءات حماس . 

لقد كان الشهيد كالجبل الآشم لا تلين له قناة» فاعتقل عدة مرات من قبل قوات 
العدو» فكان صامدا مغروسا فى القدس كجبالها وأشجارها وأحجارها وقبتها 
ومسجدها. نقل الشهيد إلى مستشفى المقاصد الإسلامية» فأراد اليهود أن يأسروا 
جثمانه بعد أن عجزوا عن روحه» ولكن أهله وإخوانه أخذوا جثمانه الطاهر إلى قريته 
«جبل المكبر» وزف الشهيد إلى دار الآخرة» وأحاطت جموع المؤمنين بنعشه مودعة 
هاتفة ملء حناجرها للشهيد وللشهداء . . لقد خرجت القرية بأطفالها ونسائها 
وشيوخها ورجالها وهم يرددون الهتافات الإسلامية» ثم أخذت جموع الوافدين تسلم 
على والد الشهيد وهم لا يدرون أهم يعزون أم يهنئون؟! إنهم جاءوا للتهنئة لأن الشهيد 
حى لا يموت « أَحيَاء عند رهم يررَقُون ) [آل عمران: 119]. 

ويحدثنا أحد الإخوة ممن عاشوا مع الشهيد عن قصة استشهاده فقال: لقد كان 
جمال فى هذا اليوم ينتقل من شارع إلى شارع» ومن جبل إلى جبل يواجه الأعداءء لا 
يستكين ولا يضعف» ولا يعرف الهدوء. . حتى استجاب الله له وتحققت أمنيته وهى 
«الشهادة فى سبيل الله» فاتخذه الله شهيدا عنده» وكان رحمه الله يحب قراءة 
تر ا الو ددهي في نر 
(1) يستحب للمؤمن أن يقرأ هاتين السورتين عند اللقاء» وذلك لما فيهما من حض وتحريض على الجهاد فى 

سبيل الله وعدم التكوص أمام أعداء الله تبارك وتعالى . 


۵۰ 


ومن كرامات الشهيد : 
أن دماءه الزكية التى سالت من جسده الطاهر ظلت كما هى لم تجف وكانت رائحتها 
عطرة زكية تعبق فى أرجاء المكان الذى استشهد فيه . 
وفى الختام ماذا نقول فى وداعك أيها الشهيد» وهل نوفيك حقك بهذه الكلمات؟ ! 
نذرفها على جسدك ونحن نقول : إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا 





يضربون ولا حرمة لكبير ولا لصغير.. 


0١ 


الشهيد / محمد زين الكركى 

*°/۱34۸/4 
تدل على مدى تعطش شباب فلسطين للشهادة فى سبيل 

مدوية «لا شرقية ولا غربية . :. انتعاضتنا إسلامية) . 
الشهيد من مواليد »١474‏ نشا وترعرع كبقية الشباب 
لكالا اليو 
ار ااه فالتزم 0 اتلد لباب المسلمين الذين يعرف معت 
التتضحية والفداء» وفى يوم ١988/4/7١‏ كانت الخليل تشهد حدتًا فريد] من نوعه 
حيث يقوم اليهودى الحاخام «موشيه ليفنغر» أحد زعماء («غوش إيمونيم70١2‏ بالهجوم . 
على سوق الخليل هو وأزلامه من المستوطنين» يطلقون النار فى كل اتجاه يرعبون النساء 
والأطفال والرجال. ا فل اناغ کان آل التجار المسلفية (كايد صلاح» يقف 
أمام متجره» فاقترب منه الحاخام المجرم. وأطلق الرصاص من مسدسه على رأسه فوقع 
على الأرض ليختلط دمه بتراب الخليل الصابرة وعندما سمع الشباب المؤمنون 
بالحادثة الأثيمة غلت الدماء فى عروقهم فصلوا الجمعة ثم خرجوا إلى الشوارع 
فأغلقوها بالحواجزء وبدأوا مواجهة عنيفة مع قوات اليهود. وكنان لكهين كا !حونلا 
شرف المشاركة فى المواجهة» وله دور كبير بارز فى ذلك . وبعد لحظات أصيب الشهيد 
)١(‏ غوش إيمونيم : حركة دينية يهودية أنشئت فى ١91/4 /7 /١‏ وهى جزء من الحزب الدينى الوطنى «المفدال 
» ثم انشقت عنه. وهى تنظر إلى الصراع على أنه صراع دينى وأن أرض الميعاد « فلسطين »هى منحة إلهية 
لليهود. ولا يجوز التفريط بشبر واحد من أرض إسرائيل الكبرى. ويقود هذه الحركة عدد من الحاخاميين 


وعلى رأسهم موشيه ليفنغر وكهانا. انظر: مسعود إغباريه / حركة غوش إيمونيم بين النظرية والتطبيق» 
نشر جمعية الدراسات العربية / .١94865‏ ص 71-7١‏ . 








0۲ 


برصاصة غادرة فى ساقه فتمكن الجيش من مطاردته» وجرح الشهيد ينزف» وهو يأبى 
أن يمسك به هؤلاء المجرمون» وبعد فترة من المطاردة لم يستطع شهيدنا السير نظرا 
الم 0 
الحجار تنطلق من يديه المتوضئتين ين المؤمنتين» فأصاب جنديا بحجر فآلمه ذلك فما كان 
منه إلا أن أفرغ رشاشه فى صدر الشهيد ليلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يرفع رأسه إلى 
السماء يستنزل النصر ويستحثه على هؤلاء الحاقدين» لم يكتف هؤلاء النازيون بقتله بل 
قاموا بوضع الشهيد على مقدمة الدورية» وجابوا به شوارع المدينة ودماؤه الطاهرة 
تنزف دون أن يقدمواله أى مساعدة» لقد فقد هؤلاء كل معانى الإنسانية وقيمهاء 
ولكن ماذا يفعلون بجسده ؟ فلسان حاله يقول: «إن قتلى شهادة وإن سجنى عبادة وإن 
نفيى سياحة» إنها حضارة القرن العشرين» وديمقراطية القرن العشرين حيث يتغنود 
بحقوق الإنسان» وقد ارتكبت قوات نهم المجرمة مالم تسمع به البشرية من قبل ولا من 
بعد . 

لقد حجر هؤلاء النازيون جثة الث لشهيد مدة يومين › كما يفعلون با لشهداء الدين 
يتسنى لهم اختطاف جثامينهم » وبعدها منمحوالمن تجاوز الأربعين من عمره من ذويه 
بأخذ جثته على أن يتم دفنها فى منتصف الليل» وعند الوقت المحدد كان أكثر من مئة 
جندى يحاصرون المقبرة لمنع أى غضب شعبى» وبعد فحص الحثة وجد أ هله أن تسع 
رصاصات كانت قد اخترقت جسده الغض» وقد تألم أهله عليه. . ولكننا نعتقد أن 
محمد لم يتألم حتى ولو مزقوا جسده برصاصهم الغادر» فالشهيد لا يجد من ألم القتل 
إلا كمايجد أحدنا من ألم القرصة وا 
بين خلقه ليرفعهم إلى عليين مع عباده المؤمنين الصا حين . 





)١(‏ الحديث رواه أبو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله 35 : قال: « ما يحد الشهيد من القتل إلا كما يحد 
أحدكم من القرصة» انظر: ابن ماجه : السنن.(977//7) وأخرجه الترمذى بلفظ «ما يجد الشهيد من 
مس القتل إلا كما يجد أحدكم من القرصة» وقال حديث حسن غريب صحيح» وعند النسائى : «الشهيد 
لا يجد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم القرصة يقرصها » انظر الترمذىء السنن(7/ 221١9‏ 
الات ال | 
0۲ 


كرامة الشهيد: 

لقد حَدث العدول الثقات ممن حضروا عملية الدفن أنه عندما بدأت لحظة الوداع 
للشهيد اقتربت والدته من النعش لتلقى نظرة أخيرة على فلذة كبدهاء فكانت المفاجأة 
أن الشهيد يفتح عينيه لينظر إلى أمه وكان وجهه مضيئًا بنور الشهادة» وعندما انتهى 
الوداع اعلق عيتية» فليين رجا أن ييغدرة ذلك ...فد قائ النافى وراو هدت 
أمر/ الخليل يمد يده ليصافح والده ساعة وداعه» فلا عجب» إنها كرامات الشهداء وما 
ادخره الله للشهداء من نعيم وحياة هنيئة فى الآخرة أعظم وأبقى . 

رحمك الله - يا شهيدنا ‏ ورحم الله شهداءنا جميعا . . وإنا إن شاء الله على دربهم 
سائرون» وعلى الذى استشهدوا عليه ماضون . 

فإما إلى النصر فوقالأنام 2 وإما إلى الله فىالخالدين 





يصلون فى العراء بعد أن حرمهم اليهود دخول الأقصى 


0 


الشهيد /كايد حسن عبد العرير 
1/4/1 

مولده ونشاته: 
عاش شهيدنا فى الخليل, الت امتزج هواؤها بدمه»› e‏ 
الابتدائى لينتقل بعدها إلى العمل فى مصنع للأحذية» 
وشاهد بعينيه إخوانه وهم يجبّرون على ترك وطنهم الذى أ 
اوهد . وشاهد فوق كل ذلك مجنزرات الاحتلال وهى ر 
تدوس بقية من الكرامة وعيونه رغم ذلك لا يفارقها | 
الأمل» فالإنسان المؤمن لا ييأس ولا يقنط من رحمة | 
الله. . فكايد تربى فى المساجد وتعلم أبجديات هذا 
الإيمان فى جامع الأنصار أو الإبراهيمى الذى كان يؤمه للصلاة وقراءة القرآن أو 
حضور جلسة علم . ولم يكن يخفى نظرات الاحتقار للذين كانوا يحاولون إرهاب 
شعبه . . فشعبه قرر أن يحذف عبارات الخوف من قاموسه السياسى! ! وتزوج شهيدنا 





وأنجب ثلاثة أولاد وسبع بنات . 

كل هؤلاء لا يستطيعون أن ينسوا لحظة من اللحظات المؤلمة التى عاشوها بتاريخ 
988/4 م وصوت التّعى لا يزال يتردد فى آذان آطفاله» وكلمات الرحيل يرجع 
صداها وكأن الحادث قد حدث لتوه. . 

رحل المحب. . . رحل الطير الذى كان يظلهم بأجنحة المحبة» ورحل القلب الكبير 
الذى كان يمنحهم العطف والمودة» وغاب الفم المبتسم الذى ترقرق على شفتيه كلمات 
الحنان التى لا تخرج إلا من القلب. وقع الخبر على أبنائه وقع الصاعقة ولم يصدقوا 
أنهم سيودعون أبا مروان بهذه السرعة. ولم تستطع حتى الدموع أن تتناثر فحبست فى 
الNآقى‏ وظلت وفاء (سنتان) شاخصة لا تدرى ما ستقول ولم تصرخ بسوى كلمة (بابا بابا 
بابا) فهذا آخر شىء قالته على مسامع الناس . . بعدها عاشت فى لحظات لا تشعر فيها 


0 


ما يدور حولها ! كان أبناء الشهيد يرفرفون بأجنحتهم» كما ترفرف الفراخ الصغيرة 
حول الآم. . الحظات يقول لنا ابن الشهيد (لا أستطيع أن أصفها بأى كلام !!) حتى إنه 
لم يكن يعد نفسه لسؤال مثل هذا السؤال» فهذه اللحظات غير قابلة للتسجيل لأنها 
كتبت بأحرف من دموع ودماء . 
حادثة اللاستشهاد : 

فى ١988/5/9١‏ يقول ابن الشهيد الذى كان شاهد عيان على ما حدث : (تعرض 

اليفنغر» للرشق بالحجارة قرب سوق الأندلس فهرب هذا المستوطن المأفون واختباً 

عند جنود الاحتلال الذين كانوا يقفون فى نقطة عسكرية» وتقع النقطة فى منطقة قريبة 
من معرض الأحذية الذى يديره كايد (الشهيد).» وبدأ هذا المستوطن بإطلاق النار 
بصورة عشوائية من مسدس كان فى يديه» وحاول كايد أن يستطلع الأمر فأصيب 
برصاصة » وشاهدته وهو يخر على الأرض والدماء تنزف من جهة قلبهء لم يقل كايد 
شيئًا» غير أن أحد الشبان وكان فى منطقة الحادث يقول لنا: إنه سمع الشهيد وهو ينطق 
بالشهادة ثلاث مرات . 

وقال كلمة وهو يرسم معها ابتسامته الجميلة (الإصابة لاتؤلنى . ما تقلقوش على) 
وينقل كايد إلى المقاصد الإسلامية فى القدس» وأثناء وجوده فى غرفة الأشعة يسلم 
الروح لترتفع إلى السماء. . . كما رافقه فى رحلة الروح هذه الشهيد زين الكركى! ! 
أخبر الناس عائلة الشهيد بأنه أصيب بجراح ونقل إلى المستشفى» فأسرع أهله إلى هناك 
ليسمعوا خبر استشهاده» وتنم عملية اختطاف الحثة خحوقًا من قيام جنود الاحتلال بنقلها 
إلى التشريح . 
جنازة الشهيد: 

وجرت مسيرة عظيمة كانت أكبر مسيرة جرت فى الخليل خلال الانتفاضة» وعندما 
خرجت الجنازة من مسجد الأنصار حيث صلَّى على الشهيد. كانت أصوات (الله أكبر) 
والشعارات الإسلامية تهز جبال الخليل» وكانت الأعلام الفلسطينية المزينة ب: لا إله إلا 
الله ترفرف حول جثمان الشهيد» وهناتم تطويق المسجد والجنازة» واستخدم الجنود 
الرصاص والقنابل المسيلة للدموع وجرح عدد كثير من الشباب» وسيطر الجبناء على 


0 


جثة الشهيد ونقلوه إلى (أبو كبير) للتشريح › ومكث عند سلطات الاحتلال أربعة أيام» 
ردود أفعال حول استشهاد الشهيد: 

توجهت بعد ذلك بالسؤال إلى أبناء الشهيد وإخوانه عن رد فعلهم بعد سماعهم خبر 
الحكم بسجن ليفنغر ولمدة خمسة شهور فقط !!. وضحك الجميع ضحكة سخرية 
واستهزاء» وقال أحدهم: حكموا عليه بالسجن لمدة حمسة شهور وأنا متأكد أنه لن 
يمكث خمس دقائق فى السجن لأن الحكومة هى التى تريد لليفنغر أن يفعل هذه 
الأفاعيل» فيوم الحادث وبعد أن قتل كايد] بمسدسه. قاموا بمصادرة مسدسه وأعطوه . 
بدلا مه بندقية رشاشة من طراز عوزى!! وقال آخر (هذا لا يعتيناء لأننالم نرفع 
شكوانا لأحد غير الله» ونحن ليس لنا أى ثقة بالحكم على الإسرائيلى حيث يتم تطبيق 
القوانين حسب أهواء رجال الاحتلال» فيوم الحادث منعوا التجول على الخليل وفى 
هذه الأثناء قام ليفنغر وزعرانه بعمل حفلة غنائية تحت حماية الجيش)! . 
من كرامات الشهيد : 

أما عن هيئة الشهيد يوم استشهاده فيقول ابن أخيه : (كان كأنه نائم والنور يشع من 
جبينه ورائحة العطر تنتشر فى البيت من.دمائه الزكية) . رحل كايد بجسده وبقيت روحه 
ترفرف فى الآفاق والذاكرة. . العائلة تراه دائما فى المنام فى صورة جميلة يوزع الحلوى 
على اجات 

فنم يا شهيدنا قرير العين. . وأما قاتلوك فسيظلون فى جبنهم وخورهم حتى يقضى 
الله أمرا كان مفعو لاً! ! 





0۷ 


الشهيد / لؤى فخرى البرغوتثى 
۱4/4/۲۱ 


شهيدنا هذا من رام الله» ففى قرية دير غسانةء ولد ا 
الشهيد لؤى فى عام ١978‏ أى أنه كما يقولون من جيل 72١‏ 
النكبة أو إن لم تستح فقل جيل الهزيمة» ولكن الهزيمة 
هزيمة للأنظمة التى تحولت إلى نصر فى قلوب الشباب» 
فقد استطاعوا بحجارتهم أن يكسروا حاجز الخوف 
وأصبحت أصوات الحجارة تعلو أزيز الرصاص› الحجارة 
أصبحت أقوى من الصواريخ التى علاها الصدأ فى 
عواصم العرب ! 

تلقى الشهيد علومه فى مدرسة بنى زيد الثانوية فى دير غسانة» وبعد أن ترك المدرسة 
تفرغ لتربية الحيوانات ثم انتقل للعمل فى مصنع للأدوية فى مدينة رام الله» دخل 
الإيمان قلب الشهيد» وهكذا نحسبه ولا نزكى على الله أحداء مبكرا وهو فى عمر 
الوردء وتعلق قلبه بالمسجد فكان دائم التردد عليه وكان من نشطاء المسجد» وكان 
رحمه الله محبا لإخوانه ويشاركهم جميعًا أعمالهم من صيام وقيام» وأعمال تطوعية 
لخدمة المجتمع الذى يعيش فيه» كان هادئ الطبع» لم يتشاجر مع أحد» يأخذ الأمور 
ببساطة» دائم الابتسامة» ويحدثنا الشباب من بلدة دير غسانة الذين كان لهم شرف 





مصاحبته عنه وعن حديثه عن الشهادة فيقولون: «كانت أسمى أمانيه» وكان دائم 
الطلب من ربه فى الصلوات وفى معظم أوقاته أن يرزقه إياها وكان يطلب من الله أن 
كون أل دی ارون ی واو کان ل دلت و کان يحي كنب قزادة فت 
الشهداء. والاستماع إلى الحديث عن الجنة وما فيها من نعيم مقيم). 
خصة استشهاده: 

وعن قصة استشهاده يقول زملاؤه: كان لؤى يتمنى الشهادة والشهادة لا تأتى 
بالتمنى فقط فلابد من العمل لذلك» كان يشاركنا دائمًا بالتصدى لمحاولات اقتحام 


084 


القرية من قبل جنود الاحتلال» وفى ليلة الحادى والثلاثين من شهر آب (أغسطس) 
اجتمع مع نخبة من إخوانه. بعد أن صلوا العشاءء وتعاهد مع إخوانه هؤلاء أن من 
اميك وفى صباح يوم الأربعاء 0١‏ تقدمت مجموعة من الحيش لاقتحام 
القرية› يقول أحد سكان القرية والذى شاهد عملية الاقتحام : « إن أول من وصل إلى 
وسط البلدة الساحة لؤى رحمه الله وكان عند صلاة الفجر فى المسجد» وبعد أن تأكد 
من دخول الجيش إلى مشارف القرية ذهب ليوقظ إخوانه» وبعد ذلك بدأ الاشتباك 
الذى أسفر عن جرح اثنين من إخوانه» فقام الشهيد لؤى بنقل أحدهما إلى مكان بعيد 
عن الاشتباك» ثم ذهب مسرعا إلى بيته وغير ملابسه الملطخة بالدماء» وعندما رأته أمه 
حاولت منعه من الخروج ثانية لكنه أصرً على الخروج» وبعد أن ارتدى بنطلونه وقميصه 
وخلع دشداشته الملطخة بالدماء قالت له والدته : الدور عليك . فقال لها: إذا صار لى 
أ اقرغ | وى تكن أو ا ھری: وعاد مرة ثانية إلى ساحة الاشتباك وهو يقذف 
الحجارة مقبلاً غير مدبر ويصيح بأعلى صوته» الله أكبر. . الله أكبر ولله الحمدء 
واشتدت المواجهة بين الشباب والجيش» الشباب يقذفون الحجارة وصيحات الله أكبر 
تملأ السماءء والأرض تهتز من تحت أرجل المحتلين الذين بدأوا بإطلاق الرصاص 
وبغزارة» ولم يقطع صيحات الله أكبر المتواصلة إلا صيحة أشهد أن لا إله إلا الله 
و اغ أن كيدا ومول الله . فنظر الجميع إلى مصدر الصوت فإذا بلؤى قد أصيب 
ات اذه ا نلف واو . وأثناء ذلك حضرت والدة الشهيد فطمأن أمه 
قائلاً: «لا تخافى يا أمى أنا بخير والحمد لله » وبعدها بدقائق فاضت روحه الطاهرة إلى 
السماء لتعانق أرواح الشهداء الذين سبقوه. وتم نقل الشهيد فى سيارة نحو المسجد 
الذى أحبه لؤى وأمضى أغلب وقته فيه مصليا . 
مسيرة الشهيد: 

ما سمهت الا ى اهاد لىع عض رجت كلها الهاو تاها 
وأطفالها فى مسيرة لم يسبق لها مثيل فى دير غسانة» وجابوا شوارع القرية» وأحس 
الناس أنهم فى عرس لا فى جنازة» واحتشد الآلاف على المقبرة ليهتفوا بصوت واحد 
«الله غايتنا والرسول قدوتنا والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا» . . وهو الهتاف الذى 


08 


طالما هتف به الشهيد لؤى مع إخوانه معلنين ولاءهم لله وللرسول وللمؤمنين. ا 
عرس الشهيد بالتكبير حيث طافت المسيرة شوارع القرية» وأثناء ذلك حلقت ثلاثة 
طيور من الحمام الأبيض فوق آلاف المشيعين ولم تكن هذه الإشارة الغريبة الوحيدة» 
فأحداث ذلك اليوم كلها غريبة كا معجزة. فبعد صلاة العصر سار الشبان لتلاوة الفاتحة 
على روح الشهيد ثم حملوا الفرشة التى كان جثمانه مسجى عليها منذ إصابته حتى 
دفنه . . وفوجئ الجميع بأن دمه كان سائلاً غير متجمد رغم مرور حوالى ثلاث ساعات 
ونصف الساعة والفرشة تحت الشمس على المقبرة بعد دفنه» إنها علامة أخرى من 
علامات الشهادة» ويروى زملاء الشهيد لؤى فى مصنع الأدوية بعد سماعهم تبأ 
استشهاده أنه قام بوداعهم قبل ثلاثة أيام وقال لهم : إن الشهادة اقتربت . 

ورحل لؤى عن العيون ليسكن القلوب» رحل عن الدنيا ليعيش فى جنات الخلود إن 
شاء الله تاركا ثوب ال حياة البالى» ليرتدى أفخر الثياب هناك : 

ال ال يفل تبروا ف 

وت لبببتلبببا ي ا 

وا ار وب اة ل ا 


ويتحدث أحد إخوانه عنه وعن الشهادة فيقول : فى كل ليلة كنت أروى له قصة أحد 
الشهداء الذين أجمع قصص استشهادهم» وكان يستمع إلى وهو يشعر بالارتياح وأحيانً 
بالفرح . . وكان يردد بعد كل قصة «نيالهم إن شاء الله الشهادة تكون من نصيبنا» . 

وعن نشاط لؤى فى الانتفاضة يقول أحد أقربائه : «فى إحدى المرات كان جيش 
الاحتلال يحاول اقتحام بيت ريماء بحثت عن لؤى فلم أجده» فقال لى أحد الشبان 
بأنه توجه إلى بيت ريما عبر الوادى» وبعد انتهاء الاشتباك الذى استمر ساعتين دون أن 
يتمكن الجنود من دخول القرية وصلت بيت ريما لأجد لؤى أمامى مع شباب بيت ريما 
ودير غسانة وهم يحتفلون بدحر الجنود . . فقد سار لؤى مسافة ثلاثة كيلو مترات عبر 
الجبال لينال شرف المشاركة فى مواجهة جنود الاحتلال». 

وقبل استشهاده بفترة قال لأحد إخوانه : «نحن نصلى لله ونقاتل فى سبيله) . 

و1 


الشهيد / سمير محمود أمين بهلول 
۱۹44/1۰/۷ 
القصبة ‏ نابلس فى ١41١م.‏ 
تخرج من معهد «البوليتكنك» فى الخليل . 
ثم التحق بالمدرسة المحمدية لكى ينجو من ضنك ا حياة 
الفانية وذلك عام 19417م» التحق بالدعوة التى شاء الله | 
لها أن يجددها الإمام الشهيد حسن البنا بروحه ودمه. ٠|‏ 


اعتقل للحد من نشاطه فى «البوليتكنك)» . 





متزوج وله طفل صغير عمره خمسة أشهر اسمه «أمين» . 

الصديق الوفى والدائم للقرآن الكريم . 

العمل : موظف فى بلدة نابلس . 

تاريخ الاستشهاد : ۷/ 7/1١‏ 198/8م. 
وعن خفصة استتهاد د: 

يحكى لنا أحد إخوته فيقول: فى ذلك اليوم» وعندما كان المؤذن يؤذن للفجر› 
أيقظنا من النوم» ودعانا للوضوء . . وخرج إلى المسجد وصلى الفجر» ومكث حتى 
الساعة السادسة يقرأ القرآن» وسلم على جميع المصلين من إخوانه. وكأنه يودعهم. 
الشباب وحدث تصعيد. . وأثناء ذلك قام الجيش بمحاصرة مجموعة من الشباب 
الصغار وكان سمير معهم. فخاف على الصغار وأخذ بإخلائهم من المكان. وعندما 
اشتدت المواجهة. اقتحم الجنود عدة بيوت لتفتيشها ولكن من الذى يقف أمامهم؟ من 


1١ 


الذى سيمنعهم؟ فالجواب سهل جدا. . إنه صاحب الإيمان وصاحب القرآن» ومردد 
الله أكبر» فحاول البعض منعه لأنه يعرض نفسه لخطر كبير» ولكن أبت نفسه إلا الثبات 
أمامهم منتقمًا لدعوة الله ولبيت الله الذى اقتحم فى الليلة الماضية» وكأنه يريد أن يكفر 
عن نفسه» لأنها تأخرت فى الدفاع عن حرمات الله حتى اليوم الثانى» فحملته رجلاه 
إلى مكان مرتفع . . ولكن مشيئة الله غلبته واخترقت إحدى الرصاصات صدره» وكأنه 
يريد أن يصعد إلى الرصاصة» فيجابهها بصدره» فوقع ساجدا على الأرض» كيف لا 
وكانت أيامه كلها يغمرها السجود لله تعالى» فكان آخر العهد له أن سجد لله الواحد 
القهار وكأنه يفتح ذراعيه ويبسط كفيه لمصافحة أحد. . ومن يدرى . . لعله ساعتئذ كان 
يصافح روح إخوانه من قبله» أجل إنه دعى إلى رحلة الأبد» فلبى النداء فى شوق 
عظيم . وإلى إخوانه الذين سبقوه بالحسنى» ذهبت روحه تسعى كالطيور والبشير 
يدعوها من الرفيق الأعلى : يا أيتها النفس المطمئئّة 79) ارجعي إلى ربك راضية مرضية 
72 فادخلي في عبادي © وادخلي جتتي 4 [الفجر :۲۷ - ]"١0‏ . 

وعن انطباعات أخيه عندما شاهده وهو شهيد يقول « كان جسده کالحریر ويبتسم 
حى لعبدو نو اعدو من الاخسامة الكبيرة» كيف لأ وقدآنال الماد أن لكل 
الشباب الصا حين أن ينالوا الشهادة» وكيف كان موقف آهل نابلس؟ يجيب وقد بدت 
ملامح الارتياح على وجهه: أثبت أهل نابلس وكأنهم عائلة واحدة» الكل وقف وقفة 
رجولة وشهامة حتى أنسونا الملصاب» لأننا شعرنا بآن سمير هو ابن للكل . . لكثرة حب 
الناسن له. وعن أكثر ما آلمةد أئ سمير فى حياتة ١‏ : يحيبنا ابن عمه : القرآن الذى.مزقه 
الجنود فى مسجد صلاح الدين عندما اقتحموه. . هذا الفعلة أثارته كثيرا. . وأما ما أثار 
أهله هو فيقول: « اجنود الذين قاموا بضرب سمير وهو مستشهد» وكذلك رفض 
الجيش أن يقوم بدفنه إلا ٠١‏ شخصا فقط » وأثناء دفنه كانت نابلس كلها تكبر. 2١‏ . 
وعن حياته يقول أهله: 

كان يدعو الشباب للالتنزام بهذا الدين» كان المسجد حياته . . من البيت إلى 
المسجد. . كان باختصار داعية إلى الله . وهل حدثت حادثة غريبة فى استشهاده؟ 
#نعم. . أول قبر حفر لسمير» تم دفن زميله وأخيه «النجار» فيه والذى غضب لخبر 
استشهاد سمير» حيث كان جثمانه محجوزا من قبل السلطات» ثم حفر له قبر آخر 

1 


فدفن فيه «المشداوى» وهو من أكثر الإخوان قربا لسمير» وكذلك فإن سمير قام فى 
الساعة السابعة والنصف بإيصال عائلة الشهيد «عدنان الحنفة» بسيارته وقام بمواساة 
أهله . . وبعدها بقليل استشهد» هذا ما قاله أهل عدنان الجنفة وأصدقاء سمير . 00 

بعد أن خرجنا من البيت كان قد كتب أمام بيته «رحمك الله يا سمير. . نلت 
الشهادة» . 

فسلام عليك يا شهيد الحق والقوة والحرية. يا من تعاهدت مع أحد إخوانك قبل أيام 
من استشهادك أن الذى يستشهد أولاً يشفع للآخر» سر إلى ربك فإنا ‏ بإذن الله خلفك 
سائرون؛ إلى جنة عرضها السموات والأرض. . إلى رحلة مجيدة. . خالدون . 





الشهيد /زياد على حسن ثابت 
لا /ر١ ١‏ بار ١‏ 

نشاته: 

ولد زياد على حسن فى قضاء بئر السبع » حيث رحلت 
عائلته فى سنة 18 إلى هذا المكان. وحصل على الأول 
الشانوى بمجموع ۲۱۷ من ٠۲٤١‏ كانت رغبته فى 
الالتحاق بالجامعة الإسلامية بغزة. 
أخلاقه: < 

برعم صغر سن الشهيد )١1(‏ فقد اقتنى العديد من 
الكتب الإسلامية والثقافية والأشرطة الإسلامية» ويقول 
ذا اعد الاب کان ار الات ا ا ادات 
وكان شديد الحرص على أداء الصلوات جماعة فى المسجد» وكان يؤدى صلاة الفجر 
فى المسجد» ولم يكن نشاطه الإسلامى يقف عائقا أمام دراسته» فكان من أنشط طلاب 
المدرسةء كما كان يلتزم بجلسات العلم فى المسجد وتحمل مسؤولية نشاط الطلاب 
الصغار فى المسجد» وكان رحمه الله بمثابة الداعية المخلص الواعى لمستلز مات المرحلةء 
فكان يذهب إلى دكان زوج أخته ليساعده فى البيع. فيستغل تجمع الشباب ليدعوهم إلى 
الله والالتزام بأهداب الدين وبالصلاة جماعة. وكان يكرم إخوانه بالرغم من عدم 
وجود المصدر المالى الكافى لديه. وعرف عنه أنه كان قارثًا نهمّاء فكان الكتاب لا 
يستغرق عنده أكثر من يومين» وأبدى رغبة كبيرة فى اقتناء مكتبة إسلامية فى بيتهء 
ويعتبر المسجد الشمالى مركز النشاط لزياد. وأحبه سكان المخيم لأخلاقه الرفيعة. 
وبالرغم من المهام المتعددة التى كان يقوم بها فقد تحمل عبء تنظيم المواجهات التى تجرى 
فى المخيم مع العدوء فما من مظاهرة جرت فى المخيم إلا وكان على رأسها. وكان يقود 
مجموعات السواعد الرامية التى حملت مهمة ضرب سيارات جنود الاحتلال. ومن 
الناحية السياسية كان زياد متفتحا إلى درجة كبيرة» فكان يتعامل مع كافة التوجهات 
السياسية المختلفة» ويدعو الجميع إلى الوقوف صما واحدًا فى مواجهة الاحتلال» وكان 
دائم البسمة للجميع . . ولهذا ترك استشهاده آثارا كبيرة فى قلوب الجميع . 


1٤ 





حديته عن الشهادة: 

يقول شقيقه : إن زيادا جاءه يوم الخميس وقال له ( أريد أن أستشهد ) وهذه الكلمة 
رددها باستمرار قبل استشهاده بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع ويوم استشهاده قال: (أريد أن 
أغتسل وأستشهد) وكان هذا قبيل صلاة العصر من ذلك اليوم» وبالفعل فقد اغتسل 
وذهب لزيارة إخوته» ويحدثنا أحد الشباب المسلم عن قصة حدثت بينهما فيقول : 
(جاء زياد إلى وأمسك بی من ظهرى وقال لی : ما هى كرامات الشهيد؟ فقلت له: أن 
يشفع لسبعين من قومه ويزوج من ا حور العين فقال: آنا أطلب من الله أن يبعدنى عن 
النار ويدخلنى الجنة» فتعاهدت معه على أن الذى يستشهد قبل الآخر يشفع له» فرد 
قائلاً: أنا أشفع لك إن شاء الله). . . ويقول آخر: التقيته ووجدته حزيناء» فسألته عن 
سبب ذلك فقال: الجيش لم يأت إلى المخيم منذ أسبوعين» NS,‏ 
طلب منها أن تغسل له بدلة الرياضة وعندما سألته عن السبب فى الحاجة إلى غسل بدلة 
الرياضة قال: (أريد أن أستشهد بها)؛ ويوم استشهاده اغتسل مع أنه كان قد اغتسل 
قبلها بيوم» وعندما سئل عن سبب ذلك قال: (هذه للشهادة لألقى بها وجه الله) . 
وكان عليه دين لأحد الشباب فقام بتسديده قبل يوم من استشهاده . 
حادتة اللاستتهاد : 


كان ذلك يوم الخميس ۲۷/ 288/٠١‏ حيث كان مخيم النصيرات يخضع لنظام منع 
التجول» فذهب لأداء صلاة العصر فى المسجد مخترقًا نظام منع التجول» وخرج من 
المكدرحي ب عدوي الحا وفجأة حضرت دورية لحنود الاحتلال» فتفرق معظم 
الشباب. إلا زيادا»ء وطلب منه أحد إخوانه ان يخلى المكان إلا أنه رفض ٠»‏ وبدا يلقى 
الحجارة على جنود الاحتلال» حضر الجيش فصرخ بأعلى صوته تعالوا لنستشهد يا شباب 
وبدت الفرحة عليه. . بعدها قام أحد الجنود بإطلاق النار على زياد فأصيب برصاصتين» 
إحداهم فى القلب والأخرى فى الرئة» وكانت إصابته من مسافة قريبة» وتم نقله إلى 
الستشفى فى غزة» وخلال تلك الفترة كان ينزف قلبه الذى أحب فلسطين دما . . ورفرفت 
حى الشيخ رضوان بغزة» وخر جت مم ةة ودغت الد رذدت كتاذلها التتعار اث 
الإسلامية» وهتفت الحناجر بالله أكبر معاهدة دماء الشهيد على الثأر من رؤوس المجرمين . 

10 


الشهيدة /عصمت جميل محمود 
۱۹4۸/۱1/۷ 


فى قرية سالم. . وقع حادث لم تعهده البشرية على 


بشاعته 4 نجاوز فيه الحلاوزة 4 والحلادرن کل القيم 1 


والمواثيق» وبدت الجاهلية الأولى وكأن بهابراءة من | 
ذنوب الماضى واستحقت أن يلتمس لها العذر» صحيح [ 
أنهم كانوا يئدون البنات» ولكن لم يكن ذلك مبعثه الحقد | 
الأعمى أو الانتقام» كانوا يخافون الفقرء ويتجنبون العار 
خوفًا من سبيهن أثناء الحروب» أماما حدث فى «سالم › | 
أثناء دفن أربعة من الشبان وهم أحياء» فمبعثه حقد دفين» 
وغدر لئيم وكراهية بلا حدود. . فى غفلة من العيون» كان قائد فى الجيش الصهيونى 
يعتقل أربعة أشخاص ويخرج بهم إلى خارج البلدة» ويأمر سائق الجرافة بدفنهم فى 
التراب . . حادث سيسجل فى الأوراق السوداء من التاريخ ا 
لجاهلية العصور الماضية! ! 





فى أسرة عرفت بالتقوى والصلاح» ولدت الشهيدة عصمت. فوالدها مؤذن 
القرية» تصحو وتنام القرية على صوته وهو يدعوها للفلاح » وتكاد جبال القرية تخر 
خاشعة لهذا النداء» وأهل القرية لا يزالون على فطرتهم التى فطر الله الناس عليهاء 
فتجد أكثرهم يلتزمون بالإسلام» خاصة بعد أن هبت نسمات الصحوة الإسلامية 
المباركة التى اجتاحت أكناف بيت المقدس » وهب الشباب للالتحاق فى ركب الدعوة 
ولم تقتصر هذه الصحوة على الشباب» بل إن شقائق الرجال كان لهن شرف المشاركة 
قن هده ال الفظرة بذماء التشهداء ال رار وكانت صمت ابن ال ؟١‏ رببعامن 
السبّاقات إلى الانضمام إلى هذا الركب» ولم تكن الظروف مواتية للشهيدة لإكمال 
دراستهاء إلا أن ذلك لم يكن ليحط من عزيمتهاء أو أن يقف حاجزا أمام التثقيف 
الذاتى» متعلقة بالقرآن الذى تلته داعيًا إياها وفتيات الإسلام لارتداء الجلباب يا أيه 


53 


ابي فل لأؤواجك وبتاتك ونساء الْمُؤْمين ينين يهن من جلابييهن ذلك أذَئ أن يعر فاا 
يؤذين وكان الله غفورا رُحيما 4 [الأحزاب : ۹٥]ء‏ وكان مها فى ذلك عائشة وأسماء 
إنى ابنة الإسلام أكرم والد ج نه الذتيا نه سينا لها 
أ اا اء ن و ي ار ا رل عبان تون نات 
حملت إليه الزاد فی جوف الدجی لم تخش ذا فی الفيافى ضارى 
قد آمنَت بالحق ليس يخيفها ااج قافن 
بطاقة شهيدة: ) 





تاريخ الولادة: ۱۹٦۹٩ /٩۹/۲۰‏ م. 

تاريخ الاستشهاد : 88/11م. 

من أوائل الفتيات اللواتى التزمن الحجاب فى سالم . 

شديدة التمسك بمبادئ الدين الإسلامى الحنيف من صيام وقيام وتلاوة قرآن . 

الأمنية : الشهادة فى سبيل الله بدرجة (امتياز) . 

أفضل الأوقات لديها : تلاوة القرآن وقت الفجر. 

وكانت دروس الوعظ فى مسجد القرية تشم منها نسائم العطر فتسابق الالتزام لهذه 
الدروس» وقطعت على نفسها عهدا ألا تصافح الرجال» قاطعة بذلك كل اتصال 
بالجاهلية» ولم تقف عند هذا الحد فقط . فقد كانت مربية ومرشدة فى البيت وللجارات 
كما يقول والدهاء فقد كانت تمقت الغيبة وتحذر النساء من هذا المرض» وكانت تغتنم 
وقت الفجر لقراءة وتلاوة القرآن. وذات مرة تشد عصمت الرحالء لزيارة قبلة 
المستلمين الاولىء وتقف بجانب الصخرة وترفع يديها إلى السماءء مستمدة من الله 
العون طالبة الشهادة . 

وتبيدا الأقفاضة و اا كانت ترق ا وما دعت الله يومًا من أجلهء 
وحديث الشهادة لا يفارق لسانهاء الذى يلهج بالدعاء إلى الله أن يرزقها إياهاء وكلما 


1¥ 


ا ا ل ل و ل ل ا 
تعرض روحها على الله تعالى» بعد ما قرأت قوله تعالى إن الله اشترئ من المؤمنين 
أنفسهم وأموالهم بأ لهم اجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة 
والإبجيل والقرآن ومن أوفئ بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الّذي بايعتم به وذلك هو الفوز 
العظيم 4 [التوبة: ]١١١‏ فتعرض على الله نفسها للبيع كلما داهم جنود الاحتلال 
القرية» وتقذف الحجارة فى وجوههم وترجع إلى البيت مستهزئة ومستهترة بجبنهم . 
وتلتفت إلى إحدى الأخوات قائلة اشفتى كيف طردناهم . . والله إنهم جبناء! !!». 
وكلما كانت تقرأ عن الشهداء أو ترى صورهم تقول: أريد أن أكون مع هؤلاء فى هذه 
القافلة المعطرة» وكانت من وصاياها ألا يحملها الشباب إن هى جرحت أو انضمت إلى 
الشهداء» وكانت تحكم ربط جلبابهاء حتى لا يتكشف جزء من جسدها أثناء إلقاء 
الحجارة. 
قصه استتهادها: 

فى يوم ۷/ ۱۹۸۸/۱١‏ صَلّت عصمت الفجر وأخذت تتلو القرآن و تقراً ما شاء الله 
لها أن تقرأء وتمضى مع أهلها إلى أرض لهم بجانب القرية وتمر على خالتها التى لم 
ترها منذ مدة فتودع خالتها وتقول لها أن لا مجال للكلام وأنها ستذهب إلى الأرض 
لتعود بسرعة قبل أن يقتحم الجيش الصهيونى البلدة» وماهى إلا لحظات حتى داهم 
الجيش قرية دير الحطب المجاورة وتحوم طائرة عمودية فى السماء فتجلس عصمت 
تراقب تحركاتهم وتجلس تحت شجرة وتقول لإحدى أخواتهاء إنها تتمنى لو أنهما 
استشهدتا فى آن واحد» حتى تلحقا بركب الشهداء» وتودع أمها الوداع الأخير» 
وتسمع أثناء ذلك إطلاق رصاص فى القرية ويبدو أن حشود الجيش كانت تتوجه إلى 
القرية فن تلك اللحظات» حتود يحملون أعتى ترسانة أسلحة :غير أن هناك أسلحة 
مثلها بل أقوى إذا كانت بيد متوضئة وقلب يؤمن بالله وحب الشهادة فى سبيل الله 
والدفاع عن الحمى . . . الحجارة كانت فى انتظارهم» إنه كالغيث المنهمر» ينزل على 
رؤوسهم من كل حدب وصوب» والسواعد الرامية لا تكل ولا تلين. . وتترك شهيدتنا 
الأرض وتأتى إلى القرية وتبدأ بإلقاء الحجارة وإغلاق الطريق من مكان جانبى» ولم 
يرق لها هذا بل توجهت إلى موقع متقدم مع مجموعة من الفتيات وأخذن يكبرن . 

۸ 


الله اكير الله أكيوة وارد الرضاض دوفن الا رجات وخ ترغيو الاخرات ال 
الثبات وإغاظة الجنود وتحديهم» وكانت تصرخ طالبة الشفادة 6 وتسستهرئ بالدنيا 
وبالفارين من الساح ويعلو الهتاف ويجلجل الصوت فى أعالى السماء . . الله أكبر. . 
كانت تريد أن تكون حول بن ت آلا زور فى هذا ال مان ف هذه الا ناء كانت السو اغد لا 
تكل والحناجر تلهج بذكر الله وتجرح إحدى الأخوات. . ويعلو الهتاف «لاإله إلا 
الله الشهيد حبيب الله» وتهجم عصمت بالحجارة من الأرض التى أحبتها وترجم بها 
اجنود غير عابئة بكثافة الرصاص وتقف أمامهم بكل تحد وبكل عزة وكأنها تقول لهم : 
«اقتلونی مزقونى اغرقونى فى دمائى» لن تعيشوا فوق أرضى لن تطيروا فى سمائى» » 
وترى أحد أقاربها وهو يلقى بالحجارة من مكان بعيد لا يصل إلى الأعداء. فقالت هذه 
منطقة بعيدة. . يجب أن تلقى الحجارة من منطقة قريبة» ويستدعى اليش قوات 
إضافة و تستمر عقيية:فى إلا ا رة ويك رده حجر ا وتضرية و اول الاغر: 
إلا أن الرصاص لم يمهلها لتشفى غليلهاء وكان لقاء الأحبة مع الشهداء أسرع ويصيب 
الرصاص قلب عصمت التى أحبت الإسلام وأرض الإسلام» أصابت القلب النابض 
بذك الله العام ر الأ يمان »ر اة بالنشر الا وكا ها ةرده لمات إخواتها فن عصتر 
النبوة والتابعين «فزت ورب الكعبة» وتحملها مجموعة من الفتيات «كما كانت توصى» 
وتودع الدنيا بحجر فى يديها وبلفظ «أشهد أن لا إله إلا الله» على لسانهاء وتخرج 
روحها كما العنبر والريحان وتنزف دماؤها حمراء اللون» المسك رائحتها لتخالط الثرى 
الغالى» وتسمو فى ركب الشهداء» ويأتى والدها فيلقى عليها نظرة الوداع مرددا «لا 
حول ولا قوة إلا بالله» لله ما أعطى ولله ما أخذ» راضيًا بقضاء الله رضاء المؤمن . 
ويقول لنا والد الشهيدة ‏ كنت أهم بالذهاب للأذان فى المسجد وإذا برجل يأتى 
ويقول لى بأن عدة فتيات جرحن وأن ابنتك بين الجرحى» ويذهب الوالد وإذا بابنته قد 
انضمت إلى مسيرة الشهداء ومع حبه لابنته إلا أنه وقف وقفة الشرف التى يقفها كل 
مؤمن بالله فيقول «هذه استشهدت . . الله يرحمها لنذهب لنرى الجريحات» ويعلّن منع 
التجول فى البلدة» ولا يسمح جنود الاحتلال إلا لعشرة من الأقارب بدفنهاء كأنى 
بملائكة الرحمة تسير فى ذلك الموكب لاستقبال الشهيدة كما يليق ؛ مرفرفة بأجنحتها 
ابتهاجا بالشهادة. وفى اليوم التالى تخرج البلدة فى مسيرة لم تعهدها أبداء أما عن 


1۹ 


والدة الشهيدة» فقد امتنع والد عصمت عن إخبارها بالخبر» وعندما علمت متأخرة 
بكتها. . ولكن كلمات الرضا كانت تترقرق من فمهاء وأخذنا هذه المعلومات وهى 
تك الله وترضى على فمك ها وال د التهيدة والذئ اسعقبل الناس مهن لا 
معزين قائلاً لهم ' أنا أستقبل من يأتى للتهنئة فقط » أما من أراد أن يعزى فهذا ليس 
مكان عزاء» لأن عصمت كانت تتمنى هذه الأمنية وقد نالت ما كانت تتمناه» فهو يوم 
فرح لا يوم حزن! ' : 

اما أغوها السفير ةا و اول "وة ا 0 و 
تمضى أختنا فى موكب الشهداء» تلحق بركب خولة وأم عمار مع الصديقين والشهداء 
والصالحين وحسن أولئك رفيقًا . رحمة الله عليك يا عصمتة» لقد كنت نبراسا لكل 
أخحت» لا ترضين إلا بالحق وتكرهين ما يخالف شرع الله. وكنت باذلة كل جهد من 
أجل إرضاء الله . . فهنيمًا لك الشهادة وقد نلت إن شاء الله مراتب الصالحين 
والضا مات وعهدا لدماء شهداء الانتفاضة وشهداء هذه الأرض المباركة . . أثنا لن 
نتخلى عن الطريق . . وسنبقى أوفياء لله ولهذا الوطن . 


:چ 





هذه هى حقو الأططال فى عرف اليهود 


۷» 


الشهيد /أحمد حسين عيد الله بشارات 
۱44۸/۱1/۷ 


وعن حياة هذا الشهيد كان لابد من سؤال والده فذهبنا إليه فو جدناه يجلس فى بيت 
تم بناؤه بدل البيت المتهدم . رجل قد ڌ ق ل 

بخبيف: ارق ابيا ةوسن يعن انين سيولا لآ آنا كسام 

ولكن السأم لم يدخل إلى القلب المؤمن» فحديثه 
حديث شباب وثقته بالله لا يدانيها أدنى شك» وعندما 
سألناه عن أحمد. . تبسم وقال كلمات بالعامية إلا أنها 
تعكس الواقع الحقيقى لقلب هذا الرجل «الله يرضى 
عليه». . . عملنا رجل فى الجنة «كناية عن أنه أصبح له 
مكان فى الحنة بإذن الله طامعًا فى شفاعة الشهيد بأهله»› 
ويحدثنا وكأنه لم يفقد قبل أيام ابناء تدمع العين لفراقه. 
وحدثنا عن حياته» الفرحة لاستشهاد ابنه لا تظهر على 
ملامحه فقط بل يصرح بهاء يعاو مرا ايساو اھ أ ری ای اد بو 
هدم بيت العائلة كان يحدث زاجراً: هذا أمر الله» وعن حياة أحمد بدأ يهز رأسه. . 
أحمد. . أحمد الله يرضى عليه ما كانت تفوته صلاة فى المسجد وحتى صلاة الضحى 
وصيام الاثنين والخميس وترتيل القرآن. . 

كلها جزء من حياته . نشأ الطفل يافعًا وأديبًا وكانت أخلاقه أخلاق رجل فهم القرآن 
الكريم» لم يكن يمر على القرآن هكذاء وكان بحق- بالنسبة لى ولأمه ‏ خير مسل حيث 
يرتل القرانء ويدخل البهجة إلى قلوبنا بمرحه معنا. . 

درس الابتدائى والإعدادى فى القرية ومن ثم انتقل إلى المدرسة الصناعية فى 
نابلس إذ أتم التوجيهى وانتقل إلى معهد البوليتكنك للدراسة . ويضيف شقيقه . 
كان شابًا كأنه لم يخلق إلا للآخرة. . أول ما التزم الصلاة وبدأ يقرأ. . . كان 
. يحب أن يفهم المعنى من التص» قرأ : [ولا قسن الذين يلوا في سبل الل 
أمواتا 4 ال عاو 15 ] اق عو الا یت روسو حب اهاد 
وطغت على تفكيره وحياته وكان الشهيد يحمل ثلاثة أحزمة فى الكاراتيه . 

۷ 





حادثة استشهاده: 

يقول والد الشهيد الحاج حسين بأنه فى تلك الليلة نوى أحمد الصيام؛ صلّى 
الضحى وقال لى : :أو أن RON‏ فجاء شقيقه» فقلت له اسمع ماذا يقول أخوك 
أحمد يريد الشهادة» فقال له شقيقه : «اسمع » إن تصدق الله يصدقك » وعلى حسب 
نيتك ربنا يرزقك»» وبعد خمس دقائق سافر بالسيارة إلى «الحفتلك» حيث تعيش هناك 
شقيقة الشهيد وودعها ودعته للافطار ولكنه كما يبدو أبى إلا أن يفطر فى السماء . 

ويقول الحاج حسين بأن أصدقاء أحمد الذين يعملون فى المستوطنة قالوا لنا بأن 
أحمد وقف أمام ال حارس وبدأ يضربه بسكين ويصيح «الله أكبر ولله الحمد لا إله إلا 
الله» وهنا انتتبه مستوطن آخر فأطلق عليه النار فاستشهد. وفى ذلك اليوم 
وما الأري ةس ويف والح اقبي تسيل ليشن و فر المت الكون من 
طابقين» حتى هذا الحين لم نكن نعلم بخبر استشهاده» ما قاله لنا الضابط :7 أحمد 
ارتكب جريمة ونريد هدم البيت» وبعد صلاة المغرب أحضروا أحمد من «أبو كبير » ولم 
يسمحوا إلا لأشخاص معدودين بدفنه» وسألناه هل رأيته يا حاح حسين؟ لم أره. . 
ال ل : الله يرضى عليك . . سامحناك » ولم تذرف 


دما واخدة ١!‏ الآ ان شقيقه يقول بأنه شاهد أحمد وبكلمات عفوية يقول «شفته» كأنه 
والله حى؛ يبتسم»ء وام E Gs‏ 


ا اتا دقفت كثيرا من الموتى» كنت أشق ملابسهم 
شا لتصلب أيديهم بعد الموت . أا اة كانت داف کی اسان حص : . بالرغم 
من أنه مكث يومين فى «أبو كبير» ويؤكد بأن أحمد كان يضحك!! وسألت الحاج 
حسين: هل تحدثت مع أحمد عن الزواج. . فيقاطع باستغراب: هذا لا يريد 
زوجات . . لا يريد دنيا. . لا يتحدث عن مثل هذه الأمور» حتى إننى مرة قلت له نريد 
أن نبنى لك بیتا فقال : « آنا بيتى جاهز » يعنى بيت الآخرة ! !2 . 
أصدقاء أحمد.. ماذا يقولون ؟( 

وتحدثنا إلى بعض أصدقاء أحمد» عن حياته ورفقته لهم» فوصفوه لنا: كان رجلا 
لا يحدث إلا عن الآخرة فى كل تصرفاته وحتى أحاسيسه. . كان دائمًا يقول: هل 


4 


يحنت ا م نالا لنابا مها ا وفك أن ی ا ا 
جميعهاء وكان الأول فى الترتيل» وله صوت عذب فى القراءة وحفظ ثمانية أجزاء من 
القرآن. . وقبل أن نودع والد الشهيد ونواسيه وجدناه يبتسم ويقول : « جمد نطالبن 
للجنة» . . وبدل أن نعزيه خرجنا وؤنحن نهنئه على درجة الشهادة التى نالها! 
تركة الشهيد: 

شهيدنا لم يترك كنوزا ولا مالأًء ما كان ليأخذ من تفكيره شيئاء ولم يترك لأهله 
سيارة ولا مصنعًا. . كل ماتركه حقيبة صغيرة فتحناها بأيدينا ولأول مرة بعد 
استشهاده. . لم نجد إلا المأثورات ومواعظ منذ دراسته فى البولتكنيك» واستحوذ على 
اهاور ةة كوت فا ( من أنت أيها الشاب المسلم »؟ أتدرى حقا من أنت أيها 
الات ا ا عات فن انك جاو صدا لظاو لت لاء واا رض غزرا:وشوفاء 
أنت نفخة الروح الربانية حياة وإيجادا . . فأين منك الدنيا بأسرها؟ أنت المكلف وحدك 
فى هذا الوجود فكيف قيامك بهذا التكليف؟ أنت الذى حملت الأمانة وحدك دون 
التيوائع را واا قب هلف وقائلك لوده الأجانة؟ انك لعي ا 
لار فاع اللو ةليلك اليد الغلا صك فكو هالي البسمة نابت 
العزيمة»ء قوى الإرادة» جرىء القلب» مقدامالفؤاد. صادق الققول» سامى 
الأخلاق». وهكذا كان شهيدنا. 





نف 


الشهيد /هانى سامى خليل 
۱4/۱/۱ 


ولدالشهيدهانى فی ۱۹۷۲/۱۲/۱ ودرس فى 
مدرسة قفين الثانوية وكان على وشك الدخول إلى الصف 
الأول الثانوى» وكان متفوقًا فى دراسته حيث حصل على 
المرتبة الثالثة فى معظم الصفوف . 

بدأ حياته مع جده » فالتزم الصلاة والمسجد منذ 
صغره» وكان يقوم مع جده إلى صلاة الفجر فى المسجد؛ 
وكان فى كثير من وقته يقوم الليل أو يذهب للاعتكاف فى 
المسجد مع إخوانه من أشبال المسجد» وكان لا يفوته درس من دروس المسجد حيث 
كان يعود من المسجد ويقول لى : أتمنى أن أصبح مثل الشيخ . . ألقى على الناس 
الموعظة . . وفى سنة الانتفاضة ازداد تدينه بشكل كبير جد . . وبدأ الوالد يقارن نفسه 
مع ابنه» الوالد يتشاقل عن أداء الصلوات جماعة وعن قيام الليل والابن يزداد عزيمة 
وإقبالأعلى صلوات الجماعة وقيام الليل وأخذ يحفظ سور من القرآن. 

وعن حادثة استشهاده يقول والد الشهيد: استشهد هانى فى ذكرى ميلاده ١7 /١‏ 
السناعة اساسا مسا فقد رجع من العمل فى أرضناء وطلب من والدته أن تضع له 
ماء على النار لكى يغتسل» وخرج لصلاة ا مغرب وقال لوالدته بأنه سيعود بعد الصلاةء 
وليلتها كان هناك موعد لقيام الليل فى المسجدء أثناء وجوده فى المسجد سمع بأن 
الجيش الصهيونى قام باقتحام البلدة فهب مع الشباب . . أصيب برصاصة فى رقبته 
وسقط على الأرض قام الشباب بحمله» إلا أنه وبسبب كثافة الرصاص وضعه الشباب 
على الأرض » ووقف الجيش فوق رأسه» وعلمت بأن هانى أصيب فذهبت إلى المكان 
ووجدته ملقى على الأرض والدم يتزف منه. . وقام الجيش بعرقلة تقديم الساعدة 
لدى..::واخديقباطا عن طريق العدقيى فى الهوناك:» و أغير اسما لا قله ست 
نقلناه إلى عيادة طبيب» وخرج الطبيب بعد أن فحص جثتة فعرفت أنه استشهد» حاول 









7 


الطبيب أن يخفف عنى المصاب ففوجيئ تمامًا عندما قلت له : الحمد لله الذى أنال هانى 


الشهادة . . هذه أمنيته 1 


وقال أحد المعزين لوالده: أريد أن أسألك سؤالاً : لماذا تقومون بتوزيع الحلوى؟ لم 
أر فى حياتى مثل هذا المشهد! ! وتعلو وجه الأستاذ سامى والد الشهيد ابتسامة ويقول : 
الشهادة أمر ربانى» يقرره الله سبحانه وتعالى «وليتخذ منكم شهداء» والله سبحانه إذا 
أراد أن يختار العبد الصالح» فيختاره فى وقت يكون فيه على صلاح . . والله اختار 
هانى وهو فى حالة الطاعة والعبادة والتقوى» وطالما أن هذه أمنيته فهى إذن مناسبة فرح 
وليست مناسبة حزن . ويؤكد هذا القول شاب كان يجلس بجانبنا حيث يقول: لم 
تشهد البلدة فى تاريخها عرسا مثل هذا العرس . وبدأ بوصف الشهيد : ظ 

كاتف لوصول اهاعري ولم يحضر الجيش - الذى أخذ جثة 
الشهيد- إلا بعد أذان العشاء» خرجت البلدة كلها صغيرها وكبيرها رجالها ونساؤها 
وبرغم خطر اقتحام الجيش لهذه التجمعات إلا أن أحدا لم يتخلف من سكان القرية» 
أكثر من خمسة آلاف ساروا فى شوارع البلدة ولم يتمالك الناس أنفسهم حين وقف 
والد الشهيد قائلاً: ندائى إلى كل نساء البلدة أن تزغرد» فهذه المناسبة مناسبة فرح 
عندى» إنه عرس ولدى هانى . . وبدأت النساء بالزغاريد وأصوات الرجال تنادى 
بالتكبير . . وسط الهتافات الإسلامية والتنديد بقتلة هانى . . حتى إن والد الشهيد أقنع 
والدة الشهيد وقريباته اللواتى تأثرن بحكم فطرة المرأة لاستشهاد هانى» أن يزغردن» 
ومع هذا الصوت الهادر فى وداع هانى. . كانت الحلوى تلقى على الناس وعلى نعش 
الشهيد. . إنه عرس يزف فيه بطل بذل روحه لهذا الوطن» وبدا وكأنهم يعيشون فى 
أجمل عرس . . ولكن بدل أن يقولوا: روحت يا عريس على دار السلام. . كانوا 
يقولون : روحت يا شهيد على جنات الخلود» وحمل الشباب لافتات فيها صور الشهيد 
ملفوفة بعلم كتب عليه : لا إله إلا الله محمد رسول الله وازدانت بالورد وشعارات الله 
أكبر ولله اند وغن انطباعات من شافد حقة هاى» يقولون بان الكل استخرت» 
فجسد الشهيد كان كأنه ريحانة.' بالرغم من مكوثه ثلاثة أيام فى ثلاجة المستشفى . 

وسألت والد الشهيد عن حقيقة ما أذاعه راديو إسرائيل من أنه قام بإلقاء زجاجة 
حارقة. . فرد قائلاً وباستهزاء : أصبحنا ومن خلال طريقة إذاعة الخبر نعرف بأن هناك 


۷۵0 


حادث فتل . . تمتيش . : واقتحام للبلد . . فجاوبه يمقاومة شديدة. . فتغخرضت حباه 
الجيش للخطر فقام بإطلاق النار فأدى إلى مقتل شاب ! 
وأساتذة هانى يقولون عنه : كان هادا . . خجولاً. . وعلى ملامحه حياء المؤمن . 
إنه من جنود هذه الدعوة الذين يرددون دائما : 
االو و وهنا ل اا ن 
ااا ت الا ا 
يمسيو ال قير Ep | E‏ ونار ال قدتغ ثانا 
سبع الطيرتر قبا لتنهش لحمم وتنا 





۷٦ 


الشهيد /حسنى على أبو سيدو 
١/0‏ 
لقد حاول الاحتلال اليهودى أن يحطم هذا الجيل 1 
تحطيمًا أخلاقيًا ونفسيًا بحيث لا يقوى على المقاومة أول ما 
يفكر فى ذلك أصلاً. ولكن بعد عشرين عامامن | 
الاحتلال يفاجاً هذا العدو بان هذا الجيل الذى سهر على | 
إخضاعه وتدجينه قد شب عن الطوق وثار ثورته العارمة. ٠‏ 
وكان وقود هذه الشورة ذلك اميل الذى عاش وتربى فى | 
أحضان الاحتلال . : 
فكان منه الشهيدء والطريد» والأسير ومع ذلك فهو ما زال يحمل آمل أمته 
وجراحاتهاء ترقبه الأمة بزهو وافتخارء منه الشهداء الأبرار» والمعتقلون الأخرارء 
والشهيد حسنى أبو سيدو» طالب صغير السن يدرس فى الصف الثالث الإعدادى(ب) 
فى مدرسة اليرموك الإعدادية فى غزة» عاش مع هؤلاء الفتيان الذين يحملون فى 
صدورهم قلوب الرجال» وأحلام العقلاء لأنه كتب عليهم أن يقاوموا أخس خلق الله 
وأجبنهم» وأكثر البشر مكرا وأشدهم لوْمَّاء لذلك تفجرت رجولتهم وما زالوا أطفالاً . 
كان هذا البرعم من براعم الإسلام الغضة قد ما وترعرع فى مسجد الكتيبة» مصايا 
خاشعًاء شهمًا رجلاً» كان محافظًا على الصلاة فى وقتهاء يحمل فى يديه مصحفا يقرأ 
فيه آيات رب العزة» إنه مثال للشاب المؤمن المتخلق بأخلاق الإسلام ورسول الإسلام. 
وللقران فى نفسه مكانة عظيمة» فقد سمع حديث رسول الله ك3 . «إن الذى ليس فى 
جوفه شىء من القرآن كالبيت الخرب» فحفظ جزء عم وبعض السور الأخرى حتى لا 
يكون جوفه خريًا فارغًاء كان -رحمه الله- شديد الكره لأعداء الله -يهود- فلسان 
حاله يقول: 


E‏ ادي E‏ راض اا ل تسيلا 


44 





يقول: هم سلبوا أرضى» وامتهنوا عزتى وكرامتى» وداسوا مقدساتى» ألم تسمع 
بصرخات الأمهات الصابرات ؟ ألم تسمع بآهات الجرحى وأنات الأسرى والدمعات 
الدافئات على وجنات الأمهات والزوجات والآأخوات؟ وكيف لا ينغرس هذا الكره 
فى عقولناء وقلوبناء ووجداننا؟ 

لقد كان لحسنى أبو سيدو دور بارز فى مقاومة العدو ومقارعة المحتلين » فحجارة 
غزة وزجاجاتها الفارغة تشهد للبطل الهمام» والفارس الشهم» فقد أمطر العدو بوابل 
من حجارته وفى إحدى المرات قبض عليه والحجارة فى يديه» وأخذ إلى 
(السرايا)» وهناك أحماطت الكلاب المتوحشة بذلك الطفل الصغير» وضربوه ضربا 
مبرحاء وبعد فترة أطلق سراحه لصغر سنه» وعاد ليأخذ مكانه فى مقارعة المحتلين . 

يحدثنا إخوان الشهيد أنه كان شديد الحب للإسلام والمسلمين» كل أمنيته أن يموت 
على ری فلسطين شهيدًا» حتى إنه لما كان يسمع باستشهاد أخ له فى الله كان يضمر فى 
نفسه أن يكون الرقم التالى فى قائمة الشهداء» وفى أحد الأيام سمع باستشهاد أحد 
الشباب فوقف فى مسجد الكتيبة وطلب من الأشبال أن يصلوا صلاة الغائب» فصلوا 
عليه وعلى رأسهم حسنى . . ودعا فى صلاته أن يلحقه الله به صالخا شهيدا مؤمثا. . 
وفك كان ) 
حادثة استشهاده: 

فى الذكرى الأولى للانتفاضة فى /٠١‏ ١١٠/۱۹۸۸م‏ كانت غزة والضفة بمدنهما 
وق اهما وم ماتا تاكيك تا نعلي الل و عبار بف ارا انر ا 
النساء والرجال» الفتيان والفتيات» حتى يخيل إليك أن الجبال والأودية والأشجار 
تصب لعناتها على المحتلين وتمطرهم بوابل حجارتهاء وفى مدرسة ( اليرموك) كان 
شهيدنا على رأس ثلة من إخوانه يرجمون قوات العدو بالحجارة» فاقتحمت هذه 
القوات المدرسة» وبدأت تطلق النار على التلاميذ» فكان أن أصابت رصاصة غادرة 
الشهيد البطل (حسنى) فى الرأس» وأخرى فى الصدر ليرتفع شهيدنا فى سماء 
فلسطين» ولتكون دماؤه الطهور لعنة على القتلة المجرمين . 


۷۸ 


لقد ادعى الناطق العسكرى اليهودى ‏ كعادته ‏ أن زجاجة حارقة ألقيت على قوات 


الاحتلال قرب المدرسة» ما أدى إلى إطلاق النار واستشهاد الفتى حستى على أبو ١‏ 


سيدو . 
رحمك الله أيها الفتى الشهيد» وأسكنك مع من سبقوك من إخوانك شهداء 
الإسلام فى فلسطين فسيح جناته » إنه نعم المولى ونعم النصير . 





نساء فلسطين يشاركن فى الانتطاضة 


۷۹ 


الشهيد /حمدان حسين النجار 
KIA MSA‏ 


بالقرب من نابلس تعيش القرية الوادعة بورين التى | 
فجر سكونها خبر مهاجمة أحد الرعاة لمستوطن | 
ودورية. . وبورين محاطة بالمستوطنات إحاطة السوا 
با لمعصم! فى صباح كل يوم كان حمدان يوقظ القرية على ٠‏ 
صوته وهو يؤذن داعيًا أهل بلدته إلى الفلاح ولم يكن | 
شأنه شأن الرعاة الآخرين فقد هجر المزمار وحمل فى قلبه 










الأحقاد فلم يبق فيه ركنا واقمًا ولكن بقى أهله صامدين» حتى البيوت المجاورة تأثرت 
من شدة الانفجار. . وكأنها دلالة من المحتل على درجة الغيظ والحقد الدفين فى قلبه. 
وبالقرب من البيت كان يقف والد الشهيد ووالدته وإخوانه : 

مع والد الشهيد كان الحوار التالى: 

لادا قاموا بهدم البيت؟ ‏ - 

لا علم لى بالحادث فأنا مثلهم لم أعلم به فكيف يقومون بتدمير البيت المكون من 
تسع غرف وبركسات أغنام ومخازن علف ؟ ! 

كيف قاموا بتدمير البيت؟ 

لم أكن فى البيت» جاءوا وطلبوا من زوجتى إخراج الأثاث - أمهلوها نصف ساعة 
ومنعوا الجيران من مساعدتها فى نقل الأثاث› ولم تستطع إخراج شىء حتى إنها نسيت 
إخراج مجوهرات زوجة ابنى» وسرقوا منا هذه المجوهرات حيث وجدنا علبة 
المجوهرات بجانب البيت المتهدم . وبعد ذلك أخذ يشير إلى العلف والأثاث تحت 
الأنقاض› وبعد أن أنهى الطاقم التليفزيونى الحديث وقفنا مع شقيق الشهيد الذى 
بادرناه بالأسئلة : 

A+ 


هل لك أن تعطينا نبذة عن حياة الشهيد؟ 

ولد حمدان فى عام ۱۹١١‏ فى قرية بورين» ودرس فى مدرستها الثانوية . وفى عام 
٠‏ حصل على شهادة الثانوية العامة الفرع الأدبى» ودرس فى معهد فى نابلس للمساحة 
لدة عام » وبعد تخرجه لم يجد عملا فى تخصصه . . فأخذ يرعى الغنم ويفلح الأرض . 

كيف كان سلوكه العام؟ 

كان يلتزم بصلوات الجماعة وخاصة العشاء فى المسجد باستمرار› وكان يعامل 
الناس معاملة لا مثيل لهاء فحاز على ثقة الناس وأصبح أمين صندوق المسجد» وكان 
أهل البلدة يرغبون أن يكون إمامًا للمسجد وتقدم بطلب للأوقاف للعمل مؤذنًا لمسجد 
بورين وتقدم للامتحان ونجح فيه. . إلا أنه لم يات قرار بتوظيفه . 

علا 

1 اولي تسر ان الي لل 
e‏ ل ل ا 

هل كان يتحدث عن الشهادة أو يتوقعها؟ 

اة ل ل اور على وه الخاد ولكنهة كانت كمض اادد انه نيان كل 
مسلم » وهنا تدخل أحد الشباب وقال : سألناه مرة ما هى أمنيتنك؟ فقال أن أؤدى الحج 
وأن أنال الشهادة فى سبيل الله . 

هل كان متميزً فى حياته قبل الشهادة؟ 

فأجاب أحد الشبان بسرعة فقال: أراح البلد من شر المستوطن الذى كان يؤذى أهالى 
البلدة «ما حدا سلم من شره" ولم يبق إلا أن يطردنا من بيوتنا. . كان يستفز الناس . 

كن علا ا استهاد فقت ؟ 

بعد أن عادت الغنم التى كان يرعاها ولم يأت حمدان وسمعنا صوت رصاص» 
ركبت سيارة وتوجهت إلى مستوطنة براخاء بوبنا قر اتن اجون طامنا 


۸١ 


التوقف وإخفاض الرأس وبعد لحظة قدمت شقيقاتى» وعندما شاهدن جسد الشهيد 
أخذن يصرخن : أخوى أخوى. . مستشهد. قمت مع الشبان الذين يركبون معى 
وحملناه ووضعناه فى السيارة وهنا هجم الجيش الصهيونى وأخذ يضربنا ويضرب 
شقيقاتى وطلب من البنات أن يبكين فرفضن ذلك وقلن له: أخى شهيد مش جبان 
واا أغناظ اتيش کیرد تريدون هين الاس أن تنك لک مارا اظ ان 
والفجيعة ! 

هل شاهدت الشهيد؟ 

نعم كان بجانب كومة من الحجارة ومصابًا برصاص فى بطنه . 

كما علمنا فيما بعد وكما أذاعت السلطات» فقد جاء المستوطن الصهيونى الذى كان 
يؤذى أهل البلدة جميعا إلى شقيقى وطلب منه عدم استعمال تلك المنطقة مرعى للأغنام 
وكان هذا المستوطن كثير المضايقة لأخى ولآهل البلدة» فقام أخى بضربه بعصاة على 
رأسه فسقط على الأرض فضربه بحجر على رأسه وأخذ سلاحه ولم يكن له تجربة فى 
حياته فى حمل السلاح وربض بالقرب من سلسلة حجارة وبعد أن قدمت دورية 
عسكرية أطلق النار باتجاه الدورية فقتل أحد الجنود وجرح آخرين وبعدها استشهد . 

وبعد هذا الحديث محدثنا مع والدة الشهيد التى تحدثت عن كيفية قدوم الجيش 
وطلبهم منها إخلاء البيت لهدمه وأعطوها نصف ساعة لهذه المهمة . وعن الحالة التى 
يعيشونها تقول والدة الشهيد : الآن أصبحنا مشردين» الأصدقاء احتضنونا لكن لا شىء 
مثل أن يكون الإنسان فى بيته . وعندما سألتها عن الشهيد وعلاقته بها لم تتمالك نفسها 
وأخذت تبكى ولكن ليس ككل بکاء» بكاء نابع من القلب» دموع من دماء . 

أما عن دفن حمدان فقدتم فى الليل حسب طقوس الاحتلال العسكرية ومنعوا 
والدته من مشاهدتهء وأثناء النديث مررنا بسيارة مدان التى كان يركتبها ولكتها 
كالفرسن ال فقندنت اال ركنا السيارة وكان عوك الله أك كرد دفن قوق ماذة 
المسجد الذى افتقد حمدان وصوته فى نداء الآذان . 


AY 


الشهيد / ياسين عادل الشجشير 
2115 


وخ العا وين ملا الى يقس الر وات الزكية يحت | 
من بين أنامله؟ من منا لا يعرف الشيخ الداعية الذى وقف > 
فى الشوارع والأزقة يدعو للاحتشامء يدعو للإسلام | 
والتزام شرائعه! من الذى حارب المنكر والفساد؟ . . إنه | 
ال غاد ل رالد الشهيد رهما الان ٠‏ 
وتأتى الانتفاضة وكان ياسين قبلها يؤمن بضرورة العمل ضد الاحتلال وقلما كانت 
هناك مواجهة ولم يشارك بها أو يكون أسدها الأول» وبعد بدء الانتفاضة وبزوغ فجر 
حر كة المقاومة الإسلامية «حماس» بدأ ياسين يحاول الاقتراب منها سواء بالسؤال عنها 
أو بالمحافظة على الصلاة فى المسجد ليتقرب من شباب المقاومة» وشاءت إرادة الله 
تعالى أن يعتقل ياسين بتاريخ ۸۸/۳/۲۰ ليتنقل ما بين سجن عتليت وسجن النقب 
وهناك يرى الحقيقة بأم عينيه ويحدث نفسه ليلا ثم يحدث إخوته فى سجن أنصار/ ۳ : 
من أفضل؟ الإسلام؟ أم العلمانية؟ أم الماركسية؟ من أفضل؟ هؤلاء الشباب المسلم. . . 
يقرأون القرآن ويصلون الفجرء ويقومون الليل ويصومون النهار» معاملتهم رقيقة» 
أياديهم متوضئة طاهرة عفيفةءأم هذا الذى ينام ملء جفنيه ويأكل ملء 
مضغيه» ويضحك ملء شدقيه» ويقضى نهاره فى اللعب واللهو والكسل؟! أم هذا 
الذى لأتفه الأسباب يسب الرب والدين. . من الأفضل؟؟ ويحدد هو الجواب فقد كان 
قادرا على التحديد والتزم مع إخوته المؤمنين داخل السجن وليخرج بعد أشهر قليلة من 
خيرة شباب الحركة الإسلامية ومن أجرأ أبطال حماس فى منطقة رأس العين . ) 





أما عن شجاعته فحدث ولا حرج» يقول أخ كان يشاركه فى الكمائن فى منطقة قلعة 
المرابطين ومسجد صلاح الدين: إن الشهيد ياسين كان يختار أفضل المواقع وأقربها إلى 


۸۲ 


دوريات الجيش وكان يسدد ضرباته بقوة الله أكبر» سن يده 
ملاح ال تا ا ب ا ليناة. تلفي ليل ا 
مسجد صلاح الدين ومحاولة اقتحامه من قبل الجيش الصهيونى - وكان الشباب داخله 
والجيش يطلق النار بكثافة على باب المسجد محاولاً الدخحول »فما كان من ياسين إلا أن 
أسرع إلى نزع دفة شباك حديدية وصعد إلى سطح المسجد وألقاها على الجنود الذين 
دب الرعب فى قلوبهم وفروا جزعين ليحتموا من هذا الأسد الذى فوقهم ولا يبالى 
بالرصاص . 
أما عن عبادته: 

فهذه صلاة الفجر قد افتقدته. وهؤلاء إخوانه. . من سيوقظهم لصلاة الفجر يا 
ياسين؟! ويروى إخوانه أنه منذ خروجه من السجن غاب مرة واحدة فقط عن صلاة 
الفجر جماعة فى المسجد حتى يوم استشهاده» أما والدة ياسين الصابرة فتذكر أنه لم 
يكن ينام قبل أن يقرأ القرآن ويسجله على شريط »ثم يعيد سماعه مرة أخرى. ثم يعاود 
تسجيل موعظة قصيرة على شريط آخر ويجرب سماعهاء وكأنه يعد نفسه ليكون وريث 
العاف دلول لحك عاذ لوبو التدرعليهها رحية a‏ 
بيت الله قد افتقده وهؤلاء إخوانه المؤمنون الدعاة قد افتقدوه. . لكن إلى أين؟ إلى جنة 
غوضها السموات و الاوص اأعذت للستية : | 
يوم استشهاده : 

أما عن يوم استشهاده فذلك أمر آخر عجيب» يعجب له من يعرف ياسين ومن لا 
يعرفه فقد علم شباب حماس فجر الجمعة ۸۸/١١ /۱١‏ بخبر استشهاد أحد شباب 
المنطقة ليلا متأثرا بجراحه التى أصيب بها قبل ذلك بأيام» وقام الإخوة بعد صلاة الفجر 
بالإعداد لموكب جنازة الشهيد بعد أن كتبوا اسم الشارع القريب من بيته باسمه ‏ شارع 
الشهيد أشرف الحاج داود ‏ تقول والدة الشهيد إنه كان يغتسل بعد الرجوع من لعب 
الرياضة مع شباب المسجد فقد كان متمثلاً بقول الرسول بي : «المؤمن القوى خير 
وأحب إلى الله عز وجل من المؤمن الضعيف وفى كل خير“ إلا أنه فى ذلك اليوم 
اغتسل قبل صلاة الفجر ثم لبس بدلته الرياضية الجديدة ووقف أمام المرآة وتنظر إليه 

1 


- والدته وهو يمشط شعره فيقول لها: انظرى يا أماه هل آنا جميل يا أماه؟ وتغرق عيناها 
بالدموع الغزيرة» ومن أجمل من ياسين؟ وكأنما يهيئ نفسه للحور العين فى جنان الله 
تعالى بالك الله ا تاس لد فزت اوقا 
ينزل مبكرا من البيت ليعلق راية خضراء مكتوب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول 
الله» تلك الراية التى أحبها ياسين كثيراً» ووجدنا فى منزله راية خضراء كبيرة مكتوبا 
عليها بخط يده : لا إله إلا الله محمد رسول الله» علقت على باب بيته يوم استشهاده 
سبقه القدر فقد كان يريد رفعها عالية خفاقة فوق قمم أعلى الأشجار فى المنطقة» وكما 
يقول إخوانه لقد كان يحب الراية اللخضراء فسموه «شهيد الراية المخضراء» . ووصل 
المسجد فصلى الفجر جماعة مع إخوانه ثم يأتى أحد الإخوة ليخبره أن هناك شهيدا 
سنشيعه صباحا وهنا يرد: وهل تصح الشهادة لكل الناس؟ وهل يستحقها أى إنسان؟ 
اللهم إنك أعلم بالنوايا وكأنما لا يريد أن يسمع أخوه دعاءه» ثم يذهب إلى البيت 
ليحضر قناعا ويسير مع الموكب وسط التكبير والهتافات الإسلامية والوطنية وقبل 
الوصول إلى المقبرة» يعترض الحيش الصهيونى الموكب ويطلق النار بغزارة» ومن يقف 
فى وجههم أفضل من ياسين؟ يقف بإيمانه وحجارته» ليحمى إخوانه» ويحمى جثة 
الشهيد» ها هو ياسين أول شهداء المجزرة البشعة » فقد أصابته رصاصة فى صدره ولكنه 
يعود ليقاوم مقبلاً على الشهادة» فتصيبه رصاصتان غادرتان فى عنقه الكريم ليسقط 
على ثرى الوطن الطاهر وليسطر بدمه «لا تصافحوا قتلتى»!! ويحمله أحد شباب 
حماس ليفر بالحثة رغم الرصاص الغادر إلى البلدة القديمة حيث لا يشيعه أحد إلا 
ل العو وبعضن الات الذي لا تابون الرضساصن الذقن جت :فين ك 
اتجاه» ويغادر ياسين إلى ربه دون أن يودعه أحد فلا أم ولا أخت ولا أخ» لك الله يا 
ياسين فقد أخلصت النية» فتقبلك الله واختارك مع النبيين والصديقين والشهداء 
والصالحين وحسن أولئك رفيقاء أما إخوانك فكلهم اليوم ياسين وكلهم سيكتبون على 
الجدران كما كنت تكتب بيدك . لقد دخلنا بيت الشهيد فوجدنا داخله صورة محاطة 
بعلمين كتب على أحدهما «لا إله إلا الله» وعلى الآخر محمد رسول الله»» وذيلت 
بتوقيع حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وتحت الصورة كتب : 
قد قالها قبلى الشهيدبغزة بلدى العروس ومهرها استشهادى 


۸۵ 


الشهيد /إبراهيم محمد ا مباشر 
4/1/۱۸ 


فوق ثرى فلسطين الطهور ولد شهيدنا البطل» وبين 3 چ :د | 
سهولها وجبالها ووهادها كبر وترعرع» وفى أرض | 
الإسراء المباركة رابط إبراهيم منغرسا كأشجار الزيتون , 
مرويًا بنجيعه الطهور ثرى الإسلام وأرض الرباط » وفى 
سماء ء الوطن الأشم تحلق روح من أرواح شهداء سم 
وأرواح الشهداء من جيش المظفر صلاح الدين . 

عاش شهيدلنا ر نين وات كان سيا ني امد 











ليغار اى اجو ا كا نف ع اشرب مه ا ایت أ ره 
إليه » منه استمد رجولته» وفى محضنه ربى على العزة والكرامة لا يطأطى الرأس ولا 
يعرف الخوف أو الخور. إبراهيم تعرفه بلدته دير الغصون بحبه لهذا الدين» فكنت تراه 
جنديا مخلصا من جنود دعوة الإسلام المباركة» يدافع عن الإسلام والمسلمين» كان 
إبراهيم شابا مثقفا يهتم بتنمية ثقافته فاهتم بالكتب الإسلامية واقتنى فى بيته مكتبة حفظ 
فيها - بالإضافة إلى الكتب المتنوعة- أشرطة تسجيل للأناشيد الإسلامية» والمحاضرات 
العلمية لكثير من العلماء المشهورين» ولم يكن إبراهيم يكتفى بأن يسمعها بل كان يحب 
لإخوانه ما يحب لنفسه فيعطيها لإخوانه ليعم الخير على الجميع . أما دراسته فقد كان 
رحمه الله يحمل شهادة الهندسة الكهربائية من الكلية العربية فى عمان . 

التحق إبراهيم بركب الدعوة الإسلامية «(الإخوان المسلمين» منذ سبع سنين» وعندما 
أنشأث حر كة المقاومة الاسلامية احماس» ذراعا ضاربًا للحركة الإسلامية كان شهيدنا أحد 
فرسانها لا يمل ولا يكل معاهدًا رب العالمين على نصرة الإسلام ومقاومة المحتل جهادًا فى 
سبيل الله لدحر المحتل » ورفع راية الإسلام فوق أرض فلسطين من البحر إلى النهر . 
- لقد كان -رحمه الله- محافظًا على السنة المطهرة» لهذا كان ملتحيًا مواظبًا على 
قراءة المأثورات» وصلاة الضحى» وتلاوته للقرآن تشهد له» وفوق ذلك كله كان 


كم 


يتمزق ألا وحزنًا على حال الأمة التى وصلت إلى الحضيض بسبب بعدها عن الإسلام» 
كما كان إبراهيم يستهجن ويستغرب أوضاع المسلمين وبعدهم عن الله» فيصرخ من 
شدة الألم» فالحزن يعتصر قلبه» والأسى يسيطر على كيانه ثم يتساءل كيف يطيق هؤ لاء 
عذاب الله يوم القيامة؟! كيف يقدمون على معصية الله؟ ! 

ع 0 00 
بسنته» والعيش فى ظلال سيرته المطهرة» فها هو يسير فى ركب طلاب العلم «خيركم 
من تعلم القران وعلمه» فيلتحق بدار الحديث الشريف فى طولكرم . لم يصادف مجلس 
علم أو ذكر و مجلسًا تتلى فيه آيات القرآن إلا وجدته سباقًا إليه مشتاقا إلى التزود من 
هذا المعين الذى لا ينضب . 

لل ار ل لقد وجدتنى وأنا آكل 
طعامًا مع شخص آخرء لا أعرف هذا الطعام ولا أعرف من أين هو فسألت ذلك 
الشخص من أين هذا الأكل فقال : إنه طعام الشهداء! وید تگال سدركه يبال الله 
عز وجل أن يهبه الشهادة وأن يأكل مثل هذا الطعام الذى لم يذقه من ة قبل »ولم يذق ألذ 
منه طيلة حياته . 
حادثة استتشهاده: 

فى يوم الأحد 7/18١1188/1١ء‏ قام شهيدنا وتوضأ وصلى الفجر» وعندما سألته 
والدته هل فاتتك صلاة الفجر يا إبراهيم؟ ! قال لها: لا يا أمى إنى صليت الفجر والآن 
أصلى صلاة الضحى » وبعد الصلاة بدأ إبراهيم يرتل الآيات على مسمع والدته طالبا منها 
أن تردد خلفه آيات رب العزة» وكأنه أحس بقرب أجله فقال لأمه وقد اغرورقت عيناه 
بدموع الوداع : أماه لا تبكى ولا تحزنى إذا ما استشهدت» مرددا فى أعماقه قول شاعرنا : 
أماه قد أزف الرحيل فهيئى كفن الردى الت لمن يغبت وهای أن اا 

خرج إبراهيم بعد ذلك إلى ساح الوغى مستعدا لمقابلة ملائك الرحمن التى تصطف 
انتظارًا للاحتفال بالحدث العظيم» لقد كان رصاص القتلة من أبناء الأفاعى والقرود 
يدوى فى أرجاء البلدة» ومن بين الرصاص المنهمر» وصيحات الله أكبر التى كانت 
تجلجل فى الميدان ترددها حناجر جند الله كان لسان الشهيد يردد: 


A۸۷ 


واف اال ج الكل ليا غلى آ یچب كان فى الله مدع 

وها هو إبراهيم يشارك إخوانه رجم الجنود بالحجارة» ومع كل ضربة حجر تنطلق 
من يده كان يزأر كالأسد مرددا «الله أكبر»» وتشاهده بعض النسوة» ويرين الخطر 
إبراهيم يستمر فى قذف الحجارة اللاهبة على الأصنام الشيطانية من جنود الاحتلال 
فيختبئون خلف الحدران وفى الأزقة» وخلف الحجارة الكبيرة» وفاجأوه برصاصة 
أصابته فى ركبته فصرخ «الله أكبر الله أكبر» ويواصل الجحبناء هجمتهم فأطلقوا عليه 
رصاصتين واحدة أصابته فى الكبد وأخرى فى القلب» وما هى إلا لحظات حتى 
صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها شاكية إلى الله ظلم الظالمين . لم يكتف الظالمون 
خلف أكوام الحجارة» وفى الأزقة. أما الأن فقد خرجت روحه الطاهرة. ولم يبق إلا 
الروح » فضربوه بمقدمة البندقية ما أدى إلى حفر ثقب فى رأسه وهذا ما أثبته التقرير 
الطبى فى مستشفى طولكرم» وأضاف شاهد عيان أن أحد الجنود وقف بجانب الشهيد 
وأخذ يضربه فى بطنه وقد فاضت روحه إلى بارئها . 
كرامة الشهيد: 

لقد أكرم الله شهيدنا بالشهادة أولاً» ثم أكرمه بكرامة أخرى واضحة بينة» فقد روى 
أشخاص ثقاة من شباب مسجد دير الغصون أنهم رأوا أصبع السبابة للشهيد 
رفغاو هة وكانه يفول : اهنك أن لا الدالا الله وآن ممعمد ا زشيوك الله 
لإسعافه محاولين إنقاذ حياته . 
مسيرة الشهيد: 

بعد وصول جثمان الشهيد من المستشفى كانت جموع الشباب المؤمن تعد له موكبا 
يليق بمكانته » فخرجت الجموع من أبناء قريته والقرى المجاورة» خرجوا حتى ملؤوا 


A۸ 


الطرق والأزقة» فكان فى وداعه ما يربو على سبعة آلاف شخص خرجوا جميعا يهتفون 
« بالروح بالدم نفديك يا إبراهيم» لقد حملوا الشهيد على الأعناق فيما تعالت هتافات 
التكبير وترددت فى سماء الوطن زغاريد النصر والكرامة» وشقت الهتافات للإسلام 
العظيم أجواز الفضاء وترددت هتافات «خيبر خيبر يا يهود جند محمد سوف يعود/ 
لعا عنان السهاء: 

قبل استشهاده بليلتين قام إبراهيم بشراء الحلوى وأطعم إخوانه فكأنه يوزع الحلوى 
اشا ده 

قالت والدة الشهيد بعد أن حاول الشباب طمأنتها وإخبارها آنه جرح: يا ليته 
استشهد من أن يقع فى قبضة المحتلين . 

ول شف لبد فى ليلة اهاد كان يمحدث مع أخيه عن قيا شمر 
الإنسان فى ميزان الله مستشهدا بقوله تعالى : [ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة 4 
[المعارج : [٤‏ فخلصوا إلى أن عمر الإنسان دقيقة وإحدى عشرة ثانية . 1 بالنسبة لليوم 
فى مقدار الله فقال الشهيد: إننى لا أريد هذه الدقيقة والإحدى عشرة ثانية . . بل أريد 
الاة الد ة الا 

رحمك الله يا أخانا-يا إبراهيم وأسكنك فسيح جناته نإ ومن يطع الله والرسول 
فأولئك مع الْذين أنعم الله عليهم من النبيين والصّديقين والشهداء والصالين وحسن أولئك 
رفيقا 4 [النساء : 19]. 


ea wae mm 


۸۹ 


الشهيدان الشقيقان البطلان 
« عبد الحليم» ( ۱۹۸۸/۱۲/۲۰) 
«وفواز» محمد رباح بخيت (۱۹۸۹/۱/۱۷) 


ربجا يستشف القارئ من العنوان صيغة للحزن» أو - 
يتبادر إلى ذهنه صور ومعانى المأساة التى يعيشها شعبناء 
ربجا يتذكر الدموع . . ولكن لا يمكن للقارئ أن يتخيل أن ا 
أمهما عندما ودعت الشهيد الثانى أطلقت زغردوة» وهذا ك 
فى نظر المحتلين والمستسلمين نوع من الجنون» والجنون | 
الفلسطينى الذى قلب الموازين فأاصبحت الأحزان عنواتا ئ 
للفرح الآتى عبر تدفق الدماء» وأصبح تح الشهيد عريسا يزف 
بلباس العرس الفلسطينى التقليدى «العلم» الذى نقشت فى داخله «لا إله إلا الله محمد 
رسول الله» بحروف من دم. ل ل و ل او 
الأخرى . 





كان شهيدنا عبد الحليم محمد ۲۲ سنة والذى يعمل میکانیکیا للسيارات» قد أنهى 
دراسته الإعدادية. برف غاا هد ت مق قوز اون فر وان وشو يلد 
الشيخ أحمد ياسين» ويحدثنا والد الشهيد والذى امتزجت دموعه بالذكريات المرة 
للرحيل : دخل الجيش المصرى وبعض المجاهدين من الإخوان المسلمين فى شهر ١١‏ 
وطلب من الناس أن يبتعدوا عن القرية» وبدأ الناس بنقل أمتعة خفيفة على أمل العودة 
بعد أيام قليلة حيث وعد الجيش المصرى بتحرير البلاد فى غضون أيام قليلة» ولكن 
الواقع يقول بأن هناك خطة للخيانة حيث تم اعتقال كتائب المجاهدين من الإخوان 
الل 271 بو كان الوك اة اوا د م طريلة فى لر و دمب 
بعض الناس لإحضار حاجاتهم لأن فترة التحرير التى وعدوا بها قد طالت وعندما 
ye ER Re E OD‏ 

دمرها اليهود ١954‏ » وأصبح أهلها من اللاجئين . انظر الدباغ » بلادنا فلسطين .)۳١١۷ »۳٠٠/۱(‏ 
(۲) انظر تفاصيل الأحداث فى كتاب كامل الشريف الإخوان المسلمون فى حرب فلسطين . 

۰ 


دخلوا القرية هالهم ما رأواء لقد رحل الجيش وأخلى القرية فأصبحت تحت نيران 
اليهود» فرحلنا عن القرية بواسطة البحر وكنا نشاهد عربات الجيش المصرى التى كانت 
تصطف على الرمال ومكثنا فى غزة مدة من الزمن وبعدها توجهنا إلى خان يونس 
وعلمنا بنبأ الخيانات فكان لابد لنا من شراء خيمة وبعد ذلك قامت الوكالة ببناء 
المخيمات . 


وعن قصة استشهاد عبد الحليم يقول والده: «صلى عبد الحليم صلاة الجمعة 
۰ وعندما خرج من الصلاة سمع صوت بعض الجيران وهم يصرخون فهب 
للمكاة» فوجد أن الأطفال قن افوا جرا اسعتشاقهم للغاز: + :ويا لهول :مااراى 
المستشفى للعلاج وبعد أن أمّن الأطفال فى السيارات سمع صوت صراخ آخر» فوجد 
أطفالاً آخرين وقد أغمى عليهم من استنشاق الغاز فقام بطلب سيارة الإسعاف وخرج 
إلى الشارع يطلب سيارة لنقلهم» وبعد أن سمع الأهالى بنبأ هذا الفعل الإجرامى. 
خرجوا من المساجد وهم يكبرون وأخذوا بإلقاء الحجارة على أفراد وقوات الاحتلال 
الجنود الذى أطلق النار من زاوية كان يختبئ بها وهنا سقط الشهيد ودماؤه تنزف بينما 
كان يحتضن الطفلة المغمى عليها . ٠.‏ . 
وكيف عرفت بنبأً استشهاده ؟ 


يقول والدالشهيد : أخبرت بأن ابنى قد أصيب بجراح. ونعنك أن :ذهيتة إل 
المستشفى أخبرت بأنه قد استشهد ولقد رأيته وهو شهيد. . لقد كان باسم الوجه وله 
رائحة زكية» وقام الشباب بنقله إلى مسجد اليرموك حيث خرجت من المسجد مسيرة 
بعد دفته» رددت خلالها الشعارات الإسلامية التى كان يحبها الشهيد» وعن أخلاقه 
يقول أحد أصدقائه : كان عبد الحليم يلتزم صلوات الجماعة باستمرار وكان محبوبا من 
قبل الناس فى الحى لما تمتع به من أخلاق طيبة رفيعة» أما والدته فتقول بأن عبد الحليم 
كان يقول لها «أريد أن أستشهد فى سبيل الله» فتقول له : لا تحدثنى بهذا الحديث» 
وعند استشهاد ابنها كانت مثالاً للأم المؤمنة الصابرة المرابطة . والجدير ذكره أن شهيدنا 
اعتقل لمدة ۱۸ یوما فى أنصار ” قبيل استشهاده . 

۹۱ 


فواز, أحد شهداء مذبحة مسجد الرضوان » 


استشهد فواز فى مذبحة مسجد الرضوان . أو المج وووسويدة 
الكبير ويتسع لآلاف المصلين - قبته خضراء كبيرة كا 
بالإضافة إلى مئذنته الشامخة ويعتبر المسجد بؤرة من بؤر 
مقاومة الاحتلال» ويلعب دور مهمًا؛ فهو مكان | 
ارات ا بف بعتو ال سحت ا و | 
الوق الرئيسى کے لی وله دا قان اللتريمة ال حدثت 
قد خطط الاحتلال لها بكل أبعادهاء وقد بدأت الجريمة | 
ليلة الجمعة عندما اقتحم جنود الاحتلال المسجد فى الليل " 
وقاموا بتفتيش الكتب وصادروا بعضا منهاء وبعد ذلك صعدوا إلى سطح المسجد 
وأزالوا الحجارة الموجودة على سطحه . 

وقت الجريمة: بينما كان المصلون يؤدون الفريضة كان عدد كبير من الحنود يحيطون 
بالمسجد بشكل يثير الشبه» وتبين أن هناك مخططًا ماء وصلى المصلون الركعة الأولى» 
وبينما كانوا يهمون بأداء الركعة الثانية قام الجنود يمحاصرة المسجد من جهة المحراب 
والجهات الأخرى. ووقف أمام كل شباك من شبابيك المسجد جندى . . وبدأوا بإطلاق 
النار بدون سبب» ولم يكن هناك مبررٌ لإطلاق النار» وكان الجنود كلما رأوا أحدًا من 
المصلين أطلقوا عليه النار» فاستشهد أحد الشبان وهو واقف لأداء الركعة الثانية وهو من 
عائلة الغورانى» وحاول شاب آخر استطلاع الأمر من الشباك فأطلقوا عليه النار 
فاستشهد» وهنا بدأ بعض الشباب بالصعود إلى ظهر المسجد للدفاع عن أنفسهم» ولم 
يجدوا حجارة فبدأوا بكسر الطوب وإلقائه باتجاه الجنود» فواز صعد إلى سطح المسجد 
وبدأ يشارك إخوانه فى الدفاع عن المسجد الذى أحبه» المسجد الذى تربى فيه على حب 
الإسلام وحب الوطنء المسجد الذى تشهد كل زاوية من زواياه لفواز: طالب علم أو 
قارئ قرآن أو معتكفا . 


صعد عدد من الحنود على إحدى العمارات المقابلة وأطلقوا النار بشكل عشوائى. 
تاضيب فواز يوضاضكين فى الوأش :و أخرى فى الضيدو: 1 فاستشهد على الفورء بعد ذلك 
۹۲ 





سمع الناس بنبأ الجريمة البشعة فخرجوا من كافة المناطق وهبوا للدفاع عن المسجد» 
وحدثت مواجهات عنيفة أصيب خلالها حوالى ٠١‏ مواطنا بجراح» وامتلأت 
الساحات المحيطة بالمسجد بالدماء وامتزجت بدموع الحزن على قلة النصرة والانتصار 
لدين الله ومن ينتصر لنا ؟ لم يعد هناك معتصم ولا صلاح الدين وما تبقى ليس سوى 
قيادات من ورق تهب قلوبها مع الرياح كقلوب الطير فلا نامت أعين الجبناء» لم يبق إلا 
أولئك الذين يساومون على دماء الشهداء وفى غياب زمن الانتصار فإن فى الحجارة ما 
يغنى عن أسلحة العرب التى صدئت فى مخازنها فما زأرت وما انتصرت» وبالحجارة 
قاوم أهالى الرضوان وطردوا الجنود وخرجوا يودعون الشهداء برغم الجراح والقراح › 
ولم يتركوا مجالاً للاحتلال لكى يتشفى ويشبع غروره وغريزة القتل لديه» فسارت 
الجنائز والله أكبر تملا السماء وبالروح بالدم نفديك يا شهيد» يا آم الشهيد زغردى فتطلق 
والدة الشهيد زغرودة بالرغم من أن فوازا هو الشهيد الثانى الذى قدمته فى سبيل الله 
والوطن» ولكن القلوب كانت تدمى من الحزن» كانت القلوب تتذكر قول الشاعر: 
الة هيه ور والارهاب EE‏ رياو A‏ 
برغو اك الت تي اا حامر اكه 
موقو ندال ا ا وا ا فى نے 
واوقال سن ال ي ل فسن اه الالو 
سأحييارفعالرأس ‏ ولوس ربلت بالكفن 
وفرض الاحتلال منع التجول على قطاع غزة تأكمله نفل الخريمة الشعة واستمر 
المنع لمدة 18 يومّاء ثم رفع عن كافة المناطق باستثناء حى الرضوان الذى استمر فيه نظام 
المنع لمدة أطول» وعن ردة الفعل لدى العائلة بعد الاستشهاد يقول والد الشهيد «عائلتنا 
لله ويد : نؤمن بالقضاء والقدر ونحن نؤمن أن عمره قد انتهى ولو كان فى أى مكان 
آخرء مصداقًا لقوله تعالى : یتما تکونوا يدرككُم الموت ولو كسم فى بروج مشيّدة وإن 
ُصبَهُم حَسنَ يووا هذه من عند اله ون تصبهم ية يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله 
فَمَال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا 4 [النساء ال ا 
نمضي راسد الاي 


۹ 


وعن شعوره والدا للشهيدين يقول : لقد أكرمنى الله بالشهيدين. وهذا امتحان لى 
أأصبر آم لا؟! أأشكر أم لا؟! وهذا امتحان للمؤمنء والحمد لله الذى أكرمنا بتقديم 
أبنائنا شهداء فى سبيل الله وأحب أن أقول بأن كل إنسان أو نظام يظلم فإن زواله 
قريب » فكم من دولة عظمى ظلمت وزالت» ها هى بريطانيا العظمى قد أصبحت 
صغيرة حقيرة بعد أن ظلمت واستبدت . وأثناء الحديث قال أحد الشباب وهو قريب 
من فواز بأنه شاهد فى المنام -أثناء قضائه فترة فى السجن فى أنصار” - شقيقه 
عبدالحليم» وهو فئ ثياب خضراء وأبدى له فرحا وسرورا وقال له أريدك أن تأتى 
عندى» فحدث بها أحد إخوانه فى السجن فقال له لعلها الشهادة ! وعائلة الشهيدين 
کون ھن ٤‏ شبان و٤‏ فتيات أحد الشبان قضى بسبب مرض ألم به واستشهد اثنان 
ورباح الذى يقضى فى سجون أنصار ٠٠۲‏ وهو خريج الجامعة الإسلاميةء وکان فواز- 
رحمه الله- يعمل خياطًا فى مصنع » وسألت مرافقى عن أكثر شىء آلمهم فى حادثة 
استشهاد الأربعة ؟ فقال النبأ الذى ذكرته صحيفة الاتحاد بأن الشهداء أعضاء فى الحزب 
الشيوعى ! لقد كان الأربعة شهداء من الشباب المؤمن الطيب» ولكن الأوغاد يريدون 
المتاجرة بدماء الشهداء» فهؤلاء هم الراقصون على جراحنا . 

خرجنا من بيت الشهيدين وقد كتب فى صدر المنزل : اللهم لا عيش إلى عيش 
الآخرة . 


14: 


الشهيد / محمد الدواوساء 
0848 ا 
من قبل أساتذته فى المدرسة» حيث كان يعد العدة لتقديم | 


التوجيهية العامة . 
مشاركته فى الانتماضك: 


كان شهيدنا يقبل على المواجهات بشجاعة» وكان ينتظر أ 
اللحظات التى يعلن فيها عن تصعيد مع الاحتلال» وكان 
يعجب بأفكار حركة المقاومة الإسلامية «حماس» لهذا كان يحرص حرصا شديدا على 
الاستجابة لنداءاتها فى المواجهة» وأثبت محمد شجاعة نادرة فى المواجهات » حيث تقدم 
الصفوف الأولى وكان متحركا كأنه شعلة متقدة . 
قصة استشهاده: 

فى صبيحة الخنميس ١984/1١/19‏ خرج الشهيد محمد إلى مدرسته التى تقع 
بالقرب من مخيم الشاطىئ» (مدرسة ابن سينا) وبينما هو فى المدرسة سمع بأن 
المواجهات اشتعلت فى مخيم الشاطئ وخرج محمد من المدرسة وبيده حقيبته 
المدرسية» ولم يتوجه إلى بيته بل انطلق إلى ساحة المواجهة» حيث وجد قوات كبيرة من 
حرس الحدود» فأخذ يرشق الحجارة على جنود الاحتلال وهو يكبر بأعلى صوته (الله 
أكبر . . . الله كبر . . . الله أكبر) وكان يقوم بتحميس إخوانه فى المواجهة» وفى هذه 
الأثناء يقوم أحد ال د طادق الاو ناتاه محمد لهات بار نارف قن الرامنوتيدا 
. دماؤه تسيل بغزارة تجود فى سبيل الله دفاعا عن الوطن » ويسقط الشهيد على الأرض 
تعانق دماؤه رمال غزة» لينال شرف الشهادة» ترح ق 50 
ومن ثم اوت 


O يو موسي ا‎ EEE 





۹۵ 


وهى تهتف (الله أكبر ولله الحمدء بالروح بالدم نفديك يا شهيد) . واتشعلت طف 
بالمواجهات مع جنود الاحتلال» ما أدى إلى إصابة العديد من أبناء الحى أثناء المواجهات 
بنيران الأسلحة» وقامت قوات الاحتلال بفرض منع التجول على مخيم الشاطى ظتا 
منهم بأن الشهيد من المخيم » وعندما أدركوا حقيقة أن المواجهات تنطلق من حى الشيخ 
رضوان قاموا بمنع التجول على الحى» فقد خرح الشبان من السواعد الرامية إلى الشوارع 
وكتبوا الشعارات على الجدران لنعى الشهيد» وقاموا بتقديم أكاليل الزهر لأهالى 
الشهمتك. 
عراء الشهيد: 

قام سكان الحى بإعداد بيت عزاء للشهيد بالرغم من نظام منع التجول» وأخذ الناس 
يترددون على بيت العزاء ومواساة لأهل الشهيد وغطت أكاليل الزهر جدران البيت . 
وخلال أيام العزاء تم إحضار الشهيد من المشرحة» وأجبروا أهله على دفنه ليلاً لكى لا 
تهب الجماهير بالمشاركة فى أعمال المواجهة . 
أم الشهيد تلقى النظرات الأخيرة عليه: 

لقد صبرت أم الشهيد والعائلة على مصابهم حيث إن الأسرة مؤمنة بالقضاء 
والقدرخيره وشره» لهذا فقد أقبلت آم الشهيد على توديع حبيبهاء بروح بطولية 
عالية . 3 وتقول عن هذه اللحظات : «القد سرقوا جميع أجهزة جسمه أثناء تشريحه», 
اها وال ههيد ققد كر من قرول اميد اله ول حول ولا قنوة ال الك العلل 
العظيم» . 








۹٦ 


« الشهيدان الشقيقان )» 
سمي رأحمد خالد الحمورى 
نضال أحمد خالد الحمورى 

۹۸44/1/1۹ 
سيد بو ب“اللواء ا الد 
السو متك لواء لحن ان > 
المرسلين . . ازتفع اللواء ولا ينحنى› والتلحمت ظ 
الصفوف» وتنادى جند الحق أن هلمرا إلى جنة عرضها 
السماوات والأرض أعدت للمتقية . 
المولد والنشأة: 


ولد الشهيد سمير الحمورى فى 9/ 7١979/1١م»‏ فى 
مارك | فى د ها ناه E‏ بهار يعن نيه لاا 
قرت ف الد ادم الى ررحت قت ساك 
خيل الأعداءء فسميرلم يردالمدينة المقدسة» وراية 
الإسلام ترفرف فوقهاء بل رأى علم اليهود يرتفع عاليًا 
ليذكر يمهانة المسلمين فى كل الأرض» أما نضال الشقيق ) 
الأصغر لسمير فقد ولد بعده بعام تقريبًا فى ۸/ ۱۰/ ۹۷۰٠م‏ وفاش العشيفان مما 
إخوة أصدقاء» وانتقلا إلى رحمة الله معا شهداء . 

لقد أحب الشهيدان الإسلام حبًا كبيراء وأحبوا الخير للناس . . كيف لاء وقد نشأ 
. الشهيدان فى أسرة مسلمة محافظة على الأخلاق والآداب الإسلامية الطيبة؟! حافظ 
الشهيدان على عبادات الإسلام وآدابه» فكانا محافظين على الصلاة والصوم منذ نعومة 
أظفارهما حتى لقيا الله شهيدين 





۹۷ 


دورهما فى الانتماضك: 

منذ بدء الانتتفاضة انخرط الصغار والكبار يقاومون المحتل ويتصدون بصدورهم 
العارية وإيمانهم القوى لحنود الاحتلال النازيين» وكان سمير ونضال من ضمن هؤلاء 
صوتهم إلى العالم كله. . تميز الشهيدان ب كتابة الشعارات على الجدران« ليحث 
وعدالة مطلبهم ا كم مرة خرجا فى ظلمة الليل › يتحسسان طريقهما ليخطوا على 
الشارع كلمات عظيمة «الإسلام هو الحل؛ خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف 
يعود». . . الخ . 


قصة الاستشهاد : 


كان الشهيدان يتشوقان للشهادة دائماء وعندما كانت أمهم تقول لهما إنكما إذا 
دخلتما السجن فإنى لا أعرف السجن» كانا يقولان لها : «إنهما لا يريدان أن يغلباها 
انما موق سعفهد ان لقد حاولت أمهما مرارا أن تمنعهما من الخروج ( فقلب الام 
دليلها كما رقو لون )فليس لها إلا هذان الو لدان لكنهما كانا تر چان شرا وو دان 
مهمتهما الجهادية ثم يعودان دون أن يشعر بهما أحد . 

وفى ذلك اليوم المشهود ١984/1١/75‏ فى ذكرى تقسيم فلسطين "١7‏ من قبل ما 
يسمى الأم المتحدة. كان الشقيقان البطلان على موعد مع الشهادة» فخرجا ليلاً 
كعادتهما يتسللان وسط الظلام لينصبا كميئًا لأعداء الله من جنود الاحتلال» ولكن 
قدر الله نافذ» فقد كمن الجبناء فى أحد الأزقة . . وما إن شاهدوا هذين الأسدين 
الرابضين حتى سارعوا إلى إطلاق النار عليهما من بنادقهم الرشاشة» فأصيب البطلان 
برصاص كثيف فسقطا على الأرض . . ليخطا بدمهما شعارا جديدا إذ لم يستطيعا أن 
يخطاه على الجدران . . إنه شعار خالد أبدى يذكر بالصحابة الأبراء والشهداء 


)١(‏ لقد صدر قرار التقسيم من قبل الأم المتحدة فی ٠۹٤۷/۱۱/۲۹‏ وهو يحمل الرقم .)١8١(‏ وهويقر 
تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما يهودية والأخرى عربية» وقد اعتادت حركة المقاومة الإسلامية « 
حماس » أن تعلن أن هذا اليوم يوم إضراب شامل رفضًا من شعبنا لكل القرارات التى تنتقص حقه أو 


۹۸ 


الأطهار. . إنه الدم وقود المعركة . . نموت جميعا وتحيا فلسطين إسلامية . . لقد 
أصيب أولاً سمير برصاصات العدو فى صدره ورقبته وظهره بأكثر من عشر . 
رصاصات» وقبل أن يسقط طلب المساعدة من أخيه نضال . . فتقدم نضال بين أزيز 
الرصاص لينقذ أخاه فعاجله الأوغاد برشات أخرى» فسقطا فوق بعض . . واختنقت 
العبرات مع زفرات الموت بينما تسللت من بين الشفاة شهادة التوحيد لتكون آخر 
عهدهما بالدنيا . 

تولك :اننا تون اندو ظلى | لها نمع هتقرو هذا وعتنا وقد يخا يدها نهنا عل 
ثرى فلسطين الطهور . أما والد الشهيدين فيقول: لقد كنت وأمهما بانتظارهما عندما 
رأيت برقا شديدا شق السماء نصفين» وما هى إلا لحظات حتى كانت السماء تنهمر 
بسيل من المطر. . ولا علمنا بنبأ الاستشهاد كان ذلك فى وقت البرق الشديد ضبطًا . 
جنازة الشهيدين: 

طلبت سلطات الاحتلال كعادتها أن يتم تشييع الد لتلا ودون خصو اک 
بن عت ةين أملناء E E‏ ل الج ل 
يسلمونا إياهما إلا على المقبرة فى باب الأسباط » عند صلاة الفجر فى الساعة الخامسة 
والنصف صباحًاء كان عدد المشاركين فى التشييع حوالى ۴١‏ شخصاء فصاح أحدهم . 
بصوت عال «الله أكبر» فاشتبكت النساء مع جنود جيش الاحتلال على المقبرة . . فى 
ا كن ناوات ا والشوطة علن 
امتداد الطريق ظ 

وبعد أن تم الدفن وفتح بيت العزاء تقاطرت الوفود من كل المدن والقرى والمخيمات ‏ 
لتقول لوالد الشهيدين : إن المصاب مصابنا جميعا وإن سمير ونضال ليسا ابنى أحمد 
لمرو ا . كل فلسطين . ) 


د 


44 


الشهيد / محمد مراد جميل مطر 
۱444/۲/0 

فى 0/ ۲/ ۱۹۸۹ قام محمد صباحا بفتح المحل وحده 
ولم يكن والده معه» وعلى غير عادته أغلق محله الساعة ' 
۰ ,١١ء‏ فى حين كان يغلق المحل الساعة ؟١‏ عادةء 
وهذه المرة أعطى المهمة لشقيقه الأصغر منه» وتوجه 
محمد إلى السوق. والتقى بعضا من أصحابه» فحذروه 
من التوجه إلى السوق بسبب خطورة الأوضاع. إلا أنه 
أصر على الذهاب إصرارأ عجيبًاء وكان أحد جنود 





الاحتلال يقف على مبنى مهجور» وكانت دورية أخرى تتجه نحو شرق المخيم› 
وعندما رأته إحدى نساء المخيم دعته إلى الاختباء فى بيتهاء إلا أنه رفض وقال لها : ' 
والله ما برجع » والله لأكسر رأس الجندى بالحجر" » وبدأ محمد بإلقاء الحجارة دون 
خوف أو وجل» فقام الجندى المتمترس بالعمارة بإطلاق الرصاص باتجاه محمد من 
الخلف عن بعد ٠٠١‏ م» فأصابه برصاصة فى القلب» ولم يتحرك» وكانت الحادثة فى 
موقع مكشوف» ورفع الحندى قبعته ولوح بهاء وكانت تبدو عليه أمارات 
التو اتل بارت ارد جا الا ج اال اا ي ب أن تبعت 
شهادته» وحمل إلى منطقة النصرء وسرعان ما انتظم الناس فى مسيرة كبيرة طافت 
أنحاء الحى وهى تردد صيحات الله أكبر» مشيدة بالشهيد وأخلاقه»ء وأثناء ذلك لم 
تتوقف دموع والد الشهيد من التناثر دررا على ابنه الشهيد» كيف لا؟ وهو فلذة 
كبده» وعقب ذلك حدثت مجابهات عنيفة فى المخيم استمرت ساعتين تقريبًا وحضر ما 
يسمى بالحاكم العسكرى ونائبه. فخرج والد الشهيد من بيت العزاء وقال لليهودى : 
اذا تربك هنا أ .مع ادا دا و وجرت محاورة بينهما نوردها لنعلم نفسية هذا 
الشعب المجاهد : ظ 


١١ه‎ 


# ما اسم ابنك؟ 

1 محمد 

# فى أى مدرسة يدرس ؟ 

# يبيع فى الحانوت . 

# من الذى بعثه إلى منطقة الشواء «المكان الذى استشهد فيه» لإلقاء الحجارة على 
الحيش؟ 


# أمى هناك » وبعثته لإرسال طعام لها . 


# أنا بشوف وبحقق فى الأمر. 
* آنا لا أريد منك أن تحقق » لأن تحقيقك لن يعيد إلى ابنى « يلعن أبو اللى ما يدينا سلاح 

حتى أبيدكم كلكم) . 

ورغم منع التجول» كان الشبان يتوافدون إلى بيت الشهيد» وكان يحضرون زهورا 
وصور للشهيد» وشاهدنا بعضا من الملصقات وكانت مزدانة بصورة الشهيد» ومرسومة 
صور الشهيد» فمنعهم من ذلك والد الشهيد . 

وكان والد الشهيد يتكلم بعاطفة جياشة قوية» وقال بأنه مستعد لتقديم أبنائه الأربعة 
شهداء» وأخذنا إلى داخل البيت حيث شاهدنا آثار الرصاص والحجارة التى اخترقت 
الإسمنت» حيث كانت قاذفة الحجارة تقوم بعملها . ويقول لنا شاب من شبان 
الخي بان هجا كان حم اعطاق عا وكا مله جما ديق 
الحنیف» ويوم استشهاده بدا وكأنه ذاهب إلى عرس ولبس أحسن ملابسه ! 

نعم إنه كان فى انتظار ما هو أجمل من العرس . . إنه عرس ملائكى . . 


عاد واد جاع 
7 «نه» 


الشهيد /محمد خالد الشريم 
1101/0/1 

ل من المؤمنين رجال صدقُوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى تحبه ومنهم من ينتظر وما 
بدلوا تبديلا 4 [الأحزاب: 77] . 

وكان شرقًا للشهيد محمد خالد الشريم أن يكون فى | 
دفاتر هؤلاء الشهداء» ذلك الفتى المؤمن» صاحب السيرة 
العطرة والخطى المؤمنة الشابتة» ابن المسجد ابن الإسلام 
الذى ودع الحياة بكلمة خالدة «أشهد أن لا إله إلا الله وأن 
محمدارسول اللهء الله أكبر الله أك . .ب..ر. .»أا 
زفرات خالدة وروح تجأر إلى الله تشكو ظلم الظالمين 
وسكوت أنظمة الردة فى عالم العرب والمسلمين. . 

انخرط شهيدنا فى صفوف المؤمنين العاملين» وجاء عهد الانتفاضة ليعاهد الله 
سبحانه وتعالى أن يحمل الأمانة بكل إخلاص» فسار فى شوارع المخيم يحمل فى يده 
عدته وعتاده التى لا تكلف شيئًاء مقلاعا وحجراء ويقصد المحتل ليريهم كيف يكون 
الحجر فى يد المؤمن» فكان حجره وتكبيره يفزعهم ويرعبهم» فكان بإذن الله فى 
حلوقهم شوكة: إنه ابن المسجد الذى ضرب للمثل مثالاً فى الصبر والشجاعة والإقدام 
ولسان حاله يقول : 

أنامسلم هل تعرفون المسلما؟ أنانور هذا الكونإنهوأظلما 


أنامصحف يمشى وإسلام يرّى أناتفحةعلويةفوق الثرى 





أنا من جنود الله حزب محمد وخر هدق تحن لا امعد 
أنا فتى القرآن وابن اللمسجد 

آنا الاو مھ ت إل ا والحق يش هد لى ونعم الشاهد 

ومعى القذيفة والكتاب الخالد ويقودنى الإيمان نعم القائد 


۰۲ 


آنا لا أهاب الموت إن هو أقبلا ‏ بل أستحث له الخطى مهرولا 


فهو السبيل لنصر شعب مبتلى 0 فورءهالفردوس طابت منزلا 
حادثه اللاستتهاد : 

كان موعده مع إشراقة صباح يوم السبت ۳/۱۲/ ۱۹۸۹ »عندما كانت الشمس 
تتسلل من ثنايا بيوت المخيم» وكانت رياحين المخيم تنتظر العريس المقبل على 
زفافه» ونهض شهيدنا من فراشه نشيطًا كعادته واغتسل وخرج من بيته وأخذ يزور 
أصدقاءه من أبناء المسجد» ووجهه الطلق تعلوه ابتسامات خجولة كان يعلو وجهه 
إشراقة رائعة» يسلم على هذا ويودع هذا وتحية الإسلام لا تفارق فمه بينما كان 
صوت«الله أكبر» يجلجل فى أنحاء المخيم» كان محمد يتسابق لأداء هذا الواجب 
فصلى الظهر جماعة - وهو ما كان يحرص عليه دائمًا - وبعدها توجه إلى ساحة النزال 
يقارع الحتل مستجيبًا لنداء التصعيد العام الذى دعت له حركة المقاومة الإسلامية 
«حماس» وحدثت مصادمات ومجابهات عنيفة» واقتحم الجيش المخيم مستخدما 
اجنود والعربات وبشكل مكثف» وفى أحد مداخل المخيم كان يربض أسد من أسود الله 
خلف جدار إسمنتى فى المدخل السفلى للمخيم» وتحولت المجابهات إلى شبه حرب 
شوارع »من شارع لشارع ومن حارة إلى أخرى» ومن زقاق إلى زقاق» وكانت سحابة 
الدخان تغطى المخيم» وكان المسيل للدموع الخانق بسحابة الدخان الأبيض والأصفر 
المعهودة تملأ شوارع المخيم » وسكت المخيم فلا تسمع سوى أزيز الرصاص وفرقعات 
القنابل المسيلة للدموع» ولكن صيحات الله أكبر كانت تهز المخيم وتغطى صوت 
الرصاص التى أصبحت إلى جانب صيحات الله أكبر صونًا مخنوقًاء كان بالإمكان 
سماع صوت ارتطام الحجارة» والزجاجات الفارغة بسهولة» فى مقابل الأسد الهصور 
كان یکمن ذئب ينتظر فريستهء أما الأسد فما هى إلا لحظات ويعلو محلقًا فى سماء 
الشهادة ‏ أما الذئب فقد رضع الخديعة مع اللبن فأصبحت هوايته» وإذا كان الرصاص 
يشبع عند جنود الاحتلال حب القتل فإنه يشبع فى أشبال المخيم حب الشهادة. . وهذا 
الذى كان ينتظره محمد . . رصاصة اخترقت الحبين الذى ما سجد إلا لله» وودع الحياة 
بالكلمات الخالدة التى أحبهاء وارتفعت روحه إلى عنان السماء ترفرف فى حواصل 
طيور خضرء وكأنى به ومنذ أن فاضت روحه وسالت أول قطرة من دمه المعطر برائحة 


١١ 


المسك . . كأنى به يرى ما أعد الله للشهداء المخلصين فى رياض الجنة مع أبى القاسم 
وأصحابه الغر الميامين . . وهكذا خرجت روحه لترتفع فى سماء الشهادة تعانق أرواح 
الشهداء فى عليين تروح وتغدو فى جنات النعيم . . ومن مآثر شهيدنا فى ذلك اليوم» أنه 
كان أول من أشعل فتيل المواجهة» ففى الصباح الباكر تعرض لجيب عسكرى ورماه 
بالحجارة والزجماجات الفارغة وأخذ العتاة الغاصبون يمطرون المخيم بوابل من 
الرصاص وبغاز مركز وبشكل كثيف فلم يرعوا طفلاً ولا شيخا ولا امرأة ولو كانت 
حاملاً . | 


من كرا 4 





الحديث عن كرامات الشهداء يطول ولكن الإيمان به فى أعماقناء وشهيدنا ظهرت 
بعض الكرامات فى حادثة استشهاده : ظ 

اعكان ال نير اننوك هن الا وا بين ا ر قد ال صر 
من قبل صديق بعد أن طلب منه تصويره وهو على هيئة الشهادة وأشار بأصبعه إلى 
مكان الإصابة وكانت فعلاً الإصابة القاتلة يوم استشهاده فى مكان قريب جدا من 
إشارته فى الجانب الأيسر أسفل البطن وكأنه ‏ سبحان الله كان على موعد مع الشهادة. 


6 


وهذا يذكرنا بذلك الصحابى فى إحدى غزوات الرسول ية حين قال له أليس بينى 
وبين الجنة إلا أن أقاتل فأصاب بسهم ها هنا ؟ «وأشار إلى رقبته» فقال الرسول كَل 
نعم» (وعندما تفقد الصحابة الشهداء وجدوا سهما وقد اخترق رقبته حيث المكان الذى 
أشار إليه) . ظ 

؟- بعد إصابته وتدفق الدم الغزير من صدره» تدفق الدم على صدره مشكلاً صورة 
على شكل لفظ الجحلالة «الله» وكانت واضحة وكأنها كتبت بيد خطاط محترف» وقد 
أكد هذه الرواية كل الشباب الذين كانوا معه والذين قاموا بنقله إلى مستشفى المقاصد 
الإسلامية . 

۳- أما عن الكرامة الثالثة : يقول أحد الإخوة الصا حين إنه رآه فيما يرى النائم أنه قد 
أقبل عليه مبتسما وقال له: إنى أستحلفك بالله أن تذهب لأهلى وتقول لهم «لا تبكوا 
على فإنى أدخل الجنة من أوسع أبوابها والملائكة تتلقفنى» . 

تتميسلم اتان ادر لصنع الفجر فى يوم الخلاص 


۱۰۵0 


الشهيد / نعمان طه جرادات 
7049م 





ولد شهيدنا بتاريخ 1917/5/7 » درس فى مدارس 4 3 
الس لار ةة 72 أنهى الصف الثالث الاعدادى» و 7 
يكن اجتهاهه المدرسى كمايجب. . فاتجه إلى 
العمل» و أصبح عاملاً يکد بيده ويتعب من أجل أن يعيش 9 a‏ 
حياة كريمة» وتربى فى أسرة جمعت سنا من البنات ا ّْ > 


K8 


وثلاثة إخوة» وفى ظل هذه الأسرة عاش حياته وتعلق منذ أ 
الصغر بأداء عباداته والتزم المسجد وأصبح من ا 
رواده» وكأنى به يسابق لينال درجة عالية فى ظلال عرش 3 
اليج مع الان غل ا غ قاب كا ااه تود ا 
التزامه صلوات الجماعة الخمس . حتى صلاة الفجر لم تكن تفوته» ولم يكن ليقف عند 
هذا ا لحد» وهو يسعى إلى تحقيق ما يتمناه كل مسلم» ألا وهو رضى الله سبحانه 
وتعالى » فكان داعية فى بيته وبين هله » فأخذ يدعو إخوانه وأخواته إلى الالتزام بمبادئ 
العلماء والدعاة» فاتجه إلى الكتب الإسلامية ينهل منها ثقافته» فامتلاً البيت بالكتب 
الإسلامية التى كان يطالعهاء ولا زال صدى صوته يتردد فى ثنايا البيت وهو يحدث 
إخوانه عن أمور الدين . 
يوم اللاستتهاد: 

بتاريخ ١984/7/14‏ ودع حياته با أحبه فى هذه الحياة» حيث صلى ركعتين سنة 
الضحى» وذكر بعض إخوانه أنه صام اليوم» والقصة بدأت عندما ذهب نعمان لصلاة 
الفجر. ومكث فى المسجد مع إخوانه يتذاكرون حتى طلوع الشمس» بعدها طلب قيم 
المسجد من الشبان أن يخرجوا من المسجد» فطلب نعمان منه أن يصلى ركعتين وبعد أن 
فرغ من الصلاة الأخيرة له فى المسجد الذى أحبه وتربى فيه خرج إلى بيته عائداء ويقول 
(1) السيلة الحارثية : تقع هذه القرية فى الشمال الغربى من جنين» وعلى مسافة عشرة كيلو مترات منها . 
() قال رسول الله ية «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل» وشاب نشا فى طاعة 

الله....». 


٠١١1 


لنا والد الشهيد عن ذلك اليوم بأنه كان يستعد وجميع أفراد العائلة للذهاب إلى الأرض 
للنزهة وكنوع من العمل فى الأرض» وطلب من ابنه نعمان أن يتوجه معهم إلى 
الأرضء ولكنه أصر على الذهاب لصلاة الظهر مع أن الوقت لم يكن قد حان فيه أى 
موعد للصلوات» وسار نعمان فى طريقه وبعد أن وصل إلى ماتورات الكهرباء فى 
البلدة» كان عدد من الجنود يقفون فى المكان فأخذ يصرخ «الله أكبر» الله أكبر»» وهو 
نطر الى ا فقام أحد الجنود بإطلاق رصاصة باتجاهه فأصابته فى الرأس من الجهة 
اليسرى وشقت رأسه وسقط جزء من عظام رأسه ودماغه على الأرض» وتم نقل نعمان 
إلى مستشفى بحيفا » وتوجه والد الشهيد لإحضار جثة ابنه إلا أنهم ماطلوه هناك حتى 
استطاعت سيارة تابعة للجيش من اختطاف الحثة وتم نقلها إلى معهد التشريح . وعن 
هذه القصة يقول والده: 

حضرت سيارة جيش فارتبت من تصرفاتهم» فسألت الجندى إن كان يريد نقل جثة 
ابنى إلا أنه نفى ذلك» وقال بأنه جاء بمهمة خاصة» وبعد ذلك قام بالدوران من جهة 
أخرى وسرق جثة نعمانء وبعد ذلك بقليل حضر موظف من المستشفى وقال لى بأن 
جثة ابنك فى التشريح الآن. ورفض والد الشهيد ذلك» وقالوا له بأنه سيتم استصدار 
أمر لتشريح الحثة رضى أم أبى ولن يستفيد إلا التأخير فى إحضار جثة الشهيد» وكان من 
الوعود التى قطعها الحاكم العسكرى على نفسه إحضار الجثة وتمكين أهله من تشييعه 
كما يليق بالشهداء. لا بل وإخراج الجنود من البلدة» إلا أنه بعد ذلك تنكر لكل هذه 
الوعود وقال لوالد الشهيد «أنا كل اللى حدثتكم به كان غير صحيح»! وحصل والد 
الشهيد على تصريح لإحضار الشهيد» واشترط الحاكم العسكرى على والد الشهيد أن 
يتصل بالحاكم العسكرى بعد وصوله إلى مجدو فى رحلة العودة» وبعد أن وصلت الحثة 
كما كان متفقًا عليه رافقت الشهيد سيارات عسكرية لم تسمح بإدخال الشهيد إلى 
بلدته» بل تع نقله إلى مبنى الحاكم العسكرى فى جنين» ولم يسمح إلا لسبعة رجال 
وأربعة نساء بوداع الشهيد. حتى إنه أصر «أى الحاكم العسكرى» على أن تؤدى الصلاة 
على الشهيد فى مبنى الحاكم العسكرى» وحدث كل هذا فى دراما مضحكة مخجلة من 
نكث للوعود والتلاعب بمشاعر ذوى الشهيد واستغلال العاطفة بصورة مؤلمة» فكان أن 
منع إخوان الشهيد وأخواته من وداعه وكان فى ليلة وداعه أعداد كبيرة جد من جنود 
الاحتلال» وتم تطويق جميع البلدة والمقبرة. . وتم دفن الشهيد . 


۱۰¥ 


هذا وقد أنكر الحاكم العسكرى أن يكون ابنى قد استشهد عن طريق إطلاق 
الرصاص عليه من قبل جنود الاحتلال» وادعى بأن هناك إمكانية لأن يكون شخص ما 
قام بضرب ابنى ببلطة على رأسه لأنه لم يكن فى بلدة السيلة جنود عند وقوع الحادث . 

غلى كل فإن الشهادة ليست بحاجة إلى اعت اف ساطات الالال ما دافت أنيها: قد 
كفت فى السهناء !! صحيح أن رأس نعمان قد انشق ولكن لم يكن بسبب بلطة وإنما 
بسبب رصاصة «دم دم» أطلقها المجرمون على رأسه ليرتفع إلى جنات الخلد كوكبًا 
عضيدا كج ا ا عير ال موت على رةه عافد رتال رات 
على الانتقام من المجرمين حتى ولو بعد حين . 





اليهود لاا يستطيعون المواجه لانهم جبناء 
م١٠‏ 





الشهيد / نام ق أحمد حسين ملجم 
01007 


ولد نامق فى 4/ ١977/7‏ بكفر دان - لواء جنين» 
أنهى دراسة الشالث إعدادى فى بلدته ثم التحق بمدرسة , 
الصناعة فى جنين وتعلم الحدادة. عمل فى سوق الخضار 
فى جنين › متزوج وله ٤‏ بنات . 

فق أسيرة ريت على القداء وه فق أشيرة اعقاوت 
على إرواء الأرض بالعرق والدم» ولدنامق. فوالله 
أحمد أصيب فى عام ۱۹١۸‏ وهو يدافع عن كرامة الأمة 1 
واستشهد عمه فى تلك المعارك› ويذهب جيل وياتى جيل 
ا ا ٠‏ . ينبلج 


ی ےی 
الشهيد نامق عندما وقفت زوجته فى مقدمة المسيرة وحملت علم فلسطين وأخذت 
تزغرد لزوجها الشهيد. . بجانب زوجة الشهيد كانت تجلس والدته التى كانت الدموع 
المنكبينة اول العتائ ركالذر.:. . الكلمات تكاه تدعق وزفرات الال ترفد فى أعماق 
هذه الأم . ظ 





كان نامق متديئًا للغاية . صلى العشاء ليلة استشهاده مرتين» فقد حسب النداء 
المنطلق من مكبرات الصوت التى كانت تحذر من العدو أذانا فصلى » إلا أنه عندما خرج 
من البيت سمع النداء فلبى وصلى العشاء إمامًا .؟ . وهذه آخر صلاة له» وكانت أخلاق 
م امون ا EB‏ قط ا .. كلامل ازوج لون ويطيق حديث 
الرسول ية : : «المؤمن ا ا ا ا 
كما قال 

وتقول بأن أهل البلدة يعتصرون ألا لفقدان نامق . . 


۱۹ 


كيف استشهد نامق ؟ 

تقول زوجة الشهيد: كان فى البلدة مسيرات ومظاهرات» وسمع بأن الجيش يقتحم 
ش البلدة فخرج مع جموع الناس . . . وقف كالأسد بإيمانه, أبى أن يرى أقدام المحتلين 
تدوس كرامة التراب الذى استشهد عليه عمه وسقاه والده من جراحه المثخنة . فهب مع 
الجموع وككل مؤمن أبى» أبى إلا أن يكون فى المقدمة . . فى الصف الأول حيث يعرف 
الرجال. . فاقتحمت جبينه المؤمن رصاصة جبانة لم تعلم أنها تخترق جبيتا طالما سجد 
سجوده الأخير متوضئًا بدمائه . : ويخم: الد إلى الح 1 ولكن كانت روحه 
تعرج فى السماء مندفعة بقوة وسط استقبال الملائكة فهم يستقبلون روحا لها رائحة 
كالمسك . . ويعلم والد الشهيد ويأتيه بالأخبار من لم يزود . . ولكنه أسد اعتاد المحن» 
فكما وضع أخاه فى القبر شهيدا تلقى نبأ استشهاد ابنه بنفس الروح» وترى زوجة 
الشنهنية أمرا غير عاد فال :ها الخ | > اول وال الشهيد أن فف هو الأمر 
فيقول لها أصيب نامق إصابة خفيفة . . وتجيبه بروح المرأة المسلمة المؤمنة : الحمد لله 
على أى حال . . وتخرج زوجته فتقابل نسوة يخبرنها بالخبر الصحيح فتقول : هنيئا له 
اا ظ 

قد لا يصدق المرء قصص التراث عن جلد النساء وصبرهن» ولكن النساء 
خارطة وعلم الوطن فى الليالى الحالكة المظلمة . . . ويتابع أحد الشباب القصة بعد 
ذلك فيقول: نقل الشباب جسد الشهيد إلى برقين وفى الصباح سارت مسيرة عبر 
الحبال إلى كفر دان . 

وبالرغم من الأمطار التى هطلت فقد امتلأت البلدة بالأصوات المنطلقة من الحناجر 
«الله أكبر» «لا إله إلا الله» الشهيد حبيب الله» لا تهتموا لا تهتموا أبو كرم ضحى 
)١(‏ هذه صور فريدة من الصبر على الابتلاء والمرأة تصبر على فقد الأحبة» ولكنها عادة تكون أقل صبرا عند 

فقد الزوج» فيذكر ابن إسحق «ت١5١ه)‏ فى السيرة : « أنه لما انصرف رسول الله كا راجعا إلى المدينة 

بعد أحد» فلقيته حمنة بنت جحش فلما لقيت الناس عى إليها أخوها عبد الله بن جحش› فاسترجعت 

واستغفرت لهء ثم نعى لها خالها حمزة بن عبد المطلب» فاسترجعت واستغفرت له ثم تُعى لها زوجها 

مصعب بن عمير» فصاحت وولولت» فقال يد : «إن زوج المرأة منها لبمكان؛ لما رأى تثبتها عند أخيها 

وخالها وصياحها على زوجها عبد السلام هارون» تهذيب السيرة »ع ص59١٠١7١.‏ 

۱1۰ ) ) 


بدمه»» ويقول شاب آخر : شاهدت نامقًا يومها كأنه إنسان نائم يبتسم ودم ينزف من 
راهول شير امت ووقف يومها والد الشهيد على قبره وقال : الحمد لله الذى 
شرفنئ باستشهاده . وأثناء الحديث تصدر بعض كلمات الحزن من والدة الشهيد فيها 
شىء من الندم لأنها سمحت لنامق بالخروج ذلك اليوم وترد زوجة الشهيد: أنا مقتنعة 
لنا: على العكس مما هو واجب فأنا دائمًا أحاول التخفيف من آلام أمه. . فترد والدة 
الشهيد بقولها: أنا حزينة جدا عندما أرى بناته وهن يرددن سؤالاً بريئًا يقطع قلبى من 
. الداخل : أين أبونا. . أليس لنا أب يا جدتى؟!. وسألت زوجة الشهيد؟ ألا تعلم بناته 
بأن والدهن قد اسعشهد ؟ فتقنول: بلى لقد أفهمتهن أن الیش قثل نامقا لغلا يكبرن 
ويتعقدن إن قلت إن أباهن مسافر فتقول لا أريد الكذب على بناتى ولكن البنات لازلن 
يذكرن الكثير عن والدهن : عندما ترى إكرام الدم الذى على فرش السيارة التى نقلته 
تقول: هذا الدم دم أبى وتقول بأن والدى فى الجنة ويكررن القول بأن والدهن ذهب 
ولم يعد. فداء الصغيرة شاهدت صورة والدها فى إحدى المجلات» فبدأت تنادى على 
والدعاء أما قافر فعتدها تذهي معن لزيازة:شقيق تامق فى الجن بال عق و اندها 
أنت والدنا ليس لنا أب» قتله الجنود أليس كذلك يا أبى؟ وكلمات أخيرة تقولها زوجة 
الشهيد ودعتنا بها ونحن نشعر أننا أمام امرأة مؤمنة إيمانًا حقيقيًا : رغم أنه زوجى إلا 
أن هذا حق» ولو لم يستشهد تلك الليلة لمات على فراشه» نحن بحاجة إلى 
التضحيات» ومعنويات قوية جدا » وأنا على استعداد للتضحية كما فعل زوجى 
والشهادة شرف لا يستحقه أى فرد . 

أولاد الشهيد: إكرام (4سنوات) تقول لجدها: أنت والدنا ليس لنا أب» قتله 
الجيش. عريب (5سنوات) الدماء التى على السيارة دماء أبى . تماضر(۳ سنوات) 


عاد ماد ماد 
i i aS‏ 


11۱ 


الشهيد /محمد منصور عبد ريه 
44/1/۰ 


متنوعة وأحاسيس مدفونة عمقتها طبيعة الحياة التى عاشها 
بين الأرض والمسجد والمدرسة . 

فهو يسير يوميًا مسافات شاسعة عبر الأراضى المزروعة 
عبر رائحة النسيم العليل» يسير إلى المدرسة مارا بالمسجد. 
ففى المدرسة تعلم أن يحب أرضه» والمسجد علمه واجبه 
نحو ربه وأرضه والعقيدة» هذه الأركان الثلاثة : الأرض› 





المخد المارسة هى الى كونت كنخصية هيدنا محمد 
منصور عبد ربه الذى ولد فى بلدة الجيب شمال القدس» والبلدة القريبة من القرى 
الفلسطينية الثلاث التى هاجر أهلها وهدمت ووريت بالأرض تماماء عمواس» يالواء 
بين نوباء» فكان -رحمه الله -قريبًا من هذا المصاب» فحديث الناس عن عائلات فقدت 
كل شىء» فيعقد الشهيد محمد العزم فى قلبه أن يقدم شيئًا لأبناء أمته ودينه وبلده حتى 
لا يصيبهم ما أصاب القرى الثلاث ولا سيما وهم على الحدود . 

هذه النفسية الشفافة المولعة بلقاء الله عبرت عنها كتابات الشهيد نفسه المتنوعة سواء عن 
طريق خواطر كتبها بشكل رسائل أو عبارات على الخزانة والوسادة كقول الله تعالى « ولا 
تَحسبَن الله غافلا عما يعمل القالون إِنَمَا يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار» [إبراهيم : ]٤١‏ 
« ولا تحسبن الّدين قَنُوا فى سبيل الله أمواًا بل أَحيَاء عند رهم يرِرَقُون 4 [آل عمران: ]١19‏ 
عبارات كلها تصميم وإباء» فشهيدنا الذى أنهى المرحلة الثانوية فى مدرسة الجيب لم يكمل 
دراسته فى الجامعة» بل ذهب إلى الأرض ليرويها بعرقه ثم بدمه» جعل حديث الرسول 
كد : «لا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم 
ولا ما أصابهم حتى يأتى أمر الله» . قيل أين هم يا رسول الله ؟ قال : «فى بيت المقدس 
وأكناف بيت المقدس» جعله نبراسا له يضىء له حالك الظلام» فكان لسان حاله يقول لبيك 
يا رسول الله نحن إن شاء الله من هذه الطائفة . 


۱1۲ 


وإن کنا قلة لکنا على الحق والله تعالى تكفل بنصرة من كان على الحق من عباده 9 وكان 
حقاعلينا نصر المؤمنين 4 [الروم : /51]» فلابد من الدفاع عن الأرض والعرض 
والمقدسات» وكان - رحمه الله- ومجموعة من إخوانه الصائمين قد صلوا العصر فى 
مسجد البلدة وشعروا بأن مواجهة مع الجيش ستكون» فصلوا ركعتين لله وطلبوا 
الشهادة فى سبيل الله . وحدث اللقاء بين الليوث المجردة من السلاح إلا سلاح الإيمان 
والحجر وبين الطغاة المدججين بالسلاح والعتاد» استمرت مواجهة عنيفة بين تكبير 
الشباب المؤمن وحجارته وطلقات الجنود» فأصابت رصاصة غادرة قلب الشهيد الذى 
اط ااه الأخيرة اطا فنهاذة أن ل له ]لآ السو آث مهدا رسول الله ضار ا هاف 
محتسبًا مقبلاً غير مدبر بتاريخ 0/ ۳/ ۱۹۸4ء ولدى زيارتنا عائلة الشهيد وجدنا 
الأب والأم من الذين ألهمهم الله الصبر على فقدان الشهيدء الأم تقول إنها لا تستغرب 
أن يكون ولدها شهيدا فقد كانت ترى فى عينيه خب الشهادة» فحديثه عن الجهاد 
والاستشهاد والجنة ونعيمهاء أما عروسه فكانت فلسطين ودفع مهرها استشهاده 

وقد كتب الشهيد بيمينه رسالة وخاطرة قبل موته نحررها كما هى لنرى النفسية 
المؤمنة التى ملأت عقل وفكر شهيدنا ِ 

بسم الله الرحمن الرحيم 

قال تعالى ظ ولا تحسبن الّذين فُتنُوا فى سبيل الله أمُوانا بل أحياء عند رهم يرزقون 4 
[ البعهران::-115] اللهم اجعلنا من ذكروا فى كتاب الله واجعلنا السباقين للدفاع 
عن الإسلام والمسلمين وأول من يحارب فى سبيل الله وفى سبيل إعلاء كلمة الله 
ورفع الظلم عن أهل فلسطين وإرجاع الحق المسلوب وتحرير الأقصى وقبة الصخرة 
من برائن الأعداء والغاصبين . آمين يارب العالمين» انصرنا على القوم الكافرين . 

ما أعظم كلمة الجهاد وما أحبها على قلبى وما أعذبها على سمعى» كلمة قال 
الرسول الأعظم عنها واعتبرها الرسول سنام الإسلام وقمته وقال إنه لا نصر إلا 
بالجهاد . ولا عزة ولا كرامة إلا بالجهاد. 

فبما أن الجهاد والاستشهاد أمنيتى الوحيدة فى هذه الحياة فإنى أطلب منكم ومن 
الإاخوة والأصدقاء دائما أن تذكرونى بالبسمة ولا تذكرونى بغيرها وأن تحذوا حذوى 


فى عملكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 


١1 ؟‎ 


الشهيد / داود قراقع 
۱۹۸4/€/1٦‏ 


ولد «داود» بتاريخ ۱ م فى مدينة بيت لحم 
وترعرع فى أحضان أسرة ملتزمة بالإسلام قولاً وعملاً من 
فضل الله كبيرا وصغيراء وهكذا نشأ الشهيد منذ نعومة 
أظفاره على الصلاة والصيام وحب المساجد وعمل الخير 
كمارباه والداه وجميع إخوته على هذا المنهج 
المستقيم» إضافة إلى اجتهاده المدرسى جنبًا إلى جنب مع 
صدق إيمانه» وحين وصل المرحلة الابتدائية العليا انتظم 
مع فتيان وأشبال مسجد عمر بن الخطاب رياضيا وثقافيا حيث كان من لاعبى ومحبى 
كرة القدم المتفوقين ومطالعا للكتب الإسلامية» وانتقل إلى المرحلة الإعدادية ليبدأ عقله 
يتسع وسلوكه يتزن ونقاشه مع والده يزداد وتظهر عليه روح الشباب الغيور ا متحمس 
للعمل على إعلاء كلمة الحق «لا إله إلا الله محمد رسول الله» . 





وداد اتصاله وارتباطه الإسلامى مع إخوته الات المسلم فى المساجد ليدخل 
المرحلة الثانوية بعقل ناضج وشباب قوى عنيد غيور على الإسلام وقول الحق وقراءة 
القرآن والتعرف على حقيقة أرض الإسراء والمعراج والجهاد فى سبيل الله» وكان ذلك 
مع بداية الانتفاضة» وكان بذلك متميزا عن إخوته الكبار فى مجال الالتزام بالأخلاق» 
وكان الفضل لله بهداية وعودة كثير من الشباب المسلم أبناء جيله إلى التمسك بكتاب 
الله وسنة نبيه والتوبة النصوح على يديه» وكان اجتماعيًا صريحا بطبعه محبا للنقاش 
الدينى الهادف» وأحبه الشباب المسلم وعرفوه » وكان حب الله له أكثر منهم إذ أكرمه 
وأكرم والديه بالشهادة التى طال ما تمناها فى سبيله . 

اعتقل الشهيد «داود» بتاريخ 1984/7/17 لمدة ثمانية عشر يوما فى سجن الظاهرية 
فى الخليل حيث أفرج عنه بتاريخ 5/ ۳/ ۱۹۸۹ وبدأت مراقبته ومتابعة تحركاته من قبل 
سلطات وجنود الاحتلال حتى تمكئوا منه . 


١1 


حادثة الاستشهاد : 


كان موعد «داود» مع إشراقة صباح يوم الخميس / / 1۹۸۹ حيث نهض من 
البيت ضاحكًا فأوصته الوالدة بالحرص والحذر واستودعته الله فأجابها: توكلى على 
الله يا أمى» ثم توجه إلى وسط المدينة حيث التقى الشباب المسلم وتوجهوا إلى ساحة 
من قبل حركة المقاومة الإسلامية «(حماس» لتصعيد الانتفاضة المباركة بمناسبة حلول 
ون ومضان الممارك ‏ شهر الجهاد والتضحيات والانتصارات الإسلامية . وبدأ «داود 
وإخوانه الشباب المسلم بالتكبير « الله أكبر . . الله أكبر والعزة للإسلام. لا إله إلا الله 
محمد رسول الله» . وبعدها بدأت الاشتباكات مع قوات جنود الاحتلال فى حارة 
الفواغرة لتمتد إلى حى المدبسة ولم تكن تسمع سوى نداءات الله أكبر وصوت أزيز 
الرصاص الكثيف حيث أصيب «داود» برصاصتين فى رأسه من قناص محترف بعد 
خالقه أبداء ثم اقترب منه القاتل وركله برجله على منطقة الإصابة» إلا أن مجموعة من 
الرجال والنساء استطاعوا إبعاد القاتل عن داود وقكنوا من نقله إلى مستشفى الحسين 
ثم تحويله إلى مستشفى المقاصد بالقدس بواسطة سيارة الإسعاف» لكن الإصابة كانت 
خطيرة للغاية كما شخصها الأطباءء وأجريت له عملية جراحية على الفور استمرت 
ساعتين لم يتمكن خلالها الأطباء من إخراج الرصاصتين لاستقرارهما فى الدماغ 
مباشرة» ثم وضع فى غرفة العناية المكثفة حيث أمضى أسبوعا كاملا والأجهزة لا تكاد 
تظهر منه شيئا لكثرتها عليه. . حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها يوم الخميس ۷ 
رمضان /٤ /17 قفاوملاه١ 5١04‏ ۱۹۸۹م فى تمام الساعة الواحدة والنصف 
صباحاء فودع ال حياة الدنيا بابتسامة تدل على فرحته بلقاء ربه» كيف لا وهو یری مقعده 
من الجنة تهب عليه منه نسماتها العليلة لتعطر روح الشهيد البطل ؟ ) 

أسرته: تتكون أسرة الشهيد من والده المولود فى قرية علار(١'‏ السليبة منذ عام 
۹4۸ والذى يعمل مدرسًا حكوميًا منذ خمسة وعشرين عامّاء وربة البيت الفاضلة أم 
(۱) علار : آخر أعمال بيت لحم من الغرب» دمرها اليهود بعد اغتصابهم لها وشنقوا من بقى على قيد الحياة من 

سکانها» وأقاموا على أنقاضها مستعمرتهم مطلع : عام ۱۹١١‏ م. انظر : الدباغ » بلادنا فلسطين . 

110 


الشهيد التى عملت وتعمل على تنشئة أولادها على النهج الإسلامى السليم . لا 
من الإخوة الذكور خمسة : اثنان أكبر منه» وثلاث أخوات» الكبرى فيهن طالبة تدرس 
من كرامات الشهيد : 

كان دائم الحديث عن الشهادة فى سبيل الله متمنيا إياها بقوله «اللهم أطعمنى 
الشهادة» وكان يتحدث إلى أصحابه بأن إصابته ستكون فى رأسه إذا تمكن منه الأعداء 


حتى قبل إصايته بيوم واحد . 





قتلی وجرحى ودماء فى سبيل الله 


, 
اج بح هدو بج waa‏ 


مد واد ءاد 
4j‏ نك ej‏ 


۱۱٦ 


شهداء نحالين 
44/2/۱ 


















فى ليلة من ليالى رمضا 
والمجاهدين » كانت نحالين ٠٠٠١(‏ نسمة) على موعد | 
مع الشهادة . 1 كانت على موعد مع الجهاد فى سبيل الله 
خت افا :8 سبارة 4 :وذللة ف السافة 1 مخ 
صباح يوم ,1984/54/1١1‏ وكان أهالى القرية يتناولون 
طعام السحور» ودخل الجنود القرية من جهاتها الأربع ا 
لاعتقال عدد من الشبان. . وفى الساعة الخامسة صباحا | 0ظ2ظ 
بدأ المجرمون بإطلاق النار على المصلين أمام مسجد القرية 
بعد أن أدوا صلاة الفجرء وكان الجنود ومعظمهم غا 
يسمى بحرس الحدود من الدروز يطلقون النار على 
المصلين بشكل عشوائى لا يميزون بين إنسان وحيوا 
و. . بين كبير وصغير. . إنهم يطلقون النار على كل شى 
زط وال وا ين ارو تيد ذا نما رايد 


1۷ 


إنا باقون. . . 

إنا باقون. . . 

مابقى الزعتر والزيتون. . . 

إنا باقون. . . 

ما بقيت آيات الإسراء وما بقى اللوح المكنون. . 

لقد علت هتافات الشبان فى القرية بعد سماعهم بإطلاق النار» ومعرفتهم بالحادث 
«الله أكبر ولله الحمد» حى على الجهاد» وفى تصرفات حاقدة دخل الجنود المسجد 
وحطموا نوافذه» ومزقوا مجلة الحائط التى يصدرها الشبان» وهم يرددون الشتائم بحق 
الذات الإلهية وبحق الرسول محمد ية . . . . وهذا ليس جديدا على يهود فلقد كرهوا 
رسول الله وحاربوه قمكنه الله من رؤوسهم حتى طهر الجزيرة من رجسهم» وقلع 
أشواكهم التى نبتت كنبتة غريبة فى ديار العروبة والإسلام . 

لقد سقط فى هذه المذبحة خمسة شهداء» وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية 
الحماس» فى منشورها أن اثنين من الشهداء هم من جنودها وهم الشهيد صبحى محمد 
عطية شكارنة والشهيد رياض محمد على غياضة. أما الثلاثة الآخرون فكانوا من 
المؤمنين المصلين » وتعتبرهم حماس من أنصارها وأنصار الإسلام ودعوة الإسلام. . . 
القرية» وناحت على شهداء نحالين : 

ناح الأذان على المآذن حسرة وتف اعت ف هن قيال 
١‏ - الشهيد البطل صبحى محمد عطية شكارنة 

(إنى أريد أن ألقى الله صائما)» بهذه الكلمات ودع الشهيد صبحى إخوانه وهو يردد 
«أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله» وذلك بعد إصابته برصاصتين فى 
رأسه وصدره. نال بهما الشهادة فى سبيل الله وارتفع فى سماء نحالين شهيد كما كان 


۱1۸ 


7 والتحق بكلية العلوم والتكنولوجيا فى «أبو ديس». لو أن الكتوية وج 
كان على موعد مع «الشهادة»» هذه الكلمة وكل تصرفاتها (اشهيد. . شهداء . . شهادة») 
كان لسانه دائمًا رطبًا بها إذ كانت أمنيته الوحيدة فى هذه الحياة . 

قام الشهيد صبحى قبل استشهاده بيوم واحد بزيارة صديق له » وخلال الحديث قالت 
شهادة» ظنت الأم أنها شهادة جامعة فقالت: تأخذ الشهادة وتتزوج» فقال شهادتى هى 

فى أحد الأيام وبعد صلاة العشاء قال له إخوانه فى المسجد : اك كانك تريد 
الزواج » فقال: بل أريد الشهادة برصاصة ها هناء وأشار إلى جبينه وصدره» ومن حكمة 
الله تعالى أن جاءت إصابته كما أشار: إلى جبيئه وصدره . 

كان يومًا فى بيته يدهن بعض الطاولات والكراسى فقالت له أمه: هيا تعجل فى 
من ال حور العين. 

كان الشهيد صبحى صوامًاء يصوم الاثنين والخميس» قواما يقوم الليل يناجى 
ربه» غيوراً شديد الغيرة على الإسلام . 

كان صاحب خط جميل» تشهد براويز المسجد وروضة الأطفال وشوارع القرية 

كان مشهورً بضرب الحجارة بالمقلاع» حتى إن إخوانه كانوا يضعون له أهدافًا 
يصوب نحوها فيصيبها . 


كان متفوقًا فى دراسته الثانوية » وكانت درجته دائمًا الثانى فى صفه . 


۱۹ 


؟- الشهيد البطل رياض محمد على غياضة 

أصابته رصاصة فى الكتف وأخرى فى الذراع بعد مواجهة عنيفة ومقاومة مستمرة 
بعد صلاة المجر» لتسجل رياض فى قوائم الشهداء وتسجل أطفاله الأربعة. هيفماء 
(٤سنوات)‏ محمد( سنوات)» هبة (سنتان)» أسماء (شهران) فى قوائم أبناء 

ولد الشهيد رياض عام ١15١‏ أنهى دراسته الشانوية ثم توجه إلى العمل بسبب 
صعوبة الحياة المعيشية» كان معروقًا بحبه لتلاوة القرآن الكريم» إذ كان يختم القرآن 
الشهادة» زهد الشهيد رياض فى الدنيا واعتبرها زائلة» وعطف جدا على أخواته 
وخاصة الصغيرات» ومن شدة حبهن له كن يقلن له يا أبتاه. كان غيورً على الإسلام 
يكره الملحدين › حتى أنه يكاد يسطو على الذى يسمعه يشتم الذات الإلهية . 

نوى الشهيد رياض المبيت فى المسجد الأقصى يوم الخميس حتى يتمكن من صلاة 
الجمعة. إذ كانت قوات الشرطة والجيش وحرس الحدود تحاصر المسجد الأقصى لتمنع 
المصلين من أداء الصلاة فيه يوم الجمعة. إلا أن تلك الرصاصات سجلته فى شهداء 
أكناف بين المقدس» صباح يوم الخميسء ابتته هيفاء وعمرها ٤‏ سنوات طالبت «دان 
شمرون»"21 الذى حضر إلى بيتهم مع الجيش -أن يعيد أباها الذق اعد ونه فلم يرد 
عليها اللعين . 
؟- الشهيد البطل فؤاد يوسف عوض نجاجرة 

بعد تناول طعام السحورء وفى طريقه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر » وبعد مواجهة 
ومقاومة مع اليش » كانت الشهادة . ولد الشهيد فؤاد عام 4 ,ي وهو سابع إخوته 
التسعة» درس حتى الصف الثالث الإعدادى فى مدرسة القرية» وكان من الطلبة 
المتفوقين وقد عمل فى زراعة الأرضء كما كان خلوقًا شهما محبوبًا فى أهل قريته . 

عرق الشتهييل فؤاه مقلاضة الى رصبي الينداك» وقد استخدمه فى صباح يوم 
لخر وروی شهود عيان أنه بعد وفاته ظل المقلاع فى يده» وفى المستشفى حاول 
(۱) دان شمرون هو رئيس أركان جيش اليهود النازى وهو المسئول المباشر عن قمع الانتفاضة المباركة . 

۱۲۰ 


أصيب بر صاصة قناص غادر فى رأسه كانت من نوع دمدم المتفجر » فتحطمت مقدمة 
الجمجمة وقد كان دمه كثيفاء زاهى اللون طيب الرائحة . 
5 - الشهيد البطل محمد حسن الشيخ شكارنة 

كانت طفلته (عمرها خمسون يوما ) تنتظر أباها الذى خرج لمقاومة قطعان 
الجيش. ولكنه لم يعد إلا وقد ارتفع شهيدا فى سماء نحالين» إنها الابنة الوحيدة 
المي ولد الشهيد محمد عام ١1957‏ » وقد أنهى دراسته الثانوية »ثم درس فى كلية 
المجتمع العصرية برام الله فى السنة الأولى» وكان ناجحا فى دراسته» حرص الشهيد 
محمد على الشهادة وكان يواظب على تلاوة القران» ويحب مطالعة الكتب 
الإسلامية» كما كان مطيعا لوالديه . 
۵- الشهيد البطل وليد محمد عبد الله نجاجرة 

بعد ثمانية يام من إصابته فى رأسه يوم المجزرة» التحق الشهيد وليد بشهداء نحالين 
الأربعة» إذ كان فى قدره أنه فى عداد الشهداء » لذلك فإن العناية المكثفة فى المستشفى لن 
تستطيع تغيير القدر . ولد الشهيد وليد عام ١977‏ » وبعد أن أنهى المرحلة الثانوية بنجاح 
تفرغ للعمل فى الأراضى التابعة لوالده» واشترى سيارة لنقل الخضار والفواكه إلى 
السوق. كان محبويًا عند أهله كثير خاصة وأنه المعيل للعائلة» يجتهد لراحة أمه وأخيه 
ا 

استخدم الشهيد وليد سيارته يوم المجزرة لنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات› 
وبعد الانتهاء من دفن الشهداء الأربعة فى قرية حوسان اشترك الشهيد وليد فى مطاردة 
الجيش بالحجارة فى قرية حوسان» وقد كانت دورية حرس الحدود تجثم على مدخل 
القرية» فقام أحد الجنود بإطلاق الرصاص فأصابته رصاصة فى رأسه. ثم نقل إلى 
مستشفى المقاصد ليلقى الله عز وجل بعد ثمانية أيام . 
مشاهد للشهداء: | 

الد صبحن اتی ف كرات الضورت النابطة اصن الله قير ج غل 
الجهادء الله أكبر ولله الحمد. ينبه الناس بقدوم ديك و اناا اجات اض 
برصاصة فى أذنه» وطلب منه الناس أن يدخل أحد البيوت ويكتفى بهذا القدر إلا أنه 
بول نا سسا هنا لعفو رو لت ظ 


۱۲١ 


الشهيد رياض يقطع سحوره وينبه الجيران بقدوم الجيش » ثم يتوضاً ويذهب إلى 
المسجد يصلى ركعتين ثم يقول إننى جاهز للشهادة . وبعد احتدام المواجهة يأخذ هويته 
ويلقى بها بعيدا ويقول: لا أطيق أن أراها بعد هذا اليوم. سقط الشهيد رياض وهو 
يبتسم ويردد بكلمات متقطعة : لا إله إلا الله محمد رسول الله. 


الشهيد فؤاد يتمركز بجانب سور القرية» ومقلاعه المشهور فى يده يوجه به ضرباته 
المعروفة» وفى المستشفى يستخدم الطبيب المقص لقطع المقلاع لأنه كان قابضً عليه مصرا 
على مواصلة المقاومة » حتى لقى ربه وهو صائم . 

الشهداء الأربعة دفنوا فى قرية حوسان المجاورة» أما الشهيد وليد فدفن فى بلدته 
ا 





۱۲۲ 


الشهيد /رائد محمد مؤئس 
۱4۸4/0/1 
فى يوم عيد الفطر المبارك ١184/0/5‏ »كان من 
المفترض أن تمر هذه المناسبة وقد انشرحت الصدور 
بالفرحة والبهجة وارتسمت الفرحة على وجوه الأطفال 
وهم يضحكون ويلعبون ویمرحون» ولكن هيهات 
ات ققد كشي على أثاء ف ع اان بفحرتوا 
ااي ا يتيده ايحا لوا OE‏ 
والآهات a E E E‏ ريق اشرو فق 
خرجت الجموع المؤمنة إلى الشوارع فى مسيرات حاشدة» وهى تردد ذلك الشعار 
الخالد:«الله وا لا إله إلا اللهء الله ا ولله الحمد) 
جرد تاا لط يريع أسرات رماس ودجمت لود سات 
ا ا 
فى ذلك اليوم كان يقف أمام المسجد الكبير بعد أداء صلاة العيد(١)‏ ويسمع أن جنود 
الاحتلال قاموا باعتقال شاب وضربوه ونكلوا به» فأسرع للمواجهة» وهو الذى اعتاد 
على الإسراع فى الخيرات والعمل المبارك» وأثناء المواجهات أصيب برصاصة مطاطية 
وتم علاجه محليّاء وأثناء عودته إلى ساحة الوغى » لاقته والدته وطلبت منه أن يعود إلى 
البيتء إلا أنه أبى ذلك »فتوجه إلى منطقة أخرى من مناطق المواجهات. وبداً يرجم 
جنود الاحتلال بالحجارة. وطلب الجنود الجبناء الذين ترتعد فرائصهم وتهتز معنوياتهم 
أمام سلاح الحجارة البدائى- نجدة من جنود آخرين» فحضرت أعداد أخرى من جنود 





)١(‏ أصبحت الأعياد والمناسبات فى فلسطين أوقانًا مفضلة للجهاد حيث يجتمع المؤمنون» معلنين رفضهم 
للمحتا 4 وتمسكهم بدينهم وأرضهم» ولذلك فإن أكثر الأيام فزعا عند اليهود هى أيام الجمع والأعياد . 
۱۲۴ | 


الاحتلال وهم مدججون بالسلاح النارى والقنابل المسيلة للدموع والهراوات . وبدأوا 
يقتحمون المنطقة وهم يطلقون وابلاً من النيران» فتراجع معظم الشبان إلى مواقع أخرى 
إلا رائد الذى بقى فى مكانه يقاوم فأصيب برصاصة فى صدره من الجهة 
اليمنى» وبرغم الدماء النازفة وآلام جراحه استطاع الابتعاد عن المكان والدخول إلى 
أحد البيوت» حيث تم نقله إلى المستشفى » إلا أنه فى الطريق صعدت روحه فى يوم 
العيد تشكو إلى الله ظلم الظالمين وسكوت المسلمين! وبعد أن علم أحد الشبان بالنباً 
توجه إلى منزل الشهيد وقال لهم «رائد راح ع الجنة» وتم إحضار جثمان الشهيد وودعوه 
وداعا يليق به وتم دفنه فى مقبرة المخيم . 

وَيقو ل:والذوغية : كان :اند هد شبات امعد كان ضواما قواما#وكان خر ا هن 
كافة الجيران» وتمتع بأخلاق عالية جداء وأنهى دراسته الثانوية العامة وعمره 18 عاما . 
أما عن موطنهم الأصلى فيقول : «نحن من قرية بربر قرب المجدل وتم ترحيلنا عن القرية 
فى العام »١45/‏ وأصبحنا على أرضنا لاجئين»» وعن هواياته يقول شقيقه الأصغر منه 
«كان يرغب بِإِتَام دراسته الجامعية وكان يحب الألعاب الرياضية» . أما عن التزامه فى 
المسجد فيقول لنا إمام المسجد الكبير: «عاش حياته الإسلامية ملتزمًا باللسجد 
الكبير» وكان يلتزم المسجد معظم أوقات النهار وخاصة فى رمضان المبارك» وكان من 
الشباب المسجلين لدورة تجويد القرآن» وكان معه دفتر يكتب فيه الملاحظات». وفى 
العشر الأواخر من رمضان اعتكف رائد فى المسجد وقضى معظم وقته فى قيام الليل 
وتلاوة القرآن. 

وكان يوزع التمر على الشباب عند الإفطار» حيث كان يقترب من إخوانه ويحبهم 
حبًا كبيراً» وكان يصعد إلى مئذنة المسجد ويؤذن» بسبب قيام جنود الاحتلال بمصادرة 
مكبرات الصوت, أما عند السحور» فكان يخرج لإيقاظ الناس» وكان قلبه معلقًا 
بالمساجد بشكل يلفت الانتباه» والد الشهيد يقول: من داخل قلبى أنا مسرور أن أصبح 
أحد أبنائى شهيدا ليشفع لى يوم القيامة» ولكن العين تدمع والقلب يحزن» وأتمنى أن 
أقضى شهيدا فى سبيل الله » وقال بكلمات أخيرة ونحن نغادر بيته المتواضع : «لم يضع 
أرضنا سوى حكام العرب والزعامات وليتنا كلنا غوت شهداء» . 


۱۲٤ 


الشهيد /محمد زقوت 
۱4۸4/0/1 


كذ نهم بدخول أحد سويت مخيم النصيرات » شاهدنا ا 
طفلاً صغيرا أسمر الوجه جميل القسمات» كان يحمل ا 
واا وراش ديا على ؤزوات ا ا عالت ٠‏ 
مرافقى من هذا الطفل؟ . . إنه ابن الشهيد محمد عبد الله | 
زقوت الذى استشهد أول أيام عيد الفطرء وتقول والدته : | 
منذ استشهاد والده وهو على هذه الحال» فى كل يوم يخرج 
ويحمل الحجارة ويقول: سنطرد الجنود حتى يصلوا البريجح 0 
! والشهيد زقوت من مواليد ١154‏ أنهى الثانوية العامة ثم درس فى معهد صناعى 
وأنهى درجة الدبلوم فى لحام الأكسجين. ثم فتح مشغلاً بعد ذلك» وهو متزوج وله ۳ 
أولاد» و بنات» ومخيم النصيرات كبقية مخيمات البؤس مكتظ بالبيوت المبنية من 
الطوب والزنك» وبيت الشهيد لم يكن أحسن حالاً من هذه الصورة المؤلة لشتات 
شعبنا . وبالرغم من هذا فإن سكان المخيم يتمتعون بالرجولة والشهامة والكرم» وخلال 
رحلتنا رافقتنا ثلة من هؤلاء الرجال وكنا نشاهد الشعارات والرسوم التى طبعت على 
الجدران»فما من بيت إلا ورسمت عليه شعارات حركة حماس » ففى فناء إحدى 
المدارس رسمت الأعلام الموشاة ب: لا إله إلا الله محمد رسول الله . 





يقول لتا شاب: «جنود الاحتلال يقولون عن مخيمنا بأن /9٠‏ من سكانه حماس 

وعندما يغضبون فى أيام الغضب يقولون المخيم /٠٠١‏ حماس». بيعدسماع نبأ 

الاستشهاد خرج سكان المخيم صغيرهم وكبيرهم وحدثت مواجهات عارمة لم يستطع 

جنود الاحتلال خلالها ولمدة أربع ساعات من فرض نظام منع التجول» أما عن أطفاله 

الذى فوجئوا با لحدث خاصة أنه كان يوم عيد: اساد ان و تيور سال 

عن والدها باستمرار وتقول: لماذا لم يأت والدى بعد؟ وكلما قرع الجرس تقول : 
۱۲۵ 


ااا اب ھا ای جام و الجر کی ای ار بولكنها وکر عر س دا 
الغياب» فعندما يسألها أحد أين بابا ؟ تقول فى الجنة» أما بسام (وعمره ثلاثة سنوات 
ونصف) فهو لا يزال على العهد يحمل حجارة ويخرج لقتال قتلة أبيه . وتقول زوجة 
الشهيد إن أبناءها من المتفوقين فى دراستهم » فميرفت من أوائل الطالبات فى مدرستها 
وكذلك بقية الأولاد. 
حادته الاستتهاد : 


استشهد محمد يوم عيد الفطر 5/ 65/ ۱۹۸4 » وكان قد توجه يومها لصلاة العيد فى 
مسجد المصنع » وحدثت أثناء ذلك مواجهات مع جنود الاحتلال الذين كانوا يوجدون 
بأعداد كبيرة منذ صبيحة ذلك اليوم» وبينما كان الشهيد يهم بمغادرة المسجد أصيب 
برصاصة فى صدره حيث نزفت دماؤه بغزارة لتروى تراب النصيرات » وفرض نظام منع 
التجول» وأى عيد هذا الذى يعيشه أبناء الشعب الفلسطينى وأقدام الغازى المحتل تدنس 
الأرض يريد أن يسلب كرامة الإنسان ويهددها ولا يريد أن يدرك للفلسطينيين شيمًا 
سوى الاستعباد والذل والمهانة. . وأنى للفلسطينى أن يقبل بهذا ؟ إن تاريخه ودينه 


أخلاق الشهيد: 


يجمع كل من عرف الشهيد بأنه كان يتمتع بخلق إسلامى رفيع وتميز بالهدوء ‏ 
والرزانة » وكان يقوم بواجباته الدينية خير قيام» وكان مواظبًا على أداء الصلوات حتى 
صلاتى الفجر والعشاء جماعة فى المسجد رغم الظروف الأمنية السيئة فى الانتفاضة إلا 
أنه حافظ على هذه السنة» وكان يقرأ القرآن باستمرار حتى أثناء وجوده فى المحل » وكان 
يحرص باستمرار على عدم معرفة الآخرين بعبادته خوفا من الرياء» فكان أحيانًا يقوم 
بإخفاء القرآن عندما يأتى بعض معارفه إلى المحل وهو يقرأ القرآن. وفى شهر رمضان 
حرص شهيدنا جلى الصيام والقيام وقراءة القرآن وكان يدعو أبناءه إلى التجمع على 
قراءة القرآن حتى إنه ختم القرآن ثلاث مرات خلال الشهر الفضيل» وذلك اتباعا 
للسنة النبوية حيث إن الأجر يضاعف خلال الشهر المبارك . كذلك امتاز الشهيد بحسن 
المعاملة والمخالطة مع الجميع وبخاصة أبنائه . 


١ 


ع 


رؤيا: 

تحدثنا زوجة الشهيد عن حادثة حدثت مع زوجها قبل استشهاده بثلاثة يام طا 
كان الشهيد نائماء أيقظته زوجته فقال لھا لو تركتينى أصلى خلف الشيخ حسن» وهو 
شيخ جليل متوفى» إشارة إلى رؤيا رآها فى المنام» حيث توضأ واستعد للصلاة خلف 
الشيخ حسن فقالت الزوجة : الشيخ حسن عنده كثير من الشباب والذين يقومون 
بالواجب أما أنت فعندك تسعة أنفار . وتذكر لتا أيضا قضة استشهاد والذها خيتما كان 
عمرها سنتين وذلك فى العام ١9465‏ حيث كان والدها مع المجاهدين وعمل قائدا لكتيبة 
فى إحدى المناطق بقطاع غزة وبالرغم من الحمل الثقيل الذى تركه الشهيد وراءه كانت 
أم حسام تحمد الله سبحانه وتعالى بالرغم من المصاب الآليم . . 
أبناء الشهيد: 

اتاخ سان وض 

بسام: ثلاث سنوات ونصف . 

عصام : خمس سنوات . 

حسام : ١١۷‏ سنة. 

نجوى : ۸ سنوات . 

تھی : ١١‏ نوات 

الف أاسنة: 

هالة: ١١6‏ سنة. 

ميرفت: ١1‏ سنة. 


EES 


۱۲۷ 


الشهيد / على عبد الله محمد حسين 
ظ 011/١‏ 


فلا « من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم 
من ينتظر وما بدلوا تبديلا 4 [الأحزاب :۲۳]ء قال رسول الله ية : «من سأل الله تعالى 
الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على 


فراشه»(. 


وشهيدنا سأل الله الشهادة بصدق »بل كان يدعو 
قائلا : «اللهم أحينى سعيدا وأمتنى يندا لين هذا | 
فحسب» بل كان يستحلف والدته أن تدعو له بأن يستشهد أ 
ف سيل الله لد كان على برو بص إلى الا ال 
يتمنى أن يكون فى ذلك الفردوس الذى أعده الله للشهداء 
فلسان حاله يقول : 





ساغوص فى جرحی وفى آلامی واحطم الفردوس من أحلامى 
وأعيش للأمل المجنح علّنى 2 أحيامع البسمات من أوهامى 
إن كك ماله ميد شاي قفتن ق بدعوة الإسلاه7") 
نبدة عن حياة الشهيد: 
ولد شهيدنا فى قرية الخضر' ' ببیت لحم فى ۲۸/ 191/1/17م» فى أسرة مسلمة» 
تربى على الصلاة والصيام وحب الخير والشجاعة والجرأة: وأسرة على كانت مكونة 
من سبعة أفراد» لكن قبل خمس سنوات قام أحد المستوطنين اليهود بدهس أخته بسيارته 
والبالغة ست سنوات من عمرها. 


(١)انظر:‏ صحيح مسلم بشرح النووى (۱۳/ 260.» أبو داود » السنن» (۲/ 4825 85) الترمذىء السنن : 
79 الا + الشك 0 بن ب 
() أبيات شعرية لشاعر الأقصى › يوسف العظم » ديوانه «عرائس الضياء» »دار الفرقان» عمان» صه . 
(9) الخضر: تقع على بعد ١7‏ كم من القدس دعيت باسمها هذا نسبة إلى دير أقيم بها وفيها وقعت معركة كبيرة 
بين الثوار والإنجليز عام ٩‏ ۱۹۲/ انظر : الدباغ » بلادنا فلسطين» (۸/ .)٤۸۳ » ٤۸۲‏ 
۱۲۸ 


نشا شهيدنا وترعرع ودرس حتى الصف الأول الثانوى ثم ترك المدرسة للعمل . 
ولكن العمل لم يصرفه عما أحب» إذ تعلقت روحه بالمساجد فلا تخرج منه حتى تشتاق 
للعودة إليه . وتقول والدة الشهيد: «كان مؤمتا صالحًا طائعًا لوالديهء يحافظ على 
العبادات وعلى صلاة الجماعة» وكان إذا لم يستطع الذهاب إلى المسجد يجمع أهله 
ويصلى بهم جماعة» أما عن جدته فتقول: كلما طلبت منه أن يفطر عندى فى رمضان 
كان يرفض ويقول: ١‏ أريد أن أفطر مع إخوانى فى المسجد وأصلى التراويح إن شاء 
الله) . 

أجل أيها الأحبة فإن الله عز وجل لا يختار للشهادة إلا الأخيار» لقد كان -رحمه 
الله- طيب الخلق وحسن المعاملة يمقت التدخينء لم ينظر إلى التلفاز إلا مضطراً. 
وكان يوصى إخوانه دائما بالصبرء إذا سمع بعمل خير بادر إليه» لقد سمعه الشباب 
وهو يعمل بهمة عظيمة فى بناء المسجد7(١؟‏ فى رمضان فرحا وهو يقول: «بسم الله الله 
أكبر) . 
فصه استتهاده : 

فى يوم الأربعاء ١184/5/٠١‏ ضربت السواعد الرامية حافلة يهودية قريبا من 
القرية» فقام أحد ركابها بإخراج مسدسه وبدأ بإطلاق النار» فأصابت رصاصة طائشة . 
سيارة خال الشهيد» ولكن الله تبارك وتعالى سلّم. ولم يصب السائق بأذى. فسمع 
شهيدنا بالخبر ونزل مسرعا ليطمئن على خاله ثم ذهب إلى المسجد عصرا وهو يخطط 
ويدبر» وما إن انتهت الصلاة حتى نظم الشهيد مظاهرة عنيفة» وهاجمت اجنود المؤمنة 
اطنوة لطياءت وأخذ الشهيد يهاجم هؤلاء كالأسد» ولا حمى الوطيس وبدأً الشباب 
يتراجعون» صرخ فيهم أن اثبتواء وهو يهاجم ويضرب» فاتجا صدره للرصاص» 
وتناديه أمه أن احذر القناص يا على » ولكنه يستمر فى هجومه وهو يهتف «الله أكبر الله 
أكبر» وإذا برصاصة غادرة تقطع سبابته وتدخل من جهة عينه اليسرى لتستقر فى 
دماغه. ولا رأت أمه ذلك هرعت إليه لتأخذه. . فأمطروها بوابل من الرصاص 


)١(‏ يذكرنا هذا بالصحابى الجليل « عمار بن ياسر» الذى كان يعمل فى بناء مسجد الرسول ية فى المدينة بهمة 
عالية» فكان أحدهم يحمل حجرأ بينما كان عمار يحمل فى يديه حجرين/ عبد السلام هارون / تهذيب 
سيرة ابن هشاء ص 2١١١‏ ابه 


١8 


المطاطى» فأصيبت هى وجد الشهيدوجدته»وبعد ذلك خرج الناس مكبرين 
مهللين» وحمله خاله إلى المستشفى وشهيدنا يصرخ «لا إله إلا الله الله أكبر» تخرح 
متقطعة من فمه مع زفرات حزينة إذ لم يستطع أن يشفى غليله من هؤلاء الجبناء . 

لما وصل إلى المستشفى وضع فى الإنعاش المكثف »وراه الشباب من إخوانه ودموعه 
تسيل على خده من خشية الله عز وجل . مكث الشهيد هكذا حتى يوم الجمعة 
۸۹/٩4‏ حيث رآه الشباب مبتسما فى تلك الليلة» فقرأوا بجائبه سورا من 
القرآن وبخاصة سورة «يس» وعند أذان فجر يوم السبت /7١‏ 84/0 » وعندما قال 
المؤذن الله أكبر الله أكبر تحركت شفتاه قائلاً الله أكبر الله أكبر . . ثم فاضت زوحه إلى 
عليين» وهنا احتضنه إخوانه من الشباب» وذهبوا إلى قريته» ليدفن فى صبيحة ذلك 
اليوم حتى لا يخطف المجرمون جثته» وأثناء الدفن حضرت القوات المجرمة وفرضت 
نظام منع التجول بينما كان الشهيد قد أصبح فى الفردوس مع الحور العين فى حواصل 
طير خضر تغدو وتروح فى الجنان . 
كرامات الشهيد: 

)١(‏ بعدما فاضت روحه بأكثر من عشرين دقيقة أراد الشباب أن يصوروه للتذكارء 
فأزاحوا العصبة عن جرحه قرب عينه اليسرى وإذا به ينزف دما تصاحبه رائحة طيبة . 

(1) بعد إصابته بشمانية أيام أخرج شقيقه قناعه الذى كان يلبسه -عندما أصيب- 
لمجموعة من الناس» وإذا بدمه لازال عليه رطبًا ورائحته طيبة . 

(*) عندما دفن لم يتمكن الشباب من إغلاق القبر تمامًا. ولا توجه مختار القرية 
ليغلقه تماما فى اليوم التالى قال: «لقد شممت رائحة عطر طيبة كأطيب ما يكون 
العطر» وكانت نفس رائحة شهيد الدوحة عبد العزيز ناجى الذى دفنته بيدى» . 

)٤(‏ كان شهيدنا ‏ رحمه الله دائما يضع فى جيبه ملصقة كتب عليها «لا إله إلا الله» 
ولما أصيب لم تكن فى جيبه فوضع الشباب راية لا إله إلا الله على صدره فى 
المستشفى» ولا توفى قام مرض ممن كانوا يشرفون عليه ؛ ويدعى على» وبدون علم 
مسبق بالبحث عن ملصقة مكتوب عليها لا إله إلا الله كتلك التى كان يحبها الشهيد 
ووضعها معه فى ملابسه التى دفن بها . 


(4) عندما ولدت أمه أخاه الصغير «نضال» كان المؤذن يرفع الأذان فقال لأمه: أتمنى 
يا أمى أن أستشهد عند الأذان فكان له ما أراد» وفى يوم السبت ١184/0/7١‏ عند 
أذان الفجر خرجت روحه إلى بارئها . ظ 

وهكذا مضى شهيدنا إلى الله تبارك وتعالى وهو يشدو: | 

يا قدس قولى لخيل الله على ضفاف النيل مسروجة: آن الأوان 

قدانللظلمة أن تنجلى ويسقط الباغى ويعلو الآذان 





ماد عاد عاد 
AS i‏ 


۲1 


الشهيد خالد جاد الله جاد الله 
44/0/1۱ 

ولد الشهيد عام ١۱۹۷م‏ وأنهى دراسته التوجيهية 
العامة بمعدل مرتفع » عرضت العائلة عليه أن يسافر 
سأبقى مرابطًا هنا» . 

أخبر العائلة أنه شاهد فى المنام أنه أصيب ۳ مرات فى 
رجليه» وكان يقول لوالدته: لم تكن الإصابة تؤلنى . 

كان ذا خلق إسلامى رفيع . أحبه إخوانه حبًا كبيرا 
وفجعهم فراقه كثيرا . 

رزقت العائلة بمولود جديد بعد استشهاده» وأسموه خالدا : 
الااستتهاد: ظ 

فرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على قطاع غزة بأكمله» وذلك فى أول 
بالرغم من أوأمر منع التجول» وكان خالد صائمًا فى ذلك اليوم اتباعًا للسنة النبوية 
بإتباع رمضان ستا من شوال7١2.‏ وكان خالد فى الصفوف الأولى للمواجهة وأثناء 
عمليات المطاردة والفر والكر بين الجنود والشبان» قام الجيش باعتقال شاب وبدأوا 
درن قيربا قرحا اس خدمية اله واعقات التادق وصعد خالد على سطح 
أحد المنازل وبدأ بإلقاء ا لحجارة على الجيش . . فى الوقت نفسه كان بعض التنود 
يربضون فى كمين › فقام أحد القناصة بإطلاق الرصاص باتجاه خالد» فأصيب برجله فى 
)١(‏ الحديث فى ذلك عن رسول الله كلة: « من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر» انظر : 


مسلم بشرح النووى (05/8) رواه - أبو أيوب الأنصارى » السئن» (2179/7 170) وعند أبى داود 
مثله» ولكن قال : « فكأنا صام الدهر» انظر أبو داود . السنن (7» .)٣٣ ٤‏ 





۱۲ 


أغلى الفخد. وقفز إلى فناء أحد المنازل والدماء تنزف من رجله» فحاولت امرأة أن 
تسقيه ماء» فرفض لأنه أحب أن يتم الصيام . 

بعد ذلك اقتحم الجيش المنزل الذى كان فيه خالد» ولم يشفع لهم منظر الدماء النازفة 
من رجله» فبدأوا بضربه؛ وقام أحد الجنود بإدخال فوهة سلاحه داخل الجرح وبدأ 
بالضحط يفك ی أض إلى اعادو واا ناس ها 1" 
الإسعاف وسيارة للصليب الأحمر حضرتا إلى مكان الحادث. إلا أن جنود الاحتلال 


قاموا بضرب السائقين. واستمرت هذه الإجراءات حتى سمت روحه فى سماء 





يجمعون جرحاهم مذعورين لانهم جبناء 


أثناء ذلك حاولت السواعد الرامية إبعاد الجيش عن المكان» وذلك بإلقاء الحجارة 
باتجاههم » وبعد أن تأكد الجنود من استشهاد خالد غادروا المكان» فقام الشبان بحمل 
جثمان الشهيد وشيعوه إلى مثواه الأخير بالرغم من نظام منع التجول» وشاركت والدة 
الشهيد فى وداع البطل وسط الهتافات الإسلامية» والشعارات الأخرى مثل يا أم 
الشهيد زغردى كل الشباب أولادك» ووسط التكبير والتهليل والزغاريد» امتزجت 


۲ 


الدموع بمشاعر الإعجاب بمواقف عائلة الشهيد والتى احتسبت عند الله ابنها الشهيد 
البطل» وبعد عملية الدفن قام جنود الاحتلال بمحاصرة بيت الشهيد وألقوا الحجارة 
باتجاهه» واقتحموا بيت العزاء» ورفعوا السلاح باتجاه المعزين» وكان جنود الاحتلال 
يحملون جنازير لوحوا بها أمام الحضورء وأجبروا المواطنين على إنزال الأعلام 
الفلسطينية وباقات الزهور والتى كتب عليها «(حركة حماس» تحتسب عند الله شهيدها 
البطل خالد جاد الله . ومن المواقف البطولية التى أظهرها والد الشهيد: اقترب منه أحد 
الشبان وقال له «احتسب خالدا عند الله» فرد والد الشهيد «إنا لله وإنا إليه 
راجعون»» وكان بموقفه هذا يعبر عن أصالة أبناء الآمة الإسلامية . كيف لا وهو الذى 
ينهل من الإسلام وتعاليمه وتربى فى بيئة إسلامية» بل إنه يعتبر من الدعاة إلى الله فى 
حى الرضوان! وقام شبان المسجد بتنظيم (4) مسيرات إسلامية لأخيهم الشهيدتم 
خلالها إطلاق الهتافات والشعارات الإسلامية . 
سبفنا مجدى الغورانى: 

مجدى الغورانى أحد شهداء الانتفاضة الذين سبقوا خالدا. ولمجدى وخالد قصة : 

فقد كان مجدى شأنه شأن بعض الشبان الذين غرتهم مظاهر الحياة الدنياء ولكن من 
خلال العلاقات بشباب مسجد الرضوان أصبح من رواده» وعندما علم خالد باستشهاد 
مجدى قال : «سبقنا مجدى إلى الشهادة وهو الذى هداه الله بعدنا» . وفى اليوم التالى 
رأى خالد فى منامه رؤيا حيث جاءه مجدى وقال له أريدك وأريد ٠١‏ شبان من شبان 
المسجد وأنت أولهم . وبالفعل فقد استشهد مجدى وعدد كبير من شباب المسجد فيما 
عرف باسم «مذبحة مسجد الرضوان) . 

ويقول لنا شقيق الشهيد محمد وعمره (6) سنوات عندما سألناه عن خالد» إنه فى 
الجنة» لقد قتله الجنود» وبدأ يحدثنا ببراءة الأطفال فقال: أذهب للقبر لزيارة خالد 
باستمرار. وفى البداية لم يكن يصدق هذا الطفل أنه لن يرى خالدا مرة أخرى» وطلبنا 
منه أن يردد بعض الشعارات التى علمه إياها خالد فيقول: «حق قوة حرية المقاومة 
إسلامية»» (يا خالد يا مجروح دمك هدر ما بيروح»» يا خالد تهنى تهنى ربى أوعدك 
الحنة) . 


4 


الشهيد /ناجى الفقيه 
۱444/0/1۸ 

نسب الشهيد: 

يعود نسبه إلى الحسين بن على بن أبى طالب كرم الله | 
وجهه زوج فاطمة بنت رسول الله َل . 

وقريته (الحسينية )حرجت المجاهدين والثوار أيام 
لمجاهد الكبير عبد القادر الحسينى الذى كان يفضل المبيت 
فى هذه القرية القريبة من باب الواد حيث المعركة المشهورة 
معركة باب الواد التى انتصر فيها المجاهدون على أعداء 
الله ورسوله» ولقد قدمت هذه القرية الصابرة ما يزيد 
على خمسين شهيدا من خيرة شبابها ورجالها. أما عن | 
عمل الشهيد فقد كان يعمل فى ملحمة فى معالى أدوميم منطقة الخان الأحمر»ء وكان 
يطلب منه المعلم أن يتأخر لتحميل سيارة فيضطر إلى المبيت أحيانًا . وفى يوم الأربعاء 
۷ قبل استشهاده بيوم عاد الشهيد إلى البيت وأخذ يعمل فى حفر البئر 
«بالمهدة» وبكامل قوته حيث كان الشهيد يتمتع بقوة بدنية . وفى هذا اليوم أخذ يقبل 
أو لاده ويوصى روجته بعدم إرهاقهم ويوصى ابنه الكبير محمد : «لا تترك صلاة الجمعة 
ولو دفعوا لك مائة دينار» . . بهذه الوصايا يوصى زوجته وأولاده وكأنه على علم بأن 
هذه اللحظة لحظة فراق وإقبال على دار القرار. أما عن أولاده فقد رزق بثلاثة عشر ولد 
أربعة ذكور وتسع إناث وبلغ شهيدنا من العمر ۳۸ عامًا وقدسيق أن تغرضن لسلس 
من التهديدات التى تنذره باقتراب الأجل حيث كان رده على المهددين رد رجل 
العقيدة : إن استطعتم أن تقربوه فاقربوه إن الأجل بيد الله. ٠‏ 

وصرح الشهيد قبل استشهاده بأن الحاكم العسكرى الكابتن زهير قد بعث له تهديد 
مع أحد أعوانه المناكيد «قل للشيخ ناجى خلى لحيتك تكبر حتى أعرف كيف أنتشها» . 
اسشهاده: 

أما عن استشهاده» فكان ذلك يوم الخميس ما بين الساعة الثالثة حتى الخامسة مساء 
حيث كان صائما ولیس كما جاء بأنه استشهد فى ساعة متأخرة من الليل» بدليل أنه لم 

۵ 





يأكل من طعامه . وروى أن أربعة كلاب كانت تحرس المكان الذى يشتغل فيه الشهيد. 
وقد سمعت قبل يوم أو يومين من استشهاده أن المكان الذى يشتغل فيه الشهيد فى الطابق 
الثانى وقبل أن يصل إلى الغرفة التى ينام فيها هناك أربعة أبواب مقفلة وقد فتحت جميعها 
بعد استشهاده وفى هذه الليلة شوهدت قوات كبيرة من الجيش فى منطقة الحادث . 

أما عن أخى الشهيد فقد انتابه إحساس غريب بأن أخاه قد حدث له حادث ما 
وخصوصا بعد أن اتصل بالمكان فلم يجب أحد» ويتصل للمرة الثانية فيطلب للحضور 
من أنفه وفمه . ويمكن أن يعتمد على ما أذاعته إذاعة اليهود فى صباح يوم الجمعة وقبل 
أن يعرف أحد من البلدة استشهاده وأنه قد قتل خنقاء أبلغ أخو الشهيد الشرطة 
بالحادث وتم نقل الحثة إلى أبى كبير ولتتم مراسم عرس الشهيد بعد أربعة أيام من 
استشهاده وذلك يوم الأحد ١984/57/7١‏ حيث خرجت القرية تشاركها القرى 
المجاورة فى مسيرة تاريخية لم يشهد لها مثيل والشهيد محمول على الأكتاف تجلل 
مسيرته المهابة وتزينها شعارات الله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول اللهء لا إله إلا الله 
والشهيد حبيب الله» بالروح بالدم نفديك يا شهيد. أما عن موقف زوجته» فقد أخذت 
تطلب من النساء أن يطلقن الزغاريد وأخذت تنشد مع نساء القرية لا إله إلا الله 
والشهيد حبيب الله . يقول أحد الإخوة: كان إيمانه قويًا كالجبال لا يتزعزع خصوصا 
فى أيامه الأخيرة كان يكثر من تلاوة القرآن وقيام الليل ويطيل فى صلاته. وكان دائما 
يتمنى الشهادة محبًا للخير ويمقت الظلم وأهله ويتصدى للمنافقين والعملاء غير أبه لا 
يخشى فى الله لومة لائم . 

عاش -رحمه الله -محافظًا على السنة المطهرة ظاهراً وباطتا لهذا كان الأخ ناجى 
ملتحيًا منكبًا على قراءة القرآن صوامًا قوامًا . . وعن أحد الأخوة أنه كان يحب متابعة 
أخبار الحركة الإسلامية خصوض المجاهدين الأفغان» وكان يؤمن إيمانًا جازما بأن 
الإسلام هو الحل ولابد من جيل كجيل صحابة رسول الله ياء وكان ملما بالأحكام 
الشرعية حيث يحتوى بيته على مكتبة إسلامية ضخمة . 


رحمك الله يا أخانا الشهيد» وأسكنك فسيح جناته وجعل دمك لعنة على 
الاو ا ) 


A 


الشهيد / أحمد عبد الفاح محمد غائم 
۱۸44/1/10 















نفرق بين الشهداء» فهم كما قلنا لا ندانيهم فى سمو | 
الأخلاق والروح» فقد قدموا أغلى مايملك الإنسان 
واستطاعوا أن يخترقوا «حاجز الخطوة» الذى يفصل بين - 
الكلمة والتطبيق» فمن السهل جدا أن نتتحدث عن | 
التمهادة رلك نالخدي عن ذلك وضيمل السا | 
ظات من اتال وجذب الأرض للإنساك» أما اغرابة فى قعة شهيدن فهى لسييين 

الأول: أنه ودع أهله أثناء لممظات الاستشهاد منى أن الشهيد الذى كان يرقد فى 
المستشفى فى لحظات استشهاده الأخيرة أعطى وصاياه لأهله وقال لهم «مع السلامة» 
«و کان ال راع استبطاء الشفادة ا ستعجلها) 5 

الثانى: المرحلة الفكرية المتقدمة التى وصل إليها بحيث يجمع شباب البلدة أنهم لم 
وا للحم ف ااه و هه و ية اا ون ست عمو الفصيرة 
نسبيّاء ولهذا فعندما طلبنا من والد الشهيد أن يحدثنا عن أحمد واستشهاده تبسم 
وقال: لا يمكن لأى إنسان أن يعبر عن اللحظات التى عشناها معه وهو يستشهد فى 
المستشفىء إنها لحظات عاطفية ذات وتيرة عالية» فلو رأيته وهو يودعنا ونودعه. 
الشهيد فهو يجاهد ليتكلم اللغة العربية الفصحى . ويقول شقيق الشهيد فتحى » الذى 
يعمل مدرسًا فى الكويت وقد حضر لزيارة الأهل: ولد أخى بتاريخ ۷/ 1917/4 ونشأ 
نشأة إسلامية منذ الصغر . وبدت عليه علامات الفهم والإدراك بسرعة وأقول لك بأن 
مره كان الان عة ولك غير عله فى اللائ فالأسئلة الى كان سال إياها 

۱۲۷ 





وكان برغم صغر سنه ذا معرفة ثقافية واسعة فى كافة الاتجاهات الفكرية التى تعمل 
على الساحة الفلسطينية» وكان ذا إطلاع على الجماعات الإسلامية وبخاصة الإخوان 
المسلمين حتى أنه كان مغرما باقتناء المجلات الإسلامية» وكان يكثر من السؤال عن 
السو ا اماف 

ويمضى شقيق الشهيد قائلاً: كانت تعلو شفاهه بسمة رقيقة» وكان إيمانه بالله 
تعالى راسخا شامخا شموخ الجبال الشمء وكان اها قا واا وسقي 
إسلامية راضية» بل أكاد أقول : إنها نادرة» وكان يتمتع بعقلية متفتحة» ونفسية رائعة» 
وكان دائم التفكير والسؤال وتفهم أهمية العمل السياسى الإسلامى . 
المواجهة: 

افتحمت قوات الاحتلال القرية يوم الخميس 1984/77/١5‏ » فى الساعة الثانية 
بعد الظهر وكان الشهيد يجلس مع أحد أشقائه» عندما جاءت امرأة وقالت : إن الجيش 
اقتحم القرية» وما إن سمع أحمد بهذا الخبر حتى انطلق» وهم مسرعاً فالمسلم ذو همة 
عالية . لا ينتظر الخطر حتى يقرع بيته» بل يقرع باب الخطر ويدكه إن لم يكن بسلاحه 
فبإيمانه ودمائه» كان أحمد فى الصف الأول للمواجهة. وأصيب برصاصة اخترقت 
الكلى والطحال» ورصاصة أخرى فى اليد وتم نقله إلى مستشفى الاتحاد فى نابلس 
حيث أجريت له ٠"‏ عمليات جراحية وعمليات أخرى فرعية. وحدث له التهاب فى 
ار اص مضي و مر مرا 
ومن هناك سمت روحه الطاهرة إلى ربها . 
وصايا الشهيد: 

فى اللحظات الأخيرة قبل صعود روح الشهيد» لم ينس أن يوصى» ولم يوص إلا 
بما يتعلق بأمور دينه وشرفه وحب الوطن . وينقل لنا والد الشهيد جزءًا من هذه 
الوصاياء بعد أن أكد لنا أن دخول أحمد المستشفى جريحًا وخروجه شهيدًا سيان» ولن 
يفرح كثيرا لو أن أحمد خرج من المستشفى معافى» لأن أحمد نال ما كان يصبو إليه . . 

ون وها اف بان يلق يران آلا إله إلا اذل يحمت رسو الله وأ رى بان دد 
فى جنازته الأناشيد الإسلامية» وأن يكون الجو المحيط با لجنازة إسلاميًا أيض . 


۱۸ 


لا نكو عل الكو ادمع الشنقة فقط: 

أوصى الشبات بالمحافظة على الصلاة . 

أن يذبح أهله شاة ويوزعونها على الفقراء . 

أن يوزع ما تركه من مال على الفقراء . 

ألا تغسل جراحه حتى يلقى بها الله تعالى. 

أوصى بزفاف شقيقته بعد ثلاثة أيام من استشهاده. ويقول والد الشهيد: 2 
اللحظات الأخيرة قبل وداعه قال : أنا لم أقاتل من أجل فلسطين فقط » وإنما قاتلت من 
أجل إقامة الدولة الإسلامية» وقال: اللهم أقم الدولة الإسلامية» وراح يتذكر البلاد 
الإسلامية كلها بالم وحسرة» دمحرحيك الا و لاد ررح ومن 
والبلاد العربية وقال ؛: يجب علينا أن نخررها جميعا موود اه اعرار لاخر اندي 
دار بيئه وبين أحمد . 


الأن: كنت أنوى أن أزوجك؟ 


أحمد: آنا الآن سأكون مع الحور العين» غل إن الك رىس 
كيد وأنت يا أبى صل على » ثم نظر إلى أ مه وقال كلوا واشربوا وتمتعوا بحياتكم ولا 
تجزعوا. . كانت هذه الكلمات تترقرق عذوبة وهى تخرج من فم الشهيد» فقد خرج 
من الدنيا نظيفًا طاهر من كل دنس » حتى دنس المادة أراد أن يطهر نفسه منها عندما دعا 
والده لتوزيع ما عمل به طيلة حياته وهى عبارة عن مائتى دينار أردنى على الفقراء 
والمساكين» ولم ينس آهل الشهيد أن يطبقوا وصاياه وصية وصية» وخالفوا عادات 
لما الاي ا 
لشفائه» فأبى أن يكون عائقا أمام ة شقيقتة ..وفى مسيرة استشهاده كانت كما آرادء 
ل ق وى أسرات الل اكير ارات الج رات ارات افر 
ترفرف خفاقة فى جبال بيت لبد وأطرافها وسهولهاء والأعلام الفلسطينية المزينة ب: لا 
إله إلا الله تخفق» ولم يخالف أحد وصايا الشهيد. ولم يعصوا الله. فلم تصرخ 
امرأة» وكانت الدموع تتساقط كالدرر. وداعا للشهيدء وربما اختلطت الدمعة 
بالابتسامة» لتشارك الشهيد ابتسامه بالفوز العظيم . . وشددت الكلمات الإسلامية 
التى ألقيت على ضرورة المسير» وصلَّى والد الشهيد والجموع على شهيدنا. وناله هذا 


۱۳۹ 


الشرف بأن طبعت دماء الشهيد على ملابسه» وحمد الله بعد أن تأكد من الاستشهاد 
فقال: لله ما أعطى ولله ما أخذء والحمد لله على كل أمر . وهو يسلم ويرضى بقضاء 
الله سبحانه وتعالى كلما هدأت عاصفة العاطفةء وتحدثنا بأمور أخرىء كان والد 
الخهية كر اا اخ بيت ةا قل «لو رأيتم فى الساعة 
الأخيرة ونحن نودعه ويودعنا ويوصينا ونوصيه. أوصيه بأن يسلم على الرسول 
وصحبه وعلى أهلنا وآبائنا والشهداء الذين سبقوا إلى المجد وقرأت عليه ظا إن الله 
اشترئ من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجئة يقَاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا 
َي حن في اثوراة والإخمل ومرن ومن أو بعهده من لل فاستي رو بعكم اد اشم ب 
وذلك هو الفوز العظيم 4 [التوبة: ]١١١‏ ثم يحدثنا الحاج والد الشهيد عن جهاد الشباب 
المسلم فى رام اللهء فبعد أن استشهد وعبروا الجبال بين رام الله ونابلس» حيث تم 
إحضار الشهيد وطلبوا من أهله السفر عبر المواصلات» فتجشم الشباب المسلم مشاق 
الجبال الشوامخ حفاظًا على جسد الشهيد أن تلمسه يد القتلة المجرمين . 

والمسلم يكون داعية فى حياته ومماته وفى اللحظات الأخيرة له» فشهيدنا كان له 
شرف الدعوة إلى الله وهو حى يرزق» وحتى فى اللحظات الأخيرة وهو فى أشد 
الأوقات لم ينس أن يكون داعية. فقد وجه نصيحة إلى الممرضات فى المستشفى 
وطالبهن بالالتزام بالإسلام خصوصا فى عهد الاتتفاضة. فقلن له. وما دخل هذا 
بالانتفاضة فأجابهن جواب الواثق بربه الراضى بقضائه : إن الانتفاضة يجب أن تكون 
إسلامية وإذا أردنا أن نحرر بلدنا يجب أن نكون ملتزمين بالإسلام قولاً وعملاً. وكان 
داعية فى استشهاده فقد رأى أهل البلدة الكرامات التى ظهرت على الشهيد من رائحة 
طيبة ووجه مبتسم . أما والدة الشهيد فقد نسيت آلام فراق فلذة كبدهاء وأسقت 
الشراب للشباب المسلم الذى جاهد لإحضار الشهيد عبر الجبال» وقصة الشراب غريبة 
نسوقها للإشارة إلى تضحيات هذا الشعب المجاهد المصابر . . 

كان الشهيد أحمد يحب نوعا من الشرأب» وطلب من والدته أن تحضره له» ولكن 
الطبيب منع أحمد من تناوله لأنه يؤثر عليه سلبّاء فقامت والدة الشهيد بإرجاع الشراب 
إلى البيت حتى الشفاء التام» ولكن شاء الله أن يستشهد أحمد فقامت والدته بسقى من 
احبوا احمد حيا وشهيدا . 

۱4 


أما شقيقته أم همام فتقول: «كنت أستعد لزيارته فى المستشفى فجاء ابنى وقال 
استشهد خالى : إنا لله وإنا إليه راجعون» وأوصيت أولادى بأن يبقوا هادئين» وبعد أن 
حضر الشهيد نزلت دمعة الشفقة من عينى» وألبست الشهيد الثياب بيدى وقلت له: 
سنلتقى فى الحنة إن شاء الله» الله أكبرء وإنا لله وإنا إليه راجعون» وسرت فى المسيرة 
وكبرت وقلت: لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله» وبعدها ذهبت إلى البيت وحمدت 
الله وصليت وشكرت الله وارتضيت با قسم الله» وأنا راضية من كل قلبى» وحمدت 
الله أن ارتفع من بيننا شهيد ليشفع لنا يوم القيامة» وأتمنى أن يرزقنى الله الشهادة. . 
وأطلمن الله أن يززق أبتائن التبياذة فى سيل الله قل أن الذق اسهد فى 
سبيل رفع الراية الإسلامية خفاقة. ٠.‏ . 


ويذكر لنا والد الشهيد أن أحمد ما انفك يتحدث عن الشهادة حتى قبل الانتفاضة 
وكان يصرعلى أن يكون العمل تحت قيادة إسلامية طاهرة» لا قيادة علمانية فاسدة 


کے - 


مفرطة فى الحقوق ولم أحاول أن أمنعه. فروح الجهاد سارت فى دمه واستلهمت روحه 
حب الاستشهاد وكنت أدعوه إلى التريث حتى يفتح الله لنا ثغرة من ثغرات الجهاد. 
وجاءت الانتفاضة الأولى فكان فى الصفوف الأولى.. 











حتى الاططال لم يسلموا من غدراليهود 
۱٤۱‏ 


الشهيد /وائ ل أحمد إسماعيل الهود 
۱۹44/۷/0 


e‏ مخيم النصيرات عام ۱۹۷۲ وكان 
فى الصف الأول الثانوى» وتفوق فى دراسته حيث احتل | 
المرتبة الأولى فى صفه وكان يقول بأنه يرغب بدراسة | الو 
الأذى الاغليرق فى الجامعة الاسلاميةا. 


وأسرة وائل مكونة من ١١‏ فردا؛ ٦‏ أولاد وه بنات» | 
وتمتاز العائلات فى غزة بكبر حجمهاء وللشهيد شقيق | 
حاصل على درجة ال ا جستير وشقيق آخر يعمل سكرتير 
للمجلس القروى فى النصيرات ويعتبر وائل أصغر أبناء العائل . 
حادثة الاستشهاد: 

أثناء المواجهات التى شهدها المخيم فى 0/ ۷/ ٩۱۹۸ء‏ كان وائل من بين الشبان 
الذين شاركوا بفاعلية فى مقاومة الاحتلال وحدثت مواجهات عنيفة» كان الشباب 
خلالها يكبرون ويرددون الشعارات الإسلامية» وكان جنود الاحتلال يطلقون النار 
بصورة كثيفة وكان وائل يقذف الحجارة» ويصرخ : الله أكبر مع كل حجر يقذفه» وفى 
هذه الأثناء أطلق أحد الجنود النار عليه فأصابته فى ذراعه التى كانت نارا على 
ار لبي را ير ل التي ان 
الطريق ارتقى إلى العلا فى سماء الشهادة» نجمًا يضىء الليل المظلم لهذه الأمة! وتم 
ر 
ولل د ا د الاد خي م المعيودرة قبن وح فين ا هادي 
كيفية علمه باستشهاد یه يقول والده اجام آعی وق ل با وال أصيب بجاح لا 
أن تا کذت د ذلك من استشهاده» . 

وسألته كيف تلقيت الخبر؟ قال «أنا رجل مؤمن بالقضاء والقدر» قبلت وجه 
الشهيد». ومن ثم يستدرك أحد الشبان الجالسين ويقول: «لقد خرج سكان المخيم 

۱٤۲ 








رجالهم ونساؤهم فى مسيرة حاشدة» رددت خلالها الشعارات الإسلامية والشعارات 
التى تمجد الشهيد» لقد كانت دموع الحزن والفرح تمتزج فى مآقى الناس وهى ترفع 
دقر او ا رم الجر وو اختلاق انيد ا ا 
الإخوة فيقول: كان من الشباب المسلم الطاهر وكان متمسكا بتعاليم ديننا الحنيف› 
وكان من رواد المسجد الكبير فى المخيم» وعرف بخلقه الرفيع وهدوثه واتزانه». ويقول 
آخر «كان وائل يكتب بخط جميل» وكتب عدة أيات قرانية بخط يده ومن هذه الايات 





شباب فلسطين يكتب التاريخ بالدم والجهاد 


۱۴ 


الشهيد حسام حماد 
۱۹۸4/۷/1٦‏ 


ولد حسام أحمد محمد حماد بتاريخ ۱/۲۲/ ۱۹۷۲م وقد مضى إلى ربه شهيد 
يوم 1984/1/7م» بعد أن سطر لأقرانه وإخوانه أشبال - 
(حماس) أروع المثل فى الإقدام وحب الشهادة حيث كان 
-رحمه الله- قد أصيب برصاص الاحتلال مرتين قبل 
استشهادة:. المزة الأول اخ فت رصياصة غادرة إحدى 
ساقيه» والثانية أصيب فيها فى كتفه» والمرة الثالثة أصابته 
رصاصات اليهود فى رأسه فحقق الله بها أمنيته 
ا 





ترعرع شهيدنا فى بيت متواضع الحال فى أحد المخيمات فى خان يونس وسط 
الفقر والمعاناة بين أزقة المخيم الموحلة وجدران بيوته المتهالكة» وسمع شهيدنا الغالى 
منذ طفولته الباكرة حكايات الاحتلال والتشريد والهجرة» وسمع من والده حكاية جده 
الذى استشهد عام ۸٤۱۹م‏ وعمره يزيد على الستين عاما. . استشهد مرفوع الرأس 
وفى يده بندقيته دفاعا عن قريته (بشيت) التى اغتصبتها عصابات اليهود فى عام 
م وكان آخر ما نطق به لأبنائه : ( وصيتى لكم أن تموتوا شهداء» ولا تفرطوا 
بهذه الأرض الطاهرة) . ) 

لقد التزم حسام بالصلاة فى المسجد قبل الانتفاضة بأكثر من عام» ولكنه بدأ يصلى 
تل سن السابعة »ومئل التزامة با مسجد نشات سنه ودين إخنواثة غلاقة تميمة واخبة 
الجميع فلقد كان نموذجا من النماذج الفريدة فى صفوف أشبال المقاومة الإسلامية بخلقه 
الرفيع وتعامله الحسن وشجاعته المتميزة . 

اغتسل حسام وتعطر وتوجه إلى المسجد لأداء صلاة العصر» وعقب الصلاة تبادل 
التحية مع إخوانه ثم توجه ومعه إحدى مجموعات السواعد الرامية إلى المكان المعهود 
بالنسبة لهم والذى اعتادوا الذهاب إليه يوميا انتظارا لمرور عربات جيش الاحتلال» 


١ 


وبعد لحظات لم تطل . . قدمت العربات . وانهالت حجارة الغضب بكل قوة مصحوبة 
بصيحات (الله أكبر) : ثم اختفى الشباب فى أزقة الخيم تمهيدا لكرة ثانية» وكان حسام 
فى مقدمة المجموعة عند الهجوم ومرت لحظات ظن الشباب خلالها أن الجنود قد 
رحلواء فخرج حسام إلى الشارع وحجارته فى يده. وكان أحد الحنود الصهاينة يختبئ 
خلف جدار. . وفجأة خرج من مكمنه وفاجأ حسامًا عن قرب حيث صوب بندقيته 
وا روا رامن ا ی على الأ ف ور قت 
روحه فى السماء 

لقد كانت الرائحة العطرة التى فاحت من جثة حسام ومن ثيابه أمرا شهد به كل من 
كان بجانبه عند مواراته التراب» وحدث أن أحد إخوانه لم يتمكن من الذهاب لدفنه 
فأوصى والدته أن أخبريه أن أخاك يسلم عليك» وعندما كانت الآم بجوار جثة ولدها 
الشهيد أخبرته بذلك -وكان فمه مغلقا- فانفجرت شفتاه عن ابتسامة عريضة . . رحمك 
الله يا حسام . . وطبت مقاما مع الشهداء والصالحين. . وإنا على دربك لسائرون . 





١0 


الشهيد /رائق حسن سلمان 
044/1 
نحن الآن مع شهيد آخر قدمته بلد الشهداء رامين 
الباسلة» وهو حمامة المسجد البطل رائق حسن سلمان 
الذى انضم إلى كوكبة الشهداء فى معتقل مجدو فى 
71 فی ذكرى استشهاد الإمام حسن البنا 
مجدد الدعوة الإسلامية فى القرن العشرين» لتلتقى روحه 
بروحه وبكل الشهداء والصديقين وكان فى الخامسة 
والعشرين من عمره . ) 
كان ا ا ا ا اندر و او کا ا 
خلق رفيع وهمة عالية ونفس عفيفة وصاحب نخوة لا يماثله فى ذلك إلا القليل . 
وحكايات البطولة التى سطرها خلال الانتفاضة وقبلها خير دليل على ذلك . 
كان شهيدنا البطل أول من يتصدى لحنود الاحتلال عندما يقتحمون القرية» لذلك 
كان أول شاب يسيل دمه الطاهر على تراب قريته خلال الانتفاضة الباسلة وعولج سرا 
وبقيت الرصاصة فى رجله. ثم أخذ يستأنف التصدى لحنود الاحتلال من جديد . 
وذات يوم يأتى إلى المسجد ويتوضاً ويصلى الضحى ويقرأ سور من القرآن الكريم ثم 
يتوجه إلى المنطقة التى يصعد منها الشباب والتى تسمى «أبا الصافح» ويقول لمن يلاقيه 
فى الطريق :"مق أرا د الشهاذة فليشيعق: وظنوه يمزح فوصل إليها وحده وأخذ يمطر 
سيارات الت الاستزائيلى الل رال فخ حجار حي أضيف ر ضصاضات ف 
رجه ا قدا على ا عر ا ا رو ا ع فنا كان كه ال 
أن ضرب حجر فى وجه ضابط هم بإلقاء القبض عليه ففقأ عينه» فأطلق أحدهم 
رصاصات على بطنه استقرت منها ست رصاصات «دمدم» المحرم دوليا فى بطنه» 
فنقلوه وهو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة إلى كلية الحسين الزراعية «كلية الخضورى 
سابقًا» ثم تدخل الصليب الأحمر فنقلوه إلى مستشفى طولكرم ليجرى له طبيب ماهر 





١5 


ر 


أصعب عملية جراحية كما قال هو : «لقد أمضيت خمسا وثلاثين سنة فى الطب 
والحراحة وما رأيت أصعب من هذه العملية حيث إن الرصاصات الغادرة كانت تنفجر 
فى بطنه رحمه الله . 

فكان بكلامه هذا يذكرنا بقول رسول الله ية لذلك الأعرابى الذى قال له عندما 
اعظاه قينا هن I‏ ها على د CE‏ ع انا تعدا على أن ارنن تناو اشناق إل 
حلقه ‏ بسهم فأخر شهيدا فقال با : (إن تصدق الله يصدقك» وفعلا كان كل واحد 
منهما صادقا فى الشهادة . 

غاد حمافة المسجد الى اليف يفو كا غل العكاز وها إن مستت ته خت كان 
يداوم على الصلاة فى المسجد. وكان - رحمه الله - یری إخوانه يشتغلون فى بناء 
مسجد جديد يحمل اسم مسجد الشهيد: «ابن مفلح الرامينى» فيصر على المشاركة فى 
العمل ويقسم على ذلك ويقول لهم : أمنيتى أن أصلى فى هذا المسجد الجديد قبل أن 
أنال الشهادة» ونالها رضى الله عنه ولم يصل بهء وذلك لآن العمل قد توقف مرارا 
بسبب الضائقة الاقتصادية التى يمر بها أهل قرية رامين خاصة وأهلنا فى الضفة الغربية 
عامة . ظ 

فانتقل حمامة المسجد إلى رحمة الله وهو يحمل طهارة الشاب المسلم محافظًا على 
صلاته وصيامه وقراءة القرآن محبًا للخير وعمل الخير. وبعد فترة وجيزة يذهب 
شهيدنا إلى مركز طولكرم ليحضر بطاقة الهوية الإسرائيلية الحتجزة لدى السلطات 
وعلى مدخل قرية «عنبتا» يوقف سيارته التى يستقلها بجانب حاجز عسكرى ويطلب 
منه جندى إبراز هويته فقال له الشهيد: «إنها فى مقر الحاكم العسكرى فى طولكرم وأنا 
ذاهب لإحضارها » عندها أخذ يو جه له الجندى العبارات النابية والألفاظ البذيئة. 

فقال له الشهيد: «إن كنت رجلا فألق سلاحك» فما كان من الجندى إلا أن سلم 
سلاحه لزميله وكان بيده عصا كبيرة . فانقض عليه شهيدنا كالأسد متلقيًا الضربة الأولى 
ولقنه درسا لا ينسى أبدا فهجم عليه أكثر من عشرة جنود وانهالوا عليه بالضرب» ‏ 
فتدخل الشباب والنساء فى عنبتا يرجمون الجنود بالحجارة من أجل أن ينجو ويخلصوه 
من أيديهم ولكن أنى لهم ذلك وقد ألقوا القبض عليه ونقلوه إلى معتقل طولكرم 

۱4۷ 


وفى المعتقل يظل متمسكا بدينه وبهدفه الأسمى وهو الشهادة فى سبيل الله . ثم 
«(صنوف» فينهال هناك ضربا على أحد الضباط مستردا كرامته فينقل عقابا له إلى موقع 
الثبات على العقيدة والحق» إلى النقب إلى معتقل أنصار7. مكث هناك مدة لا بأس بها 
وهو على عهده مع الله وأمنيته الشهادة فى سبيله . انتقل بعد ذلك إلى رحلة العذاب 
الأخيرة إلى معتقل مجدو «اللجون» ليواجه هناك مؤامرة التصفية الجسدية» وهذا 
واضح فى الرسالة التى أرسلها لأهله قبل استشهاده حيث يخبرهم فيها أن السجانين لا 
يتركونه بحاله» ونا يضربونه كثيراء وكتب الشهيد فى يوم السبت 7/ 5/ ۱۹۸۹ و 
تدل على إيمانه وثباته على دينه . حيث يطلب من أهله : 

. دينارا أردنيا‎ 70١ التصدق على الفقراء والمساكين بمبلغ‎ ١ 

۳- عدم بناء القبر للمفاخرة والمباهاة . 

؛ - عدم النواح عليه مطلقًا والصبر على استشهاده . 

1 - شراء كتب دينية ووضعها فى المسجد وعدم كتابة اسمه عليها . 


وفى ١940/7/17‏ يأتى ضابط الإدارة فى طولكرم عند غروب الشمس يطلب 
من والد الشهيد ومختار القرية أن يذهبا إلى مستشفى العفولة لإحضار جثته من 
المستشفى» وفى صبيحة اليوم التالى يقام له عرس الشهادة ويهب البعض من أهل قرية 
رافية الى فى العو ل لا حار الها و عدا كنت را فاه .وحنو | الضحرناتك 
الكثيرة على وجهه ورأسه وجسده الطاهر . ) 
وما إن وصل جثمان الشهيد الطاهر إلى القرية حتى خرج الناس عن بكرة أبيهم مع 
بعض الإخوة من القرى المجاورة يشيعون الشهيد ويعاهدونه على السير قدما فى طريق 
الانتفاضة حيث الهتافات الإسلامية والوطنية واللافتات المعبرة وأكاليل الزهور فيوارى 
جسد الشهيد الطاهر وسط الهتاف والزغاريد والأناشيد الإسلامية من الشباب والنساء 
لينضم إلى قافلة شهداء الإسلام لتلتقى روحه إن شاء الله بالنبيين والصديقين والشهداء 
والصا حين وحسن أولئك رفيقا . 
۱٤۸‏ 


الشهيد /ايمن رمزى بدران 
۸4/۷/۹ 

مولده: 
ولد الشهيد أيمن رمزى بدران فى شهر تموز(يوليو) 
م فى مخيم عسكر القديم للاجئين الواقع على 
El‏ نا ناس يك لازن دونز اقوس عاك 
هاجرت من مدينة اللد الخالدة التى سقطت فى النكبة 
الأولى عام ٠۹٤۸‏ , الك تمن ات ار ادالاس 
وعددهم خمسة (ثلاثة أولاد وتان ): مد 





تفتحت عينا أيمن على حياة المخيم البائسة كما هو حال كل مخيمات 
اللاجئين ‏ بيوت متراصة . . أزقة ضيقة . . اكتظاظ سكانى . . إلخ ولكن طفولته 
البريئة لم تكن لتدرك سبب هذه الحياة. . ولم تدرك أن هذه حياة مؤقتة وليست 
دائمة» شارك فى صنعها الخونة من أبناء جلدتنا الذين تاجروا بالقضية ورقصوا على 
الجراح . ظ 

كان أيمن مثل بقية أبناء جيله يقضى معظم أوقاته بعد الدراسة فى اللهو واللعب . . 
ومن هواياته التى مارسها فى البداية ملاحقة الفراش والجنادب وحيسها فى قوارير 
صغيرة . . وبعدها انتقل لاصطياد العصافير التى كان يلاحقها فى كل مكان . 

بقى الحال كذلك حتى تفجرت الانتفاضة الإسلامية المباركة . . فابتعدت العصافير 
هاربة من أصوات الرصاص . . فلحقت بها براءة الأطفال باكر فغدا الأطفال رجالا 
يحملون هموم الأجيال. . فأصبحت هواية أيمن اصطياد الغربان والذئاب. . بدل 
العضافير الصخدرة تر فكان الشميل ك شارات و دور نات اليش صر فجت 
حيث كان يقضى الأوقات الطويلة متر صدا صيده» حتى إذا لاحت له الفرصة خرجت 
قذائف الحجارة من يده الطرية لتهوى على الرؤوس العفنة المليئة بالكفر والأوهام. 


۱۹ 


وقد تعرض الشهيد أيمن للضرب عدة مرات على أيدى الجنود . وفى أول رمضان 
فى الانتفاضة كان الشهيد أيمن - وكان عمره وقتها أحد عشر عامًا - يجلس أمام منزله 
وهو صائم ينتظر أذان المغرب› وإذا بسيارة إحدى دوريات الجيش تقف أمام المنزل 
فيقفز منها أحد الجنود ويحمل أيمن بين يديه ويضعه فى سيارة الدورية العسكرية التى ‏ 
انطلقت به إلى مشارف المخيم» وهناك أخذ الجنود يضغطون على أيمن ليذكر بعض 
أسماء ملقى الحجارة . . وأيمن يقول لهم : لا أعرف أحدا. . عندها أخرج الجندى كمية 
من النقود محاولاً إغراء الصبى بهاء إلا أن أيمن أصر على كلامه بأنه لا يعرف أحدا . . 
وبعد أن يئس الجند منه أطلقوا سراحه» وعللاها وضلا ان إلى البييتك قال لآمه: 
يريدوننى أن أصبح جاسوساء أمى لقد كنت أعرف الذين ألقوا الحجارة» ولكننى لم 
أذكر أى واحد منهم . . وتحدث أمه أن أيمن قال لها يومًا: هل تعرفين متى يرجع 
الأقصى يا أمى؟ فقالت: متى؟ فقال: عندما يسيل الدم إلى الركب . ولم تستطع أمه أن 
ترد عليه شيئا . 

وفى شهر رمضان من العام الثانى للانتفاضة كان الشهيد أيمن يتناول طعام الإفطار 
مع أسرته وأسرة جده» وعند الانتهاء من الطعام تسلل خارجا من البيت دون أن يشعر 
به أحد» تبين بعدها أنه خرج ليكتب مع أحد أصحابه الشعارات على الجدران منها: 
خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعودهء وقد اتفق هو وصاحبه على أن يوقعا تحت 
اسم أشبال الأقصى وبعد ذلك بأيام كتبت على الجدران شعارات باسم حركة المقاومة 
الإسلامية تحيى أشبال الأقصىء وكان الشهيد يقول دائمًا: آنا حماسء أنا 
حماس . . فعاد أيمن إلى بيته بعد قراءة الشعارات فقال لأمه ببراءة: «ياماء ياما الناس 
يحبونى) . فاستغربت أمه من كلامهء فقال: على الجدران تحية لأشبال الإسلام. وأنا 
منهم . ولم يكن يعلم أن اسمه سوف يزين جدران المخيم وأوراق الصحف والمجلات 
بعد فترة ليست بالطويلة . : 

قبل استشهاد أيمن بشهرين تقريبًا ودع المخيم الشهيد (علاء جبريل - ٠١‏ عاما) 
فذهب أيمن ليعزى أهله كما يفعل الكبار . . وكان يسأل عن قبر علاء ليزوره وهو لا 
يدرى أنه أول شهيد سيلحق به . 


١0 


يوم الاستتهاد: 
فى يوم الخميس /٩‏ ۷/ ۱۹۸۹م كان لأيمن موعد مع الجنان. . ففى هذا اليوم قام 

أحد أبطال الإسلام بعملية قلب ( الباص ) الإسرائيلى على طريق تل أبيب ‏ القدس 

ليكون ركابه على موعد مع جهنم . فى هذا اليوم حلق أيمن شعر رأسه ولبس ثيابًا نظيفة 
وأدى الصلوات . . وكان آخرها صلاة العصر حيث عاد بعد الصلاة إلى بيت جده وهو 
فى نفس الحارة» » فمكث فيه قليلا * ثم غادر المنزل حيث أخذ يلعب مع أصحابه فى 
الحارة. . وبعد فترة توقفت سيارة لإحدى الدوريات» فنزل منها جندى اختباً خلف 
أحد مداخل المخيم المغلقة بالبراميل الإسمنتية وسدد البندقية من مسافة ١1-١٠١‏ مترا 
فقط إلى رأس أيمن (ويبدو أنه شاهد أيمن يلقى الحجارة قبل ذلك وكان ميزا بشعر 
الأشقر) فأصيب برصاصة فى الجانب الأيسر من رأسه فسقط على الأرض وأسلم 
الروح إلى بارتها . عند ذلك انطلقت الصرخات: أيمن . . . أيمن. . . أصيب أيمن» 
فحمله بعض الشباب إلى المستشفى ظنا منهم أنه ما يزال على قيد الحياة. وعند 
وصولهم المستشفى تأكدوا من استشهاده فعادوا به مسرعين قبل مجىء جنود جيش 
الاحتلال حيث دفن فى مقبرة المخيم ولم يره من أهله سوى أحد أعمامه الذى كان 
يحمله بين يديه . إن هذه الدماء الزكية ستنبت الورد والياسمين فوق ثرى هذه الديار 
المباركة . إن كثرة الدماء ستنبت رجالاً يحملون هذا الإسلام» ويحررون البلاد والعباد 

من رجس الكافرين إن شاء الله . 

لقطات: 

)١(‏ (وعملتها يا أيمن): حدث أحد أصدقاء العائلة أنه علم باستشهاد أيمن عند صلاة 
الفجر يوم الجمعة» فرجع إلى البيت وأيقظ ابنه وهو فى الصف الخامس الابتدائى 
وأحد أصدقاء أيمن فقال له : استيقظ › لقد استشهد أيمن . فقال الابن : عملتها يا 
أيمن» عملتها يا أيمن؟ فقال الأب : ماذا تقول؟ ما الذى عمله؟ فقال الابن: عملتها 
يا أيمن واستشهدت قبلى . ويقول الأب: فلم أتمالك نفسى فتركته وأخذت أبكى . 

٠‏ (۲) أشبال الأقصى: بعد أيام من استشهاد أيمن ظهر على الجدران وبخاصة جدار 

الس سا ا 0ا اص اي ار 

الكتابة فى شهر رمضان . 


۱۵۱ 


(۳) فى إطار جميل حملت صورة الشهيد وكتبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) 
ال اا 
قد فالهاالشهيد قيلى بعزة بلادى العروس ومهرها استشهادى 

() قولى لأمى لا تحزن: إحدى قريبات أيمن شاهدته فى المنام فقالت له: إن أمك 
تبكى عليك وهى حزينة : فأخذ نبتة خضراء وقال لها: أعطيها لأمى وقولى لها لا 
تحزنىن. ١‏ ظ 

)٥(‏ قبل استشهاده كان قد خاط علمًا بيده» حمل هذا العلم فى المسيرة التى انطلقت 
بعد استشهاده . 





عاد كاد اد 
eq j #4‏ 


۱0۲ 


الشهيد / ناصر موسى 
1344/7/14 

من الناس من إذا نظرت إليه قفز إلى ذهنك من خلال ل 
واكك ات و لا لكا سور نين ا 
ويؤلف» ولربما استقر فى خاطرك من خلال وجه إنسان 
آخر أن صاحب هذا الوجه فظ فى تعامله» قاس فى 
طباعه» لا يعرف ثغره كيف يبتسم» ولم تسعد عيناه ببريق 
الفرح أو السرورء لكنك لو نظرت إلى وجه (ناصر) دون 
أن يسبق لك رؤيته فستدرك أن عنينيك قد وقعتا على وجه 
تعلوه ابتسامة دائمة كما لو كانت قد ارتسمت على ثغره للتو . ET‏ 





ناصر مرتسمة على ثغره على الدوام لا تكاد تفارق وجهه الأسمر حتى باتت صفة 
يعرف بها ناصر موسى . 

ولد الشهيد ناصر صبحى عبد الحميد موسى فى مخيم خان يونس للاجئين. تم 
تهجير أبيه من قرية بيت داراس عام ۱۹٤۸‏ م لينضم إلى جموع اللاجئين فى مخيمات 
قطاع غزة» ليعيش مع زوجته الصابرة التى أنجبت له خمسة أولاد وخمس بنات؛ وكان 
ناصر أصغر الأولاد الذكور سنا حيث عاش ما يقرب من ثمانية عشر عاما حيث ولد يوم 
اا و ا 


تقدم الشهيد ناصر موسى لامتحان التوجيهى القسم العلمى ‏ قبل استشهاده ولم 
يعلم بتتيجة الامتحان لأنه قد مضى إلى الله شهيدا قبل ظهور التبجة. . وعندما ظهرت 
التتائج كان مسجلاً بجانب اسم ناصر صبحى موسى كلمة ناجح والمعدل ./۷١‏ نشأ 
ناصر فى بيت إسلامى . الأخوة والأخوات والوالدان» وانتمى منذ طفولته المبكرة إلى 
أشبال مسجد الإمام الشافعى فى مخيم خانيونس» ولجمال صوته وشجاعته الأدبية 
ا ئذون ) اک ال م والتى اح كيرا من الحفلات فى أنحاء 
رة مزا ركا اام رة ا هاف كل حل و رع 
تكرارها لإبداعه فى أدائها وهى أنشودة يقول مطلعها : 


١0 


فير ا نايا ا ار ال ا ا 

لوأصبح شهدىصبرا ماننساكياصبرا 

ولدى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ اندلاع الانتفاضة انخرط 
ناصر فى إحدى مجموعات السواعد الرامية التابعة للحركة والتى كانت متخصصة 
بتنفيذ فعاليات متنوعة من محيط مسجد (الرحمن) القريب من بيت الشهيد . 


ويحل عيد الأضحى يوم الخميس . . . ويحتفل به الفلسطينيون رغم الألم 
والآهات التى تتردد فى كل بيت» وكان ناصر فى ذلك اليوم مقطب الجبين على غير 
عادته يجلس فى ركن من البيت بعد صلاة العيد ويطلق لروحه العنان لتحلق بعيدا 
حيث يقضى إمام المسجد وعشرات الشباب المسلم العيد خلف قضبان السجون بعد أن 
لاحظت أجهزة أمن العدو أن بؤر المواجهات العنيفة هى المساجد وروادها. . ویاتی يوم 
الجمعة. . ثانى أيام العيد الموافق 5 /١‏ ۷/ ۱۹۸۹م ويتناول ناصر طعام الإفطار مع أهل 
بيته» وكان يبدو سعيدا منشرحا وهو يروح ويجىء فى البيت مرددا ( يا أمى إن شفتى 
دمى لا تنهمى ) وكان يكررها دون أن يلقى أحد لها بالا . . ويغتسل ناصر غسل الجمعة 
ويذهب مع أشقائه إلى المسجد لصلاة الجمعة وبعد عودته من الصلاة تناول طعام الغداء 
ثم حمل ابن أخته البالغ من العمر سبع سنوات بين ذراعيه وقال له: سأعطيك دروسًا 
عملية فى الانتفاضة . . سأجعلك تباشر العملى دون المرور بالنظرى» وأخذه معه إلى 
المسجد لصلاة العصر. . . وبعد الصلاة مباشرة التقى بإخوانه من أبناء حركة المقاومة 
الإسلامية (حماس). . . والطفل الصغير ما زال بصحبته وتوجه ناصر مع مجموعة من 
السبواعد الرامية إلى مكان تضبوا فيه كينا لاجدى دوريات كود الالفعلال المسماة 
(حرس الحدود) وتنهال عليها الحجارة من كل صوب» فيفقد من فيها صوابهم 
ويطلبون التعزيزات باللاسلكى . . وتهبط فى الأزقة الضيقة للمخيم أعداد كبيرة من 
القوات الراجلة . تقوم بمطاردة الشباب فى الشوارع الضيقة» وكان أحد الجنود الصهاينة 
يكمن خلف جدار ويصوب بندقيته باتجاه الشبان. . فخرج ناصر من أحد الشوارع 
الضيقة ويداه تقبضان على الحجارة. . . فعاجله الحندى الجبان بطلقات اخترقت الجهة 
التشترى هن رة فيضع ناصر كفه على صدره الدامى ويستمر فى اللجرى وهو 
يصرخ : الله أكبرء الله أكبر . . والدماء تنزف وتنزف حتى خارت قواه» وما إن وقع 
۱04 


الشهيد على الأرض حتى هبت الجماهير تلاحق فلول الجنود الذين ركبوا عرباتهم 
العسكرية ولاذوا بالفرار. . وينقل ناصر إلى المستشفى القريب . . لكن الروح تصعد 
إلى بارئها لتحلق فى الفردوس الأعلى مع الشهداء والصالحين» وتتوالى الجموع للعزاء 
على بيت الشهيد. . ولكن والدته تصر على تقديم الشراب والعصير لمن يحضر إلى 
البيت قائلة.: إنانقى سهيك:.. وفى عينيها فيض من الدموع . 

حدثنا من حضر إيواء الشهيد فى المقبرة . . وكان الوقت ليلا. . أنه بعد لحظات من 
مغادرة الناس لكان القبر. . الوا ات ا i‏ 
لحظات ثم يصعد ثانية إلى السماء . 


نقد ا لعن دک ون ا 
واو اا ESS‏ 





١00 


الشهيد / سمير الأخرس 
۱444/۷/1۸ 

hela Ge 
ونحن لا تملك إلا إيمانًا فى القلب» ومصحقًا فى يد:‎ 
وفى الأخرى حجراء وعندما ينطق الدم كل يوم فى‎ 
شوارعناء ويرصف جنرالات الحجارة طريق المستقبل»‎ 
| بحجارة فلسطين» فإن الكلمات تصبخ مجرد حروف‎ 
٠ صماءء ولا يملك الفرد فينا إلا أن يقف إجلالاً لينبوع‎ 
1 . شلال الدم المتدفق» ونحن لاغلك سوى كلمات.‎ 
ليس أكثر » إلى أطفال الحجارةء جبابرة الانتفاضة الذين نفضوا غبار السنين عن الوطن‎ 
السليب» وجعلوا المارد يزأر» أصبحت أغانيهم مع الحجارة» وأتقنوا عزف سيمفونية‎ 
رائعة فى حبك أيها الوطن» فليقف العالم صاممًا للسواعد الرامية لحماس» وليقف‎ 
إجلالاً وإكبارا لشهداء الوطن الذين باعوا كل شىء إلا الإخلاص لله والوفاء للأرض‎ 
والقضية. . وحينما يصبح الموت فرحاء وتقدم التهانى بدل التعازى لهؤلاء الذين‎ 

قدموا دمهم على مذابح التضحية . . عندها يقف الاحتلال برهة ويعيد حساباته . . 





أمام بيت الشهيد سمير وضع إكليل من الزهور زينته الآية الكريمة 8 من المؤمنين 
رجال صدفوا ما عاهدوا اله عليه فَمنهُم من قضئ تبه ومتهم من يروما بوا ديلا 
الاعات ]ؤذيلت الا بتوقيع حركة المقاومة الإسلامية ااحماس». . 
انتقل للدراسة فى صناعية طولكرم» والدراسة فى طولكرم كانت تمثل مفترق الحياة 
بالنسبة لسمير ففيها انضم إلى ركب الدعوة الإسلامية والتزم الإسلام منهجا للحياة 
بالرغم من التزامه بالعبادة منذ الصغرء وكان الشهيد قد حصل على المرتبة الثامنة من 
العشرة الأو ائل فى امتحان الشهادة الدراسية الثانوية الفرع الصناعى للعام ۸۸ فى 
الضفة الغربية» وحاز على بعثة دراسية للسودان إلا أن قرار الأردن بفك الارتباط قد 


١01 


أدى إلى إلغاء هذه البعثة . وعد فا انق O‏ سهير عه تقول EOE‏ نين 
طاعة الله وتربى فى المسجد» واعتاد أداء الصلوات بشكل منتظم . : وكان يطالع فى 
Û‏ تنقق الكيييك دنه كان ESO‏ 
المقام فى القرية فى ذكرى الهجرة النبوية. . . وما هى إلا الحظات حتى كان صوته 
الندى فى التلاوة يملا مسامعنا . 
المواجهك : 

فى /٠۸‏ ۷/ ۱۹۸۹ اقتحم الجيش القرية بعد العصرء وأصيب فى المواجهة فى ذلك 
اليوم 8 ؟ شاباء وكان من بين الجرحى سميرء إلا أن جراحه كانت خطيرة واستشهد 
متأثراً بها. . . وفى الحادثة» وبينما كان يواجه جنود الاحتلال قال أحد الشبان «ما 
أكثر جيش الاحتلال»! فرد بكلمات» كانت آخر ما قاله فى حياته «نحن المؤمنين أقوى 
ااا فزنت :حدق الآأخوات المسليات ال كانت كف اللجارة لر اعد الرامية 
ل كم من فة قَليلّة عبت فة كثيرة بإذن الله 4 [البقرة : 44 1] وكان شهيدنا قبيل استشهاده 
فن ار تت روح لطليت للشتهادة فاخن بها وصق خد المؤامين» فقام فتوضاً 
وضوءه للصلاة» فقال له أحد أقربائه : لماذا تتوضاً ولم يحن وقت الصلاة ؟ فقال «أنا 
أشم رائحة الجنة70١2‏ وأخذ الراوى يقسم لنا إنه سمع هذه الكلمات من فم شهيدناء ولا 
اشتد الوطيس» وإذا بك ترى سمير» وهو يحمل مقلاعه بزنود سمراء فلسطينية مؤمنة. 
مرة يضع الحجارة. وأخرى الزجاجات الفارغة» وبدأ الجيش بالانسحاب خارج 
البلدة» وفى الحقيقة كان الجيش ينصب كميتا لهذا الفارس الذى ما أرهبته قسوة جنود 
الاحتلال ولا أضعفته نيران أسلحته الرشاشة» ففى طولكرم بلد الكروم تعلم شهيدنا 
معانى الصبر والثبات» ولاحق شهيدنا فلول الجنود» وما هى إلا لحظات حتى بدأ 
اللتووزى| ظلاق سيل مق الرضاض» فاس ت بوضافنة جاه فى فنظقة اقلت و شاه 
شهيدنا الدماء «التى نذرها وادخرها لهذا اليوم» وهى تسيل . . فبداً بالانسحاب» وبينما 
كان يحاول القفز عن جدار مرتفع» كان يجد صعوبة فى ذلك. فأطلق أحد الجنود 
رصاصة أخرى فاستقرت فى رأسه. فأمسك بحبل غسيل وهم بالصعود منه فخر 
)١(‏ هذا يذكرنا بالصحابى الجليل « أنس بن النضر» الذى قال يوم أحد ‏ والله إنى لأشم رائحة الجنة من دون 


أحد/ انظر: صحيح البخارى بشرح فتح البارى لمحمد بن إسماعيل وهو مطبوع مع فتح البارى» ط 
۹ م» القاهرة (908/8) . 


۱0۷ 


شهيدنا لتستقبله الحور العين» وسقط على الأرض› وارتفع إلى السماء» ولم يحترم 
جنود الاحتلال سكون الشهيد وهيبته فقاموا بضربه بأرجلهم وأعقاب بنادقهم وضربوا 
فتاة كانت تحاول أن تسعفه إن كان فيه رمق من حياة» كما قام جنود الاحتلال بشهادة 
عدد من سكان القرية «بتمزيق ملابس الشهيد وسرقوا ساعة يده. ..!!»ولميكتفوا 
بسرقة البسمة المشرقة من شفاة شهيدنا» بل اعتدوا أيضا على متاعه! ! وقبيل استشهاده 
كان يحث الشباب على عدم التولى أو الهرب من جنود الاحتلال» وقال للشباب : 
«اهتفوا الله أكبر فقط» ونهى الشباب عن ترديد بعض الكلمات التى لا تليق 
ا 

ويحدثنا شقيق آخر للشهيد فيقول : كان يقرأ شقيقى كتابًا أحضره عن كرامات 
الشهيد والمجاهدين الأفغان «وكأنه يعنى كتاب الشيخ عبد الله عزام» وبعد أن أنهى 
القراءة قال «أتمنى أن أستشهد إن شاء الله»ء ووحه حديثه لأمه وطلب منها أن لا تصرخ 
أو تخالف الشرع إذا ما استشهد . 

وكانت والدة الشهيد قد أمسكت يوما فنجان القهوة الذى شربه وقالت له مداعبة 
ایی أرق غر وسا تر كن على حصان فر قاتا ااا م هذه 
الشهادة فى سبيل الله) . 

وشارك عم الشهيد فى الحديث» وقد اغرورقت عيونه بالدموع فيقول: يوم أن 
أحضروه من التشريح› شممت رائحة عطر تر طب الحو عليناء فقلت لزوجتى لعلهم 
ويضيف قائلاً بالرغم من مكونه ۳١‏ ساعة فى التشريح إلا أن بسمة مشرقة ارتسمت 
على وجهه وكان جسمه كالحرير ودمه لازال ينزف! . 

ويقول أحد الذين * شاركوا فى دفنه : «لولا أننى خفتءأن يسخر الناس منى لطلبت 
منه أن ينهض من نومه) . ويخبرنا الحضور بأن أعداد المصلين بدأت تملا المسجد» جن 
إن بعض الأشخاص الذين يئس منهم بعض الناس فى الالتزام بالصلاة قد احتلوا 
الشويل سن 


۱۵۸ 


شقيق الشهيد صهيب أصيب يوم الحادث بجراح كان يرقد فى مستشفى رفيديا 
بنابلس» وعندما علم باستشهاد شقيقه نهض رغم الجراح لوداع شقيقهء ويومها 
احتضن والده وقال «مبروك استشهاد أخى». . فالمسلم وإن عانى من الألم فإنه يعانى 
بصمت الفارس . . . وكانت عائلة الشهيد «والده وأمه وبعض إخوانه» خارج القرية 
يوم استشهاده وما علموا إلا بعد عودتهم إلى القرية ويبدو أن والدة الشهيد ذات عاطفة 
جياشة فكانت تبكى وتولول كثيرً عندما تسمع نبأ استشهاد شاب» إلا أنه لم ير أصبر 
من أمه فى ذلك اليوم» ثلاثة شبان جمعهم حب الله التقوا على هذا الحب» وسقوه من 
الدماء» سمير الذى استشهد» وأمجد الذى يعيش فى الاعتقال الآن. وجهاد الذى 
جرح وسالت دماؤه. كانوا يمثلون صحبة المسجد . 

جرى حوار بين عم الشهيد وأحد الجنود : القد أسرت حتديا يقوديا بين إيلات 
والعقبة أثناء الحروب الماضية وأسقيته الماء البارد والشاى» أما نتم فقد أطلقتم الرصاص 
على حامل حجر» أصيب شقيق الشهيد بجراح قبل الحادث فقال : سأثأر لكل قطرة دم 
سالت من جراح شقيقى ولن أتركهم يفلتون. فكان دمه ثأرا واتتصارا للعقيدة 
والعزيمة . وكان قد خطف طفلاً جريحا قبل استشهاده بيوم» خوفًا من التدكيل به من 
قبل جنود الاحتلال وهو ينزف دما وهذه عادتهم. ونقله للعلاج والرصاص(يلعلع) 
حوله وهو لا يأبه به . 

تم دفن الشهيد الساعة الحادية عشر ليلا وكان الجيش بالقرب من مداخل القرية وقال 
اا ل الكل كلمة الله أكبر سيتم إطلاق الرصاص» وسار فى توديع شهيدنا 
الآلاف . . إلى المجد حيث تبقى الرؤوس عالية فى قبرها. . . وهذا أفضل بكثير من 
العيش بحياة تكون فيها الرؤوس مطأطأة فالميت ميت الأحياء. . . خرجنا وكنا نهم 
بالعودة» اقتربت ابنة خالته تحمل على رأسها خبز الطابون وقالت بلغة قروية بريئة «يا 
خالتى عندما اقتربت من الشهيد وهو ينزف أطلقوا على الرصاص المطاطى » . 


له عله و 
PES‏ 


١08 


الشهيد / فايز ا منذر 
۱444/۸/1 

ا 

الوق اللتواسى © الساذمن الا تدا 

إن كان للتاريخ أن يسجل مواقف العظماء ويكتب فى 
صفحاته الخالدة بطولات الشهداء فليقف التاريخ إجلالا 
وإكباراً لجيل جديد من شهداء فلسطين الانتفاضة وهو 
يسطر بأحرف من نور فى سجل الخلود مواقف وأسماء 
هؤلاء الشهداء . 

من هم ياترى أبطال الحجارة؟ إنهم أشبال الانتفاضة الباسلة الذين أذهلوا 
يحجارتهم دوريات جنود الاحتلال» والذين ما عر فوا اللهو واللعب وتمرسوافى 
ميادين الجهاد منذ نعومة أظفارهم . : فكان منهم الجريح ومنهم المعتقل ومنهم الشهيد . 

رها يعس ذا اح ومن هذا الط رار القريد» إذ نشا فى بيت مهم بالماسىء 
فقد نشأ يتيمًا إذ توفى والده وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره. ومن ذلك اليوم أصبح 
لمعيل لهم أخاهم الأكبرء وأمه تحفهم بالرعاية والحنان» وبدأت الانتفاضة وشمر جيل 
أشبال الحجارة عن سواعده المباركة وبدأ يضرب الاحتلال فى كل مكان» وكان فايز 
دائمًا فى المقدمة مع أخيه الذى يكبره بسنتين» وقدر الله أن يصاب أخوه فى شهر 
رمضان المبارك برصاصة أودت بعينه» فاستقبلت أمه الحادث بصبر وثبات وإيمان بقدر 
الله وقضائه» فكان هذا الحادث حافرًا للشهيد ومقويًا لعزيمته وإصراره على الانتقام 
لأخيه من الأوغاد الذين سلبوه إحدى عينيه» وكان على موعد للقاء ربه فى يوم الأحد 
5 © إذ خرج كعادته لصلاة العصر فى المسجد وبعدها جلس مع إخوانه فى 
أحد أركان المسجد فى جلسة إيمانية لحفظ القرآن الكريم وكأنه قد حفظ سورة تبارك 





واستحق جائزة كانت عبارة عن ملابس وكان يسير مفتخرا بالجائزة ويعلن عن نيته حفظ 
سورة الواقعة وغيرها من السورء وبدأ يتلو القرآن من سورة النساء ‏ فكيف إذا جثنا من 


۱71۰ 


كل أَمّةَ بشهيد وجثنا بك على هولاء شهيدا) [النساء: »]٤١‏ وعندما قرأ إذا به يقرأ 
ااشهيد) مكان مه 0 

ورغم تصويب الإخوة له إلا أنه قرأها شهيد وفى هذه اللحظة انبعثت أصوات من 
خارج المسجد» فكان أول من خرج ليعرف الخبر وعندما أيقن أنها المواجهة مع جنود 
الاحتلال الذين اقتحموا البلدة وبدأوا باستفزاز أهاليها شمر عن ساعديه ليشترك مع 
إخوانه فى التصدى لجحنود الاحتلال وغطرستهم» واشتد أوار المواجهة وبدأ الجنود 
يطلقون الرصاص الحى» ورغم ذلك لم تفتر عزيمة الأبطال واستمروا فى مواجهتهم 
لغطرسة جنود الاحتلال بكثافة وغزارة» وحدث ما كان يتوقع» فقد كمن جنود الوحدة 
الخاصة لقاذفى الحجارة واستمر الجنود المقتحمون فى مناوشة الأبطال وأغروهم بالتقدم 
فكان شهيدنا فى مقدمتهم شجاعا جريئًا جسورا ممتلنًا بالحيوية والإيمان مقدامًا لا يهاب 
الوت فصوب قناص من الوحدة الخاصة البندقية عليه وأطلق عليه رصاصة جبانة 
استقرت بإحدى شرايينه ونقل إلى المستشفى» وهناك اشتد النزيف ورغم محاولات 
الأطباء لإنقاذ حياته إلا أن قدر الله كان أقوى وأعظم . . وصعدت روحه الطاهرة إلى 
بارئها فى مستقر رحمته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا . 

وقد تمت مواراة الجثمان ليلا فى مقبرة الشهداء بجبالياء وأقسم أحد الإخوة الذين 
أصابهم شىء من دمه أنه كان يفوح برائحة كالمسك» ولم يكن الدفن يليق بمكانة 
الشهيد» فقرر أهله إعادة دفنه فى اليوم التالى» وأخرج من قبره الأول ففاحت من 
جسده الطاهر رائحة كرائحة المسك . . وهذا دليل صدق الشهادة وقبولها من الله. 

يجب علينا أن نقف إجلالاً وإكبارًا أمام هذا الجيل العظيم الذى ضحى بنفسه فى 
سبيل الله وهو فى مقتبل العمر» لم يذق طعما حلوا للحياة» وعاش رجلا منذ الصغر 
وبطلاً فذّاء فلجميع الشهداء الرحمة. . وسيبقى اسمهم مسجلا فى جبين التاريخ 
وجزاهم الله خيرا وألحقهم بركب النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا . . 
فى جنات النعيم وفى الفردوس الأعلى من الجنة إن شاء الله تعالى . 


١5١ 


الشهيد / نضال إبراهيم محمد مساك 
۱3۸4/۸/4 

فى بقعة مقدسة من بقاع فلسطين الحبيبة» وفى أكناف # 
بيت المقدس» فى مدينة الخليل إبراهيم عليه السلام» 
حيث تمتزج رائحة الحاضر بالماضى لتذكرنا بالأنبياء عليهم 
الصلاة والسلام» إبراهيم وإسحاق ويعقوب"! ولد ذلك 
المسك ليفوح بشذاه فى ربوع تلك المدينة المؤمنة» والتى ما 
فتكت تناجز اليهود وتقاتلهم» تقدم الشهداء تلو 
الشهداء . . والتضحيات تلو التضحيات صامدة رغم 
الجراح . . تأبى الذل والهوان. . ولد شهيدنا نضال فى 
7۷ هم,» ونشأ فى أسرة مؤمنة بالله تبارك وتعالى أخذ منها أخلاق الإسلام» 
وشجاعة الرجال» ورائحة المسك الزكية المنبعثة من نجيم الشهداء الطهور. وتدور الأيام 
ويكبر حب النضال مع نضال وخصوصا أنه ابن المسجد منه نشأء وفى أحضانه كبر 
وترغرع» ومن جانب محرابه انطلق كالسهم معاهدا الله تبارك وتعالى على الجهاد 
والانتقام من رؤوس اليهود المجرمين» لقد كان نضال من رواد المسجد القلائل الذين 
يحرصون على أداء الصلوات جماعة وعلى دروس العلم والقرآن الكريم» ويعرف عن 
الشهيد حبه للعلم. للق ذا على ا ا 
وعندها اختاره الله عنده مع الشهداء البررة والصاحين . 
أخلاق الشهيد: 

لقد كانت أخلاقه طيبة كالمسك» فله من اسمه نصيب» امتاز بالهدوء والحياء» وكثرة 
الصمت» وكان ليا طيب المعشر يحبه كل من رآ" إذا نظرت فى وجهه يجذبك إليه 
روء رق كود ل اء عات کال بن تسو انع حرا ت عابم الط 

إنه نور الشهادة ينساب من بين عينى نضال ليذكرك بالصالحين المؤمنين الذين رووا 
تراب الوطن بدمائهم الزكية . . . كان يحرص - رحمه الله على استغلال وقته وعلى 
)١(‏ يُذكر أن مديئة الخليل تحوى رفاة بعض الأنبياء والأولياء الصالحين فيقال إن قبر سيدنا إبراهيم وقبرى سيدا 


(۲) يقول النبى عا فى ذلك: ) كمع حك إلى am‏ اتوم لقان أحاسنكم أخلاقًا وإن- 


۱1۲ 





تربية بدنه فكان بارزا فى فريق المسجد الرياضى» وقد حصل على الحزام الأخضر فى 

الكاراتيه متمثلاً قول الرسول بي «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن 

الضعيف»”"» لقد كان نضال صاحب تواضع جم» وحياء شفاف» يقول عنه أحد 
أساتذته «لقد كان خلوقًا جم الحياء» وكان ذا شجاعة نادرة» وبشاشة دائمة» يقبل على 

العلم بشغف وحرص). ) 

إرهاصات الشهادة: ظ 
لقد سبق استشهاد نضال عدد من الإرهاصات منها : 

)١(‏ قال لأخته : إذا استشهدت ضعى صورتى هذه مع النعى فى الجريدة» وكان يقصد 
جريدة الصراط» وقالت أخته : لقد أحسست أن الصورة قد كتب عليها الشهيد 
نضال رغم أن الأمر لم يكن حقيقة . ظ 

(۲) أوصى أحد إخوانه قائلاً: إذا استشهدت فضع وردة على قبرى . 

(۳) قال لحدته : أين دعاؤك لى ؟ فقالت له بلهجتها العامية «الله يزوجك» فأجابها : إن 
شاء الله ولكن من الحور العين . 

(6) فى الأسبوع الأخير من عمره كان يحرص على ارتداء الملابس البيضاء وكان وجهه 
اوتا اکر فا عل 

استشهاف هو ظ 
منذ أن بدأت شرارة الانتفاضة الأولى وعقدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس» 

اللواء كان الشهيد من السواعد الرامية التى لا تكل ولا تمل. وفى ۱۹۸۹/۸/٩‏ قام 

الشهيد وبعض جنود السواعد الرامية بنصب كمين للسيارات العسكرية قرب مسجد 

الأنصار» وعندما مرت ناقلة عسكرية أمطروها بالحجارة فردت عليهم بإطلاق النار. . 

ما أدى إلى استشهاد نضال حيث أسرع الإخوة إلى خطف جثته ودفنها قبل أن يستولى 

غلبها الحيش: ظ 

= أبغضكم إلى وأبعدكم منى يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون » قالوا: يا رسول الله قد علمنا 


الثرثارون والمتشدقون فماالمتفيهقون؟ قال : «المتكبرون» . انظر النووى / یخی بن شنرف التووئ/ا'ت 
VT‏ رياض الصالحين» ط 27 بيروت. دار الكتب العلمية» ص ۲٠١۲‏ «جابر بن عبد الله) 


(۱) انظر : مسلم بشرح النووى(7١. ١)7١0‏ أبو هريرة». 
I‏ 


قالوا عن الشهيد: 

)١(‏ والدته : لقد كان يملأ البيت بشرا وسعادة وخاصة مع إخوته الصغار وكان يوقظنا 
لصلاة الفجر باستمرار» وكنت أحس أنه ليس من أهل الدنياء ولكننى لن أنسى 
محياه الجميل أبدًا رغم شعورى براحة وطمأنينة بعد استشهاده 

(۲) والده: أمنى أن يضحى كل شاب مسلم بنفسه كما فعل ابنى نضال لإعلاء كلمة 


الله وحرير الوطن والمقدسات» وإننى أفتخر أن ابنى قد استشهد بعد أن كان بطلا 
من أبطال «(حماس» . 


(۳) شقيقه : إن التنافس فى نيل الجنة أمر عظيم » وأحس أن أخى نضالا قد سبقنى إليها 
مع أننى حريص عليها ولكننى سأنالها إن شاء الله . 
)٤(‏ أحد أقربائه الذى حضر زائرا من المهجر : رأيت بعینی تضحيات شباب فلسطين 
2 على خلاف ماكنت أتوقع وأنافى المهجر فالمجاهدون هم شباب الإسلام وليس 
غيرهم» وإننى على يقين أن الله سينصر الإسلام على أيديهم . 
من كرامات الشهيد: 
أولاً: لقد اشتم إخوانه رائحة المسك تفوح منه وقد لاحظ هذا كثير تمن حضر 
الساغات الأول بعد الاستتهاد:. 
انا كان مما جا لاقل بعد امتتهادة 
ثالئًا: لقد سمعنا فى منطقة استشهاده زغاريد الطيور بشكل لافت للنظر . 
عاطمة دافقة: ) 
أحد الذين هم فى عمر نضال ويشاركه كل جهد وجهاد تأثر لفقدان رفيق دربه فقال 
هذه الأبيات الشعرية رغم أنه لم يكن قائلاً للشعر من قبل : ظ 
مساجدنا قلاع فى الجبال جياتن نيا اشووة فى يال 
مساجدنا عنرين فيه تحيا ضرغم حصنها صعب لمنال 
ونحن اليومأحباب كرام تؤلففبينناطيبالخقصال 
E‏ وا سان السك EDENE E‏ التشحال 
ففى الأنصار أنت به على من الرهط الكريم من الغوالى 
فياأهل الشهيدلكم سلام أيا أهل الكراامة والجلال 


واچ عاد م 
2 2 


۱1٤ 


الشهيد /أمجد واثق الطويل . 
۱۹44/۸/10 


ولد الشهيدالمجاهد«أ مجد الطويل» فى 
7۳ م فى بلاد الغربة «أمريكا» ولكنه ما فتىئى 
لسانه عن ذكر فلسطين» فهى عالقة فى ذهنه» مغروسة 
فى قلبه ووجدانه» فجاء به والده من أمريكا منذ ست 
سنوات ليعيش فوق ثرى بلاده الطهور ينهل من معينهاء 
ويتشرب تاريخ أمجادها وعاداتها وتقاليدهاء وهى التى 
حاول أعداء الله يهود ‏ طمسها وتغييب معالمها. 

لقد كان أمجد شابا مرفها عاش فى أسرة ذات يسار 
ولكنه لم يركن إلى الدعة وهو الابن البار والشاب المطيع الذى رباه المسجد» وغرس فى 
قلبه ووجدانه الشهامة والرجولة وأشرب روحه العزة والكرامة والإباء» فكان -رحمه 
الله نقنيطا فى فريق املد الوياضى »+ ودورت تسمه لكون خو اوفع الت اله 
فتعلم لعبة «الكاراتيه» اللعبة التى كان يحبها ويمارسها. وفى الجانب العقلى والثقافى 
فقد بز أمجد إخوانه وفاقهم» فكانت هوايته المفضلة المطالعة فى مكتبة المسجد 
والمدرسة» وكان أمجد ذكيًا مجتهداء فكم من مرة جاءه زملاؤه من الطلاب ينشدون 
عنده الجواب لمسألة رياضية أو إعرايًا لجملة عربية» فكان معطاءً بلا حدود يفيض رقة 
وطمأنينة وسكينة» تعلو وجهه إشراقة تزينها ابتسامة جميلة تنبئك عن قلب امتلاً بحب 
إخوانه» وصمته وهدوئه وقلة كلامه ورزانته تخبرك عن شخصية متزنة مليئة ونفسية 
وطاقة روحية هائلة تجعل إصراره فى الحق عجيبًا ودفاعه عن أرضه ووطنه عظيمًا 





وقويا . 
حادثة استشهاده: 

فى يوم من يام الصيف القائظ» خرجت مجموعة من الفتيان المؤمنين بربهم. 
والذين لم يلتفتوا إلى الدنيا وزخارفها وزيتتهاء خرجوا يرددونط قال هم أُؤلاء على نري 


۱1۵ 


وعجلت إليك رب لترضئ 4 [طه: .]۸٤‏ ويحملون أرواحهم على أكفهم. لا يلتفتون 
إلى الوراء ترى فى أعينهم الحزم والعزم والإصرار» إنهم يقولون لهذا الشعب : 
E‏ متكي رليات جيلايرتلسورة العصر 
اشر |ناسمصيل اض ك جئنانرتل سورة النصر 
وإذا ما اقتربت منهم لتستخبر خبرهم وتعرف هويتهم» أخبروك بأنهم سواعد 
حماس الرامية» التى زلزلت يهود وخلخلت قواعد أمنهم» وبلبلت استقرار 
حياتهم » وإذا ما تجرأت فى السؤال لتقول لهم : ما الذى أخرجكم فى هذه الساعة؟ 
إن شبابًا أمشالكم يجلسون الآن فى بيوتهم وعند أهلهم وأمام شاشات التلفاز 
يشاهدون ويتمتعون ؟ فيجيبونك بلسان المؤمن الواثق : لقد خحرجنا ملبين نداء حركة 
المقاومة الإسلامية (حماس» فى ذكرى معركة خيبر (۱۰۵/ ۸/ ۱۹۸۹ م) والتى اجتث 
فيها النبى بل اليهود وغرقدهم من جزيرة العرب» وها نحن خرجنا نلبى النداء» ثم 
يلوح لك سؤال فتقول : 
كيف السبيل إلى حرق غرقدهم وإنبات النخيل؟ فيجيبونك بلسان الواثق المؤمن 
الذى لا تهيبه قوة العدو العسكرية ولا يستجدى أحدا من أشقاء العروبة والإسلام الذين 
يغرقون ملء جفونهم فى سبات عميق» ويرقصون ويغنون على جراحاتناء ويستهزئود 
بنحيب أمهاتنا وأخواتناء ولا يحترمون حتى نجيع شهدائنا الطاهر الذى روى أرض 
الإسراء والمعراج- إنهم يقولون لكل البشر: 
عجري :ساحن اف وروم د د 
وف اين اررض الي وخبة رمل من ياكانا لا رة 
هى أقوى من صواريخ الأعاريب و ال ية 
وفى وسط هؤلاء الأطهار كان شهيدنا البطل حيث لبى نداء إخوانه» ولعله كان على 
موعد مع الشهادة فذهب إلى بيت جدته مودعاء ثم يتجه شهيدنا إلى المسجد» ليكون 
المسجد آخر عهده فى الدنياء ويصلى العصر جماعة» يرى بعد ذلك ودماء الشهادة 
تترقرق فى وجهه» ويبقى فى المسجد الذى أحبه وتربى بين أحضانه حتى موعد 


المواجهة مع قوات يهود . 
ظ ۱٦‏ 


وفى:ساعة الضفو الستاعة السادسة مشاء ‏ اهرت قلر ت ال جال والتنساء وال أطفال 
فرحاء وأصداء نشيد المؤمنين يجلجل فى سماء الوطن» إنهم يرددون الهتاف الإلهى 
الخالد «الله أكبر» فتزلزل لها قلوب المجرمين من يهود» ويصلون الماضى بالحاضر 
فيصدحون «خيبر خيبر يا يهود» جند محمد سوف يعود». والأسود الهصورة تزأر 
لتملاً سمع الدنياء وتكتب فى التاريخ حياة أمة» وعزيمة شعب لا يلين فتهتف ١حق‏ 
قوة حرية مقاومة إسلامية» وإذا ما نظرت إلى الأفق» ودققت النظر ترى فارسًا ملثمًا 
واثقا من نصر الله يفيض قوة وحيوية وحماسا كيف وهو بين شباب كلهم حماس ؟» 
ويمسك الناس أنفاسهم ويرفعون أكف الضراعة إلى الله العلى العظيم أن يحفظ 
الشباب وأن يسدد رمياتهم» ويقوى سواعدهم . لقد جن جنون العدو» ففتحوا نيران 
أسلحتهم باتجاه الفتية الذين أمطروهم بوابل من قذائف الحجارة المقدسية التى نطقت فى 
أيديهم » إنى من عهد عمر, ا عن ا ارواسوى سير وصلاج الدين السام 
والبنا وشهداء بلادى من المؤمنين الطاهرين . 

وبعد المواجهة انسحب الشباب بعد أن أصبحت المواجهة مستحيلة وتفرقوا فى 
الجبال والوهاد والقرى المجاورة» وعاد الشباب قريبا من ساعات العشاء ولكن أمجد لم 
يعد تفقد الشباب صفوفهم فى صلاة العشاء» فأدركوا أن الفارس البطل لم يحضر 
صلاة العشاء وهو الذى كان يحرص دائمًا على صلاتها جماعة فى المسجدء وهنا 
تتحرك مجموعات الشباب من إخوان أمجد إلى بيته وأقاربه يسألون عن البطل الهمام 
دون جدوى» فانطلقوا وأحضروا سيارة الإسعاف وعادوا وسط الظلام إلى الجبل 
يبحثون عن أخيهم الذى أحبهم وأحبوه ولكنهم لم يعشروا على شىء يدلهم على 
مكانه» وفى الصباح الباكر تنطلق أفواج من إخوانه مرة أخرى يبحثون عنه. فى حين 
ال ا ا 
ربيعا) صاحب الشعر الأشقر والعينين الزرقاوين موجود عندهم فى الحجزهء فهداً 
الجميع وأقفل ملف البحث عنه . 

وبعد يومين يأتى أحد الرعاة بخبر صاعق ينفجر دموعا فى عيون الشباب المؤمن 
ودما قانيًا فى قلوبهم : «لقد وجدت جثة ملقاة فى وسط الجبل» وخرجوا إلى الجبل 
تسبقهم قلوبهم وهى تكاد تنخلع من الحزن وتنفطر نفوسهم من الألم» خرجوا 


١6 


بالكشافات المضيئة وفى نفس الموقع الذى بحث فيه سابقا . . وجدوا جثمانه وقد لوحته 
الشمس وآثار رصاصة اخترقت القلب» ووجه ملىء باللكمات واثار حروق بادية على 
وجهه ويديه وكومة من السجائر عند جثته . 
تشييع جنازنك: 

ما إن سرى نبا استشهاد أمجد حتى توتر الوضع فى مدينتى رام الله والبيرة . 

اختطف الشباب جثمان شهيدهم البطل» ونعت حركة المقاومة الإسلامية ‏ حماس 
كيدها وطلبت من الناس إغلاق محلاتهم والامتناع عن الحركة حدادا على روح 
الشهيدء فاستجابت الجموع من أبناء المدينتين لنداء حماس » واندلعت المواجهات 
العنيفة صباح السبت» وحملت الرايات والأعلام واللافتات التى تحتسب عند الله 
الشهيد أمجد» واصطف العشرات من أبناء حماس فى كل موقع يرددون «نقسم بالله 
العظيم نحن أيناء حر كة المقاومة الإسلامية ‏ حماس على الثأر لشهيدنا أمجد والله على 
ما نقول شهيد»» وشيع الشهيد كما يليق بالشهداء» وورى جثمانه الطاهر تراب بلاده 
الحبيبة» ولكن قوات التتار اليهودية الحاقدة قامت بإغلاق المنطقة وفرض نظام منع 
التجول» وإغلاق الشوارع المؤدية إلى بيت والده بالأتربة ومنع وصول الناس إليهم . 
كيف استشهد أمجد ؟ 

شاهدت قوات اليهود أمجد فى الجبل أثناء المطاردة فاعتقلوه بعد أن تعرفوا على 
ملابسه» ضربوه بأعقاب البنادق» سألوه عمن معه فأنكر» عادوا به إلى الحبل فاجتمع 
عليه أبناء الأفاعى والقرود وبدأوا بتعذيبه ثم قاموا بإطلاق النار عليه لتصعد روحه 
الطاهرة إلى عليين . 


۱۸ 


الشهيد /مصطفى حسين طاهرالدباغ 
۱4۸4/4/۲ 
«لا سواء. . قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار» | 
الكلمات الخالدة التى أمر رسول الله ية عمر بن | 
الخطاب -وكان جهورى الصوت- أن يرد بها على أبى ظ 
سفيان بعد معركة أحد لما وقف مزهوا بالنصر على | 
المسلمين رافعا صوته بالنداء : يوم بيوم (أى يوم بدر بيوم 
اجى | 
ادن لسن عاك مال للمقارقة فة محمومة ' 
لصالح المؤمن مهما كانت . . ومن هناء من هذا المفهوم 
انطلق المؤمنون من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم تمن جاءوا بعدهم فى 
طريق الله يبتغون الأجر ويتسابقون فى عمل الصا مات لا تفتر لهم همة مهما كانت 
المصاعب كبيرة ولا تلين لهم عزيمة مهما كانت الطريق وعرة . 
أنت تقرأيا أخى فى كتب السيرة عن رجال باعوا الحياة ببخس وكان الموت فى سبيل 
الله أسمى أمانيهم » وقدموا من الصالحات فى دنياهم ما أهلهم لأن يختارهم الله عنده 
شهداء . . أحبوا لقاء الله فأحب الله لقاءهم » هم كما وصفهم الشاعر . 





دفعوا ضريبتهم للدين من دمهم والناس تزعم نصر الدين مجانا 

هذه النماذج من الرجال تشكل على مدى الدهر منارات يهتدى بها السائرون فى 
رحاب اللهء ا د ار يي ف 
مركب الا حه خمد و رهب 


الشفيد مف طف تخسن .ظاهر الدباع «أبو أ يمن» فارس دخل الميدان . . ميدان الجهاد 
بروح طاهرة ونفس زكية صافية» فاختاره الله إليه ليكون من المقربين وبصحبة الأنبياء 
والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقًا. فى قلب مدينة رام الله فتح بيت العزاء 


. 1717 انظر : تفاصيل ذلك فى معركة أحد عبد السلام هارون تهذيب سيرة ابن هشام» ص‎ )١( 
۱۹4۹ 


الذى استوقفنا عند الدخول إليه لافتات حر كة المقاومة الإسلامية «(حماس» التى نحتسب 
أحد أبنائها الشهيد الحاج أبا أيمن عند الله » وأخرى تقسم على الثأر للشهيد وثالثة فيها 
قول الله تعالى 8 من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضئ نحبه ومنهم 
من ينتظر وما بَدَلوا تبديلا 4 [الأحزاب: ۲۳] ثم فى ساحة الجلوس كان علم كبير 
مكتوب فى وسطه عبارتى «لا إله إلا الله حركة المقاومة الإسلامية» وعلى العلم علقت 
صورة للشهيد. . جذبتنى الصورة فتركت مجلسى واقتربت منها متأملاء وإذا بصوت 
ناعم لطفلة صغيرة جميلة يخاطبنى عمى . . . هذا أبوى. . . جلست القرفصاء إليها ‏ 
وقد اهتز كل بدنى . . إنها زينب ابنة الشهيد. . . قلت لها: أتحبينه يازينب؟ . . بحبه 
قلت لها مشيرا بيدى إلى العلم : ما هذا يا زينب؟ 

هذا علم. . . علم مين يا زينب؟ فقالت والله على ما أقول شهيد - علم حماس . 
فسألتها مسرعا۔ وقد تعجبت من ذكائها رغم صغر سنها هل تحبين حماس؟ فوالله لقد 
اجات زنب يدث الساذسة: إلعنا کنا خاس عهى..وضعت دی على شعترها 
الأملس الناعم وقلت مخاطبًا نفسى «حسبنا الله ونعم الوكيل»» لك ولأمك 
ولإخوانك الله يا زينب . . وهو نعم المولى ونعم الوكيل . 

مع عائلة الشهيد الوادعة المطمئنة إلى قدر الله» الراضية بحكمه الصابرة على قضائه 
جلسنا وعن الشهيد حدثنًا . 

ولد شهيدنا الحاج مصطفى سنة ١140م‏ فى مدينة خان يونس فى قطاع غزة» وعاش 
يتيمًا منذ صغره متحملاً مسؤلية إخوته الصغار» فكان رجلا جادا مثابرا نشأ على درجة 
عالية من الأخلاق والتقوى والخوف من الله. كان محبًا للقرآن ومداومًا على تلاوته 
مكبًا على حب دروس العلم والجلوس فيها وكان دائمًا يردد قول الله تعالى : إن الله 
يدافع عن الّذِين آمنوا إن الله لا يحب كل حَوَان كفور» [الحج: ۳۸] كلما سمع نبأ 
استشهاد او جرح احد . 

تقول زوجته أم أيمن «كان زوجى حنوئًا وعطوفًا على وعلى أولادى» ثم تقول وقد 
خالط صوتها نحيب : لقد تمنى زوجى الشهادة وطلبها من ربه سبحانه وتعالى فلن 


۱۷۰ 


أعترض على حكم الله ما حييت فهنيئًا له وأعطنا ما أعظيته يا رب يا كريم»» أما 
والدته فتقول : هنيئًا لك يا ولدى وأرجو من الله أن أقابله فى الجنة . 
يوم إصابنه: 

يقول صديق له كان معه: ذهبنا بسيارة الحاج مصطفى صباح الخنميس الموافق 
65 إلى نابلس لجلب البضاعة» وعلى حاجز التفتيش الدائم عند مثلث 
سلفيت وقفت منتظرا الدور خلف السيارات وهناك رفع الشهيد يديه ودعا الله قائلاً 
«اللهم أمتنى شهيدا . 7 اللهم أمتنى شهيدا» وكان طيلة نهاره ضاحكًا مستبشرا. . . 
ولا عدنا وأنزلنا حمولتنا توجه الشهيد بسيارته إلى خليل الرحمن لجلب البضاعة وصلى 
المغرب» ثم قفل راجعًا هو وأخوان معه. وأمّروا أخدهم عليهم» وظلوا فى حالة ذكر 
واستغفار لله حتى لحظة وقوع الحادث حيث لاقتهم سيارة مستوطنين تسير فى الاتجاه 
المعاكس ورمتهم بحجر أصاب الزجاج الأمامى وأصاب رأسه إصابة قاتلة» فارتطمت 
سبارثة تيدان و افد غل الشهيد.: وقام الأخوان اللذان بحمد الله لم يصابا ‏ بنقله 
اا اوق ب جا الى ل رد هيه ا ج وال رل 
بدورهم إلى مستشفى المقاصد فى القدس الذى نقله بدوره إلى مستشفى رام الله لعدم 
توافر جهاز تصوير الرأس وا مخ » وعند تشخيص الحالة قال الأطباء فى مستشفى رام 
الله وجوب القيام بعملية له فى المخ» ولكن لعدم وجود جهاز تنفس اصطناعى قاموا 
بإعادته إلى مستشفى المقاصد حيث كان رأيهم هناك بعد رؤيتهم لصورة المخ بوجوب 
إدخاله غرفة الإنعاش وعدم إجراء عملية له قائلين « إن وضعه سيتبين بعد 5 7 ساعة 
وسيزول عنه الخطر فى الغالب» . . ومرت بعدها 5 ١‏ ساعة وبعدها لاساعات» 
وصارت فيها حالته خطيرة» وقالوا إن الدماغ توقف عن العمل وظل فاقد الوعى منذ 
لحظة إصابته حتى ساعة استشهاده فى الحادية عشرة من صباح يوم السبت الموافق 
5 ححيث تم دفنه فى مقبرة البيرة بعد صلاة الظهر على جناح السرعة . 
لحظات إصابته واستشهاده وردود فعل أهلك: 


قال ابنه أيمن (5 ١‏ عاما) عند إصابة والده « آنا أحب أن يموت أبى شهيدا ولا أريد 


من أمى أن تبكى عليه . 
۷۱ 


ابنه أحمد ١١(‏ عاما) «لست حزيئًا على والدى لأنه ذاهب إلى الحنة» . 

محمود(4 سنوات) كان نائما عند استشهاد أبيه فلما استيقظ بكى واحتضن عمه 
سائلاً «أين أبى؟» فأفهمه عمه أن أباه فى الجنة» وهو يريد منك المواظبة على الصلاة 
والكراسة: 

زينب (٦سنوات)‏ وهى ذكية جدا سألت عن أبيها فى بداية إصابته وبكت حزنًا عليه 
ثم لما عرفت أنه سيكون فى الحنة قالت لأخيها محمود «إذا كنت تحب أبى فلا تبكى عليه 
لآنه شهيد فى الحنة» . 
وكان يطعمه ويغير له ثيابه إذا تبول فيها . 

ميلس (51 شتهرا) اد الشهية اسمها من القران:و كان يحبها كيرا : 

إبراهيم وسماح وهما توأم وعمرهما 5٠‏ يوما ولدا قبل استشهاد أبيهما بشهر . 

وکات يرف داكما : 

فإما إلى النصر فوق الأنام وإما إلى الله فى الحالدين 

رحمة الله عليك . . . وإلى الله فى الخالدين يا شهيدنا أبا أيمن . 


و 


a‏ ماه 
<نه i‏ كنك 


هذا 


الشهيد /بسام يوسف سعد أبو تهام 


۱444/4/17 
ظ مولده ونشآته: 


0م وماإن شب بسام وأدرك معنى الحياة 
حتى علم الحقيقة المرة أنه لاجئ وأهله لاجئون فيسأل 
يسام عن موطنه؛ عن قريته التى هدمها الغرياء 
المحتلون. . ويبقى السؤال معلقًا فى ذهن الطفل الذى 

بل ماساة شعب يأكهلة. 0 





لقد كان عدد أفراد أسرة الشهيد ١١‏ فردا يعيشون فى | 
بيت من بيوت المخيم الضيقة . . فاضطر بسام الذى أكمل 
الصف الثالث الإعدادى إلى ترك الدراسة» والعمل للمساعدة فى القيام بأعباء الأسرة 
الكثير من وقته وجهده ودمه . 

كان بسام دائم الذكر للشهادة فى سبيل الله سريع التحرك»› متشوقا للعمل ضد 
المحتلين يشترك فى قذف المحتلين الغاصبين بالحجارة . 
حادثة استتشهاده: 





استجابة لنداء ا المقاومة الإسلامية (حماس)» والداعى إلى تصعيد المواجهة مع 
الاجقلال فى :ذكرى محورة (صنيرا وشات ٠‏ اشرت أعداد كعيرة مه شبات 
(حماس) الملئمين7١‏ فى شوارع المخيم وأزقته فلا ترى إلا شبانًا يلبسون السوادء 
يحملون الأعلام المحلاة بكلمة التوحيد. . . متاريس حجرية. . . إطارات محترقة. . 
كما أشعلت الإطارات فى الشوارع الرئيسة. . وماهى إلا لحظات حتى تعالت 


. تذكر بعض الروايات أن بعض استعراضات حماس فى مخيم طولكرم كانت تضم أكثر من أربعمائة ملثم‎ )١( 
۱۷۳ 


الأصوات تشق عنان السماء وهى تهتف الهتافات الإسلامية التى تبعث الحماس فى 
النفوس» وها هم أولاد سكان المخيم يرفعون أيديهم إلى الله العلى القدير أن يحفظ 
شباب الإسلام» وأن يسدد ضرباتهم» ويحمى صفوفهم ويخذل أعداءهم . . . لقد 
شحن الجو وتوتر الوضع» واستنفرت قوات الاحتلال فى المخيم والمدينة» وبدأت 
المواجهة. . . أرتال من السيارات العسكرية المليئة بالجنود» وقاذفات الحجارة» وأنصاف 
المجنزرات تحاول اقتحام المخيم . . ولكن أسود حماس يوقفونها عند نقطة معينة. . 
المواجهات انتقلت من شارع إلى شارع ومن زقاق إلى زقاق» ومن حارة إلى حارة» ولا 
تسمع إلا أزيز الرصاص» وأصوات الانفجارات الناتجة عن قذف الجنود للقنابل 
الصوتية» ووسط هذا الجو المشحون. . كانت أصوات التكبير تعلو فوق سحب الدخان 
وأصوات الرصاص المنطلقة من أفواه البنادق . 

لقد كان بالإمكان سماع أصوات ارتطام الحجارة والزجاجات الفارغة» ورنين 
القضبان الحديدية . 


وازداد الغضب وبلغ ذروته قبيل المغرب. . وكانت عيون الجنود تقدح بالشرر 
المتطاير» وتغلى قلوبهم وأفتدتهم بمراجل الغضب» وتتقد بالحقد» وكانت حجارة الحق 
المنطلقة من شباب الحق تضرب وجوه الجنود ورؤوسهم تمازادمن حقدهم 
ووحشيتهم. 

ومن بين الرصاصات المنهمرة كالمطر تسلل بعضها ليصيب قليًا طالما خفق بالإيمان. 
وطالما تحرك عند ذكر الله تبارك وتعالى. . ويركض بسام وهويقول: أصابونى. . . 
أصابونى . . . فيحمله إخوانه» إلا أن الجيش يقتحم بسرعة» ويشاهد بساما وهو ملقى 
على الأرض التى أحبهاء ويحاول الجبناء لمسه . . . لكن صيحات الله أكبر تعالت من 
كل اتجاه» وانطلقت ثورة الغضب وتفجرت براكين وحمم على جنود الاحتلال. . ولم 
يجد هؤلاء سبيلاً إلا الهرب ‏ وهو ديدنهم ‏ وهم يطلقون الرصاص والقنابل الغازية 
والصوتية . . وينقل بسام إلى مستشفى طولكرم» وحالته خطيرة جدا. . . ثم يحول 
إلى مستشفى رفيديا. . . وينقل وهو ينزف الدم الزكى . . . ويهب شباب حماس 
للتبرع بالدم فى حين كانت الاشتباكات ما تزال مستعرة فى المخيم . 

أما بسام فقد كان فاقدًا الوعى ورغم ذلك» فقد شهد العديد من الشباب أنه كان 
يهلل دون انقطاع . . وفى مستشفى رفيديا حدثت قصة غريبة تدل على استعداد بسام 
۱۷٤‏ 


للاستشهاد والشهادة» فقد حدث الأطباء والممرضون بخبر جاء فيه (إن بسامًا عندما 
فعا من و وكاتوا ودد إلى غر ات فل کات د ع 
حرارة الرجاء والشوق إلى اللقاء بالأحبة محمد وصحبه. . قال للأطباء والممرضيه : 
ما لسعم د بدى أستشهد) وقد استحلفهم بالله العظيم ألا يسعفوه. . وحاول 
بكل قوته رغم ضعفه وجراحه إيقاف إسعافه . . . وقام الممرضون بإمساكه من أطرافه 
ا ولكن يأبى الله تبارك وتعالى إلا أن يصطفى بسامًا عنده شهيدا فترتفع 
as‏ 

قت الأخوة الذين كارا مي أن الها وام وة مع توه على بخ 
' “'مترا فقال له ضابط المجموعة باللغة العربية (سأقتلك) فرد عليه بسام (اقتل إذا كنت 
رجلا. . .) وبعدها توجه إلى مكان آخر للمواجهة . وكان يتتقل من مكان إلى آخر 
ليتخذ لنفسه مكانًا حساسًا واستراتيجيّاء فلما رآه الضابط نفسه صوب إليه بندقيته 
وأطلق عليه رصاص دمدم فى صدره نما تسبب فى نزيف داخلى وانفجار فى صمامات 
القلب وانفجار كامل بالرئة . وفى هذه الآثناء كان الشهيد لا ينطق إلا بكلمة التوحيد : 
(لا إله إلا الله. . . محمد رسول الله . . .). 
تشييع جنازة الشهيد: ظ 

ما إن وصل خبر استشهاده فى الساعة التاسعة ليلاً حتى انطلقت أصوات التكبير من 
كل مكان. . . وأصبحت الأنوار تشع من كل جهة. وانطلقت الحناجر بالتهليل لتقطع 
سكون الليل. . . الأهازيج الإسلامية والأناشيد الحماسية والسواعد الرامية لا تكل ولا 
فل وهى تواجه أعداء الله. وانطلقت مكبرات الصوت تذيع على مسامع أهل المخيه 
بيان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذى يحتسب عند الله شهيدها البطل بسام أبو 
تام والعلدت لوراك خلال اللبل؛ وسط الهتافات . . . 

حضرت تعزيزات مكثفة من جنود المشاة وعربات الجيب المصفحة وراجمة حجارة» 
وتصاعدت المواجهة والاشتباكات فى ليلة لم يشهد لها المخيم مثيلاً منذ عدة أشهر . . 
لم ل ري ل سر ري وبقى الأمر على حاله 

حتى آخر الليل . 


۱۷0 


أما جثمان الشهيد فقد حفظ فى مكان آمن بعد أن أخذته مجموعة من شباب حماس 
فى نابلس » وبقى حتى وصلت مجموعة من أسود حماس فى مخیم طولكرم إلى 
نايلس » وأخذوا الحثمان ودفنوه فى مقبرة الشهداء ذ فى المخيم بعد أن عصب رأسه 
بالعصبة الخضراء المكتوب عليها لا إله إلا الله» ولف بعلم كبير مزين بكلمة التوحيد 
وذلك فى ساعة مبكرة من فجر اليوم التالى . ) 

لقو كانت وا ا هيد قم جاو ا ا و 
کالنائم مبتسم الوح ترحك E a‏ 








الشهيد / بلال زهير عناب 
۱444/4/۲۸ 

ط ولا تحسبن الّين فتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون 4 [آل عمران: ]٠١۹‏ 
شهيد المضاو, مه البطل 1 95 0 

ولد الشهيد البطل بلال فى مدينة نايلس (عاصمة جبل 
النار» بتاريخ 7/748 95737/9١م2‏ وقد نشأ وترعرع فى بيت 
متواضع › كما هو الحال فى معظم الأسر الفلسطينية. 3 
وللشهيد6 إخوة: نات و أولادع وقد تلقى دراسته 
فى جميع مراحلها فى مدارس مدینته» كان خلالها مثال 
الطالل الخلوق المؤدب الذى ينظر إلى المستقبل بعين 0 - ا 
التفاؤل والأمل. وبعد أن أنهى راسف الشانوية التحق 005 ا ا ل ا د 
بجامعة النجاح الوطنية بنابلس فى قسم اللغة الإنجليزية» نظرا لتفوقه فى هذه اللغة. 
وقبل إتَامه السنة الثالثة أغلقت الجامعات من قبل سلطات الاحتلال كما هو الحال فى 
بقية الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية فى الأرض المحتلة» لم يركن الشهيد إلى 
هذا القرار التعسفى بل واصل تعليمه فى قسم آخر تابع للجامعة» بالإضافة إلى العمل 
فى محل والده فى الخضارء وخلال تلك الفترة كان يعلم الطلاب فى بيته وفى المساجد 
متحديا بذلك قرار السلطات التجهيلى . وقد استمر على هذه الحال يدرس ويعمل حتى 
استشهد وارتقى إلى الفردوس الأعلى مساء يوم الخمیس‌ ۱۹۸۹/۹/۲۸ م. 


دراسته4ه: 





. تحدثنا بان الشهيد درس فى مدارس مدينته» وكان متفوقا فى دروسه كما يحدثنا 
NNE Noa ON CE CE‏ 
وشبابها الطاهرين» وكنت تنظر إلى الطالب «بلال» يدافع عن الإسلام العظيم» ويدعر 
إلى الله تعالى بين صفوف الطلبةء كل ذلك مع تفوق واجتهاد فى دراسته وكم كان 
للشهيد الشاب من المواقف العديدة فى قول كلمة الحق لا يخشى فى الله لومة لاثم 
وهذه الحقيقة التى حدثنا بها رسولنا َو عندما قال : «نصرت بالشباب» . 


24 


وقد حدثنا زملاؤه وأساتذته أنه لم تكن تسمع عنه شكوى وإنا كان من المحببين إلى 
الجميع. وكم كان يفسر حديث النبى َة «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق 
حتى يأتى أمر الله وهم على ذلك...2 وعندما انتهى من التوجيهية العامة كان ترتيبه الثانى 
فى مدرسته» طلب منه أهله أن يدرس فى الخارج فقال: لا خروج من أرض الرباط7١)‏ 
والتحق بجامعة النجاح بنابلس . كانت الجامعة هى المحضن الذى بدأت فيه شخصية 
الشهيد بالنضوج والتفتح» وقد كان من أول يوم من أفراد الكتلة الإسلامية فى الجامعة. 
لم يكن الشهيد يلهو كما يلهو الشباب التائه اللخنث» بل كان يتمثل بقول الشاعر : 

شباب خنث لاخيرفيهم 0 وبورك فى الشباب الطامحين 

لم تكن تراه فى جامعته سوى مستمعا أو دارسا أو متكلمًا وأغلب كلماته عن واقع 
المسلمين المعاصرء والطريق الأمثل الصحيح لحل قضية فلسطين» وكم كانت تعجبه الآيات 
الأولى من سورة الإسراء» وقد يرددها ويفسرها مرارًا أمام أصدقائه وإخوانه . وقبل اندلاع 
الانتفاضة شارك الشهيد فى العديد من المظاهرات والمسيرات التى نظمتها الكتلة الإسلامية 
فى جامعة النجاح» وعندما حاول المتدينون الصهاينة تدنيس المسجد الأقصى تألم كثيراً وود 
لو يطير إلى هناك لكى يذود عن حياضه ويدافع عن أطهر بقاع الأرض . 
أخلاقه: 

بدأ الشهيد يواظب على أداء الصلاة وهو لم يتجاوز العاشرة» حيث كان لوالده 
«الحاج زهير» أكبر الأثر فى تمسكه بصلاته» وكان هذا سر الأخلاق العالية والفضائل 
اشميدة اتن محا يوا مويو لماه ان باحيدا تخازلى الرسيرك إن 
مقامات التقوى والصلاح وكان يحافظ على صلاة الفجر . 

كان عندما يغضبه أحد الناس» لا تسمع منه سوى «سامحك الله يا أخى» وفى الشارع 
الرئيسى مع جيرانه وإخوانه مثال الشاب الهادئ تعلو دائمًا شفته البسمة الحلوة الحميدة . 
يحدث أحد الشباب عن أخلاقه فيقول: ظ 

ذهبت يوما إلى بيته» وكان عليه امتحان فى اليوم التالى» فلم يشأ أن يخبرنى بذلك» 
وقبيل انصرافى أخبرنى بأن عليه غدا امتحانًا ‏ وهذا كله دليل على سعة قلبه وصدره. إذ 
() قال ة: فيما رواه عنه عبد الله بن حوالة « سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة: جند بالشام وجند 

بالعراق» فقلت مر لى يا رسول الله إن أدركت ذلك» فقال عليك بالشام فإنها خيرة الله فى أرضه 


يجتبى إليها خيرته من عباده» فأما إن أبييتم فعليكم بيمنكم واسقوا إلى من عذركم فإن الله توكل لى 
بالشام وأهله» ابو داود (7/ 5). 


۱۷۸ 


كان يعتبر الجلوس مع أحبابه من أفضل اللحظات وأحلاها . كان عندما يتألم من شىء لا 
يخبر الجميع› وإنغا كان يسر مافى قلبه إلى أحد إخوانه» ومن ذلك أنه فى يوم أوقفه 
جنود الاحتلال وأوسعوه ضربًا ولكنه لم يخبر أهله بذلك إلا بعد أسبوع من الحادث! ! 
لم يكن يزوره أحد إلا وقام باستضافته خير ضيافة وانصياعا لأمر النبى يَكةِ امن كان يؤمن 
بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»' وكان يحافظ على صيام الاثنين والخميس» كان 
عندما يناقش أحداء لا يصرخ فى وجهه» وإنما كان يعطى محدثه الفرصة فى الكلام أولا 
وعندما يتتهى يبدأ هو بالكلام ويعطى محدثه الحجة والبرهان على أقواله بدون تعصب 
لرأى إلا لصوت الحق لا غير. لم يكن الشهيد مترفعا ولا متكبراء وإنما كان متواضعا 
طيب الأخلاق» حتى عندما يلقى الصغار يسلم عليهم» وقد اشترك فى لجان المساجد 
التعليمية» حيث كان يدرس الطلاب دروسهم بكل تواضع وسعة صدر. وكان مع ذلك 
يتألم لما أصاب الإسلام والمسلمين» وما تقوم به سلطات الاحتلال من الاعتداء على 
بيوت الله وعلى أبناء شعبه وكان یردد دائماء أما آن لسيف الحق أن يخرج من غمده . 
استشهاد د: 

امتثالاً لدعوة حماس فى بيانها رقم )٤۷(‏ باعتبار يومى ۰۲۸ ١184/4/74‏ أيام 
تصعيد ومواجهات ضد جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين» كان أفراد السواعد الرامية 
فى منطقة الجبل الشمالى يتخذون مواقعهم البطولية» وقبل يوم التصعيد كان أبطال 
حماس يحرقون النقطة العسكرية الجاثمة فوق مدرسة المعرى الابتدائية ويسكبون الزيت 
ويكتبون «حماس نار على المعتدى» ويرفعون الأعلام الفلسطينية المزينة ب: لا إله إلا الله 
فوق سطح النقطة. فى ظهيرة ذلك اليوم» كان شهيدنا البطل يجمع الشباب ويرتب 
الموعد مع إخوانه للتصعيد العام بعد صلاة المغرب مباشرة» كان الشهيد فى ذلك اليوم 
وعلى غير عادته يجلس مع إخوانه ويحدثهم حديث الروح وهو باسم الشغر وكأنه 
يستعد للقاء الله» يتمثل قول الصحابى الجليل خبيب بن عدى رضى الله عنه : 

ولت اال ج ات اها على آ بحنب کان فی الله م ری 

وقد صلى المغرب جماعة فى المسجد» وخرج على وضوئه وقرأ شيئًا من القرآن 
ووقف على باب المسجد يستحث إخوانه فى الإسراع والمواجهة. . . وخرج الشهيد ‏ 
على رأس إخوانه يقودهم لضرب جنود الاحتلال . 
)١(‏ صحيح مسلم بشرح النووى ج ۲ أبو هريرة. 

۱۷۹ 


وقد كانت خطة الشباب أن تكون هناك حراسة وكمائن فى عدة أماكن متفرقة من 
المنطقة» وقد أطلق المحتلون عدة رصاصات ظنًا منهم أنهم يخيفون الشباب ولكن 
هيهات» وكان الشهيد يهتف : «ثبات يا شباب الله أكبر»ء وفجأة برز جنود الاحتلال من 
إحدى المناطق وأطلقوا رصاصهم الغادر» ورد عليهم بالتكبير والحجارة إلا أن الرصاص 
أصاب رأسه الطاهر فسقط شهيدا على الأرض وهو ينزف ويردد الشهادتين. ورجع 
الجنود بعد أن فاجأهم الشباب بالحجارة التى كانت تنهمر عليهم كالمطر» ونقل الشهيد إلى 
مستشفى الاتحاد النسائى إلا أن روحه الطاهرة فاضت إلى بارئها قبل وصوله للمستشفى . 
وعند سماع الخبر خرجت جماهير عاصمة جبل النار بمسيرات حاشدة تزف الشهيد فى 
عرس فلسطينى مهيب وكانت تردد «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله»» « بالروح بالدم 
نفديك يا شهيد» . وقد لف الجثمان بالعلم الفلسطينى المزين ب: لا إله إلا الله» وأعلنت 
حركة حماس النفير العام وأن دم الشهيد لن يذهب هدرا واعتبار اليوم التالى يوم حداد 
على روح البطل . وبين التهليل والتكبير كان جثمان الشهيد يوارى فى المقبرة الشرقية . 
كرامات الشهيد: ١‏ 

من كراماته أنه استشهد فى يوم ميلاده» فقد ولد يوم ۹/۲۸/ ۱۹۹۷ واستشهد فى 
يوم ۲۸/ ۹/ ۱۹۸۹ ليلة الجمعة. كان يبتسم عند استشهاده وقد ظل دمه الطاهر ينزف 
حتى بعد ساعتين من استشهاده وكانت رائحة دمه معطرة كالمسك والياسمين . ويقول 
أحد أطباء المختبرات فى مستشفى الاتحاد: فحصت فى المختبرات مئات من حالات 
الدم وأنواعهاء ولم أشم أحسن من رائحة دم الشهيد حيث خرجت منه رائحة طيبة 
معطرة دفعتنى لأن أستنشق عبيرها بنهم شديد . 

وقد كان یردد : 

من قال إنى أعزل وبكفه حجر فليس إلى القضية ينتمى 
دق اقوس اوت ي ودعا الحمى أبطاله فتقدمى 
من وصايا الشهيد: 

وصى إخوانه قبل استشهاده : «إن رزقنى الله الشهادة فضعوا فى قبرى مصحمًا ولا 
تبكوا على فإننى شهيد والشهيد لا يجوز البكاء عليه» . وقال : 
صدةالعزيمةدرع كل مرابط2 عنداللقاوبدينهلايهزم 


۱۸۰ 


الشهيد/ عبد الله ربايعة 
۱۹44/4/۲ 

ولد شهيدنا فى عام ١97١‏ وعاش طفولته فى أسرة 
متوسطة الحال» وعاش حياته نقيًا طاهرا حتى إنه بدأ. 
التزامه بالصلاة وهو فى سن السابعة» وأصبح (حمامة |" 
للمسجد) يتردد عليه» وفيه تعلم واستمد ثقافته من خلال 
التردد على دروس المسجد. وأنهى التوجيهى فى العام 
٠‏ ليبدأ مرحلة جامعية جديدة» ودرس فى الكلية 
الجامعية المتوسطة بعمان» وأنهى دراسته فى الهندسة 
المائية .و اول و جر دة فى الكلية المامعبة كان هال 
للطالب الملتزم» وكان مجالاً خصبًا فى الدعوة إلى الله والدفاع عن الإسلام» خلال هذه 
المرحلة صقلت شخصيته الإسلامية الحركية» وعرفه الطلبة طاليًا أميئاء خلوقًاء مدافعا 
عن دين الله» وتخرج عبد الله ليواجه شبح البطالة» حيث وجد أن فرص العمل أمامه 
فى أرض الوطن قليلة» ومن ثم توجه إلى اليمن للعمل فى معهد فى اليمن الشمالى 
مدرساء وعمل هناك لمدة سنتين كان مثالاً رائعءا للشباب المسلم الفلسطينى وكان خير 
مثل للشباب الفلسطينى المسلم» فكثر محبوه وإخوانه هناك» وأصبح عبد الله رمزا 
للغذاءوالأخلاق اة فكان غير لفلسظين قى ال لبس سقفي ادو هاا 
ولكن سفير خير وحق» وبعد سنتين من العمل» شعر أن بلاده النازفة بالجراح بحاجة 
إليه» فحمل عصا الترحال وهب راجعًاء ولم ينس إخوانه أن يودعوه بالدموع الغالية 
فهم الذين فهموا شخصيته» وحديث الشهادة الدائم كان خير مؤشر عما سيقوم به 
عبدالله» فكأنهم شعروا بأنها آخر لحظات اللقاء. . . وخلال وجوده فى ميثلون تزوج 
عبدالله ورزق بطفلة أسماها (سندس) ولعل الاسم يوحى بطموح هذا المجاهد. 

وسألنا والده عن أخلاقه» فهز رأسه وقال: أخلاقه فوق ما تتصورء فى حياته كلها 
لويش أ عد مته حيت كان يقوم بواجباته الدينية من:صيام وقيام. خير قا كان (الله 
يرضى عليه) يقبل يدى ويدى أمه كل صباح وكان عبدالله لا ينسى إخوانه من محبته 
وإيثاره» فحرص فى شهر رمضان على إطعام إخوانه» وكان يعد الطعام فى البيت 

۸۱ 





وينقله إلى المسجد فى إفطار جماعى» ليس هذا فحسب بل إن وقته كله كان مخصصً 
للدعوة إلى الله» فدروس العلم فى أركان المسجد تشهد له» ودروس أخرى كان من 
خلالها يعلم الطلاب ويساعدهم فى دراستهم. لقد بكاه طلابه بكاء مراء كما بحي 
بعض طلابه اليمنيين» وقد تحدث الشهيد حديثا لبعض إخوانه حيث قال (كنت أدرس 
لبعض الطلاب» وكانوا يأتون لوداعنا للجهاد فى سبيل الله فى أفغانستان» ولقد 
استشهد عدد من طلابى فى افخانستان؛ فكنت أشعر بالغبطة لهؤّلاء. وأجد نفسى 
صغيرة فى هذه المواقف . . . لذلك قررت العودة إلى فلسطين لأستشهد على ترابها ) 
ويقول شاب عنه : كان نجمًا فى منطقة المشارق7١2‏ وقال عنه أخ آخر : كان مثالاً للزهد 
حيث إنه ما كان يلقى بالا بأمور الدنياء وكان قنوعا عفيفًا طاهرا نقيًا . 
استشهاده: 

فى يوم السبت ١984/97/7١‏ حيث دعت حركة «حماس» لإضراب شامل 
. احتجاجا على استمرار الاتصالات مع الولايات المتحدة» العدو المركزى لشعبنا 
الفلسطينى وقضيته» فى ذلك اليوم أدى صلاة الفجر فى المسجد جماعة» وخرج 
بعدهاء حيث لبس لأمة الحرب وهى عبارة عن عباءة سوداء قصيرة» ووضع قناعا على 
رأسه وعصابة خضراء كتب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وخرج إلى مدخل 
القرية حيث بدأ بوضع حاجز حجرى لنع تنقل السيارات لإنجاح الإضراب الذى راهنت 
عليه بعض الأطراف والفئات ودعت لإفشاله» وفى هذه الأثناء دخلت سيارة ركاب 
حمل إشارات عربية» وفى الحقيقة كان فى داخلها عدد من الحنود والمخابرات» وعندما 
اقتربت من الحاجز» طلب عبد الله ممن فيها إبراز هوياتهم » وما إن طلب عبد الله ذلك» 
حتى أشهروا مسدساتهم» وبدأوا بإطلاق النار فقفز عبدالله بين الأشجارء إلا أنه 
أصيب برصاصة فى الرأس وأخرى فى الفم» وأربع رصاصات فى الصدر استشهد على 
إثرها. وبعد الحادث هرعت سيارة إسعاف عسكرية إلى المكان ووجدت فى مكان 
الحادث بقايا علب جلوكوز» وهذا الأمر يحير لأن جنود الاحتلال لم يقوموا (حسب 
معرفتنا) خلال الانتفاضة بإسعاف الجرحى الفلسطينيين» كذلك فإن طبيعة الإضابة 
(رصاصة فى الرأس والصدر) تقتضى بأن لايتم استخدام الجلوكوز رغم الإصابة 
القاتلة» ومن خلال فحص يد الشهيد لم ير أثر لاستخدام الإبر فى يده» مما يعنى أن 
إصابة حدثت فى صفوف جنود الاحتلال والذى يؤكد ذلك قول الحاكم العسكرى لوالد 
الشهيد عندما استدعاه: (ابنك كان ملثما وكان يحمل علما بيد وبيده الأخرى سيف) . 
(١)المشارق:‏ عدة قرى تسمى ب « المشارق » وهى قريبة من قرية ميثلون . 

۱A۲ 


ويقول والد الشهيد حول الحادث : (عندما سمعت إطلاق النار شعرت بقلق فى 
قلبى» حيث إننى أعلم أن عبد الله له تحركات كثيرة وله نشاط واسع» ولكن كان سريًا 
للغاية ولم يكن يخبرنا بشىء من نشاطاته» فخرجت إلى المسجد أبحث عنه فلم أجده. 
وكان الظلام لا يزال يخيم على البلدة سألت عنه فى الحارة لم أجده» وسمعت أن 
الشيخ محمد إمام المسجد أصيب بجراح» وأن عبد الله مفقود وفى الساعة ٠١,١‏ 
أعلن الاحتلال عن استشهاد ابنى وبعدها توجهت إلى الحاكم العسكرى وطلبت جثة 
ابنى » وظلوا يساوموننى لمدة ٦‏ أيام» وتم تسليم الجثة الساعة ٠١,7٠‏ ليلاً) ويكمل والد 
الشهيد القصة فيقول : (عندما وصلنا إلى البلدة وجدنا أن معظم الأهالى ينتظرون» 
حرجت الللذة فى سيره ليل ففلت لهوبان الحاكي الحكري قلا" شترط علينا أن يتم 
الدفن ليلاً» إلا أن الناس لم يسمعوا لقولى وظلوا يرددون الشعارات» إلى بيتناء حيث 
ودعناه» ونقل إلى مكان ما فى القرية حتى الصباح» حيث اجتمع سكان القرى 
المجاورة وخرجوا فى مسيرة لم أر مثلها فى حياتى) . 

وينقلنا أحد الشباب إلى صورة من المسيرة فيقول : اجتمع حوالى ستة آلاف شخص 
يتقدمهم الشباب ورفعت الرايات الإسلامية. وسارت الجموع وهى تردد الشعارات 
الإسلامية مثل «لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله أبشر أبشريا قسام» حق قوة حرية 
جنازتنا إسلامية» . 

وتحفت المسسزة بعننها إلى المرسة حيت ألقيت الكليات الثايتبة : وال أجد 
الدعاة كلمة عن الشهادة فى سبيل الله وكرامة الشهيد» وذكر مناقب وصفات الشهيد 
وأخلاقه واخترقت المسيرة شوارع البلدة مرورا بمكان استشهاده وحتى مقبرة البلدة 
حيث وورى التراب هناك» ولم ينس الشباب أن يمروا به على مسجد القرية الذى كان 
جزءا من حياته والذى يذكره فى كل ركن من أركانه» وألقى الناس عليه نظرة الوداع. 
ولم يتمالك الشباب أنفسهم . فسالت الدموع من العيون التى أحبت عبد الله» بينما 
كانت النسوة تطلق الزغاريد وداعا لبطل من أبطال ميثلون» أما عن هيئته فيقول أحد 
الأخوة: (بالرغم من أنه مكث 5 أيام فى الثلاجة» فكنت تحسبه نائماء ووالله لو أننى 
جعت آله کت شنم فته اننا وحاولت انقاظة ): 


وقال آخر: (انظر إلى هذه الصوة ا 
رحم الله شهيدنا وأسكنه فسيح جناته . 


الشهيد /محمد خليل سعيد أبو زياد 
۱۹۸4/۱۰/۱ 
مولده ونشأته: 
فى ببت الشهيد التقبنا والدةع رجل قارب الستين عاماء 
ملتح › تشعر من خلال قسمات وجهه بأنك أمام فلاح 3 
الأجداد ولكن الذى يختلف فى هذا الفلاح عن غيره. 
ثقافته الإسلامية الكبيرة» وفهمه العميق للآيات القرانية. . 
فى حديثنا الذى امتد إلى ما يزيد إلى الساعة كان والد 00 
التعهين وكين الات القرانية : واا ااا د 
حديثه بالكلام عن حياة الشهيد. فقال: ولد محمد بتاريخ 1۹71/1۰/1۰ وانتظم فى 
الصلاة وهو ابن عشر سنوات» وكان ذا أخلاق رفيعة خاصة فى بيته وتعامله مع 
شقيقاته ووالدته» فكان فى ذلك مثالا للشاب المسلم الخلوق . . كما أنه كان شجاعاء 
ففى كثير من الأحيان كان يخرج ليلاً لإحضار أغراض البيت بالرغم من الحضور 
الكثف للجيش . . أما عن هوايات الشهيد فيقول والده: كانت الدراسة تأخذ معظم 
وقته فهو الأول فى صفه ولكن بالإضافة لحبه للدراسةكان يعشق السباحة والرياضة 
وكان يهتم بإعداد جسده إعدادا قويًا فكان صاحب بنية قوية . 





أمام عن تطلعاته المستقبلية فيقول والده: أنه كان يرغب فى دراسة الطب» وكان لا 
ينظر إلى المهنة بسبب ما تدره من أموال» بل كان يعتبرها وسيلة لخدمة المجتمع الذى 
يعيش فيه» وکا (يحن أن أ نالا سان اانا بل يجب أن 


يخدم المجتمع الذى هو جزء منه) . 
حادثة الاستتهاد : 


0١‏ م كان يوم إضراب شاملء إلا أن الشهيد كان يذهب للدراسة. 
لأنه يعتقد أن الدراسة لا تتعارض مع الإضراب فكان يلتزم بالدراسة» وفى ذلك اليوم 


۱۸٤ 


قام عدد من الطلاب بنع الطلبة من الذهاب للمدرسة» فرجع محمد من مدرسته وأثناء 
عودته اصطدم هو وعدد من الطلبة بدورية تابعة لجيش الاحتلال» وحدثت مواجهات 
عنيفة وجها لوجه بين الشبان الذين يحملون الإيمان فى قلوبهم والحجارة بأيديهم وبين 
القوات الغازية المدججة بكل أنواع الأسلحة التى يختفى خلفها الجبناء» وأثناء ذلك 
أصيب عدد من زملائه فتم إخلاؤهم, إلا أن محمدا ثبت فى مكانه واستمر فى رجم 
جنود الاحتلال» وبينما كان يرفع يديه ليلقى الحجارة باتجاه جنود الاحتلال أطلق أحد 
الجنود النار باتجاهه» فأصيب بثلاث رصاصات فى اليد والبطن» فسقط وبيده (حقيبته) 
المدرسية وجراحه تنزف› لتعطر دفاتره المدرسية بعطر أحمر وبعد لحظات يتم نقل 
الشهيد إلى أحد الأطباء والذى يقرر استشهاد محمد ويتم الإعلان عن ذلك عبر 
مكبرات الصوت» ليخرج أهالى البلدة رجالهم ونساؤهم وأطفالهم لوداع الشهيد فى 
مسيرة جنائزية كبيرة » وهم يرددون الشعارات المنددة بالاحتلال والممجدة للشهيد . 

فأكرم بها من حياة نالها الشهيد بعد غسل ذنوبه بدمائه . . دماء لونها لون الدم 
وزات ارات ااك 





۱۸۵ 


الشهيد / عمارزكى القدومى 
۸44/1۰/17 


مولده ونشات»: 


اغ الكدومن ان ا ا | 
ار ققد رولد تيتا جار :16309 فى من | 
من سفوح جبل النار وفى حديقة من حدائق الأحرار تفتح 
الزهر والنوار. . فأطل من قلب الزهور عمار ففاضت فى |[ 
الجو روائح الورود واستمر مجاهدنا بالصعود. . يستقى 
PANG‏ ) 
. . ترك اللهو واتخذ القرار. . فراح يقاوم الباغى 0 
ا حو لور لين ا 
منتصرا بالشهادة التى منحه الله إياها مبشر لإخوانه المجاهدين من بعده» منتظرا لقاءهم 
الخالد فى جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. ومع انطلاقة الانتفاضة 
الفلسطينية فى عام ١117‏ سارع عمار للالتحاق بصفوف حركة المقاومة الإسلامية 
(حماس) ليلتحق بركب الحق والقوة والحرية. . سار مع قافلة الدعوة الإسلامية فكان 
من طليعة مجاهدى حماس ومن الدعاة إلى الله حيث هدى الله على يديه بعض 
الشباب إلى الإسلام . . إلى الطريق القويم . وكان مسارعا لتنفيذ نشاطات الحركة 
الإسلامية» فلا تجد نشاطًا إلا ويشارك به» ولا تجد تصعيدا يمر إلا وكان لعمار الحظ 
الأوفر فى الاشتراك فيه. . وذات يوم خطر على باله طريقة لتوزيع بيانات حماس فقام 
بشراء كمية كبيرة من أشرطة النشيد الإسلامى الحماسى الهادف من جيبه الخاص» ثم 
كان يضع البيان والشريط فى ظرف مكتوب ويقوم بتوزيعه على البيوت . . وكان عمار 
غبوراعلن اسلامه شديد الاعتزاز به» . . نعم لقد كان يؤمن بالإسلام كلا لا يتجزأ 
(روحا وعملاً. . جهادا ودعوة. . جيشًا وفكرة. . مصحفًا وسيفًا ) كيف لا وقد تعلم 
على أسس دعوة الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله فتعلم منها دروسًا فى التضحية 
والفداء والبذل والعطاء؟! . تعلم حب الشهادة والشهداء والعمل فى سبيل الله وحده 


۱۸٦ 





لتحرير الأوطان من رجس الدخلاء والحبناء فتربى على مائدة القرآن واستقى دروسا فى 
استتشهاده: 

فى اليوم المحدد ۱۲/ ۸۹/٠١‏ يوم ذكرى المولد النبوى الشريف . بال ار 
تحت أقدام المحتلين» وكان تصعيدا يرا استشهد فيه عدد من أبناء حركة المقاومة 
الإسلامية (حماس) وكان شهيدنا عمار على موعد مع الشهادة. فانطلق المجاهد البطل 
مدرعات الاحتلال فيبدأً الشباب المجاهد يصليها بوابل من حجارتهم المباركة. 
وهتافات الله أكبرء الله أكبرء تخرج من صدور المجاهدين قوية مجلجلة فيهتز لها 
عرش المحتلين ويصاب الجنود بالذعر الشديد» ويقوم أحد القناصين القتلة بإطلاق 
رصاصات الغدر والوثم والعدوان لتستقر بقلب عمار الطاهرء نذلك القلت الذى امتا 
بحب الله وحب الجحهاد فى سبيلهء فيتدفق الدم الطاهر الزكى ليمتزج بدماء الشهداء 
والأبرار وبدماء حمزهة والقسام. وبدماء شهداء الانتفاضة ويحتجر المحتلون الحثمان 
الطاهر ويرفضون تسليمه لذويه وتذهب أمه لرؤية ابنها الشهيد وتتمالك نفسها حين 
تراه مسجى كالنائم وتقرأ له الفاتحة ثم ما تلبث أن تفقد أعصابها لتصب اللعنات على 
الأنظمة العربية المتخاذلة وعلى كل المتخاذلين والمستسلمين والمفرطين بدماء الشهداء 
الأطهار. . . 

وفى ثيابه المضمخة بدمه الزكى الطاهرء يكفن» فكل حرير الدنيا وديباجها لا يصلح 
أن يكون كفئًا لشهيد جليل ومجاهد عظيم من طراز عمار . . وقبل أن يوارى جثمانه 
الطاهر فى تراب فلسطين الزكى المبارك» كان عمار ينادى الشباب ويقول لهم : 

فإذاضمخت دمائى صدرى واحتوانى الشرى وضم رفاتى 

فاذكرونى يا إخوتى فى الصلاة 

ا وا و اعم وا اا بوانت الانمع 

ا لحور العين برفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. 
۱۸۷ 


الشهيد / مجاهد محمد حسن شحادة 
۱444/1/1۲ 
مولده: 
ولد الشهيد مجاهد يوم الاثنين ٤‏ من أكتوبر ۸٦۱۹ء‏ 
وفى عائلة متوسطة الحال بقرية سنجل قضاء رام الله. 
نشأته: 
نشأ الشهيد وترعرع على ثرى جنين الطيب» بحكم أن 
والده كان يعمل فى مدينة جنين› وتلقی دراسته فى 
مدرسة عز الدين الثانوية فى جنين » ولم يكمل الشهيد 
دراسته الثانوية العامة فتوجه إلى ميدان العمل الحرء 
ولكنه لم يكن يبدى اهتماما كبيراً فى العمل اللهم إلا تحصيل دخل يكفيه (مصروف 


حب . 


© م 





خلقه وتربيته: 

من الله على شهيدنا برفقة خير من الشباب المسلم فى مدينة جنين : وبيت عامر بذكر 
الم قينا ا اوتا الاق الإسلام فكان مثالا للشاب المسلم وضىء 
الوجه» عامر القلى بالإيمان» وترسخ حب الإسلام فى نفسه منذ الصغر وتعلق قلبه 
با مساجد. إذا خرج منه ما يلبث أن يشتاق إليه فيعود. ووهب الله شهيدنا صوتًا 
جميلاًء فكنت تراه فى الأعراس الإسلامية ينشد الأناشيد ويشارك فى التمثيل» وكان 
وتأبى أن نهون» فى سبيل الله ما أحلى المنون». «جاهد فى الله أخى» جاهد إن كنت 
تقياء تملك آفاق الدنيا وتلاقى الله رضيًا» . وكان ينشد أيضً : 

رمينا الدنياكلهابعيدا وحَداالقلبعلىالتوحيد 


۱A۸ 


إصابته: 

فى بداية الانتفاضة أطلق جنود الاحتلال رصاصة مطاطية باتجاه عينه أثناء إحدى 
المواجهات فى مدينة جنين وفقد ما نسبته 1۹۸ من القدرة على الإبصار وعولج فى 
مستشفى العيون فى القدس فى ۲۲ حزيران(يونيو) sS ٠۹۸۹‏ 
أشهر وعشرين يوما. 

أصيب برصاصة أثناء مواجهات جرت فى وسط المدينة اخترقت صدره لتخرج من 
ظهره وكانت قريبة من شريان رئيسى للقلب كما ذكر أحد الأطباء. وقال الطبيب 
يومها: «هذا الولد يحبه الله» وأحدثت الإصابة كسرين فى عظم الكتف . وبالرغم من 
جراحه فقد واصل الجرى عندما حاول جنود الاحتلال إلقاء القبض عليه إلا أنه استطاع 
أن يختفى عن أنظارهم . وزاره يومها شقيقه الشيخ حسن فقال له ظننتك استشهدت 
فرد عليه بالعامية «راحت على الحوريات» وتم نقله إلى مستشفى رفيديا ومكث عدة أيام 
فى المستشفى فما اشتكى من الألم رغم جسامة الإصابة ورفض أيضا أن يأخذ تقريرا 
عن الإصابة رغم إلحاح الكثيرين عليه للانتفاع به . وقبل أيام من استشهاده زار أحد 
الأطباء من أجل مواصلة العلاج فى مكان الإصابة وقال له الطبيب: ألم تستشهد؟ فقال 

له وهو يبتسم فى المرة القادمة إن شاء الله. وقبل استشهاده بأيام أيضا أخذه جنود 
الاحتلال إلى فوق إحدى العمارات وأوسعوه ضرباء وطح ب جوت 
أصعدونى ولم يضربونى خشية أن يصيبها الجزع . 
الاستشهاد: 

فو دقري امول ناشوف کات سمب تع کا خماس» و كان الجا يرودون 
الشعارات الإسلامية» وأنشد«مجاهد» كذلك طلع البدر عليناء وقسمت المسيرة إلى 
مجموعات» كل مجموعة تتكون من ۳ أشخاص. وكان مجاهد أميرا على مجموعته 
التى سميت مجموعة الشهيد عبد الله ربايعة» وكانوا يلبسون دشداشة حتى الركبة» 
وقناعًا ملفوفًا حوله عصابة خضراء كتب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله». لقد 
بدأت مكبرات الصوت وسماعات المسجد تبث إعلانات عسكرية منها «على السواعد 
الرامية تطبيق خطة رقم(١)»»‏ بعدها اتتشر شباب حماس بسرعة كبيرة» وهم 
رول وعادوا للتجمع فى نفس المكان الذى انطلقوا منه . وحدث فى نهاية العرض 


۱۸۹ 


اشتباك مع جنود الاحتلال» وكان الشبان يمرون من شارع قريب من مسجد عمر بن 
الخطاب» وبعد الاشتباك مرت جميع المجموعات باستثناء مجموعة مجاهد. وعندما 
قفز مجاهد فوق سور المسجد فوجئ بجنود الاحتلال أمامه» فأطلقوا عليه النار» 
فأصيب برصاصة اخترقت رأسه من جهة حاجبيه» فسقط على الأرض ووضع يديه كما 
يضع الرجل يديه للصلاة» وهوى على الأرض ساجداء وجاء رأسه بالقرب من شجرة 
زيتون وسالت دماؤه فى جذعهاء وكان الشهيد قد كتب بيده شعاراً على أحد الجدران 
يقول فيه : «لو قطعوا عنك الماء يا شجر الزيتون سوف ترويك حماس بالدماء والعيون» 
وبالفعل فقد سقى مجاهد شجر الزيتون من دمائه التى نزفت من جبينه الذى ما سجد 
إلا لله» ومن عينه التى اخترقتها الرصاصة! 

وفى هذه الأثناء توجه أخوه الشيخ حسن لإحضار أمه وأخواته لتوديع مجاهد. 
وعن هذه اللحظات تحدثنا والدة الشهيد» فتقول بأنها تربت تربية إسلامية فى بيت 
مؤمن» وأنها ربت أبناءها على الإيمان والتقوى » وتضيف : فى البداية عندما سمعت 
صوت إطلاق رصاص» وتأخر مجاهد فى العودة» قلت لقد استشهد مجاهد» وعندما 
جاء الجيش يطرق أبوابنا قلت هذا تأكيد على استشهاد مجاهد » ولما دخل الشيخ حسن 
قال لی زغردى فزغردت» فقال لی : استشهد مجاهد» فزغردت ثلاث مرات وحمدت 
الله سبحانه وتعالى أن شرفنى باستشهاده) . 

وومط ده ةامر اة نحواوسث التنهيتء قالت ليا والدة اليد بار كى لين أنا 
زوجت ماغدا و1 أدرك الات أن جامد ا اسهد أغلتت مكيرات الضر ت نا 
استشهاده» وهنأت أهلهء وأهل جنين بذلك وانطلقت الآيات القرآنية والشعارات من 
مكبرات الصوت : 

ل ولا تحسبن الُذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون 4 [آل عمران: 1۱14 
تلا ذلك نعيه : 
نعى حركة حماس: 

«تنعى حركة المقاومة الإسلامية شهيدها البطل وابنها المجاهد مجاهد شحادة الذى 
استشهد قبل قليل» ونطلب من جميع الأهالى الخروج إلى الشوارع أو الصعود فوق 


۱۹۰ 


أسطح المنازل وترديد هتافات الله أكبر». هذا واستمرت مكبرات الصوت تنعاه أكثر من 
ساعة . وبعد أن سمع الناس بذلك» خرجوا على أسطح ال منازل وبدأوا يصرخون «الله 
أكبر» وذلك بناء على دعوة «حماس». وهاجت العواطف» ومن لا تهيح عاطفته 
والكل عرفه مخلصا صادقًا مجاهدا ؟ واعتقل جنود الاحتلال اثنين من أشقاء الشهيد 
ضير أنو حزرة::وكان اله هبد ماهد قن أا ذكر اديجلاوة القسران والاتاشيد 
الإسلامية. وفى بيتهم حدثتنا والدة الشهيد عن لحظات رؤيتها لمجاهد (ذهبت أنا 
وأخوات الشهيد وزوجة ابنى الشيخ حسن» وعندما وصلت إلى المكان الذى كان 
موجودا به» كان هناك عدد كبير من الحنود والمجندات» وكانوايرقبون ردة فعلناء 
والحمد لله لم تنزل لى دمعة واحدة» ووقفت أمام الشهيد وقلت «السلام عليكم» هنيئًا 
الف الماد أناواضية فك واا وط ور فخت :راس غالا و الك ير ف غلك 
ويجعل مأواك الجنة). وفى هذه اللحظات يقول الشيخ حسن» بأن الشهيد بعد أن 
أغمض عيونه» فتحها وابتسم فسالت الدماء من طرفى فمه» » وبكثافة . . وإزاء هذا 
قالت والدة الشهيد لشقيقه الشيخ حسن هامسة (يا حسن مجاهد ليس ميتا!» وبعد هذا 
غمست والدة الشهيد يديها بدم مجاهد ورفعتها عاليًا وقالت مخاطبة الجنود والضباط 
وسط دهشة وحيرة ااا ن ا يي سيم 
وتمنى» . 

وتقول أم حسن عن جسم مجاهد: كان طريًا وساختا ولم تبد عليه العلامات التى 
تظهر على الأموات وسألتها: عادة ما تحزن الأم لفراق ابنها ولو كان شهيداء فما السبب 
فى موقفك هذا؟ فتقول: أنا أحب مجاهدا كثيرا» وكان مدللا لكثرة حبى له» ولكن 
مد نتن سا كان فى اقل ذ و ون واا وان كان وجه هار ت لفات 
ستزول. . . لأننا لا نريد أن نشمتهم بناء وهذا مستمد من عقيدتى الإسلامية» حيث 
كان لتربيتنا الإسلامية دور فى الصبر والمصابرة . كان حديثنا يدور وصوت مجاهد ينشد 
من إحدى الأشرطة «اشتدى يا انتفاضة اشتدى . .»» بالإضافة إلى وجود عدد كبير من 
الأعلام الإسلامية والزهور وكان الجيش قد طلب فى يوم سابق إزالة هذه المظاهرء إلا 
أن إحدى شقيقات الشهيد صرخت فى وجهه ورفضت الطلب . واستكمالاً لصور 
الصبر عند الأم الفلسطينية المسلمة المصابرة المرابطة» شقيقة خولة والخنساء» فقد جاءت 


۱۹۱ 


بعض النسوة كعادتهن يبكين ويندبن الشهيد فقالت لهن والدته« إحنا عنا عرس » اللى 
بدو يفوت يقول : أهنيك أما اللواتى يردن البكاء فلا مكان لهن» . 

وجرت مسيرة من طالبات المدارس » وعندما وصلن إلى بيت الشهيد نشدن زغردى 
آم الشهيد فما كان من آم حسن إلا أن تزغرد» وسط الهتافات بالروح بالدم نفديك يا 
مجاهد. لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله» ولم يتمالك الحضور أنفسهم فذرفت 
دموعهم» وبعد هذه الحوادث تدخل النساء المعزيات وخاصة طالبات المدارس» يقلن : 


e af‏ ما 
ج يان 


4۹۲ 


(مبروك الشهادة يا خالتى» . 
وقيل فى رثاء الشهيد : 
إن الذى جعل الجهاد فريضة أولاك مامت مجاه 
لزنت أذكر للصلاة مناديا وضدق نذائك للاذان مدد 
ا داق افد اا جببحية ا EE CI‏ 
وصرخت فى وجه الطغاة بقوة الله اكير الال ادى 
أذكيت من دمك الطهور مشاعلاً 2 وجعلت من شرع الشهادة رافد 
تى إلى الأجبيال:قهيبةاثائز فى اللهوالاسبلاة تسعد ترد 


الشهيد / جميل صالح جواريش 
44/1 


مولده ونشأتك: 


ولد شهيدنا بتاريخ 1979/١/7١‏ فى مخيم عايدة» | 
وترعرع فى ظل أحضان عائلة مسلمة كريمة . وينتمى 
الشهيد لعائلة آل عبد المكونة من أم وثمانية إخوان 
وابنتين» ودرس المرحلة الإعدادية فى مدرسة عايدة 
الإعدادية» وبعد أن اتجه نحو الصناعية الحرفية وتخصص 
فى صناعة الخزف فى مصانع بيت لحم وعندما أتقن هذه 
الحرفة عمل فى أحد المصانع الإسلامية» وامتلاً ذهنه بفهم 
شامل لتعاليم الإسلام العظيمة ووطن نفسه على حب الاستشهاد . 
استشهاده: 

كروك 1]51117 35م ودعت حرق القاومة ااا اعباس وى ر 
شامل مع الاحتلال» وصادف ذلك اليوم يوم جمعة وكانت الحركة قد دعت إلى تصعيد 
مع الاحتلال يوم الخميس الذى صادف ذكرى المولد النبوى الشريف ودعت الحركة 
كذلك إلى إضراب شامل يوم السبت 1484/٠١ /١5‏ » واستقبل الشهيد هذه المناسبة 
بهمة ونشاط»ء فقام يوم الجمعة صباحا واغتسل استعدادًا لصلاة الجمعة» وكان يحرص 
على هذه السنة استجابة لحديث الرسول ية والذى يحض على الاغتسال والتطيب 
والذهات للمس عدي 7 وادق اة الجمعة فى مسجد أبى بكر الصديق وبعد أن 
(1) يندب التبكير فى الجمعة لغير الإمام : فقد روى أبو هريرة حدينًا عن سول الله جاء فيه : من اغتسل 


يوم الجمعة غسل الجنابة» ثم راح فكأنما قرب بدن ومن راح فى الساعة الثانية» فكأنما فرب بقرة ومن 
راح فى الساعة الثالثة. فكأنما قرب كبشا أقرن. ومن راح فى الساعة الرابعة» فكأنما قرب دجاجة» ومن 
راح فى الساعة الخامسة فكأئما قرب بيضةء فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة تستمع الذكر» انظر مسلم 
بشرح النووى (5/ »)٠٤١‏ أبو داود» السنن (857/1) الترمذى. السنن (۲/ 0)» النسائى» 
السئن»(”/ ٩۷‏ -44). 





۱۹۲۳ 


أنهى صلاته ذهب مع أصدقائه وساروا معا فى أزقة المخيم وزار أحد أقربائه» وعندما 
سمع المنادى ينادى لصلاة العصرء نهض» وصلى العصر جماعة ليخرج بعدها ليزور 
معظم إخوانه الذين أحبهم» وكان سلوكه يوحى بأنه يودع أهل الحى وربما رأى برؤية 
المؤفن وهو ذو فراستةء أنه آن أوان الرخيل »+ وييدما كانت الشسن غيل إلى الخروب» 
كانت شمس الشهادة تقترب من البزوغ فى فجر ساطع تلون أفقه دماء الشهيد فترسم 
على ظلال الجبال بلون الدم القانى لوحة الشرف والتضحية . . ويذهب شهيدنا لصلاة 
المغرتةة وبعدها إلى التلآل المجاوزة ليلسين اللناسن الذي اتاد عله الا خض اله 
لحركة حماس» ويربط على جنبيه أطهر وأشرف وأخلد شعار «لا إله إلا الله محمد 
رسول الله) وخرج بلباس الجهاد مع ثلة من أفراد السواعد الرامية» ولم ينس قبل أن 
يتجه إلى ساحة الوغى أن يودع أهله وخصوصا أمه التى أحبته حبًا عظيمًا وكذلك 
والده وأعمامه وإخوانه» وأصرت والدة الشهيد تلك الليلة على أن يتناول صالح 
العشاء إلا أنه رفض وأصر على اللحاق بإخوانه فى الموعد المحدد. وقبل أن يخرج من 
بيته طلب من عمه أن لا يدع أمه تبكى عليه إذا استشهد أو تذهب للقبر وتنوح عليه 
وطلب صالح من أهله أن يدعو الله كى يرزقه الشهادة فى سبيل الله. وقد نالها والحمد 
لله رب العالمين . 
إصابة الشهيد: 

وق اضيب اله مت ور ااك سد ل هول س و سيد فلن 
الفور» وسالت دماؤه تعطر أرض المخيم وتنتشر عطرا فى الآفاق» وارتفعت روحه إلى 
بارئها راضية مرضية إن شاء الله» وقام الجنود بالاستيلاء على جثة الشهيد وملاحقة 
إخوان صالح عَلّهم يظفرون بصيد كامل» إلا أن الله أبى أن ينال الظالمون مبتغاهم. 
وأطلقوا النار باتجاه هؤلاء الشباب إلا أن الله حفظهم من كيد هو لاء القتلة . 

دفن شهيدنا فى مة مقسبرة الشهداء الإسلامية فى مخيم عايدة ووجد وشاح على 
صدر الشهيد كتب عليه ظ ولا تحسبن الُذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند رتهم 
يرزقون 4 [آل عمران: ]١75‏ ومن الأشياء التى كان يحبها الشهيد سماع وقراءة القرآن 
الكريم وبخاصة سورة مريم كما يقول والد الشهيد. ويقول أحد الإخوة الذين شاهدوا 

۱۹٤ 


الشهيد: من الكرامات التى أظهرها الله على الشهيد أن رائحة المسك فاضت من قبره» 
كذلك صبرت والدة الشهيد صبرا عظيمًا وكانت مثال الأم المؤمنة الصابرة» وكذلك 
والد الشهيد الذى كان مؤمتا حقا حين صبر على فراق فلذة كبده» وإن كان صالح قد 
رحل بجسده إلا أن ذكراه العطرة ستبقى مرتسمة فى الأذهان وتبقى صورته فى 
الوجدان فكل أهالى المخيم يضعون صورة صالح فى قلوبهم وبيوتهم! 





جهھ چە 


شهداؤنا فى الجنة وقتلا هم فى النار 


۹۵ 


الشهيد / حسام سهيل فريد أبو زنط 
10 

مولده ونشأته: 
تعكس قصة حياة واستشهاد حسام أبو زنط جزءًا من لا 
المأساة الفلسطينية» فيومولد حسام بتاريخ 
89 مه دخل والده السجن بتهمة مقاومة 
الاحتلال وحكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات› وترك 
سهيل صغيزه الجديد فى المستشفى » ووضعت الأغلال فى 
يديه ليعيش حياة السجن» ولكنها كانت فى الحقيقة 
ممع الأول تحن لاجملل والناقى E‏ 
وطفله الصخير لا يعرف عن مصيرهما شيئًا . . ولكن قطار الحياة يسير» بالرغم من 
الآلام والمعاناة» ؤيكبر حسام وتكبر معه الآمال والآلام» خاصة عندما كان يذهب 
لزيارة والده فى سجون نابلس واللد والرملة . . وكان فى بعض الأحيان يقوم بضرب 
حبرو لاجملل قل اهو رالد هاا( خرب )مهل والده.ى وقول وة 
الشهيد: إن حسامًا كانت لديه هواية النحت» واقتناء التحف فكان ينحت الآيات 
القرآنية والشعارأت الإسلامية على الخشب» (أحضرت لنا والدته قطعة خشبية مزخرفة 
بأسماء الله الحسنى» صنعها حسام بيده)» ونشأ منذ صغره نشأة إسلامية وأصبح من 
رواد المساجد» يقضى معظم أوقاته إما فى المسجد أو فى النشاطات المسجدية الأخرى . 





حياته فى بيته: 

كان حسام بالرغم من صغر سنه داعية فى المسجد والحارة والبيت . ففى البيت كان 
يطالب شقيقاته بالالتزام باللباس الشرعى» والمحافظة على التقاليد الإسلامية 
والعبادات» وبالفعل استطاع التأثير إيجابيًا فى بيته» حتى إنه من خلال مناقشاته اثر 
أيضًا على والديه. وكان يعظ أهله دائما ويدعوهم إلى تقوى الله وطاعته. كما كان 
يندد بالحفلات الموسيقية الغنائية . 


£ 


DA 
0 


۱۹٩ 


كما كان يحذر شقيقاته وإخوانه من مشاهدة برامج التلفزيون الهابطة أو الأفلام 
الساقطة» وكان يدعو زملاءه للالتزام بالإسلام» ويقول عم الشهيد: إن الشهيد كان 
يطالع الكتب الإسلامية وآخر ما طالعه من كتب كان (ماذا يعنى انتمائى للإسلام). 
(قادة الغرب يقولون : دمروا الإسلام وأبيدوا أهله)» (رسائل الإمام الشهيد حسن ‏ 
البنا)» كما كان يقرأ جريدة الصراط وصوت الحق والحرية باستمرار. . كما كان يبحب 
سماع الأشرطة الإسلامية» وأوصى قبل استشهاده أن يتم وضع شريط أم النور رقم ٩‏ 


دوره فى الانتطاضة: 


كان لتوجهات حسام الإسلامية أثر بالغ فى صقل توجهاته السياسية» ولهذا كان 
ينطلق من عقيدة إسلامية فى فهمه للصراع» وكان يناقش والده كثيراً فى ذلك كما كان 
لفترة اعتقال والده أثر فى زرع الحقد المقدس فى قلبه على الاحتلال» وأصبحت مقاومة 
الاحتلال عملا يوميًا له» وخلال الانتفاضة لم تفته فرصة المشاركة فى دفن أكثر الشهداء 
والمشاركة فى تشييع جنائزهم وحفر قبورهم . . وكان فى كل مرة يقول لزملائه : هذا 
القبر سيكون لى إن شاء الله!! وعندما استشهد الطفل (غالب سامحنا) قال لإخوانه : 
كيف يستشهد هذا الطفل ويسبقنا؟ لهذا كان حديثه عن الشهادة يسيطر على كل جلساته 


ومنافشاته : 
حادتة الاستشهاد : 


فى الساعة العاشرة من يوم /١١/۲١‏ ۱۹۸۹ء ذهب حسام إلى مطعم والده فى 
وسط المدينة» وكان جيش الاحتلال فى حالة استنفار» وكانت المدينة تعج بالمسيرات 
ا وشاهد حسام دورية عسكرية قد أوقفت عددا من الشبان لمسح الشعارات 
وتنظيف الشوارع من المتاريس . فأثر ذلك فى نفسه فصعد إلى رابية عالية» وبداً 
يرشقهم بالحجارة» من أجل إشغال الجنود ليفلت الشبان من قبضتهم . ثم أرسله والده 
إلى البلدة فوجد شابا مربوطًا داخل جيب عسكرى» فوقف فى حالة اندهاش » فقال له 
أحد معارفه : لماذا تقف يا حسام؟ فرد عليه قائلاً: للأسف لو أنه ليس مكبلاً لعملت 
على إطلاق سراحه . وقبل الظهر توجه هو وعمه إلى البيت وأثناء صعوده إلى البيت مر 


4۹۷ 


بالقرب من مقبرة الشهداء» وفى الطريق بدأ ينشد أناشيد إسلامية حماسية» وبعد أن 
أدى صلاة الظهر سمع صراخ بعض النسوة وتبين أن مجموعة من جنود الاحتلال - 
وهى مشهورة بين السكان بالعنف والانحطاط - دخلوا بيتا كان أهله عدا فتاتين» 
وبدأوا بتفتيش البيت وركزوا على بعثرة ملابس الفتيات من الخزائن وهم يطلقون 
العلاقات اة غا ارهن الفعاتتة خط هما تر جمان شرا فدات بالصراخ طلبًا 
للحماية من الأهالى» فاعتلى حسام سطح أحد المنازل القريبة وبدأ يرجمهم با لحجارة 
والزجاجات الفارغة فخرجوا مذعورين وبدأوا يطلقون النار بشكل مكثف وعشوائى 
وكان حسام ينتقل من مكان إلى آخر يحضر الحجارة» فصوب أحدهم بندقية قنص على 
حسام ورماه برصاصتين أصابت إحداهما عينه واخترقت مخه فسقط من السطح, 
وبعد مدة طويلة حضرت إلى المكان قوة عسكرية أخرى يترأسها ضابط كبير طلب هوية 
الأولية. وحول حسام لمستشفى المقاصد فى القدس› وهناك ربط جسده على الأجهزة 
رغم أن دماغه كان قد توقف عن العمل › وبعد أن أسلم روحه» خا حل اهر فن 
وجلس مع والده وكان ذلك فى يوم ١484/17/5‏ وأخبره بطريقة لبقة عن استشهاد 
اينه . 
ردود فعل أهل الشهيد: 

تقول والدة ال* لشهيد: كنت عند إصابة حسام نائمة» نما رھد ستيقظت على صراخ النسوة 
وهن يقلن : إصابة . . إصابةء ودون أن أعرف المصاب اتصلت بوالده وقلت له : ابنك 
حسام أصيب بجراح . وعندما أخبر والده فى المستشفى عن استشهاد ابنه اتصل فور 
بوالدته وقال لها: زغردى. فما كان من أم حسام إلا أن صعدت على سطح بيتها 
وبدأت تزغرد حتى سمعها أهل الحى جميعًا فعلموا أن حساما استشهد. ويضيف 
مودعا. ظ 
من كرامات الشهيد: 

لقد زاره أحد الشباب المسلم من بيت المقدس للسلام عليه فسلم عليه حسام بسلام 
حار مع أنه لم يحرك شيئًا من أعضائه خلال تسعة أيام . 


۱۹۸ 


ويقول أحد الممرضين بأنه فى اللحظة الأخيرة لصعود روح حسام الطاهرة حرك 
إصبعه بالتشهد . 

ومن الكرامات التى أظهرها الله على حسام» أن والده استطاع أن يدخل نابلس 
ارك اح كا تحب لكام عن و رسيا راك لادان 
ووضع جسد الشهيد فى بيته لمدة ثلاث ساعات ونصف » وصلى عليه صلاة الجنازة فى 
البيت :ومن كزافاته رفيا أنه كان مما وبح قد ع جت ور اة طن : جا نجدا 
وشهد بذلك الإمام الذى صلى عليه والمصلون» ودفن حسام فى مقبرة الشهداء الساعة 
الثانية والنصف ليلا. . . وأثناء دفنه يؤكد والده أن الأضواء كانت وكأنها نهار مبلج . 

أهاضركة اللفاومة ا همات د فت كيدها ٠‏ ور ر عت رة اا 
وقد كتنب تحتها : 


وأطيارهارفرفت حوللا فقوت اف دار اال 


أولئك رفقًا. ٠‏ 





الشهيد /ناصر عبد ا مجيد كجك 
۱۸44/1۲/0 

نشأة ناصر: 

ولد ناصر فى عام ۱۹۷۱ وكان يدرس فى مدرسة 8 
إلى امتحان الثانوية». وأعرب ناصر قبل استشهاده عن أ 

نشأ ناصر نشأة إسلامية بحكم بيئته ولم يكن جاهليًا 
وين ول يي 
ا OE OEE‏ 
العشاء . . المسجد كان معقل رجولته ومصدر بطولته وفهمه. والقرآن زاده والمعين الذى 
والنصر. . اسم يدع وك إلى الوقبال لنيل الشهادة وركوب المخاطر . . . ويسمع صوتا 
يناديه ويتردد صداه أن أقبل فالحور العين بانتظارك» اغسل ذنوبك بدمائك واكتب 
ملحمة التاريخ بأحرف من نور تضىء به الطريق لمحيل بعد جيل . . احمل المصحف بيد 
والسيف باليد الأخرى ولا تكن كأولئك الذين قالت عنهم عائشة رضى الله عنها: إن 
لهم قلوبا كقلوب الطير كلما هبت الريح اهتزت قلوبهم» فلا نامت أعين الجبناء . 

ولكى يسيطر على نفسه وتكون تحت قيادته لا أن يكون تحت قيادتهاء دأب على 
الإيمان أحب الرياضة ومارسها فى فريق المسجد . . والمؤمن القوى خير وأحب إلى الله 
من المؤمن الضعيف . . وبعد أن انطلقت الانتفاضة تقتل الجبن وتحيى النفوسء التزم 
المسجد واقترب من الله وكأنه يعلم أنها قد تكون شهادة» وحرص على الاستماع إلى 
الكلمة الطيبة والأناشيد الإسلامية الهادفة وخصوصا تلك التى تتحدث عن الشهادة . 





۲٠۰ 


حادثة الاستشهاد : 

فى ١984/17/5‏ دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى يوم مواجهة شامل 
تأكيدا لحيوية الانتفاضة وروحها المعطاءة التى لا تنقطع ولا تموت» صلى ناصر يومها 
العصر جماعة فى المسجد وكان يعيش اللحظات التى تسبق تحقيق الحلم . . وما هى إلا 
لحظات ويغسل ذنوبه بدمائه لترتقى روحه إلى عليين بإذن الله» وبدأت المواجهة وهو 
يوم تتحول فيه المناطق المحتلة سعيراء فلقد أصبحت النداءات بالتصعيد الصادرة من 
قبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس). تجد لها استجابة واسعة بين أبناء شعبنا حيث 
يختلط فيه روائح البارود مع الدم الطهور لشهدائناء وترى الأرض مزهوة مزدانة بالجيل 
الجديد من أبناء الإسلام» وهم يذودون عن حياضه» ويحيون فى الأمة الأمل من 
جديد. وكان ناصر فى الصفوف المتقدمة» لا يوجد بينه وبين الجندى سوى ستة أمتار أو 
أقل» وليس بينه وبين المجد إلا دقائق» ويطلق الجندى الجبان نار حقده لتستقر فى 
القلب النابض ورشح جرحه دما وعطرا يزين ثوب الأرض القشيب. . وسقط الشهيد 
وهو يهتف بهتافاته الإسلامية والله أكبر. . مودعا بها إخوانه موصيا إياهم بمواصلة 
الطريق وعدم التوقف حتى تحقيق المراد» ونقل إلى المستشفى ولحق والده به عندما علم 
نبأ إصابته من بعض الشبان» وسآل أبو ناصر الطبيب عنه فأجابه (ولم يكن يعلم أنه 
استشهد) فرد أبو ناصر: الحمد لله رب العالمين» اللهم اجعل عمله مقبولاً لوجهك 
الكريم» والناس فى ذهول لا يكادون يصدقون أن يسمع رجل نبأ رحيل مهجة فؤاده 
وولده الوحيد الذى يعينه على الحياة» ويلهج لسانه عند الكلام حتى إن بعض الحضور 
شَكُوا فى كونه والده» ولم يختل توازن الأب بل صلى الجنازة ‏ فى المقبرة ووضعه بيديه 

فى القبر» ومن ثم ألقى كلمة وعظ فيها الشباب وصبّرهم (لأنهم كانوا يبكون لفراق 
ناصر) وقال البو كاحي ا لطن للرايه وح ري العا جدر ااريةالكراني 
وطريق الإسلام. . .). 

وعقب حادث الاستشهاد فرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على الحى 
الذى استشهد فيه ناصر» فخرجت مجموعات من الشيان» ونادت عبر مكبرات 
الصوت ( بأمر من الحاكم العسكرى لحماس يرفع نظام منع التجول) فخرح الناس من 
بيوتهم فى مواجهات مع جنود الاحتلال» واستخدم الجنود الرصاص الحى 


5١ 


والبلاستيكى» وأصيب عدد كبير بجراح » ويذكر لنا عدد من الإخوة أنهم سمعوا خبرا 
من الإذاعة العبرية يدعى فيه أنه فرض نظام منع التجول على قطاع غزة بأكمله ردا على 
المتطرفيق المسلميق فى أعقاي هاا الح :وروت مسي ةم اة بحت 
لستجد وألقيت الكلمات التأبينية المؤثرة التى حدثت عن الشهيد والشهادة . 






عائلة الشهيد: 

لم يقتصر الصبر على والد الشهيد فقط فهو لم يندهش لأنه كان يتوقع له الشهادة 
فهذا الطريق معروف إما إلى الشهادة أو النصرء كذلك كانت أمه وأخواته من الصابرات 
المؤمنات واحتسبن ناصرا مع الشهداء الأبرار . 

ويقول والده بأنه شاهد ناصرا فى المنام وهو يقذف الحجارة باتجاه جنود الاحتلال 
فقال له والده : دير بالك ناصر فأجابه (ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن 
ليصيبك) ثم أخذ يدعو : «اللهم استرنى فوق الأرض وتحت الأرض وجنبنى الفتن ما 
ظهر منها وما بطن . كان يدعو بهذا الدعاءء ولقد استجاب الله الدعاء فلم يمس جسده 
مشرك وحفظ الله جسده وهو الذى كان يحافظ على شعائر الله». 


فى 


الشهيد / أمجد عبد ا مجيد سعيد حسن 
۲ // ۱۸4 


ولد الشهيد أمجد فى قرية دير السودان» وهى إحدى ي 
فر رام الله فى عام ١111‏ لأسرة فقيرة» ای دراس 
الابتدائية فى مدرسة القرية وكان الأول على صفه فى ا 
معظم صفوف المرحلة الابتدائية» ثم انتقل بعد ذلك إلى ش 
ر لامي سين الثانوية فى ول عزنت لواف 
دراسته» تعرف على شياب الكتلة الإسلامية فى جامعة 
بير زيت منذ صغره والتحق بشباب المسجد وهو فى | 
الصف الثانى الإعدادى» وشارك شباب الكتلة الإسلامية 
فى أول مخيم عمل تطوعى لها فى قرية دير أبو مشعل هو ومجموعة من الشباب المسلم 
فى مدرسة الأمير حسن» عمل على إنشاء تجمع إسلامى بسيط فى المدرسة على غرار 
الكتلة الإسلامية فى الجامعة» وعمل على توزيع البيانات الخاصة بالكتلة وعلى بيع 
الكتب الإسلامية فى المدرسة . 





فى نهاية الثانوية العامة وقبل تقدمه لامتحان التوجيهى ابتلاه الله بوفاة والده فأثر 
عليه تأثيرا كبيراء وبعد إنهائه التوجيهى التحق بكلية الشريعة فى جامعة الخليل» وانضم 
إلى الكتلة الإسلامية من أول يوم التحق فيه بالجامعة» وكان من العناصر البارزة فى 
الكتلة الإسلامية» فكان أمجد دينامو الكتلة الإسلامية» لا يعرف الكلل أو الملل أين ما 
تذهب تجده أمامك وكان يلعب دور باررًا فى استقطاب الطلاب الجدد وفى أعمال 
المظاهرات ضد الاحتلال» وكانت شخصيته تتميز بالجدية فى جميع أوقاته . 

عندما اندلعت الانتفاضة المماركة» وأغلقت سلطات الاحتلال الجامعات عاد أمجد 
إلى بلدته» ليكون من السابقين للانضمام إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس» فور 
الإعلان عن تأسيسهاء وأصبح نحم أمجد يتألق على مستوى القرية حيث برز كشخصية 
قيادية لكل الأحداث التى تجرى على ساحة القرية مع جنود الاحتلال الفاشيين» 
وفرض احترامه على كل الاتجاهات الموجودة فى القرية . 

٠ 


استطاع أمجد هو وشباب المسجد فى القرية أن يعملوا على تأصيل مفاهيم الإسلام 
فى نفوس الناس من خلال تربية الشباب فى مسجد القرية» فعمل على تربية الناشئة من 
شباب البلدة داخل المسجد» وكان يقوم مقام الإمام عند غيابه» فكان يؤذن ويؤم الناس 
فى الصلاة» ويقوم بجمع التبرعات من الناس من أجل العناية بمسجد القرية . 

لم تقتصر مشاركة أمجد فقط على ساحة القرية وإنما تعدتها إلى رام الله والأقصى. 
فكان يؤدى معظم صلوات «الجمع» فى المسجد الأقصى المبارك» وقد شارك بقوة فى 
أحداث 1988/١/16‏ التى فجرتها حماس فى ساحات الأقصىء كما أنه كان يشارك 
فى أحداث المواجهات التى تدعو لها حماس فى داخل مدينة رام الله . 

فى أول جمعة من رمضان عام ٠۹۸۹‏ والتى صادفت أول يوم فى رمضان والذى 
دعت حماس فيه إلى مواجهة مع الاحتلال كان أمجد يومها أول من فجر الأحداث 
على ساحات الأقصى» فاستطاع أن يحطم كاميرا أحد المصورين الصهاينة على بعد 
٠‏ مترء وكان أول من اقتحم باب المغاربة كما يروى شهود عيان من زملاء أمجد 
الذين شاركوا معه فى الأحداث» وأصيب يومها بأربعة رصاصات مطاطية فى بطنه 
وفخذه. | 
حادثة اسنشهاده: 

فى ذكرى معركة بدر الفاصلة دعت حر كة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى المواجهة 
والتصدى للعدوء وأن يكون يوم بدر بدرا فى تاريخ الانتفاضة تتجدد فيه عزيمة 
الجهاد» وليلتقى فى ظلاله مجاهدو الإسلام اليوم مع أسلافهم الذين كانوا مع رسول 
الله كك فى بدرء ويستعد شهيدنا أمجد منذ الصباح لينطلق إلى رام الله ليلبى نداء حركة 
الجهاد والمجاهدين «حركة حماس»» ولسان حاله يقول «اللهم اجمعنى مع شهداء بدر 
اللهم لا ترجعنى إلى بيتى خائبا»» وما هی إلا سويعات حتى كان شهيدنا البطل وسط 
ا لجموع الهادرة الهاتفة ب«الله أكبر) اخيبر خيبر يا يهود» جند محمد سوف يعود). لقد 
أبلى أمجد بلاء حسئاء فها هو يقذف اليهود بالحجارة تارة» ويشعل إطارًا تارة أخرى» 
وفى وسط أزيز الرصاص ال منهمر تنطلق الحجارة المقدسة من يدى الشهيد لتوقف دورية 
عسكرية كانت متجهة إلى مكان تجمع الشباب المسلم» ويصيبها إصابة مباشرة اضطرت 


۰ 


الجنود الحبناء أن يتركوا سيارتهم وسط الشارع ليختبئوا كالفئران خلف شاحنة كانت 
تقف فى المكان» ويلاحظ الجنود شابًا قويًا يزأر كالأسد الهصور يناور ويداور 00 
على المقاومة» فيطاردونه بمسدساتهم » ولكنه ينجو منهم بفضل الله ليعود مسرورا إلى 
بيته فى قرية دير السودان» إنه مسرور لآن الله شفی صدره من بنى يهود» ولكنه سرور 
فيه غبش » إنه يرنو ببصره إلى الأفق البعيد. . لم ينل ما كان يصبو إليه. . . نعم إنه 
يضحك مسرورا ولم ير ضاحكًا مثلما كان فى ذلك اليوم» ولكنه يشعر فى قرارة نفسه 
اللي لعرم له «اتيدا الى لاحن جيك وصة عدوم من ا تبان يفا 
أمجد العشاء وصلاة التراويح إماما فى مسجد قريته ليودع تلك القرية الهادئة التى أحبها 
وأحبته ليكون آخر عهده بها آيات وصلوات وتضرعات ودمعات دافئة مضيئة تنير درب 
المجاهدين» وعاد أمجد إلى البيت وأكب على كتاب الله يقرأ آياته ويتدبر معانيه» وأم 
الشهيد تنظر إلى ابنها الحبيب . . . إنه يترقب شيئًا. . . أمجد يا بنى لماذا لا تنام؟ فقال 
لها: سأنام يا أماه . 5 سأنام . وماهى إلا دقائق معدودة حتى كانت الطرقات شديدة 
قوية على الباب أمجد. . أمجد. . جاء الجيش . ونهض الشهيد مسرعا ولبس حذاءه 
وامتشق حسامه وسلاحه إنها «المقلاع» الذى به قتل داود الصغير المسلم جالوت الكبير 
الكافر» لحقت به أمه تحاول منعه . . . إنها ترى ابنها يخرج وقلبها يحدثها أنها آخر مرة 
تنظر فى عينى أمجد البراقتين» لقد كان أمجد أول من يهب لقاومة الغزاة المحتلين» كان 
يقود الشباب إلى مواقع الشرف والمواجهة» وبعد خروجه ومجموعة من الشباب إلى 
منطقة وجود الحيش › استطاعت مجموعة من جنود الاحتلال أن تنصب كميئًا للشهيد 
البطل الذى كان يدافع بحجارته عن أحد البيوت التى حاصرتها قوات البطش اليهودية 
لاعتقال أحد أبنائهاء وينسحب أمجد إلى الخلف لينصب كميئًا لقوات اليهود فى طريق 
عودتها كما كانوا يفعلون فى كل مرة. وكان أمجد آخرهم انسحابًاء كما كان أولهم 
مواجهة ومقاومة» ويفاجاً الشباب بالجنود من أمامهم» فأطلق أحدهم رصاصة غادرة 
لتخترق أسفل العنق وتخرج من أعلى الكتف» ويسربل الشهيد بدمائه الزكية الطاهرة: 
ويقع على الأرض التى أحبها وعشقها لتروى دماؤه الطاهرة أرض فلسطين فتنبت فيها 
العزة والكرامة والحرية» لقد ترجل الفارس عن فرسه» فأقبل إليه جنود الغدر اليهود 
ليضربوه بأعقاب بنادقهم على وجهه وجسمه» وأسروا جثمانه وأخذوه إلى مستوطنة 


>50 


قريبة اسمها «حلميش» وبعد أن فارقت روحه الطاهرة جسده الفانى »› سلموا جثمانه 
لأحد السائقين الذى خرج من القرية للعمل صباحا . 
جنارنك: 

وعندما سمع الشباب المسلم بنباً استشهاد أخيهم الذى أحبهم وأحبوه. واحترمهم 
واحترموه. وعاش معهم بقلبه وروحه تدفقت الجموع عبر الحبال والوهاد والوديان 
لتودع الشهيد البطل» وتكون شاهدة هذا العرس الإلهى ولتعاهد الشهيد أن تثأر لدمه 
الزكى الطاهر من رؤوس المجرمين وأن تسير على دربه حتى يتحقق النصر المبين» وتعلو 
راية الإسلام € هذه الديار العزيزة. ) 
كرامة الشهيد: 

لقد أكرم الله أمجد بالشهادة فى ذكرى يوم الفرقان. . . وهى أعظم كرامة» ولكن 
الناس يحبون أن يروا إكرامًا ماديا ظاهرا فى الدنيا وقد كان» فقد سالت دماؤه الطاهرة 
على النعش الذى حمل به ورسمت هذه الدماء لفظ الجلالة «الله» واضحة بينة شاهدها 
مئات من الناس بأم أعينهم . . نعم لقد رسمت الدماء كلمة «الله» لآنها خرجت من 
والرسول قدوتناء والقرآن دستورناء والجهاد سبيلناء والمونت فى شبيل الله أسمى 
افا 

رححكةاللشيا ا 0 نا امسن وأسكنك فردوس جنته مع شهداء بدر وأحد 
ليست جنة. . إنها جنان وإن أمجد أصاب منها الفردوس الأعلى إن شاء الله 
تعالى. . . إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أمجد لمحزونون» ولا 
نقول إلا ما يرضى ربنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم . 


ادر مام اد 
2 کج 2 


۲۰ 


الشهيد / فيصل سعود أبو سرحان 
104 


القدس هى الحركة الجارية مع أنفسنا والمدد السارى فينا أ 
سريان الروح من الجسدء مدينة لا تعرف الهوان والمذلة 
قوية أبية عصماءء لا يعمر فيها ظالم ولا يخلد فيه 
غاشم» ولن تكون نهاية صهيون على ثراها خيرا من نهاية 
الصليبيين فى حطين أو التتار من عين جالوت. . لأجلها -- 
ترخص الدماء والأرواح وتهون التضحيات وحفاظا على ص 
ثراها سالت دماء الصحابة والتابعين وضحى السلطان عبد ˆ 
الحميد الثانى بدولة الخلافة وتلون ثرى القسطل بدماء عبد القادر الحسينى وتعطرت 
أحراش يعبد بدماء القسام ورفاقه» وعلى الطريق قدم شعبنا ولا يزال يقدم الشهيد تلو 
الشهيد دفاعا عن القدس بحجارتها ومساجدها وحاراتها وأسوارها وبواباتها وكل ذرة 
من ثراها تمتزج بدم شهيد سقط مدافعا عنها مرددا. . «أقصانا لا هيكلهم»» ولم تكن 
مجزرة الأقصى بتاريخ ۸/ ۱۹۹١ /١‏ م التى راح ضحيتها عشرون شهيدا ومائة 
وخمسون جريحاء لم تكن أول ولا آخر مجزرة يرتكبها الصهاينة بحق شعبنا المجاهد. 
فتاريخهم ملون ومسطر بدمائنا ومزين ومزخرف ببشاعة مجازرهم وعنصريتهم 
وهمجيتهم بدءأ بدير ياسين وكفر قاسم والطنطورة وانتهاء بنحالين والأقصى ومجزرة 
الخليل وترقومياء ولطالما استنجدت القدس بالمسلمين ورددت ملء فمها: واسلاماه. . 
وامعتصماه. . ولا مجيب ولا معتصم ولا عمرو ولا صلاح الدين . وإثر مجزرة 
الممسجد الأقصى البشعة هب بطل مقدام بسكينة لينتقم للشهداء وليشعل حرب 
الميكاكين الت انارت الرغب فى ضفوف هرودو فت لور انين و ضار ىط 
عملية البقعة «عامر أبو سرحان» رمزا للجهاد والبذل والتضحية والبطولة» وتردد 
اسمه فى المساجد والمهرجانات والأناشيد والمواعظ ورددت الحناجر (عامر سرحان 
باستبسالوا علمنا ضرب السكاكين كيف يحرر وطنا ) حتى صار مضربا للمثل» نما دفع 
يهود للانتقام منه عبر عزله السنوات فى زنازين عزل الرملة والحكم عليه مدى الحياة 

ظ و ظ 





وهدم منزل عائلته الذى كان يأوى وقتها أكثر من عشرين فردا إضافة إلى طابور جديد 
بنى حديثًا إلى جانب المنزل وتحطيم ثلاث غرف نوم جديدة لإخموته ما اضطر أسرته 
لمر ت الى الاردن هس ندا ج خافن من خرشات الي و لتر وو اوه 
« فيصل سعود أبو سرحان» ليكمل آخر امتحانات التوجيهى ويلتحق بعدها بأهله فيفرغ 
اليهود حقدهم بشهيدنا فيصل انتقاما من أخيه المجاهد «عامر أبو سر حان» . 

ولد شهيدنا فيصل «أبو مروان» فى قرية العبيدية قرب بيت لحم عام ۷۳» ورضع 
حب الدين والوطن والشجاعة والفداء منذ الصغرء وكان أول طالب من رياض 
الأقصى التى افتتحت من القرية عام ۱۹۷۹ م وحفظ فيها الأناشيد وتغنى بكتاب الله 
منذ الصغر وكبر وكبرت معه أفكاره وأحلامه وتوسعت مداركه لما يعانيه شعبنا من 
تهجير وقتل وتشريد» وامتاز بمكانته المخاصة لدى والديه وعلاقاته الاجتماعية مع 
أقرانه» وتعلق قلبه بالراية المخضراء وكأغا أحس بقرب الشهادة فقال لأحد إخوانه : 
احتفظ بالوصل لأننى لا أعلم ما يحدث لى غداء وعندما زار أخاه «عامر» فى عزل 
الرملة وأخذ يحدثه عن الجهاد والشهادة وقصص الشهداءء تأثر فيصل كثيراً خصوصً 
لدى سماعه عن الشهيد القسامى «مروان الزايغ» فجعل كنيته «أبو مروان» تخليدا 
واعتزازا بهذا الشهيد واقتداء بالمصطفى عندما احضروا له طفلاً فقالوا ما اسمه ؟ قالوا 
فلان قال بل هو المنذر. تفاؤلاً باسم عم أبيه «المنذر بن عمرو» الذى استشهد فى بثر 
را ش 

وفى يوم السبت اندلعت مواجهات فى قرية العبيدية لدى اقتحام الجيش للقرية 
تركزت فى مدرسة العبيدية الثانوية وكان فارسنا المقدام «فيصل» فى المقدمة يصدح 
بالتكبير ويرجمهم بحجارتناالمقدسة» ولدى اشتداد المواجهات بدأ المتظاهرون 
بالانسحاب وبقى «أبو مروان» صامدا لا يتراجع ولا يتزحزح مع مجموعة من إخوانه 
المجاهدين» فقام قناص يهودى مجرم بتوجيه الرصاص نحو «صدر» فيصل الذى سقط 
جريحا على أرض المدرسة» فاندفع الصهاينة الكلاب نحو صيدهم الثمين وكم كانت 
فرحتهم عندما عرفوا أن أخاه هو مفجر حرب السكاكين عامر أبو سرحان» وأطلقوا 
الرصاص نحو رأسه ليجهزوا عليه كما روى بعض شهود العيان» وتلقى الأهالى نبأ 
استشهاده بتصعيد المواجهات وملاحقة قوات الجيش إلى مستشفى الحسين فى بيت 
جالاء وحمل الشهيد على الأكتاف ليزف الى الحور العين» ودفن فى قرية زعترة شرق 


۲۰۸ 


مدينة بيت لحم يشكو إلى الله ظلم الظالمين وحقد بنى صهيون أذل وأخس خلق الله . 
أما أسرة الشهيد فقد تلقوا خبر استشهاد فيصل بالفرح والاستبشار واستقبلوا المهنئين فى 
حفلته أشبه ما تكون بالعرس فى منطقة (مأدبا ) وزعت فيها المشروبات والحلوى . 

هكذا غادر جسد فيصل وبقيت روحه وذكراه العطرة تبعث فى قلوبنا الحياة وتذكرنا 
أن نهتاك قيما وضادى: أغلى من اة د اها وان ا اة مج رة رل غابزة تخ اة اة 
هناك فى جنات ونهر عند مليك مقتدر . وكم من الأموات تحيا القلوب لذكرهم . . وكم 
وا ا ا 

مضى فيصل لينضم لأخيه مروان ليطرب بسماع قصته يرويها له بنفسه بعد أن 
سمعها من أخيه عامرء ويحدثه عن إخوة يقبلون من الأسر يحبونه ويرددون ذكراه» 
ويدعون الله ألا يحرمهم أجر الشهداء ولا صحبتهم . . . وإلى اللقاء فى جنات الخلد يا 
فيصل . والسلام على روحك الطاهرة . 





ليس خوفا من اليهود ولكن الحرب كر وفر 


۲۹ 


الشهيد /حسام جهاد الزعهيم 
944۰/۳/۱۱ 
مولده ونشاته: 


فى حى الشجاعية بغزة الصمود ولد الشهيد حساد 
جهاد الزعيم عام ۱۹۷١‏ فى أسرة كريمة الأصل كريمة 
النسب. . قد أحبه كل من عرفه: أحبه شباب 
معو لان O‏ ةا 
تفارقه. . ورباطة جأشه فى مقاومة الاحتلال. . رغم 
ا (5اعنانا)» .نقد كان سشق لعية ار 





وكان زعيم الأولاد فى الشارع » وكان يصنع لنفسه بندقية إل 9 
مره الت و اديت وو دی ةر هاده مزركشة من رامين تعيدنيظن انه شيل 
عسكرى مقاتل وهو دائما الضابط فى اللعبة . . يتصدر المواجهات يشجع الصبيان» 
ويستشير همم الشباب يعلمهم فنون المقاومة وكيف تكون الرجولة؟ وكيف يكون 
الثبات؟ والكل معجب بجرآته الفائقة وحماسه المتقد» لم يزده تنكيل الاحتلال وجنوده 
إلا عزمًا ومضاءء ذات يوم طاردته سيارة عسكرية وهو يلعب لعبة الحرب ويحمل عدة 
الجندى» ولا وجدوه صغیرا اكتفى جنود الاحتلال بإرعابه بالضرب» وحملوه فى 
سيارة الجيب» وداروا به فى الحى عدة دورات» وهم يصرخون ويعربدون. أما المرة 
لقان الى علق جد الالال يحقدون على هذا الشيل فذلك خين فتكنوا فته 
المدرسية ووجدوا فيها رسمًا يمثل الإسلام كيف يطعن العلم الصهيونى وينزف دما 
اد فاحتجزوه عندهم ساعات حتى جاءت أمه وعشرات النسوة وخلصنه بالقوة» 
وعندما حاول والده منعه من قذف الحجارة صاح قائلاً : والله لو قطعتنى إربا إربا ما 
تركت قذف الحجارة على اليهود. ثم قال لوالده: إذا أغلفتم الباب قبل الثامنة ليلا 
موعد منع التجول فسأذهب وأنام فى المسجد أو عند أصحابى . . ! . وذات يوم أقسم 
على إرعاب ضباط الاحتلال قبل الجنود» فصنع جسمًا مشبوها ووضعه فى وسط 


۲1۰ 


الشارع» ووضع أسلاكا كهربائية وربطها فيه» ومد الأسلاك إلى مكان خفى وحينما 
مرت الدورية توقفت ولم تتقدم ثم جاءت السيارات العسكرية تباعا. وأغلقت المنطقة 
حتى جاء خبير المتفجرات ليفكك هذه العبوة المخيفة ! ! 
إرهاصات الشهادة: 

لقد عشق حسام الشهادة وتمناها. . فكان كلما مر على قبر الشهيد أسعد الشوا قرأ 
الفاتحة وتمنى أن يكون مكانه» وقبل حادثة الاستشهاد بدا أكثر جدية ورجولة» اهتم 
بصلاة الفجر فى المسجد وكان يتفق مع شباب المسجد للخروج معاً. . ثم جهز لعرس 
أراده» فأعد صورا فوتوغرافية له وخباً ثلاثة أعلام محلاة بشعار التوحيد فى وسادته 
ارف كنبا هن اال الج دقان !ذا الستشيدت اهي إلى الو اين اس 
وأخرج الأعلام فى المسيرة . لقد كان حسام يغتسل قبل أن ينام ثم يغتسل فى الصباح 
قبل الذهاب للمدرسة بحثا عن الشهادة . 

يقول الحاج أبو نبيل» كبير عائلة الزعيم عن هذا الفتى : كان دوما يتحدث عن 
الاد كان هون ت ا و وهو يطاني الشهادة وک 
لم ينلها إلا بعد مرور ستئين. أما أحد زملائه فيقول: فى أحد الأيام قال لى حسام 
عندما استشهدء تذهب إلى البيت المهجور ‏ وعين له المكان ‏ وتحضر العلم المكتوب 
عليه : لا إله إلا الله محمد رسول الله وتضعه على جسدى . وكان حسام قد جهز هذا 
العلم ليوم الرحيل وكان حسام يقول لوالدته : أنت وأبى وجدى وجدتى سأشفع لكم 
إن شاء الله» لأن الشهيد يشفع لسبعين من قومه. وتابع حديثه قاتلا : يا أمى أنا بعد 
يومين سأستشهد إن شاء الله فافرحى ولا تبكى على وقولوا فى فرح استشهادى : لا إله 
إلا الله . 
حادثة استشهاده: . 

فى يوم /۲/١١‏ 1440م دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للتحدى 
والمواجهة فى ذكرى استشهاد الإمام البنا رحمه الله» وفى حى الشجاعية الثائر الذى 
طالما قهر الجنود وأذلهم. . انهمر سيل من الحجارة المقدسة من الأيدى المتوضئة 
(السواعد الرامية) من خلف الجدار الإسمنتى على دورية عسكرية أصابت الجنود 


51١ 


إصابات مباشرة فقفزوا مرتعبين يطلقون الرصاص فى كل اتجاه ووضع أحدهم البندقية 
فى شق بين البراميل الإسمنتية وصوب على المقاتل المغوار حسام» فأصابه برصاصة 
قنص فى مؤخرة رأسه . . وسقط الشهيد على الأرض يرويها بدمه الطهور وبقى ينزف 
مدة ۲ دفائق» نقل بعدها إلى مستشفى الشفاء» وتم حويله إلى مستشفى تل هشومير» 
لخطورة إصابته» فقد خرج جزء من دماغه بعد إصابته وأجريت له عملية جراحية 
استمرت حوالى ست ساعات» وتبين أن الرصاصة دخلت لعمق ۷ سم فى الرأس 
جنازة الشهيد: 

لم يسمح الحاكم العسكرى لذوى الشهيد بدفنه» اشترط عليهم عدة شروط منها : 
إزالة الأعلام الفلسطينية المزينة ب : لا إله إلا الله» وإزالة المتاريس عن الشوارع» وعدم 
إلقاء الحجارة . وفى مقابل ذلك فإن الحاكم العسكرى لن يدع الجنود يدخلون الشجاعية 
لمدة ” أيام» ولم يوافق ذوو الشهيد على هذه الشروط وقالوا له نحن لا نلك أن نطبق 
هذه الشروط فحسام ليس ابن الزعيم» إنه ابن فلسطين وابن الإسلام . وادعى الحاكم 
العسكرى بعد ذلك بأنه سيقوم بمحاكمة من قام بإطلاق النار على حسام . . ورد كبير 
عائلة الزعيم باستهزاء على هذا القول فقال : أنا لا أحب أن تحاكموه ولكننى أدعو الله 
ا E‏ 
تاره . . وبعد ذلك توجه الحاكم العسكرى إلى والد الشهيد بكلمات تنم عن وقاحة 
قائلاً : نحن أسفون لاستشهاد حسام. ويرد والد الشهيد بغضب : وهل يستطيع 
تأسفك أن يعيد لى ابنى ؟ ودفن الشهيد فى الساعة الحادية عشرة وكانت صيحات الله 
أكبر تهز الشجاعية التى لم تهتز لقمع جنود الاحتلال» لكنها اهتزت طربًا على هتافات 
أبناء الإسلام وهى تشق عنان السماء» مقسمة على الثأر من زؤوس المجرمين . 
من كرامات الشهيد: 

ما إن دخل جثمان الشهيد المنطقة ليلاً حتى ذرفت السماء دموعها؛ سقط رذاذ من 
المطر مع أن السماء كانت صافية» وأحيط موكب الشهيد بالمهابة والجلال» ويا مدامع 
السحاب طوفى على الديار وأودعى بكل شبر دمعة من السماء . ولما كشف عن وجه 
الشهيد عند القبر ذهل الحاضرون لبهاء ما رأوا. . ينابيع نور ملائكى تنساب من وجهه 
وريح المسك تفوح من جوانحه ودم طيب برائحة زكية . 

11۲ 


أم محتسبة ووالد صاير: 


عندما سمعت أم الشهيد بنباً إصابة حبيبهاء صلت ركعتين ودعت الله قائلة : اللهم 
إن كان بقاؤه خيرا فابعثه» وإن كان استشهاده خيرا فاختره إلى جنبك مع الصديقين 
والشهداء. وعندما وصل إليها خبر استشهاده أخذت تذرف الدموع» ثم دخلت 
ولت ر كتين لله و اج عت الله :شفيدها + احتشد الناسن يكبروق 2 ل لهالا 
الله. . الشهيد حسام حبيب الله. . ثم طلبت من الأهل أن يهنئوا أباه بعرس ابنه . 

ولا ننسى موقف الأب المشرف الذى صبر على رحيل ابنه صبرأ يعجز الإنسان عن 
وصفه» حيث استقبل الأهل بقوله: «أحتسبه عند الله. . حسام ليس ابن آل 
الزعيم . . . إنه ابن فلسطين . . . عاش لها ومات من أجلها. . وهذا قدر الله فينا» . 

أما شقيقه فقد أخذ يبكى بكاء مراء واقترب من والدته قائلاً: أنت لك ولد. . . أما 
أنا فلم يعد لى أخ . وبالفعل فقد أمسى هذا الشقيق وحيداء ودفن الشهيد فى الساعة 
الحادية عشرة وكانت صيحات (الله أكبر) تهز الشجاعية التى لم تهتز يوما لقمع جنود 
الاحتلال. . . والسماء تذرف دموعها وتطوف بها على ديار الشهيد . 

قائلة الشهداء سير کر وا اا عسي بو هي الوه ةردم ف 
جرح يتفجرء مقبل يسقط. . روح تصعد. . أهلاً بشهيد. . زغرودة فرح من أم 
تكلى . . فى عرس شهيد دمع يجرى يهدر. . . وطوفان يقتلع الأعداء. طمن 
يكبر . . . آمل أخضر فى وطن مسلوب» تلك مسيرة شعب وحكاية شهيد . 


51 


الشهيد / عبد اللطيف مصطفى السقًا 
€ /144۰/0 

النافيك...... وهو التتمن الدى مةل صضرة فص ةن 
العادلة . . . فأسأل الله أن يجمعنى بك يا أخى الحبيب فى 
مقعد صدق عند مليك مقتدر» والحمد لله وإنا لله وإنا إليه اق 
ا ظ 

ون الشهيد فى 1477/9/7 م, العام الذى سقطت أ 
فيه ورقة التوت فظهرت الزعامات الثورية والقومية إ۴ 
والاة شتراكية على حقيقتها . . تلقى تعليمه الابتدائی والثانوى فى مدارس خان يونس › 
وفى عام ١۱۹۸م‏ التحق بكلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية بغزة. وفيها تعرف 
على الكتلة الإسلامية» وسرعان ما أصبح من شبابها العاملين . 

رغم أن منطقة خان يونس قدمت منذ بداية الانتفاضة ما يصل إلى ستين شهيدا . 
ورغم توالى قصص الشهداء على صفحات الجرائد. . . وشيوعها فى أحاديث الناس 
لدرجة أنها أصبحت جزءا من ميزات حياتهم . . . إلا أن جماهير المدينة الباسلة شبابها 
ل ل 
من العطاء متميز . . إنه أحد أبطال حركة (حماس) الشهيد الملثم عبد اللطيف مصطفى 
السقاء 





أحب عبد اللطيف من حوله فأحبوه. . تبسم فى وجه كل من قابلوه. . . فألفوه 
واحترموه. . . كان قدوة لإخوانه فى شجاعته وعبادته وأناقته وإخلاصه. . . فكان 
فقده أليما على قلوبهم أجمعين . . 

لقد تميز البطل الملثم عبد اللطيف السقا بصفات عميقة فى شخصيته كان أهمها 
الجدية والصراحة» والأدب» وطلاقة الوجه عند اللقاء خصوصا لقاء الشباب المسلم» 
ولمعت فى سيرته صفات الشجاعة والجرأة. وجمع بين الشخصية القيادية والتنفيذية فى 


512 


نفس الوقت» من عاطلة.ولو لفترة رة يعتده الياعنلق اكات السلا + + الأس الدن 
كان :واضحا فن“إقبالة:غلى اة وحرضه على الشهاذة ...قال شقيقه الا كير 
المحامى سليم السقا: إن لى ستة إخوة. . . ولكن حبى لعبد اللطيف يزيد عن حبى 
قصة استشهاده: 

كانت ( حماس ) قد أعلنت عن يوم المخميس ۳ من أيار ۱۹۹۰م إضرابا تجاريا 
ومواجهات» تضامتا مع شهداء حماس الثلاثة الذين سقطوا فى مخيم جباليا فى 
مواجهات عيد الفطر. . . وفى يوم الآربعاء الموافق ۲ من أيار ۱۹۹۰م كان ملشمون 
تابعون للحركة يجوبون كل شارع وزقاق فى طول قطاع غزة وعرضه» يخطون على 
الجدران عبارات الصمودء معاهدين الله والشعب على المضى قدما حتى زوال 
الاحتلال. . وكان الأخ عبد اللطيف أحد الملثمين الذين يقومون بهذه المهمة الجهادية 
فى أحد شوارع خان يونس» وفى تمام الساعة الرابعة والنصف من فجر ذلك اليوم . . 
عقت الور من أعقتاقها عن صرت غات من الرساضن» د عا انات شهيد 
يردد: الله أكبر . . . لا إله إلا الله. . . وكان هذا الشهيد هو البطل الملثم عبد اللطيف 

منذ أن سرت أخبار استشهاد البطل الملثم أقفرت الشوارع» ووضعت المتاريس 
وأشعلت الإطارات وخيم الحزن والتحدى على كل شىء فى المدينة ومنطقتها. . . 
ولفت نظرى إقبال عدد من إخوان الشهيد وأحبائه يعانقون بعضهم بعضا والدموع 
. تنهمر من عيونهم بلا حساب وهم يرددون : الحمد لله لقد نالها. . . أى الشهادة . 

من الأمور التى لا يعلمها إلا قليل من الناس أن الشهيد كان قبل ثلاثة أعوام قد تبرع 
بحصته من إرث والده من الأرض للمسجد المجاور ابتغاء للأجر من الله تعالى . 

فى الساعة الحادية عشرة ليلاً خرج عشرة فقط من أفراد عائلته لدفن الجثمان الطاهر 
تحت حراسة عسكرية مشددة من قوات الاحتلال التى رفضت السماح لأكثر من هذا 
العدد بالمشاركة فى الحضور إلى المقبرة . 

عدا اخ ته أن جد كان مكترفا بحو الل حفس عشر رضاصة فى عة و ضار 
وة وذراعية:. وقد غاينا الس الى كان ن تدا فا خا آنافيها وا كثيرة ف 


۲10 


منطقة العنق والصدر والبطن والذراعين . . وكان ظهرها سليما ليس فيه أى ثقب غا 
يدخضن ادعاء السلطات ال زعت أنه أصيب وهو يخاول الفزان: 

أجمع كل من حضر عملية الدفن على أن ثغر الشهيد كان منفرجا عن ابتسامة 
عريضة لفتت انتباه كل من شاهد جسده الطاهر» وكانت عيناه مفتوحتين تَامًا وجسده 
ليا ودمه ما زال رطبًا يبلل ثيابه . مسح شقيقه الأصغر إسماعيل بيده على جبين أخيه 
الشهيد فوجده يتصبب عرقا بعد ١94‏ ساعة من استشهاده . 
قالت أمه والدموع تملا عينيها : كنف اخ اسه وراشا ادغو الله 
أن يصبر قلبى . . . يجدر بالذكر أن أم الشهيد لم تصرخ ولم تولول. . بل كانت ثابتة 
محتسبة طول الوقت . ولعله فاتنا أن والد الشهيد قد توفاه الله منذ عدة سنوات رحمه 
الله . 

من العبارات التى كتبها الشهيد على الجدران قبل دقائق من استشهاده : (الانتفاضة 
مستمرة رغم كشرة التضصحيات)» (حماس تصنع وقود الانتفاضة من دماء 
اتا :اما ار عبارة كتبها الشهيد على الجدران فكانت ( قدما إلى الإمام يا 
قافلة الشهداء) . لقد خرج ينعى الشهداء فإذا به شهيد يوم 5/ 0/ ۱۹۹۰م وقد أعلنت 
(حماس) فى مدينة خان يونس عن إطلاق اسم الشهيد عبد اللطيف السقا (أبو حذيفة) 
على الشارع الممتد من أول شارع البحر وحتى مسجد (السنة) شرقًا له وهو الشارع 
الذى ارتفع فيه الشهيد إلى العلا مضرجا بدمه يشكو ظلم الظالمين . 

لقد نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) شهيدها البطل» ووضعت اسمه فى 
E N a aS |‏ 
وإلى جانب الصورة كتبت العبارات التالية : 

الى دقان اح ا الو اتر تن 


EEE 


تسلف 


الشهيد /محمد شاك رأبو هشيم ا ملصرى 
000 ا 


مخيم الشهداء . . عرف قبل الانتفاضة بكثرة الشباب 
المتحوف الفاسق: ..واففين الديسكو المكرنل ونارت 
الخمر. . . عرف بكثرة نسائه اللواتى يعملن فى المصانع 
والمزارع اليهودية. . . ولكن بفضل الله تحول هؤلاء إلى ١‏ 
شىء آخر بعد ثورة المساجد. . . تحولوا إلى شىء بعد أن 
كانوا لاشىء. . . أصبح يتسابق فتيانهم ورجالهم | 
ونساؤهم للاستشهاد فى سبيل الله. . حداؤهم الخالك ا 0259 
الك أكبو و اة امك .الله غات ا والرسول قاكدناء . 
والقران ورتا و اهاد سا رالوت ف سمي الله اسيم امانينا ...0 

حين يتاح للزائر أن يدخل هذا المخيم وقليل من يستطيع ذلك لكثرة المواجهات أو 
مدد فرض نظام منع التجول ‏ ويتجول فيه . . . يرى تلك البيوت المتراصة بفوضى غريبة 
تشكو إلى الله ظلم الظالمين. . . وأول ما يلفت النظر كثافة الشعارات على الجدران 
اف ا ات المقاوينة الأسلانية انبا اغد دك مارك فور قنذة الاير 
الذى أحدثته الانتفاضة المباركة فى أبناء شعبنا. . حولتهم إلى أمة مجاهدة. . ثائرة. . 
تطلب الحرية والكرامة بعد أن تاهت ردحا طويلاً من الزمن. . وعندما تنظر إلى الوجوه 
تجدها تحمل الحجارة وكتل الحديد والزجاجات الفارغة والحارقة. . . تحفز دائم. . . 
فا جات لا يكبي المرء لها خساا: 








مولده ونشأتك: 

فى هذا المخيم المجاهد ولد الشهيد محمد شاكر أبو هشیم فى عام 154١م‏ والذى 
لقب «بالفهد الحمساوى الأسمر»ء ومحمد من أوائل الشباب المسلم الذين دخلوا 
سجون الاحتلال» وفور دخوله فرز «اتجاه إسلامى» ورغم ما يلاقيه هؤلاء الناس من 
فق و غت تى من أناء جلدقهم ,ررس + وق لك ضير مخمته رحمه الله حت من 
الله تبارك وتعالى عليه بالفرج . 


دوره فى الانتماضك: 

كان الشهيد صاحب دور مميز فى المخيم والمدينة. . يصعد ويواجه المحتلين ويوجه 
شباب حركة المقاومة الإسلامية الحماس») ويقودهم وخاصة فى المواجهات الليلية» ‏ 
وكان ‏ رحمه الله متخصصا فى الاستطلاع وكشف أماكن الكمائن التى ينصبها جنود 
الاحتلال» وهى مهمة صعبة وشاقة تحتاج إلى سرعة وجرأة وإقدام وحذر شديد. . 
ومن مهماته الأكثر صعوية آنه رحمه الله كان يوصل معظم الشباب الذين يطاردهم 
جنود جيش الاحتلال إلى بيوتهم» فكان يطرق الأبواب بنفسه حتى يطمئن إلى دخول 
الشباب بيوتهم . . . حدث أحد إخوانه قال : «لقد كان محمد ضمن مئة شاب يقومون 
مهات لل وكان جند الاحتلال يملؤن المخيم» فأخذ الشهيد يرافقهم إلى بيوتهم 
واحدا تلو الآخر. . حتى آخرهم ثم عاد إلى منزله وحيدا دون أن يكون معه أحد». لقد 
كان لوجود محمد بين الشباب أثر نفسى كبير وينعكس ذلك على قوة التصعيد. . وفى 
إحدى المرات أصيب إصابة خطيرة فى حنجرته أسفل الذقن برصاصة معدنية لكن الله 
تبارك وتعالى سلم . 

كان الشهيد من الأوائل الذين تصدوا للسلاح الجديد الذى أدخله المحتلون للمعركة 
مع الشعب الأعزل لرفع معنويات جنودهم المنهارة. وهو راجمة الحجارة» فقد استطاع 
محمد كسر حاجز الخوف بإطلاق زخات من الرصاص فى كل الاتجاهات . . . وقد نجا 
يومها من الموت بأعجوبة . . . وفى إحدى المرات تسلق فوق إحدى جرافات الجيش 
المحتل . . . لقد كان الشهيد شجاعا شجاعة لا تصدق. . . لقد كان بالفعل أسد) لا 
يهاب الموت» ولا تقف جرأته عند حد. . . وكان من ضمن أعماله التى تدل على 
الجرأة العظيمة : أنه اختباً مرة خلف حاجز من الحواجز فى وسط الشارع فى حين كان 
اا دوف ر إلى الاس روو بوط م و ن کرم ا اعجار ةا دقفا كان 
من الفهد الأسمر إلا أنه قفز من خلف الحاجز صارخاً «الله أكبر » ووجه ضربة قوية جد 
بحجر كبير ومن مسافة قريبة إلى وجهه مباشرة. . فما كان من راجمة الحجارة إلا 
الفرار» وركض الجندى خلفها مذعوراء فسر الناس بذلك سرورً عظيمًا . 

لقد اعتمد الشهيد أسلوب الضربة الخاطفة والقوية. . . فكان ينصب الكمائن 
فيباغعت ويضرب ثم ينسحب وهكذا . 


514 


حادثة الاستشهاد : 


تقد آن لهذا الفارس أن يتر جل . . . آن لهذه النفس الوثابة أن تقبل على ربهاء وأن 
تستقبل من الملائكة الأطهار فى مقعد صدق عند مليك مقتدر . 

لقد تمركز بشكل دائم جنود من وحدة جولانى قرب المخيم» وقد تبين من الأمر أن 
الهدف كان القضاء على (حماس) بالذات» وتأديب المخيم الصامد كما كانوا يقؤلون 
لعامة الناس. . . لذا قررت (حماس) التحدى والمواجهة» وتأديب هؤلاء الجنود 
المنغطرسين المغرورين كما قامت بتأديب ما سبقها من وحدات . . . وفى ليلة ليلاء 
صعدت «حماس» المعركة مع هؤلاء المغرورين وكان تصعيدا مميزا حيث أقيمت 
الحواجزء وأشعلت الإطارات ونصبت الكمائن» وقد أصيب من جراء ذلك الكثير من 
الجنود الغزاة إصابات بالغة ولم يجرؤوا على دخول المخيم . 0 وتتوالى صيحات 
التكبير ويشتد أوار المعركة ولم يستطع هؤلاء الأغراب فرض منع التجول على المخيم 
فى حين كانت تذيع مكبرات الصوت بأيدى أسود الإسلام البيانات الداعية إلى فرض 
نظام منع التجول على جنود وحدة (جولانى) ورفعه عن المخيم باللغتين العربية 
والعبرية. 

وفى اليوم الموعود ‏ حيث لا يستأخر الموعد ساعة ولا يتقدم - يوم 4/ /٥‏ ١۱۹۹م‏ - 
٠‏ من شوال هدعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس» إلى تصعيد ثميز. . 
فاشتعل المخيم وأصبح شعلة واحدة. المواجهات من زقاق إلى زقاق ومن شارع إلى 
وفرقعات القنابل الصوتية والغازية . . . ولأربع جولات متتالية يفر الجنود من شوارع 
المخيم أمام أسود الإسلام » الذين أمطروهم بوابل من الحجارة وقطع الحديد» وهتاف : 
«الله أكبر والنصر للإسلام) . إل نيحا سرض و الا كير أن الوه اعتقار ا اعد 
الشاب وكان على رأسها القائد البطل محمد أبو هشيم» وات التضيوعة او افيد 
الأسمر بتطويق الجنود وقذفهم بالحجارة. . . كان الجنود لا يبعدون عن محمد إلا 
أمتارا قليلة . . . وهنا يقوم الجنود بمحاولة غادرة للالتفاف حول الفهد الملثم المخيف . . 
تكن ضهان e‏ .تنه لمعنه الرضداضات مولا 


۲۱۹ 


تثنيه العيارات المعدنية والمطاطية ولا القنابل الصوتية . . وحين باءت محاولتهم بالفشل 
أطلقوا عليه النار من كل اتجاه . . . وينسحب أبو هشيم مسرعا وقد أصيب فى صدره 
بأربع رصاصات . . . إحداها استقرت فى القلب» والأخرى رصاصة (دم دم) تفجرت 
أسفل البطن . . . ويتحامل الشهيد على جراحه» ودماؤه تنزف من جميع أنحاء 
: . و لكن بعد عدة أمتار لم يستطع الفارس أن يكمل المسير فوقع على الأرض 
لتروى دماؤه العطرة تراب فلسطين الطهور. . . 

قام اثنان من الجنود وعيونهم تقطر حقدا أسود بالإمساك بقدميه وبادروا ‏ لعنهم الله 
بجره فى الشارع وسحباه أكثر من عشرة أمتار ورأسه وجسده يصطدمان بتراب وحجارة 
الطريق التى أحبهاء وجبلت دماؤه بذراتها. وبعد ذلك أخذوا يقفون على جثمانه 
الواحد تلو الآخر يضربونه بالبنادق والبساطير فى مكان الإصابة وجراحه تنزف. . 
بینما هو يرفع سبابته وينطق لسانه بالشهادتين . . . لقد كان يتمنى ويطلب من الله أن 
يصيبه الرصاص فى الصدر وليس فى الظهر . 0 وألا تقع جثته فى أيدى الأعداء . . 
وقد صدق الله فصدقه الله» فقد حضرت سيارة الإسعاف التابعة للوكالة» ولا يعلم 
أحد كيف ومن أين جاءت؟ ! وكأنها هبطت من السماء لأن أحدا لم يستدعها على 
الوطلاق» ونزل سائقها وحمل جثمان الشهيد وأخذه بالقوة من بين أيدى الجنود 
البناءة:واتطلق مسرعا إلى المستشفى : وصرخ أحد الشباب بمجرد أن رأى سيارة 
الإسعاف وأبو هشيم بداخلها «استشهد محمد) علما بأنه لم يكن يعلم باستشهاده بعد« 
وإنما قال ذلك لزيادة الحماس وشدة الاصطدام. . . وهنا انفجرت الأرض واشتعل 
المخيم . وكأن المخيم ببيوته وشوارعه وأزقته. و اله وا .انهو أطفالة 
لحرن لحتو . . ويجن جنون جنود جيش الاحتلال» وتأتى الأوامر بفرض نظام 
منع التجول لكن الناس لم يذعنوا للأمر واستمرت المواجهات. . . وصل الشهيد إلى 
مستشفى طولكرم . . . وتحقق الطبيب من استشهاده» وشاع الخبر. . . 
جنازة الشهيد: 

قام أسود حماس وسواعدها الرامية باختطاف الجثمان. . . وقد بذل الشباب جهن 
کبیرا لإ خفاء جثمان الشهيد حيث فرض نظام منع التجول فى الطرق المؤدية إلى المخيم 


48 


عبر جميع القرى فى المنطقة . 0 لكن الله كتب له النجاة. , ودفن فى ساعة متاخرة من 
الليل. . . لقد رددت الأجواء مع ذلك الموكب الجنائزى المهيب : 

وقد لاقى الشهادة يا رفاقى رجال لا يه ابون المنونا 

فمهلاياطغاةالحكم مهلا فطعم السوط أحلى مالقينا 

فى اليوم الأول لدخول فرقة «جولانى» المخيم صرح أحدهم قائلاً : 
أيام . . . نحن الجيش الذى لا يقهر. لقد قهرنا جميع الدول العربية» . . . وفى أقل من 
أسبوعين يضطر هذا الجيش الذى لا يقهر! إلى فرض نظام منع التجول مرتين. . . ثم 
يفرضه مرة أخرى عند استشهاد أبى هشيم ولكن دون فائدة» فالمخيم اشتعل نار تحت 
واشتباكات عنيفة جدا» حرب شوارع حقيقية. . . من شارع إلى شارع » ومن زقاق إلى 
زقاق ومن حارة إلى أخرى . . . والسواعد الرامية تطارد الجيش المسلح فى كل مكان. 
والحجارة وكتل الحديد والزجاجات والقضبان تتقاذفهم من كل جهة وصوب حتى إن 
الجنود كانوا يتصايحون ويبكون من جراء الإصابات الكثيرة التى أصابتهم . e‏ 
تصايح الجنود مع الضباط الذين كانوا يرفضون الأمر باقتحام المخيم ومواجهة السواعد 
الرامية . . لقد روى شهود عيان أن هناك عدة زجاجات حارقة ألقيت باتجاه الجنود» وإن 
إحداها انفجرت تحت أقدامهم وشوهدت النيران تحاصرهم . . . فيما شوهدت سيارة 
إسعاف تابعة لهم تنقل المصابين من الجنود . ود كن التلفزيون المهودى فى نسر ده 
الإخبارية باللغة العبرية أن عدة جنود قد أصيبوا وأن حالة اثنين من الضباط تدعو إلى 
القلق . 

بالرغم من فرض نظام منع اتتجول على المخيم إلا أن الوفود من الشباب كانت 
تتوجه نحو بيت الشهيد مخترقة بذلك المنع . . . وقد تلقاهم والد الشهيد بالأحضان 
معدم :وكات ول أهلاً وسهلا يا إخوان محمد. . . كلكم أولادى. . إنى أرى فيكم 
بوضع العديد من أكاليل الزهور أمام منزل الشهيد كما توجهوا إلى المقبرة» ووضعوا 


۲۲۱ 


أكاليل الزهور على قير الشهينل: وقرأوا الفاتحة على أرواح الشهداء . قينا لليف 
حركة المقاومة الإسلامية «حماس» مسيرة حاشدة انطلقت من مقبرة الشهداء ثم سارت 
فى استعراض عسكرى رفع خلاله الملشمون الأعلام والرايات المزينة بشهادة التوحيد 
والقيت:غدة كلمات عمجل الشهيد وتذكر بطولاتة ومتافة: 

وفى بيانها العام رقم )٥۷(‏ ولأول مرة نعت حركة المقاومة الإسلامية «(حماس» 





أططال فلسطين يصنعون التا ريخ.. فهل يحا فظ فادتهم على الجغرافيا ؟! 


۲۲۲ 


الشهيبد /راياد إسماعيل صعر 
144۰/0/1 


ا لار ات فى :وقعياء: كها آنه كان محا اطي اد 
وواضعة وكان ف افيف الثالث الثانوى القسم العلمى» 
وكان يرنو إلى المستقبل بعين الأمل من أجل خدمة شع ا 
المنكوب» وليضع الطاقات العقلية التى منحه الله إياها فى | 
خدمة دينه الذى أحبه وأقسم أن يجود بدمه فى سبيل 

نصرته. . . لذا كان يتطلع إلى تعلم مهنة الطب التى كان يرى فيها وسيلة لتخفيف 
المعاناة عن أبناء شعبه المثخن بالجراج » ويكون مثال الطبيب المخلص» كان رحمه الله 
yS‏ 
الانتفاضة رأى فى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفتية الطريق السليم للوصول 
إلى الهدف» ورأى فى رجالها الأمانة والصدق والبطولة والفداء. وكل الأخلاق 
النبيلة» كما كان يرى فى شيخها وقائدها أحمد ياسين مثالا للعطاء اللامحدودء والحب 
الذى لا ينضب لهذا الشعب» والأمانة العظيمة للقضية. والإرادة الصلبة رغم 





موصن 

لذا انضم إلى السواعد الرامية (حماس) وأصبح عضوا فى لجان الطلبة التابعة 
لام 
استشهادد: 


فى صبيحة يوم الأحد ( يوم الملحمة ) /7١‏ 5/ ١۱۹۹ء‏ سمع شهيدنا فى المذياع خبر 
المجزرة الحبانة التى نفذها أحد جنود الاحتلال المسرحين فى عيون قارة. وال هده 
المجزرة نفس الشهيد» كما أصابه الحزن الشديد من الطريقة التى نفذت بها المجزرة وهذا 


۳ 


اليوم لا ينسى من الذاكرة وهو يوم مشهود فى الوقفة الشجاعة للشعب الفلسطينى 
الاش فقد أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ ساعات الصباح الباكر عن 
تصعيد مع قوات الاحتلال وحثت الشباب والجماهير المسلمة على حرق الأرض تحت 
أقدامهم. فقام أبطالها بإغلاق الشوارع بالحواجز الحجرية وأشعلوا الإطارات وهب 
الشباب هبة واحدة» وصرخوا بصوت واحد (الله أكبر) . 

ويتعالى الهتاف والتكبير ولا يدخل الرعب والخوف إلى قلوب الشبان وأنّى للرعب 
وا لخوف أن يدخل إلى قلوبهم والشباب المسلم لهذا أعد نفسه ؟!. ووقف جنود 
الاحتلال عاجزين عن صد هذه الجموع الحاشدة المؤمنة من الشباب المسلم الذى وهب 
حب د ا ب اي ري ري راي 
تراجعت أمامها آليات الجنود وأسلحتهم الحديثة . 

كان إياد يشتعل حماسا وتوقدا وكان يسرع فى التقدم للقاء المحتلين وجهًا لوجه 
وكان إخوانه يحاولون منعه من التقدم» إلا أنه كان على موعد مع هذه الشهادة» 
وبالقرب من مسجد الهدى وأثناء المواجهات وفى لحظة لا تتكرر فى العمر إلا مرة 
واحدة تنطلق رصاصة غادرة إلى شريانه الكلوى ويتدفق الدم الطاهر ليروى تراب هذا 
الوطن وليساهم بدوره - كما ساهم الصحابة الأبرار- فى إنبات شجرة الإسلام 
الباسقة فى هذه الديار المقدسة » وتنتهى أنفاس الشهيد ويسدل الستار على آخر لحظة فى 
حياة هذا الشاب المجاهد وتصعد روحه إلى بارئها رافعة الشكوى إلى الله من ظلم 
الأعداء ونكوص الأصدقاء . 
كرامات الشهيد: 

نطق شهيدنا الشهادتين قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة» كما كان وجهه يشع نورا 
وكانت رائحة الدم تفوح منها رائحة المسك . 


عاد عاد ماد 
وحن جوت 


۲٤ 


الشهي د /محمد سمي ر محمد حسن الحاحولى 
1164 
مولده ونشاته: 
ولد الشهيد محمد الحلحولى فى ۲۹/ ۳/ ٤۱۹۷م‏ فى 
قرية (قبية) لأسرة فقيرة الحال» فوالده عامل بسيط يكست 
رزقه من العمل فى بيارات البرتقال» وذلك لإعالة العائلة 
المكونة من خمسة ذكور وأربع إناث» فكان محمد یری 
والده وقد عاد مجهدامن العمل فيقرر-رحمه الله۔ | 
مساعدته فى قطف البرتقال حتى يخفف العبء قليلاً عن | 
الوالد المنهك . ١‏ 
والشهيد محمد شاب عصامى قمحى اللون تنظر فى عينيه العسليتين فترى فيهما 
حزنًا دفينا إنه يحمل هموم أمة» فهو يرى أمته وشعبه يعيش تحت الذل والقهر . . فماذا 
تفعل يا محمد بجسمك النحيل؟ ! هل تستطيع أن تقدم شيئًا تخفف المعاناة» وتقرب 
ساعة النصر المبين؟ !! . 


أخلاقه وعباد نك: 





كان الشهيد من شباب مسجد قبيا لا يجد سلواه ولا طمأنينة قلبه إلا فى المسجد بين 
إخوانه من الفتيان المؤمنين» فكان قلبه معلقا بالمسجد» فيكثر المكوث والاعتكاف فيه 
وخاصة فى العشر الأؤاخر من رمضان. وكان على رأس الإخوة فى نشاطهم 
وعباداتهم. وكنت تراه حزيئا شاردا عندما يفوته أحد الأعمال العبادية المحببة إلى روحه 
ونفسه. أما أخلاقه . . فحدث ولا حرج . . شاب كريم النفس خلوق ومؤدب وخاصة 
فى تعامله مع إخوانه. . . لقد كان محمد مرحا باسمًا ترى فى وجهه براءة الأطفال» 
وفرحة العصافير المغردة فوق الأغصان. لين الجانب متواضعاً يقوم بواجبه على أحسن 
حال» متعاوتا مع الآخرين سواء من كان يعرفه أو لا يعرفه. + كان تچب الاس 
وخدمتهم والمساعدة فى الأمور كلها . . . 

۲۲۵ 


وعندما تسأل الأهل عن محمد تنساب حبات دموع حزينة لترسم على الوجوه 
صورة حقيقية للحب الذى كان يتمتع به بين أفراد أسرته. فكان عمود الأسرة يقوم 
بمعظم أعمال البيت الخارجية . . وكان مرحًا مع أشقائه وشقيقاته» دائم التذكير لهم 
بالله والصلاة والصيام . . ومن حبه لأمه فقد كان يجمع المال من أجل أن تذهب للحج 

أما إخوانه فيتذكرون محمد : ذلك الفتى الحى المحب لخدمة إخوانه» فيقوم بكل 
الأعمال ‏ وخاصة فى الإفطارات والاعتكافات ‏ فيحضر الطعام» و رمف المسجد» إدا 
ظلم سامح وعفا وأتبعها بابتسامة صادقة . 
الإعدادى ثم خرج لمساعدة والده» لقد حفظ آيات من كتاب الله وأحاديث لرسول الله 
ية وذلك بالتزامه بالمسجد ودروسه وحلقاته . فقلما كانت تفوته موعظة أو يتأخر عن 


درس أو حلقة ت 
دوره فى الانتماضك: 


لقد كان الشهيد من الأوائل الذين يتصدون لجنود الاحتلال عندما كانت تقتحم 
القرية» فتميز بشجاعة منقطعة النظير» وإذا فاته لقاء أو مواجهة مع العدو الغاصب ظهر 
ذلك فى وجهه فترى أمارات الحزن والأسى إذ لم يشهد المعركة بين جند الحق وبين 
جنود الباطل والطاغوت» ولسان حاله يقول : «والله لئن لقيتهم بعد اليوم ليرين الله ما 
اصنع» . | ظ ظ ظ 
لم ينس محمد فضل الشهيد ومكارم الشهادة» لذا كان دائم الذكر لها مستعدا للقاء 
الأحية محمد وصحبه. يقول أحد إخوانه : « إنه قال له قبل استشهاده بفترة بسيطة : إذا 
أنا استشهدت فلتكن مسيرة الجنازة مسيرة إسلامية خالصة». وتقول والدته : «لقد قال 
لى هذه صور لى إن أنا استشهدت تعطيها للصحافة» . . . لقد كان يسر سرورا بالغا عند 
ذكر قصص الشهداء وخاصة عندما يتحدث أحدهم عن كرامة من كرامات الشهداء. 
وبعد حادثة «عيون قارة» ودع والده قبل استشهاده. وأوصى أن يدفن بجوار خاله 
الكريين احود يعقوت الناى اسعشهد فى 155115 


ف 


حادته الاستشهاد .: 


كانت الأرض تهتز تحت أقدام المحتلين» فدفعوابقوات هولاكية كبيرة إلى المدن 
والقوص الات ت للسيطرة على الوضع المتفجر الذى حدث بعد مجزرة «عيون 
فارة»» وانتشير نتشرت السواعد الرامية على مفارق الطرق وشوارع المستوطنات لاصطياد 
المجرمين» فتقدمتهم بالحجارة وهى تردد ذلك الهتاف المزلزل «الله أكبر. . 
أكبر». . نزل محمد ومجموعة من إخوانه فى ۲۳/ 0/ ۱۹۹۰م إلى (بدرس ) بمحاذاة 
معسكر الجيش المحتل» حيث هاجم الشبان الغاضبون بحجارتهم معسكر التدريب» 
فجن جنونهم » وهم يرون هؤلاء الفتية يهاجمون معسكراً كاملا مليئًا بالآليات 
العسكرية والبنادق والقنابل والرصاص بأنواعه. . ألا يخافون ؟! كيف يجرؤون؟! 
فنحن لا بجر على مهاجمتهم ونحن نحمل هذا العتاد فكيف يهاجمون هم معسكرا 
بالحجارة ؟! تتردد هذه الأسئلة فى نفوس الجنود المنهارين . . لكنهم لايعرفون 
الحراب. . إنه إيمان قوى يعمر القلوب» وإرادة صلبة قوية ت تبغى الحرية والعزة ولا تقبل 
الضيم أو الهوان. 

أطلق الجنود من خلف جدرهم النيران بكثافة على الشباب . . . رصاصا حي من نوع 
وقلع اومن ا خرق را وا ب جار واف فى م لات 
وخرجت من المؤخرة مخترقة بذلك الدماغ كله. . . ويحمل محمد على الأكتاف 
وينقل إلى مستشفى رام الله» وتجرى له عملية جراحية استغرقت أكثر من تسع ساعات 
لكن محمدا كان قد كتب مع الشهداءء فارتفعت روحه إلى السموات العلا عند رب 
عظيم يمهل ولا يهمل : ولا تحسبن الله غافلا عمًا يعمل الظَالُون 4 [ إبراهيم :١٤]ء‏ 
ففى الخامسة والربع من صبيحة يوم الخميس /۲٤‏ 5/ ۱۹۹۰م كانت روح محمد فى 
لل رصي بي ا كب اب اي 
أولئك رفيقا . 
جنازة الشهيد: 

اختطفت السواعد الرامية الجثمان من المستشفى » وسارت عبر الجبال إلى قريته قبيا 
وما إن سمعت القرى المجاورة بالنباً حتى امتلأت الطرق بالشباب المؤمن. . . جاءوا من 
الأودية» من رؤوس الجبال» من الطرق الوعرة الصعبة؛ جاءوا يودعون أخاهم 


يفف 


الحلحولى ليصطف الشباب أمام جثمان محمد وهم يرددون القسم. . . العهد. . 
بالوفاء لدماته والثأر من قتلته إن شاء الله . 

انطلقت مسيرة حاشدة تقدر بأربعة آلاف شخص تحمل الشهيد على الأعناق فما 
شهدت القرية عرسًا كعرس محمد ولااتحادًا كيوم زفاف محمد. . . الرايات تملا 
الأفق» والأعلام المزينة ب لا إله إلا الله تتقدم الجموع. وقد أف الجثمان الطاهر بالعلم 
المحلى بشهادة التوحيد . 

لقد كانت الدموع ئلا المأقى وشباب حر که المهاومة الإسلامية حماس“ يهتمولن «الله 
أكبر . . . ولله الحمد» لقد هتفت الجموع بسقوط غصن الزيتون وأنه لابد من حمل 
البندقية. . . «اشهد يا شجر الزيتون على جرائم صهيون» « مسلم من أرض القطاع . . 
هو اشترى وغيره باع» ولم يردد فى المسيرة الحاشدة إلا الشعارات الإسلامية وذلك 
قاد لوضية الك 

أما بيت العزاء فقد أمه أناس كثيرون» وكان الشباب المسلم يستقبلون الناس فى بيت 
والد الشهيد أربعًا وعشرين ساعة وذلك طوال أسبوع أو أكثر . 

لقد أقيم عدن تايض OT‏ تن | مسجد تحدث فيه الكثير من الإخوة الذين أشادوا 
بال لشهيد والشهادة : 
ردود فعل حول الاستتهاد : 

كان والده صابرا محتسبًا فلم يجزع» ولم يقل إلا ما يرضى الله - عز وجل - بل 
قال : « هذا ما تمناه ابنى والحمد لله على ذلك . . هذه رغبتك يا ابنى محمدء الله يرضى 
عليك) . ظ ١‏ 

أما والدته فكانت مثالا يحتذى» حيث لا جزع ولا عويل» بل كانت تذكر خالات 
الشهيد بالصبر وعدم الجزع» وقالت لوالده: «لا تحزن يا أبا محمد فها أنا فى بطنى 
محمد» وكانت قد رأت فى المنام ليلة إصابته مسيرة ضخمة . . . لقد كان بيت الشهيد 
كله صاب را محتسبًا صغيرا وكبيرً. إنها وصية محمد الذى كان يتحدث عن الشهادة أمام 
أمه وخالاتهء وطلب من أمه أن تزغرد عند استشهاده فقالت له : ألا تكفى فجيعتنا 


۲۲۸ 


+ 


بخالك أم تريد أن تفقد صوابنا. فقال : «أنا برىء من كل واحدة تغضب الله» فتشق 
ثوبها أو تلطم خدها. 5 ٠‏ وكانت أمه عند حسن الظن . 

أما ردود فعل إخوانه من شباب السواعد الرامية فى قرى بدرس وقبياء فقد هاجموا 
المعسكر وكانت مواجهة عنيفة أصيب على إثرها عدد من أبناء القريتين . 


لقد نعت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» شهيدها على الجدران» وأقسمت على 
ظهر المقبرة أن ترفع الراية من بعده وأن تكون حافظة أمينة لدماء الشهداء أبد الدهر . 


ففى جوار الله اجتمع الشهيد مع خاله وسائر الشهداء بعد فراق طويل . وغدًا فى 
جنة الله سيجتمعون مع رسول الله. ا فطاب المقام وطاب الصاحب . 





الشهيد /رامى فريد قمحياءه 
۱44۰/7/0 
14V /0 /V‏ م« وليست قصة أى طفل تبدأ يوم ولادته 
إلا إذا كان هذا الطفل يرضع لبان الإسلام. . 


فلقد ولد رامى وتربى فى بيت إسلامى. . حيث كاد 
الت ةيانعل اذاه الها ات ورت | 
شهيدنا الصلاة والصيام منذ كان عمره سبع سنين . . 
وكان منذ صغره من رواد المسجد الدائمين وهو مسجد الحاج معزوز المصرى ‏ حيث 
كان تدر روسن القران والتتجويد: . وقد عرف معنى الإسلام وأهميته فى حياة 
الناس . فكان مثال الشبل المسلم الحقيقى بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى» فكان لا 
ينقطع عن الصلاة» ويحافظ عليها جماعة؛ وينتقل بين أصحابه وإخوانه وأحبابه 
مبتسما دوما» بشوش الوجة . . ينتقل كما تننقل الفراشة من زهرة إلى أخرىء أما عن 
دراسته فكان مجتهدا فى دراسته ذكيا فطنّاء وكانت عقليته الواعية أكبر من سنه» الذى 





لم يتجاوز الثلاثة عشر ربيعًا وكان يدرس فى مدرسة العامرية الإعدادية ( فى الصف 
الأول الاعدادى) . 
اللانتماضة وحماس: 

وانطلقت الانتفاضة فالتحق رامى بركب الدعوة الإسلامية المتمثل بحركة المقاومة 
الانياانية (خماي: 
قصة استشهاده: 

فى يوم الغلاثاء 0/ 5/ ۱۹۹۰ وفى ذكرى حرب حزيران (يونيو) الثالثة والعشرين - 
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن هذا اليوم يوم تصعيد مميز وذلك فى بيانها 
رقم (01) واندلعت مواجهات عنيفة فى مختلف المناطق - وخصوصًا عسكر القديم أو 

۲۰ 


الجديد ومخيم بلاطة ‏ وبعد صلاة العصر نزلت مجموعة من شباب حركة المقاومة 
الإسلامية (حماس) إلى شارع صلاح الدين الأيوبى الذى ما من يوم من أيام الانتفاضة 
إلا وكان للاحتلال ومستوطنيه نصيب كير من الهجمات والتصعيد» وما مر يوم إلا 
وتسمع فيه أصوات الرصاص والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع . .. ولم يستطع 
الاحتلال القضاء على نشاط شباب المنطقة بالقيام باعتقال الشباب وتكسير أبواب 
البيوت» وهدم الأسوار واقتطاع الأشجارء بل لم يستطع الحد من نشاط الشباب فى 
تلك المنطقة. . فصمم جنود الاحتلال على الثأر والانتقام . 

يقول والد الشهيد: إنه صلى العصر جماعة مع رامى فى ذلك اليوم ورجعا إلى 
البيت» ثم توجه رامى إلى أحد زملاته (جرح فى الحادث نفسه) وبعد لحظات سمعنا 
صوت إطلاق الرصاص» وأخبرنا , اا ی ا ای يم 
المستشفى حيث علمنا بعد ذلك باستشهاده . 

وسألت والد الشهيد عن شعوره بصفته والدّا لولد أصبح فى قافلة الشهداء فقال: 
(أحمد الله سبحانه وتعالى على الشهادة والوسام الذى منحه الله لابنى. . . وأنا أشعر 
بالفخر والاعتزاز) . ظ 

نزلت مجموعة من سواعد (حماس) إلى الشارع » وكانوا يحملون مكبرات الصوت 
وذلك لإلقاء البيان. . وبدأ الشباب بالكلام. . وكانوا يحملون رايات خضراء كتبت 
عليها كلمات التوحيد. . وما إن شارف الشباب على الانتهاء وإذا بإحدى الدوريات 
اياعر و الخياب للهجوم والاتجدحات نينا نفس الوقت . . ولكن 
كانوا قد أعدوا خطة لمثل هذا الحدث . . فقامت بمحاصرتهم والالتفاف عليهم . 
وأخذوا يطلقون النار عليهم بغزارة. . فأصيب رامى ١5(‏ عامًا) برصاصتين من النوع 
الي الا ولی فى اضر ت و اانا ف رچ واي شان ا(۵ غاا ) روگات 
حالته خطرة فأخذ جنود الاحتلال (رامى ) وضربوه بشدة إلى أن نزفت دماؤه الطاهرة 
!! ثم قاموا بعدها بتسليمه لإحدى سيارات الإسعاف التى نقلته إلى مستشفى الاتحاد 
ولكن روحه الطاهرة كانت قد غادرت جسده الندى. . . ويقول طبيب فى المستشفى إنه 
سمع رامى یردد (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فكان النطق بالشهادتين آخر كلامه . 


ضرف 


وعن إصابته يقول والده: إن إحدى الرصاصات اخترقت كبد الشهيد. وعن رد 
لعلف ور فل العائلة رل :والن الشدهيف (لم اقل صوق لاتسول ولاقو O‏ 
وكان رد فعل العائلة يعكس درجة الإيمان بالله سبحانه وتعالى» فوقفت والدة الشهيد 
موقفًا شجاعًا وصبرت وتحملت فراق فلذة كبدهاء ويقول خال الشهيد: الحمد لله هذه 
العائلة مسلمة ومتمسكة بالإسلام» فبعد أن ذكرناهم ما للشهيد من أجر صبرواء 
ا لل ا ا 
هذه الحقيقة . 

ويذكر أن الطبيب الجراح الذى خرج من غرفة العمليات بعد استشهاد رامى بادر 
والده قاتلاً: الحمد لله لقد رزق الشهادة! وما إن وصل إلى مستشفى الاتحاد حتى 
حاصرت قوات الاحتلال مدخل المستشفى» لكن السواعد الرامية حماس استطاعت 
اختطاف الجثمان» ونقلوه من طريق وعرة فرعية إلى مسجد الإمام على بن أبى طالب 
- رضى الله عنه- حيث تجمع الناس من كل مكان وصلوا عليه» وتم دفنه فى ساحة 
الشهداء فى المقبرة الغربية بجانب إخوانه الشهداء. . ليلحق بالنبيين والصديقين 
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاء وسار فى توديع الشهيد شبان الحى وهم 
هن ونون الا اشد الا سلاهة: 
قراءة القران: 

كان شهيدنا يحب تلاوة القرآن وفى أول يوم من رمضان التقى أحد إخوانه فرحا 
سعد وعدا اله عن سيب هذه السغادة قال .رامن لقد قرات اليم ثمائية اجزاء 
من القرآن! ويقول والد الشهيد: إن رامى كان يحضر من المدرسة فيضع حقيبته وقبل أن 
يتناول طعام الغداء كان يذهب للصلاة جماعة ويحضر بعض الدروس الدينية 
والتربوية . رحم الله شهيدنا وأسكنه فسيح جناته . 


عاد ءاج 5 
دجن ان 


۲۲ 


الشهيد / مجدى عبد حميدان طه 
144۰/1/۷ 

مولده ونشات4: 

ولد الشهيد مجدى عبد حميدان فى ١917/7 /5 /١5‏ 
فى حى الواد من البلدة القديمة فى القدس» والشهيد 
خامس مسا ذكون ی أشرقهه وله اریم شع غات رق 
أنهى دراسته الابتدائية حتى الصف السادس ثم اتجه 
للعمل فى مهنة الحدادة حتى يوم استشهاده . . ظ 

كان اليد عن داقو مرارة الخو والاعتفال» 
وأمضى ۱۸ يوما فى زنازين الجلادين الصهاينة» حيث اک 
تعرض - رحمه الله - إلى أبشع أصناف التعذيب على أيدى المجرمين الحاقدين من أيتاء 
القردة والخنازير. < 

فى ليلة الاثنين ۷/ /٠١‏ ١۱۹۹م‏ اتصل الشهيد بجميع أصدقائه وطلب منهم 
ضرورة الحضور إلى المسجد الأقصى فى صباح اليوم التالى للدفاع عنه» ومنع 
اليهود من تدنيسه ووطأة أقدامهم النجسة» وفى صبيحة يوم الاثنين - يوم 
المجزرة - توجه مجدى إلى صالون للحلاقةء فحلق شعره» واستحم ثم 
توضأ» وتناول بعض الطعام» وخرج من البيت متوجهاً إلى المسجد الأقصى إلا 
أن أبوابة كانت مقملةء فأعاد الكرة مرة أخرى حتى استطاع الدخول من باب 
المجلس ليلتحق بصفوف المرابطين فى المسجد الأسير . ظ 

وحين بدأ المجرمون بإطلاق النار كان مجدى ضمن مجموعات الشبان 
الذين حاولوا اقتحام المسجد بالحجارة» ولكن قدر الله تبارك وتعالى كان نافذا 
فأصيب بأربع رصاصات فى القلب» ورصاصة خامسة فى المعدة» وهناك 
سئانك الدماء ال کي دماء مجدى وتعفر الوجه الصبوح بالثرى» وسقط 
ولا 





ABI 


فاذكرونى يا إخوتى فى الصلاة 
ردود أفعال حول استشهاده: 


يقول والده: لم أعلم باستشهاد مجدى إلا عند الساعة الواحدة وخمس وأربعين 
دقيقة» كنت فى حينها عند أحد معارفى» فسمعنا أن مواجهات عنيفة تجرى فى ساحات 
الأقصى سقط على إثرها شهداء وجرحى كثيرون. . . اتصلت بأحد معارفى» فدعانى 
للحضور على الفورء عندها سألته: هل استشهد مجدى؟ فقال : لاء لقد أصيب!! 
توجهت إلى البيت» فوجدت والدى يبكى» طلبت منه التوقف فورا عن البكاء» لم 
يتمكن الشباب من إدخاله إلى بيتى» بل وضعوه فى بيت أخر» فتوجهنا إلى ذلك 
الببت» أقبلت على مجدى» وكان جثة هامدة» قبلته وبدا مستيقظًا مبتسما. . خاطبته 
قائلاً : كم كنت أتمنى يا ولدى أن أزفك شهيداء ورقيكنو والك ا ن ر إن 
الفراش فى ساعة متأخرة من يوم الاثنين ألقيت رأسى على المخدة» فرت ا کی 
لقد رأيت مجدى فى نومى» جاء يدلنى على مكان استشهاده» ويشير إلى بأصبعه» ولم 
أكن أعلم وقتها مكان استشهاد ولدى› وذهبت فى اليوم التالى إلى نفس المكان الذى 
رأيته فى منامى لأرى إن كان هو نفس المكان» فأكد لى أحد الذى شاهدوا مجدى فى 
اللحظات الأخيرة أنه المكان الذى استشهد فيه . 

وهكذا نام مجدى فى بيت المقدس مع الصديقين والشهداء» وارتفع مقامه فى 
الأرض» كما ارتفع إلى مقام أعلى فى السماء . 


خرف 


الشهيدة / مریم مصطعى زهران 
۱44۰/1۰/۸ 


ولدت الشهيدة أم مصطفى فى قرية القبية عام ١۹۳١د‏ سس 
تزوجت فى القرية» وزوجها يعمل سائقاء ولها من ال | 
خمسة» ومن البنات اثنتان» إضافة إلى e‏ إخوة» 
وأربع أخوات. 

25 وكان طبيعيا أن تداوم على 
الصلاة والصيام سواء منها الفرائض أو النوافل. 
وكانت- رحمها الله- تحيى ليالى رمضان بصلاة التراويح 
وتحرص على قيام ليلة القدر بخاصة فى الأقصى . 

يروى أحد إخوتها أنها رأت فى المنام وهى صغيرة أنها تدخل المسجد الأقصى 
وتشاهد غرفة مضيئة يتجمهر حولها الناس» فسألت ماذا هناك؟ فقيل لها إنه الرسول 
عليه الصلاة والسلام» فدخلت عليه وهو يصلى» فما كان منها إلا أن طفقت تقبله. 
وحين أخبرت والدها سر كثيرا ودعا لها بالخير. 

ويذكر أولادها أنها كانت تحرص كثيرا على تربيتهم والتزامهم بالدين. وإذا كان كثير 
من الآباء والأمهات يرسلون أبناءهم للعمل والدراسة فى الخارج ولا يبالون بدينهم أو 
خلقهم فإن الشهيدة أم مصطفى كانت كثيرا ما توصى ولديها المسافرين بالمحافظة على 
دينهم وأخلاقهم. حيث إن أحد أولادها يدرس فى أمريكا والآخر فى إيطاليا. كان 
وا انض كبر ا خد وكانك ور كلها مت اف هة 

ويتحدث أقاربها عن حسن أخلاقها وتعاملها وكرم نفسها الكثير مضيفين إلى ذلك 
ماتميزت به الشهيدة من شجاعة وبطولة من خلال مظاهرات ومسيرات عديدة. 
ويضيف أحد أبنائها بأن والده أبو مصطفى قد سجن عام ١974‏ فكانت رحمها الله فى 
تلك الفترة الأم والأب ولم يشعروا بغيبة الوالد. 

0 





حادثة الاستتهاد: 

عندما سمع الناس بنية اليهود اقتحام المسجد الأقصى المبارك, تحفزوا منذ الصباح ٠‏ 
الباكر شيا وشبانًا ورجالاً ونساءً وصغارً وكباراء لذلك نجد أن شهداء الأقصى تنوعوا 
بين هؤلاء جميعًا. وليس هناك اليوم فى فلسطين ما يثير الناس ويجعلهم يقبلون ولا 
يبالون أوقعوا هم على الموت أم وقع الموت عليهم» مثل الاعتداء على المساجد وبخاصة 
مسجد الإسراء الذى أحبه المسلمون فأصبح جزءا من قلوبهم كما هو جزء من 
عقيدتهم . لقد سمعت أم مصطفى بالحادث كغيرها وهبت للدفاع عن الأقصى بالرغم 
من سنهاء ومن كونها امرأة لا تستطيع التصرف أو الجرى أو غير ذلك . 

يقول أحد أولادها إنه أيقظها يوم الاثنين ۸/ /٠١‏ 40 لصلاة الفجر وبعد الصلاة 
انشغلت فى أعمال البيت حتى الساعة الثامنة والنصف . . حيث عادت ابنتها مع الطلبة 
العائدين من مدارسهم احتجاجًا على نية اليهود دخول الأقصى ووضع حجر الأساس 
لهيكلهم المزعوم. . وهنا طلبت أم مصطفى من بنتها أن تكمل عنها صنع الحلويات التى 
بدأت بها حتى تذهب هى للأقصى . . فخافت البنت على والدتها وحاولت أن 
تستبقيها. . فقالت الشهيدة إن كان لى نصيب فسوف أكل من هذه الحلويات وإن 
استشهدت فوزعوها على روحى. . ثم توجهت إلى المطبخ ووضعت فى جيب ثوبها 
عدة رؤوس من البصل. . ثم توضأت وركبت مع ولدها فى سيارته واتجهت إلى 
القن 

وفى الساعة الحادية عشرة خرجت من بريد القدس إلى باب الساهرة حيث حاول 
ولدها إرجاعها معه إلا أنها صممت على الذهاب إلى الأقصى برغم سماعها لإطلاق 
الرصاص . . وبمجرد دخولها كانت المواجهات بين القوات الإسرائيلية والمسلمين على 
أشدها. . . والتقت ببعض الشباب فأعطت بعضهم شيئًا من البصل» وبينما هى كذلك 
أصيب أمامها أحد معارفها فى ظهره فاقتربت منه لتنظر ماذا جرى له فإذا برصاصة 
غادرة تصيبها فى وجهها الطاهر وأخرى فى صدرها فسقطت ولسان حالها يردد: 

قد عفر الوغد وجهى بالدم القانى ١‏ ومزق العلج أثوابى وأردانى 

فصحت عل صلاح الدين يسمعنى أوعل حيدرة الفرسان يلقانى 


Al 


فخرج بها الشباب من جهة باب حطة» وأقبل آخرون يحملون بابًا خشبيًا فوضعوها 
- عليه وأقلتهم سيارة باتجاه مستشفى المقاصد . وفى آخر طلعة الطور منعهم الجنود من 
الاتجاه إلى المقاصد وأطلقوا عليهم قنبلة صوتية فذهبوا بها إلى المطلع فاستشهدت قبل 
الوضول: ظ 
لقد كانت- رحمها الله - مصممة على الشهادة وطلبتها بصدق فلقد لقيها بعض 
معارفها فى الأقصى وأشاروا عليها بالعودة وألحوافى ذلك فاستحلفتهم بالله أن 
يتركوها وألا يحرموها الشهادة وها هى تنالها. وفى أثناء الحديث يقول أحد أقاربها : 
إن لم ندافع نحن عن مقدساتنا فمن يدافع؟ الزعامات العربية؟ ويضيف أحد الذين 
١‏ حملوا الشهيدة أم مصطفى إلى المستشفى حتى لا يراها الجيش الذى كان يحاصر المكان 
«وضعناها فى سيارة واتجهنا إلى بيتها فى قرية القبية وماهى إلا لحظات حتى تجمع 
الالاف من القرية والقرى المجاورة وحملت الشهيدة إلى المسجد للصلاة عليها ثم إلى 
المقبرة حيث ألقيت بعض الكلمات » . 
ويروى بعض الحاضرين أن. الجيش عندما رأى هذه الحشود لم يقترب» إلا أنهم 
عادوا بعد يومين وأزالوا الأعلام المرفوعة على القبر وعلى بيت الشهيدة» وقاموا فيما 
بعد بتغريم بعض أقارب الشهيدة وأهالى البلدة بسبب وجود شعارات على بيوتهم . 
وهكذا عادت النفس الراضية المطمئنة إلى ربهاء لتحيا مع الصديقين والشهداء. 
ارتفع مقامها العلوى فى الأرض إلى مقام أعلى فى دار البقاء» وقد استشهدت دفاعًا 
عن الا هی فى الارضىءوثارت کت لواء اح لفو الت خف اللواء إن تناك الله 
رب العالمين. 


يمف 


الشهيد / موسى عبد الهادى السويطى 
44/1/۸ 
مولده ونشأته: ظ 
ولو ادوس ومين عبن ال ادق ارط د خا | 0 
امم فى مدينة القدس»ء والشهيد من عائلة تنحدر | 0 
أصلاً من بلدة دورا فى محافظة الخليل» وللشهيد تسعة | 
إخوة من أمه وزوجة ابيه. وتسع اخوات . 
درس حتى الصف الثانى الإعدادى ثم خرج إلى الحياة 
العملية فى إعالة العائلة الكبيرة» ولم يستقر الشهيد فى | إل د 
عمل ف بل عمل فی أف گلا قت سي يج 
وعن آخر أيامه يروى شقيقه عادل فيقول: فى الأيام الأخيرة التى سبقت استشهاد 
موسى شعرنا بتغير ملموس على حياته . . فأراد أن يستقر وأن يبدأ حياة جديدة» فقد 
مرت على موسى فترة كبقية الشباب فى سنة من الضلال والضياع وعدم الاستقرار . 
فى ليلة استشهاده حضر إلى البيت وأحضر معه الخضار والفاكهة» وكان مرحا على 
غير عادته» وأصر على تغسيل يدى والدته» ثم تحدث عن رغبته فى الزواج . و 
عن رغبته فى الشهادة» وتمنى أن ينالها . . كان على علم بنية اليهود الدخول إلى المسجد 
الأقصى فى صبيحة اليوم التالى» ولم يخف رغبته فى الذهاب إلى الأقصى للدفاع عنه . 
حادثة الاستتهاد : ظ 









فى الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الاثنين ۸/ ۱۰/ 1155م استحم موسى 
فى بيته» ثم توجه إلى المسجد الأقصى بعد أن سمع مكبرات الصوت. تنادى بضرورة 
التوجه إلى الأقصى للدفاع عنه . . وهناك وقف مع الجموع المحتشدة ة التى أمت الأقصى 
من كافة البلاد» كان دن تفي سوس او ای ی نفدل ق 
بدمه فى باحة المسجد الأقصى . 


رحم الله الشهيد وجعلنا وإياه من عباده الصاخين . اللهم أمين . ا 


A4 


الشهيد / برهان الدين عبد الرحمن كاشور 
۱44۰/1/۸ 

مولده ونشاتك: 

ولد الشهيد برهان الدين عبد الرحمن عبد السلام | 
كاشور فى ۲۷/ ۷/ ۷١‏ م فى سلوان/ القدس من عائلة 
هاجرت من مدينة الخليل» واستقرت فى المدينة المقدسة 
قرب حارة السعدية» وأسرة الشهيد مكونة من ستة 
أشقاء» خمسة ذكور» وأنثى واحدة. 
| أنهى تحصيله العلمى الثانوى عام ۱۹۸۹ م» وحصل 
على شهادة الثانوية العامة (التوجيهى) معدل /۷١‏ وكان 
ينوى السفر إلى أميركا لإكمال دراسته. 

عرف الشهيد برهان بتديئه ودماثة خلقه. وحبه للناس» وكان شعاره الدائم حديث 
الرسول يَةْ: ١‏ المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير». 
ولذلك فقد درب جسمه بشكل كبير على عدد من المهارات الرياضية فأتقن الجمباز 
والكاراتيه؛ ثم أصبح مدربا للجمباز لفتية بيت المقدس» وكان يحب أن يمارس هذه 
اللعبة على أسوار القدس وفى باحات المسجد الأقصى المبارك مستعرضا قوته أماء 
أعداء الله وشعاره «رحم الله امرءا أراهم اليوم من نفسه قوة». | 

لقد جمع الشهيد من صفات الخير ما جعله محبويًا لدى الناس» أحبه أهله 
وأصدقاؤه. وجيرانه» وإخوانه من شباب المسجد الأقصى المبارك الذى أحبه من 
كل قلبه . يقول والد الشهيد: نشا برهان هادئ الطباع خلوقًا لا يصدر عنه 
صراخ أو ضجيج › وكان اجتماعيا يشارك الناس أفراحهم وأتراحهم . اج 
يتوانى عن فعل الخير . 
حادتة استشهاده: 

توجه برهان ‏ رحمه الله إلى المسجد الأقصى ليؤدى صلاة الفجر من يوم الاثنين 
۸ وكان الشهيد قد أصر على الذهاب إلى المسجد الأقصى للصلاة 


۲۴۹ 





EE‏ الا لبور اللاي 
FE‏ ل القند ا اتور دهان اكت من رةه 
رم اوق ا ای :و اا يسان ت اا 
بردود يقول فيها: إنى باق فى المسجد الأقصى لنيل الشهادة» وتصف الوالدة قائلة : 
قبل أن يذهب برهان للصلاة قال لى : إنى ذاهب للاستشهاد فى الأقصى وأنه يتمنى أن 
يصاب بقنبلة فى رأسه» وأشار إلى نفس المكان الذى أصيب به فعلاً وعندها قلت له : 
«ليش يمه بتقول هيك»؟ فأجابنى : إن الشهادة مرتبة من أعلى المراتب فقلت له: ادير 
بالك يمه» . وتقول أم الشهيد: : عند الساعة الحادية عشرة سمعنا أصوات الرصاص 
فأحسست بالقلق وعندما حضر والده طلبت منه أن يذهب ليستفسر عنه . .... ذهب فلم 
يجده» لقد كانت أبواب المسجد مغلقة» فاتجه إلى مستشفى المقاصد» ووجله 
ناك کان سهان رل فن وض إلى هناك شييدا ...+ فهو اول من سقط فى 
المجزرة» وهذا فخر ما بعده فخرء وشرف ما بعده شرف» فكانت دماؤه أول دماء روت 
ثرى مسرى الرسول اة لتلقى دماء الصحابة والتابعين الذين خضبت دماؤهم هذه 
الأرض الطيبة على مدى القرون الماضية . 
لقد أصيب الشهيد بعيار نارى فى دماغه ما أدى إلى تفجره» وكان استشهاده بالقرب 
من انمع الأقضى عل هد لا بريد على معرا سن باب النازية د لقد ادوا 
برهان إلى بيته وبشر زوجته قائلاً: «برهان أول شهيد يسقط فى الأقصى» . نقل برهان من 
المستشفى تمهيدًا لدفنه . . . ولم يتمكن الشباب من إدخاله إلى البيت بسبب وجود جنود 
الاحتلال الذين أطلقوا قنابل الغاز والعيارات النارية على الشباب الذين أحضروا جثمانه 
إلى البيت» فأدخلوه إلى بيت الجيران حتى انصرف المجرمون فقمنا بمواراته الثرى . 
وعن استشهاده تقول والدته - وهى أم مؤمنة وصابرة: يوم استشهاد برهان. . . هو 
يوم زفافه. . . لن ننعاه ولن نبكى عليه. . . وكما ترون فإننا نوزع احلوى 
والشراب. . . وبرهان استشهد دفاعًا عن الأقصى» ويا ليتنا ننال ما ناله. وتقول: لقد 
استشهد برصاص الضابط الصهيونى الذى قال للشباب المسلم قبل المجزرة «هذا يومكم 
يا مسلمون سوف أحصدكم كما تحصدون القمح». ختمت والدة الشهيد حديثها إلينا 


٤٠ 


قائلة : كان برهان يستمع إلى أغانى الشهادة وخاصة أنشودة : باعشباق الاد 
وأخيرً أقول لكم : إن المجزرة لن تزيدنا إلا إيمانًا وإصرارا على الصمود . 

رحمك الله يا شهيد وأسكنك فسيح جناته» وكفاك فخرا أن تكتب مع شهداء 
الأقصى المبارك . 





١ 5١ 


الشهيد /جاد و محمد راجح زاهدة 
0007 













هؤلاء الشهداء لا يعرف بعضهم بعضا. . . خرجوا 
إلى الأقصى فكانت دماؤهم هى التى تتعارف فى 
شا ها ل وعند الله تبارك وتعالى تتآلف أرواحهم فى 
جناته . . هؤلاء اجتمعوا على غاية عظيمة . . . غاية 
العقيدة والدفاع عن الأقصى» فكتبوا بدمائهم تاريخ أمة 
تبحث عن كرامتها وعزتها. . أمنوا وكان إيمانهم يزن 
إيمان الأمة جميعا إذا ادلّهم عليهم الخطب وأحاطهم | 
اليهود من كل جانب» ارتفعت صيحاتهم بكلمة 
التوسقيل» واللة مهيا ولان كانوا الأوفياء الذين حفظوا دعوة الله يوم أن كادت 
تؤذن بالزوال وتساقطوا واحدا بعد واحد ولكنهم كلما سقط واحد منهم ازدادوا مثابرة 
وصبرا ويقيئًا . 


مولده ونشاتك: 


ولد الشهيد جادو محمد راجح زاهدة عام »١974‏ ويأتى ترتيبه الثانى» بين إخوته 
وأخواته البالغ عددهم تسعة أشقاء» وشقيقتين . 

روت والدته بعضا من سيرة حياته» فقالت: أنهى جادو الضف الأول الاعدادى, 
ثم ترك مقاعد المدرسة ... واعتقل أكثر من مرة» كان آخرها قبل شهرين. . تعرض 
خلال فترات الاعتقال تلك لصنوف التعذيب المختلفة . 

قمنا بزيارة شقيقه عدنان فى معتقل عسقلان. . . وخلال تجمهر ذوى المعتقلين. . . 
قام جندى بالاعتداء بضرب إحدى المواطنات . . . فتصدى له جادو» وتعارك معه. . 
امعقل قن ا قاور لاقع ال متهي وعذلالك العاريع الع تعد 
جادوا بطاقته » وظلت محتجزة عندهم . . . عرف عن جادو طيبته . . وة للاس:: 
كما كان يتفاعل مع أحداث الانتفاضة» ويغضب للشهداء الذين يسقطون كل يوم. . . 


حي 


حادثة الاستتهاد : 


تصف والدة جادو» يوم استشهاد ولدها فتقول: فى يوم استشهاده. . . قام من نومه 
نكا ای اجر ار ان الى کان ن اران ا إلى سحن 
شطة لزيارة شقيقه عدنان بعد أن أعد لى فنجانًا من القهوة» كما أعد فطورا لإخوته 
الصغار. 

قبل خروجى من البيت طلبت منه عدم المغادرة» إلا أنه رفض وقال : بل سأخرج 
لأجاهد» وأستشهد فى الحرم» وأوصانى أن أزغرد إن هو استشهد . 

بعد أن عدت من زيارة شقيقه عدنان» سمعت مجموعة من النسوة تجمعن بالقرب 
من مستشفى المطلع » يصرخن» ويقلن : «لقد استشهد جادو». . . عدت مسرعة إلى 
البيت فلم أجده. . قالوا لى بأنهم لم يتمكنوا من إحضار جثته إلى البيت واضطروا إلى 
زات ا عدر فى ا ع ج إلى هناك > فکان جادو يرقد 
بهدوء. . . كشفت عن جسمه وكان الدم يغطيه. لقد أصيب بثمانى رصاصات فى 
عنقه ورأسه وصدره وظهره. . وسقط فى ساحة الصخرة احرف وعريجار جل 
ل 





Yt 


الشهيد / فاي زأبوستينة 
۱44۰/1۰/۸ 


مولده ونشاته: 










ولد الشهيد فايز حسين حسنى أبو سنينة فى قرية 
سلوان ونشأ فى قرية العيزرية قرب بيت المقدس وذلك ي 
قارية 3001:15:15 ود فار قاس اا 
ذكور وأربع إناث . 

الفى ااه ورا ةلا اا قن هدرت اة 1 01 
م الإمايواتترها لي دای أن أبرفيس | e‏ 
مجتهدا فى دراسته. مؤدبًا مع معلمیه» حصل فى حم 
الما موي ا ع ل 
الحاسوب». لم يحصل على شهادة دنيوية» ولكن الله تبارك وتعالى اصطفاه لشهادة 
ھی خير من شهادات الدنيا کلها. ) 
أخلاق الشهيد: 

كان الشهيد ‏ رحمه الله يتمتع بخلق إسلامى عال» كيف لا وهو الذى تربى فى 
أحضان المسجد ؟ فهو منذ نعومة أظفاره يتردد على المسجد» فأعمدة وأركان مسجد 
صلاح الدين فى العيزرية تعرف الشهيد» فهو من أنشط من ساعد فى عملية البناء 
وتوسيع المسجد المذكور» لقد كان فايز نشيطًا فى عمارة المسجد المادية» ولكنه كان 
أنشط فى عمارة المسجد المعنوية» فإذا ما ذهبت إلى مسجد صلاح الدين فستجد فى كل 
ركن من أركانه قصة مع الشهيد» ففى هذا الركن كان الشهيد يجلس ليحفظ أجزاء من 
القرآن الكريم» أما مكتبة المسجد فعرفت الشهيد قارنًا نهم لكل ما تقع عليه يداه من 
الكتب الإسلامية» وعندما تنظر فى أرجاء المسجد فإنك ستجد للشهيد أثرا طيبًا فى كل 
كان ظ 

4٤ 


فعالياته فى الانتمئاضة: 

كان الشهيد ‏ رحمه الله نشيطًا حاضراً فى كل الأعمال الجهادية التى يقوم بها شباب 
الإسلام. فكم من مرة هب الشهيد للتصدى للمستوطنين الذين كانوا يهاجمون 
العيزرية من وقت لآخرء فقد كان مقدامًا شجاعاء فيذكر لنا بعض إخوة الشهيد الذين 
شاركوه فى نشاطاته أنه أول من كتب شعارات فى قريته يدعو فيها الفتيات المسلمات 
إلى الالتزام باللباس الشرعى» فهو رحمه الله كان خخجولاً ذا نخوة إسلامية كبيرة» 
فكان عندما يسأل عن الجامعة يقول: «آه. . لو لم يكن فيها اختلاط) . 
حادثة اللاستتهاد : 


خرج الشهيد منذ الصباح الباكر يوم المجزرة إلى كليته وقد تناهى إلى سمعه خبر 
محاولة المجرمين انتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك. . خرج وهو يسمع استغاثة 
الأقصى ومناداته : 

اسمعواالأقصى ينادى نغمة نحن أهل القدس عنهالا نحول 

كان فايز ضمن المجموعات التى تجوب الأقصى ذهابًا وإيابّاء وهم ينظرون بعيون 
ثاقبة إلى كل الأبواب والمنافذ حتى لا يستطيع أعداء الله الدخول وتدنيس المسجد 
الطهور. 5 وتدور رحى المعركة . 7 وقودها الجماجم والدماء. r‏ ويقوم الشهيد 

ول اغا الأعتانب اندو وا ولكر فل اقا ا يقطر الم 

وتدخل جحافل الأعداء إلى المسجد المبارك . . . ويستبسل الشباب المؤمن فى الدفاع 
عن مسجدهم ومسرى نبيهم 5 . . . ظ 

أصيب الشهيد فى البداية برصاصة مطاطية» وكان يقف فى باحة مسجد الصخرة 
فقال لاجد اختؤاتة احج إلى الاقف فاك رخاف مص :اومن فين الآاف 
الرصاصات الخو انطلقت من بنادق الخرمين الرشاشة بانجاه الراكعين الښاجدين 
الآمنين أصابت إحداها فايزا فى خاصرته) . . . 
(1)اتخرا جنا 


۲0 


عندما انكب عليه أحد إخوانه محاولاً إنقاذه عاجله النازيون بوابل من الرصاص 
٠‏ أصابت إحداها رأس الشهيد فارتفع ليسجل فى قائمة الشرف مع الشهداء الذين قضوا 
دفاعا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين» وكان استشهاد فايز ‏ رحمه الله 
بالقرب من مصطبة باب المغاربة بجانب المتحف الإسلامى . 

لقد كان أهل الشهيد فايز - كباقى أهالى الشهداء - مثالاً فى الصبر والاحتساب» 
وكان يتردد على لسانهم قوله تعالى : ( إنا لله وإنا إليه راجعون. . . وحسبنا الله ونعم 
الوكيل » . 

وهكذا نام الشهيد فى رقدته الأبدية إلى أن يقوم الناس للحساب» نام الشهيد علما 
مع الشهداء» وانتهت صولته. . . وخفتت أصداء تلك الأصوات التى ملأت سماء 
نيت المقدسن باياث النتوين. . ٠‏ ويكاه الخد اموي :كه هفات :وبال :نيف 
المقدس مرددة قوله تعالى  :‏ ولا تحسبن الّذين فوا في سيل الله أمواتا بل أحياء عند رهم 
رون ۳۳9 فرج با ناه لمن فل يترود بالذين م لحتو بهم من فم أ 
خوف عليهم ولا هم يحزنوت 4 [آل عمران: 159: ۱۷۰]. 


0 


۲ 


الشهيد / عبد الكريم وراد زعاترة 
144۰/1/4 
مولده ونشأاته: 


ولد الا ف ااب ورا ارقي عرب 00 7 
السواحرة/ جبل المكبر فى مدينة القدس عام ١٥۹٠م»‏ | 
و ليقي انان EA O Oe‏ 
وكان يعمل رحمه الله فى مهنة (التبليط)» هذا الرجل | 
ما ار تک اللال والقوان فى ات بدا ناته كانت وهر 0 
للحب والمودة والرحمة» كتلة من النشاط والحزم والجد» | _ 
شجاعا كريمًا ورعا تقيًا معطاء محافظًا على صلوات ١‏ ا 
الجماعة وقيام الليل» وصيام الاثنين والخميس وكا لسلا 
يحرص بشكل كبير على صلاة الفجر بالرغم من بعد بيته عن المسجد . . تيز الشهيد 
بحياء جم والحياء من الإيمان فكان معطاء مضحيًاء فكم من مرة أحضر إلى المسجد 
بعض الحلوى لإطعام إخوانه وإدخال السرور إلى قلوبهم . 

أحب كتاب اللهء فحفظ منه رغم أعبائه ‏ أربعة أجزاء وسجل اسمه للمشاركة فى 
حفظ كتاب الله كاملاً» وكان حريصًا على مشار كة شباب المسجد فى جميع نشاطاتهم› 
من صيام وإفطارات جماعية» كما كان أحد الذين يشرفون على البيوت المستورة 








ومساعدة الحرحى والمصابين . 
حادثة الاستشهاد: 


كان انو موا يتمنى الشهادة ويطلبهاء أراد أن يلقى الله وهو راض عنه» أراد أن 
يموت ميتة كريمة» وفى يوم الحادث توجه إلى المسجد المبارك» ليدافع عنه» مستجيبا 
لنداء حر كة المقاومة الإسلامية (حماس) وعلماء الأقصى المبارك» وشعاره كشعار 
أو اهم الفينات امنيا حل الذي هوا لدا الا فصي (لق عرو الا على ق 
وأرواحنا فداء للأقصى » لقد كان (أبو محمد) فى الصفوف المتقدمة التى دافعت عنه 
دفاع المستميت» وعند بداية الأحداث أصيب برصاصة غادرة أصابته فى رأسه» فوقع 


يفضي 


على الأرض ودماؤه تروى أشجار الزيتون فى باحة المسجد الطهور» سقط على الأرض 
ليرتفع إلى السماء عند مليك مقتدر. سقط ولسانه يردد بصوت متقطع : ليج عا لي 
إلا الله. . محمد. رسول. . الله. . لقد ارتفعت روح الشهيد إلى بارئها قبل أن يصل 
إلى المستشفى » لقد نظر من حوله إليه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة فوجدوا سبابته قد 
رفعت لتشهد شهادة الحق المبين »وروي أحد الذين حاولوا إسعافه قائلاً: إن رائحة 
المسك كانت تخرج من جسده» وكان متبسما وكأنه نائم . 

كانت زوجته صابرة محتسبة» فعندما علمت بنبأ استشهاده حمدت الله تعالى: 
واسترجعت قائلة [ الّذِين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إا لله ونا َيه راجعون © [البقرة: .]١97‏ 

وكانت تحث النساء على عدم النياح والبكاء» أما ابنه الصغير نضال» فقد أصر على 
رفع راية بيضاء على بيتهم بدل الراية السوداء وكتب عليها (لا إله إلا الله. . . محمد 
و 

رحمك الله أيها الشهيذ وإلى جنات . .. الخلد ونسأل الله أن يحشرنا معك فى إلنة 
شهداء صادقين . 





2 212122222222222 2222200000 


۲۸ 


الشهيد / مجدى نظمى مصباح أبو صبيح 
۱44۰/1/۸ 


مولده ونشأته: 





ولد الشهید مجدى أبو صح فى 7/17/ ۱۹۷۳م فى | 
القدس وسكن فى بلدة الرام شمال القدس قرب مسجد 
بلال ابن رباح -رضى الله عنه ‏ وللشهيد تسعة أشقاء 
ذكور» وتسع شقيقات» وقد عمل فى محل للحلويات 
يملكه والده» وبقى فى هذه المهنة حتى يوم استشهاده. | 

لم تتح الفرصة لشهيدنا لإكمال دراسته» فلم ينه إلا 
الصف الثالث الابتدائى ليخرج بعدها إلى العمل» | 
والساعتلةوالنه ساحن الآسيرة الک و و الك القن مه ميكانيكا السساراة 
بالإضافة إلى مهنة (الحلوانى) التى أخذها عن والده. ظ 

واظب الشهيد على الصلاة منذ نعومة أظفاره وفى الفترة التى سبقت استشهاده كان 
يحرص على الصلوات جماعة فى المسجد» وخاصة صلاة الفجر. يقول بعض من 
يعرف مجدى إنه كان كريمًا ومتواضعا وخجولاً ويحب الأطفال بشكل كبير» ولعله 
كان يعلم فى قرارة نفسه أنه لن يرزق فى هذه الحياة الدنيا مثلهم فأحبهم وعطف عليهم 

شارك الشهيد إخوانه شباب مسجد بلال بن رباح نشاطاتهم» وكان يحب رحمه 
الله أن يقوم بتنظيف المسجد» وقبل استشهاده عزم على أن يلتحق بفريق كرة القدم 
التابع للمسجد . 





حادثة الاستتهاد : 

قبل استشهاد مجدى استحم وقال لأخته: إنى استحممت ولبست الأسود لأنى 
ا أن اع أوفناها زان ع وقال لها اذا عدت اد 
تزورينى . 


۲٤۹ 


وفى يوم الاثنين وقبل استشهاده بربع ساعة تقريبًا أعطى مجدى أخاه الأكبر محفظته 
وهويته الشخصية . . إنها أفعال وأقوال تدل على الاستعداد النفسى للشهادة» لقد كان 
اوا اتنب ينه ويوصيهم ألا يبكوا عليه . 

كان مجدى ومجموعة من شباب المسجد يربضون للمحتلين عند دار القرآن داخل 
الأقصى» وعندما كثرت زخات الرصاصء والقنابل الغازية تراجع الشبان قليلاً 
فدخل الجنود المدججون بالسلاح» وقامت طائرة هيلوكبتر بإطلاق الرصاص على 
الناس بشكل عشوائى فأصيب مجدى برصاصة فى بطنه» فسقط على الأرض ليرسم 
بدمه الطهور صورة الأمل الباسمة عند الرجال والأطفال فى بيت المقدس وأكناف بيت 
المقدس» وهم يجابهون بصدورهم العارية الأسلحة الفتاكة التى يمتلكها المحتلون. . 
الأمل بالحرية والعزة والكرامة والصلاة الآمنة فى المسجد الطهور . 
جنازة الشهيد : 

عند العصر من يوم المجزرة أحضرت جثة الشهيد إلى الرام وتجمع المئات من 
المسلمين عند مسجد بلال بن رباح وهم يرددون هتافات التكبير» ومن ثم خرج 
المشيعون بالجثمان لتوارى الثرى» ثرى فلسطين الذين أحبه مجدى . فضحى بدمائه» 
لينبت شجرة باسقة فى السماء . . تؤذن بانبلاج فجر-جديد . 

أما أهل الشهيد وأقرباؤه وإخوانه من شباب المسجد فقد تألموا لفراقهء ولكنهم علموا 
اه لی قر اھر فى ات إن ءال إن العين لتدمع» وإن القلب ليحزن 
وإن على فراقك يا مجدى لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضى ربنا ولا حول ولا قوة إلا 


بالله العلى العظيم . 


0۰ 


الشهيد / محمد موسى عريف ياسين عبد أبو سنينة 
114۰/1/۸ 
مولده ونشأته : 


ولد الشهيد محمد موسى عريف ياسين أبو سنينة فى | 
۱ م فى مدينة خليل الرحمن» عاش فى ظل | 
أسرة ملتزمة بالإسلام» فكان والده يأخذه ليصلى معه فى | 
مسجد إبراهيم الخليل عليه السلام منذ صغره» وهكذا نشأ | 
على حب الإسلام فكان الإسلام اسما لابنه الصغير شْ 
فسماه «إسلام»» أما ابنه الأكبر فسماه « سامح»» ورحل 
عن هذه الدنيا وزوجته حامل. وليعلم أعداء الله أنهم - 
قتا 1 لم ينة | او القدس› E‏ لے وف با 
شوف تلدان رجالا يدافغون عن القدسن:: ولعله ذلك قد قل قول الشاعر: 

عمل الشهيد فى مهنة التجارة. فتجول فى فلسطين › مدنهاء وقراها» ومخيماتهاء 
يبحث عن رزقه الحلال» وبقى فى مهنته حتى لقى الله شهيدا فى المسجد الأسير . يقول 
أحد أقرباء الشهيد «كان الشهيد عند خروجه للتجارة إلى نابلس يخرج مبكرا فيعرج 
على المسجد الأقصى فيصلى فيه صلاة الضحى » وبعد رجوعه من تجارته يحرص على 
أن يعود قبل صلاة الظهر فيصلى الظهر جماعة فى الأقصى كذلك» . 
ظ أحب الشهيد والديه حبا كبيراء وقد تأثر تأثرا واضحًا بوالده» فكم مرة استمع إليه 
وهو يحدثه عن الإسلام. والأخلاق والآداب الإسلامية التى تشربها الشهيد من أخلاق 
والده» أما والدته فقد قام الشهيد بمرافقتها إلى مكة المكرمة لتؤدى فريضة احج على 
نفقته الخاصة مع كثرة الأعباء التى يتحملها رحمه الله . 

شارك الشهيد إخوانه من شباب المسجد الأعمال التطوعية التى كانوا يقومون بهاء 


۲۵1 









ات ويتعلم أحكام التجويد. فيقول عنه إمام المسجد: القن لوي ان 
التحاقه بدار القرآن أكثر من أربعة أجزاء. فحفظ البقرة والسجدة وجزء عم وغيرهاء 
وواظب الشهيد على قراءة القرآن بشكل كبيرء وكان يرى أن القرآن منهاج حياة» 
ودستور أمة يجب أن يسود ويقود. ولذلك فقد حث أهله وإخوانه على الالتزام بالقرآن 
وأحكامه . ظ 

كان الشهيد مشاركا لإخوانه فى أفراحهم وأتراحهم» بشوشاء متواضعا محبوبًا لدى 
شباب المسجد» وكان يحرص بشكل كبير على صلاة الجماعة وبخاصة الفجر» حتى إنه 
فى مرات كثيرة كان يصلى بالناس جماعة فى صلاة الفجر فى مسجد على البككّاء وباب 
الزاوية . | 
حادثه اللاستتهاد : 


فى اليوم الموعود يوم الشهادة توضاً محمد وخرج من بيته مبكرا كعادته وصل إلى 
الأقصى ضح“ وصاى فبلا ةالح ثم علم من الشباب المستنفر فى الأقصى بنية 
اليهود اقتحام المسجد» وتدئيسه برجسهم وكفرهم» فعزم على البقاء قاتلا : « إن شاء 
الله ما يدخلونه حتى ولو متنا هناء وعندما بدأت رحى المعركة تطحن الجماجم 
والعظام» كان محمد هناك صامدا ثابنًا كالطود حتى من الله عليه بالشهادة . . ثلاثة 
رصاصات أصابت الشهيد واحدة فى القلب» وأخرى فى الخاصرة اليمنى وثالثة فى 
الجهاز التناسلى . 

نقلت جثة الشهيد بأيدى الشباب إلى بيت خاله فى سلوان حيث كانت الخليل 
تخضع لحظر التجول› وودع الشهيد وداعا يليق بمقامه عند الله تبارك وتعالى حيث 
خرجت الجموع تحمله على الأكتاف وهى تردد: «لا إله إلا اللى والله أكبرء والشهيد 
خت الله والتقت جنازة الشهيد محمد بجنازة الشهيد عبد الكريم زعاترة التى 
جاءت من جبل المكبر» وتجمع المشيعون فكانوا أكثر من ٠0٠١‏ مشيع. . . فالدماء 
واحدة. والمصاب واحدء فالناس اليوم لم يعودوا يفرقون بين شهيد وشهيد» بل هم 
جميعا أبناء الشعب كل الشعب فى فلسطين كل فلسطين . 


0۲ 


ردود أفعال حول استشهاده: 

والدة الشهيد عندما سمعت بالخبر اختنق صوتها بالعبرات» فلم تستطع أن تتك : 
وركت بهندوء وقالت: «هذامرادك انى أما شقيقاته:فقد يرن على قفراق 
شقيقهن » وأصبحن يقلن للنساء : «لا تبكوا عليه إنه شهيد وليس الشهيد يميت» . 
الشهيدء فتجمع المسلمون من نحاء فلسطين ليهنئ بعضهم بعضا . 


0 


وفى إحدى حارات الخليل الباسلة شوهد أكثر من ثلاثين شابًا يلبسون الزى الموحد» 
الإسلامية «(حماس». ودخلوا إلى بيت الشهيد» والقواكلئاتك للتهكة الك 
المد و اهاه وعد فلات كانت مد غلل ال خن تا عضا ونارا تحت أقذاء 





الشهيد / ربحى حسن شحادة العمورى 
۱44۰/1/۸ 


مولده ونشاته : 


ولد الشهيد ربحى العمورى عام 474١م‏ فى البلدة 
القديمة من بيت المقدس › نشأ الشهيد وترعرع فى أسرة 
مسلمة فى شارع الواد» حيث تألفت الأسرة من ثمانية 
أشقاء استشهد أحدهم واسمه «(سمیح» عام ۱۹۸۳م فى 
بلدة «شتورا». وهكذا فإن دماء شعبنا تفرقت فى كل 
الأودية والسهول . 

عاش سن حياته الأولى مرافقًا لوالده فى جهاده ضد 
الحكم الإنجليزى, ل 
مو وي 
وضد الاستيطان اليهودى فى فلسطين» خاصة فى مدينة القدس . . . وكان الشهيد 
واج ا من بين الذين دنهم اغ اض دق الك :داو هيعد أن تة العضيابات 
اليهودية. . . ونجا من الموت بأعجوبة. . . كان وقتها أبو خالد يعمل فى هذا 
الدق: ) 





تزوج أبو خالد شاباء واستقر حوالى اثنى عشر عام فى البلدة القديمة. . . وبعد أن 
استقر به الحال» شيد بيتا فى ضاحية البريد ‏ شمال القدس أوى إليه هو وأفراد عائلته 
البالغ عددهم عشرة أشخاص › ثاذثة اتا وسبع بنات». وهم . 

خالد(4 اعاما)» وقد اعتقلته السلطات» وحكمت عليه بالسجن المؤبد بتهمة 
مقاومة المحتلين والقيام بعمليات عسكرية وقد أغلقت السلطات شقته فى أعقاب 
اعتقاله» ومحمد (۲۰ عاما)ء وإبراهيم ١5(‏ عاما) . 

أماونات ال جور ( ۷ هاما » ل 07 عا (E‏ فاا عدف 
(١٠عاما)»‏ عالية (۱۷ عامًا)» كفاح (۱۳ عاما) ونور ٠١(‏ أعوام). 

0٤ 


كانت حياته جهادا متواصلاً. . . هادئ الطبع . . . نظيف يحب النظافة . . شديد 
الحنو على الأطفال. . وأذكر أنه حين اعتقل نجل ابنته» كان يقيم ساعات طويلة أمام 
معتقل المسكوبية ليرى حفيده. . . ولا ينقطع عنه فى الزيارة» ورث الجهاد والشهادة 
مو إرية شعبة الكنير: ...ومن تضاله المسكتمر ...وهو القائل دوما: انحن شعت 
ل ولاه أة تسمل 
حادثة الاستتهاد : 


تروى «أم خالد» عن يوم استشهاد زوجها فتقول: فى ذلك اليوم توجه الشهيد إلى 
مسجد ضاحية البريد» حيث صلى صلاة الفجر. . ثم غادرنا بعد ذلك إلى القدس . . 
بهدف إنجاز معاملات السفر إلى الأردن» كما كان مقررا فى ذلك اليوم. . . أنهينا 
المعاملات. . وأعطانى إياهاء ثم أخبرنى بنيته الذهاب إلى المسجد الأقصى. وطلب 
منى الذهاب إلى شقيقى فى حارة السعدية لانتظاره هناك. حال عودته من المسجد» 
وقال: «واجبنا الدفاع عن الحرم. . . ولن أمنع أولادى من الذهاب إلى الأقصى» . 

وبالفعل توجه إلى الحرم. . وصلى هناك صلاة الضحى. . . ثم بدأت أحداث 
المجزرة. . . حين أطلق الحنود قنابل الغاز. . . شوهد «أبو خالد» يحمل التراب ويطمر 
به الدخان المتصاعد من تلك القنابل . . . ومع اشتداد إطلاق النار صعد أبو خالد الدرج 
المفضى إلى الصخرة المشرفة من ناحية المتوضا. . عند آخر درجة أصيب بعيار نارى فى 
بطنه . . إلا أنه واصل السير باتجاه الشهيد إبراهيم غراب الذى أصيب بجروح فى 
صدره. . من كان معه نصحوه بالعودة. لآن إطلاق النار غزير واحتمال إصابته واردة» 
فرفض» وأصر على الذهاب باتجاه الشهيد غراب لإسعافه . . وما كاد يصل إلى حيث 
الشهيد غراب . . حتى أصيب بطلقات من الرصاص أطلقت عليه من الطائرة . حينذاك 
حضر الممرض محمد أبو ريالة من مستشفى المقاصد لإسعافه. إلا أنه أصيب بعيارات 
نارية فى کتفه» ولم يتمكن من علاجه . . بعد ذلك تقر اا رخال إلى لعفف > 
وتضيف «أم خالد» قائلة : «أثناء أحداث المجزرة» كنت أسمع إطلاق النار من بيت 
شقيقى فى حارة السعدية. . خرجت إلى مستشفى المقاصد» وفتشنا غرف المستشفى 
غرفة غرفة. .إلا أننالم نجده. . بعد ذلك توجهنا إلى مستشفى المطلع . . كان نجلى 
(متحي ا د ا الس معدا ج ر اه وهو کے وقول و انا نقد 


00 


تعرف على جثة والده التى وضعت مع جثث الشهداء الآخرين. . . كانت لحظات 
صعبة عشناها فى حينه . . ألقيت النظرة الأخيرة عليه» فكان الرصاص قد مزق 
جسده. . حمله شبان وأحضروه إلى بيتنا فى ضاحية البريد. . ثم نقل خفية من سيارة 
إلى سيارة» خشية أن يستولى على جثته الجنود» وتم دفنه فى مقبرة باب الأسباط 
الاس 


فرحم الله شهداءنا. . فلقد خلفوا وراءهم ذكريات مجد عريق أعرضوا عنه. 
وذكريات بلاء كريم أقبلوا عليه. . ابتغاء مرضاة الله ورسوله. . وجنة عرضها 
السموات والأرض. . 





فنابل القاز تحت أقدامنا 


501 


الشهيد /إبراهيم محمد على أدكيد كك 





۱44۰/1/۸ 
مولده ونشأته : 
و لد ااه إبراهيم أدكيدك فى /١9‏ ۲/ 4م فى چ و e‏ ب 


القدس وسكن فى حى شعفاط القريب من بيت المقدس. 
والشهيد وحيد والديه من الذكور وله أربع شقيقات. | 
وباستشهاده فقدت العائلة عائلها الثانى بعد الأب . 

والد الشهيد يعمل فى محل تجارى فى البلدة القديمة فى 
مدينة القدس. إضافة إلى منجرة صغيرة يتعيش منهاء 
ولذلك فقد أخذ إبراهيم عن أبيه مهنة النجارةء وكذلك 


فتح محلا تجاريا صغيرا خلف بيته يبيع فيه فى أوقات فراغه ليساعد أباه فى إعالة الأسرة. 

كان إبراهيم يدرس فى مدرسة «الفرير» حيث استشهد وهو فى الصف الثالث 
الثانوى «التوجيهى». وخلال دراسته حصل على عدة من شهادات التقدير لتفوقه فى 
دراسته . 

واظب شهيدنا على الصلاة والصوم» فكان يرتاد مسجد شعفاط لأداء الصلاةء 
أيام الجمع فكان ‏ رحمه الله يشد الرحال للصلاة فى المسجد الأقصى لارو 
رحاب مسجده فى شعفاط وفى مسجد الإسراء تربى إبراهيم على الإيمان» فتشبعت 
روحه به» وسمت نفسه إلى السماءء ومن نبعهما رضع أخلاق الإسلام» فهو كريم 
بشق على ا وكذلك قام الشهيد بتوزيع الصدقات على الفقراء سرا دون أن يعلم 
به أحدء ولم يكن إبراهيم ممن يحبون المظاهر الفارغة بل كان جادًاء متواضعاء هادئاء 
يحمل مسؤولياته بكل جد ورجولة . 
حادثة استشهاده: 

فى فجر يوم الاثنين» يوم استشهاده» استيقظ إبراهيم مبكرا ثم أدى صلاة الفجر فى 
غرفة نومنا على غير عادته . . حيث كان يؤدى الصلاة فى غرفة نومه هو . 

0۷ 


بعد أن طلعت الشمس غادر إبراهيم إلى المدرسة» إلا أن طلاب المدرسة لم ينتظموا 
فى مدارسهم فى هذا اليوم بل توجهوا إلى الأقصى للدفاع عنه» وكان من ضمنهم 
إبراهيم ‏ رحمه الله 

بدأت جموع المستوطنين والجنود محاولاتهم باقتحام الأقصى. فتصدى لهم 
الشباب المؤمن بصدورهم وحجارتهم» وكان إبراهيم من المتقدمين البواسل» لقد كان 
الشباب ينتشرون فى جميع أرجاء المسجد الأسير . 

أما إبراهيم فقد أبلى بلاء حسئّاء فقد روى أحد إخوانه وكان بجواره لحظة استشهاده 
فقال: «أصيب إبراهيم بعيار نارى فى قلبه فسقط على وجهه شمال المتوضاً قبالة 
المسجد الأقصى . . .». 

وتقول والدة الشهيد إبراهيم : الشىء الوحيد الذى جعلنى أصبر على فراق 
وحيدى» هو آية قرآنية كان قد علقها فى غرفة الصالون قبل استشهاده بأسبوع . . . 
وكلما قرأت كلمات هذه الآية زدت إيمانًا بالله» وصبراً على المصيبة» ونص هذه الاية 
الكريمة ل واصبروا إن الله مع الصابرين ‏ [الأنفال : [٦‏ 

لقد أنعم الله علينا باستشهاد إبراهيم . . . فكانت شهادته خیرا لنا. . . کان إبراهيم 
قبل استشهاده يسألنى دومًا : «متى سيصلى والدى يا أمى» وبعد أن استشهد إبراهيم» 
فتح الله قلب والده للإيمان فشرح صدره» وشرع يصلى لا يقطع فرضا. . 

رحمك الله أيها الشهيد» وأسكنك فسيح جناته. والمقنانك شهذاء إن شاء الله 
رب العالمين . 


اد کد ماد 
i 2‏ 


۲۵0۸ 


الشهيد / إبراهيم عبد الغفار إبراهيم غراب 
4۰/1۰/۸ 


مولده ونشأته : 


ولد الشهيد إبراهيم فى عام ۸٥۱۹م‏ فى حى واد الجوز 
من مدينة القدس» ونشأ وترعرع بين سهولها وجبالها 
المقدسة» تزوج عام ۱۹۸۳ م. وأنمبت له زوجته أربعة 
أطفال أكبرهم فى السادسة من عمره واسمه (حكم). 
وأصغرهم عمره ٠١(‏ ا وا أما الآخران 
فهما(حبيب)وعمرهه سنوات» و(رنا) وعمرها؛ 
سنوات» وقد صعدت روح الشهيدإلى الله تبارك ١‏ 
وتعالى وزوجته حامل فى شهرها الخامس . 

Dih a i E AE e 
بيت متواضع مع والدته وشقيقيه نايف وسمير» ولكن بسبب الضرائب الباهظة التى‎ 
تفرضها سلطات الاحتلال انتقاما لم يستطع الشهيد الاستمرار فى العمل فى محل‎ 
القالة غه وا لعل ف محل لر ورو هور وبق فى ده الا سين‎ 
. استشهاده‎ 
: حادثة الاستتشهاد‎ 


يروى شقيق الشهيد منذ الساعات التى سبقت استشهاد إبراهيم فيقول : التقيت 
إبراهيم الأحد ليلاً» وتحادثنا كثيراً» ثم أطلعنى خلالها على رغبته فى المبيت فى 
الأقصى» ليؤدى صلاة الفجر هناك» غير أننى نصحته بأن شرطة الحرم سيمنعونه من 
الداخول» ثم اتفقنا أن نصلى الفجر جماعة فى المسجد الأقصى صباح يوم المجزرة 
(الاثنين). . . ويضيف قائلاً : وبعد الصلاة عدنا إلى البيت وما هى إلا سويعات حتى 
ات اعات ادالات تبث نداءات الاستغاثة تدعو المسلمين للدفاع عن 
مسجد الإسراءء وهكذا خرج إبراهيم ملبيًا نداء الأقصى» تاركًا عمله. . . وهناك 





۲۵۹ 


حيث احتشد الآلاف من الشباب المؤمن» كان إبراهيم - رحمه الله -. وين بدات 
قوات البغى تطلق النار» عمل على تأمين الحماية للأطفال والفتية الصغار من هجمات 
قطاع الطرق» ومصاصى دماء البشر. . . من الرصاص الذى غطى الحرم وساحاته. . 
وفى أثناء ذلك أصابت رصاصات غادرة قلب الشهيد فمزقته وسقط إبراهيم مضرجا 
بدمه فى ساحة الصخرة المشرفة» على بعد حوالى ٠٠١‏ متر من باب المغارية» 
وارتسمت على شفتيه الفرحة بلقاء الله تبارك وتعالى. . . سقط إبراهيم . . . ولكن 
يديه بقيتا مصرتين على الإمساك بالحجارة التى التقطها للدفاع عن المسجد الطهور. . . 

نقلت جثة الشهيد إلى بيته فى واد الجوز» هناك امتزجت الدماء بالدموع» دماء 
الشهيد مع دموع أمه التى أحبته» وزوجته التى فجعت به» وأبنائه الذين وقفوا حوله 
وهو مدد على سريره» والدماء تغطى وجهه وجسله... وهم لا یدرون ما يدور 
حولهم . 

تقول زوجة الشهيد : إن الشهيد كان يتمنى الشهادة فى المسجد الأقصى» وكنا قد 
تحدثنا عن نية المتطرفين اليهود فى الدخول إلى الأقصى لوضع حجر الأساس للهيكل 
المزعوم» ثم وجه كلامه إلى قائلاً : أعرف أنك تحبين أولادى كثيرا . . . فإذا استشهدت 
فتولى أنت رعايتهم» واحرصى عليهم. ٠‏ 

سارت فى جنازته أعداد قليلة من أشقائه وبعض أحبابه. . . ودفن سرا خوقا من 
اللصوص الذين لا يكتفون بالقتل. . بل يسرقون حتى أجساد شهدائنا الأبرار . 

ظ وفى بيت المقدس . . . حيث تنتشر أشجار مفرعة الأغصان» وشجيرات الورد 
والرياحين هنا وهناك نام إبراهيم نومته الأبدية. . فإذا ما أقبل الربيع» واخضرت 
الأغصان» وتفتحت الأزهار ذات الأريج» ومر النسيم من بينها فإن رائحة المسك تفوح 
من جديد فى سماء بيت المقدس وأكناف البيت الذى فى أحضانه نام الشهداء . 


بع ماع عاد 
2 


الشهد /فوزى سعيد إسماعيل الشيخ 
۱44۰/1/۸ 

مولده ونشاته: 

ولد الشهيد فوزى إسماعيل الشيخ فى قرية خربثا بنى | ا 
حارث قرب رام الله عام 1977١م,‏ ولقدرأى شيخنا ب 
الشهيد مراحل الضياع والتشتت لشعبه وأرضه» وعايش 
الملصائب جميعها التى حلت بهذا الشعب منذ ثورة البراق 
عام ۱۹۲۹ حتى استشهاده فى المجزرة الرهيبة التى وقعت ٠‏ / 
فی ساحات الأقصى المبارك عام ۱۹۹۰ م. ١‏ 

رزق الشهيد من البنين ثلاثة» ومن البنات أربعاء» ‏ 
وعمل طيلة حياته مزارعاء يغرس الأرض ويحرثهاء 
ارتبط بالأرض» فأحبها وأحبته وغدت جزءأ من روحه ودمه» وعندما سقط الشهيد 
مضرجا بدمه» بكته الأرض والجحبال والتلال . 

فهلاسمعتمآياإخوتى حنينالتراب وندب الرمال!؟ 

ونوح المأذن فى لوعة وأهالخصى. . . وأنين القتلال 

كان الشهيد محافظًا على عباداته» وصلاته غالبا ما تكون فى المسجدء وتميز الشهيد 
بحياء جم» ولم تكن علاقاته بالآخرين قوية بل كان مهتمًا بشؤونه الخاصة» من حراثة 
وزراعة وما شابه . لقد ذاق الشهيد فى حياته مرارة السجن» فاعتقل على أيدى جنود 
الاحتلال» وسجن ثمانى سنوات ليخرج صلبًا شديد الإيمان بالحرية والفجر الموعود . 
كان الشهيد واسع الثقافة والمعرفة . فكان يقرأ فى أمور العقيدة والتفسير» ووجدت له 
بعض الأبحاث الفقهية منها «حق الرجل والمرأة فى الإسلام» و«الشهادة عند النساء» . 
وااتعحيع العمل وإكرام العام و«الغش فى المعاملة» و و فتوحات الإسلام» و«معركة 
أحد) و«فى سيرة الرسول يللا و و «الحضارة الغربية هى نتاج ثقافة عمياء» و«الإنسان 
والاستيلاء) 







55١ 


حادثة اللاستشهاد : 


شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك وهو يؤثر الشهادة› وأبلغ أهله أنه ذاهب إلى 
الأقصى لنيل الشهادة. انات رخ ال ك تلتى الشهيد الرصاضات الارلى 
فى وجههء فسقط على الأرض» فحمله الشبان إلى داخل المسجد الأقصى المبارك وبه 
نزيف فى الدماغ› شاهده أحد الأطباء فذكر أن حالته خطرة جدا وبعد صلاة الظهر 
فارق الحياة داخل المسجد الأقصى المبارك . . . 

نقل جثمان الشهيد بعدما هدأت الأمور خلسة إلى قريته وفى الليل سار عدد فليل 
) فى جنازة الشهيد ثم دفن فى مقبرة القرية قبل أن تختطفه قوات جيش الاحتلال . ولكن 





1Y 


الشهيد / نمر إبراهيم ثم ر الدويك 
۱44۰/1/۸ 

مولده ونشاته: 

ولد الشهيد نمر الدويك فى شهر آب (أغسطس) فى 
شقيقات» وكان الابن البكر لأبيه . 

الف دراسته الابتدائية حتى الصف السادس» ثم عمل 
بعد ذلك فى مجالات مختلفة كان آخرها عمله فى فندق 
قريب من وادى الجوز حيث كان يقطن فر وعائلته؛ أما 
والده فيعمل فى محل تجارى فى البلدة القديمة . .. ولكنه 238 : 
نظرا لكثرة الضنراتكب ال 5 
الشهيد غر المعيل الأساسى للعائلة » وبات يتحمل مسؤولياته تجاه إخوته بكل أمانة .لم 
يكن يتأفف من هذا الوضع بل كان يؤثر أفراد عائلته على نفسه . 
حادتة الاستشهاد : 

عمل غر فى الليلة التى سبقت استشهاده كالعادة. : . وفى مكان عمله استحم 
وتوضاء ولم يذهب إلى عمله صبيحة يوم الاثنين كماهو المعتاد ‏ بل توجه نحو 
او 
ا لوو ا والمخاصرة. والصدر. وقد استشهد 
بالقرب من مكان المتوضاً المقابل لباب السلسلة . ) 
رد فعل والديه حول استشهاده: 

يقول والد الشهيد: حتى ساعات العصر لم يرد أى خبر عن ثمرء فاعتقدت أنه ريا 
احتجز داخل المسجد. . وعند الساعة الرابعة جاء خبر استشهاده. فتوجهت إلى 





نكف 


مستشفى المقاصد وكان الشباب قد حملوا جثته تمهيدا لدفنه» فطلبت منهم أن 
يحضروه إلى بيته لتلقى والدته نظرة الوداع الأخير عليه . . . فأحضرناه إلى البيت ثم 
قمنا بدفنه على عجل خشية أن يستولى الجنود على جثمانه . 

أما والدته (فى الأربعين من عمرها) فقالت :لم يعد نمر صباح يوم الاثنين كما كال 
فقور ا دن فق التدانة سناوزت القلق على :ولدى:... +روعند السباعة +175 شيعرت 
بإاحساس غریب › وهیۍ لی أن ولدى قد حدث له مكروه فذهبت إلى مستشمى 
المقاصد. . . وفى طريقى إلى المستشفى وجدت أحد أصدقاء نمرء فسألته عنه فقال : 
لقد تركته فى ساحات الحرم» وفى المستشفى لم أجد أثرا لدمر» وعند عودتى إلى البيت 
كانت جثته مددة فى البيت فبكيت وتفجرت الدموع فى عينى . ا وتضيف والدته 
والدموع تنحدر من عينيها على وجنتيها: كان نغر على وشك الزواج» وقد أبدى رغبة 
ف ذلك: . . ولأجل هذاء فقد اشتريت له (أونصة من الذهب) لتكون مساهمة منى فى 


زواجه. 


نعم لم يتزوج نمر فى الدنيا ولكن الله تبارك وتعالى أعد للشهداء من النعيم ما لا 
الله تستقبلهم الآن الحور العين فى جنات النعيم فى مقعد صدق عند مليك مقتدر . 





14 


الشهيد /عزالدين جهاد محمود حميدة الياسينى 
۱44۰/1/۸ 
مولده ونشاته: 
ولد الشهيد عز الدين فى 0/ 4/ ۰مم فى بيت الحم 
من أسرة تنحدر من دير ياسين غربى القدس والتى تشرد حقو 


أهلها بعد مذبحة بشعة ارتكبتها العصابات اليهودية عام 
۱۹۸ 0 2 هذه المذيحة كعانت جدەعر الدين ) أم ار 0 - 1 










والده ) من بين المصابين» حيث أصيبت بشظايا الرصاص 5 
فى أنحاء مختلفة من جسمهاء وكانت حاملاً بجهاد ال 
الياسينى والد عز الدين» وماتت الجدة والرصاص فى 
جسدها. 


لقد قدمت هذه العائلة خلال الانتفاضة شهيدين » الأول هو ابن عم عز الدين واسمه 
الاحتلال فى قرية العيزية المجاورة للقدس. ولعل هذه الحادثة قد أحدثت الشىء الكثير 
فى نفس عز الدين فازداد حقدا وحنقا على اليهود أعداء الله والإنسان. 

انهى عز الدين الصف السادس الابتدائى» وكان يتعلم قبل استشهاده فى مركز تابع 
للشئون الاجتماعية إضافة إلى دروس تقوية فى اللغة العربية, له شقيقان وأربع 
شقيقات. ويسكن مع العائلة فى شارع الواد على بعد مئة متر تقريبًا من المسجد الأقصى 

كان الشهيد ‏ رحمه الله خدومًا محبًا للناس. متفاعلاً مع الانتفاضة» وكان أكثر ما 
يؤثر فيه قصص شهداء الانتفاضة» كان يقرأ ويسمع عن هؤلاء فيتمنى أن يكون واحذ) 
منهم . .ورعم صغر سنه» فقد كان رجلا يتتحمل مسؤولياته تجاه أسرته. يحرم نفسه 
ليعطى إخوته» فلا يبخل عليهم . 


1۵ 


حادثة استشهاده: 


فى يوم الاثنين ۸/ /٠١‏ ٠م‏ وعند الساعة التاسعة وعشرين دقيقة التقى الشهيد 
والده وكان عائدًا من دائرة الشؤون الاجتماعية حيث يتلقى دروس التقوية فى القراءة 
والكتابة - فطلب منه أن يعود إلى البيت إلا أنه سار إلى المسجد الأقصى» حيث التحق 
بالآلاف من الشباب المسلم الذين احتشدوا فى ساحات الحرم دفاعا عن أولى القبلتين» 
ومسرى رسول الله 355 . 

قول لكا والك الشتهيد : لقد تغير عز الدين كثيرا فى الأسبوع الأخير بعد انتشار انبر 
عن نية اليهود اقتحام الأقصى وبناء حجر الأساس لهيكلهم› > كان شارد الذهن مشغولة 
بأمر عظيم . . يتغيب عن عمله . . لم يعد يأكل كعادته . 

وعن اللحظات الأخيرة للشهيد يروى أحد أصدقائه الذين كانوا معه عند استشهاده 
فيقول : كان عز الدين بجوارى فى ساحة الصخرة المشرفة. . 

لقد رأى الشهيد أحد القناصة يصوب سلاحه اتاهنا + فأمرتا بالاستلقاء ارا 
وما كاد عز الدين ينهى حديثه حتى أصابته رصاصة غادرة فى رأسه . . حاول النهوض 
فأصيب برصاصات فى صدره» وفى رجليه» وظهره . .نعم سقط على الأرض بعد أن 
وقف بعزة» سقط ولسان حاله يقول : 


اجا اش انى 

لأنى أبالغ فى الانحناء 

لكى ازن ا 

PE APS es 
TY EON NEE 


شهداء الأقصى» . 
آم 


أما ردود فعل أهله عندما سمعوا بنبأ استشهاده. فيروى والده قائلاً: عند الساعة 
الحادية عشرة» ومع ارتفاع صوت إطلاق النارء راودنى هاجس بأن عز الدين قد 
استشهد. . . لم أتمكن من دخول الأقصى لمعرفة مصيره. . ومع بدء عملية إجلاء 
الحرحى توجهت إلى مستشفى المقاصد فلم أجده بين الجرحى» ثم ذهبت إلى غرفة 
الموتى » فرأيت عز الدين» وقد غطت الدماء جسده» فحمدت الله وقلت ١:‏ إنا لله وإنا 
إليه راجعون. . . وحسبى الله ونعم الوكيل . . والله يأخذ. . وهبتك لوجه الله 
تعالى». . ثم قبلته وأمسكت يداى برأسه حتى إن أصابع يدى اليمنى اخترقت رأسه 
الملهشم فغطتها بالدماء» خرجت وقلت لكات الشباب الذين احتشدوا فى ساحة 
المنتشفى :يا شاتب الشهيد الذى داخل الثلاجة اسمه عز الدين جهاد الياسينى وهو 
ابنى . . والذى يحب الشهيد يحبه الله . . 

وعد ذلك ها ج انه ريدت وة اش قن جوت ا ات 
رسالة كتبها بخط يده لم يكملها يقول فيها : 

بسم الله الرحمن الرحيم 

الشهيد عز الدين جهاد حميدة الياسينى» أنا. . . ١‏ ولم يكمل» وبعد عمليات تمويه 
على جنود الاحتلال وصلنا إلى المقبرة» وقام الشباب بحراسة المقبرة خشية قدوم 
السلطات» وقمت آنا ومجموعة من الناس بدفنه فى الساعة السابعة مساء» لقد توافد 
إلى بيت الشهيد المهنئون من أبناء شعبناء وكذلك مراسلو وكالات الأنباء» ويقول والد 
الشهيد: إنه رفض مقابلة مع تلفزيون أجنبى لأنه سأله: كم قتل على أرض الهيكل؟ ! 
فقال له: اسمه الأقصى وهو للإسلام وأهله. 

وهكذا فكلما أفضت زمرة صافية إلى خالقها ودعتها القلوب وهى تردد : 

إن كنتم ظعتا فإن معدامعى تكفى مزادكم وتروى العيسا 

اللهم أحينا سعداء» وأمتنا شهداء واحشرنا فى زمرة المصطفى ككل . 


عاد ماء 


عات عاد ماع 
5 ت 2 


¥ 


الشهيد /أيمن محيى الدين على الشامى 
144۰/1/4 
مولده ونشأتك: 


ولد الشهيد أيمن فى ۸/۲۳/ ۱۹۷۲م فى زهرة المدائن | 
(القدس) الشريف» وسكن فى حى واد الجوزء وقد أنهى | 
الشانوية العامة فى الفرع الصناعى عام ۹۹۰٠م‏ وحصل 
على معدل ” ,7/4 / وكان ینوی قبل استشهاده السفر إلى | 
العزاف ا وات ظ 

وللشهيد أيمن شقيقان وأربع شقيقات» ويعمل والده | 
موظفا فى مؤسسة إنقاذ الطفل . 

والد الشهيد تحدث عن نحله بمزيد من الفخر والاعتزاز حيث قال : كان أيمن ألمعيا فى 
دراسته» وفى كل مجال من مجالات المعرفة . . . أكمل دورة فى مهنة الكهرباء وحصل 
على إجازة من شركة الكهرباء محافظة القدس لزاولة تلك المهنة . . . ويضيف والده : 
لقد سعى أيمن لإكمال تحصيله العلمى فى كلية الخليل للمهن الهندسية بعد أن أغلقت 


أمامه سيل الدراسة فى الخارج». وكان من المفروض أن يذهب إلى التسجيل يوم 





. فلقد کان حب الأقصى فى دمه وروحه فسال دمه وفاضت روحه فيه . 
أخلاقه وعباداته: 
عرف الشهيد بحبه الشديد للطاعات » وخاصة صلاة الجماعة فى المسجد الأقصى . 

فمنذ أن التزم بمسجد الحى تميز بأنه من السباقين إلى الطاعات› اد رض :دانم لين 
أداء صلاة الفجر فى المسجد الأقصى المبارك برغم تعرضه لمضايقات حرس الحدود 
المجرمين الذين يقفون على باب المسجد كالكلاب المسعورة . كما داوم الشهيد على 
صيام الاثنين والخميس» ووو ا 
على مائدة الرحمن مع الأنبياء والشهداء و الأو لناء: 


574 


وأيمن» ذاك الشاب الوسيم الهادئ الخجول» يحبه كل من رآه» يألف ويؤلف 
وهكذا المؤمن. . أحب إخوانه من شباب المسجد» وممن كانوا يخرجون معه فى مهمات 
جهادية لضرب المحتلين ونصب الكمائن لهم. .؟ لقد أحبته القدس ومآذنهاء 
وأقصاهاء وقببهاء وأشجارها وس لا هيك اننا لهل اد 
الزكية الأرض التى أحبتك فافتقدتك لأن سجداتك وتضرعاتك ملأت أرض 
التدس» و فيننا لك آي اكيت 

لقد أحب أيمن المساجد وخاصة المسجد الأقصى وكذلك مسجد حيه١مسجد‏ عابدين» 
وفى ليلة استشهاده خرج ليقوم بدهن قبة المسجد فى حى واد الجوز باللون الأخضر. 
حفظ أيمن جزءا من القرآن الكريم» فكان القرآن قري إلى نفسه حبيبًا إلى روحه. 
وأحب الكتب الإسلامية فانكب عليها قراءة وفهمًا وحفظًا. ` 

دوره فى الانتماضك : 

منذ أن انتمى إلى حركة المقاومة الإسلامية «حماس» تفجرت طاقات أيمن الكامنةء 
و فشارك فى الفاعليات المختلفة ولكن الذى ميزه. . شعاراته ورسوماته الجميلة التى 
خطها أيمن وخاصة على باب المسجد الأقصى المبارك من جهة باب الأسباط ومنها 
(حماس هی الأساس» ورسم بيديه سيفين يحيطان بمصحف کر, يم فيما كتب فى أسفل 
الملصحف كلمة «وأعدوا ' وغير ذلك من الشعارات الإسلامية المميزة بالخط الجميل 
والكلام المتناسق» والعبارات المميزة . 

وهكذا أحبه المكان والزمان. . أحبته أوقات الصلوات الخمس وأحبه يوما الاثنيد 
والخميس . 

حادته الاستتشهاد: 

كان أيمن على موعد مع الشهادة» يقول والده: فى ليلة استشهاده فى ساعة متأخرة 
دار حوار بينى وبين أيمن حول الصلاةء وعقوبة تاركها ويضيف قائلاً : لقد رجانى 
أيمن قبل نومه أن أوقظه ليؤدى صلاة الفجر فى المسجد الأقصى . . استجبت لطلبه» 
ا الايتوجة إلى اج أكدت لمأن کر مط جهن ات 
العربية والإسلامية وأن الحجر لا يكفى . . . . أما الدفاع عن المسجد الأقصى. . . فهو 
من مسؤوليتنا نحن» وواجب علينا أن نصونه ونحميه . 


۳۹۹ 


وقداقترب أيمن من والدته قبل يوم من استشهاده وقبل يدهاء ونظر بعينيه 
العسليتين الواسعتين إلى أمه كأنه يودعها وقال لهاء نا آم ادع لى . . فدعت له « الله 
يوقي غا ا ان » قال “لبا ةه ادع إن بالعيهادة هناك نالحد الأقضئ 
البارك» وذهب لزيارة أخخته فى بيت لحم لتوديعها كما ودع أهله وعمته» كما أعطى 
صديقًا له مبلعًا من المال (۲۰ شيكل) ليشترى به ملبساء ويوزعه عن روحه يوم 
شهادته» كما حث زوج أخته على الشهادة وقال له : تعال معى إلى الأقصى لنيل 
الشهادة» وجاء يوم ۸/ ۱۰/ ۱۹۹۰ م» اليوم الذى أعلن فيه المجرمون عن نيتهم باقتحام 
المسجد الأقصى لوضع حجر الأساس فيه» فجمع الليوث من كل مكان منذ صلاة 
الفجر› ولقد رأيت الشباب فى صلاة الفجر وهم يتدفقون بشكل كبير من جميع أبواب 
الحرم؛ تترقرق فى عيونهم دماء الشهداء؛ شباب لا كالشباب» حملوا مصاحفهم 
وتوضوا وطهروا أنفسهم بالصلاة والذكر وعزموا عزمة الرجال ألا يمر هؤلاء إلا على 
أجسادناء ولن يدنسوا مسجدنا ما دام فينا عرق ينبض أو عين تطرف . وكعادته انطلق 
أيمن إلى المسجد منذ صلاة الفجر» وبعد الصلاة استمع إلى أحد دروس العلماءء وقراً 
ما تيسر من كتاب الله حتى شروق الشمس ثم توضأ وصلى الضحى» ونظر إلى من 
حوله من إخوانه نظرة وداع وعانقهم بحرارة وظل مرابطًا . 

ودارت المعركة بين مئات الجنود وأفراد الشرطة والمستوطنين المدججة» مع الشباب 
المؤمن الذى لا يملك إلا إيمانه ومصحفه وحجارته وصرخات (الله أكبر) تهز الأرض 
من تحت أقدام المجرمين» ومن بين الجموع ترى فتى طويل القامة ينتقل من ساحة إلى 
ساحة يضري الحجارة. ويستميت فى الدفاع عن أقصاه. لقد رجم أيمن جنود 
الاحتلال من السطح المجاور لقبة الصخرة. . . ومن بين زخات الرصاص المنهمرة 
أصابت إحداها رقبته فسقط على أثرها على الآرض والحجارة فى يديه» ودمه يسيل 
على ثرى المسجد الأقصى المبارك» وقد أطلقت الرصاصة من أحد شبابيك المدرسة 
التدكزية حيث مقر جنود الاحتلال والمستوطنين . 

يقول والد الشهيد: فى الساعة الحادية عشرة والنصف أذاع راديو اليهود خبرا جاء 
فيه : «إن أحدانًا كبيرة وقعت فى الأقصى» وأن شبانًا استشهدوا داخل المسجد» فوقع 
فى قلبى أن أيمن من بين الشهداء» ثم قلت لبعض المرافقين: أيمن من الشهداءء فلم 
يصدقوا قولى» وفى الساعة الثالثة والنصف وصلت إلى القدس» وأخبرنى بعض 


۷+ 


الحيران أن شابا من عائلة الشامى قد استشهد فقلت لهم« إنه ابنى أيمن»› قبل أن أعلم 
e‏ ا ت sS‏ کک 
E OE FD OE NE‏ 
الأسباط . كشفت عن وجهه. وألقيت النظرة الأخيرة عليه ثم قبلته» وقرأت ما تيسر 
من القرآن على روحه الطاهرة. ويضيف والده : لقد أصيب أيمن بعيار نارى فى 
مؤخرة الرقبة اخترقتهاء فخرجت من الناحية المقابلة» فاستشهد على الفور وغطت 
الدماء وجهه. 

أما والدته فتقول: الحقيقة أنه إلهام من الله وتمالكت أعصابى» وذهبت إلى 
الممتشفى» وأخرجته من الثلاجة بيدى» وحملته ووضعته فى السيارة مع زغرودة 
خرجت من فمى لأنه كان يطلب الشهادة» ورينا حقق له تلك الأمنية» وما كنت أتمنى 
أكثر من هذاء وأنا أفتخر أن يكون لى ابن شهيد. . . وعن أمنية أم أيمن تقول: أتمنى 
أمام هذه التضحيات أن تكون لنا دولة إسلامية لأن هذا طلب ابنى» وكان يتمنى ذلك» 
ثم تعود الأم فتقول: عندما شاهدته وهو مستشهد قبلته» ومسحت على وجهه وقلت 
له. . . يا أيمن هذا الذى طلبته. . . وها أنت نلته. . . والحمد لله على أنك حققته. . 
وعلى خطى أيمن أدفع أبنائى الباقين حتى نحيا حياة حرة لا ينغصها احتلال اليهود . 

لقد ذهبنا مهنئين إلى بيت الشهيد» دخلنا إلى البيت الذى كان يغص بالمهتئين» 
وكان والده يلبس أجمل ثيابه وكأنه فى عرس » وكانت المفاجأة عندما قدم لنا الشراب 
بدل القهوة السادة» وكانت الفرحة قد ارتسمت على الوجوه. وهذا إن دل على شىء 
فإنما يدل على أن شعبنا بدأ يسير بالطريق السليم لاسترداد حقه وانتزاع حريته وكرامته. 
ديجي سبو يد ORR‏ رايد بودي 
Sia 00000009‏ 
أذهانناء وملامح جيل الشهادة يرسم لنا مستقبلاً عزيرًا يبشر بالنصر المؤزر بإذن الله . 

رحمك الله يا أيمن يا شهيد الأقصى» وهنيئًا لك ولإخوانك ولذويك ولدعوتك 


الشهي دك / عدنان خاف یوی مواسى 
04 ا 

نبذة عن حياته: 

تقول والدة الشهيد : لقد كان الشهيد متمسكًا بالإسلام | 
عن قناعة وتيقن» فقبل يومين من استشهاده دار حديث | 
بينه وبين والدته عن تربية الأولاد فى الإسلام فقال لأمه : 
إننى أريد أن أربى ابنتى على الإسلام الصحيح وليس على | 
الإسلام التقليدى. تقول والدته : لقد كان كثير الغضب 
لله تعالی» ولقد كان شموقًا على والديه بارا بهما. تقول © 
زوجته : كان يكثر من التوافل ويحب الصلاة فى المسجد | 
وكان يحب قيادة ا لحر كة الإسلامية لدرجة كبيرة ETRE‏ 
أولى بقيادة شعبنا من قياداتنا العربية) . 





قصة الاستتهاد : 

أحد إخوانه يحكى قصة ذهابهم إلى الأقصى وقصة استشهاده قائلا : عصر يوم 
الأحد التقيت أحد الإخوة فى المسجد» وبعد انتهاء الصلاة اتفقت معه على أن نسافر 
معًا إلى القدس لقضاء عمل ضرورى وكان عدنان بجانبناء واا افاي السمر 
طلب إلينا الشهيد عدنان أن يسافر معنا إلى الأقصى الشريف لأداء الصلاة فيه» وقد 
كان الشهيد عدنان شغوفًا ومحبًا للأقصى ولا يكاد يمر عليه شهر كامل إلا ويسافر إليه 
أكثر من مرة وبالذات فى شهر رمضان المبارك . واتفقنا نحن الثلاثة على أن يكون موعد 
الانطلاق بعد صلاة الفجر مباشرة» وانطلقنا إلى القدس» وعند الساعة العاشرة 
والنصف من صباح يوم الاثنين بدأ الجيش المحتل بمحاصرة الأقصى»› وكا تان 
ساعتئذ قد ذهب إلى مكان الوضوء ليهيئ نفسه لصلاة الظهر وبعد أن اشتد إطلاق 
الرصاص والقنابل الغازية بدأت والرفيق الآخر بالبحث عن عدنان ولكن أين نبحث 
عنه وكيف نبحث عنه والرصاص يتطاير بغزارة وقنابل الغاز أطلقت حتى فى داخل 


يفف 


الحرم الشريف والرصاص وصل إلى منبر صلاح الدين؟!. . وبعد ساعات بدأت 
ظ الأخبار تتوارد أن مجموعة من المواطنين قد استشهدواء ولقد رأيت بأم عينى شيخا 

طاعتًا فى السن قد استشهد فى داخل الحرم القدسى الشريف» وعندئذ قلت فى نفسى 
(هل يكون عدنان من جملة الشهداء) ؟ وعندما بدأت إحدى الطبيبات بقراءة أسماء 
الشهداء لم أنتبه جيدًا إن كانت قرأت اسم عدنان» فذهبت إلى مستشفى المقاصد لأسأل 
إن كان عدنان من بين الجرحى وعندما بحثت الطبيبة عن اسمه بين مجموعة الجرحى لم 
نجدهء فاطمأن قلبى شيئًا ما. . حتى جاءت ممرضة أخرى فقالت : هل تسأل عن أحد 
شباب طمرة؟ فقلت لها نعم فقالت : لقد استشهد وأخذ جثته أحد الشباب من منطقة 
لكلل ورخ بها إلى يل اليك فعدت إلى البيت رانا أفكر كيف كنا ضباحا ثلاثة 
أنفار وها نحن نعود اثنين . 
من كرامات الشهيد: 

e‏ على ان الود گان يتمنى أن يلاقى وجه ربه على أفضل ميتة وكان 

يتمنى الشهادة فى سبيل الله دائما ومن كثرة حبه للأقصى كان ي ھت التيهادة فين 

ساحات الأقصى الشريف . 

* تقول زوجته : إن زوجها الشهيد خرج من بيته فى ساعة مبكرة وقبل خروجه أقبل 
على سرير ابنته فقبلها بين عينيها ووضع بجانب رأسها نسخة صغيرة الحجم من 
اأضيحتت الكوريفتا: 

* لقد قام الشهيد عدنان مؤخرا بزيارة معرض الكتاب الإسلامى فى كفر كناء وقد 
اشترى من المعرض كتابا يتتحدث عن الاستشهاد فى سبيل الله . 

* تقول زوجته : لقد كان زوجى يردد ويقول : ليس لدى وقت كاف لقراءة الكتب› 
ولكن سأترك هذه الكتب المهمة لأولادى من بعدى» وإذا ما قد رلى العمر المديد 
فسأربى أولادى عليها وأنشئهم على التعاليم الواردة فيها 

# كل من رأى الشهيد بعد استشهاده أكد أنه كان كأنه يبتسم » يقول أحد إخوته : 
دما أتزلتاة مخ السبارة أربت منه:وغندما قيل لى آنه تشهد لم أصدق إذ كانت 
ابتسامته العذبة ترتسم على شفتيه . 


AAI 


* قبل يوم واحد من استشهاده حدث الشهيد إخوانه أنه يتمنى الشهادة فى الأقصى . 

# إن تعلق الشهيد بالأقصى كان كبيراً للغاية حتى إن أحد إخوانه يقول: بعد أن 
أعلن أخى توبته أخذ على عاتقه محاربة الأعراس الجاهلية» ومن شدة كراهيته هذه 
الأعراس قاطع الشهيد حفل زفاف أحد إخوته لأنه أقام عرسا جاهليًا ولم يجد الشهيد 
مكانًا يلجأ إليه إلا الأقصى . 

هذا وقد ترك الشهيد طفلة عمرها ” أشهر واسمها «فردوس»ء فتركها ليذهب إلى 
فردوسش قينا : الفييحايي )بيو رياد . ل ل 





شباب يعيدون تعمير المساجد التى خربها اليهود 


Yt 


الشهيد /سليم أحمد الخالدى 
194۰/1/۲۲ 
مولده ونشأته: 
الغانى الثانوی» عمل بعدها فى مختبر للأسنان أنشأه له 
اله خض صا بعد أن تقاعد ‏ والده من العمل فى هذه 


المهنة التى ورثها عن والده الدكتور سليم الحالدى› له 








الشهيد مع دخوله سن العشرين . 

برو :ؤالدةزغنضا من سيرة حياتة: كان الشهيد رحمة الله عليه شايًا هادثاء 
E‏ يؤدى الصلاة» والصوم. طيب القلب يحبه كل من عرفه. 08 تيز بحسن 
معشره» وبحبه للناس» كان بارا بوالديه عطوفًا على والدته» وإخوانه» يقضى معظم 
أوقاته غاملاً فى مختبر الأسنان الذى أنشأته له ليتفرغ لبناء نفسه» وينهض بمسؤوليات 
اله ين أن ا لكر :وجات اوغا 

كان الشهيد يعانى من عجز فى کلتا رجليه. . . بسبب مرض ألم به وهو فى سن 
السادسة عة 4 
يوم استشهاده: 

وعن يوم استشهاده يذكر والده. فيقول : فى ذلك اليوم» كنت برفقته فى منطقة باب 
الجديد فى البلدة القديمة. . . سمعنا أصوات إطلاق النيران فاستأذننى سليم بالذهاب 
إلى الأقصى للصلاة فيه» وكذلك للاطمئنان على أمه وأخواته اللواتى مكثن فى ذلك 
اليوم داخل بيتنا فى باب السلسلة الملاصق للحرم الشريف . 


50 


غادر سليم على عجل . . . وفى منطقة سوق الدباغة» بالقرب من كنيسة القيامة 
صادف فى طريقه ثلاثة من المستوطنين» توقفوا فى منطقة السوق . . وحين رأوه يركض 


كامل رتته» فسقط على الأرض . . فهب كل من كان فى المنطقة لإسعاف سليم 
ونحدته . و ولکن دون جدوى. فإصابته خطيرة للغاية. وقد بحم عنها تعطل الكبد عن 
العمل» وكذلك أعضاء أخرى داخل الجسم . 

فى الساعة الثانية عشرة من منتصف ليلة الثالث والعشرين من شهر تشرين 
٠‏ أول(أكتوبر) من العام ١۱۹۹ء‏ أسلم سليم الروح. وقد استدعيت إلى الشرطة التى 
أخبرتنى بأنها لن تسمح بدفن جثة سليم إلا ليلاً. . . توجهت إلى المستشفى مساء اليوم 
اال اي فى الزائع ورين في ال وتميف ا ركنا نلعن ار 
ودفناها فى مقبرة باب الأسباط عند الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا وفى حضور 
مكثف لقوات حرس الحدود التى اعتلت سور القدس المطل على المقبرة. . . 

ويروى والد الشهيد سليم الخالدى» أن الشرطة حاولت عبثًا تحويل جثة نحله الشهيد 
إلى التشريح» بدعوى معرفة أسباب الوفاة» إلا أنه رفض طلب الشرطة» فهددوه 
باتخاذ إجراءات ضده. إلا أنه أصر على موقفه» ورفض تشريح جثة ولده الذى قتل 
بالرصاص . 

رحمك الله أيها الشهيد وأسكنك فسيح جناته. . مع الصديقين والشهداء 
والصا حين إنه نعم المولى ونعم المجيب . 





000 ا‎ HH LETTE 
HEHE EERE: 


الشهيد /هيتم شفيق جمله 
۱44۰/11/۴ 

مولده ونشاته: 
ES E a,‏ 
نابلس البطلة لأسرة متدينة» فوالده يحافظ على الصلوات 
فى المسجد جماعة» وشقيقته مسلمة ملتزمة بأخلاق | 
الإسلام» وتلقى دروس العلم على النساء» أما هيثم فقد 
بدأ حياته كأى شاب لم يتعرف على الإسلام» عاش فى 
ضياع وضلال فاعتنق أفكاراً غريبة عن دينه وعقيدته 





وتراث شعبه» أفكارً مبتورة مالها من قرار» ولكن الله 2 
ا تبارك وتعالى هدأه کان اهن الغا المجاهدين التابحين لحركة المقاومة اللإسلامية 


ااحماس» . 
حادثة اللاستتهاد : 
عد زه الأنصى اللبارك: تفجر بركان الغضب العارم فى فلسطين المحتلة» 

وغلت الدماء فى العروق» وبدأت مرحلة وميلاد جديد للانتفاضة الجهادية المباركة. 
فلقد دعت حر كة المقاومة الإسلامية «(حماس» فى ندائها رقم )٠١(‏ إلى استباحة دم 
كل يهودى ومستوطن» فبدأت ثورة السكاكين» ففى صباح يوم الأحد 
١‏ قام المجاهد البطل عامر أبو سرحان بطعن ثلاثة من أفراد العدو حتى 
الموت؛ وجرح رابعًا. . . وفى صباح يوم الثلاثاء ۰ ۰ كان أحد 
المستوطنين اليهود يرافق شاحنة محملة بالوقود إلى إحدى محطات بنزين فى نايلس 
وعندما نزل من الشاحنة كان هيثم له بالمرصاد» فطعنه طعنات أودت به إلى نار 
جهنم . بينما استشهد وسقط مضرجا بدمه برصاص الجنود الذين كانوا بالقرب من 
الشاحنة . فقد أصيب هيثم بثلاث رصاصات ؛ واحدة بالبطن وأخرى فى العنق وثالثة 
فى الكتف . 


يفف 


ردود فعل والديه حول استشهادہ: 

توجهنا إلى أمه فقالت: إن هيثم أوصاها إن استشهد أن يدفن إلى جانب أخيه 
وصاحبه ابن حركة المقاومة الإسلامية «(حماس» الشهيد (حسام أبو زنط» وقد سمى 
نفسه «آبا حسام» حبا للشهيد «حسام». 


شقيقاته من دون أن يشعرهن أنه مقدم على شىء . 

وتوجهنا إلى والده وكان يضع على رقبته لفحة خضراء زينت ب «لا إله إلا الله محمد 
رسول الله» فقال: لقد استيقظ هيشم مبكرا ونزلنا معا إلى المسجد وصلينا الفجر وعدنا 
إلى البيت وكان طبيعيًا. ودخل فى هذه اللحظة وفد من مدرسته التى يقارب عدد 
طلابها آلف طالب ثانوى فتوجهت بالسؤال إلى أحدهم عن هيشم وتصرفاته داخل 
المدرسة» فقال : إنه من أكثر الناس عملا ودعوة» كما أنه كان من أكثر الطلاب شدة فى 
الدفاع عن «حماس» لدرجة أنه كان يدعو الكثير للانضمام تحت راية «حماس» راية «لا 
أثر استشهاده على أهالى مدينة نابلس: 

حينما وصل الخبر إلى أهالى المدينة وبخاصة شباب «حماس» اشتعلت نابلس لهيبًاء 
كبير فى رفع معنوياتهم. حيث هذه هى المرة الأولى التى يقتل فيها يهودى مسلح 
بسكين فى مدينة نابلس» فأخذ الناس يقولون «هكذا العمل ولا بلاش . . . تسلم ايدك 
يا حماس» رغم إعلان الصهاينة بأن اليهودى قد أصيب بجروح متوسطة» إلا أن جميع 
من رأى الحادثة أجمعوا على أنه قد قتل. سلمت يمناك يا هيثم. . . رغم أنهم أخذوا 
جزءا من جسمك فإننا ندعو الله بأن تكون أجزاؤك التى وضعت فى أجساد اليهود ثورة 
انتفاضة ورعبا فى أجسامهم ولعنة عليهم . 

وهكذا مضى هيثم. . مضى إلى أرض البقاء. . . آثر الحياة الخالدة على حياة 
الفناء» وأنشدت له كائنات السماء أناشيد الخلود ظ أولّئك هم الوارثون (© الّذين يرثون 
الفردوس 4 [المؤمنون: .]١١ ٠٠١‏ 


۸ 


اله لشهيد / محمد أحمد حسن أبو نقيرة (أب وأحمد ) 
14/7/۱1۳ 

الاسم الأول فى سلسلة قائمة الخلود التى اعتلت | 

صهوة اللجدمبكرالتفتح للأمة بوابة الجهاد ظ 

ما واا عمل یات تووانة تسيل تن ر ا 

التاريخ اسم قسام يعبد. [ e‏ 








كانت الساعة تقترب من الساعة السابعة والنصف من 720-02-1 
مساء اليوم الشالث عشر من شهر ديسمبر من العام | ا - 


14۹۰ م CNET‏ قل 5 خى الليل سدو له ف جو يحمل ا _ ت ا ا 
بصمات كانون الباردة على مخيم الشابورة القابع رمز اللجوء والقحط وسط رفح 
الباسلة ا وكان الصباح على موعد مع الذكرى الثالثة لانطلاقة حركة المقاومة 


الإسلامية (حماس) أبرز أسماء الانتفاضة الفلسطينية الماجدة» حين دوى صوت قنابل 
تبعه زخات من رصاص سلاح أوتوماتيكى من موقع البيارات الملاصقة رمزا للصمود 
الفلسطينى غرب مخيم الشابورة. . .. 0 قليلون هم الذين لفت انتباههم الصوت 
المدوى . فأغاريد الرصاص لحن تعودته أذان أبناء رفح الصمود منذ زمن الانطلاقة 
الأول قبل أعوام ثلاثة من تاريخ هذا اليوم. وبعد ساعات ثلاث من هذا الحدث شق 
صمت الليل صوت مجموعة سيارات عسكرية إسرائيلية تقدمت حيث يقبع منزل 
أحمد أبو نقيرة ذاك الرجل الصلب الذى هاجر من بلدته الأصلية (بئر السبع) التى تعلم 
منها فنون الصبر حيث حياة المكابدة. . . . طرق الباب عدة طرقات أطل بعدها (أبو 
محمد) وخلفه أم محمد تطل برأسهاء وإذا بجنود الاحتلال يحيطون هذا الموقع 
الحصين وكلمات فجائية خرجت من فم الضابط بكل بساطة (ابنلك محمد قتل الليلة 
وعليك الحضور بعد ساعة كى تواريه التراب) . 

(محمد أبو نقيرة) الاسم الأول فى سلسلة قائمة الخلود التى اعتلت صهوة المجد 
مبكرا لتفتح للأمة بوابة الجهاد مجددا. . . بوابة تحمل قسمات نورانية تعمق فى صخر 


۲۷۹ 


التاريخ اسم قسام يعبد. . . . إذن هى الانطلاقة مجددا بعد أن رسخت الصبغة 
الأساسية لهذا الطريق الشاق الطويل» ومحمدنا الابن الأول لوالديه حيث أطل على 
الدنيا بعد طول انتظار فى اليوم الثانى من شهر أبريل من العام ١9764‏ ميلادية فى مدينة 
رفح وبعد خمس من البنات وتعلقت به العائلة الوادعة وخاصة والدته . . . وزاد تعلقها 


أنها رزقت بعده بأربع بنات . 


شب الطفل الصغير على أعين والديه الذين يرقبان كل خطوة من خطوات حياته 
همان E RB‏ حتى غدا فتى يافعا طالبًا فى مدرسة بكر السبع 
الثانوية. . . وبدا النضج معلما بارزا فى شخصية (محمد). . . وبرزت شخصيته 
المتمردة على الواقع المظلم لشعب يرزح تحت الاحتلال . 

حيث كان (محمد) من أبرز نشيطى المظاهرات» وفى أحد أيام 1987م حاصر 
الجيش المدرسة وأوقف الطلبة على الجدار الداخلى رافعى أيديهم. وكان (محمد) قد قفز 
وسط الجنود بكل الجرأة على الجدار محاولاً اجتيازه» فأطلق أحد الجنود عليه النار 
وأصابه برصاصة مطاطية فى يده واعتقل حينها عدة أيام ثم خرج بكفالةء وفى هذه 
الآثناء برز (محمد) وسط أقرانه . وبدا للفتى الناضج فى تلك المرحلة توجه سياسى 
یت كان ارز أكاء الكنبيبة الطلايية: . . انقضت المرحلة الثانوية وانتقل محمد للدراسة 
فى الجامعة الإسلامية بغزة. . وبدأ الفكر الإسلامى يملا عليه حياته. . . ولم يستمر طويلاً 
فى دراسته حيث عاد للسوق وتكبد مشاق ال حياة مع والده. وبدأ التاريخ يرسم خطا بيانيا 
تصاعديا جديدا فى حياة الشعب الفلسطينى ومسار الحركة الإسلامية بصفة خاصة حرث 
انطلقت شرارة الانتفاضة من شمال القطاع. حيث تقبع جباليا الثورة وامتدت إلى جنوبه 
حيث (محمد أبو نقيرة) الرجل شديد البأس يقبع فى سوق رفح ينتظر قدره ليرسم بدمه 
جزءا كبيرا من هذا الخط البيانى التصاعدى كأحد نقباء (جماعة الإخوان المسلمين) . 

ومن اللحظة الأولى لانطلاقة الشرارة برز بطلنا كأبرز نشيطى حماس فى المواجهات 
وتنفيذ الإضرابات ومعه أخوه (بسام أبو عرادة) الذى استشهد فى المواجهات» وكان 
لهذا اکر الان ف خا محمد المجاهد. . . وفى شهر مايو ۱۹۸۹ م كانت أذرع الأمن 
الإوسرائيلية توجه ضربة واسعة ضد حر كة المقاومة الإسلامية حماس وتطال حملة 
الاعتقالات رجل هذه السطور ليقضى محكوميته البالغة عامًا ونصف العام بتهمة 

۸۰ 


الانتماء إلى حماس وتنفيذ فعاليات الانتفاضة والمشاركة بأعمال ردع لعدد من العملاء 
جية كان العرييه تسب الغو ی ی لواف سيد 
يتشد بيت الشعر الذى طالما ردده : 

ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار مالم تزود 

وطوال فترة محكوميته لم يهدأ (محمد) فلم يتعود حياة القيد» فكان يفكر دوما كيف 
الخروج من هذا القيد فما لهذا خلقت. . . . فقد اعتاد (محمد) حياة الحرية» يفكر بعقله 
ويتحرك بإرادته حيث كان يملك قرارا مستقلاً» وشعورا بالحرية يملأ عليه حياته . . 

هذه الطبيعة المنطلقة جعلت من السجن قيدا يثقل كاهله مما أثر فى روحه المعنوية فى 
داخل المعتقل وظل ينتظر بفارغ الصبر يوم الخامس عشر من شهر نوفمبر سنة 1155 م2 
يوم الحرية وكسر القيد الثقيل . . وما أشق الانتظار! ! ! 

وأخخيراً جاء يوم الحرية المنتظر. . وخرج (محمد) من قيده وهو يحمل روحا وثابة 
منطلقة مقبلة على العمل وأى عمل . . . ؟؟ إنه الجهاد ذروة سنام الإسلام . انطلقت 
الروح الوثابة والهمة العالية دون كلل أو ملل أو تهاون أو تراجع » وشمر المجاهد الشهم 
عن ساعد الجد وخاض دروب الجهاد بكل بسالة وتفان» فألح فور خروجه من المعتقل 
کی ينضم إلى (الجناح العسكرى) لحماس فيما ألحت عليه والدته بالزواج كى تفرح 
وكان جوابه دوما «سأتزوج لکن ليس من هنا وليس الآن» . 

واسم القسام حينها لم يرسخ بعد وكان يتردد بشكل مقتضب فى مناطق متفاوتة 
أبرزها رفح الباسلة» حيث وضع حجر الأساس لانطلاقة (كتائب الشهيد عز الدين . 
القسام). . . والتحق الشاب التواق بإحدى الخلايا القسامية فى رفح» وذلك بعد 
استجابة لإلحاح المجاهد العملاق» بعد الإصرار والتصميم اللذين أبداهما. . . . 
وكانت الكتائب فى رفح حينها قد أعدمت شخصين متهمين بالتعاون مع الاحتلال» 
وبعد خروجه من المعتقل لم ينم شهيدنا أكثر من خمسة أيام فى منزله حيث كان يخرج 
من بيته بعد المغرب ولا يرجع إلا صباح اليوم التالى» والغالب أن هذه الفترة كان 
يقضيها فى مهام عمله الجديد حيث لم تتوقف عمليات خطف المتعاونين والتحقيق 
معهم وقتل عدد منهم. . . ظ 


۲۸1 


رفع المؤذن صوته بالنداء الخالد الراشد داعيا الناس لصلاة المغرب . . واصطف الناس 
للصلاة وبينهم محمد يرفع يديه مكبر يسجد لله عز وجل » وبعد انتهاء الصلاة عاد فور 
إلى منزله وأخبر أمه أنه لن يعود إلى منزله هذه الليلة . . . . وألح عليه القلب الحنون 
بالنداء للبقاء. . . . فأجابها: لا أحب السجن ولا أريده» وغدا انطلاقة حماس . . . 
وأعقب هاتفا وهو يخرج «يا ستى لو استشهدت فافرحى» ومضى قافلاً نحو هدفه . . 

بدت الشوارع خالية إلا من بعض الذين اضطرهم ظرف للخروج . . حين انطلقت 
خلية قسامية وهى تحمل شخصا بعد ورود معلومات تحمل الإدانة والاتهام له. ودخلت 
الخلية منطقة البيارات الواقعة غرب الشابورة» وباشرت التحقيق معه» وأثناء ذلك 
حضرت دورية عسكرية من الناحية الغربية» ولحظ المجاهدون ذلك وكان على أحد 
الأبطال إعاقة الدورية من موقع العمل» ورفع محمد يده هاتقًا : أنا لها. . . أنا لها . 

وانطلقت الخلية ووقف محمد خلف إحدى الشجيرات» ولا اقتربت الدورية ألقى 
ثلاث قنابل من صنع محلى على الدورية. . . . وأعقبها زخات رصاص لاحقت 
المجاهد حيث استقرت إحداها فى فخذه الأيمن وتم اعتقاله. . . 

وسارت به القوة وهو مصاب باتجاه معتقل أنصار فى خانيونس وهو موثق اليدين 
والقدمين واتجه به الجنود ناحية غرف التحقيق . 

ولا كان محمد مميزا بالجرأة والمواجهة والعناد. فقد أسلم روحه إلى بارئها دون أن 
يقول كلمة واحدة إلى ضابط التحقيق . 

وفى الساعة الثانية عشرة ليلا كان الوالد المحتسب يحيطه عدد كبير من جنود 
الاحتلال حيث يوارى جثمان ولده الشهيد التراب وهو يردد (إنا لله وإنا إليه 
راجعون). . . (حسبنا الله ونعم الوكيل)» يتلو آيات من كتاب الله عز وجل . . . فيما 
تقف والدته ذاهلة وهى غير مصدقة» فقد كان الخبر مفاجنًا وصاعقًا لأمه ولحميع من 
عرفه» فقد احتل فى قلوب الناس موقعًا متميزا لتطوى صفحة أولى ناصعة من 
صفحات الجهاد القسامى المتنامى على أرض الرباط الإسلامية» ولتنطلق الشرارة المميزة 
فى العمل العسكرى الإسلامى استجابة لوعد الله تعالى على هذه الأرض الباركة . 


YAY 


الشهيد / رائد محمود عوض البرغوتى 


مولده ونشاته: 


ولد الشهيد رائد فى قرية عابود فى /١/١١‏ ١۱۹۷م‏ |” 
لأسرة فقيرة الحال» فوالده مزارع يقضى نهاره فى أرضه» 
يجد ويتعب ليطعم أسرته المكونة من خمسة ذكوروست 5 
ات اغ فق ذلك ولاك الك عا ةا 
لإيواء وإطعام هذه الأسرة الكبيرة. ) | 

أما شهيدنا - رائد- فقد كان جوهرة البيت» قمحى 
اللون» أسود العينين على خلق حسن» يحترم الصغير 
ويوقر الكبير» أمينًا تقيّاء فقد حدث أنه وجد وهو صغير مبلا كبيرا من المال فسلمه إلى 

أنهى الشهيد الصف الثالث الإعدادى» ثم انكب بعد ذلك على حفظ آيات القران 
وأحاديث الرسول بلا . وقد أحب رائد قراءة القصص الدينية والمجلات الثقافية . وكان 
محبًا للنشيد» ينظم الزجل الشعبى ويلعب كرة القدم بتفوق بارز . 

لقد قاد الشهيد فرقة أشبال المسجد للأناشيد الإسلامية ليقف فى ذكرى مولد سيد 
الكونين محمد كَل وذكرى الإسراء والمعراج» وسائر الذكريات الإسلامية مجلجلاً 
نضوتة فی الآفاق متشدا : 





ياهذه الدنيا أصيحى واشهدى إنابغيرمحمدلانقتدى 
حادثة الاستتهاد : 

داهمت قوات كبيرة من جنود ومستوطنى الاحتلال القرية لتأديبهاء فانطلق الشباب 
يتصدون لقطع الطرق على بنى يهود. وانطلق وكأنه على موعد مع الشهادة» فقد 


وجدت له صورة وكتب على ظهرها : 


ذف 


المرة سيف فى ال اوت .ضيف ةكذلك تة ضف الاعمار 

فإذا أقمت فإننى ذا يينكم وإذا رحلت فصورتى تذكار 

انطلق رائد ليلتقى رفيق طفولته وصباه وشبابه أحمد الذى كان ورائد حبيبين 
صاحبين . وها هما يذهبان من هذه الدنيا شهيدين عند الله تبارك وتعالى». لقد تصدى 
الشهيدان الصاحبان لقوات المستوطنين» فقام أحد المستوطنين بالغدر- وتلك شيمتهم- 
بهما فالتف من حولهم وأطلق الرصاص فأصاب جبين الشهيد برصاصتين لينفجر الدم 

وفى عالم آخر لا ينتهى اجتمع الحبيبان رائد وأحمد. عرفوا معنى الحياة تضحية 
وفداء لله ولرسوله . . لا شهوات وصغائرء فكانوا فى الأرض الأوفياء المجاهدين . . . 
وكانوا فى الآخرة الشهداء الخالدين . 2 


YA 


الشهيد /محمود محمد علاونة 
مولده ونشاته: 
ولد الشهيد محمود بتاریخ ١91١/١/74‏ ودرس فى 
مرس يرقيق الكانوية: رانين الدواسة خن الف الثاليك 
الإعدادى وتوجه بعدها لكى يتعلم صنعة الحدادة من أجل 
أن يقوم بالأعباء الاقتصادية الملقاة على عاتق والده. 
وبالفعل فقد أصبح الدخل الذى يتقاضاه المتنفس الوحيد 
للعائلة من الصعوبات التى كانت تواجهها فى الحياة. 
خصة استتهاده: 
كأى شاب فى المرحلة التى كان يعيشها محمد» فقد بدأ يعد نفسه من أجل الزواج» 
وبسبب البيت الضيق الذى تعيش فيه العائلة » فقد قرر أن يقوم ببناء عدة غرف بجانب 
البيت القديم ولم يكن يعلم شهيدنا أن القدر قد خباً له ما يقطع عليه هذه الأحلام! ! 
تقول والدته عن هذه اللحظات : بدأ محمد العمل منذ الصباح الباكر فى ذلك 
اليوم» ولم يتناول إفطاره. ونيئما نحن فى صمت إذا هو يسألتى: هاذا يفغل أهل 
الشهيد عندما يستشهد ابنهم؟ فردت عليه والدته بقولها له: آخر الأمر فإن أهله 
سيصبرون ! وكأن الشهيد رحمه الله كان يؤرقه رد فعل الأهل وريا شعر بدنو أجلهء 
تقول والدته: إنه لم يسأل مثل هذه الأسئلة منذ بدء الانتفاضة . فى هذه الأثناء دخل 
جنود الاحتلال إلى القرية من أجل إجراء عملية اعتقالات لبعض المطلوبين» وعندما 
تنبه عدد من السكان إلى ذلك بدأوا يصرخون ويكبرون» وسمع محمد أصواتا تقول 
بأن الجيش اقتحم القرية» فترك عمله وهب للدفاع عن كرامة شعبه وحرمة أرضه. . 
ولم يجد أمامه سوى الحجارة» وصيرقتك مواجهات فة ارت ونتاطويلا: وينما 
کان شهيدنا ينشط فى رجم جنود الاحتلال» عن بعد ٠١‏ متراء أطلق أحد الجنود النار 
باتجاه محمد ليصاب بالرأس وسقط على الأرض» تقول عمته : إنها شاهدت جزءا من 
شاه على ریا عه تقل ادال می صن ومن ن حول إلى دشن 





25221 


رميم بحيفا حيث لفظ أنفاسه الأخيرة ليشيع فى جنازة كبيرة طافت شوارع القرية . عن 
وقع الحادث يقول والده: كنت أعمل فى حيفا وبينما آنا راجع إلى البيت أخبرنى أحد 
الأصدقاء بأن ابنى قد استشهد . أما والدته فتقول: عندماتم إطلاق النار وسمعت 
صراخا حول إصابة أحد الشبان قلت : محمد أصيب!! وتعيش مع الأسرة اليوم عمة 
الاه حيبت نمت سلطا ت ال حال م ليا والآأسرة بأكمليا لا دفاو لتعيش 
ا نراقن اليك كلها كان یا مك اسا ارات 
المستمرة لجنود الاحتلال من أجل منع صورة الشهيد من تزيين جدران البيت. وكم 
يغتاظ جنود الاحتلال حين يرون صورة الشهيد معلقة على جدران القرية ويغتاظون 
أكثر إذا علموا أن صورة الشهيد ستبقى معلقة فى قلوبنا !! . فإلى الجنات أيها الشهيد . 





0 0 


۲۸٦ 


الشهيد /بركات إبراهيم العا خورى 
مولده ونشاته: 


وذ الشنهبيف ر کات جار 141/54/56 فی ت 
عشق أرض فلسطين وتربى فى أحضان مدينته الحبيبة التى | 
راع ا وو ار سنوت فبها اد وكا 

شهيدنا هذه المرة من خليل الرحمن» البلد الذى أحب | 029 ا 
أهله الإسلام والحركة الإسلامية» فالخليل منذ القدم قلعة | .يذ 
صامدة للاسلاميين» وكان من حظ الشهيد أن يكون بيته 
بجانب مسجد الحسين» الذى كان له الآثر الطيب فى 
بعث الصحوة والنخوة فى نفوس شباب الإسلام فى مدينة الخليل, 5200700 
من الشباب المثقف الواعى ا متحمس لدعوة الإسلام الذين يؤمنون بهذا الدين عقيدة 
وشريعة ونظامًا شاملاً للحياة» وغالبا ما يفد إلى هذا المسجد طلبة جامعة الخليل . 






وبركات يتمتع بخلق رفيع» فكان هادنًا صلبًا محبوبا من كافة إخوانه» وكان بطبعه 
لايميل إلى المجادلة أو الثرثرة» وكان يتلقى الحكم الشرعى أو النصيحة بكل هدوء 
ورحابة صدرء وفى الفترة الأخيرة أكثر من الحديث والسؤال عن الانتفاضة والجهاد 
والاستشهادء ويقول أحد إخوانه عنه : كان يأخذ الحكم الشرعى للتطبيق دون تردد أو 
تسويف» ولقد كان شجاعا صلبًا قوى الجسم لا يعرف الخوف أو الخور أو التنازل عن 
حق ويقول: جاء بصور شهداء مدينة الخليل وقال: (يا الله أكون منهم) وكان فى ليلة 
استتتهادة و دد: يا أم الشهيد زغردى . 
حادثة اللاسستهاد : 

حدثت مواجهة عنيفة مع سيارة كان يركبها مستوطنان (ابن تسيفا وحارسه 
الشخصى من حركة كاخ) فخرجا من السيارة وبدأ الاثنان بإطلاق النار باتجاه (سوبر 
ماركت) قريب» فاخترقت الرصاصة الأولى باب المحل» وأطلقا رصاصة أخرى باتجاه 
بركات فأصابته فى بطنه» فوضع إحدى يديه على مكان الجرح ورفع يده الأخرى مشيراً 


TAY 


بعلامة النصر وهو يقول: الله أكبر. وهنا جن جنون أحد المستوطنين» فأفرغ بقية 
الرصاص فى جسد الشهيد» وبقى يطلق النار فوق جثته الطاهرة ليفزع كل من يحاول 
إسعافه. . وبالرغم من استخدام السلاح وبشكل مكثف فقد هرع سكان الخليل 
القريبون من الحادث لنجدة الشهيد مما اضطر المستوطنين إلى الهرب. وحضر طبيبان 
لعالجة بركات الذى كانت دماؤه تنزف فى هذه اللحظات وتم نقله إلى المستشفى وهو 
فى الرمق الأخير» لترتفع روحه إلى بارئها ويقضى فى الخالدين بإذن الله . 
كرامات الشهيد: ) ) 

بقى ينزف من جراحه لمدة نصف ساعة تقريبًا بغزارة» وكمية الدماء التى نزفت منه 
تجعل الإنسان يندهش عندما يزور موقع الاستشهاد . 

بقى الدم رطباء لونه لون الدم ورائحته كالمسك» كما أن ثياب إخوانه أصبحت 
رائحتها طيبة وزكية . 

إن شهيدنا بر كات كان من سرايا المجاهدين التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس › 
وات خاي ي وط وفع ا اد لبونينا الذية و ا على رق 
فلسطين ليرووها من دمائهم» وليعلنوا لكل العالم أن أرضهم إسلامية لا شرقية ولا 
رة : إن دمك أيها الشهيد يلتقى مع دماء أيمن المحتسب» ومحمد زین الكركى» 
شرنو ایا الین ا اورا فى دای اا شرت کی رو 
يحزنون 4 . 


A۸ 


حياته ونشاتك: 





شهيدنا بلغ من العمر ١8‏ سنة. . عرفته قريته جرت أا 
شجاعا كان ارتو انرق قل سيا فخ فاموسة:. ٠.‏ 
يدفع بنفسه إلى المواجهات دفعا . 
حادثة الاستشهاد: 


اسقط مك را وغل ولس اجمل ثا وقال لأمه : 





من أخيه الأكبرأن يقسم ما كان قد جمعه من مال بين إخوته. . وأن يسامحوه» ومضى 
مع ثلة من أفراد حماس› وإذا بقوة للعدو على مقربة من القرية» فما كان منهم إلا أن 
كمنوا لهاء فباغتوهم بوابل من الحجارة أصابت معظم جنودهم إصابات بالغة» فوجه 
أحد جنودهم رصاصاته إلى يد شهيدنا الذى ما إن رأى الدماء حتى خرج من مكمنه 
هاتفا: الله أكبر. . الله أكبر. . ويهجم صارخًا: يا كفرة. . يا مجرمون ١‏ اضربونى. . 
مزقونى. . أغرقونى فى دمائى» لن تعيشوا فوق أرضى لن تطيروا فى سمائی» ویتجه 
نحو غريمه الذى أصابته الدهشة واستولى عليه الرعب لما يرى ويسمع» فيأخذ منه 
سلاحه ولكنها رصاصات الحقد تنطلق من دورية أخرى لتستقر فى قلب الشهيد. . 
ويقف اجنود يرمقونه من بعيد لا يجرؤن على الاقتراب منه» وإذا بالسواعد الرامية 
يهرعون إليه ليحملوه إلى عيادة طبية فى قرية (بورين) المجاورة» ولكن العدو حال دون 
ذلك لتنطلق السيارة التى أقلت شهيدنا إلى طبيب داخل القرية نفسها. . 

ويلتفت إليهم الطبيب والدموع تملا عينيه قائلاً: إنها الجنة تبغى ثمنّاء 
فيكبرون وتكبر القرية معهم. . وتقف دوريات العدو على الطريق لتأخذ الجثة 
ونشرحها -كعادتهم - علهم يجدون فى صدره وبين حناياه سر هذا الإقدام فيدخلونه 
إلى نفوس جنودهم المهزومة» ويقوم شبان بحمله والسير به بين الأشجار ليوصلوه إلى 


۲۸۹ 


قريته التى تبعد حوالى ١كم‏ والدماء تنزف منه والرائحة كرائحة المسك وينادى مناديهم : 
يا أهل قرية مادماء شهيدكم بين أشجار الزيتون فادفنوه ولا تسلموه لجنود الاحتلال . 
جنازة الشهيد: 

اندفع الأهالى شبانًا وشيبا . . نساء وأطفالاً إلى الطرقات والأزقة يغلقون مداخل 
القرية بالمتاريس ويضرمون النيران فى إطارات السيارات ويقفون كالليوث يذبون عن 
الحمى ويرجمون يهود ليحولوا بينهم وبين الوصول إلى الجثة» فى الوقت الذى كان 
كبار السن من الشيوخ يحفرون القبر والوفود من القرى المجاورة تتدافع متسللة من بين 
الأشجار لتعزز الموقف وتشارك فى تشييع الجنازة وينطلق الجمع بالشهيد إلى روضته. 
ودماؤه ما زالت تنزف وسط ثلاثة آلاف مشيع › والزغاريد قد ملأت الأجواء . . ويجبن 
اليهود أمام العرس الفلسطينى فيعودون أدراجهم يجرون أذيال الخنيبة والذل 
وار ويعلن أهله وأقرباؤه الأفراح› فتفد الجموع من كل المناطق المجاورة مهنئة 
بالشهادة . إننافى هذا اليوم نقف وقفة عزة وفخار أمام هذا العملاق وقد جرح بيده فثار 
مكبر ودماء المجد تقطر من ساعده. 


4۰ 


لقد بنوا دين الله على أكتافهم » ومضوا من الدنيا وهم 
عليك وحدك. . . يامن خلقت الأرض والسماء. . 

لمر ل رضيام ٠‏ ومن أوقى بالعهد 
فتك ١‏ : 

هؤلاء أشبال الإسلام الذين استبقوا إلى الميدان 
وتنافسوا الشهادة. . . إنهم فتية أمنوا بربهم فزادهم 
اماتا ا 


e 





ربه 4 [البينة :۸]. 

الشهيد عصام اوه اشيال ا المقاومة الإسلامية (احماس) 2 ولد فی مخيم 
الشهداء (طولكرم) وعاش فى بيت من بيوت المخيم فى أسرة مهاجرة من الأرض 
المحتلة عام ١ ٤۸‏ 

5 ٣ 

حادثة الاستشهاد: 

كان الشهيد أحد نشطاء أشبال (حماس) يهاجم جنود الاحتلال مع مجموعة من 
أقرانه» ري ا ل نقطة 
موضوعة فوق منزل مهجور شرقى المخيم . 

لقد تترس هؤلاء المحتلون فوق المنازل طلا يقاتلونكم جَمِيعًا إلا في فى محص أو من 
وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقُلُوبِهِم شى ذلك بِأنّهُم قرم ل يعقلون 4 
[الحشر: 5 أما الأشبال فقد ركزوا هجماتهم على هذه المجموعة المختبئة فوق المنزل 
المهجور ليثبتوا لهؤلاء أن أسلحتهم لن تردع الفتية المؤمنين عن رجمهم بالحجارة. 
انطلقت رصاصات الحقد والجبن فى كل اتجاه. . . فأصابت قلبًا امتلاً بالحب والإيمان. 

ويحمل الشهيد عصام على أيدى الشباب إلى عيادة الوكالة» ولكن قدر الله النافذ 
قد سبق فى كتاب لا يتقدم فيه الأجل ولا يتأخر. . . وترتفع روح عصام فى سماء 

٨۹۱ 


الخالدين فبل وصوله إن العيادة 2 حارة الشهداء لتضيف الن رصيذها انتا 


وانتشر الخبر فى المخيم الصابرء وتسارعت الأحداث» وانفجر المخيم مرة أخرى 
غضبًا فى وجوه المحتلين» فخرج الناس عن بكرة أبيهم . . ومشوا على أقدامهم كبارا 
وف وتان يهتفون ويكبرون. 5 وترتفع زغاريد النسوة. وتنطلق 
مسيرة حاشدة تجوب شوارع المخيم» والشهيد محمول على حمالة المصابين التابعة 
لحماس» ثم يلف الشهيد بالعلم المزين ب «لا إله إلا الله»ء والمشاعر تنفجر غضبًا وحنقًا 
على القتلة المجرمين ) 

ومر الفتيان على قبور الشهداء الذين سبقوهم إلى جنة الفردوس . . . فأشار بعضهم 
قائلاً: هنا مرتع الأبطال الميامين. . هنا درج طفولتهم» هنا كم ترددت أنفاس الفتية 
المجاهدين . . وأنصت الفتيان . :وهال ندا و الم 
ا فجاء الجواب © في عيشة رَاضيّة 0© في جن عالية 69 قُطُوفهَا دانيّة © 
كوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية 4 [الحاقة : ۲۱ [Yé‏ 





الشهيد /محمد محمود يوسف جب رزلط ‏ 
مولده ونشأته : 


7 1537/5م. . وكان شهيدنا يرى الظلم الذى يعيشه 
أبناء شعبه وقد شردوا فى البقاع» وعاشوا حياة ذليلة فى 
الحقد على أعداء الله الذين احتلوا أرضهء وشردوا أهله 
وسلبوهم أعز ما يملكون. . العزة والكرامة. . عزم 
محمد على مقاومة المحتلين لأنه يريد أن يكون حياء 
والحياة فى مقاومة المحتل وعدم الرضى بالضيم» ايك 
الذل. 





كان شهيدنا فى بداية الانتفاضة قد انتمى إلى تنظيمات مختلفة رغبة منه فى مقارعة 
المحتلين» وفى 17/ 7/ 198/4م» قامت سلطات الاحتلال بمداهمة المخيم واعتقال عدد 
من النشطاءء فكان محمد من بينهم ثم حول إلى الاعتقال الإدارى لمدة ستة أشهر فى 
معتقل أنصار» وهناك خلف القضبان من الله تبارك وتعالى على محمد بالهداية» فبداً 
وقفة مع النفس مراجعا حساباته. مصححا فكره وسلوكه . . وصمم الأخ محمد على 
أن يكون جنديا مخلصا من جنود الإسلام مهما كلفه هذا الأمر من عنت وشدة وطعن 
TT‏ ربع سارك وهاي على محمد دورج هد 
السجن فى /١7‏ 9/ 19م فتخرج من السجن وكأنه ولد من جديد- يعمل للإسلام 
بحيوية كبيرة» جاهدا مجاهدا بكل ما أوتى من طاقة وعمل - حتى أحبه الناس. . كل 
الان 

كانت دراسة الشهيد قبل استشهاده (التمريض) وفد درس هذه المهنة الإنسانية فى 
مستشفى الاتحاد فى نابلس» ثم آم دراسته بعد خروجه من السجن ليصبح مسؤولاً عن 
الإسعاف الميدانى التابع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) . 


4۹۲ 


إرهاصات الشهادة: 

لقد كان الإخوة. من أصحاب محمد يستغربون مسلكه الصارم ونشاطه العجيب 
وجرأته الكبيرة حتى إن بعضهم قالوا له : (سوف تستشهد بسرعة يا محمد). . لم يكن 
الشهيد يبالى بالمحتلين ولا بجنودهم . . فكم من مرة لاحقوه!! . . وكم من مرة أطلقوا 
عليه النار!! . . إلا أنه كان سريع الحركة. . مرهف الحس . . حاد الذكاءء وكان يأتى 
بعقب الرصاصة ويقول: بهذه كنت سأستشهد! . 

كان دائم التفكير والتأمل. . خاصة عندما يكون مع إخوانه. . يسرح بنظره إلى 
السماء مرخيًا جسده. وكأنه تسليم الروح إلى بارئها فكان الشباب ينظرون إليه 
باستغراب . . ويسألونه بماذا تفكر؟ . . فيلوذ بالصمت . 

لقد رفض الشهيد طلب والده بإكمال تعليمه فى الخارج بعد إكمال جميع الأوراق 
قائلاً: أنا لن أغادر هذه الأرض . 
قصة الاستتشهاد : 

فرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول» وهى الوسيلة الوحيدة التى يلجأ إليها 
المحتلون عند عجزهم عن السيطرة ة على الوضع إنقاذا لجنودهم المنهارين . . إلا أن 
محمد كعادته كان مخترقًا للمنع . . يزور الشباب» ويطمئن على إخوانه. . وفى أحد 
البيوت اجتمع مع بعض إخوانه وبدأوا يتناقشون حول الشهادة والشهيد» و وأقسام 
الشهداء» وقسم الأخوة الشهداء إلى ثلاثة أقسام : ( أ) شهيد الدنيا (ب) شهيد الآخرة 
(ج) شهيد الدنيا والآخرة. . وبعد انتهاء النقاش قام هو ومجموعة من إخوانه لزيارة 

عض الأغيوة الارن وق اسر فى تة أن رك تمن رجال الا رة مهيل 

الآخرة. 

لقد كان محمد غريب الأطوار ذلك اليوم» فكلما وقف الشباب فى موقع» قال 
لهم : جنود الاحتلال» هيا بنايجب أن نصل بسرعة» وكأنه على موعد مسبق مع 
الشهادة» وظل محمد يتتقل من مكان إلى مكان رغم حظر التجول. . وفجأة تشتعل 
الأرض لهبًا تحت أقدام المحتلين» فها هم أولاء الشباب من كل صوب يخترقون نظام 
منع التجول ويرجمون الأعداء با لحجارة. . ولم يستطع جنود الاحتلال مواصلة 


۹٤ 


التحدى فانهزموا إلى أطراف المخيم . . فأراد الشهيد إغاظة المحتلين» فبدأ بإشعال 
الألعاب النارية وقذفها فى الهواء مع ترديد الهتافات الإسلامية. . وقبل إصابة محمد 
ببضع دقائق . ترك فاه الميدان» وانس حب إلى البيت فأدى صلاة ة العصر وهم 
با خروج إلا أن أمه حاولت منعه فقال لها: أنا لم أشارك إخوانى بالأمس فأريد أن 
أساعدهم اليوم. . وبالفعل خرج محمد لتنطلق رصاصات غادرة فتخترق القلب 
والرأس فيسقط الجسد. . لكن الروح ترتفع فى عليين تسبح فى الجنة مع الصديقين 
والشهداء. . ويحاول المجرمون الاقتراب منه لأخذ جثمانه الطاهر» لكن الشباب 
المؤمن انتشلوه من بين أيديهم » فحماه الله منهم حي وميئًا . 

فرحم الله الشهيد محمد زلط» وأسكنه فسيح جناته» وجعل دماءه لعنة على 
الحتلين» وذخرا لإخوانه الملجاهدين يسيرون على هديه» ويقتفون آثار دمائه حتى 
يثأروا لروحه. . إنه يوم قريب بإذن الله . 





المجاهدون.. دائما فى موعد مع الشهادة 
550 


الشهيد /عماد عرقاوى 


عماد. . طبعه هادئ» هادئ . . فى البيت» هادئ فى | ل 


الشارع» عاش من السنين ما عاش ولكن كيوم واحد لم نر E‏ 
منه ما يغضبء كان يعد لدراسة الثانوية العامة» وكان 
مجتهدا فی دراسته» كان يأكل ما تيسر دون الانتباه إلى 
نوع الأكل . 
بدأ الصلاة وعمره سبع سنوات وكان يحافظ على | 
صلوات الجماعة ولا يفرط فيهاء وقبل استشهاده بس و 
سنوات لا يذكر أنه صلى الفجر إلا فى المسجد . 
كان يلعب كرة القدم» وكان يلعب لفريق المسجدء وحصل على عدة كؤوس» وكان 
يقرأ القرآن ويرتله ترتيلاً حيث إنه كان يتعلم فى دار القرآن الكريم» وفى إحدى المرات 
م 0 فأخبر بأنه عماد . ١‏ 
فشجعه كثيراًء كان صوته جميلاً فى الترتيل كطير يغرد تغريدا . . 
تقول والدته : كان دومًا يتحدث عن وجوب الشهادة فى سبيل الله وكنت و كاف 
أم- f‏ : ألا يكفيك أننا قدمنا شهيدا فى لبنان؟ فيجيب. . لا يكفى» يجب أن 
أضحى أنا بدمى . . كنت دائمًا أتحدث معه خصوصا عندما كان يلبس ويستعد للخروج 





استشهاده: 

تقول والدته : کان يبيت عند إخوانه قبل استشهاده بيوم أو أكثر ؛ لم يأت إلى البيت» 
وللت اهاد ده غمرتنى رغبة جامحة فى مشاهدته» وفكرت كثيرا أن أذهب لرؤيته 
رغم البعد بين بيتنا والبيت الذى ينام فيه » ولقد حدثتنى صاحبة البيت الذى نام فيه تلاك 
الليلة فقالت لى بأنه فى يوم استشهاد ده صلَّى الفجر فى المسجد وبعد أن رجع إلى البيت 
صلَّى ركعتين للشهادة واستعد لهاء ولاقى الله وهو على وضوثه . . وكل كلامه كان 
يؤكد أنه سيكون شهيدا هذا اليوم . 

۲۹٦ 


كان يتحدث دائمًا عن الشهادة فكان يقول بعد استشهاد فؤاد العرابى : سأكون أنا 
الشهيد» ولقد تحققت هذه الرغبة» فقد كان الشهيد عماد أول شهيد بعد استشهاد فؤاد . 
كيفية استشهاده: 

كان يلقى حجارة ويقول الله أكبر . . فأصابت جنديا فوقع على الأرض فأخذ عماد 
يضحك عليه» فقام زميله بتصويب البندقية وأطلق النار فأصابته فى صدره . 


وداع الشهيد: 


تقول والدته : لم أفعل شيئًا يغضب الله تعالى» وفى أثناء وداعى له اقتحم الجيش 
ونحن ندفن جثمانه. وأطلق النار بكثافة دون احترام لحرمة الميت»› كنت فى هله 
الأثناء أطلب من الله أن أنال الشهادة لألحق بالركب . 1 ركب دعوة محمد وجنده. 





الشهيد / عماد عبد العم و الرغير 

نشاته: 
الشهيد عماد من مواليد 19177م» نشأ وترعرع فى ظل 
عائلة تمتاز بالحشمة والمحافظة على القيم والأخلاق 
- الإسلامية» أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية بنجاح» ثم 
انتقل إلى المرحلة الثانوية» ومع دخول الانتفاضة كان أحد 
طلبة هذه المدرسة العظيمة» فكان أحد النوابغ الذين فازوا 
بشرف الشهادة فى سبيل الله» فأصبح مستقره فى سماء 
الخالدين فى مقعد صدق عند مليك مقتدر» كان الأخ عماد 





أحد العناصر التى تساهم مساهمة فعالة فى صفوف حركة ْ 
المقاومة الإسلامية «(حماس» نحت راية لا إله إلا الله . : إلى أن توفاه الله على ذلك . 
خقصة استتهاده: 

أما عن قصة استشهاده فقد نال شرف الشهادة عندما كانت سوائب المستوطنين تشن 
هجماتها على أهالى مدينة خليل الرحمن وتعيث فى الأرض الفساد . . فتحطم ما تناله 
أيديها من بمتلكات أهالى المدينة» ويعتدون على كل من يصادفهم من غير تمييز» ففى 
إحدى الليالى شن مستوطنو كريات أربع هجمة على المدينة وحطموا خلالها العديد من 
السيارات وزجاج المنازل واعتدوا على أصحاب السيارات بالضرب الوحشى» وذلك 
مسجد الحرس فى مدخل المدينة . فوقع اشتباك بين أولئك المستوطنين وأهالى الحى 
والنجدة من كل أحياء المدينة» وكان شهيدنا من أوائل من أقدم على المسجد لنجدة 
اللهددين فيه بالقتل أو الاعتقال» وبعد أن استطاع آهل الحى صد تلك الهجمة التى 
جرح فيها بعض المستوطنين عاد الشهيد إلى موقعه الذى تحصن فيه فى الحى» وبينما هم 
وقوف فى تلك الموقعة والظلام يسدل أستاره إذا بقوات من الجيش المشاة على مقربة 
منهم» فصوب أحدهم فوهة بندقيته تجاه الأخ عماد ليستقر الرصاص فى الدماغ» 


۹۸ 


فمكث فى حالة الإغماء وتحت العناية المكثفة مدة اثنى عشر يوما. . إلى أن نال شرف 
الشهادة العظيم فى اليوم الشانى عشر من الإصابة» وتمت الصلاة عليه فى المسجد 
الأقصى» ودفن تحت أسوار القدس الشريف بعد أن تعذر نقله إلى مدينة الخليل حيث 
وضعت الحواجز على الطريق لمحاولة انتزاع الجثمان من أهله. . ولكن الله عز وجل 
اختاره ليرقد تحت أسوار القدس . . فإلى جنان الخلد . 


ومن بشائر الشهادة أنه لوحظ عليه -كما تروى شقيقته- تغير ملموس وإقبال شديد 
على العبادة والتلاوة أثناء شهر رمضان وما تلاه من شهر شوال» فكان يحرص على 
صلوات الجماعة يقبل على كتاب الله محاولاً ختمه المرة بعد المرة وكأنه فى سباق مع 
الزمن. لقد رقد الشهيد تحت أسوار بيت المقدس لينضم إلى قافلة الشهداء الذين سقطوا 
تحت أسوار المدينة المقدسة دفاعا عن شرفها من أن ينثلم » وهكذا يجدد شبان حماس 
العهاذ لقي الرابة مرقوعة فاق على رين القدسن .دقلا نامك أغين البتاء:. 





الشهيسد / سامر مرعى 
قصتنا قصة شهيد لقى وجه ربه صائمًا لم يتجاوز 
التاسعة من عمره» الشهيد سامر مرعى» كم كانت أمنيته 
أن يلقى الله بأكرم وأفضل لقاء بالشهادة لينال أعلى 
المراتب فى الفردوس الأعلى . 
فى الأيام التى سبقت استشهاده كثر كلامه عن الشهادة 
والشهداء. . فها هو فى يوم إصابته قد استلقى على أريكة 
فى بيته وعصب رأسه بعصبة خضراء كتب عليها كلمة أ 
التوحيد «لا إله إلا الله» فيرخى أطرافه ويغمض جفنيه على 
دموع فيها حرارة الطلب والرجاء ويقول لأخيه الأصغر منه سنًا: هأنذا شهيدء فإن 
استشهدت فادفنونى عند صديقى وأخى السابق لى بالشهادة «على أبو شريفة» . 
ونعود للأحداث التى سبقت إصابة الشبل سامر ساعات معدودة» ففى يوم الأربعاء 
وبعد استشهاد الشبل عصام أنيس» ثارت العواطف فى مخيم طولكرم وتفجر الغضب 
بركانًا يتصاعد لهيبّاء ففرض حظر التجول فى المخيم . . ولكن لا حياة لمن تنادى» 
فالسواعد الرامية لا تتعب ولن تكل من قذف الحجارة والزجاجات الفارغة» الأسلحة 
المعتادة» وصيحات الله أكبر ولله الحمد قد طغت على صوت الرصاص الحى 
والمطاطى» والهتافات الإسلامية والوطنية باتث تزلزل الأرض تحت أقدام المحتلين قتلة 
الأطفال» فاختلط الحابل بالنابل» فلم يعد لقوات الاحتلال قدرة على السيطرة على 
الوضع المتفجرء بل إن ضرب الرصاص والغاز المسيل للدموع كان بمثابة وقود لنار 
التحدى والصمود» فأصيب من أصيب جراء مداهمات البيوت والغاز الخانق» وبينما 
شهيدنا سامر فوق سطح منزله يراقب الأحداث ويساهم بالهتافات وضرب الحجارة» 
إذا بجندى ينتهز فرصة رؤيته فيصوب بندقيته الغادرة نحوه ويطلق رصاص الغدر 
والاستبداد» فإذا هى تصيب عينه وتستقر بدماغه. . وها هو سامر فلذة أكباد إخوانه 





یربهر دعا بيت المكدين وآكاف ت الد جر دعا ساج اهاد كان يه يقول: 
إخوتى هذه الشهادة قد نلتها. . 


فالحقونى وامشوا على أثرها. . 
و 


هذى أرض الأنبياء فأرجعوا عزها. . 
وأمة استنجدت بكم فاحموا عرضها. . 
وعقيدة التوحيد ارفعوا رايتها. . 
وأيادى كبلت بالحديد فكوا قيدها . . 


فلما رآه شباب المخيم هبوا إليه مسرعين ونقلوه إلى مستشفى طولكرم» ولكن لسوء 
حالته حول إلى مستشفى المقاصد الخيرية فى القدس الشريف» فلم يمهله الأجل حتى 
ارتفع فى سماء الشهادة فى نهار ليلة القدر» فلك الله يا سامر فزت ورب الكعبة» لقيت 
الله صائما ولقيته فى خير بقعة وأحبها إلى الله فى بيت المقدس وأكناف بيت المقدس › 
فهنيئًا لك الشهادة وهنيئًا لروحك التى ضعدت لمولاها فى نهار ليلة القدر تشكو إلى الله 
ظلم المحتلين . هنيئًا لك يا شهيد الأقصى . وبعدها ينقل سامر ومن ثم يدفن فى المكان 
الذى أحب أن يدفن فيه» إذ قام شباب حماس بخرق الطوق والحصار وقاموا بدفنه 
قرب أخيه فى الإسلام والشهادة «على أبو شريفة» فعصبت رأسه بالعصبة الخضراء 
المكتوب عليها «لا إله إلا الله» ويلف بعلم الوطن العزيز. . وقد كتب على العلم أيض 
أعظم كلمة «لا إله إلا الله» ظ | 








"١ 


الشهيد /غخسان مصباح عبد الحميد أب و ندى 
1441/0/۳ 
تطهيرية . . ليعلن هذا الدم الطاهر الزكى بداية الصعود 
القسامى الشامخ على أرض الرباط لتأخذ القضية 
الفلسطينية بعدها العقائدى الحقيقى» ليس عبر شعارات بل 
e‏ 
ا ا ی ا فما 
من بيت فلسطينى إلا وزارته المحن والكروب ليدفع أهلنا ثمتا غاليًا للحرية والكرامة 
وبطلنا اليوم أحد أولئك الذين أبوا إلا العطاءء وأى عطاء. . . إنه الدم والشهادة . 
كان اليوم الثالث من شهر مايو/ أيار من العام ۱۹۹۱م حيث أزهرت ورود الربيع 
الحالم» وحين داعبت نسمات المساء الرطبة وجوه الخلية القسامية الأولى فى منطقة غزة 
الرابضة بين الأحراش الواقعة شمال غزة تنتظر صيدها الأصعب فى باكورة أعمالها 
التطهيرية. . . والصيد ليس سهلاً بل لعله أخطر المطلوبين لمجموعات الانتفاضة نظراأ 
لله ادو رالد 
لم يطل انتظار الخلية حتى تقدمت السيارة التى تحمل الهدف (مصطفى المشلوح) 
أخطر عملاء المنطقة الشمالية. . . وتوقفت السيارة بشكل طبيعى أمام الحاجز الحجرى 
الذى وضع لهذا الغرض . . . فانقضت الخلية القسامية على العميل الخطير وأحاطت 
بالسيارة وأطل بطلنا المقدام (غسان) من زجاج السيارة إلى حيث يجلس المشلوح خلف 
المقود آمرا إياه بالنزول الفورى . . . وفى لحظة أخرج المجرم مسدسه وأطلق الرصاص 
على رأس (غسان) الذى سقط فور على الأرض مدرجا بدمائه الطاهرة . 55 ولم يلبث 
إلا دقائق حتى صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها. . . كانت السيارة حينها تنطلق وسط 





۲ 


الحاجز فارة فيما بقى الأبطال القساميون فى ذهول شديد . . . أحاطوا بجثمان أخيهم 
الشهيد فى لحظة وداع أخيرة مؤثرة» أقسم حينها الأبطال بالله العظيم على الثأر 
والانتقام لدماء (غسان) الغالية من كل المجرمين . 

هذه اللحظات الرهيبة كانت الدافع الأكبر لهذه الخلية القسامية للانطلاق الإبداعى 
برط و الم لوسر ا 
أعلام الجهاد القسامى على أرض الرياط . 

كان الحلم أكثر رسوخا فى ذهن الابن الثالث (غسان) الذى ما كاد يشب عن الطوق 
فى بداية نوفمبر سنة ۱۹۷١‏ م. . . حتى بدأت أسئلته تكثر حول بلدته الأصلية وموقعها 
وجمال الحياة فيها. . . وكان يجلس ساعات إلى جوار والدته العطوف وهو يستمع إلى 
الحكايات عن بيت جرجا الرطبة . . . وظل يردد : «يا ريح الصبا الوافى إن زرت الحمى 
سحرا وأهلى نائمون اقرى الحمى منى السلام وقل له إنا وإن نأت الديار لعائدون». 

وبذلك ارتبط (غسان) بوالدته ارتباطًا وثيقًا حتى لا يكاد يفارقها أو يبتعد عنها وما 
زال يسقى من معين حنانها حتى غدا الهدوء والسكون معلمًا بارزًا من معالمه . 

وارتقى (غسان) فى هذا الحضن الدافى» وفى كل يوم يزداد الفتى شوقًا للديار. . 
وشوقًا لسماع قصص وأحاديث الأم الحنون عن هذه البلاد وخيرها . 

وكان الفتى يتقدم فى دراسته» وما كاد ينهى الثانوية حتى انطلقت الشرارة الأولى 
للانتفاضة من مخيمه الحبيب حيث شاهد وشارك فى هذه الانطلاقة المباركة لشعب يأبى 
الضيم والقيد. . 

طروت النداة التى ترصوع ا جعلت هذا النتق الوسيم رل ٠...‏ .ركم ذلك فهو 
قوى صلب متين يمارس رياضة فن الدفاع عن النفس (الكاراتيه) لضرورته لشعب 
أعزل يواجه خطرا داهمًا. . . إضافة لممارسته هوايات أخرى ككرة القدم هذا عدا 
الصداقة الدائمة للكتاب. . . فحيثما حل حمل كتابه» فنشأ متعلما مفكراً فيما أطربته 
الأصوات الإسلامية ونشيدها العذب الرائع . . . وهو كشاب مسلم نشا فى المسجد 
ورضع حليب الإسلام . منذ نعومة أظفاره أراد أن يكون رجلاً كاملاً. . . وتطبيقا لمنهج 
الإسلام كان (غسان) حريصا على الطاعة لأهله وإخوانه حتى غدت معلما بارزأ يميز ٠‏ 
(غسان) الهادئ الوديع : 


۴ 


والح ا LS SG‏ 
العمل و "* شقيقه الأكبر يعمل كسائق سيارة» فيما شقيقه الثانى يواصل دراسته فى 
ا کا وغ ذلك اعم ای ادوا ل قن اا ای :وهو عام 
بحاجة إلى اليد الحانية التى تمسح عنهم عناء الإصابة. . . وعمل (غسان) بعد تخرجه 
فى المستشفى الأهلى العربى فى مدينة غزة . . . يخفف عن الناس آلام المصاب بالعلاج 
الطبيعى والتمارين التى يؤدونها بتوجيهات (غسان). . . وكان أكثر ما يغضب الشاب 

اليافع رؤيته لأحد أفراد شعبه وقد ترك الصلاة ة فيبادر إلى نصحه وتوجيهه . 

عرض ع بلا انين ١‏ اق مانا وله قات N‏ مه را 
إسلاميّاء فالتدرج فى البناء مسألة مهمة فى العمل الإسلامى بها نتج المجتمع المسلم 
الذى يمثل اللبنة الأساسية للدولة الإسلامية التى يسعى (غسان) مع إخوانه لبنائهاء 
لذلك كان غسان الأسرع فى تلبية أى نداء استجابة لمفهوم الطاعة الذى تعلمه منذ نعومة 
أظفاره» واستجابة لمعنى التربية بالقدوة لذلك لا نادت حماس بتحريم البضائع 
الإسرائيلية حرم غسان هذه البضائع على نفسه بشكل قاطع . 

هذه الإرادة الصلبة كانت ناجمة عن الارتباط الكنير بالاخرة ...هذا الارقاط 
المتواصل بالعبادة والالتزام التام فى بيت الله . . . كل هذا كان يدفعه دوم باتجاه الشهادة 
والآخرة. . . لذلك تراه يخبر كل من يحبهم أنه يزهد فى الدنيا الزائلة. . . المليئة 
بالظلم والإجحاف. . . يريد أن يغادرها إلى الجنة للحياة مع الأنبياء والصديقين 

وكان على أبناء الإسلام دفع مهر الجنة من بداية الطريق حيث أريق دم (غسان) فى 
أول محاولة تطهيرية. . ليعلن هذا الدم الطاهر الزكى بداية الصعود القسامى الشامخ 
على أرض الرباط لتأخذ القضية الفلسطينية بعدها العقائدى الحقيقى ليس عبر شعارات 
بل عبر شلال دم نورانى لم يتوقف كان شهيدنا أحد روافده . 

اتتصبت أم غسان واقفة وهى تضع يدها على وجهها لما وصلها خبر استشهاد 
(غسان) وهى تردد: كنت أنتظره لتناول طعام الإفطار سويًا. . . هل حقا لن تعود ثانية 
يا ولدى؟ وظلت هكذا تردد حتى عاد إليها رشدها وأخذت تردد: حسبنا الله ونعم 
الوكيل» فيما وقف الوالد أمام ولده المخضب بدمائه وهو يردد بشكل سريع ” إنا لله وإنا 
إليه راجعون » . ) 

5: 


وانطلقت مسيرة حاشدة وهى تحمل جثمان رمز العطاء القسامى الأول (غسان) إلى 
ع يت ازا الاضعي لنوارف انين الطاهن الخ امي 

وفى مقبرة جباليا يتتصب قبر الشهيد غسان مصباح عبد الحميد أبو ندى كالنجم 
اللامع يهدى الحيارى إلى الطريق الصحيح نحو الآخرة. . . نحو الفخار والحرية. . 
وكانت الدماء الغزيرة التى دفعها غسان ثمنًا للجنة والحور العين تضع حاجزا كبيرا مع 
العملاء والخونة وخاصة أولئك الذين لم يتورعوا عن قتل أبناء شعبهم . دين وا 
ذات الدماء دافعًا أكبر للخلية القسامية للانطلاقة فى حرب التطهير من دنس العملاء 
ورجس أسيادهم اليهود . 0 

وذات الدماء كانت أكبر دافع لعائلة غسان نحو مزيد من الالتزام الإسلامى القويم 
وهم يغشاهم طيف ابنهم وأخيهم يتقدم الطريق» ولا زالوا يذكرون تقواه وصلاته 
وصيامه وغيرته على دينه وعقيدته. ولا زالوا يذكرون حثه الدائم لهم على الالتزام 
وربطهم بالآخرة ويوم القيامة» وفورا يرددون: إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا 
على فراقك يا #(غسان) لمحزونون. . . 

راق جا على را ا كاد ال ا عاد وو 
هذا أول بروز جماهيرى لاسم كتائب القسام. . . الاسم الأكثر شهرة ووجودا فى 
مير الت الفلسيطة كن العضير اديت : 





0 


الشهيد /مروان فرج سلامة الزايغ 
43/14 


«غادر (مروان) دنيانا إلى يت مقرة الدائم فى 
الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء ليعلو 
فى رحاب الوجود» وعاشت ذكراه خالدة لأنه خاض 
التحدى المفروض بكل قوة. . فنال رضوان الله . 
مسدودة. وأنبأه أحد إخوانه أن يهوديا قتل سبعة من 
العمال فجر هذا اليوم /7١‏ 0/ ۱۹۹۰م . اشتعلت النار 
فی صدر مروان وبدأت تتراءى أمامه خواطر تحمل معانى الثأر والغضب. . ماذنب 
هؤلاء العمال ؟! ألا يكفى القتلى كل يوم فى غزة وجباليا وخان يونس ورام الله 
والخليل وبيت لحم. وكل أرجاء الوطن؟! ولكن أين يمكن إطفاء تلك النار المستعرة فى 
صدر مرواك. 1 

وفى مساء ۸/ ۱۰ / ۱۹۹۰م انطلق (مروان) نحو مسجده كعادته لأداء صلاة الظهر 
حينم لاقاء لحن | خر انه وحمل إلبه نا اتفه اد غشرين فلسطييا فى المسجد الأقضصى 
المبارك فى مجزرة رهيبة. . 





ضاقت الدنيا فى عين (مروان). . شعر باختناق رهيب وأن ملك الموت يزوره 
وتراءت الأفكار فى ذهن (مروان) فى لحظة الذهول هذه. . واختمرت فى ذهنه 
الفكرة» فمروان الذى يأبى القهر والظلم والتعسف لا يمكن أن يتجاوز واقع شعبه 
لمرير» وبهذا الإباء يصنع واقعًا جديدا وبذلك التحدى الصعب الشرس يصنع المستحيل 
رغم تفاوت الإمكانات . . ضغط (مروان) على شفتيه وهو يردد : 

اق ل ا ر عات يلي 

موك ندل كالم يبيل واغعقنى ات عي 


أيراه مزقنى القلع ود فى الأسر تصرخ ويحنا 
۳۰ 


انطلق مروان ذاك الفتى اليافع الذى يبلغ من العمر سبعة عشر عامًا فجر يوم 
6 م ليلقى رفيق دربه (أشرف البعلوجى) أحد أفراد المجموعة التى 
يرأسها مروان فى تنفيذ فاعليات الانتفاضة الحماسية . . التقت الأعين وتصافحت 
الأكف فى هذا اليوم الأغر حيث ذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس). 
وانطلقت الأقدام نحو مسجد (السدرة) بمدينة غزة لأداء صلاة الفجر . . وكان المسجد 
يمثل للرجلين المأوى والمحضن والانطلاقة. . 

وخرجا بعد أداء الصلاة حيث سرى فيهما عشق الشهادة مسرى الدم من العروق . . 
وركب الأخوان سيارة مرسيدس محملة بالكادحين من أبناء شعبنا الذين فى شخوصهم 
يترسخ البؤس الفلسطينى من جراء الاحتلال» كانت نظرة (مروان) إليهم دافعا نحو 
ذكرى (الأحد الأسود). . دافعًا نحو الاستمرار فى الطريق الذى قرره الفتى الثائر . 
وبدأ مروان بأدعية الصباح ودعاء السفر فيما غرق رفيق المهمة فى نظرة وداع أخيرة ‏ 
جا 

واجتازت السيارة بسلام حاجز( إيرز)رغم التشديد الأمنى الناجم عن الانتفاضة 
وعملياتها البطولية . . إنها المرة الأولى التى يدخل فيها (مروان) أرضه الطاهرة فلسطين 
(رغم أنه من مدينة غزة أصلاً إلا أن فلسطين . . كل فلسطين بلاده) حيث لم يسبق أن 
عمل فيها. . فيما كان أشرف يعمل فى مخزن ألومنيوم بمدينة(يافا) الساحلية وكان 
الهدف ينتظر مصيره هناك . 

فلا وضلت السيازة قرت المكان اسر فف ها( نر )و جل الاخوان: كانت 
الساعة تقترب من السابعة حين وقف (مروان وأشرف) أمام المخزن . . وانتظرا حوالى 
الساعة حتى بدأ أصحاب المخزن والعمال اليهود فى القدوم. . وفتح باب المخزن 
ودخل أشرف وخلفه (مروان). . وكان أشرف قد جهز قطعة اسيست مكسور 
لاستدراج موشيه إلى نهاية المخزن؛ ولا حضر بينهما استل الرجلان خناجرهما 
تراقصت كل ذكريات شعبنا. . ذكريات التعس والشقاء واللجوء واغتصاب الحقوق 
والقتل والنهب . . و«عيون قارة» حيث العمال يقتلون و«الأقصى» حيث الراكعون 
الشاحخدون ديرن لسكف الجر فى مسد (موشه) . 


¥ 


ومع انطلاق صرخة (موشيه) التى أسلم فيها الروح . . لتطل السكرتيرة من مكتبها 
وتشاهد المنظر الذى ملأها رعبًا وتغلق الباب وتهجم على التليفون. . وينطلقا خلفها 
لتستقر الخناجر فى بطنها وتتراءى أمامهما صور أمهاتنا يقذفن بأحشائهن يقتلن فى 
ساحات الأقصى . . فى كفر قاسم ودير ياسين . . والهراوة الرابينية لتكسر عظامهن . 

وعلى الصراخ والعويل جاء العامل من المصنع المجاور إلى قدره حيث عاجله 
(أشرف) بشلاث طعنات فى صدره ويكمل مروان معه مشوار الذبح. وفى إحدى 
الطعنات تصاب يد أشرف بجرح بالغ فتملاً الدماء المكان. . أحضر الماء يا أشرف طهر 
الأرض من نجسها حتى يأتى المزيد من الصيد ولكن اليد النازفة ألزمت بالخروج بعد أن 
خطت علبة الطلاء التى أحضراها معهما. . «حماس تعلن مسؤليتها عن عملية القتل 
بمناسبة الانطلاقة الرابعة لحركة -حماس-) . . 

واتجه الأخوان إلى موقف السيارات فى منطقة «أبو كبير» وافترقا للضرورة الأمنية 
مع الأمنيات القلبية باللقاء إن لم يكن فى الحياة الدنيا. . ففى جنة الرحمن» حيث 
(قطاع غزة) وبحماية الله وعونه تمكن البطل القسامى من دخول غزة الحبيبة وتوجه فور 
إلى منزله ليلقى عليه نظرة الوداع الأخيرة حيث سمع خبر العملية الجريئة من إذاعة 
العدو فى نشرة أخبار العاشرة والنصف وكبر وهلل . 1 وانطلق لصلاة الجمعة فى مسجد 
فلسطين حيث لم يعد بعدها. . فقد بدأت رحلة المطاردة الطويلة والشاقة والممتعة. . 
وعلى أثر ذلك وجهت ضربة قوية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)» حيث اعتقل 
المئنات وطورد (أشرف و مروان)» وقد اعتقل (أشرف) من الضفة الغربية ليقضى 
محكومية عالية فى السجن . 

ويرحل مروان إلى الذكريات حيث الرجل الصلب الصبور فرج سلامة الزايغ بمدينة 
غزة فى منطقة التفاح حيث عمله الشاق المرهق (صناعة الطوب) وهو يستمع لمذياع 
صغير ويتابع حلقات حرب أكتوبر سنة “/191١م2‏ ولكن ذهنه شارد هناك حيث زوجته 
التى تركها فى المنزل وهى تعانى مقدمات آلام الوضع » ويدعو الله فى سره أن يرزقه 
بغلامه الأول تقر به عينه ويعاونه فى تحمل أعباء الحياة الشاقة . . 


۴۰۸ 


ما كاد تي نيان عمل الرجل حت بنداءة اللشير تحمل الها انر الننان :رويك 
وضعت (مروان)» ولم لا يكون (مروان). . حيث يقبع اسم (مروان بن عبد الملك) 
كالنجم الساطع . 

أطل بطلنا الجديد (مروان الزايغ) على دنيانا المعذبة (بيد الإنسان ذاته)» وفى أسرة 
متواضعة ملتزمة ومحافظة» وبين أخوين وأختين» وحيث الإمكانات المادية 
الضعيفة. . نشأ(مروان) على الخشونة» وما كاد يشب على الطوق حتى بدأ فى 
مساعدة والده فى عمله الشاق» إضافة إلى دوامة المدرسة» وبذلك حاز محبة والديه 
لهذه الرجولة المبكرة» إضافة إلى هدوئه والتزامه بالصلاة» إلى جانب الخلق الحسن 
القويم الذى تحلى به مروان» حيث لا يذكر أن الطفل الهادئ قد جلب إلى بيته مشكلة 
أو مشادة مع أحد من أبناء حيه . : 

وانطلقت شرارة الانتفاضة المباركة» كان مروان يبلغ من العمر الرابعة عشر عاما 
فقطى ورغم ذلك كان يتمتع بجسم قوى ريما بسبب عمله فى صناعة الطوب . . 

كان مروان أصغر المنتمين رسميا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) فى حيه رغم 
ذلك فقد احتل موقعا متميزا بين أقرانه نظرا لحرأته الفائقة وتحمله للأمانة والمسؤلية 
وعشقه للعمل الجهادى الحماسى الذى يؤديه. . وفى إحدى الحولات العملية لمجموعة 
(مروان) ظهرت الوحدات الخاصة» ففر جميع أفراد المجموعة ومنهم (مروان) إلى أحد 
المنازل» ولا زال الخطر أخذ مروان المشتاق للقاء الله تعالى يبكى ويضرب نفسه وهو 
يقول: لماذا فررت؟! كان نمكنًا إطلاق النار على وأستشهد. . هذا عدا جرأته فى 
الو اجات غا .فى :يلاق فلسظيو الى هد له زالقالق ادات 

وفى اناه نتيا لخاذلة ثرت وان عاد ا ميدن الین 
التحق بهم فى العمل العسكرى الذى كانوا يؤدونه فى تلك الفترة» ولم تكن قد بدت 
حياة المطاردة بشكل واسع . . فالمطاردة لدى (كتائب القسام) مدرسة واسعة افتتحها 
(مروان) الشهيد. . 

وكان جل العمل حينها يرتكز على التطهير من العملاء وأذناب الاحتلال» فشارك 
بطلنا المقدام بفاعلية واسعة فى هذا المجال» إضافة إلى تنفيذ هجمات ضد قوات 


۲۰۹ 


- الاحتلالومستوطنيه وأبرزها قتل (الحاخام دورون) قرب دير البلح بتاريخ 
0١‏ مه وقتل (ديفيد كوهين) قرب بيت لاهيا بتاريخ ۲۰/ /٥‏ 14947١م.‏ كان 
(مروان) يدفع ثمن هذه المرحلة الحرجة من مضايقات هائلة لأهله حيث اعتقل حوالى 
خمسة عشر من أبناء عائلته» كما داهم الجيش منزله أكثر من مائة مرة. . هذا عدا 
إغلاق الاحتلال لمنزل أهله بعد الهجوم الجرىء فى قلب يافاء فأصبح كل من (مروان) 
وأهل بيته بلا مأوى» كل فى مكانه . و(مروان) يبدو أكثر تصميمًا على التحدى حتى 
الشهادة فوق أرضه الطاهرة» فيرفض بإصرار الخروج من أرضه الحنون» وفى أثناء ذلك 
كان (مروان) يغرق بالتفكير الجاد لتنفيذ هجوم استشهادى فى قلب الكيان حيث يريد 
لقاء الله تعالى مقبلاً غير مدبر . . يريد لقاء الله وقد أغاظ الأعداء ونال منهم مقتلاً» إلا 
ای يو و ا سو 0 
لطارد مثل (مروان) . 

كانت الليالى والأيام تسير متثاقلة فى قطاع غزة» حيث الكبت والاضطهاد والشعور 
بالظلم يجعل عقارب الزمن متوقفة . ولكن الحياة عند مروان كانت تسير بشكل وطعم 
ولون التحدى الإسلامى القسامى تصبغ الحياة بلون الصراع الممتع. . حيث يشعر 
(مروان) بكل كيانه بأنه يقاتل من أجل الحق » وهذا جعل لحياة مروان طعما لذيذا . . 
فكان شهيدنا يتنقل بين مخيمات ومدن قطاع غزة مع إخوانه الذين التحقوا بركب 
المطاردة من بعده وكان فوج المطاردة الأول (لكتائب الشهيد عز الدين القسام). . حيث 
انتقلت مجموعة مروان بقيادة ياسر الحسنات إلى مدينة غزة» لأن التحرك فيها أوسع 
مجالاً وأكثر أمتاء حيث البعد عن الحواجز المتكررة والاتصال السريع بين التقاطعات 
المتنائرة 

كان العام ۱۹۹١‏ م العام الثانى لحياة المطاردة لمروان. . رغم ذلك كان الرجل سعيدا 
بحياة التحدى والصراع . . حيث داعبت نسمات ليل مايو أنفاس المجاهدين الطاهرة 
وهم يتناقشون فى واقعهم الصعب . . فيما يتذكرون أخاهم الشهيد الذى كان بالأمس 
بينهم. . ردد مروان المصاب بعيار نارى فى قدمه جراء رصاصة صدرت خطأ. . أجاب 
ياسر: اليوم يمضى على رحيل طارق إلى الرفيق الأعلى ما يزيد شهر ونصف» وأجمع 
المجاهدون على أنه محظوظ أكثر منهم» وتمنى كل واحد منهم الشهادة» وخرجت 


1۰ 


مجموعة من المجاهدين تحمل قطعتى سلاح من نوع كارل غوستاف تحاول بها اصطياد 
أحد اليهود فيما بقى الأبرار الثلاثة ياسر الحسنات ومحمد قنديل و مروان وبحوزتهم 
مسدس وقنبلة يدوية فقط وتهامسوا فيما بينهم : لقد طال مقامنا فى هذا الموقع وعلينا 
الإسراع فى البحث عن موقع بديل حتى لا نشقل على أصحاب المنزل وحتى نأمن 
خفافيش الظلام التى تراقب حركات المجاهدين . . وانتقلوا جميعا إلى غرفة مجاورة 
حيث أدوا صلاة قيام لله تعالى. . لجأ كل واحد منهم إلى قرآنه يتلو من أياته العطرة ما 
يتروح بها عناء يومه ويعيش معه فى جنة الرحمن . . 

أثناء ذلك كانت قوات العدو الصهيونى تحكم حلقات الحصار حول المنزل . . وتنبه 
المجاهدون لذلك» فاستعدوا وأخذوا الأهبة الكاملة للمواجهة رغم ضعف الإمكانات 
وشحهاء وأخذ كل واحد منهم موقعًاء فيما تحركت قوات الاحتلال أسفل المنزل 
لتهوى قنبلة (ياسر) تزلزل جمعهم . . وتحركت قوى الحقد اليهودى تقتحم المنزل من 
كافة الأنحاء وعلى الدرج يلتقى (مروان) بمسدسه مع ضابط حرس حدود برتبة 
(كولونيل) ويفرغ (مروان) رصاصاته فى صدر الضابط ليخر صريعاء وقد اعترفت 
إذاعة العدو بذلك» ويسقط العمالقة الثلاثة الشهداء» ويلتحق مروان بركب الخالدين» 
وتتحقق أغلى أمانيه التى نام يحلم بها واستيقظ يذكرها . . ليسقط فدائى القسام الأول 
مدرجًا بدمه الطاهر يروى أرض الصبرة الطيب أهلها والتى تمثل جزءا من بلده وموطنه 
الأصلى غزة هاشم الفداء . . 

وقد كظم العدو غيظه من هذه النتيجة فى معركة غير متكافئة فخسر كولونيلاً وعددا 
من الرحى من ثلاثة لا يملكون من العتاد شيئًا . من أجل ذلك بدأ العدو يعيد خساباتة 
فى كيفية مواجهة أمثال هؤلاء العظام» لذلك لحأ بعدها إلى قصف المنازل بالصواريخ 
حتى يأمن المواجهة مع رجال العقيدة . 

تناقلت الأخبار نبأ استشهاد ثلاثة من أبناء القسام منهم منفذ أروع العمليات (مروان 
الزايغ) الذى تشفى اليهود بمقتله وأعلنوا أنه مسؤل عن مقتل ثلاثة يهود فى يافا قبل عام 
وندصما. 

وعم الغضب العارم شوارع القطاع. فالتهبت بالنار والثورة» وقذف أبناء الإسلام 


حمم غضبهم الجارف باتجاه دوريات العدو وآلياته ولبست شوارع القطاع السواد حدادا 
51١‏ 


على أرواح الشهداء الأفذاذ» وعمت المواجهات العارمة كل المواقع ؛ ولا سمع (والد 
مروان) خبر استشهاد ولده قال: الحمد لله هوالذى أعطى . وهو الذى أخذ الأهل 
ويذكرون (مروان) بدهشة. . هل حقًا هو (مروان) الهادئ الوديع الذى لم يكن قد 
تجاوز الثامنة عشر ة من عمره يطلق الدنيا ثلاث . ! فيما یردد أحد الجيران وهو يبكى كيف 
لأ اركى وقد كن غل الجر واج و الما ا ها اهن ا تنجد الذى كان هة 
وا کا کی قاب ر ج ادرال اغ رو 


غادر (مروان) دنيانا إلى حيث مقره الدائم فى الفردوس الأعلى مع الأنبياء 
والصديقين والشهداء ليعلو رحاب الوجود. . فهنيئًا للثرى الذى لف جسده الطاهرء 
وعاشت ذكراه خالدة لآنه خاض التحدى المفروض بكل قوة . . فنال الشهادة . 


ك 
- 
2 
كك سس سس 





كاد ماد وام 
نذا لزاب ev‏ 


1۲ 


الشهيد / طارق عبد الفا ن دخان (أبو حديهة) 
ٍ جح حس د حاں [ابو حدب 
1°/£/14 


بدأ طارق يعتلى سلم المجد بكل سرعة وقوة حتى القمة 
(الشهادة) ليشق اسمه فى صخور التاريخ » حيث تعلو نجو ْ 
كمعالم ترتبط أسماؤها بشكل جذرى بطريق تخطه لدينها. 5-9 
رز الها وله ارك الد ترم 0 
أسماؤهم بالمجد الذى صنعوه» من هؤلاء القلائل كان [ 0 ّ 
طازق. :ها إن تذكر طارقا حص جبافر إلى الادفان | 
القسام . . فكان حمًا طارق القسام» . ظ م 













كانت الوالدة الحنون تحمتضن ولدها الأول وهى تنظر إليه بإعجاب وحب عميق 
وتبتسم لشقرته الخشنة . . . وتتمنى من قلبها أن ينشأ نشأة إسلامية عميقة . . . فتحدثه 
قصص الأنبياء والصالحين. . . وقصص الحنة وما فيها من خيرات وثمار وفواكه. . . 
ويتساءل الطفل الذكى ببراءة: هل يوجد فى الجنة شاى ؟» فقد كان يحب الشاى 
كثيراء وتضحك الأم وتظل تضحك. . . وتواصل عملية التربية العميقة لولدها 
استجابة لأمر الله وتوصيات والده الشيخ (عبد الفتاح دخان) . 


وتعود بها الذكريات يوم تزوجها المربى الفاضل الأستاذ (أبو أسامة) وقبلت أن تكون 
زوجة لهذا الرجل المسلم الداعية . . . وتذكر يوم نقلها أبو أسامة من النصيرات إلى 
المستشفى المعمدانى فى غزة كى تضع وليدها الأول» فى اليوم الخامس من شهر أكتوبر 
فى عام 1979م مسطرًا فى ذاكرة الأم بأرقام بيضاء وهو اليوم الذى أنعم الله عليها 
بغلام تقر به عينها . . . 

وكم كانت فرحة (أبى أسامة) بهذا الغلام رغم وجود خمسة من الأبناء قبله من 
زوجته الأولى» إلا أن الوليد الجديد احتل موقعا خاصا فى قلب الوالد و ربا لمح الرجل 
صاحب البصيرة فى عينى ولده بريق العودة إلى (عراق سويدان». . . تلك القرية التى 
هاجر منها يوم داهمها التتار الجدد» وربا هذا المزيج من الشعور بالفرح والرغبة فى 


hı 


العودة اللذين يلمع بريقهما من عينى (أبو أسامة) جعلاه يختار اسم (طارق) لولده 
الجديد حيث يقبع اسم (طارق بن زياد) الفاح الإسلامى العظيم» ولعل الفتح يكون 
على يدى (طارق) الوليد الجديد . 

نشأ طارق وترعرع فى هذه الحياة الإسلامية» فوالده من الرواد الأوائل فى (جماعة 
الإخوان المسلمين) فى قطاع غزة» وأحد مؤسسى (حركة المقاومة الإسلامية - 
حماس)» يغدق عليه العلم والمعرفة ويبث فيه روح المقاومة والجهاد» ووالدته تحوطه 
بحنانها وعطائها وحسن تربيتهاء فنشأ طارق رقيق الإحساس» مرهف الشعورء يعشق 
سماع القصص. ساهم ذلك فى نشأة خيال واسع وعبقرية تصويرية بالغة. ا 
النشأة الإسلامية الصافية خلقت من طارق ذاك الشبل الملتصق ببيت الله. . . شخصية 
فوية تمتلك قرارهاء وتحدد مستقبلهاء ويعتمد عليها فى كل موقف وحين» ويكتسب 
جرأة مبكرة جعلته ينطلق وهو فى الثالثة عشرة من عمره فى منتصف الليل بعد أن حمل 
عصا ليطارد قاذفى الحجارة على البيوت الآمنة فى منتصف الليل وهم فئة أرادت زرع 
الفتنة فى صفوف الشعب الفلسطينى غير عابئ بالمخاطر التى تواجهه. وكان ذلك قبل 
اندلاع الانتفاضة المباركة . فقد كان طارق مزيجا غريبًا من المواهب» فحيئما التفت 
وجدت طارق كالسراج المنير . 

ففى ميدان الرياضة لمع (طارق) فى ملعب (كرة القدم). . . وفى لعبة (تنس 
الطاولة) كان أبرز لاعبى فريق الجمعية الإسلامية فى النصيرات . . . إضافة إلى بمارسة 
وياضة (التتشاكر) حت كان فق الائ إلى عار ماو اقا 

وفى ميدان الفن رأيت الفتى اليافع عضو فى الفرقة المسرحية التابعة للجمعية 
الإسلامية وأحد أعضاء فرقة النشيد الإسلامى . 

وإذا تلفت إلى الأدب شاهدت (طارق) شاعراً وكاتبًا للقصة» فتراه غارقًا فى كتابة 
الرسائل لإخوانه ويخرجها فى أجمل صورة. . . حتى غدا لطارق كتابات عدة. . . 
وكان أبرز وأجمل ما كتب طارق فى الأشهر القليلة التى طورد فيها لقوات الاحتلال 
الغاصب . . . وكان جل كتابته عن العطاء والفراق . . . 

وكان من آخر كلماته . . «وقد حان الرحيل . . . وها هى ساعة الصفر تقترب شيعًا 
فشيئًاء ولكن هل سنقول وداعا. . . أظن بأنه لاء ولكننا سنقول إلى اللقاء. . . أخى 

) ۳٤ 


انظر إلى هذه الحياة التعيسة» اليوم ألقاك وغدا أفارقك . . . اليوم أعرف أننى سأغادر 
ولا أملك البقاء. . . إن يوم الفراق أصعب يوم» ليتنى مت قبل يوم الفراق» وهكذا 
أيها الأحبة نفارقكم ولا ندرى متى نلقاكم». . هذا عدا الثقافة الواسعة والإلمام الكبير 
فقانا ا 

هذه المواهب لم تكن لتمر مر الكرام أمام نظرة (جماعة الإخوان المسلمين) فقبل أن 
ينهى طارق دراسته الثانوية أصبح عضوا عاملاً فى هذه الجماعة ليمثل استمرارا لوالده 
فى العطاء لدعوة السماء . 

وما كاد طارق ينهى دراسته فى معهد الأزهر بغزة ويلتحق بكلية الآداب بالجامعة 
الإسلامية بغزة حتى انطلقت الانتفاضة الإسلامية المباركة حيث كان (أبو حذيفة) أبرز 
جند حركة المقاومة الإسلامية - حماس - منذ اليوم الأول لانطلاقها يعمل بكل جد 
واجتهاد على تنفيذ فعالياتها وتوزيع بياناتها. . . هذا عدا المواجهات التى كان طارق 
باررًا فى أدائهاء وكان اسم طارق يتردد بأنه من أمهر رماة الحجارة» وكانت ذكرى 
(الإسراء والمعراج) فى عام ۱۹۸۸م الأبرز» حيث دعت حماس للمواجهة والتصعيد» 
وحدثت مواجهات عارمة حاصرت فيها قوات الاحتلال المسجد الجنوبى بالنصيرات › 
ران اى خد ا داف الأكناوس ي انسحت ترات الالال 

ات ار ورت ف طازق کل سياد حور جف بوت اخراء 
إحدى أبرز المعالم لشخصية طارق» إضافة إلى مزيد من الالتصاق بأرضه الحبيبة (أرض 
الإسراء) وحبه المطلق للدفاع عن الوطن السليب . 

ولما انتشرت أعمال اللصوصية ومهاجمة البيوت الآمنة بدافع من يهود» قرر طارق 
وإخوانه تشكيل مجموعات الحراسة الليلية . . ويبقى هو وإخوانه يتبادلون السهر على 
حماية الجماهير . . . كل هذا النشاط المتصاعد جعل عيون سلطات الاحتلال تتفتح 
جيدًا على طارق ليتم اعتقاله عدة مرات . فيا كا تر او د بعاد 
اة اليه فأكسبته أيام المحنة هذه مزيدًا من الصلابة والشدة» كما أكسبته المزيد من 
المعرفة الأخوية التى كان يسعى لها طارق بكل حيوية حتى غدا شخصية مشهورة على 
الصعيد الشبابى فى القطاع والضفة . . . كما أكسبته تلك الأيام المزيد من الكفاءة فى 
قرض الشعر فكتب : 


1۵ 


من كتسعوت تحية ورسالة للأهل والأحباب والخلان 

أوصيهموا فيها بقوة خالد وثبات عمار على الإيمان 

أماه لن نرضى بحكم المعتدى وسيحكم السلطان بالقرآن 

وسيحكم القران فى كل الدنا وسندخل الفردوس والرضوان 

إنى رأيت الشعر أمسى للمجون وللخنوع وللتسالى والغؤانى 

إنا نريد الشعر يصرخ هاتمًا مثل القنابل والرصاص الغانى 

إنا تويك اقوانا تبعوية ور اوثارا حرق الأوتان 

ولما قررت الحركة تشكيل خلايا لجهازها العسكرى فى كافة المواقع واختارت لهذا 
الجهاز خيرة أبنائها. . . اختارت (أبا حذيفة) ليكون عضو فى خلية كتائب الشهيد عز 
الدين القسام فى المنطقة الوسطى . . . ) 

وتحركت الخلية القسامية الأولى فى النصيرات» وكان القسم الأول على قبر 
(الشهيد حسين أبو يوسف) لتقطف رؤوس العملاء وبشكل أذهل كافة أبناء القطاع » 
وذاع صيتهالا تميزت به من عمل راق وتحرك دقيق. حيث كان يتم خطف العميل 
والتحقيق معه وتسجيل كامل اعترافاته على شريط كاسيت» وإذا كان يستحق الإعدام 
ينفذ فيه الحكم بعد قرار الإفتاء فى جرائم العميل . . . وتم الإفراج عن عملاء فى أكثر 
من مرة دون إعدامهم نما جعل لكتائب القسام فى منطقة النصيرات اسما طاهرا ولا أحد 
يعلم فى ذلك الحين من تتبع هذه الخلية التى تتحرك بكل هذه الدقة» فلا يكاد يرى أهل 
النصيرات عناصر الخلية ولكنهم يسمعون كل يوم عن خطف . . . أو إعدام . . أو إفراج 
عن عميل بعد التحقيق معه واستتابته . . . وكأن من ينفذ كل هذه الأعمال خارج الكرة 
الأرضية, أو أنهم يلبسون طاقية الإخفاء. وقد كان (طارق القسام) يحمل فى قلبه. 
ولا تخفى ذلك فلتات لسانهء كراهته للخيانة ونبذه مرتكبيها. وقد وجه خطابه الأول 
إلى الذين باعوا ضمائرهم : 


Al 


«يا خائنون قضيتى. . . وهويتى. . . وعقيدتى» نهدى إليكم والسلاح هو 
العمالة :.. .وعتدها .كرون والدعات ته هن عبيون الحقد: :كه فى 
الوصول». ظ ظ 

واستمر العمل سارى المفعول بكل دقة وثقة حتى اعتقلت سلطات الاحتلال 
الأخوين (مجدى حماد وصلاح العايدى) وهما يحاولان الخروج عبر الحدود المصرية. 
وتم الاعتراف على الخلية القسامية التى كان (طارق القسام) أحد جنودها. . . 

ويصل الخبر (لأبى حذيفة) ويتخذ فورا أخطر قرار فى حياته - المطاردة -» وتأكد 
هذا القرار حين اقتحمت قوات ضخمة من الجيش منزل (أبى أسامة دخان) الساعة 
الشالثة من فجر؟7١1/١/1947م‏ وتمت حملة تفتيش واسعة النطاق بحثًا عن 
(طارق). . . 

أبو حذيفة يقرر عدم العودة إلى الذل» خاصة وهو يعلم أن أحكامًا عالية تنتظره هذه 
المرة . 2 وتمنعه من مواصلة الكفاح بحرية» وبذلك بدأت مرحلة جديدة فى حياة 
طارق . 20 وقد تركت هذه المرحلة بصماتها الواضحة فى طارق وشخصيته 
وكتاباته . 2 فقال فيها: 

Aen EY 

وارفع سلاحك عاليا. . . حتى نسير إلى الجهاد. . 

واعلم أن (كتائب القسام) ما ماتت . . 

وإننا حتما إليكم عائدون. . . 


قدم حياتك منحة. . . حتى نسير إلى الجنان. . . 
لا الخ د كارا لم راكنى :× 
1۷ 


لا تعشق النوم. . حان الصحو من تيه السنين 
واعلم بأن مسيرة القسام قامت لتحيى روح أمتنا 
قميا أخى . . . فالحور تنتظر الشهيد. . . 


فيه أي 
حو شف ندا إلى أيدى الجهاد 


قم يا أخى مسرى النبى يئن . . . من ينقذ المسرى الحزين . 

وبذلت قوات الاحتلال جهدا مضاعمًا فى البحث عن (طارق) خاصة وأن مسئول 
أمن المستوطنات قتل قرب مفرق دير البلح يوم ۱۹۹۲/۱/۱ م» وكانت أصابع الاتهام 
الإسرائيلية تشير إلى (طارق) حتى آخر لحظة فى تنفيذ هذا الهجوم القسامى الأول من 
نوعه فى مرحلة القسام الحديث. وترسخ هذا الاعتقاد لدى السلطات الإسرائيلية 
المحتلة بعد إعلان (كتائب القسام) مسئوليتها عن هذا الهجوم فى كافة أنحاء القطاع . 

وكان طارق فى هذه الفترة يشعر بقرب اللقاء فى داخلهء لذلك كان كل حديثه 
وكلماته حول الفراق» فيقول لإخوانه : « اليوم نلتقى وغدا نفترق »» «حان الفراق وقد 
يكون إلى الأبد) . 

وفى زياراته القليلة لمنزله أثناء المطاردة كان يقول لأمه: إن حدث لى شىء لا تحزنى 
فإن ما يحدث قدر الله وما كتب سلقًا. . . 

وفى هذه الأثناء كان يعد للخروج مع مجموعة من المطاردين خارج الحدود بعيدًا عن 
الملاحقة اليومية. . . ولجلب السلاح من الخارج. .. 2 

وما أن اقترب يوم الفراق حتى حل (شهر رمضان المبارك) حيث اعتكف طارق فى 
بداية الشهر الكريم للعبادة» وكان دوما يقف بين يدى الله تعالى يسأله الشهادة عاجلة 
يرفع الله بها راية الإسلام ويذل راية الكفر . . . وفى ليلة ۸/ /٤‏ ۱۹۹۲م اتجه طارق مع 
أخويه ورفيقى دربه (جلال صقر وزياد أبو مساعد) إلى الحدود المصرية لمغادرة قطاع 
غزة برأ يتجه هناك حيث قدر الله ينتظره . . . قدر الله يحمل إليه الكرامة والمحبة. . . 


514 


٠‏ لم يكن المجاهدون قد علموا حمقًا طرق التعامل الآمن خاصة فى ظل وجود نفر باع 
فة [لقيطان ءءء وهذا الجهل أوقع المجاهدين فى فخ الغدر حيث يفاجأون فى طريق 
الهجرة بكمين عسكرى وتحيط بهم قوات الاحتلال من كل جانب وقد أطلقوا عليهم 
الرصاص فى محاولة لإرهابهم وإيقافهم . . . توقف المجاهدون الأبطال الذين لا 
يحملون سوى السلاح الأبيض ولكنها عزة المؤمن تنتفض فى عروق طارق الهمام. . 
فيأبى الاستسلام ويستل خنجره وينقض كالأسد الهصور على أحفاد القردة يريد منهم 
قصاصا على جرائمهم» ويملا قلب طارق الشعور بالظلم والاضطهاد» ومن خلف 
بريق خنجره يبرز وجه طارق الغاضب على أولئك الذين باعوا دينهم وأبناء جلدتهم 

ولكن يعاجله الرصاص الحاقد ليسقط الجسد العظيم مدرجا بدمائه. . . وليروى 
ظمأ الأرض الطاهرة إلى الدماء المسلمة الزكية. . . وصعدت الروح الوثابة إلى بارئها 
تشكو ظلم الظالمين وتقاعس المتخاذلين فيما يعتقل رفيقاه . 

ويخفى الاحتلال نبأ استشهاد طارق لحاجة فى نفسه» وفى فجر الجمعة 
مهم استيقظ سكان النصيرات على مكبرات صوت الاحتلال تنادى بفرض 
حظر التجول» وتساءل الناس فيما بينهم . . . ما السبب ؟؟ ماذا حدث ؟؟ 

وتقدمت قوة عسكرية من منزل الرجل الصلب (أبو أسامة دخان) واقتادوه مع اثنين 
فق انا إلى المقوة و امز وها تفر رو لمن ؟!! لا تسالوادي: 

ثم حضرت قوة ثانية ومعها جثمان طلبت من الوالد وأبنائه دفنه. . . رفع شقيق 
طارق الرداء عن الجثمان. . . (طارق) يا الله نحفر قبر طارق يا قتلة يا مجرمين» وبدأ 
الآخران بشتم بنى يهود ومهاجمتهم بدون وعى . . . فيما وقف الشيخ صامتا مسلّما 
أمره لله تعالى وهو يردد (إنا لله وإنا إليه راجعون. . . الحمد لله. . . اللهم أجرنى فى 
مصيبتى واخلفنى خيرا منها)» وأهال الإخوة التراب على شقيقهم الغالى بعد أن ألقوا 
عليه نظرة الوداع الأخيرة . 

ولا علمت الوالدة الصابرة قالت كلمتى الحمد والصبر التى أوصى بها (طارق) . . . 
(الحمد لله على نيله الشهادة)» وقالت: (كنت أحثه على الدراسة لكى يصبح 


۹۹ 


طبيباً::. : إلا أناثيلة الشهاذة أحسن من أى شهادة أخرئ )» وكانت العائلة تعيش أشيذ 
الات ال و لاسر 

وما أن انتشر الخبر الصاعق الذى ذهل منه قطاع غزة بأسره ليلتهب بالنار والمواجهات 
والغضب الحقيقى» فما من موقع إلا وحطت فيه رحال (أبى حذيفة)» وما من منطقة 
إلا وتعرف (طارق دخان). ذلك الشاب صاحب المواهب المتعددة, ومامن شاب 
مسلم إلا وكان (أبو حذيفة) صديقه» فكانت أبرز معالم (طارق) كثرة التعرف على 
الإخوان. 

وتحدت النصيرات منع التجول» وخرجت جماهيرها تعلن المواجهات العارمة 
نات هده كير فو شات اللات ا عة النارية : 

وفى حفل العزاء تذكر الجسيع طارقا : الفتى الهادئ الوديع. . طارقا 
الصا esd e Eo e‏ 
المجاهد الشهيد» فيما بقى شقيقه الأصغر (محمد) صامتا ثم نطق كلماته المزلزلة «قسما 
ك a E‏ چا 
الجندى القتيل الأول كان فى خليل الرحمن بتاريخ ۱۹۹۲/۱۲/۱۲م» وهذا الحادث 
الذى كان أحد الأسباب لقرار الإبعاد الرابيتى لمات من قيادى ومؤيدى الحخركة 
الإسلامية» ومنهم الشيخ المربى (عبد الفتاح دخان) والد الشهيد والأسيرء والثانى فى 
فجر ليلة القدر من رمضان ١۱۹۹م‏ فى مخيم جباليا الثورة. . ثم يصاب (محمد) 
على عكازين» ولكنه أطفا نار قلبه بهذا الثأر العظيم من جند الاحتلال الذين أراقوا دم 
أخيه المغوار طارق القسام وأعلن لهم أن لحمنا مر وأن دماءنا علقم. . 

وقد كانت آخر كلمات الشهيد طارق تلك التى كتبها بتاريخ 8/ 5/ ۱۹۹۲م والتى 
حرص فيها على خطاب الجيل الفلسطينى المسلم اليد قائلا : 

«والآن يا شعب الحجارة» يا جيل الصمود» يا طفل ثورتنا العظيمة» يا أيها الأمل 
المجاهد فى قلوب التائهين يأتى رحيل الجبن عن وطنى لنطهر الوطن السليب . 


۰ 


نحتل صمتا قادمًا منها. . . بلاد المستحيل» وفجأة يتحول الصوت المخيف . . . 
الخليل. . . وكتائب القسام تعلى صوتها. . . بالذكر. . . بالآيات. . . . بالترتيل . ش 
تا إل عبر صوت الخوف. . . تقتلهم. . . تحتل فيهم جبنهم والخائنون 
سيعلمون. . . عند الوصول. . . بأنهم فوق الرصاص سيسقطون. . . 

وقد كانت كلمته الأخيرة واضحة فى عمق الاختيار» حيث يقول فى إحدى 
سانا «آخى الحبيب . . . إنه الجهاد. . . إنه الموت فى سبيل الله عز وجل . .. وإنها 
الطريق التى اخترناها ». وبعد أن كان (طارق) يكتب الشعر كُتب فيه الشعر . . . 

ايا طارق القسام . 2 

هيا تسرب فى مسامى الأرض . . . 

وإبداخطاك امن الضيراف عو اللو کے خا ی ف لل یہ 

بك يا شهيد القدس ضمخنا رقاب الساسة البلهاء حبلاً من مسد. . . 

بك تستعيد الأرض جوهرها وتبقى للأبد. . . 

هرب المناضل والزعيم وما تبقى من أحد إلاك يا ملح البلد. . . 

إلاك يا ملح البلد. .» 


فون 


الشهيد/ محمد حسن عبد القادر قنديل (أبو الحسن) 
11/1 
وسقط الحسد العملاق مدرجا بدمائه الطاهرة. . سقط بعد || 
أن قدم وقدم. . لم يتوان فى العطاء المتواصل لدعوة السماء | 
حتى اختاره رب السماء ليكون هناك فى ظله. وليسطر بدمه | 
الزكى شهادة جديدة على واقع التردى والتخلى» ويفتح بوابة 
جديدة دخلها الشبان الإسلاميون الفلسطينيون بكل قوة لتكتب 
على أرض الرباط ملحمة جديدة قديمة» هذه الملحمة رفرفت من جديد فوقها راية : 
(لا إله إلا الله. . محمد رسول الله) . 





انطلقت خطا المجاهدان (ياسر الحسنات ومحمد قنديل) بثبات وخفة ورشافة رعم 
الخطورة البالغة التى تلف تحركهما لأنهما مطلوبان لقوات الاحتلال منذ ما يقرب من 
الخمسة شهور بعد المعلومات التى ملكتهما السلطات بحقيقة كونهما جنديين فى كتائب 
عز الدين القسام» الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية -حماس- قيامهما بتنفيذ 
عدة هجمات استهدفت قوات الاحتلال وعملاثه . . 


وتنقل المجاهدان من موقع لآخر فى منتهى السرية والأمن . . إلا أن واجبهما هذه 
المرة يلزمهما السرعة فى الإنجاز ولو أدى ذلك إلى درجة من المخاطرة» فأخوهما 
المجاهد (مروان الزايغ) بطل عملية الثأر فى يافا بتاريخ /١١ /١5‏ ١0م‏ مصاب بعيار 
نارى فى قدمه وعليهما الإسراع لعلاجه» وأشار محمد على أميره ياسر بضرورة بقاء 
مروان فى منزل الشيخ حسن فى منطقة الصبرة لصعوبة تحركه وللضرورة الأمنية رغم 
الصعوبة البالغة التى تواجههم. وأومأياسر برأسه بالإيجاب. . وأخرج زفرة 
حارة . . وكان حينها أكثر ما يضايق المجاهدين ضعف الإمكانات وندرتها . . «وأردف 
ياسر لذلك علينا الإسراع فى إحضار من يعالج مروان فى المنزل»» و فعلاًتم ذلك . 

وما كاد الليل يلف منطقة الصبرة بظلام دامس. . وقبل حلول منع التجول الليلى 
الذى كانت تفرضه سلطات الاحتلال كل ليلة من الساعة الثامنة مساء إلى الساعة 


يفف 


الخامسة فجراًء وذلك بهدف حصار المجاهدين, وقمع الانتفاضة» غادرت مجموعة 
من المجاهدين منزل الشيخ حسن بعد زيارة عاجلة لمروان المصاب . : والتف الإخوة 
حول مروان بعد صلاة العشاء وهم يرددون أهازيج إسلامية : 

يا بلادی» يا بلادى من أجلك صرت مقاتل . . 

من أجلك يا بلادى صرت مناضل . . 

وتمر قافلتى مع الأحرار من بين السنابل» ونصبر فى انتظار النصرء 

والنصر دوما للمقاتل» لنكون يا شعبى فداك» لتكون يا شعبى فداك» 

إما النصرء وإما أن نكون الجسر فى درب القوافل . . 

انتتبه المجاهدون لصوت طائرة هليوكوبتر تحوم فى المنطقة . . ذهب العين أعلى 
السطح يستطلع. وإذا بقوات معززة من جند الاحتلال تزحف نحو الملاذ والمأوى. 
تزايدت حالة اليقظة . . وقف مروان على قدميه مع إخوانه رغم الإصابة . :. فى إعلان 
واضح لقبول التحدى والاستعداد للمقاومة . . 

كان (محمد) المجاهد ابن المغازى الثائر قد اختار الزاوية الأقرب للمواجهة مع قوات 
الاحتلال. . ولم يكن هذا الاختيار من قبيل المصادفة. . بل اختياراً مقصودًا حيث 
القرب من زاوية المقاومة . . والقرب من انتقاء البارئ عز وجل . . 

وما أن فاجاً ياسر قوات الاحتلال بقنبلته اليدوية الوحيدة التى كانت بحوزتهه 
باتجاه ضابط الوحدة وهو يعتلى الدرج ليسقط قتيلاً ليدفع جزءا من بداية المواجهة مع 
جند القسام» و(محمد) يغلق الثغرة التى يحرسها. 

فيما انطلق الرصاص اليهودى بشكل كثيف نحو المأوى. حيت كان محمد يعتلى 
السطح. هناك ينتظر رصاصة واحدة من آلاف الرصاصات بينه وبين الجنة . اه كانةه 7 
السماوات والأرض . . نحو الحور العين وتاج الوقار والشفاعة وحواصل طير خضر. . 
والنجاة من العذاب نحو وعد الرحمن للشهيد ولن يخلف الله وعده. وسقط الحسد 
العملاق مدرجا بدمائه الطاهرة. . سقط بعد أن قدم وقدم ولم يتوان فى العطاء 


تفف 


المتواصل لدعوة السماء ء حتى اختاره رب السماء ء ليكون هناك فى ظله» وليسطر بدمه 
الزكى شهادة جديدة على وافع التردى والتخلى» ويفتح بوابة جديدة دخلها الشبان 
الإسلاميون الفلسطينيون بكل قوة لتكتب على أرض الرباط ملحمة جديدة قديمة» 
هذه الملحمة رفرفت من جديد فوقها راية (لا إله إلا الله) . 

ولا انطلقت شرارة الانتفاضة» كان محمد يواصل دراسته الجامعية بقسم الكيمياء 
بكلية العلوم بالجامعة الإسلامية» بهذه الحياة الخشنة الشاقة» تعلم شهيدنا مواجهة 
الصعاب وتذليلها. . تعلم فن العطاء اللامحدود . . ودون أن يسأل عن المقابل. . تعلم 

بيت الله تعالى الإسلام صافيّاء فعلم كيف يتبين الحق ويحميه ويدافع عنه بكل قوة؛ 
اقم على زان معي ابه لا بهي فى الله ا لانم .فيما حمل منذ 
نعومة أظافره قدرًا كافيًا من الذكاء والشجاعة . . إضافة إلى الجسم المتين الذى تحلى به 
(محمد) عدا ممارسته فن الدفاع عن النفس (الكاراتيه) . 

هذا المزيج الفريد من المواهب والصفات جعل محمدا شخصية تفتح لها مغاليق 
القلوب» فكان محمد محور التفاف شباب الإسلام حوله» يحبهم ويحبونه. . يعطى 
فيتعلمون منه فن العطاء . . 

ترسخت هذه المعانى العظيمة فى شخصية (محمد) يوم انطلقت الانتفاضة حيث 
كان (محمد) ابن الحركة الإسلامية (رمز العنفوان و العطاء فى الانتفاضة) أبرز الوجوه 
اللامعة فى المغازى كشاب يافع يحمل هموم وآلام شعبه . . حيث انطلق محمد يمنح 
دون تردد كل ما يملك . . ظ 

وفى الليالى الأولى للانتفاضة انطلق محمد ماشمًا يجوب أرجاء مخيمه مع إخوانه 
يضعون الحواجز ويشعلون الإطارات ويلهبون نار الانتفاضة الفتية بعطائهم المتدفق؛ 
ويطلقون صافرة البداية لمرحلة جديدة فى تاريخ فلسطين والحركة الإسلامية . . تطور 
عمل حركة المقاومة الإسلامية - حماس ى - وتفرع عبر أجهزة متعددة؛ وواصل الفتى 
المعطاء» مسيرته ليتولى مسئولية جهاز الأحداث فى المغازى . . 

وينما كان يجهز مع إخوانه الأعلام الفلسطينة الزينة بشعار التوحيد وحولهم علب 
الطلاء فى منزل أحد إخوانه فى إحدى الليالى الانتفاضية» طرق الباب بشدة» خرج ج أهل 
روسيم دماح سم الام ا 


Af 


وأعلامه تفترش أرض الغرفة !! وبينما (محمد) كان يوزع فى إحدى الليالى بين للحركة 
مع أحد إخوانه فاجأتهم دورية عسكرية» إلا أن (محمد) تحرك بشكل طبيعى وسار فى 
طريقه دون أن تلتفت الدورية الراجلة إليه أو إلى أخيه المجاهد. مع أنه كان يلقى البيانات 
وهو يمر بجوارهم» كان يعلم يقينا بأن الله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين. . لذلك 
ترى حقيقة التوكل المطلق على الله معلما بارزًا فى سلوك (محمد) . . 

ثم تولى المجاهد المعطاء مسئولية جهاز الأمن الحركة (مجد) فى المغازى» وبدأت 
رقعة المعلومات الأمنية تتزايد فكان القرار بإيجاد خلايا قسامية تلاحق فلول العملاء 
فى كل المواقع » ووقع الاختيار على صاحب العطاء المتواصل (قنديل) ليؤسس خلية 
كتائب الشهيد عز الدين القسام فى المغازى ويتولى مسئوليتها. . حيث تحركت بفاعلية 
وفوة فى منطقة المغازى» وكافة المناطق الوسطى» وهاجمت أذناب الاحتلال ونفذت 
حكم الإعدام فى ما يقارب ثمانية عملاء . 

ولما اعتقل( الأخ حسن العايدى) على الحدود المصرية . . ووقع المحظور وتوالت 
الاعترافات حتى طالت خلية المغازى القسامية لينضم (محمد) فور إلى قافلة الأحرار. . 
قافلة المطاردة الأولى . . ويختفى مع إخوانه عن الأنظار يجوبون أنحاء القطاع فى كر وفر 
مع قوات الاحتلال على الأرض الطاهرة . فيما رفض مرارا الخروج مقسمًا على 
الشهادة على هذه الأرض› كان حب الله والوطن الدافع الأكبر لتواصل العطاء القنديلى 
حتى الشهادة التى كان محمد يعشقها ويذكرها ويكثر ذكرها وانتظارها. . 

وفى زيارته القليلة لأهله كان يحثهم على الصبر والمصابرة إذا وصلهم خبر 
استشهاده؛ ولما سمع الأهل نبأ استشهاد ولدهم فى اليوم الرابع والعشرين من شهر مايو 
فى العام آلف وتسعمائة واثنين وتسعين ميلادية من الإذاعة الإسرائيلية» وقفت صورة 
محمد بينهم كالطود الشامخ يذكرهم وصيته بالصبر والاحتساب» فتواصوا بالصبر 
وحمدوا الله تعالى ودعوا له بالخير وأن يشفع لهم يوم القيامة . 

وما أن انتشر الخبر بين جماهير قطاع غزة حتى توافدت أفواج المهنئين (لآل قنديل) 
بشهيدهم الغالى حتى غدا موقع العزاء عرسا ضخما يؤمه الآلاف من كافة الأرجاء» وبقى 
النشيد الإسلامى يصدح موحيا بالفرح الغامر الذى يملا القلب» فيما طافت أكواب 
الشراب تؤكد هذا الشعور. . فجفت الدموع » وشعر الجميع بالغبطة حتى الأم الحنون لم 
درف دفعة و اة بل كانت أكثر النساء حثًا على الصبر واحتساب الأجر والدعاء. 


20 


وفى آخر أيام العزاء كان حفل تأبين ضخم للشهيد» حيث غصت شوارع المغازى 
بأهالى القطاع الذين توافدوايستمعول مناقب القنديل السام (محمد)ء وتحدث 
الجمع» ودقت الطبول» وفى هذه الغمرة الحافلة اقتحمت بيت العزاء قوات ضخمة من 
جيش الاحتلال وحرس الحدود ووقعت مواجهات ضارية» جرح فيها عدد كبير من 
الجماهير بالرصاص . . فيما تفرقت الجموع فى الأراضى الزراعية . . 

وفى ظلام الليل الدامس بدا أأنفار قليل عددهم من عائلة الشهيد القنديل تحوطهم 
قوات كبيرة من جند الاحتلال يحملون جثمان الشهيد الغالى فيما رائحة المسك ملات 
الموقع . . وألقى الحمع النظرة ة الأخيرة على الجسد الطاهر قبل أن يوارى التراب» وقد 
شاهد الجميع السبابه ليد محمد الشهيد يرفع شارة (الوحدانية)» وقد حاولوا مرارا ضم 
إصبعه دون جدوى . . وقد دفن الشهيد وهو يرفع هذه الشارة العظيمة› > لينتقل محمد 
من العالم المحدود إلى عالم الخلود. 8 ومن دار الابتلاء إلى دار البقاءء والبثيفق أسمه 
فى صحائف المجد» وفى جسور العودة كأبرز أسماء العطاء . 

وصية الشهيد: 

ا ی ی رو 
بإحسان إلى يوم الدين . . 

اماك 

إلى إخوتى . . أحبتى. . أمل الجهاد المتأجج فى ناظرى إلى الأبد. . . عمالقة 
الالتزام الصادق . . إلى كل المتمسكين رغم كثرة المفرطين» ورغم سفههم. . إلى أبطال 
SEE SS‏ ل ا 
ع مه ا متتماق إلى تقبيل ؤس س اليهود ر e‏ 
الأحداث وهذه المخاطر تذكركم وأنتم تجلسون حولى فى أيام قد خلت» فقلت 
عليه وأشرقت روحه وتألقت لعانقة الشهادة ؟؟ كى أخفى عنده سر الجهاد . . من فيهم 


فون 


يا ترى سوف يرث (أحمد ياسين ويحيى السنوار وروحى وحازم العايدى وعيد 
حا يي ري ورور مر وير 
يفكر كيف السبيل لقتل اليهود وأذنابهم الأوغاد ؟؟ 
من فيهم يرفع راية القسام عالية كما رفعناها فى زمن الذل والعارء لقد مهدنا لكه 
أعلريق لكى تسيروا على درب البطولة والشهادة» وتعانقوا روح الجهاد» ولا تفرطواء 
اقول لكم من قلب صادق وكلى أمل أن تسمعوا كلمتى. . 
أحبق. . إن أول خطوة فى طريق الجهاد القدس هى الالتزام بتعاليم القرآن ونهج 
الرسول محمد بيو خير الأنام . . وثانى خطى الجهاد. أن لا تنام الليل إلا وأنت تنظر فى 
حال البلاد والعباد. . ومن بعد ذلك يبدأ الاستعداد ليوم اللقاء مع البنادق والزناد . / 
لتكون شهادة أو نصر ينزله رب العباد. . هذى خطانا فى خنادق القسام» فهل تكون 
لكم أمنيات وتقدموا کی تبدأوا الطريق إلى الجهاد وتستعدوا کی تلحقوا بإخوان لكه 
هانت عليهم الدنيا وباعوها ما فيها ليصلوا بثمنها إلى رضا الله وإلى جنات الخلد 
وعدن. وإلى حوض النبى مي . . 
أقولها لكم : : إن جهادكم ونفوركم هو حياة الأمةء وأن بين أيديكم تشرق روح 
الخلافة فتنعم الأرض بالإسلام» وترفع راية التوحيد وما كنا نحن إلا حلقة من حلقات 
الجهاد الرهيبة المتواصلة بها يعز الإسلام وتنتعش راية التوحيد لتظل عالية لا تذل ولا 
نت ها مام سيل الدم مرديهاء وزشاريد الرصاص تصاجيها وشظايا القنابل تشق له 
الطريق للعلو والشموخ . ظ 
إخوتى. . إن الرسول يكل بشرنا بالرباط إلى يوم القيامةء وفضل الشام فى الجبهاد 
عن باقى البلاد» وحبب إلينا الشهادة ورغبنا فيها لعظم درجة الشهيد ومنزلته بين 
الأنبياء والمرسلين يوم القيامة» وحبب إلينا الجنة وفردوسها الأعلى وعد الله 
للمجاهدين والشهداءء وندعو الله يقبلنا مع المجاهدين وأن يرزقنا الشهادة فى أرض 
الأقصى الحبيب وأن يلحقكم بنا مجاهدين وشهداء وأن يجعل النصر على أيديكم . . 
نه المولى ونعم النصيرء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 
أخوكم محمد حسن قنديل (القسام) 
«أبو حسن) 1 
1۹4/۰4/۲۱ 
التفانى الصامت 


يفف 


الشهيد / ياسر حماد عليان الحسنات (أبو طارق) 
| 44/0/۲ 


قبض ياسر بقوة على القنبلة اليدوية الوحيدة التى 
بحوزتهم وتجلت فى لحظة واحدة كل الصور أمامه. 
صورة الماضى العامر بالعطاء والتفانى للرسالة الخالدة. . . | 
وصورة الحاضر الذى يحمل ملامح التحدى غير 5 
المتكافىئ» لكنه الإيمان يملا الصدور ويدفع لواصلة ا 
الطريق مهما كان الثمن . . . وصورة المستقبل المشرق . . . | ش 
حيث جنان الرحمن والفردوس الأعلى والشفاعة وعرش | 
الرحمان يتجلى» وحيث الأنبياء والصديقون والشهداء بإذن الله . 





كان على ياسر أن يسرع خطاه تاركًا منزله رغم غياب والده (الشيخ حماد الحسنات) 
خلف الأسلاك الشائكة بتهمة المشاركة فى تأسيس وقيادة حركة المقاومة الإسلامية 
حماس › والاعتقال الإدارى الذى لاحقه بعد ذلك . 

كان عليه الإسراع استجابة للواجب الإسلامى الذى يستحث خطا الشاب الأسمر 
الهادئ صاحب العطاء الصامت لينطلق ناحية الجنوب من مخيمه (النصيرات) حيث 
دير البلح وقربها مزرعة الدواجن التى يعمل بها مع إخوانه . . . 

لم تكن مزرعة الدواجن تلك سوى غطاء للعمل الجهادى القسامى الذى انطلق فى 
المنطقة الوسطى والتى كان ياسر أحد قادته. . . حيث فى أسفل المزرعة يقبع المبنى الذى 
اتخذته المجموعة القسامية كموقع تحقيق» حيث يخطف المتهم بالتعاون مع إحدى 
المخيمات الوسطى وينقل مقيدًا ومعصوب العينين إلى الموقع » ويجرى معه تحقيق شامل 
وينفذ الحكم العادل فى المتهم حسب جرائمه أو يطلق سراحه إذا لم تكن جرائمه كافية 
لتنفيذ حكم الإعدام فيه. . . 

كانت تلك الأعمال حينها تثير الإعجاب والدهشة والتساؤل. . . من يقف 
خلفها؟؟ وكيف تؤدى بهذه الدقة والمهارة ؟؟ (ياسر) يخ السير نحو الموقع المتقدم. . . 


لكف 


والخندق الجهادى الأمامى وتدور به ذكريات الأيام والليالى الخوالى . . . يتذكر والده 
وهو يحدثه عن الهجرة والشتات حيث انتقلت الأسرة من (بئر السبع) البلدة الأصلية 
ْ مع مئات العائلات الفلسطينية حيث أوتهم خيام اللاجئين فى قطاع غزة . 27 خيام 
اللجوء والضياع . 4 وتحولت الخيام مع الأيام إلى بيوت مليئة» خت زوئ الست 
رات الآفزاد» : ) 

واستقرت عائلة الشيخ حماد فى النصيرات ورزقه الله بالأبناء تباعا . 55 e‏ 
والده الشيخ عن يوم ولادته فى اليوم الأول من عام 974١م‏ حيث لازالت العائلة تعيش 
فى ظل الحكم المصرى فى قطاع غزة على آمل العودة إلى بئر السبع . . . وكم كانت 
فرحة العائلة بقدوم ياسر ضيفًا جديدا كريما على هذه ال حياة . : 

وكم كان حلم العودة لازال يراود (الشيخ حماد) . . . ولكن الحلم سرعان ما تبخر 
واستيقظ آهل القطاع على تقدم القوات العسكرية الإسرائيلية لتسحق ال حلم بمزيد من 
الاحتلال والمصادرة للأرض . ولكن أين نذهب الآن ؟! مالنا خيار سوى الصمود حيث 
فى تقدمه نحو الموقع القسامى تقدما نحو قدره الذى رسمه له الله عز وجل . . . حاول 
للحظات قراءة قسمات المستقبل أو التنبؤ بجزء منه» لكنه لم يفلح فى ذلك فعاد أدراجه 
إلى الذكريات . . . عاد ليذكر نشاطه الإسلامى قبل الانتفاضة» جال فى أرجاء مسجده 
وتفقد زواياه بخاطره. . . وذهب إلى الجمعية الإسلامية فى النصيرات ليذكر فيها أيام 
حين يقف متحدثًا أمام الجماهير. . . وكان يطرب لسماع النشيد الإسلامى من فرقة 
الجمعية؛ وكان يرى فى المسرحيات الهادفة التى تقدمها الجمعية بديلاً فنيًا حقيقيًا 
للهبوط الذى أغرق به الشعب باسم الفن والتقدم. . . وكان يمارس هوايته فى إلقاء 
الشعر وقرضه» وكان هذا يسهم فى إكساب ياسر جرأة حيتا بعد حين» ولا تولى إمارة 
الكتلة الإسلامية فو مد سة الصناعة كانت الثقة بالنفس معلما فى شخ (ياسر). . . 

رحلت الذكريات مرة أخرى إلى الانتفاضة المباركة وتذكر بمزيد من الفخر دوره مع 
إخوانه فى إلهاب جذوتها وإيقاد نيرانها. . . 

۳۲۹ 


وكان ياسر بين أولئك الأبرار الأوائل الذين تقدموا يلبسون القناع تاجا لرؤوسهم 
الطاهرة كى تتقد هذه الجمرة التى أحرقت اليد اليهودية . . 
إداريًا وكان من الأوائل الذين افتتحت السلطات بهم معتقل كتسعوت (أنصار ۳) فى 
صحراء النقب . . . ولم يكن هذا ليضعف عزيمة أبى طارق صاحب الإرادة القوية» بل 
تقدم فى العطاء وازدادت حماسته وكان يبدى إعجابًا شديدا بأبطال خطف الجنود 
(ساسبورتس وسعدون) من أبناء الحماس المجاهدين (نصار وشراتحة والمبحوح)» وكم 
كان يرغب أن يلتحق بصفوفهم . 

ثم جال بخاطره يوم أسندت إليه الحركة مسئولية جهاز الأحداث فى المعسكرات 
الوسطى» وكان هذا فخرا إضافيّاء فكم كان تمتعا أن يعطى المرء لإسلامه ووطنه كل ما 
يملك من وقت وجهد ومال ودم. ولما قدر الله تعالى تقدمت قوات الاحتلال لاعتقاله 
ومحاكمته بهذه التهمة ليقضى محكوميته البالغة عامين فى معتقل أنصار ” 
الصحراوى› وما كاد ينعم (أبو طارق) بشمس الحرية فى ربوع قطاع غزة وتحت شمسه 
الحانية حتى بادر إلى الاستجابة والموافقة على العمل فى كتائب الشهيد عز الدين القسام 
الجناح العسكرى للحركة» وكان من أوائل العاملين فى المنطقة الوسطى . . . كان يعشق 
الجهاد ويهوى أداءه ويحب تنفيذه استجابة لأمر الله تعالى بالجهاد حتى يحققوا أبرز 
المبادئ التى يؤمن بها (الجهاد سبيلنا) . 


وصل ياسر إلى مدخل مزرعة الدواجن التى يرتادها بشكل شبه يومى كموقع عمل › 
حيث تفقد الدواجن وأمدها بالغذاء والماء» ثم دلف عبر فتحة غير بارزة فى نهاية 
المزرعة بها سلم يؤدى إلى أسفل المزرعة» حيث إخوانه فى انتظاره وقد جلبوا شخصا 
متعاونًا مع الاحتلال» وظلت المحاولات مع الرجل كى يعترف با لديه من معلومات 
حتى بادر إلى الحديث وياسر يستمع ويسجل كل ما يتلفظ به العميل. . . ثم طلب منه 
إعادة اعترافه وسجله على شريط كاسيت. . . طلب منهم العفو والمغفرة بعد 
الاعتراف. . . بادره ياسر : كان ذلك ممكنًا لو أنك لم تطلق النار على أبناء الشعب» 
ولم ترتد الزى العسكرى الإسرائيلى» اما الان قك سنق السيف العذله ولكن 

عق 


بإمكانك التوبة الخالصة لله تعالى والصلاة والخشوع بين يديه طلبًّا للمغفرة 
والرحمة. . . وأحضر له الماء وأرشده إلى طريق الوضوء والصلاة كإعلان للعودة إلى 
الله تعالى ولو فى اللحظات الآخيرة . 0 ثم جلبوا له بعض الطعام الذى تتاوله تردد. 

كان العمل الجهادى القسامى يسير بانتظام وهدوء» ولا يعلم به أجد على الإطلاق 
سوى القائمين وعين الله ترعاهم . . . فالسرية والكتمان علامات بارزة فى شخصية 
تار ولكن قدر الله النافذ يتتحرك لحكمة بالغة لإماطة اللثام وكشف خلايا القسام 
العاملة» حيث حضر ياسر إلى والده يوما بعد خروج الوالد من المعتقل ليخبره أنه باع 
نصيبه فى المزرعة لعدم جدواها. . . ولم يعط الوالد الخبر اهتمامًا كبيراً حتى علم 
بالقصة لا قدمت قوات الاحتلال فى بداية عام ۱۹۹۲م لاعتقال ياسر. . . ورفض ياسر 
الاستسلام وأصبح ضمن المجموعة الأولى لمطاردى القسام . . . واختارته قيادة الجهاز 
العسكرى ليكون أميرا للمطاردين» وقضى أبو طارق جل وقت المطاردة فى مدينة غزة 
مع إخوانه يتنقلون من موقع لآخر وهم يؤدون واجبهم فى الموجهة الجهادية على 
مختلف الجحبهات» كان يشعر ياسر بالمتعة فى حياة المطاردة لأنها تجسيد بقوة التحدى 
والصراع. . . وما أجملها من معان حين يحمل صاحمها الحق ويذود عن حمى الشرف 
والكرامة» والمطاردة تعنى فى قاموس ياسر المقاومة حتى آخر الأنفاس . . . 

وأضاف استشهاد طارق القسام مزيدًا من التحدى والعنفوان على شخصية ياسرء 
وكم كان طارق قريبًا من ياسرء فهما أبناء النصيرات وأبناء الحماس والقسام وأبناء 
الجمعية الإسلامية» كل ذلك معا وسوياء وترى ذلك مجسدا فى تسمية ياسر نفسه 
بلقب (أبى طارق) نسبة إلى طارق الشهيد. . . وغدا بعده ياسر أكثر تصميمًا على 
مواصلة الطريق حتى نهايته» وكم كان يتمنى النهاية بشهادة فى سبيل الله تقر بها عينه 
ويعز الله بها راية الإسلام ويذل راية يهود. . 

لم يطل انتظار ياسرء فبعد أكثر من شهر من استشهاد طارق كان القدر يرسم لياسر 
الخطى نفسهاء ولكن بصورة جديدة. . 

ففى مساء الرابع والعشرين من شهر مايو من نفس عام المطاردة (۱۹۹۲)» تقدمت 
قوة عسكرية نحو منزل الشيخ حسن الديرى فى حى الصبرة بمدينة غزة لتحاصره 
حيث يقبع داخله الأبرار الشهداء (الزايغ . اندي وي اطيينات) كان وان 

۳۳1 


حينها يعانى من أثر الإصابة النارية بقدمه. . . قبض ياسر على القنبلة اليدوية الوحيدة 
التى بحوزتهم وتجلت فى لحظة واحدة كل الصور أمامه. . . صورة الماضى العامر 
بالعطاء والتفانى للرسالة الخالدة. . . وصورة الحاضر الذى يحمل ملامح التحدى غير 
المتكافى» لكنه الإيمان يملاً الصدور ويدفع لمواصلة الطريق مهما كان الشمن. . . 
وصورة المستقبل المشرق . . . حيث جنان الرحمن والفردوس الأعلى والشفاعة وعرش 
الرحمن يتجلى» وحيث الأنبياء والصديقون والشهداء بإذن الله . ظ 

واعتلى ياسر سطح المنزل. . . ولا تقدمت القوة وأصبحت فى مرمى الإصابة انطلق 
الساعد القسامى بقنبلته وهو يهتف الله أكبر . . . الله أكبر . ليتشتت جمع يهود ويقعون 
مدرجين بدمائهم . . . ويصوب مروان رصاص مسدسه نحو ضابط الوحدة» فانطلق 
الرصاص الجبان من كل صوب وحدب نحو أجساد الأبرار ليتحقق ال حلم لأبناء القسام 
بالشهادة والارتقاء إلى الجنان إلى الفردوس الأعلى . . . ويتحقق حلم يهود فى القضاء 
على إحدى الخلايا القسامية» ويهوى أحد ضباط الاحتلال إلى قعر جهنم» حيث تمكن 
رصاص القسام من قتله ليحقق الله دعوة ياسر لشهادة يذل بها يهود. . 

كانت وصية ياسر التى سمعها أهله عبر شريط الفيديو عالقة فى أذهانهم عدم 
الصراخ-توزيع الحلوى إقامة عرس الشهادة ‏ تنفذ بحذافيرهاء حيث ذرفت الدموع 
على الشهيد الغالى واتتصب عرس الشهيد فى قلب النصيرات أمه أبناء القطاع» يهتفون 
للشهيد وللإسلام وللحماس وللقسام . والتهبت أرجاء القطاع بالمواجهات العارمة 
غضيًا شعبيًا على فقدان أعزاء مقاتلين بررة من أبناء هذا الشعب المعطاء . . 

ومكث جثمان الشهيد أيامًا مع قوات الاحتلال» وبعد ليال ثلاث تقدمت قوة 
عسكرية تطلب من الشيخ حماد الخروج مع أفراد قلائل من العائلة لدفن الجسد 
الطاهر . . . جسد الشهيد ياسر. . . كانت نظرات الوداع الأخيرة بالغة التأثير» شعر 
الشيخ حماد بمرارة الفراق ولوعة الحرمان من رؤية ولده الحبيب الوادع» لكنه كان فى 
سعادة غامرة حيث ولده يكمل الطريق التى اختارهاء برزت معانى التضحية والوفاء من 
ظ أجل الله والوطن متجسدة فى شخص ولده لعودة الراية الخالدة . اولاق ا 
الظاه الراب كه (لاقتكرة ازو اة ا رة دق لهد ا الأبران تجح 
أجسادهم فى تربتها الطاهرة . 

۲ ) 


ولم يقف العطاء ولم تقف المسيرة» إذ استمر (زياد حماد الحسنات) شقيق ياسر فى 

يق شقيقه ليطارد سلطات الاحتلال فترة من الزمن ثم يتمكن من مغادرة الأرض 
الحبيبة على أمل العودة القريبة بإذن الله. . . وقد ألقيت كلمات الرثاء والوفاء للشهيد 
الغالى فى عرسه الكبير ومما تضمنته هذه الكلمات . . 

«إننا نودع اليوم رجلاً شهما إلى جنات الفردوس بإذن الله . . . استشهد فى ميدان 
العز والشرف والكرامة فى سبيل الذود عن حياض الوطن المقدس . . . لقد أوقف 
شهيدنا حياته منذ نعومة أظافره لخدمة دعوته ووطنه . 0 إن حماس لا ترثيه ولا تبكيه 
بل لعل مع سيرقة مذلا أعلى ونير ای ظ 

إن ما يبعث فينا الثقة والقوة» التاريخ القسامى الحافل بالأعمال المجيدة لشهيدنا 
الغالى» إن من عرف هذا البطل عرف أن الله قد أودع قلبه سرا علويا لم يودعه إلا فى 
قليل من عباده الصالحين» منهم ياسر الذى أخذ من الإيمان عقيدة» ومن الإخلاص 
وطنية» ومن الوفاء عشرة ومن العزيمة إقدامًاء ومن الثبات إرادة» ومن النبل طبعاء 
ومن البطولة اتصالاً. 

وقد أجمع الذين شاهدوا ياسر فى شهادته أنه كان كاليقظ ورائحة المسك تعبق 
المكان. . . نعم إنها الكرامة يمنحها الله لأوليائه المجاهدين الذين تقدموا فى زمن 
التراجع ليكتبوا بدمهم صفحة جديدة ويشقوا طريق الحرية . . . بجهادهم المتواصل 
وليدقوا أبوابها الحمراء بدمائهم المدرجة الزكية . . . فطوبى لهم وحسن مئاب . 


ع ماع ماع 
E O‏ 


TY 


الشهيد / ياس ر أحمد التمروطى 
121/0 

وداعا أيها القائد الشهيد ياسر أحمد يوسف النمروطى (أبو معاذ ) 
ا ظ ظ 

من قال أوراق الشهادة. . . قد طوتها الريح فى زمن الخراب؟ | 
من قال إن حكاية الشهداء قد صدئت وواراها التراب؟ من فال 9 
إن أشرعة البطولة قد طواها الموج فى بحر الغياب ؟ من قال إن | ”7إ 8 
تعق الخ رات ؟ هن أن اتی شولك إذة... .ومن ائ الماذن 
العا ظ 










جبل شامخ فى الأفاق : 

جبل شامخ فى الآفاق . . . لاايمكنه أن يتوقف عن مد يديه للشمس نحو النجوم 
الساطعة فى السماء. . . تتلألاً النجوم وتزداد سطوعا ولمعانا من شعاعه الذى يمنحه 
للآخرين فى صمت. . . . فهو ص خرة الأقدار التى تتحطم عليه صرخات 
الأحزان. . . وزند قوى أشع من وسط الظلام ليبدد عتمة الليل. . . ويجلى الصبح 
بالنهاز : . إثة الشهيد ناسر أخمك و سفت التمروطكى ( أب مهاد 
فى عرس شهادته: 

فى ذكرى رحيلك العاشرة أيها الخالد فى ذاكرتنا للأبد. . . صورتك انتشرت على 
ثياب التلاميذ. . . وأحلامك تتجسد فى صباهم . . . وتقاطيع وجهك تلازمهم فى 
أحلامهم. . . ومقاطع شعرية يكتبونها لأجلك فى كراريسهم المدرسية . .. وريح 
' روحك ترفرف على المكان وتزيح عنهم الظلام وتذر الرماد على العتبات. . . 


A 


اصطف أبو معاذ حذو الظل . . . واشتم السكون. . . ووهج عن ومض انحدر فى 
خلاء الكون. . . ورفرف فى السماء: . . وهيأ نفسه للأفق. . . وامتزج بدمائه. . 
فكان امتدادا للفضاء . . ونسج فينا ذاكرة وحلم. . . وكان على موعد مع الشهادة 
حين تقدمت قوات عسكرية بأعداد هائلة فى مساء الثلاثاء 5 /1/١‏ 1997م. . . 
وخا تاكان ال وودر اا اتوي ةمد سج ا رن وا ت 
حملة تفتيش واسعة النطاق حتى قرب ظهيرة اليوم التالى /١6‏ /1/ 1197م . 52 
خرج أبو معاذ من موقعه وهو يحمل مسدسه الشخصىء أطلق منه رصاصات على 
فوات الاحتلال. . . وحاول القفز بين المنازل حيث كسرت ١‏ الزاوية ) التى كان يستند 
عليهاء فأطلق الجنود أكثر من ثلاثمائة رصاصة على جسده الطاهر ليرتقى إلى الله 
شهيدا ويجمع فى راحتيه وميض النجوم وتتذكره ضوء المصابيح فى طرقات المخيم 
وينفث أريجه عبر النوافذ منتئرا وأزقة المخيم ملء خطاه وبشموخ أبى معاذ كون بعض 
ملامح المخيم والتى لن تغيب ملامحه عنا أبدا. . . . ) 

رمحا مشرعا فى وجه الأعداء: 


يا رمحا مشرعا خلف الأسوار. . . يا شجرة من نار تكوى الأعداء. . . لم يتجرأ 
الجنود المدججون بأسلحتهم أن يتقدموا صوب جسدك المسجى . . . . ليتم نقله وط 
إجراءاتهم فى البحث داخل الجسد حول أى أثر لمعنى المقاومة والصمود. . . وتعلن 
الإذاعة الإسرائيلية نبأ استشهاد ياسر النمروطى أخطر المطاردين فى قطاع غزة. . 
وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن يوم /۱١‏ ۷/ ۱۹۹۲م إضرابًا شاملاً حدادًا 
على روح الشهيد الرقيب ياسر النمروطى قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام فى قطاع 
غزة. . . . ولمع ضياء أبو معاذ على الشجر المتكائف جنب الطرقات. . . . وظهر لمعانه 
فى السكون على عتبات البيوت. . . وأعمدة النور عندما امتزج البياض بحمرة 
الشفق. . . ونقش اسمه على قلوبنا. . . ونا فيها حين انشق عن صمت الوجود. . 
محطات المقاومة والصمود: 

خطط أبو معاذ. . . وتأمل نحر الأعداء بصخر الشطآن . . . وقوى الأفق المفتوح 
على الظلمة. . . وجبال الطور المجدولة فى سدف الليل. . . وتلال غزة التى صادرها 


۵ 


الحتل. . وقرر أن يكون شوكة فى حلق المحتل دو خطر ا وان و 
ففى شهر مايو ۱۹۸۹م كانت أجهزة» المخابرات الإسرائيلية فى قطاع غزة توجه ضربة 
إسرائيل + . . . وطالت هذه الهجمة قيادات الحركة. . . وأجهزتها المختلفة. . . . وكان 
أبو معاذ أحد أولئك الأبرار الذين طالهم الاعتقال بتهمة ترؤس خلية من المجاهدين 
عامين. 00 وغرامة مالية قدرها( ٠٠١‏ شيكل ). م وقد قضاها فى سراديب 
التحقيق فى سجن غزة المركزى. . . وفى معتقل النقب الصحراوى بين آيات الله عز 
وجل حافظًا وتاليًا. . . 
ميلاد النور: 

لك المعاطر التى توقدت فى التراب . . . . يا أول المجد. . . فلقد كانت اللحظات 
القليلة التى يخلو فيها أبو معاذ بنفسه تذهب به الذاكرة إلى الأيام الخوالى من حياته 
خاصة أنه قدم إلى الدنيا بعد وفاة شقيقه تيسير الذى يكبره مباشرة . . . ما دفع والدته 
إلى ضمه إلى حضنها تحدثه قصص بطولات الفرسان. . . . وأحاديث بلدته مسقط 
رأس والده (ياسر) والحياة الجميلة فيها وقصة الهجرة الكبيرة وأمانى العودة الملازمة 
للعائلة المتواضعة وكل أبناء فلسطين . ر وتذكر له بشىء من السعادة يوم ولادته 
(السابع والعشرين من شهر سبتمبر من عام 1474١م)‏ حيث كان قطاع غزة تحت الحكم 
العبوف 2 : وأن قدومه فتح قلبها مجددا إلى الدنيا رغم أن الله رزقها قبله بذرية 


يوس . . . يك قف ساعات يرن فياه ال ردام جه ورمالة:ذون كلل أو 


وردنا 


ملل. . . . وأيام الدراسة» تحت سقف مدارس خان يونس للاجئين» وما بها من متعة 
وبراءة . ..... ومن تفوق وذكاء» (حيث كان ياسر من المتفوقين بين أقرانه ): والتزم 
صغيراً فى مسجد (الشافعى) حيث شعر ومنذ نعومة أظفاره بمعنى الولاء. . . وحقيقة 
الانتماء. . . ونهل من نبع الإسلام الصافى ما شاء الله. . . وكان أحب أيامه يوم ينطلق 
مع إخوانه إلى الخلاء يلعبون ويتسامرون. . . وفى هذا الموقع تعلم الشدة والبأس على 
كل ما يخالف منهج الله تعالى . . . . وباشر فى بناء جسده العملاق حيث مارس بشكل 
متواصل ألعاب القوى وفن الكاراتيه. . . وكان من الأوائل الذين حصلوا على الحزام 
الأسود. . . وكانت نعمة الله عليه عظيمة بجسد قوى على البلاء صابرا. . . وبالتأكيد 
كان التزاوج بين الإيمان النقى والجسد القوى مصدر إرهاب متواصل لأعداء الله. . . 

التزام وتدين بصرخات من عمق الصدر وتجمع ملء يديه صراخ تخرجه من باطنها 
الأرض. . . . فأبصر نجمة داود على الخوذات. . . ورفض الذل. . . والتتحق 
(بجماعة الإخوان المسلمين) وغا وصفا ذهنه وفق الإسلام ومنهجه» ومنح بيعة عالية 
لله تعالى» ثم تعود به الذاكرة حيث ( الجامعة الإسلامية) فى غزة وأيام العمل الجميلة 
فيهاء حيث الحراسة الدائمة لهذا الصرح من أى عبث . . كانت إحدى مهام ياسر الذى 
يملك كل المؤهلات البدنية والنفسية لهذا العمل .. ) 

وبدأ يفكر الشات الناضج فى الاستقرار الأسرى بعد اكتمال شخصيته والاعتماد 
المطلق على نفسه» تزوج ياسر ورزقه الله بمعاذ قرة عين له ولزوجه. . ) 

موق لطر وو ترف افك م إن ال ضاف اوك سوس 
جراحك . . . وأشهر صباحك. . . . وارفع على زحفهم سلاحك . کل ت 
الأيام إليه ذاك اليوم الذى تقدم فيه المجاهد ( يحى السنوار ) مؤسس منظمة الجهاد 
والدعوة ( مجد ) ( جهاز الأمن ) التابع لحركة حماس كى يشكل خلية جهادية فى مدينة 
( خان يونس ) تؤدى واجبها فى مواجهة الخارجين عن إطار الدين والوطن. . وتحركت 
الخلية قبل ومع بداية الانتفاضة ضد أهداف تشكل خطرا على مجتمعنا وقضيتناء حرق 
شكلت هذه الأهداف مراكز لإسقاط أبناء شعبنا فى براثن المخابرات . 

اا على أل مظوظا فب يدون ا ی 
التى صنعها بيده من نوى حبات زيتون بلادنا كى يبقى من خلالها على اتصال دائم مع 


¥ 


الله تعالى فى هذه الخلوة الدائمة التى أراد منها العدو كيدا ( لياسر) وإخوانه» فإذا هى 
نعمة عظيمة يشعر فيها بمدى قربه من الله تعالى . 
ترسخت المماهيم : ظ 

ولا كان ياسر بين أحضان إخوانه رفقاء المحنة والصبر يودعهم فى اليوم العشرين من 
شهر مايو ١144م‏ بعد قضاء محكوميته كاملة. . كأنه فى بريق أعينهم يلمح مضاء 
العزيمة فوق أكتافهم شارة النصرء وفى حنايا قلوبهم التى لامست قلبه دفء العطاء 
والنصيحة» فخرج ياسر وهو يعرف الطريق جيدا. . . وقد ثبتت به خطاه بشكل 
كبير. . . وترسخت لديه القناعات ( أن الجهاد هو السبيل ). . . وبدا بريق الإصرار 
والمضاء آكثر لمعانا فى عينى ياسر المقدام كى يمضى فى هذا الطريق الشائك. . . 
والتطور النوعى فى شخصية ( أبى معاذ ) بعد خوض هذه المدرسة المتكاملة وحفظ 
كتاب الله تعالى ونيته الصادقة على مواصلة الطريق كان كفيلاً بأن يصبح أحد الرقباء 
لحركة الإخوان المسلمين فى مدينة خان يونس . ما كاد ( أبو معاذ ) يحط الرحال بعد هذا 
السفر الطويل فى بحر الغربة عن الأهل والزوج والولد» وذلك استجابة للهيب المستعر 
فى قلبه الذى يدفعه للعمل والعطاء حتى بادر إلى تشكيل خلية عسكرية من خلايا 
كتائب الشهيد عز الدين القسام فى منطقة خان يونس» وقف على رأسها قائدا قساميًا 
ولما يبدأ العمل العسكرى» كان قد خطط لذلك حتى اعتقلت مجموعة قسامية فى شهر 
ديسمبر ١114م‏ وأثر ذلك» فى السابع من يناير من العام التالى» داهمت قوات 
عسكرية معززة منزل ياسر . . فما كان من المجاهد إلا اتخاذ قراره الحاسم وإعلان 
التحدى الصعب بقوله الصارم «لن أسلم نفسى لليهود وسأموت ألف مرة قبل أن ينالوا 
مان ليصبح يعدها (أبو معاذ) مطاردا لقوات الاحتلال والمستوطنين فى كافة 
الخنادق الأمامية للمواجهة» وليستعر لهيب المعركة بشكل أكثر برورً فى كافة أرجاء 
القطاع الصامدء وليكن أبو معاذ من أولئك النفر الأوائل القلائل الذين بهم ارتفعت 
راية الجهاد وأصبح اسم القسام رمزا أصيلاً لكل جهاد صادق وتضحية كاملة . . 

كان رجل الساعة يفهم دوره جيدا وينفذ المطلوب منه بشكل كامل» فانطلق منذ 
اللحظة الأولى للمطاردة فى مدينة غزة وأحيائها (والتى لم يغادرها مطلقًا حتى 


8 


استشهاده) يرفع بنيان القسام ويثبت قف ركاه اق الأرضن اح كا ال وة 
تولى ( أبو معاذ ) قيادة ( كتائب الشهيد عز الدين القسام ) فى قطاع غزة. . وهذه المهمة 
الثقيلة لم يكن ياسر ليضن بها أو يتقاعس فى أدائها رغم المشقة البالغة التعقيد. . حتى ‏ 
لم يتوقف المطارد البطل عن العمل من أجل توفير الإمكانات اللازمة للمجاهدين»› 
حيث قام بشراء السلاح وإعداد مواقع الاختفاء» وبدأ يوسع قاعدة العمل العسكرى, 
فانضم إلى القافلة مجاهدون جدد وغدت الخلايا القسامية فى د شتى المواقع . . وبدأت 
موجة من الهجمات التى شارك - بفاعلية - فى التخطيط لها أمير الكتائب ( أبو معاذ ) 
ومنها الهجوم على مركز الشرطة فى غزة» وعملية ( مصنع كارلو) قرب ناحل العوز 
حيث قتل يهوديان» وعملية قتل المستوطن ( كوهين ) قرب بيت لاهيا . ظ 
إخلاص وتفان وكان الإصرار والتفانى والإخلاص معلما بارزا فى شخصية القائد 
(أبى معاذ ) حيث تراه فى كافة المواقع رجلا إيمانيا معطاء لا يبخل على دينه وحركته 
بالجهد والوقت والمال والدم القانى الذى روى التراب الطهور الذى عشقه ياسر» كان 
أكبر شاهدًا على هذه الحقيقة الناصعة. . وفى كل هذه الأوقات الصعبة والتحدى 
العنيف كان دومًا يردد : «راية الجهاد ارتفعت ولن تخفض بإذن الله تعالى وسنظل 
شرت اھ دی كل اد مادام كنا عوق ن 
الشهادة عنوان : 

ولم يكن ياسر التواق يضع نصب عينيه سوى نهاية واحدة ( الشهادة» الجنان ) فكان 
يرفض الخروج من الأرض المقدسة» كما يرفض تسليم نفسه لأيدى السجان القاهرء 
فكان يسعى للشهادة بكل قوة وعنفوان وينتظرها كأمنية غالية طالما رسخت فى عقله 
الباطن أن الموت فى سبيل الله أسمى أمانيناء لذلك لم يدخر أبو معاذ جهدا لتحقيق هذه 
الأمنية» لذلك كان دعاؤه الدائم : «اللهم ارزقنا الشهادة مقبلين غير مدبرين» . 
لن نتساك: 

وما کان لكتائب الرحمن من جند الحماس والقسام أن تنسى أحد أبرز خريجى 
مدرسة الجهاد والاستشهاد. . . حيث حضرت فى اليوم الثالث للعزاء خلية قسامية 
مسلحة. . . أطلقت الرصاص فى الهواء تحية لقائدهم القسامى . . . وهم يرفعون ولده 


۳۹ 


معاذ فوق أكتافهم. . . وفى حفل تأبين الشهيد الرقيب المهيب أثنى الجميع على أبى 
معاذ القائد الجندى» وقال الدكتور عبد العزيز الرنتيسى ( نودع اليوم بطلا لم أشهد له 
مثيلاً فى هذا الزمان )» ففعلا هذا زمان الرجال يا أبا معاذ. . . هذا الزمان التى تتهاوى 
فيه هامات الرجال. . . . وأنت مع الفجر تمضى . قت :وت الف تلعف 
جراح الغربة . . . يا من تعاهدت على الشهادة. . . وانطلقت بسورة العصر. . . . لن 
تنساك الجدران التى بحناء الحماس خضبتها. . . . ولا الأعلام التى بلا إله إلا الله 
وشحتها. . . . ولن تنساك صلاة الفجر يا حير من ارتادها. . . . ستبقى الجندى الذى 
مضى على العهد حتى قضى . . . . هنيئًا يا أبا معاذ اللقاء بالأحباب فى السماء. . . 
وستظل فى القلب مع العماد وأبو الهنود والعياش والباقين جما فوق الحبين. . . 





بسلاحه وعتاده ويتملكه الرعب.. حت من التساء 


الشهيد / عبد القاد ركميل 
4۳/۸/۱1۳ 


حيو لحز يهن داقع وان O‏ 
كانت التدرازة الأولن لأولي سجسوعنات الكقاتس فى 
الشمال» ومن خيرة أبنائها صنعت وقود الكتائب فى 
الانتتفاضتين» وفى بيوتها أمضى العياش فترة من 
مطاردته» إنها قباطية» سلسلة طويلة من العطاء. . فمن 
ستة قساميين قدمتهم شهداء قبل اندلاع انتفاضة الأقصى› 
إلى ثلاثة شهداء قساميين آخرين قدمتهم فى ظل انتفاضة 
الأقصى ةه ت و 
الانتفاضتين › لذا كان حقًا علينا أن نعيد إلى الذاكرة سيرة ثلة من أبناء هذه القرية من 
شهداء القسام بدءا بالقائد المؤسس الشهيد عبد القادر كميل» مرورا برائد زكارنة 
وأحمد أبو الرب محمد أبوالمعلا «الأناسى» وأمجد كميل» ومحمد صالح كميل» إلى 
شهدائها القساميين فى ظل انتفاضة الأقصى الشهيد: صالح كميل وظافر كميل ومحمد 
كوه ون عل ا 

(الحهاد والشهادة قدر الكثيرين منا فى فلسطين» أما الموت فهو بالتأكيد قدر الصهاينة 
الذين يعيشون فيها). . هكذا يقرأ القساميون المعادلة» وهكذا يتعاملون مع الواقع المر 
الذى تفرضه ممارسات الاحتلال الصهيونى فى بلادهم وعلى أرضهم» فلا عجب إِذَا 
أن يكون المجاهد القسامى عنوان المرحلة ورافع لواء المقاومة ضد أبناء القردة والخنازير» 
فلقد أثبتت كتائب القسام دوما أن الحديد والنار هما الطريق الصحيح والوحيد لنيل 
الحقوق الضائعة والمغتصبة وما دون ذلك وهم وضياع» وعبد القادر هو أحد هؤلاء 
القساميين الأوائل الذين رسموا لغيرهم الطريق ووضعوا اللبنات الأولى فى صرح 


القسام العظيم . 





5١ 


الميلاد والنشأة 


ولد الشهيد البطل عبد القادر يوسف كميل بتاريخ 974١م‏ فى بلدة قباطية الواقعة 
بين أحضان جنين القسام» وتربى بين أفراد عائلته القروية المتدينة على حب قيم وتعاليم 
الإسلام العظيمة. تلقى الشهيد عبد القادر كميل تعليمه الأساسى والإعدادى والثانوى 
فى مدارس بلدته قباطية» وحصل فى سنة ۱۹۸۷م على شهادة الثانوية العامة وبتقدير 
(7885) مما أهله للدراسة فى الجامعة . 

بعد حصول عبد القادر على الثانوية العامة بفترة قصيرة قرر السفر للخارج لإكمال 
دراسته الجامعية» وفعلا سافر للأردن والتحق هناك بالجامعة الأردنية حيث درس فى 
كلية الشريعة» وفى فترة مكوث عبد القادر فى الأردن تعرف على بعض الأخوة 
الحركة» ومع تطور عمل المقاومة الإسلامية فى فلسطين قررت قيادة الحركة فى الخارج 
القسام) وانتدب عبد القادر لغرض هذه المهمة فى منطقة شمال الضفة الغربية» وبدأ 
فعلا قبل أن ينهى دراسته الجامعية بالتدرب على السلاح وصناعة المتفجرات . . وبقى 
فى هذه الوضعية حتى حان موعد العودة للوطن . 
الحودة للوطن 

وفعلا عاد عبد القادر لفلسطين بتاريخ 5ام, واستطاع بفضل ذكائه وحكمته 
العسكرية إخفاء تفاصيل مهمته عمن حوله من الأقارب والأصدقاء حتى أنه عمل فى 
مجال الزراعة وقص الحجر فى القرية كتمويه لنشاطه» وبعد قترة قصيرة من مكوثه فى 
منطقة جنين بدأ عبد القادر مع عدد من المجاهدين فى حركة حماس العمل لتكوين 
خلايا عسكرية صغيرة فى منطقة شمال الضفة الغربية تحت مسمى (كتائب القسام) 
الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية . 
الشهادة تنحظره 

عمل الشهيد عبد القادر فى مجال صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة» وقام بوضع 


TY 


ساعات ما بعد العصر توجه الشهيد عبد القادر لزيارة أحد المجاهدين فى قرية اليامون 
القريبة من مدينة جنين وبعد اللقاء قام عبد القادر بزرع عبوة ناسفة على أحد الطرق 
الفرعية حول القرية وذلك ككمين لإحدى الدوريات» وفى أثناء زرع و تركيب العبوة 
حدث خطأ ما أدى لأنفجار العبوة واستشهاد القائد عبد القادر كميل على الفور» نقل 
بعدها جثمان الشهيد سرا من اليامون لقباطية حتى لا تعلم قوات الاحتلال بملابسات ‏ 
الحادث. وبالفعل تم دفن الشهيد عبد القادر سرا وحتى بدون علم والدة الشهيد 
بالموضوع حيث تم إبلاغها بالحادث بعد ساعات من الدفن» وهنا يظهر صبر المرأة 
الفلسطينية و قوة النفس المؤمنة بقضاء الله وقدره» فبعد علم والدة عبد القادر بخبر 
استشهاد ولدها اتجهت نحو مقبرة الشهداء بالقرية ووقفت على قبر ابنها وقالت : (الله 

علمت قوات الاحتلال بالحادث بعد أيام» وطلبت من أحد إخوة الشهيد الحضور 
مقر المخايرات فى البلدة» وهناك سأل الضابط شقيق الشهيد عبد القادر عن سبب الوفاة 
فأخبره بما حدث» حيث دهش الضابط جدا من نشاط عبد القادر العسكرى وتساءل : 
(كيف يتم كل هذا بلا أدنى علم لناء ثم كيف لم يتم اعتقال عبد القادر عند عودته من 
الأردن) . 

هذا هو القائد القسامى عبد القادر كميل» ابن كتائب القسام الذى فهم وتدبر المعادلة 
الصعبة (جهاد ثم استشهاد) فكان بحق نموذجا للمسلم المخلص الصادق الذى ترك متاع 
الدنيا وزخرفهاء حتى أنه بعد استشهاده لم يترك سوى صورة واحدة له وهى صورة 
تخرجه من الجامعة لكثرة زهده» إن القسامى رجل كبير فى زمن الصغار والأقزام. 
أحب دينه وأمته ووطنه وقدم لهم جمیعا روحه وحياته . 

هنيئا لك يا عبد القادر الشهادة» وهنيئًا لك صحبة رسول الله ي فى جنة عرضها 
السماوات والأرض. 


E 


الشهيد / هشام حسئى حسين عامر (أبو حمزة) 
14 





«رحل أبو حمزة بعد أن أودع فى كل بيت وردة. 
مغروسة وسط الدار لا ترويها المياه. فقد سقاهاآبو 
جمزة بدمه فماتذبل أبدا. . . ينظر إليها الناس» 
يذكرون (هشامًا) الذى أودعهم قله ال سات : 
يقسمون (لن نقيل ولن نستقيل) حتى تنبت الوردة فى 
رحاب الأقصى الظاهرة. وحينها ينتصر (أبو حمزة 
ويفوز ركب الشهداء الأحرار الذين تقدمهم (أبو 
حمزة)) . 

بدأ الليل يرخى سدوله فى مساء اليوم قبل الأخير من شهر (أكتوبر) من العام آلف 
وتسعمائة واثنين وتسعين» حينما رفع (أبو حمزة) كفيه إلى السماء متمتما بدعاء خافت 
مبتهلاً إلى الله عز وجل أن يسدد رميته ويرزقه الشهادة فى سبيله مقبلاً غير مدبر . 

فى أحد خنادق الجهادالأولى كان يقبع (أبو حمزة) فى أيام مطاردته الأولى مع 
إخوانه المجاهدين فى كتائب الشهيد عز الدين القسام. غطى (هشام) وجهه بكفيه 
وغاب فى عالم الذكريات إلى ذلك اليوم القريب الذى طلق فيه الدنيا الزائلة وغاب عن 
زخرفها. . تاركاالمال والأهل والولد. . . بعد أن كان يخوض مجالات الجهاد 
والمقاومة فى كافة المواقع وهو ملثم لا يعرف الخصم له طريقا . 

كان ذلك اليوم مغروسا فى ذاكرة (أبى حمزة). . . يوم أن حمل سلاح المقاومة 
وارتدى لثامه الحمساوى وطاف فى شوارع وأزقة المخيم يساند ساعده المسلح إيمانه 
العميق الذى يسكن قلبه» وكم ردد على مسامع إخوانه أن الحق لابد له من قوة تحميه 
وتسانده وإلا فإن الحق كلمة مجردة لا تستطيع الوقوف فى وجه الأعاصير ال مزلزلة التى 
تحاصر الحق فى كل مكان . 


بحر 


٤ 


وبينما كان (أبو حمزة) يؤدى دوره الجهادى» ويقدم التحية إلى قائده (ياسر 
النمروطى) فى حفل تأبينه فى مخيمه الفدائى» وفى لحظة لم يدرك تفاعلاتها يسقط 
اللثام عن الوجه القسامى الذى يمثل طليعة العمل الجهادى العسكرى فى مخيم (خان 
يونس)» وتهامس الناس هذا (هشام عامر) الملثم المسلح . . يومها لم يعد (أبو حمزة) 
إلى أهله وأبنائه . . . كانوا هناك ينتظرونه . 

على باب الدار وقفت زينب تمسك بيد شقيقها الأصغر (حمزة) ينتظران الوالد 
الحانى الذى رمق الدار عن بعد. . لم يستطع الاقتراب. . . كان يلمح بعين البصيرة 
خيوط الأخطبوط تنسج حوله شبكة محكمة متقنعة . . . كانوا حينها يبحثون عن طرف 
حيط أو دالة طريق نحو الجنود المجهولين من (كتائب القسام) الذين بدأوا برسم معالم 
الوطن وأخذوا يغرسون خنجرًا فى خاصرة السرطان الاستيطانى الذى استولى على 
الأرضء» وطارد الأبناء وقتل الأشقاء وترك الأطفال دون عائل . ظ 

كانوا يبحثون بكل قوة عن هذا الخيط الذى يقودهم إلى خنادق القسام الثائرة» 
ولكن (أبو حمزة) ليس جنديًا عاديا يسهل اعتباره ثغرة يتم الدخول منها إلى خنادق 
التحدئ الأولى: 

(فأبو حمزة) رجل قوى الشكيمةء صلب العريكة» تربى منذ نعومة أظفاره على 
الإباء والتحدى» فمنذ ميلاده الذى أعقب حزيران النكبة بشهر واحد» فى أحد بيوت 
مخيم (خان يونس) القرميدية» بعد أن رحَل أهله من (بيت دراس) قريتهم الأصلية» ما 
وقف (أبو حمزة) يومًا مطأطأ الرأس أو حانى القامة» درج على العزة والكرامة 
والإباء» فما كنت تخاله طوال حياته فى مدرسته الابتدائية وبين أقرانه فى الحى إلا قائدا 
يجله الجميع حتى أولئك الذين يكبرونه دومًا كان كبيرا فى عيونهم» وطوال حياته 
الدراسية كان حاملاً للمسئولية التى عاشها منذ الصغر . وما أن أنهى دراسته الثانوية 
حى افتتح محلا لبيع الدجاج يقتات منه وأهله» كانت الخصال الأصيلة فى شخصية 
(أبو حمزة) تجعل منه رجلاً محط الأنظار ومعقد الآمال» وقد كان لهاء فما تخلف عن 
عطاء أو بذل ولم تشهده مواقع (خان يونس) إلا جوادًا كريمًا لدرجة أنه وهب معظم 
ماله للمجاهدين . 


0 


كان هشام فى كل ذلك مهتم بتربية ذاتية وفق قاعدة «المؤمن القوى خير وأحب إلى 
الله من المؤمن الضعيف» . والتحق (بجماعة الإخوان المسلمين)» فى سن مبكرة حتى 
غدا نقيبا فى صفوفها كل ذلك كان يهبئ (أبا حمزة) لقدره المرسوم. 

فما أن انطلقت (الانتفاضة الفلسطينية) الماجدة حتى كان (أبو حمزة) أحد أبرز 
الرواد الأوائل لهذه الملحمة الفدائية الخالدة» فخاض صنوف المواجهة والتحدى الأبرز 
او الدوزيات ا ا . مرورا بإقامة الحواجز والمتاريس . . إلى 
الكتابة على الحدران. . وانتهاء بامتشاق السلاح» لكو ی ا 
الأمامى'للمواجهة» ويمثل طليعة العمل العسكرى فى حركة المقاومة الإاسلامية 
(حماس)» ليعتقل فى عام آلف وتسعمائة وتسعة وثمانين حكم أثرها بالسجن عام 
ونصف» كان (أبو حمزة) خلالها نموذجا راتعًا للجندى الملتزم» سمع وأطاع . . . تعلم 
وتدرب وغدا أستادًا فى الأمن واليقظة. والتزم كتاب الله تبارك وتعالى يتعلم منه فنون 
الحياة وحقيقة المواجهة المقبلة . 

وما أن انفلت القيد عن اليد الثائرة» حتى انطلق (أبو حمزة) يرسم دربه الجديد بعناية 


فائقة . 


إن كانوا قبضوا على وأودعونى السجن هذه المرة فلن تتكرومرة ادر وماأن 
خرج من أسره حتى قبض على بندقيته وضغط بأصبعه على الزناد» وأطلق رصاصة 
البدء إيذانًا بالسباق نحو الجنة . فمن يسبق (أبا حمزة) فى الرعيل القسامى الأول فى 
مدينة (خانيونس) . 

وفى زمن الالتحاق المباشر (يكتائب القسام) كان (أبوحمزة) الشعلة التي لا تنطفىع 
والعطاء الذى لا يتوقهف . 

يرصد وينفذ ويرشد ويحرس . . . يؤدى كافة مهام الخندق المتقدم فى معاقل الفدائية 
والجهاد. وحتى يأذن الله بالخاتمة الخالدة (لأبى حمزة) سقط اللثام . 

وها هو فى موقعه ينتظر المساء لينطلق مع إخوانه نحو مركز الشرطة فى خانيونس» 
فهو الهدف المتفق عليه... انطلق المجاهدون الأبرار نحو هدفهم بجرأة وخفة 
وحذر. . وتقدموا رويدا رويدا والقلوب تضرع إلى الله تبارك وتعالى بالتوفيق 
والسداد» خاصة وأن السلاح الذى ملكه الرعيل القسامى الأول كان بسيطًا وشحيحًا . 


51 


وما أن أصبح الموقع على مرمى النيران حتى ضغطت الأصابع المجاهدة على الأزندة 
فى دفعة واحدة» أصابت الهدف بشكل مباشر» وتلتها رصاصات الرد على 
المجاهدين . . كانت من ضمنها الرصاصة التى سوف يستقلها (أبو حمزة) إلى الجنة» 
تسارعت الرصاصة بكل قوة لتؤدى دورها الذى طالما انتظره (أبو حمزة) وتغنى به 
حتى استقرت رصاصة الدمدم فى كبد (أبى حمزة)؛ وتفجرتة على الفونؤمرّقت 
أحشاء (هشام) واحدتت نزيفا داخلیا ا 
سارو اتر ل سل كتمعن تاد ارا تر دان 
ناصر)ء حيث أجريت (لأبى حمزة) عملية جراحية عاجلة سرا خوقًا من سلطة 
الاحتلال» إلا أنها لم تسمح بوقف النزيف الدموى ال حاد. . . وصعدت الروح الشفافة 
المعطاءة إلى بارئها فى لحظة قدسية طالما انتظرها (هشام) بفارغ الصبر . . . كم ألح عليه 
إخوانه بالرحيل إلى (مصر)ء وكان يصر دوماء إنها الشهادة . ب أراها قريبة وترونها 
بعيدة. إنها أرض الإسراء والمعراج . . . أرض الرباط . . . ما الذى سوف أفعله فى 
الخارجء وحينما مازحه إخوانه قاتلين : 
«ها قد أصبحت مطاردا يا أبا حمزة». . قال لهم بكل عزم وتصميم : (إنها الشهادة" . 
وهاهى الشهاد دة تطرق بابك يا (هشام) وتودعك قائمة الخلود وترحل بك إلى 
علوي : الي ا اا 
الله عليه . 


نعم بقى (أبو حمزة) على العهد حتى النهاية وحتى النفس الأخير واللفظة النهائية. 
فلما أدخل غرفة العمليات. . . رفض تسليم سلاحه لأى إنسان حتى قدم أحد 
إخوانه المجاهدين» سلمه السلاح وأودعه إياه أمانة كى يكمل به الطريق» وحينما كان 
مبضع الطبيب يعمل فى جسده كان لسانه الطاهر يلهج بذكر الله وقراءة القرآن. . . 
حتى قال كلماته الأخيرة : 
«لا إله إلا الله. . . عليها نحيا. . . وعليهانموت. . . وفى سبيلها نقاتل. . 
وعليهما نلقى الله . ظ 
20 ثم أسلم الروح إلى بارئها. . . بعد أن أودع فى كل بيت أمانة. . . ولدى كل وليد 
عهدًا. . . أمانة أرض الإسراء. . والأقصى وعهد الجهاد والمقاومة حتى النهاية . 


¥ 


فتقدم إخوان هشام نحو جثمانه الطاهر وانسحبوا به بهدوء قبل أن تقدم قوات 
الاحتلال وحملوه إلى أحد البيوت حيث ألقى عليه أهله النظرة الأخيرة . 

وهناك نظر إليه والداهء فإذا هو يفتح عينيه لينظر إليهما النظرة الأخيرة ثم يخمضهما 
بعد أن ألقى عليهما نظرة الوداع» وحينها أدخله المشيعون إلى مستقره» فتح عينيه مرة 
أخرى ثم أغمضها بعد أن أودع أمانته لجميع المشاركين أن هذا هو الطريق وهذا هو 
الخيار. (هشام) »وورى الثرى. . حزن الجميع لهذا الفراق السريع وكان العزاء الأكبر 
أنه رحيل مشرف شامخ . كان الوالد مكدودا متعبًا حزيئًا لهذا الرحيل» > فكم أحب 
هشاما ولكنه حمد الله واسترجع» وحزن لهذا الفراق جميع الذين ما فتئوا يذكرون 
(هشاما) الذى كان طيقًا جميلاً يداعب قلوبهم فى كل حين . كانوا يذكرون ذلك الشاب 
الفذ الذى افتتح لهم طريق الاستشهاد فتبعه سيل جارف من القساميين الأحرار. 

كانوا يرددون دوما أن (هشام) أدى دوره بكل السبل والوسائل حتى سطر أخيرا 
ملحمة الدم المهراق . . . ونحن لازلنا نؤدى دورنا بكلمات قد لا تتجاوز اللسان. 
وشتان بين من يتكلم ومن يجود بدمه . 

وفى (حى الأمل) حيث منزل (أبى حمزة) فكل من رزقه الله بمولود جديد أسماه 
(هشام) تيمنا بالصقر المقاتل الذى أقض المضاجع ورحل مبكرا. وفى سرادق العزاء 
الضخم الذى أقامه آل الشهيد تو افدت الجموع لتؤدى التحية العسكرية للقائد المقدام . 
بينما قوات الاحتلال تقتحم سرادق العزاء كل يوم تهدم وتخرب وتدمر لإشفاء غيظ 
قلوبهم إثر رصاصات هشام التى استقرت فى صدورهم» حتى انقضت أيام العزاءء 
وأقيم حفل تأبين ضخم تكريمًا للشهيد الغالى» وقدمت فيه جند القسام تؤدى التحية 
العسكرية لأحد الجنود الأفذاذ الذين قدموا كل ما يملكون من أجل الله والوطن . 
رحل (أبو حمزة) بعد أن أودع فى كل بيت وردة مغروسة فى وسط الدار لا ترويها 
المياه» فقد سقاها (أبو حمزة) بدمه فما تذبل أبدا . 
ينظر إليها الناس فى كل حين يذكرون (هشاما) الذى أودعهم هذه الأمانة». 
فيقسمون جميعا «لن نقيل ولن نستقيل » حتى تنبت الوردة فى الأقصى ونغرس الأشتال 
فى الرحاب الطاهرة» وحينها ينتصر (أبو حمزة) ويفوز ركب الأحرار الذين تقدمهم 
(أبو حمزة). | 
۸ 


الشهيد /شادى مصاح محمد عيسى (أبو حمزة ) 
4/۳/۱1 


e‏ ودی فى الوطن صوت البشسر آذإ 
رع . تقاطر الجمع . . فإذا هو شادى يرقد كعادته فى 1 
اف E‏ . ھادتًا . 0 . وفى الليلة الظلماء.  .‏ 
قدموا إلى والديه وأهله أن هذا نبتكم الغالى قد ارتحل 
ليورق لكم فى جنات الخلد . 

أمسك شادى بقلمه كى يخط فى لحظات الفراع 
المحدودة بعض ملاحظات المراجعة على أوراق دراسته› فقد التحق فى (كلية الهندسة 
فى الجامعة الإسلامية)» وهذه الكلية كما يقول له الكثيرون تحتاج إلى دراسة مكثفة . 

رغم ذلك فهو لا يكاد يجد الوقت الملائم لذلك» يقضى جل يومه عاملاً فى سبيل 
الله تبارك وتعالى» متنقلاً بين الإشراف على أنشطة طلبة المرحلة الإعدادية فى (مسجد 
الايمان) القريب من مسكنه بمدينة غزة» وكم كان يشعر بثقل الأمانة فى هذا المجال. . 
إنها أمانة جيل كامل يجب أن ينشأ على منهج السماء حتى لا يكون قابلاً للاستخذاء أو 
الجفول» ورغم ثقل هذه المهمة فقد كان يؤديها بكل تفان وإيمان حتى غدا شادى مثالا 
بحتذى وقدوة يسير على دربها الجيل الجديد. . إضافة إلى ذلك متابعة عمله فى جهاز 
الإعلام التابع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس»» حيث كان يشرف على إصدار 
لوحات المسجد» بشكل أسبوعى» وكم كان هذا العمل ينال من شادى الجهد والوقت› 
ولكنه فى النهاية يغدو مسرور فرحًا حين ينظر إلى لوحات تنطق أمام ناظرى المصلين 
تدعوهم إلى منهج السماء وإلى ولوج درب الحق دون وجل أو تردد. وكذلك متابعة 







ve‏ جه خم 


بقی شادى قافا علی قلمهبكل قوة وهو يغيب فی حظات من الحاسة القیقة 


۳4۹ 


عادت به الذكريات إلى كل أحبابه وما أكثرهم ؛ فقد كان شادى من أولئك الذين 
يعتمدون فاعلة. (تعرف على من تلقاه من إخوانك» فإن أساس دعوتنا الحب 
والتعارف) . 


حتى بلغت معارفه المئات» فكان يهتم بإخوانه ومعرفتهم ولو لم یره سوى مرة 
وأحدة» ولا يقطع علاقته بأحد ولو فرقت بينهم المسافات يتخطاها بجسده ويرحل إلى 
أخيه وادا وزائرا. . وتر حل معه قصائده الشعرية التى كان يكتبها . 

ولكن رحيل (شادى) كان إلى أصحابه الذين مضوا وتركوه» فقد كان من أوائل 
الذين ساهموا فى العمل القسامى حين اختاره (بشير حماد) ليكون عيئًا الجموعة 
الشهداء)» وهاهى الأيام تتعاقب» فإخوانه ما بين شهيد ضمه الثرى وآوته رحمة الله 
تبارك وتعالى. فتذكر أخويه (أيمن عطا الله وأشرف مهدی)» وما بين مطارد يأوى 
إلى الكهوف ويعانق النجوم» ويضم إلى سويداء قلبه معشوقته السمراء يذود بها عن 
حمى الوطن المنفى فى سراب الوحدةء المحاصر فى خنادق التيه والأنانية» وكم جال 
فى خاطره (عماد عقل) صديقه الذى يتردد عليه بين الحين والآخرء فلا زال يذكر 
(عماد) خدماته الأولى (لمجموعة الشهداء)» والتى كان (أبو حسين) أحد أعضائها . 

وما بين معتقل أسير تضمه الأسلاك الشائكة لتنال منه محاكم التفتيش التعسفية 
قرارات بالحكم المؤبد مرات ومرات» وطاف بخياله (محمد أبو عطايا ومحمد أبو 
عايش) . ظ 

أه. . ما أشقاها تلك الحياة» وما أشقها على الإخوان والأحباب !! إنها حمًّا سجن 
المؤمن وجنة الكافر. . !! لماذا رحل كل هؤلاء الأبطال وبقيت. . ؟! كلهم اصطفاهم 
الله تبارك وتعالى إلا أنا . !! كلهم رجال المرحلة إلا أنا. .؟؟ بقيت لهذه الدنيا 
الملعونة. هكذا حاصرت شادى الأسئلة ولاحقته علامات الاستفهام. أيقف هكذا 
مكتوف الأيدى ولا يدرك ركب الراحلين إلى الأعالى . . نعم إنه يؤدى مهمة عظيمة 
وخالدة. . لكن الشهادة أكثر خلودا. . إنها حلم حياته الذى يطمع فى كل لحظة أن 


عد جو 


بعحققفة . . 


وهاهو الحلم العظيم يتأخر. . هل تراه یتلاشی وينتهى . لا تن غ ينين أو 
يكو وان . لابد من الرحيل الأعظم فى قافلة الراحلين. . إنها ميتة واحدة فلتكن 
فى سبيل الله . 


0۰ 


شدد (شادى) لفظته الأخيرة واستقرت فى جنبات روحه الفياضة كوامن الانطلاق 
الأسمى نحو العلا . . وبات من يومه وهو يحمل قسمات الرحيل الأعظم فى قافلة 
الاخ : 
استشهاده: 

وفى صبيحة السادس عشر من نوفمبر من العام آلف وتسعمائة وثلاثة وتسعين» 
وقبل أيام من ذكر ى استشهاد (الشيخ عز الدين القسام) انطلق (شادى) إلى مسجده» 
شد على أيدى إخوانه وكرر عليهم جميعا. . سامحتى ولا تنسانى من دغائك . . ثم 

وقبل ظهيرة هذا اليوم تحرك (شادى) بعد أن ابتهل إلى الله تعالى بالدعاء . . وتوجه 
إليه بصلاة الحاجة راجيا التوفيق والسداد . 

ثم انطلق نحو الحد الشمالى لقطاع غزة المحاصر»ء وعلى (حاجز إيرز) الذى يمنع 
(شادى) الولوج إلى بلدته الأصلية (كوكبة). . تقدم شادى نحو الحاجز. . لمح سريعا 
فاا را کان ھا عيداتن] خفهر (شادى) الها فى اة :تقد 
نحو الضابط . 1 استل خنجره . وأخذ يطعنه بكل قوة» هوى الضابط إلى الأرض دون 
خراك | 

تقدم نحو سيارة يقودها مستوطن كسر زجاجها وتناول المستوطن بخنجره طعنا 


ر 


وأطلقوا عليه النار بغزارة» تقدم منهم (شادى) وهو مصاب يحاول طعنهم . . يبغى 
القضاء على أولئك الذين سمموا هواء الوطن وأقاموا فى كل شبر فيه قبرا» وخلفوا من 

يريد بخنجره أن يطوف على كل العنصريين مغتصبى الأرض ويقضى عليهم . . كم 
كان يحمل (شادى) الوطن بين جنباته وجوانحه. : كم اتسع فؤاده الصغير ليحمل كل 
الهموم والأوجاع . : هموم الوطن وأوجاع الأهل الذين رحل عنهم قرة عينهم تحت 
الثرى أو خلف القضبان أو قذفته أمواج البحر العاتية خلف الحدود الواهنة من عناء 


50١ 


وط اا س انعم لا يلوف غلى رت ققد نال ما قن د سط القساريين 
الاصصيل مقيلا غير مدن شواضيلاً طريق الضصعيؤة القسامى هراد الوط 
بالدم . . سقط الفارس على بوابة الوطن المزعومة يبغى فتحها كى يأوى ا حالمين إلى 
أعشاشهم الصغيرة التى سكنتها الغربان. . سقط الفارس المقدام محققا هدفه الأول 
والأسمى. . هدفه الذى دفعه لتنفيذ هذا العمل البطولى الفدائى من أجل إعلاء راية لا 
إله إلا الله والذود عن حياض الإسلام ورد المغتصبين عن حدود الوطن› فقدكان 
يؤمن دوما أن أقصر طريق إلى الجنة وإلى الوطن الشهادة» فكان يردد دوم : 

من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد 

لم يكن (شادى) سوى غموذجا فذا من أولئك الذين عبقت ذكراهم صفحات التاريخ 
وأنارت أسماؤهم قسمات الطريق نحو القدس», فقد عاش فتانا حياته لدينه ووطنه. . . 
كان عيئا لمجموعة الشهداء حتى اعتقل بتاريخ ۲۳/ 7/ 1447م قضى على إثرها ستة 
شهور على رمال النقب الثائر اللاهبة وخلف أسلاكه الشائكة . . وكان مثالا للشاب 
المجاهد. وقد كانت له مع رجل المخابرات فى المعتقل قصص لا تنسى حيث مثل نموذجا 
صلا للف الو گل على الله تارك و تال وما إن خرج من السجن حتى عاد لنشاطه 
الإسلامى المتنوع » فقد كان لا يحب أن يكون من القاعدين . 

وكانت سنوات حياته المحدودة زاخرة بالعطاء طافحة بالخير» فمنذ اليوم الأول 
لميلاده فى ديسمبر فى العام الخامس والسبعين بعد التسعمائة والألف فى مخيم البريج 
ثم انتقالهم للعيش فى حى المجاهدين (بالشيخ رضوان), مع والديه المربيين الفاضلين» 
إضافة إلى أخواته الثلاث بينما أخواه فى (بريطانيا وألمانيا) للدراسة . . فكان (شادى) 
قرة عينهم ومعقد الخير فى خبايا قلوبهم يرونه بأعينهم يكبر وتكبر معه أحلامهم خاصة 
وهو ميز بفنونه المنوعة» فهو كاتب للشعر وقارئ مبدع له. . كما أنه مجيد للخط 
وفنونه» ومتفوق فى دراسته . 

وكان أكثر ما يقرب الفتى الهادئ إلى والديه السمع والطاعة التامة دون ترددء فكان 
بمثابة الابن البار الحدوم» إضافة إلى ذلك حبه الكامل للعطاء دون انتظار الشكر من 
الناس» فلا يتوانى عن تقديم أى خدمة لدينه وشعبه وأهله وجيرانه مهما كلفه ذلك من 
جهد ووقت . 

0۲ 


كان لا يتحرك إلى السوق إلا حمله الجيران الأمانات» ما تثاقل أبدًا بحمل الأمانة 
وأداء الخدمة: وكان هادنًا صامتا ودوداء لم يعهده أحد افتعل مشكلة أو سوء تفاهم. 
بل سادت جميع علاقاته المحبة والآخوة» ولذلك تراه كثير الأصدقاء والمعارف. . . 


لقد كان بحق يسيبق جيله قلبًا وفكراً وجهدا. . وقد كان أكثر ما يميز (شادى) 
الانفتاح» فتراه يجالس كل من يلقاه ويمارس دور الداعى الناصح الأمين حتى كان 
الجيران كالإخوة مع (شادى) حتى ولو اختلفوا فى فكرهم معه. . لكن الدعوة فن 
وأخلاق» وقد أكسبته هذه الطبيعة معرفة واسعة على طول قطاع غزة بمختلف الأعمار . 

وفد حرص على التعرف على قيادات الحركة الإسلامية ورجالاتها حتى يتعرف عن 
قرب على الحركة ومواقفها وآرائهاء ولكنه علّم الجميع الثبات على المبدأ . . والرحيل 
ار الاي الكريم :بو اسقط اليك . ودر فى الوطن ضرت اشير أن تكاجديدا 
قد انغرس على الحد الشمالى لقطاع غزة الموجوع . . تقاطر الجمع. . . فإذا هو (شادى) 
يرقد فى ثبات كعادته يساما . . هادثًا . . سافرا . 

وفى الليلة الظلماء قدموا إلى والديه وأهله أن هذا نبتكم الغالى قد ارتحل ليورق لكم 
فى جنان الخلد. . فى حراسة البنادق والأسنة المشرعة يوارى جثمان الشاب الوضاء 
الوجه الطيب الرائحة الثرى فى لحظات عصيبة . . فما أشق الفراق خاصة فراق الرجال 
الأفذاذ كشادى . 


قطاع غزة تعلن انضواءها تحت قيادة (شادى عيسى) الفتى الذى لم يبلغ العشرين ربيعا . 


O 


الشهيد / زكريا أحمد الشوربجى 
110 


«وهتف البشير أن الفارس قد ترجل والنجم العسكرى الفذ 
قد سطر اسمه فى الطليعة الاستشهاية بعد أن حفر اسمه فى 
سراديب التحقيق كعلم تضحية ورمز فداء. وهاهوالمنادى 
يهتف فى صحراء الغربة أن الروح التواقة إلى لقاء الله تبارك 
البطولية» وأن وجهه الوضاء قد أشرق فى عتمة الليل ونشر عبق 
ريح الشهادة» . 

بدأ الليل يرخى سدوله ويقترب نظام منع التجول الليلى من الحلول . . أنفاس 
طاهرة مجاهدة تركت بصماتها فى شتى ميادين الجهاد والمقاومة . كانت تعيش لحظات 
تفكير عميق ورحيل بعيد عن واقع ملىء بالتناقض والجحبن والخور. . 
أتم (أسد المقاومة والفدائية) أربعين يوما يطارد أعداء الله تبارك وتعالى فى شتى 
المناذيرة؟ يخرج لهم كابوسا يوقظهم من أحلامهم المعسولة بالسيطرة على فلسطين 
وشعبها واستلابها لقمة سائغة. . لا لن يكون هذا طالما هناك عرق ينبض لأسد المقاومة 





وإخوانه المجاهدين . 

ظ كانت الأعين تترصد كثيرًا هذا الأسد الهصور كى يرتاح يهود فى أحلامهم حتى 
قدمت إلى الموقع الفدائى المتقدم الذى تحصن فيه (أبو يحيى) ما يقارب ألفى جندى 
إسرائيلى مدججين بأسلحتهم» وحاصروا (حى التفاح) فى مدينة غزة بأكمله حيث 
التجاً الفدائى الأشم . 

تلفت (أبو يحيى) حوله وهو يرقب هذا الحصار ومئات الجنود يتقاطرون نحو خندقه 
ويخشون التقدم» يرقب كل ذلك وهو يبتسم بسخرية فما يملك سوى مسدسه 
الشخصى فقط» ولكنه يقرر المواجهة . 
+0٤‏ 


فيقفز من بيت إلى آخر حتى التقى فى أحد البيوت بأربعة من مطاردى صفور فتح 
قرروا تسليم أنفسهم» طلب منهم منحه السلاح الخاص بهم » واحتضن الفارس ثلاث 
رشاشات كلاشنكوف ومسدسه وبدأت المعركة التى استمرت سبع عشرة ساعة كاملة 
أخرج (أبو يحيى) كل ما فى جعبته من فنون العسكرية والمواجهة التى شربها منذ 
لحظات الإشراق الأولى لحياته الحافلة بالجهاد والفدائية والتضحية» وخرج من هذه 
المعركة أكثر فوزا من كل معاركه السابقة» فقد نال فوزه الأخير وحقق أمنيته الغالية 
باستشهاده العزيز بعد أن نال من أعداء الله والوطن والشعب . 

فقد سقط صريعا رجل المخابرات الإسرائيلية المدعو (أبو عدنان) إضافة إلى ثلاثة 
ضباط آخرين كما اعترف بذلك ضابط عسكرى زار (حى التفاح) بعد المعركة» والتقى 
مختار المنطقة الذى شكا له بشاعة القصف الإسرائيلى» فقال: «إن حى التفاح بكامله لا 
يعوض خسارتنا بفقدان (أبى عدنان) وثلاثة ضباط آخرين» . 

إن ما حدث فى (معركة التفاح) أشبه بالأسطورة التى يصعب تصورهاء فالطائرات 
تقذف حمم صواريخها نحو البيوت التى يتنقل بينها (أبو يحيى) برشاشه الهدار 
ومسدسه يخوض هذه المعركة» ويدافع دفاعا مستميتاء فيجرح منهم ويقتل» تلك 
كرامة عظيمة ينالها (أبو يحيى)» فيما بيوت حى التفاح بقيت شاهدة على بشاعة 
احتلال القرن العشرين حيث هدمت ما يقرب من عشرين منزلاً قصمًا بالصواريخ» وقد 
أصاب أحدها الجسد الطاهر ليشطره فى لحظة أسطورية خالدة. لم يكن لينالها إلا 
أولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه . 

فقد كان أبو يحيى دوما فى استباق نحو لحظة الخلود» يجهز أهله لهذا الرحيل 
الكريم» فطالما ردد على مسمع زوجه «إذا تنامى إليك نبأ ال دام 
مرددًا قوله الله تعالى: «« أحسب الئاس أن يشركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون 4 

۰ [العدكبوت: ۲] 

ودائما یردد لإخوانه: #اسالوا الله تبارك وتعالى أن تروك شهيدا تى مخضية 
بالدماء»» وكم حث إخوانه ومعارفه على الدعاء له أن ينال الشهادة. ٠‏ 

فهاهى الشهادة تزحف نحوك وتتلقاها بكل الفخر والاعتزاز» وها هى لحيتك 
الطاهرة مخضبة بالدماء شاهدا حيًا على فدائية (أسد المقاومة)» ومعلمًا بارزًا على أن 


ele 


موازين القوى لا تحكمها معادلات مادية وحسب» وإنما أساس ذلك إرادة حرة فى 
القتال» وإخلاص نقى لله تبارك وتعالى فى المواجهة والتحدى» فلم يكن استشهاد 
(أبو يحيى) خبرا عاديا فهو رجل المرحلة الذى لا يشق له غبار» قد كان بحق أسطورة 
فن العطاءء لقد اشترى الآخرة وسعى لها سعيها وهو محسن» لذلك ما هادن أو جين 
أو تراجع . 

وفى سجن الاحتلال خلال محكوميته البالغة سبع سنوات أكمل تعليمه» فأتقن 
فنون الكتابة والقراءة والإعداد والإلقاء . 

هذه الشخصية المقدامة دفعته دوم إلى المبادرة واتخاذ القرار وفق الحدث» فنشأت 
فى ثنايا هذه الشخصية قائد متميز قادر على المواجهة والتحرك بشكل ميدانى فذ. 

کو عا هنا ليق n‏ اغلاات اها 
والاستشهاد» كان يبحث ليله ونهاره عن الثورة والثوار كى يلتحق بركبهم . 

ولا كان (أبو يحيى) صاحب عقيدة إسلامية» وفكر خالص فقد التحق بصفوف 
المجاهدين فى (حركة الجهاد الإسلامى)؛ وكان يرى أن الجهاد فرض عين» وحيثما 
سنحت الفرصة للعمل العسكرى. فلن يتردد فى اقتناصها. وإثر انتمائه للخلايا 
العسكرية لحركة الجهاد الإسلامى» فقد اعتقل ليقضى محكومية بلغت سبع سنوات» 
وكان ذلك قبيل الانتفاضة الفلسطينية الماجدة» وكانت خلالها قد تشكلت حركة 
المقاومة الإسلامية (حماس) وأودع أبناؤها فى السجون» وفى داخل غرف سرايا غزة 
المركزى التحق بصفوف حر كة المقاومة الإسلامية (حماس) والتحق بصفوف (جماعة 
الإخوان المسلمين) . 

كان (أبو یحیی) يرنو فى كل ذلك إلى توحيد الجهود وبناء متكامل متين على أساس 
من العقيدة الإسلامية الصافية» ولم يكن يرى فى كل ذلك أى اختلاف بين وجهات 
نظر العمل الإسلامى» ولكن همه الأول الجهاد وإشراع البندقية فى وجه الغطرسة 
الإسرائيلية التى حجبت عنه وطن الآباء والأجداد. فكم حاول الرحيل إلى (زرنوقا) 
قريته الأصلية التابعة لقضاء الرملة» رحل إليها زائرا كى يقف على أبوابها وتلالها 
وهضابها ومروجها. 

ظ 0 


وكم رحل من خلف القضبان ببصره النافذ نحو القدس (مدينة السلام) ودرة الوطن 
المسلوب. . . . ترى هل أرحل يوما إلى رحابها الطاهرة كما عيوننا ترحل كل يوم 
ترى هل يضمنى حضنها الدافئ. . آه كم أعشق الرحيل إلى (الأقصى)ء كم أعشق أن 
يضم (الأقصى) رفاتى الأخير» وأن يخضب دمى ساحته الطيبة المباركة . كانت الليالى 
تذوب والأيام تنصهر لتغيب أيام المحنة فى الذاكرة ويبقى غرس الإيمان والجهاد ينمو 
ويشتد ويقوى على الاقتلاع . 

وفى غمرة فرحة (آل الشوربجى) بالإفراج عن (أبى يحيى).» بادر المجاهد العملاق 
إلى البحث الجاد عن (كتائب الشهيد عز الدين القسام) الجناح العسكرى لحركة المقاومة 
الإسلامية (حماس). .و فى الوقت داته كانت القيادة العسكرية للکتائب قد حركت 
بخطوات جادة للاستفادة من الخبرات العسكرية للمجاهد المقدام الد ET‏ 

فقد كان (أبو يحيى) حقا يملك كل مقومات الرجل العسكرى» فاحتل فورا موقعه 
1 المواجهة الأمامى. فغدا من لحظته الأولى (رقيبًا) فی (كتائب الد 

002( 
ل ل سرك د المي وكانت عقيدة قد رسخت 
فى كل قطرة دم أن الجهاد : تكليف ربانى» وأن النكوص عنه تراجع وجبن وخور وتخل 

ا ا 

OT‏ ا ولابد من 
الاستعداد لخوض المرحلة الحرجة بمزيد من الصلابة والبأس والجهاد. 

فتراه يخرج بعد صلاة الفجر التى ما انقطع عنهاء ينطلق من المسجد مع الشباب 
المسلم عدوا على الأقدام حتى يصل مقبرة الشهداء على الخط الشرقى (حيث وورى 
جثمانه الطاهر هناك) . 

فكان فى ذلك ر يحقق العديد من الأهداف» بناء الحسد المسلم المتين» وزيارة المقابر 
التى تذكر بالآخرة والموت» ورصدا للأهداف العسكرية المتحركة والثابتة والتى غدت 
عرضة لرصاصات القسام فى كثير من الأحيان . 


0¥ 


لم يكن المستعد للرحيل دومًا لينقطع عن الغذاء الروحى» فقد كان فى شوق دائم 
إلى لقاء الله تبارك وتعالى» فزيارة المقابر وتلقين الموتى ومتابعة الجنائز وزيارة المرضى 
ديدن (أبى يحيى) حتى غزا القلوب واستقر طيفه فى أذهان الناس» الذين عرفوا ذلك 
العملاق الأشم والبسمة الرائعة تقابلك فى شتى الدروب ترسم لك طريق الام »> وتمهل 
خطى العودة من خلال الأخوة والتعاضد والتكاتف . 

واستكمالاً لنصف دينه لجأ (أبو يحيى) إلى الزواج» وقد رزقه الله تبارك وتعالى فى 
آخر أيام حياته بقرة عينه (يحيى) من هذا الزواج المبارك . 

واستنادًا إلى منهج الإسلام فى كسب الرزق» عمل فور على تحقيق موارد مالية 
لأهلهء فعمل بالتجارة وعمل سائقا . واستغل كل لحظة فى حياته فى العمل لدين الله 
تبارك وتعالى» فسهر الليالى حارسًا لإخوانه المجاهدين موجها لهم مخططًا ومنفذا 
لعمليات العز والفداء» وكان يردد فى آذان إخوانه «أن قوة الله هى التى تحركناء نحن 
كتائب الرحمن نصنع العجائب بإمكانات متواضعة بقوة رب الإرادة ولا نعتمد على 
قوتنا إطلاقًا » . 

وكانت مرحلة عمله العسكرى الأخير يقضيها متنقلاً فى مدينة غزة بين المجاهدين 
الذين أحبوه واختارته عقولهم وقلوبهم قائدًا فذًا مميزًا. فخطط ونفذ عدة أعمال فى 
الشجاعية وناحل عوز وغوش قطيف وجباليا والشاطئ والشيخ عجلين. ولم يكن (أبو 
يحيى) یری فى نفسه أكثر من جندى مقاتل يأبى قيود النياشين مقتديا بالرسول الأعظم 
القائد الذى تقدم جنوده دوه : 

فكان (أبو يحيى) قاتدا مبادراء فكان أول من بادر إلى إطلاق النار على الدوريات 
الراجلة. وساهم فى نصب الكمائن للدوريات المحمولة . كم ساهم فى التخطيط 
لعملية غوش قطيف وكذلك خطة قتل المستوطنين فى ناحل عوز والمساهمة فى عملية 
معسكر جباليا . ١‏ 

هذا عدا عن المساهمة الأمنية الفعّالة من خلال الكشف عن خلايا العملاء والتحقيق 
معهم وتنفيذ حكم الله فيهم» وإزالة اللثام عن الوحدات الخاصة الإسرائيلية التى 
مارست أبشع أعمال العنف ضد شعبنا ومجاهديه . كل ذلك من خلال عمله الدائب 
كضابط للوحدة الخاصة التابعة (لكتائب الشهيد عز الدين القسام) . 


504 


ولما هتف البشير أن الفارس قد ترجل والنجم العسكرى الفذ قد سطر اسمه 
فى الطليعة الااستشهادية بعد أن حفر اسمه فى سراديب التحقيق» وفى السجون 
الإسرائيلية كعلم تضحية ورمز فداء . ها هو المنادى يهتف فى صحراء الغربة أن 
الروح التواقة إلى لقاء الله تبارك وتعالى قد وجدت مستقرها بعد أن سطرت 
(ملحمة حى التفاح) البطولية التى لا يزال صداها يتردد فى أذهان كل من عايش 
تلك المرحلة . 

ولما تنامى إلى مسامع زوجه صدى صوت البشير أن (أبا يحيى) تلقته الحور العين» 
وزفته الملائكة قابلت ذلك بالحزن والألم لفراق رفيق الحياة» وقد امتزج هذا الحزن بفخر 
شديد واعتزاز عارم» فها هو الرجل الذى عرفته نموذجا رائعًا للرجال الأفذاذ» كم تميز 
بالشجاعة والإقدام والقوة والسخاء والكرم والأخلاق الفاضلة» تذكر فيه النموذج 
الحى لرجل الحقء كم كان شديدا فى الحق غيورا على الإسلام» محبًا للجهاد 
والمجاهدين والشهداء . 

ها هو يرحل عن الدنياء كما أراد» تخضبت يته بالدماء ويشطر جسده الطاهر فى 
سبيل الله» فما زادت زوجه عن قولها « الحمد لله الذى شرفنى باستشهاده»» أما إخوة 
الشهيد وأخواته فتم استقبال صوت البشير بالتهليل والتكبير والأغاريد. فرغم رحيل 
(أبى يحيى) المحزن لکن هذا ما أراده أن يسقط شهيدًا فى سبيل الله ليروى ثرى الوطن 
المتعطش للدماء الطاهرة الزكية كى تضىء العتمة التى طال أمدها . 

ويوم أن تردد صدى البشير فى أقبية سجن غزة المركزى» وغرف التحقيق حتى 
أجهش رفقاء القيد بالبكاءء فقد عرفوا فيه حسن الخلق والشجاعة والشهامة» وبفقدانه 
فقدوا أخا مجاهداعزيراء وردد بعض إخوانه : «اليوم سجنًا حقًا» . ووقف جيران 
المجاهد العملاق غير مصدقين غياب النجم الذى أرشدهم طريق الهداية» وقفوا جميعًا 
باكين هذا الرجل النموذج . 

لقد كان (أبو يحيى) حقًا رجلا أحبه كل الأحرار الشرفاء» وهابه كل المنحرفين 
الساقطين . وأقيم أثر توارد النبأ سرادق عظيم للعزاء أمته الآلاف من جماهير قطاع غزة 
فى وداع أخير لأسد المقاومة . 


۲۵۹ 


وفى ليلة معتمة وحسب أوامر القائد العسكرى توجه آل الشهيد فقط نحو مقر القيادة 
العسكرية كى ينطلقوا من هناك لنقل جثمان ولدهم ومواراته الثرى فى لحظات الوداع 
الأخير. فى تلك اللحظات بكى كل شىء : الحجر والشجر والدواب» وأضاء وهج 
وجهه الوضاء عتمة الليل البهيم» وانتشر فى أنحاء المعمورة ريح عطرة للدم الزكى 
. المهراق تنسم عبيرها كل الأشياء» وتساءل الجميع : ما سر هذه الليلة الوضاءة العطرة. 
ما علموا أن نجمًا صعد وأن فارسا ترجل وأن طريقًا جديدا شق للمقاومة» افتتحه أسد 
المقاومة . 

وفى المقبرة الشرقية» رقد الجسد الذى طالما دوخ الاحتلال بمعادلات الصمود 
والتحدى رغم ضعف الإمكانات وقلة الحيلة. رق الخيبد امسج رقدته الأخيرة: 
وأغمض عينيه فى استراحة أبدية لتصعد روحه إلى الملا الأعلى إلى جوار ذى الجلال 
والإكرام بإذن الله . 

وفى ختام أيام العزاء أقيم احتفال تأبين ضخم للشهيد المقدام عزفت فيه لحان الجهاد 
والفداء والمقاومة» وهتفت الحناجر وداعا للشهيد البطل . 

وعلى صدى تلك الأنغام أفاق (زكريا) من رقدته فى سريره وتسامى وشمخ وغطى 
ما بين السماء والأرض وعلا فوق الجراح وأقسم يمين البيعة حتى تحرير الأقصى 
وفلسطين. ومازالت يد أم يحيى تهدهد ولدها كى يمضى وفاء لهذا القسم الأبدى . 

رحم الله أسد المقاومة ورمز الفداء . . وألف تحية إلى روحه المحلقة فى سماء 
الأقصى الحزين . 


۳۰ 


الشهي د / حسن محمد حمودة (أب و أحمد ) 
4اا 


الأرض يقبلها فى وداع أخير. . . ينطلق إلى السماء 
ليبنى سلما للمجد وطريقًا للخلود ودربًا للجهاد. . 

الجسد المتعب من وعثاء السفر ولياليه الحالكة يستريح 
بقذيفة تشطره» ويحترق الجسد فى ذات الله كى يغسل 
كل أدران الحياة النكدة» ويلقى الله ناصعا أبيض › 
يصطف مع الحالدين يدخلون جنة ربهم بسلام بإذن 1 
الله» . 


الشمس الحارقة تدك أرض النقب الثائر وتلفح بحرارتها وجوه الشبان الفلسطينيين 
الذين أبوا إلا التحدى وداسوا بكل قوة على مفردات التوازن الاستراتيجى والخضوع 
المبرن».. + الا سلاك الا نة تلف المكان» .و اضر كل شو حش الهو اء وهاه 
أبراج الحراسة العالية ترقب كل متحرك . . . ورغم ذلك كان (حسن حمودة) الشاب 
الذى زج به ضمن العشرات فى حملة اعتقالات طالت جموع العاملين فى مقاومة 
الاحتلال ضمن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فى العام آلف وتسعمائة وتسعة 
وثمانين» يبحث عن ثغرة نحو الوطن المسجى بالغربة» المحاصر كما معتقل كتسعوت 
فى النقب بالأسلاك الشائكة» لكن الحنين كان كبيرا والشوق أكيدًا لمواصلة درب الجهاد 
فى سبيل الله وها هى أفكار جديدة تتراود فى ذهن (أبى أحمد) يمكن أن تطبق ضمن 
فعاليات الانتفاضة المباركة . . 





لم يكن (حسن) من أولئك الذين يخضعون للواقع وأحداثه . . بل دوما تراه يسعى 
إلى صناعة الحياة وبناء المجد بيديه . . 

لديك حل آخر ؟! أجاب حسن نعم. . الهرب !! استغرب رفيق المحنة. . ولماذا؟ ! 
أحكامنا بسبطة» فحكمك ثلاث سنوات» هل تريد أن تلحق بك قضية جديذة ... ؟ 


1 


لم يكن (أبو أحمد) يقتنع بما يعتقد أنه خضوع للاحتلال» فبقى يبحث عن ثغرة فى 
جدار النقب المخيف . . والأهم من ذلك أين يلتجئ فى هذه الصحراء المترامية الأطراف 
إذا قدر له الخروج من أسوار هذا القيد اللعين . 

وبقى صديق حسن يقنعه ألا يفكر بهذا الطريق الخطر» ويقضى محكوميته فى 
السجن حتى يعود لأبنائه الأربعة الذين ينتظرون عودته على أحر من الجمر» كى يكمل 
بهم مسيرة الحياة يعلمهم ويربيهم على العلم والجهاد. . لم يكن يخطر يبال (حسن) 
هذا التفكير بشكل أساسىء, كان يتجه بكليته إلى شىء آخر مختلف كليا . . فقد كان 
(حسن) نجما فى هذه الصحراء القاحلة» IEEE‏ أراذوا قريها: 
وما طا 

تراه يغدو مساهمًا فى إعداد الطعام وتقديمه إلى إخوانه» أول من يقدم الطعام وآخر 
من يتناوله . . . يشرف على نظافة الموقع الذى يؤوى المئات من المجاهدين» يوفر بذلك 
الجو الصحى الطيب» ثم تراه يعد المكان المناسب لإلقاء المحاضرات الثقافية والشرعية 
كى يتزود المجاهدون من علوم الدين با يساعدهم على مواصلة درب المقاومة والجهاد . 

وليلاً تراه حارسًا أمنيًا أميئاء وكانت تلك الأيام المرحلة الأولى فى مواجهة أمنية 
ضروس بين المجاهدين وجهاز المخابرات الإسرائيلى (الشاباك)» حيث يحاول أذنابه 
اختراق صفوف المجاهدين » وكان على (حسن) أحد أبرز أعضاء الجهاز الأمنى لحركة 
الا ا و ا نوكا س ا 
طوال الليل أحيانًا يحفظ الأمن برصد الحركات المشبوهة والتى تكشف عن آذناب 
الاحتلال الذين زرعهم الاحتلال فى صفوف المجاهدين لنقل أخبارهم . ولم يكن ذلك 
كافيّاء فبعد أنتم ضبط أكثر من حالة» تحرك حسن بطريقة جادة جداء وبدأ بإجراء 
بيات كله جرخا ا ا ي انور لطر الذي بردي تحار 
فى خدمة الآسياد . . 


لم يكن قد صدر قرار بتصفية أى من أولئك الذين تم ضبطهم» انهمك (حسن) بهذه 
المهمة العسيرة ولم يعد يفكر فى الخروج » فهو يود ذلك کی يجاهد» وها هو يؤدى دورا 
جهاديًا عظيماء وكم كان يود أن يكمل هذا الدور. . ولكن ذلك لم يكن متوفرا : هذا 
الجهد الخارق. . فى مواجهة مخطط كامل من دولة أعدت الكثير من جهدها ومالها 
اا 


1Y 


حتى غدا حسن معروفا على نطاق واسع بأنه (أسد النقب) حيث ساهم بشكل كبير 
فى المواجهة الأولى والمباشرة فى المجال الأمنى» ورغم ذلك لم يترك أبو أحمد الفرصة 
الذهبية فى خلوته التى أرادها الله له فى السجن» فكان دائم الاتصال بالله تبارك 
وتعالى» تجده يقف الساعات الطويلة مبتهلا بين يدى الله تبارك وتعالى داعبا أن يحفظ 
عليه دينه ويكتب له الأجر الجزيل وأن يكون نعم الخليفة فى الولد والأهل والمال. . 

ولم يكن ينقطع عن كتاب الله تبارك وتعالى» يقتنص الوقت كى يلجأ إلى آيات 
كريمات يتزود بها لمواجهة تبعات الطريق والتضحيات الغالية اللازمة للسالكين درب 
التحدى . 

كانت الأيام تمضى سريعا وأسد النقب يؤدى دوره على أكمل وجه» فكان حمًا نجم 
النقب الحمساوى» فى كل مكان تجده. . أحبه جميع إخوانه لما يملك من قدرة عالية 
على مساعدة إخوانه» ولما يملك من قلب كبير وسعهم جميعا. . . لا تجده قد حمل 
على إخوانه موقفا أو قاطع أحدهم . . سامح الجميع دون استثناء فكان هذا القلب لا 
تجد فيه مكانًا للأحقاد والضغائن» لقد امتلأ بحب الله وحب الجهاد فى سبيله . . 

وها هى أيام الحرية تقترب رويداء وبدأ خاطر (أبو أحمد) يرحل إلى هناك. . إلى 
(جباليا البلد) حيث يقطن أهله ينتظرونه بفارغ الصبر» خاصة وأنه قضى الأعوام جميعا 
دون زيارة واحدة من أهله. وكم رحل خاطره هذه الأيام إلى حيث أبنائه كيف 
أحوالهم. . ؟ وما هى أخبار أحمد. . ؟» بالتأكيد قد كبر» وشب عن الطوق» ورحل 
بخياله إلى والده الحاج الذى طالما كان الناصح الآمين لولده الحبيب (حسن)» كم 
نصحه أن يكمل تحصيله العلمى بعد أن حصل على شهادة الإعدادية» وقرر أن يتعلم 
مهنة (الطوبار)» ولكن (حسن) كان يرى فى قدراته المهنية أكثر بروزأء خاصة وأن 
ظروف أهله الاقتصادية لم تكن تحتمل المزيد من الإنفاق . . رغم استعداد والده 
الكامل» ورغم ذلك فقد أتقن مهنته الجديدة» وغدا رجلا مشهورا بأمانته ومهارته. 
فقصده الكثيرون كى يبنى لهم بيوتهم . 

ومنذ اليوم الأول الذى ملك فيه (أسد النقب) حريته» انطلق نحو مزيد من الشموخ 
ليؤدى دوره الجهادى الطليعى . ج ال قور ا وف خو غات( ا صا 


الإسلامية) التى تم تشكيلها حديثا من أجل مواجهة أفضل لعملاء الاحتلال. . . 
) ۳۳ 


ورويدا رويدا تحولت هذه المجموعات إلى الجهاز العسكرى (كتائب القسام)» وضع 
(أبو أحمد) خلالها نصب عينيه أن يطهر الأرض من أدران العملاء» فانطلق مستمدا فى 
دوره الذى انطلق به على أرض النقب الثائرء واستمر فى التحقيق مع العملاء» ولكن 
هذا الدور تصاعد الآن لينفذ (أبو أحمد) مجموعة من الإعدامات بحق أولئك الذين 
ثبت بحقهم ارتكاب أعمال خطيرة بحق الشعب الفلسطينى . بالإضافة إلى رصد 
تحركات قوات الاحتلال من أجل تنفيذ العمليات العسكرية القسامية» والدور المتميز 
فى جلب السلاح وتخزينه» وفى (ديسمبر) من العام آلف وتسعمائة واثنين وتسعين 
ورجال القسام يستعدون لخوض ملحمة «حرب الأيام السبعة» حيث يشحذون طاقتهم 
فى ذكرى الانطلاقة الماجدة لحر كة المقاومة الإسلامية (حماس) . 
ويدات حياة المطاردة 

ورغم ذلك لم يكن (أبو أحمد) ليترك المهمة النبيلةء فلم يخضع للحصار المفروض 
فى كل مکان» فانطلق يحمل سلاحه يبحث عن صيد يشفى الله به غيظ المؤمنين الذين 
مسهم القرح» فيصيب حسن وإخوانه من جنود الاحتلال مقتلاً فى كل موقع 
يواجهونهم فيه. . ولكن الخناق يضيق حول المجاهدين» وحسن يلقى والده الذى يردد 
عليه بإلحاح: يا بنى ابحث عن طريق للخروج أو قم بتسليم نفسك إذا كان حكمك 
قفر د و یردد( ادو اعتمد) هة ا ا لآ ارد إلا اوا عد القنهادة يا أ + إلى 
أسير فى طريق الله عز وجل » وإن الله على نصرنا لقديرء» فلا تحزن» ولكن الإلحاح لم 
يتوقف. وقيادة (كتائب القسام) ترى الضيق والضنك يسيطر على حركة المطاردين . . 
فقررت أن تخرج دفعة إلى الأراضى المصرية . 

يرحل (أبو أحمد) وقلبه يتمزق حزنًا وكمداء أيغادر الأهل والولد والأرض دفعة 
واحذة, !1 أشرك أرضن الخهاه والقاومة؟ وماذااسيبشي لنا إن نرعتا الد م 
أندقا: .؟ ورغم ذلك يرحل مع جموع الراحلين حلا لمشكلة العمل القسامى بأسره» 
يرحل وذاته تذوب بكل ذرة تراب من أرض فلسطين الطهورء وفى رفح الباسلة قلعة 
الجنوب يقبع (النقيب حسن) وإخوانه من أجل إعداد الترتيبات الأخيرة للهجرة» فجر 
الثامن من مايو من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين ۸/ ١997/5‏ يبزغ والخطوات 
تتقدم رويد رويدا باتجاه النفق المعد للخروج» أقدام (حسين وبسام وحسن أبو اللبن 
ونور أبو اللبن وخالد وعماد) تتقدم تستكشف الموقع. وما فى أيديهم شيئًا يدافعون به 


4 


عن أنفسهم» فقد تركوا سلاحهم كى يستعين به إخوانهم المجاهدون فى أرض الرباط» 
وما تسلحوا إلا بالإيمان والتوكل على الله وبعض الأسلحة البيضاء الخفيفة. ولكن 
القصف الإسرائيلى يفاجى الرهط الطاهر . . الصواريخ تنطلق بحقد نحو الأجساد 
الطاهرة تمزقها. . تشطرها. . تغرسها فى الأرض الحرام. . . والرصاص يتهاوى من 
كل مكان. . . قذيفة صاروخية استقلها أسد النقب وهوى على الأرض يقبلها فى وداع 
حرطل إلى الا سلما لاوط ا الخلوى ودر لاف اليد 


الله كى يغسل كل أدران الحياة النكدة. . . ويلقى الله ناصعا أبيض يصطف مع الخالدين 
يدخلون جنة ربهم بسلام بإذن الله . . يشيرون إلى أهلهم وأحبابهم يشفعون فيهم» بعد 
أن ازتوت الأرضن» وسكت «اختفانيا هذه الأجساد الطاهرة وغسلت الذماء-ها غلق 
بالأرضى من أوساخ قوم أضرو) الات انعلا رةه الأ رض اة فة من اشنا 
المزكى بالأرواح الطيبة التى أبت التكوص» وكانت التضحية علمهاالأوحدوالايمان 
شعارها الأنقى. . 

أما زوجه الصابرة فقد تلقنت دروس التحدى من (أسد النقب) فقالت : (ليعلم الصهاينة 
أن حسن لن يموت وسأضع قریبا ما فى بطنى وسيكون عليهم خمسين ألف حسن) . 

وقعلذ بعد اشر ص الدنيا الابن السادس (لحسن) وكان (حسن القسام) الوليد 
وريثًا شرعيا الحسن الشهيد) . . . أما إخوان (أسد النقب) الذين عايشوه المحن فما فتثوا 
يرددون عبارات الثناء على العلم الشامخ الذى ما عهدوه متراجعا أو جبانًا أو بخيلاً على 
دينه وحر کته» فألقوا إليه تحية الوداع وهم يذكرون أسد النقب وجزار العملاء. . . . 

وداعا يا ابن الوطن وابن القسام. . 

واستكمالاً للتحية تحتشد الجموع فى حفل التأبين لتلقى تحية الرجال للشهداء 
الأحياء الذين ما هانوا أو خانوا . . بل سطروا أسطورة التحدى والجهاد استمرارا لمنهج 
شيخهم عز الدين القسام . . 

هكذا ألقى (أسد النقب) كل ما فى جعبته وقام فى هدوء بعد أن أودع أمانة الدم فى 
الدم وأبر بقسم البيعة ويمين العهد . . فكان رمز الوفاء وتموذج العطاء . . 


1۵ 


الشهيد (رعماد منسى محمد تصار (أبو معاذ ) 
7 


«عشرات الرصاصات تقتحم الأجسام الطاهرة» 3 
تستقر إحداها فى قلب (أبو معاذ) كى تودعه أمانة فى 
الأرض التى أبى هجرها. . . يرحل (أبو معاذ) ليبنى مجد | 892 با 
الخالدين. . يمتطى صهوة الرصاص . . يهزأ بالجلاد. . | 0 0ج لام 
يتقدم الموكب نحو الجنة. . يرحل وما ترك موقع قدم فى |( 
غزة وحى الزيتون ومواقع الأسر إلا وفيه علامة تذكرك 
(بأبى معاذ). . . تلك الصخرة الصلبة التى تحطمت عليها ١‏ 
سياط الجلاد فغدت أشد بأسا وأكثر منعة. . وها هو يلثم 0 
الأرض بجبينه الوضاء. . . يزمجر كالأسد الهصور. . يتمنطق بخياره الأوحد. . فيما 
الناس على زخارف الدنيا يتكالبون » 

امتلأت السماء بالغيوم واكفهر الجو فى صباح اليوم الثامن من مايو من العام آلف 
وتسعمائة وثلاثة وتسعين . فى هذا اليوم وغزة تمد يدها لفصل الصيف» حيث يرحل 
الجميع نحو الساحل . . ولكن ما بال السماء اليوم تبكى بغزارة وتسقى الأرض المشتاقة 
للمطر . . تساءل الجميع ماذا يحدث فى هذا اليوم. . ؟ ! 

لم يكن يعلم أهل الأرض أن ملائكة السماء قد ضجت وأن الله فى عليائه أذن 
للكون أن يعبر عن حزنه على رحيل كوكبة طاهرة من شهداء الأرض المقدسة» وكان 
(أبو معاذ) الرجل الذى استعصى على الاقتلاع ضمن هذه الثلة الطاهرة التى شرفت بها 
فلسطين الشهادة . 

كان أهل قلعة الجنوب (رفح) كغيرهم من أهل القطاع » يستيقظون من نومهم قبل أن 
تستيقظ الطيور كى يرحلوا إلى بوابة قطاع غزة (السجن الكبير) الذى تغلقه قوات 
الاحتلال يوميّاء من أجل قوت عيالهم يتهافتون فى انتظار يوم الخلاص من هذه المهانة 
اليومية المؤلة . . وفى ذات الوقت كانت الثلة الطاهرة من رجال القسام (عماد وحسين 





۳ 


وأنور وحسن وبسام وخالد)» يرحلون نحو الحد الجنوبى المغلق بأرتال من أسلاك 
شائكة وخطوط كهربائية وألغام أرضية تفصل بين فلسطين القداسة ومصر الكنانة . . 
فى هجرة جديدة أملاها الواقع المعقد والظروف الأمنية غير المواتية لهذا العدد من 
المطاردين . | 

ولم ينفك (عماد) عن البكاء المرء وو ر . ترك الرباط 
والجهاد. . والجميع يهدئ من روع (صخرة فلسطين) الصلبة الذى ضرب أروع الأمثلة 
فى الصبر والجلد عنواتا دائمًا للصمود والتصدى (أبو معاذ)» فمنذ أن تولى مسئولية 
(جهاز الأحداث) التابع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) فى حى الزيتون بمدينة غزة» 
إضافة إلى مشاركته فى مواجهة الاحتلال عبر أفكاره الرائعة فى نصب الكمائن» كان 
يحفر الخنادق الرملية للسيارات العسكرية والتى أسفرت فى معظمها عن الكثير من 
الإصابات . . 

ولا اعتقل بتهمة مسئوليته عن جهاز الأحداث فى ضربة مايو ١9494‏ م2 لينتقل بين 
أقبية التحقيق وسراديب الاعتقال يقضى عامين بالتمام والكمال» يدرك الجميع أن 
(عماد) يستحق أن يكون عنوانًا للصبر والجلد» فكانوا يسمونه (أبو صخر)» وعلى 
ارش النقت القائر ار( او می اط . لم يكسر من عزيمته السجن ولا نازية 
السجان» حيث تولى العمل الأمنى فى فترة اعتقاله» فقام بإعداد التقارير وتنفيذ برامج 
الرصد والتحقيق مع عملاء الاحتلال . 

ولم يخرج (أبو معاذ) من السجن فى العام ١44٠‏ كى يبيت فى منزله» أو يأوى إلى 
أهلهء قفا زاذه الجن إلا ضبرا وجلدا وغ هة على فواضلة الطريق القدسن تعضو 
المجد. . فواصل عطاءه الجهادى المتميز ليتم اعتقاله إداريًا ثلاث مرات إضافية» رسخ 
خلالها (أبو معاذ) نموذجه الرائع فى الصبر والعطاء اللامحدود . 

لم يكن الاعتقال النموذج الأوحد الذى كشف عن هذه الشخصية الفذة» فقد كان 
أبو معاذ درة حى الزيتون فى مواجهة الاحتلال. . هذا الحى الذى نقش ببطولاته أروع 
ملامح العزة والكرامة . . وهو الحى الذى كان مهدا للرصاصة الإسلامية ومأوى طلاب 
الشهادة العظام الذين سطروا بدمائهم على أرضه أروع ملاحم البطولة أمثال (ياسر 
النمروطى وعماد عقل) . 


ينس 


وفى (مسجد الشافعى) كان (أبو معاذ) علما بارزا ساهم فى نشأة جيل إسلامى 
متميز ينادى بالإسلام ضرورة حتمية للمجتمع . . يشارك فى الدروس والمواعظ ويوجه 
جهده نحو التربية الفردية. . كما حرص على أن يكون مع إخوانه مسلما متكاملاً تحت 
شعار «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. » . فكان أن ساهم فى 
تشكيل فرق رياضية للمسجد فى شتى ألعاب القوى : كمال الأجسام» اة 
الكراتيهء والجمباز » برز (عماد) قائدا لفريق الجمياز» وفاز من خلال هذه اللعبة 
ببطو لات وسباقات» تراه يقفز من وسط النيران» يصعد فى الهواء» يؤدى التشكيلات 
بمهارة وإتقان. ) 

التحق (عماد) بركب (جماعة الإخوان المسلمين) فى العام ١۱۹۸ء‏ ليواصل عطاءه 
الإسلامى الصافى من خلال عمل منظم يشعر معه بالارتباط وتحقيق الأهداف», فكان 
(أبو معاذ) كعادته فى الطليعة يساهم فى تربية النشء وفق روح الإسلام الصافية وليبنى 
الأجسام كى تقوى على مواجهة الشدائد» كما ساهم فى بناء بيوت الله كى تحتضن أبناء 
فلسطين» تزرعهم أشتالاً كى تقوى الغراس ليوم التحرير المأمول . 

كان يشعر (أبو صخر) بعظيم الانتماء لدين الإسلام» ومنهج السماءء ولذلك يعشق 
(مسجد الإمام الشافعى). . فى حى الزيتون. . الذى درجت خطواته الأولى فيه. 
وهناك نشأ (عماد) صخرة صلبة» كم كان يعشق (حى الزيتون) حيث أطل على الدنيا 
فى الرابع عشر من يونيو من العام ألف وتسعمائة وستة وستين» رغم حنينه الكبير أن 
يلتحف أرض (بيت دراس) موطن الآباء والأجداد. 

كان يتذكر (بيتك:ذراسن) كلما زازهراكز التهوية التابعة لوكالة الخوت.. وكلمًا 
أمطرت السماء على البيت القرميدى» فعزف صوت لمطر لحتاء أيقظ القلوب والهمم 
کی ترتقى نحو دروب المستحيل . . وكلما اتجه إلى مدرسته الابتدائية وشاهد الواقع 
البائس ثم ينهى دراسته الإعدادية والثانوية » ويلتحق للدراسة فى الجامعة الإسلامية 
بغزة» إلا أنه قرر أن ينال (الشهادة العليا) . 

وما كان (لصخرة فلسطين) التى تتحطم على سرها الدفين أمواج المحنة العاتية. 
وتبقى هذه الصخرة شامخة أبية تنبت للعالم الحائر شجرة الحرية أن واا 
الجهاد» فالتحق (أبو صخر) فى العام ۱۹۹۲م بعد خروجه الأخير من المعتقل (بكتائب 
الشهيد عز الدين القسام) كى يحقق حلم فؤاده فى الشهادة . 

۳۸ 


وكان يتبع مباشرة فى عمله الشهيد القائد (عماد عقل) (أسطورة الجهاد والمقاومة). 
ونفذ خلال تلك الفترة مجموعة من المهام الحساسة حيث رصد مواقع تحرك الجيش 
الإسرائيلى من أجل تنفيذ العمليات الجهادية» حيث شارك فى الرصد لعمليات 
الشجاعية والتى أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود فى ديسمبر 1447١م.‏ . وعمل كراصد 
فى مدخل جباليا» حيث نفذت عملية ليلة القدر فى رمضان ۱۹۹۳ م» والتى أسفرت 
عن مقتل جندى » وإصابة العديد. 

لم تتوقف خطوات(عماد) الجهادية عند هذه المرحلة» فأسس قواعد العمل 
العسكرى فى منطقة الزيتون التى غدت الحضن الدافىئ للمجاهدين القساميين بفضل ما 
يوفره (أبو صخر) من دعم مادى ومعنوى لجموع الراحلين نحو المجد والخلود. 

ولتوفير هذا الجو الآمن قام (أبو صخر) بملاحقة العملاء والساقطين خشية انكشاف 
أمر المجاهدين» فشارك مع الشهيد (ياسر النمروطى) فى تنفيذ عمليات التطهير . 

ولا استفيهد(زابيو التمروظ )د اس (عماد) فموعة القيتاضية الإعدامية 
وأطلق عليها اسم (مجموعة الشهيد ياسر النمروطى) . 

كم كان (عماد) يحب (أبا معاذ) ياسر. . يرى فيه القائد والقدوة والنموذج الأروع 
لرجل التضحية والفداء. . لم يكن عماد قد تعرف على (أبى معاذ) الآن» فقد عايشه 
أيامًا وليالى طويلة فى باستيلات العدو الصهيونى. . حيث شكلا معا ثنائيا رائعا 
للتفانى المخلص . . يجلسان معا يحفظان كتاب الله. . يتسامران. . يلعبان الرياضة 
ااا بعاد ا حل ا تفي وزيعه ی 
فالتجأ هناك» حيث وجد ما تقر به عينه من تضحية وعطاء وبذل وراحة» حتى قرر 
(أبو معاذ) الرحيل . . كان أن صعدت روح (أبى معاذ) فى حى الزيتون حيث سكن 
ا لجسد العملاق وتألق نجم جديد فى سماء فلسطين . . سماء الزيتون. وهنا قرر (عماد) 
أن يواصل ذات الدرب الممهورة بالدم المسيجة بالأشواك» فاختار أن يكون اسمه (أبا 
معاذ) كى يكون خير خلف لخير سلف - وهذا ما كان -. 

كان (عماد) يشق طريقه وسط الصخر دون ضجيج أو فوضى أو حرص على 
الظهور» وفى أثناء هذا العطاء والتفانى لح عليه أهله أن يتزوج . . لم يكن هذا خياره» 
فرفض بشدة . حتى شعر أهله أنه يخفى سراء فقرر الموافقة وتزوج من ابنة عمه. 


۳4 


تزوج وهو يدرك أن لا شىء يمنعه من تحقيق حلمه الغالى بالاستشهاد خاصة بعد 
رحيل أخيه القسامى القائد (ياسر النمروطى) . استمر (أبو معاذ) فى حملته التطهيرية 
ضد العملاء والساقطين فى (حى الزيتون) ثأرا لدماء الشهيد (ياسر النمروطى) حتى 
تقدمت قوات الاحتلال نحو بيت والده (المنسى نصار) تحاصره وتداهمه. . تحطم 
أثاثه لم يكن هذا مشهدا غريبًا على هذا البيت المجاهد الذى يتوزع أبناؤه , بين السجن 
والنفى والمطاردة والاستشهاد. . 


(أشرف) يقبع على الحد الشمالى للوطن المسلوب مع إخوانه المبعدين فى مرج 
الزهور» و(نبيل) يعيش متنقلا بين سجون الاحتلال يقضى محكوميته البالغة عشر 
سنوات بتهمة الانتماء إلى الجهاز العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتنفيذ 
فعاليات المواجهة والتحدى. . ولكن اليوم كانت المداهمة الأعنف حيث قلب جنود 
الاحتلال المنزل رأسا على عقب» بحثوا فى كل زاوية عن الشبح الذى طاردهم وأحال 
حى الزيتون إلى بعبع لعملائهم ومصيدة لجنودهم وكمائن تنحدر فيها دورياتهم 
يمطرهم فيها (أبو صخر) أصناف العذاب ولكن أين هو الآن. . ألم يعلموا أنه قرر 
الرحيل قبل الرحيل . . 

ولم تتوقف إجراءاتهم عند هذا الحد. بل قامت سلطات الاحتلال بطرد (والد 
عماد) من وظيفته الحكومية . 

كان كل ذلك يفرض على (أبى معاذ) المزيد من التحدى» فامتشق (أبو معاذ) سلاحه 
الهدار وغدا فى مرحلة جديدة تحتاج إلى كل ألوان العطاء والتحدى والمقاومة 
والأمن. . و(صخرة فلسطين) لهاء وبدأت المعركة مبكرا بين (أبى صخر) وقوات 
الاحتلال التى ما تركت حيلة ولا طريقة إلا اعتمدتها من أجل القبض عليه أوالتخلص 
منه. . حيث داهموا منزله ليلا ونهاراء بالزى العسكرى الرسمى ومتنكرين بأزياء 
متعددة» حضروا يوما لإلقاء القبض عليه وجنود القوات الخاصة يتنكرون بزى نساء 
ولكن رعاية الله لعبده كانت لهم بالمرصاد» فما أفلحت كل محاولاتهم اليائسة» وكان 
(أبو معاذ) يلاحقهم ويحاصرهم عبر عمله الجهادى القسامى الموجه نحو عملاء 
الاحتلال وقواته المتحركة والذين دفعوا ثمنا باهظًا حين التحق (صخرة فلسطين) بثلة 
المطاردين القساميين. كان الضغط يشتد على البطل القسامى المجاهد وإخوانه حتى 


۷۰ 


يصدر الأمر من الجهاز العسكرى بمغادرة قطاع غزة» وتكون الرحلة نحو الجنوب . . 
ارتحل (أبو معاذ) رغم عنه ولم يكن شيئًا أشد عليه من خروجه من (حى الزيتون) . 

إنه يتمنى الشهادة على هذه الأرض» فلماذا الخروج . . كان يدرك كم هى تكاليف 
الخروج بعيدا عن الحضن الدافئ. . ولكن قدر الله أكبر ورحمته أوسع» ها هو يغادر 
مع إخوانه وقلوبهم تنشطر. كتكبان م الأرفن الذايلة المتحافة ,ها هو الموكب 

فكانت الكرامة تسبقهم وحين تعدم الموكب نحو الحدود لاختراقها عبر نفق يربط ‏ 
فلسطين ومصر› ينطلق القصف الصاروخى والرصاص من كل مكان يغطى الارض 
الصحراوية كى ينبت فيها الصبار ويخط هناك طريق الملحمة الواجبة. . . وما تحتاج 
سوى الصبار. . كانت عشرات القذائف والرصاصات تقتحم الأجساد الطاهرة. . 
تستقر إحداها فى قلب (أبو معاذ) كى تودعه أمانة فى هذه الأرض التى أبى هجرتهاء 
وكان المهاجر يردد «والله يا غزة إنك أحب بلاد الله إلى قلبى ولولا أنهم أخرجونى 
مكلك ها جت ادا . 

وها هى (غزة) تأبى لهذا الوفاء أن يغادرها. . تأبى إلا أن تحتضن هذا القلب المتيم 
نداء وتش ية واناء: . يرحل أبو معاذيبنى مجد الخالدين . . يمتطى صهوة 
سطر ملحمة المقاومة والحهاد فى كافة الميادين . 1 رحل وماترك موقع قدم فی حى 
الزيتون وغزة» وفى مواقع الأسر إلا وبه علامة تذكرك (بأبى معاذ) . . الصخرة الصلبة 
التى تحطمت عليها سياط الجلاد. . . فغدت أشد بأسا وأكثر منعة» وها هو اليوم يلثم 
الأرض بجبيته الوضاء . . يزمجر كالأسد الهصور. . يتمنطق بخياره الأوحد. . فيما 
الناس يتكالبون على زخارف الدنيا. . . يرحل (أبو معاذ) ليسكن عليين حيث ينتظره 
(الشهداء) يتلقفونه بكل الحب . . يربتون على كتفه . . كما عهدناك يا (أبا صخر) . . 
وفيا مخلصا مسرعا. 

يرحل الخبر سريعاً إلى غزة» يتلقاه آل الشهيد المظفر بكل الفخر والاعتزاز. . فقد 
غذا الصير جزءا من مسيرة هذه العائلة . . ها هى تتلقى خبر استشهاد أحد أبنائها 

۳۷۱ 


(أبو معاذ) تحمل فى أحشائها (معاذًا) والذى أسموه (معادًا) كما أوصى تكريما لأخيه 
الشهيد (ياسر النمروطى) . | 

وفى قلب (حى الزيتون) ينصب سرادق عظيم يستقبل المهنئين بعرس الشهادة 
العظيم يلقون التحية (لأبى معاذ) الذى أبى إلا أن يكون عظيمًا خالدَاء كما كانوا دوم 
يلقون التحية على المجاهد الفذ الذى غادر الدنيا وارتحل سريعا نحو الخلود الذى بحث 
عنه وترك لهم الوصيةء مصحفا ورشاشا وراية. . أبى الشهيد إلا أن تظل خفاقة 
عالية . 


يفا 


وفى اليوم الثالث لعرس الشهادة أقامت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حفل تأبين 
لم تشهد له مدينة غزة مشيلا من قبل» وتوافدت إليه الآلاف من كل مكان. . تودع 
الشهيد. . تحمل الوصية. . تحفظ الراية من السقوط . . رحل الأبى على التراجع والاقتلاع 
من ساحة الجهاد والمقاومة. . . رحل عنوان الصبر والجلد وترك وصيته الخالدة . . 





الشهيد / حسين أحمد محمود أبو اللين (أب و أحمد) 
۱44۳/0/۸ 


«طاف (الشيخ حسين) البلاد كلهاء أم الناس فى بيوت 
الشوارع . . خاض معترك الحياة الاعتقالية شامحًا أبيًا. . |" 
لم يجد حلاوة المراغمة ومتعة الصراع كما هى الآن وهو | ١‏ 
بن را انان وو مکی کل كنرياء 
التحدى . . . واعتزاز المجاهد الصلب . . المتمترس خلف 
٠ a‏ . وعزم أثبت 
من الحبال الراسيات» . 


إذا ألمت بك الأيام ا لخوالى وترددت على أكثر من مسجد فى مدينة غزة» كان لابد أن 
يطالعك هذا الوجه الوضاء الذى ينضح بالنور واللحية الشقراء التى لا تغطى معظم ذقنه 
ولكنه يصر رغم ذلك على بقائها اقتداء بسنة النبى بي »> رغم أنه دفع ثمتا غاليا حين 
أخرجه والده من البيت طالبًا منه حلق لحيته» ومكث خارج المنزل وبقى مصرا على 
اقتدائه بسنة النبى بيا . . تراه بعد الصلاة يقف واعظًا فى الناس » يتحدث عن الإسلام 
وتاريخه الناصع وشرعه العادل ومستقبله الأكيد بحكم البشرية بعد سنوات الظلم» 
يحمل البشارة دومًا للمستضعفين فى الأرض بالتمكين والاستخلاف» كم كان سعيدا 
زخو دى هذه الرسالة ا لالد ة امغداذا لعي السو8 فهو واغطا وفرشد على هدا الدرت 
الذى سلكه جل الأخيار من الدعاة والعلماء. . وكم كانت مواعظ (الشيخ المجاهد) 
تسكن فى قلوب المستمعين بشغف إلى أسلوبه الجذاب ودروسه الموثقة التى يعتمد فيها 
على تحصيله العلمى الوافر من دراسته الشرعية فى (كلية الشريعة) بالجامعة الإسلامية 
بغزة» ومن هناك انطلق . . ليؤدى رسالته الطاهرة ويكون إماما للناس وواعظاء ويبقى 
الشيخ المجاهد قبلة لكل الظامئين لسيادة منهج السماء . 





۷ 


وإذا صادفتك الأيام وزرت (الجامعة الإسلامية) أثناء دراسة (الشيخ المجاهد) فيهاء 
كان هناك عرض لألعانت القوى ف التجماز والكازاقنة والتشاكو. عطاك ذو 
الوجه الوضاء وهو يؤدى مهارات استعراضية عالية المستوى» وتبحث عن أداة ربط بين 
هذه الشخصية وتلك فينبؤك العلم والبيان أن هذه شخصية الفارس المتكامل . . . راهب 
الا 

وإذا حالفك الحظ وشاهدت عرسا إسلاميا فى إحدى شوارع قطاع غزة» وشاهدت 
ذات الوجه الوضاء وهو يؤدى دوراً مسرحيا. : جك اداه و ستحتك :دوره التمثيلى 
للتقدم والالتحاق بحظيرة الإسلام الواسعة المترامية. . . وتميل بوجهك إلى من يقف 
جوارك تبدى إعجابك بالمسرحية وقصتها. . . يجيبك على الفور. . نعم فهى بقلم 
)| لشيخ المجاهد) . . . 

وفى الأيام الأولى لانطلاق الانتفاضة وأنت تسير بسيارتك يعترضك حاجز يعده 
مجموعة من الشبان قائدهم ذ و الوجه الوضاء . . وفجأة ينطلقون فى مسيرة يحملون 
على الأعناق صاحب اللحية الشقراء والوجه الوضاء يظل يهتف والجميع يردد. 

ينطلق (الشيخ المجاهد) إلى أصحاب المحلات يأمرهم بالاستجابة للإضراب» وماذا 
فى يده. . إنها قنبلة . . تقترب قليلا. . إنها قنبلة غير حقيقية مصنوعة من الطين بشكل 
تبتسم بصمت وتهم بالمغادرة ولكن حب الاستطلاع يمنعك» تيل إلى أحد المشاركين 
فى المسيرة. . من هذا الشيخ . . ؟؟ ظ 

ينظر إليك با يشبه الاستغراب . . ألا تعرفه. . ؟! إنه الشيخ (حسين أبو اللبن) . . . 
تومئ برأسك وأنت لا تعرف من هو المقصود . 5 ولكن مساجد غزة وشوارعها وكافة 
الشباب المسلم هناك يستطيعون سرد تاريخ الرجل فهو أشهر من أن يعرف . 

فى جباليا الثورة كان ميلاد الشيخ المجاهد (حسين)ء فى الثامن من فبراير من العام 
ويشرق بالأمل لوالده (الحاج أحمد) الذى كان مع جموع الفلسطينيين الراحلين نحو 
الجنوب مغادرا قرية (سمسم) الفلسطينية بعد أن داهمتها الغربان» وأوجدت مكانها 


A4 


الاستيطان» وفى خيام اللاجئين فى (مخيم جباليا) لم يكن هناك متسع » تكومت 
اللحوم البشرية وهى فى حالة انتظار للعودة السريعة. وطالت الأيام وتبدلت الأجيال» 
وقرر (الحاج أحمد) الرحيل إلى مدينة غزة ويستقر به المقام فى حى التفاح» وهناك 
كانت البدايات الأولى (للشيخ المجاهد) حيث درجت قدماه على بيوت الله تبارك 
وتعالى واستقر به المقام فى مسجد السيد هاشم (سمى المسجد بهذا الاسم تيامنا بجد 
الرسول يَلِةِ). ظ 

وفى بيت الله تبارك وتعالى رضع الفتى الوسيم الوضاءء حليب الإسلام نقيًا 
صافيًا» ويشعر فى قرارته بحلاوة الإيمان حين يرى بنور قلبه الله ورسوله أحب إليه من 
كل ما على اللأرض» ويكره الكفر وأهله ويكره النار. . 

لم يتعلم (حسين) فى بيت الله الإسلام وحسب» بل تعلم فنون القتال وأبدع فى 
الكاراتيه حتى حصل على الحزام الأسود. . . وأتقن الجلوس ساعات طويلة خلف 
مكتبه يطالع الكتب الإسلامية والشقافات حتى غدا ملمًا بالكثير من العلوم 
والمعارف. . . وصقل كل ذلك يوم توجه للدراسة فى الجامعة الإسلامية والتحق (بكلية 
الشريعة) بهاء حيث يرى (حسين) شخصيته» وشعر فى رحاب تلك الجامعة بالانتماء . 

وكان خم انعد ا(0 لاوت الارن ,وى اق اغ ا ران 
المسلمين) وتدرج فى سلمها الإدارى حتى غدا رقيبًا . 

ما انشغل (حسين) عن العمل لدنياه» ورغم انشغاله فى الدراسة فقد أتقن مهن 
أعمال البناء وأجاد (القصارة) وكان كثيرا ما يقوم بالعمل فى هذه المهنة الشاقة من أجل 
المساهمة فى توفير لقمة العيش الكريمة لأهله وإخوانه. . 

كان (الشيخ المجاهد) فى كل ذلك رءوقًا بإخوانه رحيما بهم. عاش لأجلهم فى 
المسجد والمنزل حتى أحبوه حبًا جما. . . وكان دوما يؤثر الجماعة على عمله الخاص» 
فكم أجل من أعماله وربما تركها من أجل عمل الجماعة ومستقبل الإسلام . ويبقى 
الشهيد ملتصقًا ببيوت الله تبارك وتعالى ولا تخرج من كلية الشريعة واصل عطاءه لدين ‏ 
الله حيث عمل خطيبًا فى مساجد مدينة غزة من خلال دائرة الأوقاف وأتم نصف دينه 
الآخر بالزواج . 

۳۷۵ 


وقبيل الانتفاضة شرعت قوات الاحتلال بإهانة الشبان فى شوارع غزة بأمرهم 
بالرقص أو سب الذات الإلهية أو الحديث معهم بألفاظ لا أخلاقية. وحدث ذلك مع 
(الشيخ حسين) الذى لم يتوان فى الدفاع عن نفسه. فقامت قوات الاحتلال بالاعتداء 
عليه وضربه وإصابته بجراح » لكن ذلك كان أهون عليه من إهانته على يد حفنة لا يقر 
لهم بالوجود على هذه الأرض الطاهرة . 

كانت روح الجهاد والبذل تملا على الشيخ حياته وكيانه ويرى فى امتشاق السلاح 
أمرا لابد منه» وأن أى تهاون أو تخاذل عن هذه الطريق جريمة لا تغتفر. . 

هذه الحماسة الملتهبة كانت تدفع الشيخ أحيانًا إلى الحديث عن تسويف الإخوان 
المسلمين امتشاق السلاح . . فكان یری تسويفهم وكانوا يرون استعجاله. . حتى كانت 
الانتفاضة المباركة» ومنذ اللحظة الأولى كان الشيخ حسين التواق فى مقدمة الصفوف› 
وفى التاسع من ديسمبر من العام ألف وتسعمائة وسبعة وثمانين وبعد يوم واحد فقط 
على انطلاق الانتفاضة كان (الشيخ حسين) فى مقدمة الصفوف التى تواجه قوات 
الاحتلال فى منطقة مستشفى الشفاء» وفى هذا اليوم كان أول من ألقى الزجاجات 
الحارقة (مولوتوف) حيث أعدها وأطلقها نحو قوات الاحتلال» وقد اعتقاله على إثر 
ذلك مباشرة بتهم إلقاء زجاجات حارقة» قضى ما يقرب العام وكان أول من افتتح 
الاعتقال» وأول من حكم عليه بتهمة إلقاء زجاجات حارقة وأول من افتتحت قوات 
الاحتلال به وبإخوانه سجن النقب الصحراوى 

وما كاد يخرج من المعتقل حتى أعيد اغتقاله وقضى حكما جديدا لمدة عامين هة 
المسئولية عن حركة حماس فى منطقتى التفاح والدرج . 

كان (الشيخ المجاهد) فى حياة الاعتقال علما لا يشق له غبار يؤدى دوره الثقافى 
والإرشادى بكل عزم وأمانة وإخلاص» يعقد الجلسات ويوجه شبان الانتفاضة نحو 

يد من الجهاد والتضحية يخلق ا حافز والتحريض وهو يروى لهم قصص الخالدين من 
الصحابة والتابعين الذين ضربوا أروع الأمثلة فى التضحية وكان يؤمن دومًا أن حالة 
التصاعد الإسلامية ليست محض صدفة» وإغا تقف خلفه عقول تفكر وأياد تنفذ» 
ولذلك كان يوصى إخوانه دائما : إذا انطلقت إلى الجهاد لا تستشر فى ذلك أحداء» بل 
شرك دوا تجو ادما ىهنا مر اللە ر لا يو ففنه ىقى . لذلك ا تمرك لإلقاء 
العبوات والزجاجات الحارقة كان تحر كه ذاتبًا . 


4 


هذا الولاء الصافى والحماس المتدفق والحب الخالص لله تبارك وتعالى محاور 
تشكيل شخصية (الشيخ حسين) الذى ما كاد يخرج للمرة الثانية من الاعتقال حتى 
التحق بالعمل فى الجهاز العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأضفى على 
ابمقصييةة الزودتمين ا ج غا سر ذدهان ( م اف فى و 
ويخرج مع (جماعة التبليغ والدعوة). . يطوف المدن وبيوت الله تبارك وتعالى مبلغا 
هذه الرسالة الخالدة بشتى الطرق . . وأثناء ذلك وإثر حملة اعتقالات فى صفوف حركة 
المقاومة الإسلامية (حماس) اعترف أحد المجاهدين بدور (الشيخ حسين) الذى بدا 
معتزلاً للحياة» ودوره فى (كتائب الشهيد عز الدين القسام)» وانتقل (الشيخ حسين) 
بذلك إلى حياة المطاردة» فخرج ولم يعد إلى منزلهء رغم أنه كان طوال الفترة الماضية 
محتاطًا لا يبيت ليلا فى منزله» بل كان يتجه إلى المنزل نهار فقط . 

ومنذ اليوم الأول لإعلان المطاردة انطلق (الشيخ المجاهد) الذى يرى فى الشيخ عز 
الدين القسام قدوة خالصة له. . انطلق من أجل المزيد من الجهادء ورغم أن الواقع 
الأمنى كان معقدا بشكل أكبر بكثير من السابق» حيث طورد (الشيخ المجاهد) فى 
أواخر شهر رمضان المبارك من العام آلف وتسعمائة وثلاثة وتسعين . فقد ازدادت أيام 
منع التجول وإغلاق المناطق ومداهمة البيوت وملاحقة المجاهدين» خاصة فى ظل 
تصاعد العمل العسكرى» ووجود المبعدين فى مرج الزهور . 

وقد مثل (الشيخ حسين) فى حينه الأب الحانى على جموع المطاردين من (كتائب 
القسام)» يشفق عليهم ويفتح معهم جسور الثقة والتعاون» فكان ينظر إليه على مستوى 
واسع كأمير رغم أنه لم يكن أميراً رسميًا لمجموعة المجاهدين» ولم يخرج (الشيخ 
المجاهد) من مدينة غزة» فكان جل عمله فيها حيث كان مسئولاً إداريًا للمجموعات 
العسكرية فى منطقة غزة» فقام بإجراء تحقيقات واسعة مع عدد من العملاء وتنفيذ حكم 
الإعدام إذا اقتضى الأمر» كما ساهم (الشيخ المجاهد) بالتنفيذ العملى لمجموعة 
عمليات أربكت قوات الاحتلال» فقد هاجم (الشيخ حسين) ومجموعته دورية 
عسكرية فى شارع الوحدة بمدينة غزة» كما هاجم دورية عسكرية بالقرب من مدرسة 
يافا بمدينة غزة» وقد اعترف راديو إسرائيل بهذه العمليات لكنه لم يوضح خسائره فيها . 


TY 


لم يكن (الشيخ المجاهد) لينقطع أثناء مرحلة المطاردة عن أهله وإخوانه» فكان دائم 
الاتصال بهم يوصيهم بتقوى الله عز وجل وسلوك درب الحق والجهاد وينادى فيهم أن 
الصبر والثبات عنوان مرحلة المطاردة والجهاد. يرسل لأمه دوما «لا تقلقى. . إما نصر 
أو شهادة . . لا تحزنى فإنى مع الله تبارك وتعالى» . 

يوصى والده دومًا: «لا تفكر كثيراً بى» بل ادع الله لى أن أموت شهيدا»» يرسل 
رسائله لإخوانه أبناء دعوة الإسلام : «لا تغرنكم الدنيا وعليكم النظر إلى الآخرة» . 

الشيخ المجاهد فى رحلة مستمرة إلى الله تبارك وتعالى» يرى أن الرحلة تمهرة 
بالدم» ممزوجة بالحنظل» وعلى سالكها اجتراع الصبرء فأعد العدة وأخذ الأهبة ورحل 
إلى الله غير عابئ بالدنيا وزخرفهاء فقد طلقها ثلاثًا لا رجعة فيها. 

فكان يقبل على الآخرة بلا حدود» فقد أحسن النية وأعد الزاد وخفف الحمل » فتراه 
يقنت فى صلاة الفجر يوميا يردد: «اللهم أحينى سعيدا وأمتنى شهيدا»» فقد أقسم 
(الشيخ حسين) على الله أن يلقاه شهيدا . . . صدق الله فصدقه الله . 

ويوم أن تزين الناس للدنيا وتزينت لهم . . كان الشيخ المجاهد يتزين للحور العين» 
يقبل على الموت بلا وجل . . يحتضن رشاشه الكلاشنكوف بكل قوة وعزم» يرى فيه 
ذاته» ويصنع منه مجده. . ويجعله مركبته إلى الدار الاخرة . 

طاف (الشيخ حسين) البلاد كلهاء أم الناس فى بيوت الله. . وعظهم. . 
أرشدهم . . قادهم فى مسيرات الشوارع . . خاض معترك الحياة الاعتقالية شامخا 
اه . لم يجد حلاوة المراغمة ومتعة الصراع كما يراها الآن وهو يحتضن رشاشه 
الهدار. . . ويمضى بكل كبرياء التحدى . . . واعتزاز المجاهد الصلب . . المتمترس 
خلف جدران إيمان خالص لله تبارك وتعالى. . . وعزم أثبت من الجبال الراسيات› 
كان (الشيخ المجاهد) يقسم كل يوم على الله أن يرى فى اليهود يوماء وأن تروى دماؤه 
الأرض الظمأى لدم حر طهور . 5 

وفى كل يوم ترسل له قيادة العمل العسكرى أن عدد المطاردين فى تزايد وأن الملاجئ 
ضاقت بأهلهاء وأن السلاح لا يكفى وعلى مجموعة (الشيخ حسين) أن تتنازل عن 
بقائها فى الأرض المقدسة وتهاجر على أمل العودة القريبة . . . ويرد عليهم بكل العزم 


4 


والآناة... ,مه كان يرغت 'الوتحرة فلتهاجره أما آنا فساموق هناء.: +:وادفن هنا ...... 
تأتيه الرسائل . . أن هذا أمر له مبرراته القوية» لا يستجيب (الشيخ المجاهد). . ويرد 
ما على هذا بايعت ولا على ذلك تمت المطاردة» إن لى خياراً واحدا ألا وهو الشهادة» 
ولن أقبل غيرها . 

ولا جد الأمر بكى حسين كما لم يبك من قبل . م كت ص اقات هه وسقي 
الأرض من هذه الدموع . . حسين لا يبكى جبنًا أو خوفًا وخورا . بل يكن تحبا وقلذاء 
وهر . وك Nel E‏ ا 
فلسطين . . ؟! يخبر إخوانه بالأمر الذين قض مضاجعهم هذا النبأ. . . يخبرهم 
بالصعوبات وعدم توافر السلاح والمال. . يرددون بصوت واحد: سوف نحفر 
الصخر» وننبت زرعنا القسامى مهما كلف ذلك من ثمن 

وفى النهاية . . كانت الرحلة. . رحلة الهجرة عبر الحد الجنوبى للوطن المحاصر بين 
غربة الأبناء» والأسلاك الشائكة والدوريات التى تجوب المنطقة . 

انتقل المجاهدون (حسين أبو اللبن» أنور أبو اللبن» حسن حمودة» بسام الكرد» 
عماد نصار»ء خالد العالم) إلى رفح» واستمر الموكب فى التقدم وأميرهم (الشيخ 
المجاهد) الذى كان يبكى دومًا على هذا الفراق . . كان الله تبارك وتعالى فى عليائه 
يصنع لهم القدر» قدر الكرامة والعز. . . عرف ما فى صدورهم من إيمان وإخلاص» 
فرزقهم الشهادة» وهناك على الحدود المصرية اصطادهم كمين غادر أسقط الجمع 
الطاهر مدرجًا بدمائه العزيزة . . . فى هذا اليوم الثامن من مايو من العام ألف وتسعمائة 
وثلاثة وتسعين وبعد أقل من ثلاثة أشهر على المطاردة. . كان القدر يرسم (للشيخ 
المجاهد) طريق الحنة المعبدة بالدماء الطاهرة الفياضة . . 

ولم تعهد (فلسطين) المطر فى شهر مايو. . ولكن ها هو المطر ينهمر كما 
الرصاص . . وكما الدماء الطاهرة . . كانت (دماء الشيخ المجاهد) وإخوانه تنزف على 
الأرض تغسل أدرانها وساكنيها من الحبن والخور والتراجع والخطيئة . 

رقافت اما العاف اا الله عاهذو عله ان على 
الله الاصطفاء والاختيار ليلحقوابركب الخالدين» تنهمر الدماء من أجل فلسطين 


۷۹ 


والأقصى وترسم حدا جديدا للوطن المسلوب. بعد أن قطع هذا الدم الظاهرء أسلاك 
- الوهم الحاجزة وأوقف دوريات التفتيش» يرسم حدا جديدا لا تقف معالمه عند حدود 
الادعاء الزائف . . بل تتجاوزه ليشمل خارطة العالم . . فينادى دم المجاهد فى الأمة : 
«الله أكبر فتحت كل الأرض أمام جحافل الإسلام. . . وهاهو الدم عنوان 
الدرب . . . ها هو الدم لا سواه يبنى جسر العودة » . 

نقلت السماء رسالتها. . وتلقف الشعب الفلسطينى بأسره النباً الفاجعة» ستة من 
الشهداء» وأى شهداء يسقطون دفعة واحدة» وتصل الرسالة إلى آل (أبى اللبن) الذين 
بدأ يصبر بعضهم بعضا من هول المصيبة» حيث سقط شهيدان من بيت واحد (حسين 
وانور ).ولا قد ف الله شسكه على لوت المت يداوان فون الكختهنداء» :و الغا ريد 
تنطلق فى سماء غزة . . وتردد الأم بصوت عال. . « هنيئًا لك يا (حسين). . هنيئًا لك 
يا (أنور) »» وهطلت العيون بالدموع بكاء مرا من الجميع» فقد كان (الشيخ الشهيد) 
أستاذًا وأبًا وأخا وخطيبا وإمامًا. . . كان كما يسمونه شيخ ال حارة . 

ولكن (الشيخ الشهيد) صمم على الرحيل بطريقته الخاصة. . صمم على أن يرسم 
بدمه كما رسم بكلماته معالم الطريق . . . وها هى معالم الطريق بينها للسالكين ولكن 
الشمن غال لأن السلعة غالية ھا :فين و مشتر ؟» وهل من دافع للثمن كما فعل (الشيخ 
الشهيد) ؟ 

وفى حى التفاح حيث انطلق وهج الشمعة المضيئة ليمتد إلى جنوب الوطن المسربل 
بالدم. . هناك نصب سرادق ضخم للعزاء. . . والألوف تحتشد يوميًا تلقى تحية 
الاحترام والتقدير . . والإعزاز والإجلال (للشهيد). . . الذى ما جهد أحدا. . وها هو 
باستشهاده يتسابق الجميع يلقون النظرة الأخيرة على الوجه الوضاء والثغر الباسم» 
وترحل بهم الذكريات أين سمعت الشيخ حسين يخطب لآخر مرة» وعن أى شىء 
عرفو جل مانت ور ر دوقو يضق الد ت ق ظ 

ها هو يرحل بعد أن ألقى كلمته الأخيرة ذ فى الزحوف المحتشدة. . وكم كانت كلمته 
الأخيرة صادقة قوية صارمة . . فللحرية الحمراء باب بكل يد مدرجة يدق. . 


A۰ 


لتسمع اللحن الأخير فى سمفونية خالدة امتدت من الشيخ الشهيد عز الدين القسام فى 
أحراش يعبد حتى الشيخ الشهيد حسين أبو اللبن فى صحراء سيناء . 2 ولكن هذا 
اللحن الممتد جزء من مقطوعة موسيقية يطول عزفهاء فالطريق يمتد والدرب يتواصل 

ألقى الجميع نظرة الوداع الأخيرة على الشهيد المقدس . . . الذى ما بخل أو استغنى 
ما قال أو استقال. . كان دوما فى الطليعة . . وها هو اليوم يسقط على الأرض وترتفع 
الراية إلى عنان السماء . . ويبقى الشهيد الشيخ دوما فى الطليعة. ‏ 








58 


الشهيد /أنو رأحمد محمود أبو اللبن (أب و إسماعيل) 
۱44۳/0/۸ 


«هكذا تنقضى أيام أنور > يتنقل بين مواقع الجهاد ك 
مشرفًا على عمل لجان حماس فى منطقة الدرج» وعاملا 
فى مجموعة الصاعقة الإسلامية» يكتب التقارير الأمنية 
ويرصد العملاء . . . يحاصرهم . . ينطلق إلى مدرسته 
يقود جموع شبان الكتلة الإسلامية. . . يعود إلى مسجده ن 
يتلقى العلوم الإسلامية. . وينضم إلى أسرته الإخوانبة | لال ا 
نهاية نهاره يعضد معانى الإخوة. . . لم يكن الفتى يعيش أ 
لذاته. . . أمضى حياته من أجل الله . . فكان الاختيار 
الألفى كن ا ساب كرا 

انطلق البشير يهتف فى الدناء ذاك الشبل الباسم الهادئ المتواضع الذى ما سمعه 
الكثيرون» لأن حديثه لا يكاد يسمعه إلا من يتعمد ذلك . . . انطلق البشير يدوى صوته. 
لقد استشهد القسامى الأصغر ستاء استشهد الشبل الذى عجب الجميع من جرأة التحدى 
وقوة المواجهة التى يتمتع بها فى مواجهة العدو رغم سلاسته ورقته مع إخوانه. . 

دوى صوت البشير يبلغ أهل الأرض أن القتال عزيمة . . وأن الرجال معادن. . وأن 
هذا المعدن الطيب الصلب هو من ذاك الأصل الذى جسده الشيخ المجاهد (حسين أبو 
اللبن) . | 

لقد بدت ملامح الرجولة مبكرة على الفتى اليافع » فبعد إلحاح كبيرتم ضمه إلى 
مجموعات فعاليات الانتفاضة عبر لجان حماس الفاعلة . لم يكن الشبل المجاهد قد بلغ 
من العمر خمسة عشر عامًا حين امتشق سلاح الانتفاضة . . . وكان حينها أصغر من 
يرتدى اللثام الفلسطينى الذى غدا معلم الفلسطينى المجاهد . وفى واحدة من الجولات 
الجهادية كان القدر يرسم مجدا لهذا الفتى الهادئ» حين انطلق ضمن مجموعته 
الحمساوية» ويرتسم فى مخيلته الصحابى الجليل (أسامة بن زيد)» وهو يقود معسكر 
جيش المسلمين يفتح الله على يديه بلاد الروم . . . 





TAY 


كانت كل كوامن الفتى اليافع تنطلق ومحياه يبتسم وهو يرى بعين خياله كيف يمتطى 
خيل الجهاد. . . وقائد الركب القسامى يمسك بعنان فرسه يوجهه للانطلاق نحو الهدف 
وتحقيق المرادء من أجل بناء الدولة الإسلامية قوية الأركان. . يرحل (أنور) يوميا. . إلى 
القدس» يتمنى استشهاده على تراب الأقصى الطهور. . ولكن» ها هو يرحل فى خياله 
للد لاس رالا روا ور م ارات اف ان حدر اا 
الجهادية» ينادى رفيق الرحلة الميمونة بالحذر. . يطلق (أنور) لساقيه الريح ويسابق 
الهواء. . زخات من الرصاص تنطلق خلف الفتى المجاهد» تصيبه إحداها فى قدمه 
يسقط على الأرض لا يستطيع حراكًا» وتنقض عليه جموع الغربان تهوى عليه تمسكه 
قدو سي في E O‏ لض اناي 
لم يتجاوز الخامسة عشرة هو الذى أقض مضاجعهم فى تلك المنطقة وهم يستيقظون 
يوميًا عشرات الشعارات الحمساوية والمتاريس المنتشرة تملأ الشوارع . . . هل هذا الفتى 
هو السبب المباشر لهذا الإزعاج ما أتفه هذا الجيش» وما أهون قواته الخاصة! ! 

يقتاد الجند الفتى الباسم نحو المعتقل حيث مئات الشبان الفلسطينيين» وفى زنازين 
النازية الجديدة أودع الفتى مصابًا بطلق نارى وأغلق الباب» تکوم أنور يشكو لله إصابته 
فى زاوية الزنزانة الباردة التى لا تملك أدنى مقومات الحياة» وبدأ يتلو آيات حفظها من 
كتاب الله تعالى ويتمتم بأدعية تدفع عنه الشر والمكروه. داعيًا الله أن يحفظ عليه قلبه 
ووجدانه؛:وأن يحم إخواته محنة السحن . .... غاب أنور قليلا عن وعبة وأخذثة سنة 
من النوم» وهى منحة إلهية فى هذا الظرف العصيب الذى يعيشه الفتى الهادئ . . . 
وغاب الفتى فى أحلام وردية أخرجته من ضنك الحياة التى يعيشها . 

قضى لحظات جميلة مع شقيقه وأستاذه (الشيخ حسين) الذى تتلمذ على يديه 
وعشق الإسلام منهج السماء من دروسه» كم كان ينظر (الشيخ حسين) إلى شقيقه 
(أنور) نظرة خاصة . 

احتضنه منذ لحظات الولادة الأولى حين أبصر الدنيا فى نوفمبر من العام ألف 
وتسعمائة وأربعة وسبعين فى حى الدرج بمدينة غزة حيث الأهل قد سكنوا منذ فترة 
وجيزة تلك المنطقة بعد أن غادروا مخيم جباليا الثورة إثر هجرتهم مع زحوف اللاجئين 
من قرية (سمسم) وكل أرجاء فلسطين . ودرج الطفل الصغير على بيت الله يؤدى 
حركات الصلاة كما علمها إياه الشيخ حسين» وعلى هذه الزيارات فطم الفتى على 


AY 


عشق منهج السماءء لا يرى ذاته إلا بعلو هذه الراية الخضراء التى لا يشعر بالأمن إلا فى 
ظلالها الوارفة . 

هذا الفتى أحبه كل من رآه. . . البسمة لا تفارق وجهه الذى تشع منه علامات 
الإيمان ومحياه الجميل ينبؤك بمعالم شخصية طيبة الأصل كريمة الخصال . 

وإذا عاشرته عن قرب كانت الشجاعة معلما بارزا لهذا الفتى الهادئ» وفى صلاة 
الفجر فى مسجد الشيخ الشهيد عز الدين القسام عليك أن تنظر إلى الصف الأول لترى 
الفتى لا ينقطع عن الصلاة» وإذا قدر لك أن تعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان 
فى بيت الله . . ستجد الفتى الباسم لا ينقطع عن قيام أو تلاوة قرآن أو جلسة ذكر . 

هكذا شب الفتى . . ينهل من معين الإسلام الصافى عبر (الشيخ حسين)» يواظب 
على الشعائر والعبادات» يؤدى دوره الجهادى مقتديا (بأسامة بن زيد) رضى الله 
عنه. . وهاهو يرقد فى زنزانته مصابا بطلق نارى» وعلى رأسه كوفية الجهاد 
الحمساوى . 

استيقظ الفتى من سنة النوم التى أكسبته سكينة وهدوءا. . . 007 2 5 
معالم التحدى. 1 باب الزنزانة يفتح» تتناوله يد غليظة واقتادته إلى غرفة باردة بها 
مكتب قديم خلفه رجل لم يتبين ملامحه لشدة الإعياء. . خاطبه فور أهلاً بالبطل 
الفدائى. . كم عمرك؟ أربعة عشر عاما. . ومنذ متى تلبس اللثام وتكتب على 
الجدران؟ لم ألبس لثاما أو أكتب شيئًا على الجدران وأنا ولد صغير . . يضحك رجل 
التتحقيق بكل قوة. . ومن علمك هذا الرد ؟ لم أتعلمه من أحد. . إِذَا لماذا هذه 
الكوفية؟ كنت ألبسها لاتقاء البرد وأنا ذاهب لصلاة الفجر . 

يشتد الرجل فى حصاره على الفتى . . ويشتد الفتى دفاعا . . تقيد يداه ويضغط على 
جرحه قبل أن يستقدم طبيب السجن لتضميده . ولک عنيينات: .هات ...هذا 
الشبل يزار زارت الأولى ...كلقن شتكون القاننة وماءيليها: 

مكث (أنور) فى السجن أربعة شهور لم يعترف بالتهم المنسوبة إليه» رغم كل الآدلة 
التى تحاصره» خرج (أنور) دون أن يرضى غرور الجلاد. وما أن انقضت الشهور 
الأربعة وخرج (أنور) حتى عاد إلى حبه الكبير . . الجهاد. . المقاومة. . . اللثام . 
المسجد. . صلاة الفجر . . 


TA 


واليوم أنور يعيش بفلسفة التحدى بصورة أكثر شموخا وعزا وإباء يرسمه لنفسه منذ 
اللحظة طريقًا معمدة بالدم وممهرة بالجهاد والاستشهاد . 

لم يكن التدرب على السلاح متوفراء فالتحق متدريا على فنون القتال» فأبدع مهارة 
القتال بالننشاكو (العقلة) وغدا من الأسماء اللامعة فى هذه اللعبة» واستمر فى تواصله 
الجهادى والعمل ضمن مجموعات ولحان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لينفذ 
برنامجها الجهادى بكل أمانة وحرص وإخلاص . هذا الولاء النقى والإخلاص المتفانى 
دافع كبير (لجماعة الإخوان المسلمين) كى تعرض على الفتى الذى لم يتجاوز الثامنة 
عشرة الالتحاق بصفوفها عضرا عاملاًء خاصة وهو يقود النشاط الطلابى فى (مدرسة 
فلسطين الثانوية)ء وهذا النوع من الأنشطة يحتاج إلى رجل فكر وعقيدة» يفهم المنهج 
ويدرك أبعاد الطريق» وقد كان أنور نعم الرجل الذى ينتظره مستقبل واعد فى العمل 
الإسلامى. 

ويوم أن قررت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تشكيل جهاز الصاعقة عقة الإسلامية 
الخاص بمملاحقة العملاء والساقطين والمنحرفين» حتى يتفرغ الجهاز العسكرى (كتائب 
القسام) للعمل ضد قوات الاحتلال والمستوطنين» تم اختيار الفتى المجاهد ضمن 
المجموعة الأولى للصاعقة الإسلامية فى منطقة (حى الدرج) . 

هكذا كانت تنقضى أيام (آنور)» يخرج من بيته إلى صلاة الفجرء يتنقل بين مواقع 
الجهاد مشرفًا على عمل لحان (حماس) فى منطقة الدرج» وعاملاً فى مجموعة الصاعقة 
الإسلامية» يكتب التقارير الأمنية ويرصد العملاء ويحاصرهم» وينطلق إلى مدرسته 
يقود جموع شبان (الكتلة الإسلامية)» ويعود إلى مسجده (عز الدين القسام) يتلقى 
العلوم الإسلامية» وينضم إلى أسرته الإخوانية نهاية اليوم ليعضد معانى الإخوة. ا 
يعود إلى منزله إلا ليلآً» ويسأله والده دومًا عن سبب التأخير ويأمره ألا يتأخر . . 

لم يكن الفتى يعيش لذاته . . أمضى حياته من أجل الله فكان الاختيار الإلهى 
عزيزا سريعًا كريمًا. . . ويوم أن اعتقلت مجموعة من المجاهدين فى منطقة الدرج 
انقطع (أنور) عن التردد على منزله حذرا واتقاء حتى قدمت قوات الاحتلال تداهم 
المزل اماك يعون الايفان الما تعمة الهدانة: ء. خاضرو الل فر كل ي 
وقلبوه رأسًا على عقب . . . عن أى شىء تبحثون ؟ عن السلاح واللثام والصاعقة 
وحماس والكتلة والمسجد والقسام . . نبحث عن (أنور). . . أين ذهب ؟؟!! 


TAQ 


اختفى (أنور) ليعلن التحدى الجديد وتبرز شخصية هذا الفتى الذى أنهى دراسته 
الثانوية هذا العام فقط . . ولكن رجولته وفروسيته تسبق عمره. . ) | 

وها هو يلتحق بصفوف المجاهدين المطاردين من (كتائب الشهيد عز الدين القسام). 
ولم يكن قرار المطاردة خيارا سهلاًء خاصة فى هذا الوقت العصيب» حيث تحاصر 
قوات الاحتلال كل شىء بحثا عن القساميين الاستشهاديين الذين دبوا الرعب فى قلب 
دولة العدو ردا على إبعاد المئات من الإسلاميين إلى مرج الزهور. . . 

وها هو الطوق الأمنى يلف قطاع غزة. . . ودوريات قوات الاحتلال على البحر. 
وفى البر تملا كل مكان. . . وها هى الحدود مغلقة . . ومع ذلك روح الاستشهاد تهيمن 
على الفتى الهادئ الصلب الذى امتشق السلاح القسامى بكل عز وإباء» كم كان يحلم 
بهذا اليوم. . يعشق الخلود. . فانطلق يواصل عمله الجهادى القسامى فى أسلوب 
عوك يمتشق السلاح ويخرج مع مجموعة من المجاهدين المدربين جيدا. . ينطلق 
نحو هدفه على الطريق الشرقى . . قرب مدرسة يافا فى غزة. . فى شارع الوحدة وعمر 
المختار. . . قرب نتساريم . . يصلون دوريات الاحتلال بوابل من رصاص العز لا 
يهابون المواجهة الدامية» بل هى حلمهم الذى لا ينتهى . . . أمل الفتى الباسم لا يمل 
تكراره والدعاء والتضرع إلى الله أن يرزقه الشهادة وأن يسطر بدمه ملحمة جديدة على 
الأرض الطاهرة . 

ولم يكن (أنور) الفتى اليافع أن يعصى أمرا أو يرفض قراراء فكيف إذا وجه إليه هذا 
الأمر شقيقه وأستاذه (الشيخ حسين). فلما تقدم الشيخ نحو شقيقه طالبًا منه الاستعداد 
للمغادرة كانت عينا حسين تترقرق بالدمع» أما (أنور) فقد أخفى كل عواطفه ولم تكن 
إلا إجابة واحدة سمعا وطاعة . 

وما أن اخمتفى عن الأعين حتى انهمرت الدموع من عينى الفتى تغرق الأرض 
العطشى للدم. . يضرب بيديه الأرض يتمتم. . . ما على هذا تمت البيعة. . . لاذا 
أخرج؟ . . أين أذهب ؟ . . كل الدنيا سجن لنا. . فوزنا الوحيد الاستشهاد هنا. . لماذا 
لا نستشهد. . لماذا ندفن رأسنا فى الرمال . . نقبل الهوان. . 

كان يدرك الفتى فى ذاته كل مبررات الخروج . . لكنها كانت فى نظره مبررات مادية 
واهية. . يردد. . يجب أن تظل هاماتنا عالية. . كالنجم. . يجب أن تبقى أرواحنا 
ذاتها تهتف للوطن وتحمل بشارة الحرية والخلاص . . . يجب أن نبيع الحياة ونشترى 

كد 


الجنة. . نشترى فلسطين والأقصى. . ليأخذوامناالدموع والدماء. . . المآقى 
أشعتها الذهبية النضرة . 

ورغم هذه المشاعر الفياضة لم يبد الفتى الطائع أى اعتراض . . ووجه رسائله 
الأخيرة إلى والده ووالدته راجيا منهم المغفرة والمسامحة» وألا يحزنوا لفراقه وعليهم 
دومًا وفى كل سجود أن يدعوا له بالشهادة ولقاء الله تعالى» فهى أمله الوحيد» 
ويوصيهم بالصبر والثبات إن رزقه الله هذه الآمنية الغالية . 

أرسل أهله له يذكرونه يا (أنور) ألم نقل لك يجب أن تبنى مستقبلك بعد انتهاء 
حاترت د ESE‏ 
رددوا عليه هذه العبارة. . قال لهم بيقين الواثق : « إنى أعرف مستقبلى جيدا » . 

ما هو المستقبل الذى تعد نفسك له ؟ سوف ترون قريبًا ما هو هذا المستقبل. . سوف 
تغارون منى» وأرجو أن تفعلوا ما أفعل وتسيروا على نفس المستقبل . ظ 

إذا أيها الفتى تعرف إلى أين تتجه ؟ وماهى مشروعاتك المستقبلية . » كان خيارك 
واحدا وطريقك مستقيما. . سدد الله خطاك. امتطى الركب القسامى صهوة القلق 
E O O OE‏ 
إلى ين e‏ ۰ یردد آنور فی نفس . e‏ 


ويه اااي سرود دوعر عي ؟. . لماذا 
تضحون بالشهادة بعد أن غدت قريبة تهيم الروح التواقة للخلود. . ومادريت أنها 
تسلك درب (طارق القسام). . الذى يمم شطر الجنوب ولكن قبلة القلب كانت إلى 
الجنة والخلود. . . فكان له ما أراد. . 

ها هو الركب يتقدم للخروج من أرض الرباط بعد أنتم إعداد العدة عبر نفق يربط 
بين جنوب فلسطين ومصر» وما كاد الركب يضع أقدامه الأولى فى طريق الخروج حتى 
انطلقت رصاصات كثيفة تمنع أصحاب القلوب المهاجرة إلى الله التى صدقت الله ما 
عاهدت عليه . . تمنعها الهجرة. . تصر على أن تبقى هذه القلوب المتيمة بالشهادة . . 
المتيمة بالأقصى ألا تغادر. . 


TAY 


رات النازود تعن الكان:... :وع رات مها تستقر فى حسد الف المجاهد» (انور) 
يمتطى صهوة الخلود برصاصة تستقر فى رأسه تنقله إلى دار القرار» لقد رفض القرار 
فى ذاته» واختار الخيار الأوحد. . الشهادة. . طريق العائدين إلى درب المستحيل . . 
احتضن (أنور) الموت وصعد الشبل الباسم إلى عليين كما أراد. . كان يمضى قلبه 
راحلا إلى الله . . وأراد الله ما أراد عبده فانتظرته الرصاصة على بوابة فلسطين . 

تناسقت أرواح الراحلين. . وتمازجت. . تعانقت. . غطت أفق فلسطين الممتد 
كحدود الشهادة بلا نهاية . . تكاثفت الغيوم على ألحان أعذب سيمفونية يعزفها البشر على 
الأرض. . سيمفونية الشهادة والخلود. . . تقاطرت ماء السماء فى شهر مايو (فى مشهد 
نادر)» وانتشرت تروى الأرض الظمأى . . تقذف الرحمة فى قلوب أهل فلسطين» تحمل 
لهم البشارة. . اتقوا الله وجاهدوا فى سبيله تفتح عليكم بركات من السماء والأرض . 

أى يوم هذا الثامن من مايو من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين» أى يوم تزف فيه 
كوكبة مطهرة وثلة كريمة من الشهداء إلى ال حور العين فى عرس ملائكى عز نظيره . . 

سرى الخبر كالنار فى الهشيم وانطلق الهتاف والتكبير والأغاريد تؤدى عرس 
الشهادة على الأرض . . والجمع المبارك تذكر بكل فخر واعتزاز الشبل الوسيم 
الوضاء . . أى يوم يرحل فيه أنور وحسين وحسن وعماد وبسام وخالد دفعة واحدة. . 
تذكر الجمع الإخلاص والتفانى حتى أحبه الله» فجعل محبته فى قلوب الناس . . . 

وال الفتق الام :: دعوا الله قبوله وأخايه الشيخ حسين شهيدين كما أوصاهم. 
وقد قذف الله فى قلوبهم الصبرء يذكرون الفتى الذى أصر على مواصلة الطريق رغم 
كل ما وجد من جهد ومشقة. . فقلم كانت الجوارح تعبر عن حقيقة ما استقر فى هذا 
القلب الصغير من إيمان كبير بالله تبارك وتعالى وقداسة الطريق الذى سلك نحو جنة 
عرضها السموات والأرض» ودعوا الله أن يكون شفيعًا لهم يوم القيامة . 

وفى ثالث أيام عرس الشهادة أقيم حفل عظيم وداعا للشهيدين (أنور وحسين). 
واحتشدت الألوف فى حفل الوداع تقدم التحية» للبطل المسافر سريعا نحو الجنة بعد أن 
ركب المستحيل وامتشق العزيمة» فانتصر بهذا الفوز العظيم والاختيار الإلهى الكريم . 


علد عند م 
A‏ از iT‏ 


TAA 


الشهيد / حاتم يقين ا محتسب 
08 اا 


نعرض شهادات حية لأسرى فلسطينيين يمضى - 
بعضهم أكثر من مؤبد عسكرى فى سجون الاحتلال 
أغلبهم فى سجن نفحة الصحراوى الذى يفتقر إلى أدنى 
ا لفو هات الانسانبة و ك هدو ا ادات ضيول 
بطولات كتائب القسام والذين استحقوا وسام الشهادة 
لأجلهاء وقد أطلقنا عليها اسم شهادات (حية)لأنها 
حدثت فعلا وآخذت مصداقيتها من المشاركة الفعلية مع 
هؤلاء الأبطال أو بالحديث مباشرة مع أهالى هؤلاء 
لار بوه اين جات عر ا معدن يله ل 
بطل من أبطال القسام» وستشمل هذه الشهادة أبطالا من الضفة الغربية وقطاع غزة ممن 
توفرت حولهم هذه الشهادات . 

إن سلعة الله غالية لا ينالها إلا من صدقت نيته وارتفعت همته واشتد عزمه . . إنها 
الجنة ؛ لأجلها بقر بطن حمزة» وأكلت كبده» وفى سبيلها قطعت يدا جعفر الطيار 
وسقط شهيدا بعد أن عقر حصانةء ولأجلها تفطرت أقدام العابدين وأظمأوا نهارهم 
وأسهروا ليلهم بعد ما عملوا ما أعد لهم من قصور وأنهار وجنان وحور عين» وفوق 
ذلك كله رؤية وجه الله رب العالمين» فهلم أخى فى الله يا من تتوق لنيل الجنان لتتعرف 
على شهيد جعل الجنة غايته ومنتهى أمله» نتعرف اليوم إلى الشهيد «حاتم يقين 
المحتسب» قائد المنطقة الجنوبية لخليل الرحمن» الداعية والقائد والمجاهد رحمه الله . 
حيث يعتبر نموذجا فريدا وحالة نادرة قلما تجد مثله» فبالإضافة لبذله وتفانيه غير المنتهى 





لدعوته وإخوانه وتكريس وقته للدعوة فإنه يعتبر وبصدق مشروعا جهاديًا سبق زمانه 
مستشرفا مستقبل الدعوة وحتمية التوجيه للعمل الجهادى فى مواجهة المحتل» وقد كان 
متحرقا لتشكيل خلايا جهادية ضد المحتل وعملائه حتى قبل الانتفاضة بسنوات» ولعل 
فى نشأته قرب ال حرم الإبراهيمى ورؤيته اعتداءات الصهاينة اليومية على الأهالى وتدنيسهم 


۲۸۹ 


للحرم ومصادرتهم البيوت وهدمها وسعيهم الدءوب لنشر الرذيلة وسط السكان 
المحيطين بالحرم» لعل كل هذه الأسباب كانت محفزا له للعمل الجهادى منذ بداية 
انتمائه للإخوان المسلمين أواتل الثمانينيات» فقد كان يركز على تربية الجيل الناشئ 
كعماد مستقبلى للعمل الجهادى ويزرع فى نفوسهم الغيرة على الإسلام والاعتزاز 
بتعاليمه وتاريخه من خلال ما كان يقصه عليهم من قصص أبطال وفرسان الإسلام» 
وكثيرا ما يدفع من جيبه لشراء كتيبات وقصص يعطيها للجيل الناشئ» لتشجيعهم على 
التوبة والالتحاق بالدعوة» وقد اهتم بتشكيل فرق رياضية عمل من خلالها على العناية 
بالخلق والقوة لأشبال المساجد من خلال الرحلات الجماعية والأسر المفتوحة وإلدروس 
والمواعظ فى كافة مساجد المنطقة خصوصا طارق بن زياد وخالد بن الوليد وقيطون 
ومسجد عثمان بن عفان فى البلدة القديمة» وكان يشرف على بعض الأسر الإخوانية 
وتمتع بالحب والقبول بين أصدقائه وإخوانه وأهل المنطقة› فكانوا يطلقون عليه لقب 
«الشيخ»» وكثيرا ما عمل لحل مشاكلهم وإصلاح ذات البين بأسلوب يرضى جميع 
الأطراف ولو كلفه ذلك الإنفاق من ماله الخاص» وكان يدعو دائمًا للأهل بتكوين 
المؤمن القوى» وقد تدرب هو شخصيًا على فن الكاراتيه وحاز الحزام الأسود وفاز فى 
انتخابات نادى طارق بن زياد بحصوله على أعلى الأصواتء» كان «ابو الحسن » رحمه 
الله معطاءً مقداماءلا يخشى فى الله لومة لائم» حمل الدعوة فى قلبه وجاب بها الآفاق 
وكانت له لمسات خاصة فى عمله ونشاطه الدعوى فى حياته الخاصة» فقد كان الأصغر 
بين إخوته وأخواته» وقد نشأ يتيما وتربى برعاية والدته التى أحبته وتعلقت به أكثر من 
سائر إخوته الآخرين» وارتبط منذ الصغر بالمسجد الإبراهيمى وتلقى دراسته فى مدرسة 
طارق بن زياد وتعلم مهنة دباغة الجلود. وكان يحرص على أخذ المقاولات فى الدباغة 
خشية أن يضطر إلى الارتباط بالمحل فيقيد نشاطه الدعوى . عرف عنه عشقه للشهادة 
التى ملكت عليه حياته ولطالما اجتهدت الوالدة والإخوة لتزويجه» فيرد عليهن بعد أن 
يشتروا له مستلزمات الزواج : «إن الحور العين لا تحتاج كل هذه المتاعب والمشتريات وما 
على الإنسان الراغب للحور العين سوى الموت مخلصا لله وفى سبيل دعوته» . ومع 
اندلاع الانتفاضة كان حاتم من أوائل المنتفضين» يقود المواجهات والفعاليات التى تمتد 
فى جميع أنحاء وأحياء المدينة . وكان همه الأكبر العمل وتوسيع ميادين المواجهة» مما 
دفع الصهاينة لاعتقاله أواخر الثمانينيات . . فكان قلبه يتفطر حزنًا بسبب غيابه عن الساحة 


۹۰ 


اهادي وط غودقة يدان ا لهاد لط لخ كما كان ردد :فى ,رسائله لاخر اله 
خارج السجن . 

وفى المدرسة اليوسفية تعرض أبو الحسن لأشد الابتلاءات ليحيد عن دعوته ويتخلى 
عن فكرته حيث كانت (فتح) تعتدى على الشباب المسلم بالضرب والتشويه والسخرية 
وتطلق عليهم صفة (المنفلشين) والخارجين عن الصف الوطنى» وتمنع الدرس الجماعى 
أيام الخميس والاثنين» وتحظر جلسات التلاوة» بل وصل الأمر إلى منع التفاعل 
والاحتكاك مع أى قادم جديد حتى لو كان من أبناء الحركة الإسلامية» وقد تعرض (أبو 
الحسن) إلى الكثير من الاعتداءات وتركزت حوله المؤامرات نظرا لصلابته وشخصيته 
القيادية لدرجة أنهم سكبوا إناء مغليا مليئًا بالشوربة على قدميه فى معتقل النقب» مما 
تسبب فى حرق الجزء الأسفل من قدميه وظل يعانى آثارها حتى لحظة استشهاده. 
وستبقى أيام وذكريات (مجدو الأسود) صفحات سوداء فى تاريخ جلاديها وصفحات 
مشرقة للشباب المسلم الذى صبر وقاوم ظلم ذوى القربى» عداك عن ظلم جلاديها 
الصهاينة المحترفين. . وهكذا خرج حاتم بعد عامين من سجنه أشد مضاء وصلابة 
وعزما من ذى قبل» فى فترة كان العمل العسكرى فى مدينة الخليل يشهد مرحلة 
المخاض التى سبقت ميلاد «كتائب القسام» المظفرة كجناح عسكرى (لحماس) وتوالت 
عليه الضغوط من أهله لكى يتزوج » فكان يشغلهم بالبحث عن العروس دون أن تكون 
لديه نية فى الزواج خوفًا على زوجته فى حال سجنه أو استشهاده» علما أنه قد عاهد 
الله أن لا يعود للسجن أو يسلم نفسه مهما كانت الظروف» وتوجه إليه الإخوة ليتسلم 
قيادة الإخوان فى المنطقة الجنوبية أو قيادة (حماس) فرفض ذلك قائلا : « إذا لم تعطونى 
اتصالا بالجهاز العسكرى فسأشترى بندقية من مالى الخاص وأعمل منفردا» وفعلا 
التحق فى الجهاز العسكرى مع بدايات تكوينه ووصول عماد عقل ومن بعده محمد 
دخان إلى الخليل» وكان حاتم يصر على البدء بالعملاء أولا لشدة إفسادهم وتبجحهم 
بين السكان» ومن أجل التمويه وافق على خطبة فتاة» قال لها فى أول لقاء (إننى 
معرض للسجن أو الشهادة فى أية لحظة» واشترى غرفة نوم ليطمئن قلب والدته. ولم 
عض شهور معدودة حتى تعرضت المجموعة للاعتقال» وعلم باعتراف بعض الإخوة 
علبه» فغادر البيت وبدأ رحلة المطاردة مع أخيه الشهيد « يعقوب مطاوع» وهرب من 
على أسطح بيوت البلدة القديمة وأثناء مطاردة جيش الاحتلال ركب سيارة وتعرضت 


۳۹۱ 


' لإطلاق نار مكثف ونجا من رصاصهم بأعجوبة» وبعد عدة شهور تعرض لصدمة قاسية 
باستشهاد والدته جراء ضربها بأعقاب البنادق أثناء مداهمة ليلية للمنزل» فاحتسب 
ذلك كله عند الله معاهداً على الثأر من الصهاينة الأنجاس» وقد كانت مطاردته تسبب 
رعبًا فى أوساط المستوطنين والجيش» فكان يتعرض آقاربه للاعتداءات المتكررة 
والضغوط المتواصلة والاستدعاء للقاء المخابرات» فتصدمهم شدة محبة الناس حاتم 
واستعدادهم لمساعدته فى كل شىء وافتخارهم بمعرفته وصداقته. ومن فى الخليل لا 
يعرف ولا يحب الشهيد والقائد أبو الحسن !! فقد كان يحرص على صلة الرحم مع 
إخوانه وأقاربه ويشرف على توزيع الأضاحى وأموال الزكاة على المحتاجين» ويملك 
قلوب الناس بتواضعه وابتسامته وبساطة كلماته ويحوز احترامهم بشخصيته القيادية 
التى امتاز بها منذ طفولته» وثقافته الواسعة التى فاقت بعض الجامعيين» ولم يخص 
نفسه بطعام أو شراب» ولديه مكتبة كبيرة للقراءة الذاتية فى منزله . ويروى أحد إخوانه 
أنه سأل حائمًا يومًا: هل يمكن أن تعترف لدى المخابرات ؟ قال: لو غرزوا فى جسمى 
الإبر ما اعترفت» فنحن أصحاب عقيدة وأجدر بالصمود من فتح والشعبية) . 

وقد روى أحد أقاربه قصصا رائعة عن الشهيد حاتم وقال بأن الشهيد كان يتخطى 
نقاط الجيش الصهيونى بطرق مختلفة» وكان قلبه معلق بالحرم الإبراهيمى الشريف 
وكا دض أن و وق الضيلاة فيا سعه رار متحديا الكنات العسكرية ال كانت موجودة 
على مدخله كى يتمكن من الصلاة فى الحرم الإبراهيمى الشريف» وفى إحدى المرات 
قام بحلاقة شعره نهائيًا وتخفى فى زى لم أشاهده عليه من قبل ثم وقف على باب الحرم 
الإبراهيمى فقام الجنود بالنظر إليه بسخرية. . ودخل إلى الحرم ثم أسند ظهره إلى جدار 
الحرم وكان يرفع يديه للسماء بالدعاء. ويقول قريبه : عندما شاهدت وجهه کان يشع 
بنور ربانی لم أشاهده من قبل وكان فى عينيه بريق ولمعان قوی كأنه حصل على أمنية 
كان يتمناها منذ زمن . . ومن تلك اللحظة عرفت أنه شهيد . 

وفى موقف آخر يضيف نفس المواطن أن حاتًا أرعب جنود الاحتلال وقادتهم حيا 
وميتاء فبعد استشهاده فى منطقة الحاووز الثانى جنوب الخليل تلقينا مكالمة هاتفية من 
أحد القادة الصهاينة وأخبرنا بأنه تم قتل مطلوبين ويجب أن نذهب للتعرف على جثتيهما 
وقال بأنه قتل حاتماء ويقول قريبه إننا توجهنا إلى مبنى العمارة الذى كان تحت السيادة 


۹۲ 


الصهيونية وأدخلونا إلى غرفة وضعت فيها جثتا الشهيدين يعقوب مطاوع وحاتم 
اللحتسب» ويقول قريبه إننى : تعرفت إلى حاتم لحظة رفع الغطاء عن وجهه ولكن 
أحببت أن أتأكد بأن جثته لم يمثل بها فقلت للقائد الصهيونى لست متأكدا من الجثة 
ولكن يوجد علامة على جسده أريد أن أتأكد منهاء ويقول فى تلك اللحظة : اعتلى 
الشحوب وجه القائد الصهيونى وقال لى بعصبية بالغة: ماذا تقول ليس هذا حاتم» 
فقلت: دعنى أتأكدء فسمح لى بأن أتفقد جسده» فقلت: حينها للقائد الصهيونى : 
هذا هو أخى حاتم فأجاب الضابط الصهيونى وكيف عرفت؟ ! فقلت: لقد رأيت ظهره 
خاليا من الرصاص وقد تلقى الرصاص فى صدره» نعم هذا هو حاتم الذى رفض أن 
يوليكم ظهره ويفر هارباء نعم هذا هو حاتم الذى أعرفه. . ووالله لقد شاهدت يديه 
مكبلتين بقضبان حديدية من النوع الغليظ وكأنهم يخشون فراره. . . وقد كان 
استشهاده بتاريخ (19/ 417/0) فى واقعة بطولية شهد عليها العدو والصديق» حيث 
حوصر الشهيدان حاتم ويعقوب بئات الجنود. . فرفضوا تسليم نفسيهما وقاتلا حتى 
الشهادة. ومثل استشهاده القدوة للمطاردين من بعد» حيث استشهد أكثر من خمسة 
عشر مطاردا قساميا فى المدينة دون أن يقبل أى منهم بتسليم نفسه» ولو فعلها حاتم فمن 
كان يدرى كيف كان حال من سيأتى بعده» وقد استقبل نبأ استشهاده بفرح كبير لدی 
الوط الل هالقسوامتزلة الى مرد . ( متس مات )وه دروا أن 
استشهاده فيه الحياة والنماء والبعث لدعوته» وقد أعلنت المدينة الحداد ثلاثة أيام 
اف ركان الان رة ل طا متا اداه انسيرع كاو غا الت 
لأجل حاتم . وقد استقبل جسده الطاهر بالزغاريد كما أوصى وقال أحد ضباط 
المخابرات : « لقد قتلنا رجلا لو وزع عقله على الخليل لكفاها . 

هذا هو حاتم الذى عرفناه وأحببناه وحزنا لفراقه» لا يقل عن سعادتنا باستشهاده 
رحم الله أبا الحسن. وجمعنا وإياه فى جنان الخلد عند مليك مقتدر . 





فى عاد ءاد 
2 


4 


الشهيد /محمد إسماعيل عبد القادر صيام (أب و إسماعيل) 
) ۱44۳/0/4 
«وقف الجمع يؤدى التحية العسكرية للشاب المجاهد 
الذى رحل على عجل بعد أن خط بجهاده قصة عطاء 
منقطع النظير» وبعد أن سطر بدمه ملحمة بطولية رائعة 
رسم خلالها قصة الصراع القادم» وجسد فيها نغاذج 
الفدائية الأولى لتحكى الأجيال من بعده قصة فداء 
وتضحية تجاوزت حدود الزمن وتسامت فوق الأهواء 
وارتفعت الروح إلى عليين تزفها الملائكة وتستقبلها 
الحور العين فى يوم كريم). 
كان الحجيج يكبرون ويهللون فى كل صعيد عند بيت الله الحرام لحان الطاعة تنبعث 
من الأفئدة والقلوب . ومع هذه القلوب كانت السواعد الفتية المجاهدة تلهج بالطاعة 
والدعاء لله تبارك وتعالى على طريقتها الخاصة» حيث انطلق ستة من مجاهدى القسام 
ادل اف عار حي شام سويد لوجم ا د و ان 
- رائد الحلاق)» واستقل الجمع سيارتى (بيجو )٠١ ٤‏ وكان اللقاء عند البيارة فى منطقة 
التوام بمدينة غزة» وبداً المجاهدون بالنشيد «عند البيارة يللا نتجمع بعد ننزل على الغارة 
والمصحف نور الثورة). 
وبجوار البيارة نصب المجاهدون الكمين المحكم لدورية عسكرية حيث احتل 
(محمد صيام ومحمد الضيف) الطرف الجنوبى للبيارة» وما أن ظهر الصيد الثمين حتى 
انهمرت الرصاصات من كل مكان حتى توقف عن الحركة تماماء وعلى عجل غادر 
المجاهدون الموقع بعد أن تركوا صورة للشهيد (حسين أبو اللبن) مكتوب عليها ١‏ هذه 
العملية من كتائب القسام انتقاما لاستشهاد (حسين أبو اللبن) وإخوانه ». 
وصلت السيارة التى تقل (محمد صيام وإبراهيم عاشور ورائد الحلاق) إلى موقع 
المبيت وهم يتمازحون حول العملية ومتعة الجهاد. . وتناولوا طعام العشاء» ثم خرجوا 





۳۹ 


إلى البيارة المجاورة يتسامرون فيهاء ومكثوا هناك حتى الفجر حيث انصرفوا للنوم فى 
انتظار اليوم التالى (وقفة عرفة)» فقرروا الصيام تكفيرا عن ذنوبهم» ورذد (إبراهيم 
ومحمد) فى وقفة عرفة نصوم. وما أروع أن ينال الواحد الشهادة فيه وهو صائم . 1 
فقال (رائد) أنا أريد أن أستشهد ليلة القدرء فقال (إبراهيم) حسنًا. . سلم لى على 

وفى مساء هذا اليوم التاسع والعشرين من مايو من العام ألف وتسعمائة وثلاثة 
العمارة المعجاورة. قرروا الخروج . 7 ولكنه طمأنهم أنه إجراء روتينى بمناسبة وقفة عرفة 
وعيد الأضحى المبارك. 

وفى الساعة الرابعة فجر يوم عرفة أيقظ (إبراهيم) إخوانه لوجود طائرة مروحية 
عسكرية» وأن هناك حصار حول البيت» استيقظ (محمد صيام) واثقًا بالله تبارك 
وتعالى وقال لأخيه (رائد الحلاق) المجاور له. . لا تخفف. . 

وقال (إبراهيم) لأهل البيت «لا تخافوا نحن خارجون». وصعد أهل البيت السطح 
ليروا أين يتواجد الجنود. . فعادوا بالخبر اليقين «أنهم يحاصرون كل النواحى»). . خرج 
المجاهدون وحاولوا اختراق الحصار من كل مكان . 

وقد اصطدم « إبراهيم» مع الجنود فأطلق النار باتجاههم . . وكانت بداية الملعركة 
وتمتم. . «لا مفر. . سنقاتل حتى الشهادة. . ومن يستشهد منا يشفع لإخوانه. . فما 
الحنة) . 

وتمركز المجاهدون. . واحتل (محمد) مكانًا لا ساتر فيه . . نادى عليه (رائد) فهتف 
قائلاً: «لا تخف لن يصيبنى إلا ما كتب الله لى». لم يكن المجاهدون يملكون ذخيرة 
كافية لذلك كان إطلاق النار سات شديك وف خرال الكامنة صبباخا استقرث 

وبقى (محمد ورائد) يقذفان النيران باتجاه الحنود. وتقدم (محمد) نحو جسد 
(إبراهيم) محاولاً جلب سلاحه للاستعانة به» فانطلقت نحوه رصاصات سقط إثرها 


۹۵0 


الببية الطاهر الى ميدوجا بدمة ال كن ...م ضحد رو حه إل بار ها بغد أن سطرت 
ملاحم الفداء والجهاد فى كل المواقع . وقد استمرت (معركة اليرموك) حتى الثانية 
والنصف ظهرا اعتقل فى نهايتها المجاهد (رائد الحلاق)ء وفى اليوم التالى للمعركة 
حضر إلى أرضها فاته ير فى الحيكن الإسرائيلى أطت الاد اليداق غل الال 
قائلا: لقد أطلقنا ما يقرب ۲ مليون رصاصة» و٠٠٠‏ صاروخ» و١"‏ قنبلة على 
المطلوبين» فقال القائد: إن تكرر الحدث كرروا الرد نفسه»ء وقد أوقع ذلك دمار هائلاً 
فى منطقة المعركة غدت على إثره مزارا لسكان غزة وقطاعها شاهدوا بعيونهم الطغيان 
والظلم والجبروت» فالقصف لم يترك شيئًا حتى دواجن مزرعة مجاورة نالتها القذائف . 

ونال إثرها (محمد) ما قمنى» فقد سلك طريقًا كان يقرأ نهايته منذ اللحظة الأولى» 
للانطلاق» فقد كان حريصا على الشهادة ودائمًا يردد فضل الشهيد وجزاءه عند ربه 
وأن الشهيد لا يشعر بألم القتل إلا كمثل القرصة» وأنه يتمنى أن يلقى الله تبارك وتعالى 
شهيدا فى سبيله» فكان دائم الصمت يرحل بعيدًا إلى النهاية» وقد خطط كى يكون هذا 
الرحيل ميمونًا مباركاء فقرر تنفيذ عملية استشهادية داخل الخط الأخضرهء ولكن 
نونف إواقة الله لو جعي برو O‏ 
الله تبارك وتعالى . 

وما إن تنامى خبر استشهاد (محمد) لأهله وأحبائه حتى حمدوا الله تبارك وتعالى : 
فطالما ابتهلوا إليه عز وجل ألا يسقط (محمد) أسيرا فى أيدى الاحتلال وأن تقر عينهم 
باستشهاده» وردوا على الضابط العسكرى الذى نقل إليهم جثمان الشهيد لدفنه قائلين 
«لقد تشرفنا بشهادة محمد) . 

وتذكروا جميعًا محمد ؛ الصفحة البيضاء النقية» وما طلب شيئًا فى حياته عدا 
الشهادة. تذكروا الفتى الخلوق الذكى الذى حاز خصال الخير ورفض جيرانه رفع حجر 
كبير فى الحى كان محمد يجلس عليه باستمرار وقالوا «سيبقى هذا الحجر يذكرنا محمد 
ولن نرفعه أبدأ» . 

كان كل شىء يرسم صورة (المحمد) فى قلوب كل من عرفه منذ اليوم الأول لميلاده 
الميمون فى السادس عشر من أبريل من العام ألف وتسعمائة وثلاث وسبعين فى مخيم 


۳۹٦ 


(خانيونس) للاجئين بعد أن رحل والده إسماعيل عبد القادر صيام مع المهاجرين من 
قرية الور (عسقلذن): 

وفى كنف والديه وفى ظلال (مسجد الشافعى) بخانيونس تفتقت قريحة (محمد) 
وغدا عنوانًا للذكاء الخارق والنجابة ما أكسبه حبا أكبر من إخوانه ومن مدرسيه فى كافة 
مراحل دراسته» وقد أقسم أحد المدرسين أنه ما رأى فى حياته طالبا أذكى منه ولا أكثر 
أدبا وأنه يحبه مثل ولده تماما . وفى أحد الأيام طلب منه مدرسه أن يساعده فى تصحيح 
أوراق امتحان» فغاب عن المنزل وتأخر حتى حل الظلام قدم المدرس معه ليعتذر عن 
تأخر (محمد) عن منزله . 

أضفى على هذا الذكاء جاذبية خاصة. . الحياء الملازم للفتى الذكى» إضافة إلى 
هدوئه الدائم واتزانه المنقطع النظير» وكم اختلى (محمد) بذاته مستغرقا فى التفكير 
والإبداع فى ” شقن الجالات وف أثناء غملة اليسكرق كان مك رز مر کات كيميانية 
عسكرية» وقد أعد ذات يوم كمية كبيرة من الذخيرة خلطها ووجهها نحو معسكر 
ا لحيش وأشعل فيها النار غا جعل الرصاصات تنطلق نحو الجيش ومعسكره لمدة ”٠(‏ 
دقيقة)» وقد رد الجيش بإطلاق النار على الرصاص الموجه بشكل علمى» كما كان أول 
بن فكو عا النيارات اخ وقد ل لي جه ااي ر كاملا بإعناد 
السيارات المفخخة وطرق تفجيرها نما حدا بقوات الاحتلال البحث عنه بكل قوة فترة 
مطاردته . ظ 

هذا عدا عن موهبته العالية فى الخط العربى الجميل» وكم برزت هذه الموهبة واضحة 
جحي يو يي ب سر و لسر 
بخاتم الأصابع الذهبية (لحمد) . 

كان فنانًا متعدد المواهب ما جعله قبلة لكل أقرانه» فحيثما اتجهت وجدت (محمد) 
قبالتك عاملاً مجتهدا لدين الله تبارك ارو حر e‏ عي اده 
خاصة صلاة الفجر - ما انقطع عنها - وملتزم بأخلاق الإسلام وجلسات تعلّمه المتعددة . 
لم ينقطع يومّا عن مجلس علم ؛ تراه ينهل بكل قوة حتى فاق أقرانه بل تجاوز أجيالاً 
سبقته» وكان هذا العلم دافعا أكيداء (إضافة إلى غيرته الشديدة على إسلامه) كى 
ينطلق (محمد) فى ميدان الدعوة لدين الله تبارك وتعالى» فكنت تراه يقضى ساعات 


4¥ 


طويلة فى إقناع أحد الضالين وتقديم النصح له لإعادته لحظيرة الإسلام. وفى الرياضة 
كنت تراه بارزا فى لعبة كرة القدم فكان رياضيا موهوباء هذا عدا عن مواهبه الأمنية» 
وكان أبرز ما يميزه السرية والكتمان. كانت هذه المواهب الحمة الدافع الأكيد كى يلتحق 
(محمد) مبكرا بصفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ليرسم بخطه الجميل وعلبة 
طلائه فى كل المواقع اسم (حماس) الذى عشقه منذ نعومة أظفاره . 

وكان العناد صفة أساسية ((للحمد) فى مواجهته ليهود» فكان مواجها صلبًا عنيدا 
رغم هدوئه الشديد واتزانه الكامل . وفى أحد أيام حظر التجول فى مخيم (خانيونس) 
كان يقبع (محمد) فوق سطح منزله حينما شاهدته دورية راجلة صعدت نحوه مصرين 
على إنزاله واعتقاله وهو يرفض بكل شدة ويقاوم. واستمر ذلك فترة من الرمن حتى 
أنزلوه من عل بكل قوة» وألقوه من السطح إلى الأرض» قضى أثرها ليلة واحدة فى 
مركز خانيونس تعرض فيها للضرب المبرح . . ولكنه عاد بنفسية صلبة متينة تهزأ بالجمع 
المحيط به . ظ 

وقد دفعته غيرته إلى مساعدة والده لمواجهة شئون الحياة العصيبة ونفقاتها إلى بيع 
الفلافل فى كشك مجاور لمنزلهم» وذات يوم بينما هو يؤدى عمله اندفعت مجموعة من 
الجنود داخل الكشك محاولة اعتقاله لكنه أمسك بكل عناد بعمود مجاور ولم تفلح كل 
محاولاتهم فى اقتياده على الرغم من تهديده بوضع المسدس فى رأسه» فتركوه راغمين 
بعد أن أخذوا بطاقته الشخصية . 

كل ذلك كان دافعا لأن يتولى محمد مواقع هامة فى العمل ال حركى ونتيجة تميزه بقوة 
التحليل والتفكير العميق والكتمان الأكيد» فقد وقع عليه الاختيار ليكون مسئول الأمن 
فى مسجد الشافعى › ثم مسئول لحهاز الأمن (مجد) فى منطقة خانيونس . 

وقد بادر فى مهمته هذه لأول مرة وبشكل اجتهادى فى جمع معلومات كاملة عن 
المستوطنات» فكان يرقبها الساعات الطوال لمعرفة كافة التحركات والتفاصيل عن هذه 
المستوطنات باعتبارها هدفا مركزيا للسواعد المجاهدة» وربما من خلال معلوماته الجمة 
عن تلك المواقع حدثت الكثير من العمليات العسكرية التى نفذها مجاهدو القسام فى 
قلب تجمع مستوطنات (غوش قطيف) . 


۳۹۸ 


وعلى إثر استشهاد القائد (ياسر النمروطى) الذى كان يمثل (لمحمد) نغوذج التضحية 
والفذاء الاول: فهو معلمه وأستاذه فى مسجد الشافعى . تقدم (محمد) مع مجموعة 
من (كتائب القسام) اة إلى المعو طات وها ج مها بالأسلحة الارية ثارا لدفاء 

ولم يكن هذا النشاط والعزم الحركى بديلاً عن العمل الدعوى» فقد التحق محمد 
بركب جماعة (الإخوان المسلمين) ومارس من خلالها كافة الأنشطة الإسلامية . 

ولا وقع القصف فى (حى الأمل) وتم اعتقال عدد من المجاهدين جاء الاعتراف أن 
(محمد صيام) هو مسئول الجهاز الأمنى فى منطقة خانيونس إضافة إلى تقديمه 
مقترحات عملية لفكرة السيارات المفخخة. ومن لحظتها غادر (محمد) البيت ولم يره 
أحد مطلقًا حتى سمعوا بنباً استشهاده. فقد كان يحمل العتاد والعزم الكافى ليسد كل 
أبواب العاطفة ويدخل نحو هدفه بكل مضاء وكبرياء» وبعد تأكد نبأ استشهاده توافدت 
الحشود مهنأة بالشهيد الغالى» وأقيم سرادق عظيم . 
بعض الشباب من إخوانه الذين ذكرتهم . 

وفى أيام العزاء الثلاث داومت حمامتان بيضاوان على الوقوف على صورة الشهيد 
بشكل يومى» وفى زمن محدد» وقد لفتت هذه الظاهرة أنظار الجميع الذين وقفوا 
مندهشين لهذه الكرامة الغالية (لحمد) ذلك الفتى الوديع الخلوق الألمعى» ما توقع أحد 
أن يكون ضمن صفوف العمل العسكرى وجنود الخندق الأمامى للمواجهة . 

فوقفوا جميعا يؤدون التحية العسكرية لهذا الشاب المجاهد الذى رحل على عجل 
إلى لقاء الله تبارك وتعالى . . . رحل بعد أن خط بجهده قصة عطاء منقطع النظير فى 
شتى مجالات العمل الإسلامى» وبعد أن سطر بدمه ملحمة بطولية رائعة ترسم خلالها 
قصة الصراع القادم وجسد فيها نماذج الفدائية الأولى لتحكى الأجيال من بعده قضة ‏ 
فداء وتضحية تجاوزت حدود الزمن وتسامت فوق الأهواء وارتفعت الروح إلى عليين 
العالمين. | ظ 

رحم الله شهيدنا وأسكنه الفردس الأعلى . . 


۳۹۹ 


الشهيد / إبراهيم يونس عاشور 
01/0/1١‏ 


«هكذا كان فدر إبراهيم من البداية» فهو فى انتظار | 
لااعتلاء لي عسي كوا 
فنون العطاء ونسائم الاستشهاد ا معبقة بريح السك والعنبر» أ ْ 
ومكث إبراهيم أربعة وعشرين عامًا فى انتظار لحظة الخلو 
كان خلالها خير من حمل الأمانة» فأودع فيها كل خلجات | 
فؤاده ونبضات قلبه التى تؤذن كل يوم للرحيل على درب 
التواصل الدامى من أجل فجر مشرق رغيد لأمة طال عليها الهوان» . 
فى قلعة الجنوب الباسل (رفح) وفى مخيم لاجئيها (يبنا) حيث أشرقت شمس 
على موعد مع مولوده الجديد» وما كاد الوليد يرى النور ليغمر قلب الوالد بهجة غريبة 
لا نظير لهاء كان يرى فى مولوده الجديد الامتداد الطبيعى لحيل العطاء الأول فأسماه 
(إبراهيم) نسبة إلى (إبراهيم عاشور) أحد مفاخر العائلة الذى كان عضواً فى (جماعة 
الإخوان المسلمين) فى أواخر الستينيات» والذى حاول رسم خارطة الوطن الإسلامى 
إلى الحدود الشرقية للوطن الموجوع» والتحق هناك بقواعد الشيوخ» ثم أعد العدة 
لتنفيذ عملية عسكرية استشهادية وعلى حدود الوطن المحاصر بين غربة الوجع 
ومتاهات المستقبل وتخلى القريب والبعيد» سقط إبراهيم مدرجا بدمه فى غور الأردن 
كى تبقى البوابة الشرقية مفتوحة على مصراعيها . 

واليوم يأتى إبرا هيم الوليد ليمضى على أثر قطرات الدم المهدورة على حدود الوطن 
المسلوب» e‏ 

دع 








. . . هكذا كان قدر (إبراهيم) من البداية» فهو على انتظار لاعتلاء مركب الشهادة 
موؤطاظة اماه ليفزناقه انس ا عا قفوي فى ان الود ر ارف ا ا 
فنون العطاء ونسائم الاستشهاد المعبقة بريح المسك والعنبر . 
ومكث إبراهيم أربعة وعشرين عاما فى انتظار لحظة الخلود. . كان خلالها خير من 

حمل الأمانة» فأودع فيها كل خلجات فؤاده ونبضات قلبه التى تؤذن كل يوم للرحيل 
على درب العطاء الدامى من أجل فجر مشرق رغيد لأمة طال عليها الهوان ومشى عليها 
ذل القيد وغدت ملكا مشاعًا وحرمة مستباحة. . . لولا الرهط الفدائى الكريم المتواصل 
من إبراهيم الكبير وحتى (إبراهيم) الوليد» وعلى مدار ذاك الزمن لازالت زلازل غور 
الأردن تلهج بالتكبير» ورفح الباسلة أخرجت أشتالها بوارق نصر تملا الآفاق وترسم 
ملامح البواسل بين شقوق الغمام. . . إنهم قادمون يكبرون» فسلسلة الجهاد لن تتوقف 
لأنها قدر الله الذى لا يفنيه كيد عصابة حمقى من الصبيان. وفى هذا العمر الممتد الذى 
يعود إلى الجذور الأولى كتب (أبو البراء) ملاحم حياته ونقش اسمه على كل جدار . 
فكان (مسجد الهدى) القابع فى مخيم (يبنا) للاجئين فى رفح الملاذ الأول 
(لإبراهيم)» فمنذ نعومة أظفاره التجاً إلى هذا الركن الحصين» يصلى بين جنباته ويرتشف 
من معينه رحيق الإسلام المختوم لينشأ الفتى صافيا نقيّاء وخلال سنواته تلك أنهى 
(إبراهيم) دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية» وكان (أبو البراء) فى كل هذه المراحل 
تميزا بطبعه الهادئ ومحبته لإخوانه وغيرته الشديدة على الإسلام والمسلمين لا يقبل أن 
يداس لهم طرف أو ينقص لهم حق» ورغم ذلك فقد كان مرحا ذا مشاعر دفاقة وأحاسيس 
جياشة» لذا تراه يمسك قلمه ويكتب القصص القصيرة وبعض الأشعار والأدييات» وقد 
نشط فى العمل المسرحى» فكان ممثلاً فى فرقة المجمع الإسلامى للفن وكان رياضيًا وثايا 
يحسده الآخرون على همته العالية وحيويته الدائمة» فمارس لعبة كرة القدم . 
منهج اللاجئين يرون العلم وسيلة الإصلاح ومركب العودة إلى (يبنا) مدينة 
الميلاد الأول ومحط خيام الآمال فى لقاء أكيد مهما تباعدت مسافات الاغتراب» 
فامتداد الأجيال معقد هذه الآمال. ورغم ضيق ذات اليد إلا أن مسيرة العلم مطلب 
ضرورى لثل أولئك الطامحين إلى العلا المترغين بلحن العودة. فالتحق (أبو البراء) 
ليدرس الصحافة والإعلام فى كلية المجتمع العصرية برام الله» حيث كان لوجود 
٤١‏ 





إبراهيم هناك أثر كبير فى نشأة الكتلة الإسلامية والتى فازت بانتخابات مجلس الطلاب 
| لأول مرة فى عهده وكان (أمين اللجنة الثقافية) . 


وقد التحق (إبراهيم) كذلك للدراسة فى معهد الأزهر الدينى بغزة حيث حصل على 
دبلوم لغة عربية . ورغم كل هذا النشاط الدائب لم يكن إبراهيم ليوقف نبض حياته 
المغموس بلحن الجهاد والراقص على أنغام رصاصات العز والفخار التى ستوقظ أمة من 
سبات ونحيى شعبا من رقاد . 

فتراه من أوائل الملتحقين بركب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحمل روحه 
على كفه يطوف أزقة وشوارع رفح الباسلة ينتظر قدره الموعود» ونشط فى نقش 
شعارات الانتفاضة على الجدران» ونظرا لتميزه بالجرأة اللامحدودة وإلحاحه المستمر 
للعمل ضمن مجموعات العمل العسكرى» فنشط فى عمليات الردع للمشتبه بهم فى 
رفح. وحين وجه الشاباك ضربته المشهورة فى العام ١164‏ لحركة حماس كان 
(إبراهيم) من أولئك الذين طالتهم أيدى المخابرات الإسرائيلية ليقضى محكوميته 
البالغة عاما ونصف العام بتهمة الانضمام إلى مجموعة تابعة لحركة حماس . 

ولم يكن أبو البراء ليوقف هذا الزحف من النشاط والعمل الخالص لله تبارك وتعالى 
حيث شارك بفعالية فى العمل التنظيمى فى معتقل النقب الصحراوى وكان مسئول 
الأوقيت الام لهاس قفن اقب 

وإثر خروجه من السجن كان (أبو البراء) أكثر تصميمًا من ذى قبل لمواصلة طريق 
النياة عسن لر الانتكتهاةزكاقيرى (قغط القاومة هرا ق ارسي اا 
والكرامة» وصبر فى البحث عن ضالته كى يعمل ضمن (كتائب الشهيد عز الدين 
القسام)» وبدأ يبحث فى رام الله ونابلس عن ضالته المنشودة» ورفض كل العروض 
للعمل كمسئول اجتماعى أو دعوى» لأنه كان يلمح بعين البصيرة أقرب الطرق الموصلة 
إلى جنان الفردوس الأعلى فيسعى لها بكل عزم وقوة . ظ 

فكان له ما أراد. . والتحق بكتائب القسام فى العام ١914١م,‏ وحاول جاهدا نقل 
العمل من الإطار الأمنى إلى الإطار العسكرى» ورغم ضالة الإمكانات المتاحة 
للمجاهدين إلا أن (أبا البراء) كان يملك مع إخوانه العزم الكافى لبدء مشوار جهادى 
طويل» وعندما كشرت الإشاعات والأقاويل فى رفح حول رؤية (أبو البراء) يحمل 

۲ 


سلاحا وملثما قرر الإقلال من حركته وظهوره فى المجتمع » حتى جاء عليه اعتراف من 
أحد إخوانه فى السجن بحقيقة عمله ضمن صفوف (القسام)» ولا قدم الجيش 
الإسرائيلى لاعتقاله لم يسلم نفسه. . وبدأ من لحظتها مرحلة جديدة فى حياته» 
(مرحلة المطاردة) بكل ما تحمل من عزم ورجولة وفدائية وتحد. . . ليتولى أبو البراء 
مسئولية الجهاز العسكرى فى المنطقة الجنوبية» ويبدأ نشاطه الجهادى فى هذه المرحلة 
فى مدينتى رفح وخانيونس» لينفذ عملية المطافئ فى رفح» حيث قام (أبو البراء) 
بإطلاق النار باتجاه دورية عسكرية فى مدينة رفح الساعة التاسعة مساء وذلك فى شهر 
يناير من العام 997١م»‏ وفى ظل منع التجول الليلى الشامل» كما شارك فى مجموعة 
عمليات مع إخوانه المجاهدين فى منطقة خانيونس الفداء . . 

وفى غزة والشمال شارك بمجموعة عمليات فعالة مع الشهيد الفذ (عماد عقل), 
وكان أشهرها إطلاق النار من مقبرة جباليا باتجاه دورية عسكرية» وقتل جندى وإصابة 
آخر» وذلك فى ليلة القدر من شهر رمضان عام 997١م‏ . 

وكان (أبو البراء) فى كل مراحل عمله زاهدا يرغب فى الراحة فى ظل ذى الجلال 
والإكرام» فقد كان يرسم صفحة ناصعة مرسومة بألوان الإخلاص اللامحدود التى 
تكسو هذا الفدائى المغوار الذى قضى أغلب أيامه صائمًا ولا يكثر الظهور إلا لآداء 
مهامه الجهادية» وقد عرض عليه إخوانه مرارا الخروج من فلسطين فرفض ذلك بإصرار 
غريب» فكان يرد عليهم (والله لن أخرج ولن ألقى السلاح)» ويقول بكل عزم 
ومضاء: لقد طوردت من أجل أن أتمتع بقتل يهود لا من أجل الهروب وكى أستشهد 
على أرض فلسطين . فقد التصقت فلسطين بقلب (أبو البراء) فكانت عشقه الدائم 
وشغله الشاغل» كيف نحميها وندافع عن مقدساتها وبرتقالها وزيتونها. وكان يردد 
دومًا لحن الوطن» من أجلك يا بلادى صرت مقاتلاء من أجلك يا بلادى صرت . 
مناضلاً» أغنية من الثوار للوطن الحبيب أهديهاء أغنية من الأحرار للوطن السليب 
أهديهاء وتر قافلتى مع الثوار من بين السنابل» ونصبر فى انتظار النصر والنصر دومًا 
للمقاتل» لنكون يا شعبى فداء إما النصر . . وإما أن نكون الجسر فى درب القوافل . 

كان اليوم الجمعة» الثامن والعشرين من مايو من عام 1497م» حيث انطلق (أبو 
البراء) وإخوانه (رائد الحلاق» وعماد عقل» ومحمد ضيف) بعد قراءة القرآن والدعاء 
لله بالتوفيق والسداد» وفى الطريق اتجهوا حيث (محمد صيام» وعبد الرحمن 


نفد 


حمدان)» ليتجهوا جميعا إلى البيارة حيث يقبع الهدف هناك» وظل طوال الطريق 
ينشد (أبو البراء) (عند البيارة يلا تتجمع . . ننزل على الغارة والمصحف نور الشورة . 
والجميع يردد خلفه . 

وعلى الطرف الجنوبى للبيارة كمن (إبراهيم ورائد)» وقد مكن (أبو البراء) بندقيته 
فوق كتفه وصوب باتجاه طريق الدورية. . . بعد أن نزع الجاكيت التى يرتديها وألقاها 
ووضع فوقها صورة الشهيد حسين أبو اللبن وكتب خلفها (هذه العملية من كتائب 
القسام انتقاما لمقتل حسين أبو اللبن)» وما إن أصبح الهدف على مرمى الثيران حتى 
انطلقت صليات من كلاشن (أبو البراء)» وينسحب المجاهدون فورأ» وصيحات 
التكبير تدوى فى المكان» و(أبو البراء) يهتف (الله أكبر . . كتائب القسام). ولما عادوا 
إلى الموقع جلس أبو البراء فى قمة السعادة وهو يقول: (الواحد يحس حاله وهو يطلق 
الناء كأنه يأكل فستق حلبى وقدامة مانجة ولوز) . 

وبعد هذه العملية الجريئة بيوم واحد كان المجد يقترب رويدا رويدا من الفتى العاشق 
لحلمه الدفين» ففى الثلاثين من شهر مايو من العام ألف وتسعمائة وثلاث وتسعين وفى 
يوم أغر من أيام الله تبارك وتعالى» حيث وقف حجاج بيت الله فى عرفات يؤدون 
مناسكهم» فيما بدأ شهيدنا يومه صائما لله تبارك وتعالى حيث زحف أكثر من آلف 
جندى إسرائيلى فى فجر هذا اليوم الأغر إلى منزل يقبع فى حى اليرموك بمدينة غزة 
حيث المجاهدون الأبرار (إبراهيم عاشور ومحمد صيام ورائد الحلاق) . 

فيما ثلاث طائرات مروحية عسكرية تحوم فوق المنطقة» وتقذف حممها على 
رؤوس المجاهدين» وأثناء ذلك ينطلق العهد والقسم من أفواه المجاهدين الصائمين 
على المواجهة حتى الااستشهاد د على درب القسام رافعين شعار شيخهم عز الدين القسام 
(موتوا شهداء). فقاتل الأبطال بذخيرتهم المحدودة وأسلحتهم المتواضعة واستمر 
القتال أكثر من اثنتى عشرة ساعة تساقطت خلالها القذائف الصاروخية من طراز (لاو) 
والقنابل ودفعات متواصلة من أسلحة رشاشة انصبت من طائرة ممروحية ومن 
مجموعات راجلة فى وصف شهود عيان» حجم الجنود والقوة المستخدمة أنها تفوق 

حجم القوة الإسرائيلية التى احتلت مدينة غزة فى العام /951١م‏ . 

نكما اه تقى المجاهدون إلى سطح المنازل يقاتلون حتى الطلقة الأخيرة ليسقط العديد 
من جنود الاحتلال قتلى ومصابين بينما يرتقى (إبراهيم ومحمد) مدرجين بدمائهماء 

24 


حيث مزقت قذيفة صاروخية جسد إبراهيم » بينما اعتقل المجاهد (رائد الحلاق) وهو 
مصاب والذى ما زال يقبع حتى اللحظة فى سجون الاحتلال. . وإلى جوار جثمان 
الشهيدين سقط كل شىء» فقد دمروا كل شىء أبنية تهاوت» ومزرعة دجاج أحرقت» 
وسيارات تحطمت وشجر بقى صامدا شامخا (كإبراهيم ومحمد) رغم الرصاصات التى 
مزقت كل شق استشهد (إبراهيم) فى هذا اليوم الأغر بعد أن طبع اسمه فى قلب 
فلسطين الدامى» استشهد وهو يحمل دليل الطريق مصحمًا وجد ممزقًا من طلقة 
صاروخية يحتفظ به الأهل حتى اللحظة. . شاهد حى باق يشهد (لإبراهيم) عظيم 
ولائه وإخلاصه» وما أعظمه من شاهد وما أجله من شهيد. وخرجت رفح بأسرها 
تودع إبراهيم» خير خلف لخير سلف» ورغم م يي اي كي 
الجواء) وعلى أثر دمه الممتد من غزة إلى رفح نبت شهيد جديد يحمل ن نفس الحلم 
ويكتسى ذات الملامح الوردية؛ شهيد ينتظر دوره فى قائمة الخلود كى يعيد البسمة إلى 
الشفاة التى غابت عنها ملامح السعادة . 

وفى قلب رفح نصب سرادق عزاء (أبى البراء)» اتتصب آل الشهيد فخورين بابنهم 
الحاو اى صن ال غا غه او و اعون الخلوف وال ات ددرن هھ 
أعماق قلوبهم : إبراهيم لم يمت. . إبراهيم حى يرزق . فشمخ (آل عاشور) بولدهم 
وعلاهم الفخر أن كان (إبراهيم) ولدهم . 

وحول سرادق العزاء اجتمع العشرات من صبية المخيم يبكون طيف (أبى البراء) 
الذى تربع فى قلوبهم وكل يرقب بعيون ملؤها الدمع حزنًا على فراق إبراهيم» صوره 
التى تغطى حفل العزاء وهو يحمل سلاحه بعز وشموخ» فيما يتهامس الفتية ترى من 
يكون الامتداد الطبيعى لحيل العطاء الفدائى حتى تحين لحظة القطاف . 

استشهد (أبو البراء) ليهب هؤلاء الفتية الحياة» والتضحية الغالية لا يمكن حصرها 
هيت البلاغة و كلهات العدة شين» لأن المجد الذى بناه إبراهيم لا يضاهى ودفاعه 
المستميت عن الحلم الأول فلسطين الحاضر الغائب فى وجدان إبراهيم وكل الأحرار. . 
وتماما للشوط واصل إبراهيم طريقه المخضب بالدم حتى النهاية . . وما زال فى حلقات 
السلسلة الممتدة منذ سميه (إبراهيم الخليل) متسع لمزيد من الأسماء» التى اشترت ما باع 
الله وكان الثمن دمهم . 


۵ 


الشهيد جميل إبراهي م أحمد وادى (أبو إبراهيم) 
1441/1/۷ 


«هكذا يرسم العظام طريق المجد ويمهدون طريق ! 
العودة» يجعلون من جماجمهم سلما ترتقى الأمة من َ 
خلاله لتصل إلى العلو السامق والمجد الرفيع . EA:‏ 
تسلم جميل الراية» وهكذا سلمها. ... خفاقة عالية أ 
عزيزة. . . هاهو ينظر عن بعد إلى الراية التى فيها جزء 
منه ویومۍ جميل بابتسامته الهادئة المعهودة. . ويعمضص 
عينيه فى رضى وابتسام ا 

تنطلق السيارة القسامية يقودها السائق الماهر (جميل 
وادى) وإلى جواره المجاهد القسامى (عماد عقل).» وفى الخلف المجاهد (أحمد 






انصيو) . 

رياح الصباح الأولى تعبق المكان وعشرات السيارات تهاجر نحو الشمال بحثا عن 
الرزق» يهمس السائق قائد المسيرة تأكيده للخطة المرسومة بالانطلاق إلى الخط الشرقى 
لمدينة غزة بعد اختراق الشجاعية» وعلى هذا الطريق يمر فجر كل يوم جيب دوريه 
عسكرية للقيام بأعمال الحراسة اليومية تنطلق خلفه سيارة البيجو ثم تتجاوز الجيب 
العسكرى وتنطلق الحمم القسامية من بندقية كلاشنكوف يحتضنها المجاهد عماد عقل 
وبندقية 116 يتولى توجيهها المجاهد (أحمد انصيو). . . والقائد الماهر يتحرك وفق 
المنظة المناسية ... 

وهاهو الجندى الإسرائيلى فى الخلف يترنح » وهاهى زخات الرصاص الهدار 
تصيب سائق الدورية الإسرائيلية والقائد المجاور له يهوى. . . وينطلق السائق الماهر 
نحو مدينة غزة وعبارات التهنئة تنطلق من كافة المجاهدين نحو بعضهم البعض. . 
ورياح كانون الأول الباردة تلفح الوجوه المجاهدة . وبعد أقل من ساعة تتواتر الأنباء 
بمقتل اجنود الثلاثة الذين استقلوا الجيب العسكرى . سعد الجميع بهذه الأنباء التى 


الى 


أقضت مضاجع الصهاينة فهذا التحول النوعى باتجاه العمل العسكرى من قبل كتائب 
القسام كان نذير شؤمء فها هى الكتائب تتبلور لتشكل قوة عسكرية لا يستهان بهاء و ربجا 
لذلك تعجلت إسرائيل خطوتها الانتقامية لهذه العملية التى وقعت فى السابع من 
ديسمبر من العام آلف وتسعمائة واثنين وتسعين» وبعد هذا العمل الجهادى النوعى 
الذى هز أركان القيادة العسكرية الإسرائيلية دفعها بعد أيام» وتحديدًا فى الثالث عشر من 
ديسمبر إلى اتخاذ قرار الإبعاد الجماعى لكوادر وعناصر و أنصار حركة المقاومة 
الإسلامية حماس . والجهاد الإسلامى . 

كان جميل وادى أكثر السعداء بهذا الإنجازء فهو قائد المجموعة التى تحركت لهذا 
العمل الرائع وهو الذى يبدا الآن مسيرة جديدة تائب القسامية. . . فقدتم اختياره 
قائدا لمجموعات المطاردين القسامية فى قطاع غزة . . بعد أن رحل الشهيد ياسر 
النمروطى الذى كان يرى فيه جميل القدوة فى الولاء والإخلاص والجهاد والفدائية» 
كما كان يرى فى المجاهد (يحيى السنوار) المعلم والأستاذء ولا يملك جميل أمام هذا 
الفتح المبين إلا أن يخر ساجدا لله رب العالمين» يحمده على عظيم كرمه وهو يردد 
«( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمَئ 4 [الأنفال: 117]. 

عاش جميل هذه الليلة فى حلم جميل وقلبه الراقص على أنغام زخات الرصاص 
يجوب به كل الأرجاء» ومازال يبتهل إلى الله تعالى أن يحفظ المجاهدين خاصة وفى 
ظل منع التجول الذى فرض على مدينة غزة بأكملها . 

يرحل جميل بخاطره إلى خان يونس . . مدينة الفداء التى عشقها حتى النخاع. 
وهناك انهه إلى منطقة (مثلث الرعب) الخمساوى المجاور لمسجد الحبيب (عباد 
الوجمن )1 معتالة جيك دان الود فاد م الو اجات اة ال مطاف 
فى امد الحبيب إلى فهر د کل مهتاو وعموه. + رجه إل الراب ک 
يشعر بالانتماء. . . وهاهو مسجد (الإمام الشافعى) الذى درجت فيه خطواته الأولى 
حيث تعلم أبجديات العمل الإسلامى» وهاهو ينطلق الآن. . تذكر يوم احتضنته 
جماعة (الإخوان المسلمين) حتى غدا نقيبًا يشرف على مجموعة من الأسر الإخوانية 
هناك . وتذكر بكل الفخر أستاذه (يحيى السنوار) «أبو إبراهيم» حيث مكث ما يقرب 


¥ 


الشهر ويحيى يجرى اختبارات أمنية لشخصية (جميل). . . . حتى نجح فيها وضمه إثر 
ذلك إلى جهاز الأمن والدعوة (مجد) فى حركة المقاومة الإسلامية( حماس)» وكان 
ذلك قبل انطلاق الانتفاضة المباركة . 

وذكر يوم انطلقت الانتفاضة وأجج لهيبها شباب (الكتلة الإسلامية) والتى كان 
جميل أحد أبنائها فى(الجامعة الإسلامية)» حيث كان يدرس فى كلية أصول الدين» 
ويومها جاءت تعليمات صريحة من المجاهد (يحيى السنوار) بال خروج إلى الشوارع 
وإشعال الإطارات وتنظيم المظاهرات ورجم الحجارة و إدارة الفعاليات فى منطقته . 

واستمر جميل بهذا الحجم من المبادرة والنشاط والسبق حتى قدمت قوات الاحتلال 
إلى منزله فى مطلع الانتتفاضة» وكان ذلك بتاريخ /١/1‏ ۱۹۸۸ حيث اعتقل مع 
شقيقه الأصغر(زهدى)ومكث فى السجن ستة وثلاثين يوما فى تحقيق متواصل» 
وكانت هذه من أطول فترات التحقيق الفعلية فى تلك الفترة. وبعد أقل من شهر من 
خروجه من السجن» اعتقل أثناء مواجهات لقوات الاحتلال» وفى محكمة عسكرية 
نال الحكم الأقصى على رجم الحجارة» حيث حكم بالسجن عاما ونصف العام» وقد 
تم إعلان اسمه فى الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلى وفى الصحف العبرية» حيث أصدر 
الأمر بالحكم الأول من نوعه (إسحق مردخاى) القائد العسكرى للمنطقة الجنوبية 

ورحل (أبو إبراهيم) إلى سجن النقب الذى افتتحه وإخوانه» وكم عانوا مواجهة 
مشقات الحياة فى الشمس اللاهبة والمعاملة السيئة والمقومات البدائية . 

وككل أبناء فلسطين لابد أن يساعد أهل بيته» فأتقن أعمال البناء خاصة الطوبار» 
وبدا يعمل فى إجازته الصيفية ليساعد فى تحمل تبعات الحياة الثقيلة» كل هذه الحياة 
الحافلة بالكد والصبر والمجاهدة . . وهذه التجارب الصعبة خلف أسلاك النقب الثائر 
أظهرت المعدن النفيس لحميل وادى صاحب الانتماء الحديدى والتضحية الواثقة» فلم 
تكن الأيام القاسية والليالى الحالكة تفت فى عضده» بل زادته قوة وبأسا وطمأنينة 
وعزمًا ومضاء لمواصلة طريق الحق والقوة والحرية» واختار ذات الشوكة. . فساهم 
بشكل فعال فى تأسيس كتائب القسام فى منطقة خانيونس . وانطلق يؤدى دوره 
الطليعى الجهادى من خلال إعداد وتجهيز وشراء وتدريب الكوادر الفاعلة» واستمر 

۸ 


يؤدى هذا الدور الريادى حتى جاء قدر الله ليرسم للمتوثب نورا ونارا مسلكا جديدا 
ودريًا متميزًا للطليعة الفذة من الكتائب القسامية ورجالها الأوائل. وذلك حين محاولته 
شراء سلاح لكتائب القسام» وتم كشف شخصيته لتاجر الأسلحة» ومن يومها غدا 
جميل مطاردا وقرر ألا يقوم بتسليم نفسه لقوات الاحتلال» وكان عليه إذا أن يخوض 

لم يكن هذا العطاء جديدا على رجل عركته الأيام وخلقت منه هذه الشخصية 
القيادية الصابرة المتقدمة. 5 فخاض الغمار بكل عزم وثبات». وكان جميل يوم أعلن 
قبوله دخول المرحلة مسئول الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) فى 
منطقة خانيونس . 

كان هم و(أبى إبراهيم) الأول فى تلك المرحلة ثبات تلك النبتة التى تم غرسهاء ما 
خلق الحرص الكامل واللازم» فلا ينام جميل أو يصحو إلا وتراوده أحلامه ببناء الجهاز 
العسكرى واستقرار قاعدة العمل» وقد كانت تلك الأثناء قاعدة العمل لازالت 
محدودة بعدد ضئيل تمن حملوا أرواحهم على أكفهم وطاردوا الموت فى كل 
مكان . . . حتى لااحقوه فى عقر داره. فترى جميل فى كل مكان يخطط للعمل 
العسكرى ويراقب وينفذ ويقيم ويشجع» وكل جوارحه تتحفز من أجل البناء الشامخ 
للعز التليد والمجد المفقود. فلا عجب حين تراه مشاركًا وجنديا متقدما فى عملية قتل 
تاجرى الخضراوات فى غرب خانيونس والتى نفذتها كتائب القسام بالاشتراك مع 
(صقور فتح). وفى إطلاق الرصاص على دوريات عسكرية قرب (القرارة) مرتين 

ويتقدم مع إخوانه فى سيارة تحمل لوحة تسجيل صفراء» ويتمكنوا من خطف 
الجندى (ألون كرفانى) وتجريده من سلاحه وبطاقته الشخصية ويتم طعنه فى رقبته 
وتركه قرب شجرة على الخط الشرقى لمدينة غزة . 

وفى عملية (جانى طال) الرائعة الشهيرة يشرف جميل على التخطيط الدقيق 
والكامل كى تتم هذه العملية بالشكل الأفضل من حيث القوة والدقة والمهارة» ولم يكن 


۹ 


به جميل» ولا قدر للشهيد القائد (أبى معاذ) أن يلقى الله تبارك وتعالى . . كان وقع 
الاختيار على (جميل) ليكون قائدا لكتائب القسام فى قطاع غزة» وكم حزن جميل 
لفراق رفيق الدرب (ياسر النمروطى) وبقى طوال وقته يذكر (أبا معاذ). . . إخلاص 
وولاء وطاعة . . ويدعو الله أن يلحقه به شهيداء و هاهو جميل ينتقل لمدينة غزة ليتمثل 
القائد الميدانى الفذ» يعايش الحدث ويدير حربا حقيقية بين شبان لا يملكون إلا عتاذا 
بسيطًا محدودا ضد جيش مجهز بشکل كامل . . . 

وهاهو جيش الفرسان القساميين يزداد صلابة بقدوم الجندى الفذ (عماد عقل) من 
منطقة الخليل ليكون جنديا تحت قيادة (جميل وادى)» وهاهم ينفذون عملية الشجاعية 
الرائعة فى نقلة نوعية للعمل العسكرى فى عهد (جميل وادى) . . 

كان عطاء الله عظيما حين تقدم العمل العسكرى هذه النقلة النوعية فى العتاد والعدة 
وفى نوعية العمليات فى وقت قصير تولى فيه جميل زمام العمل» وربما كان ذلك جزءا 
من الكرامة لهذا الرجل الذى أعطى دمه لله ولم يسأل يوما عن ذاته وشخصه. وبقى 
مرابطًا متمسكا بطريق ذات الشوكة يحترق شوقًا للقاء الله تبارك وتعالى ويرى أن كل 
ما يعمل إنما هو مهر بسيط لجنة عرضها السماوات والأرض» فكان حقا راهبًا بالليل › 
فارسا بالنهار» يقف الساعات الطويلة متهجدا لله تبارك وتعالى» يدعوه ويتضرع إليه 
أن يكتب له التوفيق والسداد» وأن يحقق على يديه الفلاح والنصر» وأن يقبله شهيدا 
فی صفوف الخالدين . 

كان الله يسمع دعاء عبده الذى ما تكاسل أو تهاون أو تراجع فى طريق الحق 
والجهاد. . . لم يكن يرغب (أبو إبراهيم) بهذه الأمانة الثقيلة والتركة العظيمة» فاعتذر 
عن استمراره فى أداء دور القائد الميدانى لمطاردى كتائب الشهيد عز الدين القسام» وعاد 
سريعا إلى حضنه الدافئ فى خانيونس» يقود حملة جديدة من العمل العسكرى 
القسامى » وفى السابع والعشرين من يونيو من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين كان 
جميل يعد العدة لعملية عسكرية نوعية» حيث تحركت الوحدة المختارة رقم (۷) التى 
يقودها جميل وادى. حيث انقسمت المجموعة قسمين واتجها إلى منطقة دير البلح من 
الغرب والشرق» وقرب جدار المستوطنات حيث دوريات عسكرية تقوم بالحراسة» 
وحدث هناك اشتباك كبير استمر أكثر من ساعة بين المجاهدين بقيادة المجاهد العملاق 


+ 


(جميل) وبين جنود الدوريات الإسرائيلية. وباستمرار الاشتباك تقاطرت قوات 
وكانت السماء تتزين هذا المساء الندى حين تقدم (جميل) بسيارته قرب (القرارة) فى 
طريق العودة. حيث أوقفته دورية عسكرية مفاجئة طلب منه الضابط بطاقة هويته . 


وتناول جميل مسدسه الشخصى وفرغ فى رأس الضابط ثلاث رصاصات أردته 
قتيلاً ولم يمهله جنود الدورية» فأصابوه بوابل من بنادقهم الرشاشة كانت جواز السفر 
الذى انتظره جميل بفارغ الصبر ليستقر هادئ النفسء قرير العين» فقد أدى الرسالة 
فأحسن وأتم الواجب المقدس فأبدع» كانت الحور العين تستعد لاستقبال البطل الذى 
ألقى الدنيا عن كاهله وسطر ملحمة الخلود» فما أرهبته رعشات الالتصاق بأديم 
الأرض وتخفف من كل الأحمال» وحث الخطى لله الواحد القهارء بعد أن رفع الراية 
عالية إلى عنان السماء وأدى الأمانة على خير وجه. 


وطار الخبر فى أجواء خانيونسء الفتى الذى أطربكم زخات رصاصه الهدار. 
وحلق فى فضائكم وبنى لكم فى كل موقع شعارا للعزة ورمزا للكرامة. قد استعجل 
الرحيل. . . وزخات الرصاص التى انطلقت لم تكن صادرة عنه» بل ضده» تنقذه من 
وحل الأرضء ورأسه يلامس السماء. . . والحق وهج عينيه والورع ديدنه. . 

ذرفت الدموع وتضرعت الأكف إلى الله تبارك وتعالى. . تدعو للشهيد الذى لن 
ينسوه بالرحمة والمغفرة. . والجميع يتمتم بصفات الشهيد التى عهدوها عليه. . . 
فالشجاعة معلمه والإقدام شعاره والفطنة والذكاء والتخطيط الجيد منهجه . . . تذكروا 
جميعا يوم كان يجوب شوارع خانيونس ويعتقد الكثيرون أنه لا علاقة له بشىء حتى 
تكشفت الأيام أنه مسؤول الأمن فى خانيونس . . ويردد الجميع : من سيأتى فى عزائك ‏ 
يا جميل» يطلق لك زخات التحية العسكرية إجلالاً لروحك المقدامة» كما كنت دوما 
تتقدم لتلقى التحية العسكرية (لأبى معاذ وهشام عامر) والشهداء الذين سبقوك على 
هذا الدرب الممهور بالدم المعبق برائحة المسك . . . 

ولم يخف الإعلام الإسرائيلى فرحته باستشهاد الجنرال والمطارد الأكبر فى صحيفة 
(معاريف). . وقد عبرت جريدة (يديعوت أحرنوت) عن سعادتها بقولها «وقف شلال 
الدم فى المنطقة الجنوبية» . . 


<۱١ 


أما كتائب الشهيد عز الدين القسام فقد نعت قائدها جميل وادى قائد الوحدة 
المختارة رقم (۷)» وفى خانيونس أقيم سرادق العزاء ولم يرق ذلك لقوات الاحتلال 
التى أصاب منها جميل مقتلاً عظيماء فداهمت موقع العزاء أكثر من مرة وهدمته. . 
ورغم ذلك لا أذنت القيادة العسكرية لقوات الاحتلال باستسلام جثمان الشهيد وحضر 
آل الشهيد إلى المركز» رفع كافة الجند أسلحتهم إلى أعلى تحية للشهيد المسجى . . . 
وورى جثمان (جميل) وشعاع نور وجهه الوهاج يضىء عتمة الليل الذى تستر به 
المعتدون ولكن الشهيد أحال ليلهم نهار بشعاع الشهادة الساطع من وجهة 
الوضاء. . وأحل نهارهم ليلا يوم تكومت جنود دورية الشجاعية قتلى» ويوم طعن 
كرفانى» وفى موقعة جنى طال» وفى موقعة الاستشهاد فى دير البلح . 

«هكذا يرسم العظام طريق المجد ويمهدون طريق العودة» يجعلون من جماجمهم 
سلما ترتقى الأمة من خملاله لتصل إلى العلو السامق والمجد الرفيع . . . هكذا تسلم 
(جميل) الراية وهكذا سلمها. . . خفاقة عالية عزيزة. . . ها هو ينظر عن بعد إلى 
الراية التى فيها جزء منه ويومئ (جميل) ابتسامته الهادئة المعهودة. . . ويغمض عينيه 
فى رضى وابتسام . . . يفهمه كل من حقق النصر فى زمن الهزيمة . . . أغمض جميل 


عينيه ونام. .2. 





اصبروا... وصابروا ورابطوا 


+1۲ 


الشهيد / ماه رأب و سرور 
۱441/۷/۱ 

ولد ماهر سنة ١۱۹۷م‏ وسط أسرة عرفت بحميد ش 
الأخلاق وحسن السيرة فى مخيم عايدة فى بيت لحم» 0 
وقد تميزت أسرته بالتدين» التزم بدعوة الإخوان المسلمين 
وهو ما يزال صغيرا يافعا لا يزيد عمره عن خمسة عشر 
عاماء 

بدأ مسيرته مع شباب مسجد أبو بكر الصديق «(مخيم 
عايدة» يبنى ثقافته الإسلامية ويساهم فى نشر الدعوة الا E‏ سه 
الإسلامية بين أهله وأصدقائه وأقرانه» وكان ظهوره متميزا بين شباب المسجد بعظمته 
الجادة الدؤوب» فأينما تنظر كنت تجده شعلة من النشاط» ففى أيام العمل الطبى التابع 
للجنة الإغاثة الطبية الإسلامية كنت تجده مسجلا للحالات المرضية ومساعد] للطبيب» 
وموتا تي وك را ج وو ا ا 
كنت تجده فى جهة من جنبات المعرض . 

كانت معالم شخصيته تدل على شخصية قيادية كلها المقدرة على التأثير على 
الآخرين لما فيها من البساطة فى التعامل ومن محبة فى الله ومن تفان فى العمل › 
وإخلاهن فن التوعه و التيفيد» 

وقد شارك منذ بدايات العمل الإسلامى على المستوى الفنى فى الفرقة الإسلامية 
التابعة لفرقة الإنشاد فى مسجد أبو بكر «مخيم عايدة» والتى أحيت العديد من الأعراس 
فى المنطقة . 





نشاطه فى الانتفاضة: مع انطلاقة شتراؤة الاتفاضة المناركة اخلرت ملامح شخصية 
ماهر تبرز وتأخذ ملامح القيادة فيها فهو أول من أعطى البيعة لحركة حماس› وللعمل 
فى طريق الحهاد» إلى أن يحقق الله فيه إحدى الحسنيين» النصر أو الشهادة. . فكانت 
الثاببة هن هة 


1۴ 


كان واضحا للجميع شجاعة ماهر وإقدامه وذلك فى المصادمات اليومية التى كانت 
تقودها حماس بشبابها الطلائعى المجاهد. وكان يظهر حسن تبريره وتخطيطه للكمائن 
والأشراك التى تنصب لعربات العدو وجنوده» كان قائدا ميدانيًا بكل ما يحمل هذا 
اللقب من تفسير ومعنى »ع لقد كان يقع تحت إمارته ثلة من الشباب المجاهد يقودهم 
بعقلية عسكرية حكيمة أقضت مضاجع اليهود» وكان لبروزه ولكثرة عمله الجهادى 
سبب فى ملاحقته من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلى» وقد بقى مطلوبًا لسلطات 
الاحتلال خمسة أشهر متتالية» وكان ما ساعده على ذلك أن له اسمًا معروقًا هو 
«حمزة» أما ماهر فلم يعرف عنه الناس ذلك» وهم قلة حتى إخوانه فى المساجد إلا بعد 
اعتقاله الأول بتاريخ 77/ 5/ 1484م» وقد بقى الجيش يبحث عن حمزة» وأكثر من 
عشر مرات يلتقى به جنود الاحتلال فيطلبون هويته ومن ثم يخلون سبيله» فهو فى 
الهوية ماهر أبو سرور وهم يرون حمزة أبو سرور والشخص واحد.ء وهم لا يعقلون. 
ولكن فيما بعد كشف الأمر فأودع السجن أربعة أشهر قضاها فى كيتسعوت حيث 
جامعة يوسف عليه السلام» وتخرج البطل ضرغام من تلك الجامعة» وهو أكثر تصميما 
على بذل الجهد والمال والدم لتكون راية الإسلام عالية خفاقة» فأخذ يعمل ليلا ونهارا 
موزعا نفسه فى أكثر من اتجاه» أخذ يجمع الأشبال وطلاب المدارس الإعدادية والثانوية 
على مائدة القرآن متخذا الرياضة وتكريم الطلبة وأوائلهم ومكتبة الزهراء العامة فى 
مسجد الصديق «مخيم عايدة». . سبيلاً وطريقًا لغرس مفاهيم الإسلام فى أعماق 
النشء الحديد . 

فهو أول من سعى لإقامة مكتبة فى المسجد يستفيد منها الصغار والكبار وتقام بها 
الدورات والحلقات» فوقف على أبواب المساجد يجمع القرش على القرش حتى كانت 
المكتبة وأصبح الحلم حقيقة» فأثئها أحسن تأثيث وملأها بالكتب والمجلدات . 

ولقد كان ماهر عضوا فى اللجنة الثقافية المنبثقة عن لحنة التوعية الإسلامية فى مسجد 
مخيم عايدة» فكان مسؤولا عن مجلة الحائط فى المسجد والتى كانت تسمى صوت 
الأقضى:.وكذل لك عن ترثن الاحغفالات الخاضية بالمتاسيات الديثية كاج ضار 
الملحاضرين والمشندين»: وقد كان فى :طون إنشاء فر فة تشيد للا شال ال ادك اناد 
فليلة ولكنها كانت البداية . 


+1٤ 


هذا ولا تزال نار الانتفاضة مشععلة» وأخذت الضربات تكال لأغذاء الله بشدة 
وعنف عبر الحجارة وقنابل الصوت والمولوتوف» فأخذوا يتخبطون» وغلبت عليهم 
العشوائية فى كل شىء» غير أن أحدانًا جساما ألمت بالمخيم . . وبدأت نار فتنة تظهرء 
وأخذت بعض الأيادى الخبيثة تلعب فى الخفاء . . فكانت فتنة عظيمة بين حماس 
وفتح» كشفت وجوها وأظهرت كثيرا ما خفى» إصابات هناك» وظهر لكل من له عقل 
أن المخانراثبوؤزاء الآ خداث :و جاو لت الاأمادي الملطخة بالسؤواة الأساءة للشبيبات 
المسلم» وكان ممن ابتلى ابتلاء عظيمًا هو الأخ ماهر أبو سرورء لكنه كان صخرا لا 
يلين» تتفتت عليه المؤامرات والمكائد» وأخذت المخابرات تعتقل الشباب المسلم الواحد 
تلو الآخر حيث أقبية التحقيق والعذاب والآلام» وخرج الجميع بحمد الله ظافرين 
منضورين» وكان ماهر أحدهم والذى استمر معتقلاً رهن التحقيق شهرا كاملا ثم 
خرج» ينطوى على نفسه ويخرج من المخيم ويسكن مخيم العزة بعد أن فتح محلاً 
للحلاقة» وهو تمن يشهد له فى هذه المهنة» فمعظم الأخوة كان يقص لهم شعرهم 
مجانًا محتسي ذلك عند الله وتدعيما للدعوة الإسلامية وتجسيدا للأخوة فى الله . 

ويأتى الإبعاد وقتل الضابط نسيم توليدانو من حرس الحدود؛ ليجد ماهر إخوانه 
وقد زج بهم فى أقبية السجون وفى زنازين التحقيق» وكانت الضربة الموجعة المؤلمة 
(الإبعاد) التى سارعت فى تعجيل ضربة ماهر للعدوء فكان التخطيط والترتيب ليكون 
الرد الحماسى بقوة ضربة رابين للحركة الإسلامية. . فكان مقتل ضابط المخابرات 
الإسرائيلى حايم خمانى الملقب «عفيف» والذى كان لمقتله عظيم الأثر على اليهود عامة 
وعلى جهاز المخابرات الإسرائيلى «الشين بيت» خاصة» فقبد كان مقتل ضابط 
المخابرات يعنى القدرة العجيبة والمحكمة فى اختراق حماس لجهاز المخابرات 
الإسرائيلى وتوجيه ضربة موجعة ومؤلمة جعلت رؤساء هذا الجهاز ورئيس حكومة 
العدو «رابين» والذى يشغل منصب وزير الدفاع» يطالبون بإعادة ترتيب الأوراق 
للجهاز والتعامل مع الفلسطينيين بطريقة تضمن سلامة أفراد جهاز المخابرات» وکات 
غنيمة «ماهر» مسدس نحمانى وحقيبته قيل إنها تمتلئ بمعلومات أمنية وبأسماء العديد 
من عملاء المنطقة . 

وينسحب ماهر من مكان العملية سالًا غاغاء لتتبنى كتائب الشهيد عبد الله عزام 
مسئوليتهاعن الحادث » ويطارد «ماهر» ليصبح المطلوب رقم واحد لدى المخابرات 


+10 


والجيش الإسرائيلى فى فلسطين كاملة» وتر الأيام تلو الأيام وماهر القسامى يصول 
ويجول. . ويأتى صباح الخميس الموفق /١‏ ۷/ 1491م ينطلق ماهر القسامى مع إخوانه 
محمد الهندى وصلاح عثمان» مخترقين قلب العاصمة المقدسة» قلب القدس» وقد 
تسلموا بسلاح الإيمان وبالقرآن يحفظونه فى صدورهم لينفذوا عملهم المقدس : 

اختطاف باص رقم (15) والذى يشكل باصين جمعا ببعضهما البعض والسفر به 
نحو الشمال والمطالبة بالتالى: ‏ 

- إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين . 

- إطلاق سراح الشيخ عبد الكريم عبيد. 

- إطلاق العشرات من القساميين ومن أصحاب المؤبدات من كل التنظيمات» من 
فتح ومن الجبهة الشعبية والديمقراطية والجهاد. ٠‏ 

وتجرى الرياح با لا تشتهى السفن» فيطلق الأخوة النار على شذاذ الآفاق أبناء القردة 
والخنازير» ويخرجا مسرعين بعد أن انحرف الباص عن مكانه» وخرجت الأمور عن 
مخططهاء وهناك يوقفان سيارة «رينو» صغيرة بها امرأة يهودية» فيجدان فى ذلك 
مخرجا للحدث بعد أن تعقد» وتسير السيارة لتصل مفترق جيلو (منطقة اللطرون) 
وهناك تحاول اليهودية لفت نظر جنود الحاجز فيفطن المجاهدان لذلك فيقذفان جنود 
العدو بلهيب نار أسلحتهما وبالقنابل» فلا تنفجر القنابل» وتشاء إرادة الله أن يصيب 
رصاص العدو بعض القذائف الموجودة فى السيارة لتتفجر السيارة وتحترق وتقتل 
اليهودية ويستشهد مجاهدانا القساميان وترتفع أرواحهما عاليا فى عليين» مع الشهداء 
والأنياء والضاطيق» ويسظرا يدهائكهما ملحمة النظولة والقذاء». 


اد ءامن ماج 
jS A 0%‏ 


كلف 


الشهيد /محمد أحمد حسن الهندى (أبو محمد ) 
۱۹4۳/۷/۱ 

«(کان محمد يحمل فى خفقات قلبه وفلتات لسانه روح 
العطاء والجهاد» فقد نشا فى أحضان الحجر الفلسطينى 
البيعة والاستشهاد فى خيام الرباط على أرض النقب الثائر . . . 
وسقط شهيدا فى ملحمة بطولية عز نظيرها على ثرى بيت 
المقدس الطهور). 

كان الفتى اليافع الوسيم ابن العشرين ربيعًا يقفز من موقع لآخر لوضع اللمسات 
الأخيرة لحفل الفتوحات الإسلامية» الذى تقيمه (الكتلة الإسلامية) فى (جامعة 
الأزهر) إذ كان أحد طلاب قسم الرياضيات فى الجامعة. كان (محمد) شعلة الكتلة 
الإسلامية التى لا تخبوء والمحرك الذى لا يهدا. . . لا يصيبه الكلل أو الملل أو 
التقاعس: + - ترمقه نظرات الاعحات ونظرات الغيرة نين الفيتة والأخرى »تما 
اتجهت كان قبالتك بعزمه المضاء وحيويته الدائبة يمارس ألوان النشاط وصنوف الفكر. 

ففى حقل الرياضة تجد رياضيا بارزا خاصة فى كرة القدم وألعاب القوى والميدان» 
وفى حقل الفن تجد عضوا بارزا فى فريق الفن الإسلامى سواء فى النشيد أو المسرح . 
وها هو يعد العدة لاحتفال ضخم فى (جامعة الأزهر) فى ذكرى أمجاد الفتح الإسلامى 
التى تعيد للإسلام رونقه البهى ومفاخره الوضاءة . 

وبعد قليل ترى الشاب يعلو خشبة المسرح ليمثل دور البطولة فى مسرحية (مقتل 
الإسرائيلى (نحمانى) وقتله فى القدس منذ فترة وجيزة . . 

لم يكن يعرف (محمد) حينها (ماهر أبو سرور) أو التقاه. . لكن قدر الله الغلاب 
يرسم خطواته بعناية ليقود (محمد) وماهر إلى نهاية مشتركة عزيزة شامخة . . فبعد أيام 
من المشينة اليل الق مكل فته( مجمدا) دوو هاه ا يشارك (محمد وماهر 
وصلاح عثمان) فى مشهد حقيقى رائع . 





<¥ 


فقد انطلق الممجاهدون الغلاثة إلى بيت المقدس . . إلى الأقصى (أرض الإسراء 
على التواصل الدامى حتى الرمق الأخير من أنفاسهم المعبقة بأنسام الماضى التليد عبر 
زفرات (أبى عبيدة عامر بن الجراح » وخالد بن الوليد) وصولات (سيف الدين قطز, 
وصلاح الدين الأيوبى) والتواصل الحى (لعز الدين القسام وعبد الله عزام) وسلسلة 
الخلود التى لا تنتهى بانقضاء الحياة الفانية . 
بوابة الباص رقم (50) فى (التلة الفرنسية بالقدس)» استقل الفدائيون الثلاثة الباص 
- تزينهم بزاتهم العسكرية المهيبة وأسلحتهم العزيزة - والذى يقل ما يزيد على 
السبعين راكبّاء ويتكون من طابقين وصدرت الأوامر للسائق بالتوجه شمالاً نحو 
الحدود اللبنانية. . وأصدر المجاهدون بيانًا معلنين شروطهم للإفراج عن الركاب 
عن خمسين معتقلا من (كتائب القسام وحماس). وعن عشرة معتقلين من (فتح). 
وعشرة من (الجهاد الإسلامى)» وعشرة من (الحبهة الشعبية)» وعشرة من (القيادة 
العامة) . 

كان هذا الهجوم المباغت فى قلب زهرة المدائن» التحدى الأكثر جرأة والأخطر 
لحكومة رابين العسكرية» ففى عقر دارهم المزعومة تنبت ألوية القسام بأذرعها المهولة 
السليب» كانت تلك إهانة قاسية ولطمة شديدة أصابت إسرائيل وجيشها المتغطرس فى 
قلب ادعاءاته الزائفة بوهم (الجيش الذى لا يقهر) . ظ 

فإسرائيل لم تعهد مثل هذا التحدى الكبير» فلم تقبل بخطف رهائنها فى (عنتيبى) 
بأوغندا وأطلقت سراحهم فى عملية عسكرية. . فهل تقبل اليوم بهذا التتحدى 
المجنون؟ ! 

وبينما كان الهوس العسكرى لجيش رابين وجنرالاته يتفاعل لمواجهة التحدى 
القسامى المخيف والذى يحمل بصمة عز وفخار جديدة ذات لون متميز ومذاق آخر. . 
حدث ما يشبه الارتباك داخل الباص المختطف نتيجة للعدد الكبير المتكدس فى الباص 
وتفرق المقاتلون فى جنباته استعدادا لأى طارئ . 


۸ 


وسادت حالة الفوضى وانطلقت رصاصات من أسلحة المجاهدين أصابت رأس 
البطل القسامى (صلاح عثمان) إصابة بالغة الخطورة رقد على إثرها فى المستشفى فى 
حالة موت سريرى وينقل إلى غزة بعد اليأس من شفائه ليبدأ بعدها فيما يشبه المعجزة 
الإلهية مع بقاء إصابته بشلل فى أطرافه السفلية . 

وتنطلق رصاصات (ماهر ومحمد) لتهدئة الوضع وتصيب بعض الإسرائيليين ولكن 
كان قد فلت الزمام» فغادر الفدائيان (ماهر ومحمد) الباص على عجل واستقلا سيارة 
تقودها إحدى المستوطنات . . 

وقرب مفرق (جيلو) العسكرى الملاصق للقدس تنطلق قذيفة اسرائيلية باتجاه السيارة 
لتحرقها تماما وتقتل قوات جيش الدفاع المستوطنة الإسرائيلية . . ويرقى الشهيدان 
(محمد وماهر) إلى الفردوس الأعلى فى ملحمة بطولية حقيقية خالدة دونت بأحرف 
من دم ونار ونور فى تاريخ المقاومة الفلسطينية الحديثة . 

كان (محمد) يحمل فى خفقات قلبه وفلتات لسانه روح العطاء والجهادء فقد نشأ 
فى أحضان الحجرء ودرج خلف الأسلاك الشائكة . . وأقسم ولاء البيعة والاستشهاد 
فى خيام الرباط على أرض النقب الثائر . . . وسقط فى ملحمة بطولية عز نظيرها وعلى 
ثرى بيت المقدس الطهور. . . فقد كان من أولئك الذين تذوقوا حلاوة المواجهة وعذوبة 
التحدى منذ نعومة أظفاره حيث انطلقت شرارة الانتفاضة المباركة» وكان (محمد) فى 
الخامسة عشرة ربيعا من عمره ورغم ذلك فقد كان بحق أحد جنرالات الحجارة وأحد 
مفجرى الثورة فى (مخيم الثورة) حتى أنه فى كل مرة يعود فيها إلى البيت يحمد الأهل 
الله على سلامته فالرصاصات تر إلى جواره والجنود يعتقلون أمثاله من أطفال 
الحجارة» وذات يوم سقط إلى جواره الشهيد شاهر أبو حية» وفى مواجهة أخرى 
أصابته رصاصة (مطاط) فى رأسه رقد على أثرها أيامًا فى المستششفى . 

وفى محاولة جادة لإعادة صياغة حروف التاريخ مجددا اعتقل شهيدنا ثلاث مرات 
كانت الأولى عام ۱۹۸۹م حيث قضى محكوميته البالغة (خمسة عشر شهرا) بتهمة 
الانتماء لحركة المقاومة الإسلامية (حماس»» وهناك فى جو النقب الثائر وعلى رماله 
الساخنة المنقدة التهب قلب الفتى ابن السبعة عشرة ربيعًا لينشأ أصلب عودًا وأقوى 


218 


شكيمة وأعمق أصالة ويرسخ فى ذهنه الشعار الذى بايع الله عليه (الجهاد سبيلنا وا موت 
فى سبيل الله أسمى أمانينا)» وكان لتلك الأيام المنقدة بالحيوية والعطاء والتربية 
والتمحيص الأثر البالغ فى حياة فتانا خاصة تلك الأيام والليالى التى عاشها مع الشهيد 
القائد (ياسر النمروطى - أبو معاذ) النموذج الحى والمثل الأعلى والقدوة الأولى على 
طريق المقاومة والاستشهاد» وكم جلس الفتى إلى أستاذه يستمع منه دروس القران 
والتفسير وفنون القتال والبندقية» فذابت الأرواح وتآلفت» فروى (محمد) لأبى معاذ 
قصة الرحيل الأول من (المجدل) إلى (معسكر جباليا)» وحديث الحسرة والأسى 
المسكوب فى قلب الوالد والوالدة فى ذكرى البلاد المضيعة بين ا جين والخور وبين الخيانة 
والتراجع وبين قرارات الأم المتحدة والتمييز الظالمء وكم كانت قلوب الوالدين الذين 
بلغا من العمر عتيًا تحن إلى التراب المهجور . 

ويحدثه عن تفوقه فى المدرسة ومحبة أهله وأصدقائه وجيرانه له وكم كانوا يمسعون 
للحديث معه من أجل التعليق على لسانه ويكررون عليه طلبهم بنطق حرف الراء 
مراراء وكيف كان يمازح عمه ويصارعه ويغلبه فى كل مرة» ويروى الاشتياق إلى 
مخيم جباليا الذى ولد فيه فى السادس من مارس من العام ألف وتسعمائة واثنين 
وسبعين. . . وإن أكثر شوقه إلى رجم الحجارة وملاحقة فلول الفارين يرجمهم 
بحجارته . . ظ 

كانت أنوار القمر تنسرب بين شقوق الخيمة تحنو على الفتى وتواسيه وتربت على 
قلبه الصغير وترحل مؤذنة ببزوغ فجر جديد. . . فجر يكبر فيه محمد ليغطى الوطن 
سحابة كبيرة وحلة بيضاء ليغدو علمًا يرفرف فى سماء القدس» وفلسطين ولن يطول 
الانتظار» ولا ارتقى (أبو معاذ) ورحل فى قوافل الخالدين أقسم (محمد) على الثأر 
للدماء الغالية وللأنفاس الطاهرة التى أحبها . . 

فقد كان (محمد) ومنذ الانطلاق الأول لقوافل العز القسامية العاشق لمرسان 
الرجولة الذين أعادوا للتاريخ وجهته وللشعب حيويته وأيقظوا العالم من سبات سطوة 
الظلم والظلام وأنبأهم أن مرحلة الصعود الإسرائيلى قد توقفت وها هى مرحلة الهبوط 
قد بدأت وأن البشارة الأولى لها فرسان القسام وألويته الماجدة وأن المستقبل المشرق 
الواعد لحيل الإسلام العتيد وزحفه المنطلق نحو وعد الله الذى لا يتبدل . 


36 


كان هذا العشق المتنامى لفرسان القسام مستمدا من عشق الجهاد والشهادة ومن 
معرفته القريبة بفرسان الغر الميامين وغرتهم (ياسر النمروطى) . 

- وخرج (محمد) من تجربته الغنية فى أتون صحراء النقب بكل العزم والإصرار على 
مواصلة الطريق حتى النهاية التى كان يلمحها بكل عز وشموخ وكبرياء . 

وكان يشهد على ذلك الانضباط التام والجندية الكاملة التى أبداها شهيدنا فى 
(مسجد النور) الذى كان أبرز رواده ما انقطع عن منهل العلم والإيمان حتى أعطى 
البيعة مجددا لله فى عام ألف وتسعمائة وتسعين والتحق بركب جماعة الإخوان 
المسلمين» وقد كان مثالا وذجيًا للرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه . 

فكان فى تلك المرحلة يمارس دورا هاما فى مسئولية النشاط الطلابى التابع (للكتلة 
الإسلامية)» وقد كان (محمد) خير من يؤدى هذا الدور نظراً لما يتمتع به به من جهد 
دعوى عظيم ومن ابتسامة عذبة لا تفارق محياه الوضاء» كانت مصدر جذب خاص 
لعموم الطلاب والفتيان وذلك عدا عن الكلمة الطيبة الحانية الخارجة من القلب تلامس 
أفئدة إخوانه وتدفعهم للالتحاق بالكتلة الإسلامية» وكم هم أولئك الذى التحقوا 
بالكتلة لإيمانهم بشخصية (محمد)» وكان يؤكد هذا القبول الدائم الحمد) ويضيف 
عليه جو التبعية والاقتناع » ذلك التفوق الدائم فى كل شىء . . . فى دراسته» وفى كافة 
الأنشطة الدعوية والثقافية والرياضية التى كان يمارسها حتى غدا (محمد) علمًا بارزا 
ونموذجا فذا راقيّاء فأعادت قوات الاحتلال اعتقاله مرة أخرى لمدة أسبوع واحد قضاها 
فى زنازين التحقيق فى معتقل أنصار (۲). ) 

وفى عام آلف وتسعمائة واثنين وتسعين وفى حملة الاعتقالات التى طالت الآلاف 
إثر اختطاف وقتل الجندى توليدانو. . . مكث (محمد) فى معتقل أنصار (۲) لمدة ثمانية 
عشر يوماء كانت تمثل انقلابًا حقيقيًا فى تفكير (محمد) الذى أقام تلك الليالى لا يكاد 
يذكر سوى الشهادة والشهداء وخاصة (الشهيد ياسر النمروطى)» ولم تنقطع هذه الحالة 
بعد خروجه من المعتقل» فقد كان يقوم الليل دون انقطاع» وإذا أراد النوم كان الكاسيت 
إلى جواره يقرأ عليه دوما آيات عذبة لفنون الجهاد ونواميس المقاومة من سورة الأنفال. 

والشهيد فى تلك الفترة وما قبلها كان على علاقة وطيدة بالشهيد (عماد عقل) رفيق 
دربه» فقد اعتقل وإياه فى القضية الأولى وهما أبناء جيل واحد ومسجد واحد» ففى 


<1 


مرحلة المطاردة (للشهيد عماد) انضم (محمد) إلى إحدى خلايا القسام العاملة فى 
المنطقة الشمالية بالإضافة إلى مسئوليته عن جهاز الأحداث فى مخيم جباليا . 


كان (محمد) يمارس دوره الكبير والعظيم بكل سرية وكتمان واتقان ولم يشعر به 
أحد» وفى السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك» والموافق للعشرين من مارس من 
AE O OL‏ 
جباليا) قرب المقبرة فى عملية (ليلة القدر) الشهيرة ليسقط جنود الاحتلال صرعى 

انظلق بعدها (سحمد) مغادرا متزله ومخيمه وكعادته دون أن يشعريه أخد يتوقع أنه 
كان أحد المخططين لهذه العملية الجريئة . . رحل عن أهله دون أن يخاطب أحدا ولم 
يروه بعد ذلك إلا فى حلة الشهادة البهية رغم أنه كان يخاطب أمه عن المطاردة 
والمطاردين والجهاد والمجاهدين وكتائب القسام وفرسانها الميامين الذين لقنوا العالم 
دروس الشجاعة والإقدام . 

ورغم ذلك فإن والدته لم ترمقه قبل المغادرة. . . كان يخشى أن يمنعه ضغط 
العاطفة مواصلة الطريق التى أحب. خاصة وأن والدته مصابة بمرض فى القلب 
ويخشى وقوع مكروه لهاء فآثر الخروج الصامت . . وربما كان أثر ذلك واضحا إضافة 
إلى التميز الكامل بالسرية فى قرار (محمد) بالمغادرة إلى الضفة الغربية فورا دون 
المكوث فى قطاع غزة. . لذلك لم يتردد اسمه فى قائمة المطاردين من (كتائب الشهيد 
عز الدين القسام) . ) 

وفى الضفة الغربية صال وجال البطل المقدام ومارس هوايته التى يعشقها وخاصة فنون 
الجهاد والمقاومة المسلحة» فشارك فى قتل اثنين ين أو ثلاثة من المستوطنين وإطلاق النار على 
ا اا اا ااي 

ولكن عاشق القدس والأقصى کان يرحل كل يوم إلى ثرى المقدس ب EE‏ 
بدمه ويعطره بعبق الشهادة على أرضه . . . وكان لجحوحا فى كل مرة أن ينفذ عملية 
استشهادية» فى بيت المقدس » وكان له ما أراد حين سقط شهيدا عزيزا مدرجا بدمائه فى 
ملحمة الباص (70) البطولية على ثرى القدس الطهور . 

وفى تلك الأشهر المحددة كان آل الشهيد فى قلق دائم نتيجة غياب ولدهم 
المتواصل . . فقد كان يمثل (محمد) الابن الحانى الحبيب والصدر الدافئ لأهله جميعا 
وإخوانه الثلاثة وأخواته السبع . . 


فد 


ولا تناقلت الأخبار استشهاد قرة عيونهم ومحط آمالهم ما زاد قولهم عن (إنا لله وإنا 
إليه راجعون. . . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم) . مع أنه كان ينتابهم شعور 
أكيد أن (محمدا) لابد أن يصل إلى هذه النهاية» فقد كان صادقًا مع الله فى طلب 
الشهادة ولابد أن يصدقه الله فنال محمد أسمى ما تمنى . ظ 

وتذكر الأهل الفخر والشموخ الذى أسبغهم به ولدهم» فقد تل رجلا عزيزا كريما 
فى ميادين المقاومة والفداء. . . لم يعش لحظة لنفسه بل عاش حياته لدينه ووطنه 


2 
ب 


وشعبه . 

لذلك فإن محمدا اسمه ورسمه منقوش فى صدورهم ومحفورٌ فى خفقات 
قلوبهم. ذكرى تمنحهم الإباء والكرامة والعز والشموخ وتعلمهم الصبر والثبات 
وحسن البلاء وصدق العهد مع الله . 
مقاتلاً عنيدا جسوراء فقد قاتل بشموخ وكبرياء لم يحن رأسًا إلا لله رب العالمين» وقد 
أقيم سرادق عظيم لاستقبال المهدئين» وقامت قوات الاحتلال بهدمه أكثر من مرة ثم 
أحرقته ردا على ضربات (متحمند) الموجعة ورغم ذلك فقد تقاطر الناس على بيت 
العزاء. وشارك آهل المخيم دون استثناء فى وقفة واحدة تضامنية» وقد حرص أبناء 
ومحلاتهم. وعند إحضار جثمانه بعد ثمان وأربعين ساعة من استشهاده لم يسمح إلا 
لعدد محدود من أفراد عائلته بدفنه . 

ولما أطل الجمع المحدود على جسد الشهيد المسجى كان وجهه يطفح بالنور ورائحته 
الزكية تعبق المكان وكأنه نائم لم يمت بعد» رغبم أن جسده كان مشوها بشكل كبير 
اال شا 

وورى الجثمان الثرى فى لحظة وداع مؤثرة» ولكن ما يقذف فى القلب السكينة أنهم 
يوارون جثمان شهيد مقدام كان مميزا فی كل شىء فى حياته وفى صموده. وفى شهادته 
على أرض القدس الطيب» وفى عزائه الذى حوى كل القلوب . 


2 


رحم الله شهيدنا المقدام ؛ الشمعة التى أضاءت زاوية فى طريق الجهاد والمقاومة 
حتى غدت هذه الطريق مدرسة كاملة عبدها (محمد وإخوانه) بدمائهم الزكية فى 
مرحلة تهاو وتراجع لم تعرف لها المنطقة مثيلا . 

رحم الله الشهيد الغالى» فقد بكاه كل من عرفهء بكاه الحجر والشجر. . وبكاه 
مسجد النور وإخوانه الذين عاشوا معه فى هذا المسجد» ولكنها الطريق تعبدها الدماء 
ولا بد من ضريبة للعز والكرامة . 





2 


الشهيد / بهاء الدين عوض إسماعيل النجار 
0101/1 


«نحرك (بهاء الدين) ووذ تإغيك اد تدلعه الى ر 
الصمت المهزوم... وقد ترسخ فى ذهنه أن الصمت 
موت ولا بد من رسم (خارطة فلسطين) بالدم» وعلى 
الأمة أن تسمع الصوت المدوى . . . وقد آن للدم القانى أن 
يغسل ما علق من أوحال الذل والهوان». 

ف لف عشي عن كير س تمد غاة الفه 
وتسعمائة وثلاثة وتسعين» وقف (بهاء الدين) أمام شاشة 
التلفاز حيث نقلت كل وكالات الأنباء مراسيم توقيع اتفاق أوسلو فى حديقة البيت 
الأبيض» وكان بهاء الفتى اليافع ابن التاسعة عشرة ربيعا ذا التربية الإسلامية الخالصة 





منذ نعومة أظفاره ينظر إلى هذه الصورة وأقدامه ترتعش » وشعر أن روحه تقفز من 
صدره غضبًا وكمدًا. . . وقد فهم ما يخطط لشعبنا وقضيتنا من مؤامرات وكأنها 
فورض الآن قن سوق الاد 

تذكرحيتها المسيرات اللماهيرية الحاشدة الى انظلقت فى مخيمة الحبيبب (الشاطىع) 
رفضا لمؤتمر (مدريد) فى مشاهد متضاربة أبرزت حال التضاد فى الشارع الفلسطينى» 
ورفع الجمهور الأقصى مجسما على النعش» وسارت جنازة رمزية تهتف «باعوا 
الأقصى فى مدريد». . . ولكن كل كوامن نفسه تتحفز للانطلاق» وإعلان الرفض 
الكامل وبشكل عملى قوى لحالة التردى والخنوع التى تسيطر على المنطقة العربية 
. بأكملها. . . كيف لا يشعر ذلك وهو الذى تربى على موائد القرآن. . . وعاش حياته 
متقشقًا زاهدا. . . كيف لا يتحرك وقد غدا اليوم أحد مقاتلى (كتائب الشهيد عز الدين 
القسام) . 

كان يشعر بهاء بضرورة الخطوة التى تنغرس فى خاطره. . . ومن اللحظة تحرك بهاء 
الدين وبدأ بإعداد قنبلته التى ستفجر الصمت المهزوم. . . وقد ترسخ فى ذهنه أن 


20 


الصمت موت ولابد من رسم (خارطة فلسطين بالدم) وعلى الأمة أن تسمع الصوت 
المدوى . . . وقد آن للدم القانى أن يغسل ما علق من أوحال الذل والهوان. 

ما كادت ساعات النهار تنقضى حتى كان اللغم العظيم قد تزين ليرسم قدرا 
جديدا. . . فى هذه المدة الزمنية اليسيرة بدأ كل شىء ناضجا فى ذهن الفتى الأسمر 
المقدام. . . وانطلق يقضى ما بقى من ساعات ليلته الأخيرة فى صلاة وابتهال خالص 
إلى الله تعالى راجيا منه أن يقبل القربان العزيز وأن يكتب له القبول والتوفيق . . . 

ثم انطلق من ثم لأداء صلاة الفجر فى مسجده الحبيب (الشمالى) وقد تراءت 
الشهادة أمام ناظريه» فبادر ابن عمه بالقول: حينما يعود أبوك من مرج الزهور فقل له 
ابن عمى بهاء قبل ما يستشهد قال لى «سلم على أبيك»» وكان حينها عمه (إسماعيل 
النجار) مبعدا فى مرج الزهور. وعقب صلاة الفجر قال لأحد إخوانه «اليوم سوف 
تسمع عن عمليات المجاهدين» . 

وانطلق (بهاء الدين) فى هذا اليوم الأغر أى بعد ساعات فقط على توقيع (اتفاق 
أوسلو) ليمثل بجسده أول الرد العملى على حال التهاوى العربى الكامل على أعتاب 
النظام العالمى الجديد. . . 

كان العزم الوثاب والمضاء الأكيد والإصرار المتناهى صفات تلازم شهيد الرفض 
المقدام . . 

وانطلق فتانا الأسمر يحمل فى قلبه الإرادة الفمولاذية والإيمان الراسخ بعظيم 
الجزاء» وحول خاصرته حزامه الناسف الذى أعده بعناية . . . وانطلق بعد أن أمضى 
الساعات الأولى من نهاره الأخير أمام باب مسجده الحبيب . . . انطلق نحو هدفه. . 
یت مرك زشرظة الرفال (الغيناس) الذق كانت تنم كز "فيه قرات الاجعلدل 
الاسرائلى: ) 

وفى الطريق الممتد بين مخيم الشاطئ ومركز الرمال جالت كل الصور فى خاطر 
بهاء. . . صور الماضى بكل قسوته والامه. . . بكل سعادته وآماله. . . ووقف على 
كل الأبواب فى نظرة أخيرة» وصافح بيده كل الأيدى التى لامسته وتشابكت مع يده 
وشدت عليها تمنحه العزيمة والمضاء . . . ولامس كل القلوب الدافئة التى مسحت عنه 


٦ 


اد ترقرقت الدموع فى عینیه والوجو تتراءى أمام ناظریه. وة 


تودعه. . . تدفعه. . تدعو له ووهبته مزيجا من العنفوان والتحدى . 
ا 0 و ا 
تعالى لوالديه فى شهر نوفمبر من عام ألف وتسعمائة وأربعة وسبعين بج ا المت 


اق رارت که و یکی لكر امن کو ر 
شقيقات ويحتويهم منزل قرميدى فى أطراف (مخيم الشاطى)» وأسرته الأكبر قليلا 
أبناء (المسجد الشمالى) حيث داوم على الصلاة وقراءة القرآن منذ نعومة أظفاره. 
ومارس مع أسرته هذه كافة الأنشطة والهوايات» فقد كان ضمن مجموعات حفظ 
القرآن الكريم» ووفقه الله تعالى حيث حفظ أجزاء من كتاب الله تعالى» ومارس كرة 
القدم كحارس مرمى لفريق المسجد الشمالى» كما التحق بفرقة (مرج الزهور للنشيد 
الإسلامى). 

كان كل شىء يبدو هادتًا وادعا فى مسيرة حياة (بهاء الدين) المقدام» إلى أن أطلت 
الانتفاضة الفلسطينية المباركة . . . وكان (مخيم الشاطى) من أقطاب المواجهة والتحدى 
لقوى الاحتلال على امتداد الوطن المحتل . . . 

توقفت الذاكرة طويلاً عند هذا الحدث الجلل فى تاريخ الشعب الفلسطينى» ومكث 
شريط الذكريات عند كل زاوية وزقاق فى المخيم . . . وكلها كانت شواهد صامتة على 
إقدام الفتى اليافع. تذكر ساحة الشمالى» والسوق والمشتل وشارع البحر وشارع 
النصر. . . وكيف كان يمارس هوايته المفضلة فى رجم الحجارة من زاوية إلى زقاق» 
ومن ساحة إلى ميدان» ومن شارع إلى مسجد. . 

تذكر ذاك اليوم المشهود من شهر نوفمير يوم استشهد (خالد الأستاذ وأحمد 
الحصرى) فى (حى الشيخ رضوان) . . . كاد بهاء حينها يفقد صوابه. خرج إلى شارع 
النصر وافتتح بوابة المواجهات فى جبهة جديدة أرهقت القوى العسكرية المحمولة. . 
كان بهاء يتمنى أن يذيقهم طعم الموت ألف مرة» كيف لا. . . وقد خطفت رصاصاتهم 
الغادرة أحب من رأت العيون من هذا الشباب الفلسطينى المسلم . . . الغض الطرى 
القائم لله والساجد بين يدى مولاه. 


يفف 


وتلمس على يديه أثر الحرارة التى تركها دم الشهيد (أحمد صبح) الذى فارق ال حياة 
بين يديه إثر إصابته برصاص الجيش النازى» وتذكر (بهاء) حينها على الفور مواقع 
إصاباته» فقد أصيب مرتين بالرصاص» مكث على إثرها الليالى الطوال تنقلا بين 
المستشفيات والعيادات. . . وأخيرا يتحسس موقع الرصاص ويقول لو تحركت 
الرصاصة إلى أعلى أو إلى اليسار قليلاً لكنت الآن من الشهداء. . . ويصحو من أحلام 
اليقظة على المهمة الاستشهادية الحليلة التى يسعى لها. . . ويردد فى نفسه ربما قدر الله 
لى شهادة أقوى وأفضل . 

هذا النشاط الانتفاضى الدائب والإقدام الجرىء لم يكن بعيدا عن العيون التى 
حرصت على تحديد مراكز القوة فى أزقة المخيم» فتناقلت الألسنة اسم (بهاء الدين 
النجار) المواجه العنيد الذى امتاز بالكر المفاجئ والفر المراوغ» فاعتقلته قوات الجيش 
الإسرائيلى وأودع خلف القضبان فى اعتقال إدارى مرتين متتاليتين. . . 

وفى هذه التجربة الجديدة اكتشف (بهاء) ذاته مجددًا وعرف فى شخصيته مواصفات 
لم يكن على اطلاع بها . . . الحيوية والنشاط والعطف على الإخوان . ) 

فكان يستيقظ لصلاة الفجر قبل الجميع» ويقوم بتسخين المياه وإعدادها ليتوضاً 
جمهور المصلين ويرفع الأذان لصلاة الفجر ويوقظ إخوانه للصلاة . 

كل ذلك كان يدور فى ذهن الفتى كشريط سينمائى مسجل بأدق تفصيلاته وهو يسير 
لقطع المسافة القصيرة بين (مخيم الشاطى) و(مركز العباس) على الطرف الجنوبى من 
المخيم . لم يكن يحلم (بهاء) بأكثر من الشهادة فى سبيل الله ولم يكن ليكتم أحلامه 
تلك» فقد زهد فى الدنيا وطلقها وارتحل إلى الله تعالى» وقد تخفف من العبء وأكثر 
من زاد التقوى . 

وتجسد أحلامه بالشهادة يوم أن التحق بركب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) 
فكان أحد جنودها فى (جهاز الأحداث) فى (المسجد الشمالى)» وكان انضمامه إلى 
(كعاتت الد غر الدين القسام) الجناح العسكرى لحركة (حماس) حلم حياته الذى 
تحقق متزامتا مع حلمه الأكبر : الشهادة والموت فى سبيل الله تعالى . 

وكان دوما يردد أن الجهاد فى سبيل الله فرض عين من أجل تحرير الأقصى الأسيرء 
وكلما ألمت بالشعب الفلسطينى مصيبة أو نفذ أحد المجاهدين هجوما كانت تتحرك 


28 


المسيرات فى مخيمه الحبيب» وكان بهاء علما فى كل هذه المسيرات تحمله الأعناق 
ويظل يهتف «ع النار بنهجم ع النار . ٠‏ والجميع يردد خلفه. . 

كان صدى صوت الجمهور المشارك فى المسيرات يتردد صداه فى آذان (بهاء). . . 
«ع النار بنهجمع النار»» «وباعوا الأقصى فى مدريد»» «وما بيعيد الدار إلا رجالها» . 
ويدفعه ذلك دفعًا إلى مركز شرطة العباس ليحاصر المجرمين بدمه ويقتلهم بلحمه 
وعظمه» ويشل أيديهم التى طالما آذته وشعبه المضطهد . 

ورحل بهاء بخياله إلى بعد عمليته الاستشهادية وظل ينظر إلى مخيمه تعمه 
المسيرات التى تهتف بهاء شهيدا بعد أن كانت تحمله على الأعناق يهتف لهاء وكيف 
سيكون سرادق العزاء . . وكيف ستغطى صوره كل زقاق فى المخيم الذى أحبه وعشق 
كل ذرة رمل فيه . . . كان (بهاء الدين) يقترب كثيرا من مركز العباس وذهنه يرحل فى 
كل الدروب ليدرك فى آخر لحظات حياته كل شىء . . . ولن يدرك. . . تيقظت كل 
حواس الفتى الأسمر وهو يقترب بشكل كبير من (مسجد العباس) الملاصق تماما لمركز 
ر لمال 

تقدمت يمين بهاء (الدين) وهو يبتهل إلى الله تعالى أن يسدد رميته وأن يلحقه 
بر كب الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. . . 

كانت قدمه تقتحم البوابة الخارجية لمركز الشرطة حين أشار عليه الشرطى بالتوقف 
للمعاينة. . أخرج (بهاء) من جيبه ما يشبه الورقة موهما الشرطى ال حارس أنه قد حصل 
على الإذن اللازم للدخول. . . واقتحم بحركة سريعة الباب الداخلى. . . أدركه 
الشرطى الحارس وفجأة انفجر كل شىء . . . غطى الدخان المنطقة. . . وانطلقت 
رصاصات هوجاء من سلاح جبان أرعبه المشهد المنفجر . . . تناثرت أشلاء (بهاء 
الذين) غطت المكان. . . بل غطت كل فلسطين. .. وفت حت كل الأبواب 
ا a‏ سان سو | E‏ ظ 


تنائر لحم (بهاء). . . وتكسرت عظامه لتمثل سلاحا يطعن الغاصبين. . . تناثر بهاء 
كما كان یحلم» فتنائرت معه أشلاء مغتصبى أرضه» ومنتهكى إرادته . 5 


۹ 


وأصاب المكان العسكرى الحصين حالة من الهلع والفوضى . . . ودب الرعب فى 
قلوب رجال الشرطة الإسرائيلية وهم يستيقظون على هذا المشهد الذى يمزق قلوبهم 
واوا 

تناقلت وكالات الأنباء الحادث الجديد الذى يكشف عن مدى الاستعداد الفلسطينى 
للتضحية حتى آخر قطرة دم من أجل فلسطين والأقصى . وأعلنت الإذاعة الإسرائيلية 
أن خسائرها محصورة فى إصابات طفيفة» بينما أصدرت (كتائب الشهيد عز الدين 
القسام) بيانًا عسكريا نعت فيه شهيدها (بهاء الدين النجار) وأعلنت عن إصابة أربعة 
جنود إسرائيليين . ) 

ؤتتاقل الان انيسن . لم يصدق أهل المخيم ما حدث . . . (بهاء الدين) كان 
بالأمس. . . بل صباح هذا اليوم بينهم يغدو ويروح . . واليوم تمزقت أشلاؤه فى كل 
طرق وروابى وجبال وسهول فلسطين» ولا وصل الخبر إلى أهله ووالده قال: الحمد 
لله الذى شرفنا باستشهاده. وندعو الله أن يجمعنا به فى مستقر رحمته . .. فيما 
انطلقت المسيرات فى المساء تعلن رحيل الشهيد وتعاهد على مواصلة الطريق . 

ونصب للشهيد سرادق عزاء واسع أمه أهالى قطاع غزة لأيام عدة. . . فيما حضرت 
قوات ملثمة من (كتائب عز الدين القسام) إلى سرادق العزاء وأطلقت النار فى الهواء 
تحية لروح الشهيد المقدام» وبعد أيام أحضرت قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلى ما 
تبقى من جثمان الشهيد وسمحت لعدد محدود جدا من أهله باستلام الجثمان فى 
منتصف الليل ودفنه . . . ليوارى الجسد الطاهر المعطاء بتفان وصمت» ويلقى عليه 
الأهل والأحباب نظرة الوداع الأخيرة عبر صوره التى غطت جدران المخيم . 

وبعد انتهاء العزاء أقامت (حركة المقاومة الإسلامية - حماس) حفل تأبين فى ساحة 
(مسجد الشمالى) التى طالما شهدت (لبهاء) الدين صولاته وجولاته العديدة فى كافة 
صور العطاء اللامحدود. وهكذا تحقق (لبهاء الدين) ما أراد» تناثرت أشلاؤه فى كل 
الميادين وانغرست عظامه فى شتى الدروب لتنبت شجرا للحرية وأكاليل للغار يروى 
دمه المهراق فى وسط مراكز الاحتلال هذا الشجر لينبت فى كل صعيد عزمًا جديدا 
وإرادة صادقة خالصة للعطاء . . من أجل التحرير والبقاء . 


9ه واچ مله 
و 2 


8 


الشهيد /أيمن صلاح سلامة عطا الله (أبو مصعب) 
۱44۳/4/1۳ ظ 


«انفجر (أيمن). . لينفجر معه كل شىء . . انفجر بعد 
أن تراءت أمام ناظريه صورة الفدائى المقاتل (أبو يحيى) 
يقفز من بيت لآخر وصواريخ الاحتلال تدك المنازل تحيلها 
ركامًا وأطلالاً» ثم ترمى جسد (الشيخ زكريا) نموذجه 
الفذ الحى بقذيفة الظلم و الجبروت. . . وتراءى أمامه 
قسمه بالثأر (لأبى يحيى) وها هو يدفع ضريبة الوفاء لدماء 





المجاهدين من دمه) . 


فى حى الدرج الصابر المرابط وبجوار (مسجد عز الدين القسام) علم الجهاد 
والاستشهاد فى فلسطين » كان القدر يرسم خطوطه بعناية حيث أطلت شمس الثامن 
عشر من مايو من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين. . ومعها أطلت شمس 
(أيمن). . وهذا الوليد الميمون كان الوالد (صلاح عطا الله) متفائلاً بهذا الوليد الجديد, 
فأسماه (أيمن) . | 

ما (أيمن) فى أحضان والديه ونشأ على كل خصال الخيرء فوالداه يحملان الحرص 
الكافل والكاف لهذ الغربية العمبقة وإلى جوازه (مستجتد القسام) يرتاده فن كل 
الصلوات يؤدى فريضة ربه ويحفظ من كتاب الله تبارك وتعالى ويتفقه علوم الفقه 
والتشريع والأصول والتفسير وال حديث حتى نشا فتى عالما جادا ومارس إضافة إلى . 
ذلك كافة الأنشطة الرياضية وتخصص فى ألعاب القوى والننشاكو والكاراتيه حتى ‏ 
اكتملت فيه عناصر القوة. . قوة الإيمان وقوة الساعد. فكان هذا الأيمن منذ طفولته 
الناعمة الهادئة راغبًا فى منهج القوة والعسكرية حيث كانت جميع ألعاب طفولته . . 
الملابس العسكرية . . وقطع السلاح البلاستيكية . ظ 

وإلى جانب كل ذلك كان الفتى مجتهدًا فى دراسته» فالطلبة المتفوقون (أيمن) لهم 
عنوان» وارتقى فى مراحل دراسته حتى الثانوية العامة؛ أنهاها بنجاح من (مدرسة 


<1 


فلسطين الثانوية). . ولم يشغله هذا التفوق المتنوع من أن يمارس نشاطه الدعوى فى 
كافة ميادين الدعوة ومجالاتها. 

فقد مثل (أيمن) أمام أقرانه القدوة الإسلامية الصادقة عبر قيادته الكفؤ لنشاط 
(الكتلة الإسلامية) فى مدرسة فلسطين الثانوية» فحيثما جال بصرك فى مدرسة 
فلسطين وجدت (الأمير أيمن) فى مواقع العمل والدعوة والدراسة يؤم طلاب المدرسة 
فى الصلوات . ويعقد حلقات الدعوة إلى دين الله تبارك وتعالى» فترى عشرات 
الفتيان يلتفون فى صعيد واحد يستمعون إلى كلمات (أيمن) الموجهة نحو الارتقاء 
بمعانى الخير والفوز والعطاء. . ونحو تربية المثل العليا فى أذهان الجيل الثائر المنتفض . 
إضافة إلى نشاط أيمن الملموس فى مسجده (عز الدين القسام) ومن ثم (مسجد 
فلسطين) بعد انتقال سكنه إلى الرمال . 

فقد كان يعقد أيمن الجلسات التعليمية للأشبال والفتيان فى المسجد. يلقنهم 
أبجديات العقيدة الإسلامية وأسس التوحيد السليم» إضافة إلى الفكر الحركى النير 
المتزن. 

كان كل هذا النشاط الدائب مولدا أساسيًا لفضل الشهداء وأجر الشهادة» لذلك لا 
ترى (أيمن) إلا متحدثًا عن الشهيد وما أعد الله له من الأجر الجزيل أو عن الشهادة 
والاستشهاد ودورها فى رفع الظلم والعدوان عن المسلمين . | 

وكم حدث والدته عن الشهادة وكم أنه يتمناها. . وعن (كتائب القسام) ودورهم 
المحورى فى العمل الجهادى العسكرى» وفى تفعيل ساحة فلسطين بالنار والبارود. 
وإغراق المحتل بالدماء. . وأنه يتمنى أن يلقى الله شهيدا وهو فى صفوف (كتائب 
القسام) . 

والدافع لكل ذلك هو رفع راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) خفاقة عالية» لا 
تعلوها راية. . ولا تدانيها فكرة. . ولا تقف أمام جحافلها قوة من قوى الأرض الظالمة 
مشاه . كم كان يحلم بتحرير الأرض من دنس ا الصييرتى اجاتم على ده 
الأرض الطهور. 

كانت الا م الحنون ڌ تستمع إلى الابن ¿ العزیز بكل شغف وحب وحنان» فهى ترى فى 
(أيمن) مهجة القلب وقرة العين» فما رد لها كلمة وما تأخر فى تلبية طلب لها. . عدا 


2 


عن مساعدته لوالده من خلال ممارسته لأعمال الدهان والطراشة . . كل ذلك كان دافعا 
لأن يكون (أيمن) قريبًا جد من قلب والديه. . كل هذا الحب وهذا العطاء كان كافيًا 
لأن يلتق بجماعة الإخوان الجلمين. 

وقد سبق ذلك مواكبته الفعاليات المتنوعة التى أداها (أيمن) بوجوده فى صفوف 
حر كة المقاومة الإسلامية (حماس) شعلة الانتفاضة الفلسطينية ليمثل أيمن وقودا إضافيا 
لحرب التحرير الشعبية التى خاضتها الجماهير الفلسطينية بكل قوة وعنفوان فى تحد 
واضح لحبروت إسرائيل وظلمها المنغطرس . فمارس كافة الأنشطة الميدانية بدءًا برجم 
الحجارة وملاحقة جنود الفرار أمام جنرالات الحجارة وأطفالها الميامين إلى تنفيذ 
فعاليات الإضراب بنصب المتاريس وإشعال النيران فى الإطارات . . إلى أن يخط بعلبة 
طلائه شعارات الانتفاضة والجهاد والمقاومة . 

ولكن التخصص المتميز (لأيمن) كان فى إعداد (الزجاجات الحارقة والعبوات 
الناسفة)» وقد تتلمذ فى ذلك على يد القساميين (بشير حماد» ا 
(أيمن) ساعد أيمن لهما ينقل السلاح ويرصد أمن الطريق . 

وفى أبريل من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين وبينما كان يخوض عدد من 
شباب حركة حماس ومجاهدوها حربا حقيقية داخل أقبية التحقيق فى سرايا غزة» كان 
(أيمن) يترقب . . فأخبر أهله برغبته فى وداع أحد إخوانه وغاب عن البيت عشرة أيام 
كاملة دون أن يعلم عنه أحد شيئًا . . خلالها حضرت قوات معززة من جنود الاحتلال 
داهمت بيت (أيمن) بكل عنف وقوة وبحثوا عن (أيمن) فى كل مكان . 

كان قد اختفى . . قذفوا كل شىء . . حطموا كل ما وقع تحت أيديهم وهددوا (آل 
عطا الله) أنهم سينسفوا المنزل كاملا إذا لم يقوموا بتسليم (أيمن) . 

ومن هنا بدأت مرحلة جديدة فى حياة (أبى مصعب) وخطوة جريئة نحو المواجهة 
والتصعيد والتحدى . . وزادت هذه المرحلة ضراوة بعد استشهاد البطل القسامى (زكريا ‏ 
التتوريجى)..: حا أغلن (أيمن) المحتدف من '(كتائي الد عر الدين الفنساء) 
وعلى درب (أبى يحيى) الشهيد العملاق» حيث أشهر (أيمن) مسدسه وأقسم على 
الثأر لدم (أبى يحيى) الغالى . . وفى أشهر المطاردة الأربعة (لأبى مصعب»» لم تكف 


زفة 


ل يلار ا 
ويدعون أن أيمن قادم لزيارة أهله ويأتون ليلة أخرى يدعون أن (أكرم) : شقيق (أيمن) 
E Ca‏ 
اموي رع سيد جا امن امسو ميرد ارو ني 
فى ج ا لحر سن الات و تفال هالت ر می كان( أبن وی 
يتمنى فى كل صباح جديد أن يكون هذا آخر أيامه» على هذه الأرض وأولها إلى جوار 
الملك العادل ذى الجلال والإكرام. 
وكم أرسل لوالدته يطلب منها أن تكثر له من الدعاء ويرجوها المسامحة» كما يرجو 
والده وکل من يلقاه أن يسامحه. . فقد كان على سفر قريب . 
وأرسل لأهله أن يرسلوا من يؤدى فريضة الحج إلى بيت الله الحرام نيابة عنه وأن 
زور قر امول ۷ تات ران يوضر له هناك آلا عا ا 
كل ذلك كان يشبت بشكل قاطع کم كان يرحل (أبو مصعب) إلى جوار ربه فى 
خلواته. . فى أهازيج قلبه الآزف للرحيل كل حين» ولم يكن يغفل (أبو مصعب) على 
حداثة سنه أن استشهاد إخوانه واستشهاده كذلك ما هو إلا مرحلة محدودة فى طريق 
الصعود للعملاق الإسلامى» وأن الخطوات لابد أن تتكامل وتتواصل عبر شلالات 
الدم المهراق وعبر تواصل أجيال المسلمين الناشئة على مائدة القرآن العظيم» لأن ذلك 
هو الضمان الأكيد لتحقيق الهدف الأعظم ببناء دولة الخلافة الراشدة. وكان فى كل هذا 
الوقت لا يغفل عن تواصل الجهاد القسامى على أرض الرباط» كان يحلم بذاك اليوم 
الذى يرتقى فيه إلى عليين فى جوار (زكريا وياسر ومروان) بإذن الله تبارك وتعالى . 
تاح فى هذه الريحلة اء فى إغدا د العيوات ر غه القائلين الاد 
والتخطيط الدائم لملاحقة أعداء الله تبارك وتعالى . 
وكان من ضمن العمليات التى شارك فى التخطيط لها (عملية مسجد مصعب بن 
عمير) فى (حى الزيتون) الشهيرة والتى قتل فيها جنديان . 
ولما نشطت خطوات عقد اتفاقية بين إسرائيل والفلسطينيين كان أيمن له رأى آخر . . 
فلا يريد عيش تلك المرحلة ولا رؤية هذا التعايش غير المتوازن بين مغتصبى الأرض 
٤4‏ 


ينهبون كل شىء وبين شعب مظلوم مضطهد تتقاذفه الفتن وتمضى به الأحداث بعيدا عن 
حقيقة الصراع . ظ 

وما كاد يقترب الثالث عشر من سبتمبر من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين» 
حيث يسود الضجيج الإعلامى بالمؤتمر المنشود لتوقيع اتفاقية أوسلو فى البيت الأبيض 
الأمريكى» وقبل الاحتفال بيوم واحد كان (أيمن) يختار طريقه ويرحل . 

استقل سيارته (4 ٠‏ 0) وجهزهاء وعلى طريق الشيخ عجلين انطلق أيمن يبحث عن 
فريسته المنشودة» وما أن ظهرت سيارة إسرائيلية عسكرية تتبع مصلحة السجون» 
إضافة إلى سيارة عسكرية أخرى» تقدم أيمن منهما بكل عزم وثبات» وملاصقة بهما 
انفجر أيمن لينفجر معه كل شىء . . انفجر بعد أن تراءت أمام ناظريه صورة الفدائى 
المقاتل (أبو يحيى) يقفز مطاردا من بيت إلى آخر . . وصواريخ الاحتلال تدك المنازل 
وتقصف البيوت الآمنة لتحيلها ركاما وأطلالاً. . ثم تقذف جسد (الشيخ زكريا) 
غوذجه الفذ الحى بقذيفة تحمل كل الظلم والجبروت . 

وتراءى أمامه قسم الثشأر (لأبى يحيى). . وها هو يدفع ضريبة الوفاء لدماء 
المجاهدين من دمه ويذيقهم بعض ما أصاب المسلمين من كمد ومشقة . 

انفجر (أيمن) لتهوى معه فتات بنى يهود يمزقها أشلاء ويقذف فيهم الرعب لتهوى 
جنودهم المدججة المغرورة صاغرة أمام عمالقة مجاهدى القسام» وما أن تناقلت أنباء 
استشهاد أيمن عطا الله» وتفجير سيارتين إسراتيليتين حتى سادت صورة جديدة. 
أطفأت جزءا من أهازيج الإعلام المزيف» بحلول السلام على أرض السلام» وسادت 
أجواء المنطقة غمامة تصاعدت من نيران (أبى مصعب) الثائرة وانفجاره المدوى . . 
غمامة حجبت أكاذيب الإعلام وأزاحت غيوم الكذب والنفاق لتبرز حقيقة الواقع المر 
الذى يعيشه شعب فلسطين . 

وفى رحيله الحر الأبى الكريم كتب (أبو مصعب) لآهله آخر هذه الكلمات أوصاهم 
فيهابتقوى الله تبارك وتعالى وسلوك درب المرابطين» وما أن وصل الخبر إلى آل 
الشهيد حتى حمدوا الله تبارك وتعالى» وفرحوا لزفاف ولدهم إلى الحور العين» فقد 
كان يرغب بهذا الزفاف الميمون وأنه كان راغبا فى الشهادة محبًا لدرب الشهداء العظام . 


<0 


رفانت ورالد اد ارك شك لل تارك و الى أن قرعنيدها برؤية ولدهاشهسيد) 
ثم رددت مراراً قول « إنا لله وإنا إليه راجعون». 

لم يفاجاً أحد باستشهاد (أبى مصعب)» فقد كان قراره مصيريًا راسخا بالشهادة» 
وان التنفيل مسالة وقت: وكل من علم باستشهاده أيقن أن القطاع فقد شابا خلوقًا 
يذكرونه بالخير العميم والصفات الحميدة. . . فقد كان مثالا للمعاملة الطيبة يقابل كل 
من يلقاه بابتسامة وبشاشة وود . 

أما إخوانه فى (مسجدى القسام وفلسطين) فقد انهمرت الدموع من عيونهم حزتًا 
على فراق (أيمن) الغالى وفرحا باستشهاده» فقد كان يحدثهم دوما عن حبه للقاء الله 
تبارك وتعالى وحبه للقاء الصحابة الأجلاء فى جنات النعيم . . ثم دعوا له بالمغفرة 
والرضوان. . 

ونصب سرادق كبير عزاء للشهيد الذى زاره الشبان من كافة أرجاء القطاع تقديرا 
للشهيد العزيز» وقد أقامت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) احتفال تأبين للشهيد أمه 
الآلاف إكرامًا للشهيد الغالى» وحضرت إلى الاحتفال خلية قسامية أطلقت الرصاص 
فى الهواء تحية للشهيد القسامى (أيمن عطا الله) . 

وفى ليالى سبتمبر قدمت قوات معززة من جيش الاحتلال تصطحب أشلاء الشهيد 
الغالى وبرفقة عدد محدود من أبناء العائلة وورى (أبو مصعب) الثرى ليرقد رقدته 
الأخيرة هانئًا . . باسما . . فقد حقق ما يريد. . ونال ما تمنى بإذن الله تعالى . 


٦ 


الث لشهيد /محمد عزيزرشدى 
4۳/4/۱۳ 


نعرض شهادات حية لأسرى فلسطينيين يمضى بعضهم & 
أكثر من مؤبد عسكرى فى سجون الاحتلال أغلبهم فى سجن 
نفحة الصحراوى الذى يفتقر إلى أدنى المقومات الإنسانية» 
وتتركز هذه الشهادات حول بطولات كتائب القسام والتى 
استحقت وسام الشهادة لأجلهاء وقد أطلقنا عليها اسم 
شهادات( حية ) لأنها حدثت فعلا وأخذت مصداقيتها من 
المشاركة الفعلية مع هؤلاء الأبطال أو بالحديث مباشرة مع 
أهالى هؤلاء الأشاوس» وها نحن تتحدث عن شهادة جديدة حول بطل من أبطال 
القسام» وستشمل هذه الشهادة أبطالا من الضفة الغربية وقطاع غزة ممن توفرت حولهم 
هذه الشهادات . . 

الحمد لله الذى جعل الشهادة وساما يزين به أولياءه ممن باعوه المال والنفس وجعل 
الشهادة اصطفاء واختيارا يختار بها الشهداء من بين المجاهدين ويتخذه لنفسه كما يقول 
فباخن:الظلأل الشهين قطي ! اماق ار ة أن مهد سبل اللهامق 
يستشهد. إنما هو انتقاء واختيار» وتكريم واختصاص. إن هؤلاء هم الذين اختصهم 
الله ورزقهم الشهادة ليستخلصهم لنفسه سبحانه ويخصهم بقريه» . 

ونعيش وإياكم مع شهيد من هؤلاء الرجال الذين أعادوا بعث الحياة فى جسد الأمة 
الذى ظن أعداؤها أنه هامد لا حراك فيه» مع مجاهد لطالما طرق أبواب الجنة يستفتحها 
بمفاتيح الشهادة وجماجم الصهاينة القتلة . 
ميلاد الشهيد وأخلاقه 

الشهيد البطل محمد عزيز رشدى» من مواليد مخيم العروب قرب الخليل عام 
(147١م)‏ حيث نشأ فى أسرة محافظة نشأة مباركة» فارتبط بالمسجد منذ نعومة 





أظفاره» وامتاز بذكائه وتفوقه فى دراسته» فدرس المرحلة الابتدائية والإعدادية فى 


4 


مخيمه» ثم انتقل إلى مدرسة الحسين بالخليل لإكمال دراسته فى الفرع العلمى» ومن 
ثم أكمل تعليمه فى معهد المعلمين فى رام الله فى الرياضيات» وترأس العمل 
الإسلامى» فكان رئيسا لمجلس الطلبة وأميرا للكتلة الإسلامية» وعرف بين إخوانه 
بشجاعته وقوة عزيمته وعلو همته وعزة نفسه لدرجة أنه كان يرفض أخذ أية مساعدة من 
الدعوة رغم شدة حاجته وفقره. فقد رهن حياته لدعوته ودافع عنها فى كل موقع حيث 
ترأس قيادة حماس فى المخيم لفترة طويلة وتحمل فى سبيل ذلك الكثير والكشير» 
وعانت معه أسرته» حيث تعرض «محمد» للضرب عدة مرات فى المخيم وفى سجن 
مجدو فى سبيل مواقفه الدعوية الصادقة» ومع ذلك رفض الانتقام لنفسه عندما أصبح 
بإمكانه أن ينتقم. وفى إحدى مشاكله مع أحد العملاء فى المخيم» قام العميل بمساعدة 
الجيش بإحراق محل ملابس لأسرة شهيدنا فكانت الخسارة فظيعة خصوصً أن مبلغا من 
المال كان فى المحل فاحترق مع البضاعة . . وهكذا عاشت الأسرة حياة فقر شديدة 
امتدت فترة من الزمن لدرجة أن بيته كان يخلو أحيانا من ثمن الخبز أو الشاى» وكان 
قياديا فى بيته رغم أنه الثانى فى الترتيب بين إخوته» غير أن قوة شخصيته جعلته 
صاحب القرار بعد والده بالطبع » فقد كان بارا بوالديه مطيعًا لهم أشد طاعة محبًا 
لوخوانه الذين كان لهم شرف الانتماء للدعوة من طريقه فكان يدرسهم ويعلمهم 
الأخلاق النبيلة ويغرس فيهم حب الجهاد والتضحية . 
تعرضه للاعتقال 

وقد تعرض للاعتقال عدة مرات لثنيه عن طريق الجحهاد والدعوة» فقد كان له شرف 
فيادة مسيرات ومواجهات ونشاطات الانتفاضة فى المخيم› ولم تكن فعاليات 
الانتفاضة العادية ترضى طموح واندفاع شهيدنا (محمد عزيز رشدى) الذى كان يحمل 
فى صدره ثورة برکان وفى قلبه بحر إيمان وفى خياله تتزاحم صور فرسان الإسلام 
أمثال خالد والمثنى والقعقاع . . وهكذا مضى محمد يطور قدراته وإمكاناته حتى 
استطاع الانتماء إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام التى رفعت البندقية والمصحف 
طريقا للتحرير. ظ 
وبدأت المطاردة 


وفى 0/ 47/5 بدأت رحلة المطاردة للاحتلال» بعد أن انكشف نشاطه العسكرى 
وعلاقته بالشهن ماهر أبو سرور الذى كان مطاردا بعد قتله ضابط الاستخبارات الحقير 


c4 


( نحمانى) فى القدس» ونفذ (محمد عزيز) خلال مطاردته سلسلة عمليات أولها قتل 
الكولونيل الصهيونى قرب مستوطنة تقع فى منطقة بيت لحم بصحبة الإخوة خالد الزير 
رحمه الله ومحمد طقاطقة» وبعد مجىء إخوة مطاردين من غزة نفذ بمشاركة الشهيدين 
( إبراهيم سلامة ) و(عبد الرحمن حمدان) عملية قرب معسكر الفوار حيث أطلقوا 
خلالها النار على سيارة عسكرية فقتلوا سائقها وأصابوا آخر بجرح» وقد شارك خالد 
الزير فى هذه العملية» كما قامت مجموعة القدس القسامية بناء على أوامره باختطاف 
الجندى الصهيونى (يرون حين) وخطف سلاحه بعد أن اضطروا لقتله جراء اتكشاف 
العملية أمام جندى آخر كان يقف فى محطة الباص» غير أن فشل هذه العملية 
للإفراج عن الأسرى والمطالبة بإعادة مئات المبعدين الذين طردتهم إسرائيل إلى مرج 
الزهور بتهمة قيادة الانتفلضة» حيث أرسل المجاهدين (ماهر أبو سرور ومحمد 
الهندى -رحمهما الله- والمجاهد صلاح عثمان ) لاختطاف باص مزدوج من التلة 
الفرنسية فى القدس ولم يقدر النجاح للعملية» حيث أصيب صلاح عثمان بجراح 
خطيرة واستشهد ( أبو سرور والهندى ) أثناء انسحابهما بسيارة قرب حاجز جيلو 
مصطحبين معهم رهينة صهيونية» حيث قام الجيش بقصف السيارة بالصواريخ . 
عناء العائلة | 

ا و ی او ت عل 
وقد حكمت سلطات الاحتلال على شقيقه رفعت بالسجن لمدة ٠١‏ عاما بتهمة الانتماء 
لكتائب القسام» والمعتقل المذكور هو طالب فى السنة الرابعة فى جامعة الخليل وقد 
اعتقل قبل عامين أثناء استعداده للزواج بالقرب من مخيم الفوار حيث تسكن خطيبته 
الصابرة وحطم منزلهم فى كل عملية تنفذها بنادق المجاهدين» وكان صبرهم عظيمًا 
ومضربا للمثل والقدوة» وكثيرا ما كان (محمد) يقول لوالده: اصبر يا أبتاه فإن عمر 
المختار جاهد الطليان وهو ابن سبعين عامًا ولا تنس الشهيد عز الدين القسام» وكان 
يلقى من والديه كل الدعم والمساندة . 

وأما عن قصة استشهاده» فقد توجه يوم (1997”/4/11م) بصحبة إخوانه محمد 
طقاطقة وخالد الزير وإبراهيم سلامة وعبد الرحمن حمدان» لتنفيذ عملية عسكرية فى 
وادى سعير » حيث نصبوا كميتا لباص ودورية عسكرية وأطلقوا النار فأصابوه إصابات 


م 


مباشرة» ثم انسحبوا بعدها بسيارتهم وكان يقودها خالد الزير» وأثناء انسحابهم وفى 


۹ 


أسفل الوادى» فوجئوا بدورية راجلة تسير على جانبى الطريق» فأطلقوا نيرانهم نحو 
الجنود الذين ظنوهم من أنصار أوسلو لأنهم كانوا يضعون صورة عرفات وأعلامًا 
فلسطينية على سيارتهم. فأصيب الحنود المشاة إصابات مباشرة برصاص المجاهدين» 
واعترف العدو بإصابة اثنين منهم بجراح خطرة» واثنين بجراح متوسطة» وعندما أمر 
(محمد عزيز) السائق أن ينطلق بالسيارة وكانت تقف على حافة الطريق انقلبت وخرج 
الإخوة منها بسرعة خشية وصول الجيش للمكان وكان أخرهم محمد عزيز ومحمد 
طقاطقة »› حيث أصيب محمد عزيز إصابة بالغة فى رأسه ويده. فربط طقاطقة يذه بعنقه 
وأسنده لصعود الجبل للانسحاب من المكان. . وفى منتصف الحبل جلس شهيدنا وقال 
لأخيه لا أستطيع المسير أعطنى مخازن الذخيرة وانصرف فى الحال» فرفض طقاطقة أن 
يتركه وحيدا فأصر على ذلك وصرخ غاضبا كإشارة أننا لن موت معا ما دام هناك مجال 
لنجاة أحدناء وكانت حكمته فى ذلك والتى كان يرددها كثيرا (لا تضع البيض فى سلة 
واحدة )» وتمترس محمد خلف صخرة ومعه بندقية جاليلى وقنبلة يدوية حيث تصدى 
لقوات الاحتلال التى أضاءت المنطقة بقنابل الإنارة وشاركت طائرة مروحية فى 
الاشتباك وأطلقت نيرانها نحو محمد فأصيب برأسه إصابة مباشرة شطرته إلى نصفين 
بعد قرابة ساعة من المواجهة مع الصهاينة وفاضت روحه إلى بارئها تلعن أولئك الذين 
العظام لأطفال الانتفاضة» وفى لحظات الاشتباك كان إبراهيم سلامة يختبئ على 
شجرة قريبًا تحميه عين الرحمن حين مر الجنود من تحته دون اكتشافه رغم إصابته» أما 
عبد الرحمن حمدان فقد اختبأ فى منزل قريب فيما اختبأ خالد الزير فى المستوطنة 
المجاورة للموقع . . وهكذا ضحى ( محمد) بروحه لإنقاذ إخوانه. فكانت حياته مثل 
شهادته فداء لإخوانه ودعوته . ) 

رحمك الله يا( محمد ) وهنيئًا لك كرامة الشهادة وشرف الجهاد وعلياء الجنة 
وفردوسهاء كأنى بك ذلك الرجل الذى حدث عنه الرسول ية فقال: ١عجب‏ ربنا 
تبارك وتعالى من رجل غزا فى سبيل الله فانهزم أصحابه. فعلم ما عليه فرجع حتى أريق 
دمه فيقول الله للملائكة» انظروا إلى عبدى رجع رغبة فيما عندى وشغفا فيما عندى 
حتى أريق دمه» أشهدكم أنى قد غفرت له) رواه أبو داود. هنيبًا لك يا محمد 
الشهادة . : والسلام على روحك الطاهرة وذكراك العطرة . 

357 


الشهيد /أشرف بشير محمد مهدى (أبو محمد ) 
۱44۳/4/۲1 


«أشلاء أشرف الممزقة تحمل قسمات البيعة والولاء ا 
الصادق. . وتحمل ريح المسك والعنبر والدم والشهادة. ا ٍ 
ويُوارَى أشرف التراب ليعلن نهاية رحلته فى دنياهم على 
عجل للقاء الله تبارك وتعالى ليطوى صفحات حياته 
المحدودة بسنى عمره الزاخرة بالعطاء والجهاد والتضحية 
ظ والفدائية». 





فى الثانى عشر من سبتمبر من عام ألف وتسعمائة 
واثنين وتسعين كان العالم يتأهب من أجل الاحتفال 
بتوقيع اتفاقية أوسلو. . كان البريق الإعلامى والضجيج الدولى يغطى كل شىء . . 
وغزة تغفو على أنغام الوعودات البراقة بشرق أوسط جديد . انغ ا ق اقورة 
الشرق . . فعليها أن تتأهب وترتدى حلتها البهية المزركشة . . 

كان وهم أوسلو يقتحم كل البيوت والضجيج يفتح كل القلوب. وتشرئب الأعناق 
لتجاوز الهموم اليومية للمواطن الفلسطينى ليغفو قليلاً على موسيقى أحلام السلام 
الموعودة. فئة قليلة محدودة كانت تضع أمام ناظريها خيارا وحيداء تخوت القت 
بذكر الأولين وأنساهم الشهداء القساميون الذين أودعوا المرحلة عصارة قلبهم . . 

فى هذا اليوم كان الضجيج الإعلامى يقتحم كل المواقع فى غزة» بينما تقتحم قوات 
الجيش الإسرائيلى (مسجد الرضوان) فى حى الشيخ رضوان بمدينة غزة» وفيه عدد 
محدود من الشباب المتواجدين» فانطلقوا يدافعون عنه باستبسال وفدائية متناهية . . 
وكات من آو لك الان الد (أشرف) : 5 الذى هاجم عددا من الجنود بيديه . . إلا 
أنهم تكاثروا عليه وألقوه أرضا وانهالوا عليه ضربًا لينهمر منه الدم يغطى أرض ق 
الحبيب شاهدًا على دفاع الفتى عن بيت الله حتى الرمق الأخير . . واقتاد الجنود كافة 
الشبان بعد أن شدوا وثاقهم بينما تركوا أشرف يغطى دمه الأرض ظنا منهم أنه فارق 


١ 


الحياة أو فى حال الخطر الشديد. لتقل إلن المستشفى لا قوی غل الراك وف 
اليوم التالى مباشرة وبعد أن أفاق أشرف وصلته الكلمات الأولى من أخيه (أيمن عطا 
الله) الذى استشهد صباح هذا اليوم فى سيارته المفخخة. يهديه السلام والتهنئة 
بالسلامة والشفاء وتحية الفخر والاعتزاز على شجاعته فى مواجهة جنود الاحتلال. . 
كان لهذه التحية أثر حاص فى نفسية (أشرف) الحساس الرقيق. . . وبعد أيام يستشهد 
(بهاء الدين النجار) فى عملية تفجيرية جديدة ويتقدم (أشرف) إلى (كتائب القسام) 
راجيا تجهيزه لتنفيذ عملية استشهادية جديدة . . . وتأتى الموافقة . 
الموافقة التى تحمل إلى (أبى محمد) قدره الكريم العزيز الذى طالما حلم به» فقد 
كانت حقا الشهادة أسمى أمانى (أشرف) . . هتف بذلك من سويداء قلبه» كيف لا تكون 
ا لولمه اكير وهر اا اب الل ار لكوتم ي و كز 
(أشرف) من أولئك الذين تربوا منذ نعومة أظفارهم على مائدة القرآن. وحينما أتم 
السابعة عشرة من عمره كان يحفظ سبعة عشر جزءا من كتاب الله تبارك وتعالى. . 
وحينما جاءت الموافقة كان يحفظ ثلاثة وعشرين جزءا. . وكان يجتهد لحفظ كتاب 
الله بأكمله . 

ولم يكن حفظ القرآن منعزلاً فى حياة أشرف» بل كان القرآن يشغل عليه حياته . . 
كيف يطبق أيات الله ويلتزم حدوده فى السلوك والأخلاق والعلاقات مع ربه ونفسه 


ومجتمعه . 


فكان لا ينقطع عن صلاة الفجر فى بيت الله تبارك وتعالى» وكان يحرص على صلاة 
الضحى والتى (ما حافظ عليها إلا مؤمن)» وكان دوما على يقين بنصر دين الله تبارك 
وتعالى» ورفع رايته شامخة خفاقة» ولكن هذه الراية لن ترتفع دون الجهد والعرق والدم 
والدمع . فكان یردد دومًا لأهله وإخوانه. . هذا الدين يحتاج إلى جهد وبذل وعطاءء 
ولن تكون لناعزة دون جهاد» وقد كان لذلك جل حديثه عن الشهادة والشهداء . . 

ولم تكن تلك ألفاظًا فقط تخرج من لسان (أشرف) بل واقعًا حيًا ينبض بالجهاد 
والمقاومة والفدائية» فمنذ اليوم الأول لولادته فى الخامس والعشرين من يناير من عام 
آلف وتسعمائة وخمسة وسبعين فى (حى الزيتون) بمدينة غزة. . ليكون الابن السادس 
لوالده وشقيقًا لأربع أخوات . ورغم ذلك كان یری والده فى محياه الجميل وطلعته 

1 


البهية وإشراقته النضرة مكنونات ذاته ورحيق بلاده المجدل القابعة خلف حدود النسيان . 
التى هجرها مع والديه رغما عنهم . 

وما أن ت خط أف حت الوالدة ا#على رات ققد كانه اولك 
الأبناء الطائعين الملتزمين إضافة إلى تفوقه المدرسى حيث أنهى دراسة الثانوية العامة 
إضافة إلى مساعدة والده فى أعمال القص والتفصيل والحياكة . 

ومع بدء مسيرة الانتفاضة المباركة كان (أشرف) قد بلغ الثالئة عشرة من عمره» رغم 
ذلك فقد شارك كل أطفال فلسطين الذين حلموا بمستقبل مشرق واعد» ليستيقظ على 
زخات الرصاص لا تفرق بير: صغير أو كبير . وفى أجواء المواجهة والتحدى بدأت روح 
المقاومة تكبر فى صدر الفتى الصغير» تنقل من شارع إلى شارع فى حى الشيخ رضوان 
حاملاً سلاحه - حجارته المتواضعة - يقذف جنود البغى والعدوان. . 

كانت جرأة (أشرف) غير مألوفة لدرجة أنه اقتحم فى الأول من سبتمبر من العام 
ألف وتسعمائة وثمانية وثمانين» ولم يكن قد تجاوز أشرف حينها الرابعة عشرة من 
عمره» بناية يعتليها الجيش» فأطلق عليه الجنود النار فأصيب إصابة خطرة فى رأسه» 
نقل على إثرها إلى مستشفى تل هشمير» وقد وصف الأطباء حالته أنه ميئوس منها . 

الأ أن كدو الها اس مع ولا قوط يق حافك قدرة اللهتورعابعة ليا 
(أشرف) من رقاد ويعاود نشاطه ويلتحق بصفوف (جهاز الأحداث) التابع حماس عدا 
عن نشاطه الدعوى الدائب فى (مسجد الرضوان) ومحيطه الواسع» إضافة إلى بصماته 
المللموسة فى نشاط الكتلة الإسلامية بمدرسة فلسطين الثانوية» فكان المجاهد الصغير 
لوق میک اة ووت وروج قن ميل الله تارك وتعالى کان بشن دوي 
بالإسلام الصاعد» متمثلاً فى هذا الجيل النموذج للعمل الفدائى المتفانى . وبينما كان 
يرسم بخطه الجميل بشائر المقاومة على جدران حيه المجاهد انقضت عليه فرقة من 
القوات الخاصة المتخفية بلباس مدنى» إلا أن أشرف قاوم كعادته بكل فدائية» وانهال 
ا ا لمرو ی ا 
الذى لم يلتم تماما بعد. 

حاولوا جاهدين انتزاع اعتراف منه لكنه صدمهم بإصراره اللامحدود رغم جراحه 
الغائرة التى دخل على إثرها مرة ثانية إلى المستشفى› ليخرج بكفالة مالية بعد يأسهم من 
اعترافه . 

1 


كانت هذه الحادثة القاسية درس جديدا عميقًا من دروس المقاومة والجهاد يكتسب 
(أشرف) منها الصلابة ليخرج الفارس الذى لم يتوان عن أداء واجبه عاقدا النية على 
مواصلة درب الحرية والخلاص . . . خرج منها بروح وتابة جديدة» فقرر أن يمارس 
الرياضة بكل قوة ويتعلم فنون الكاراتيه والدفاع عن النفس إضافة إلى ممارسة هوايته 
المفضلة (السباحة)» فقد كان (أشرف) يرتاد البحر بشكل شبه يومى» واستمر فى 
مشاركته الفعالة فى مواجهات الانتفاضة الملتهبة ليصاب بالرصاص الإسرائيلى ثلاث 
مرات» ويستمر رغم ذلك مسلسل الجهاد فى سنى عمر (أشرف) المحدودة ليعتقل مرة 
ثانية بعد اعتقال أفراد مجموعته» ويزج به فى معتقل النقب الصحراوى يقضى هناك 
أربعة شهور طبع خلالها بصمات إخلاصه وتدينه» فقد أحبه كل من عرفه حيث شارك 
فى كافة الأنشطة» وكان يؤم رغم صغر سنه الشباب والشيوخ الذين وصفوه بالطاهر 
والمتفانى» وكان أشرف فى كل مرة يخرج من المعتقل لا يتوانى فى مواصلة طريق العطاء 
والتضحية» بل كان دوما فى مقدمة الصفوف المجاهدة . 

كانت كل قطرات الدم التى تنزف من جسده الطاهر الشريف ومراحل الصبر 
والشبات والصمود تحت أيدى الجلادين» وفى زنازين القمع وتحت الضرب المبرح» 
تشهد لهذا الفتى بعظيم ولائه لدين الله تبارك وتعالى وحجم إخلاصه وتفانيه لرفع 
الراية المقدسة ونشر الإسلام بشتى السبل المشروعة وفى مختلف الميادين . 

والآن ها هو أشرف يستعد للرحيل الأعظم الأكرم إلى جوار الله تبارك وتعالى . ها 
هو الفتى الوسيم الذى لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره تفتح الدنيا ذراعيها لاستقباله بينما 
يفتح ذراعيه لاستقبال قدر الله العزيز الكريم . . يفتح ذراعيه لاستقبال جوار الله والجنة 
والحور العين . إنها الجنة تبغى ثمتاء وها هو أشرف يقدم الثمن من جهده وجهاده ووقته 
وحياته ودموعه ودمه هاتفًا من سويداء قلبه» يا رب إن كنت تعرض جنة للبيع ؛ 
بالنفس اشتريت . 

يلتصق الفتى بدينه؛ يصوم النهار ويقوم الليل ويودع أهله وأصدقاءه وإخوانه 
ومسجده بنظرات الحزن على فراقهم» والأمل بلقاء الله تبارك وتعالى» ويخرج 
(أشرف) فى صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر من العام ألف وتسعمائة وثلاث 
وتسعين بعد أن قضى ليلته قائما وأعلن نهاره صائمًا . 

٤ 


وها هو يخرج فارسًا مترجلاً ليركب سيارته المفخخة وينطلق بها إلى الفردوس 
. الأعلى إلى النبى وصحبه. . وفى طريق الشيخ عجلين بغزة ينفجر الفتى مسرعا إلى 
لقاء الله وغرز المخيط لا يزال برأسه من أثر الضرب الذى تعرض له فى مسجد الرضوان 
قبل أيام معدودة. وفى الليلة الأخيرة كتب (أشرف) رسالته الأخيرة ودع فيها أهله 
وحثهم على الصبر والثبات وتحمل نبأ استشهاده» مذكرا إياهم بالموت إذا فليحسن 
موتته» ثم دعاهم إلى صلاة ركعتين وأن يدعو له قائلين (اللهم إن عبدك أشرف كان 
يصدقك طلب الشهادة» اللهم فاصدقه» اللهم آمين) . 

ولا تناقلت الأنباء استشهاد (أبى محمد) استرجع آله أقواله» فحمدوا الله تبارك 
وتعالى وقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون» واحتسبوه عند الله شهيداء وجلس الجمع 
يستذكر (أشرف) الراحل الكبير إلى دار الخلدء ذلك الفتى الذى لم يخطئ فى حق أهله 
وإخوانه» تذكروا عطفه وبره بوالديه ومحبته لإخوانه. . كان یری إخوانه أنه قرآن 
يمشى على الأرض» حفظ كتاب الله فى سويداء قلبه وطبقه واقعا حيا ومدرسة كاملة» 
فلم تصدر منه أى إساءة أو خلق ردىء ولم يحدث أنه قامت بينه وبين أحد مشكلة . 
وردد الجميع أن الشهيد قد ارتحل بعد أن مثل بحق واقعا عمليًا أن (حفظة القرآن 
للتضحية عنوان ) . 

وقد أقيم للشهيد سرادق عظيم يعلن فيه زفافه إلى الحور العين» وتقاطرت الجماهير 
من شتى أنحاء القطاع احتفاء بالشهيد» وتقيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حفل 
تأبين ضخم فى ميدان الشهداء بحى الشيخ رضوان» وتهتف آلاف الحناجر ألحان الوفاء 
والبيعة والوداع لفدائى التضحية . وخلال أيام العزاء تقدم قوات الاحتلال ليلا وهى 
تحمل أشلاء أشرف الممزقة ليقوم آل مهدى بدفن أشلاء ولدهم الممزقة فى سبيل الله 
ارك تمانو 

أشلاء (أشرف) التى تحمل قسمات البيعة والولاء الصادق» وتحمل ريح المسك 
والعنبر والدم والشهادة. ويوارى أشرف التراب ليعلن نهاية رحلته فى الدنيا على عجل 
للقاء الله تبارك وتعالى ليطوى صفحات حياته المحدودة بسنى عمره الزاخرة بالعطاء 
والجحهاد والتضحية والفدائية . 


256 


الشهيد /موسى جاسر محمود السيد (أبو البراء) 
14/1/۳ ` 


«ها هو صاروخ الخلود ينطلق بعد عشر ساعات من 
القتال الملحمى يمتطيه أبو البراء بكل الكبرياء 
والشموخ. . يتنائر جسده الطاهر فى كل موقع. يرسم 
معلمًا فى درب المستحيل من التحدى الجرىءء وهاهى 
الدماء الطاهرة تروى أشتال الأمل . . تعدو أنتديها را 
عظيمة . . يتفياً ظلالها اليائسون من الاختراق لحدار الأمن 
الواهم للأخطبوط السرطانى الجاثم فوق الثرى 
الفلسطينى». 

فجر الثانى من أكتوبر من العام آلف وتسعمائة وثلاثة وتسعين أشرق على مخيم 
البريج الصامد. والحصار يشتد حول الدار التى تحصن بها المجاهد حامد القريناوى 
(المطارد القسامى) , الناس نيام وعينا المجاهد موسى ترصد كل حركة لقوات الاحتلال 
يقسم على أخيه أن لا يبقى داخل الدار ويتركه يواجه قدره وحيدًا حيث إن موسى لم 
يكن مطلوبا لقوات الاحختلال: وموسى لا يرى أمامه إلا خيارا واحدا. » خيار المواجهة 
كتفا بكتف مع أخيه وتوأم روحه (حامد القريناوى), وهو يردد عليه : لم نفترق فى 
الدنيا ولن نفترق إن شاء الله» فإنى أريد لنفسى ما تريد لنفسك . 
القسام يواجهان جيشا جراراء وارتفع لواء المعركة» وأطلق (أبو البراء) رصاصته الأولى 
اللامحدود. 





استمرت الحرب الطاهرة . 5 رصاصات القسام معدودة. ولكن الإرادة فولاذية. 
فكانت المعركة مشتعلة تحاول قوات الاحتلال اقتحام المنزل» ثم ترتد على أدبارها خائبة 


21 


خاسرة» ولا اقتربت مجموعة من جنود الاحتلال بجوار جدار المنزل كانت عين الراصد 
ترمقهم والساعد القسامى يقبض بقوة على قنبلة يدوية ينزع صمام أمانها وتسقط مدوية 
وسط جمع المعتدين ليسقطوا بين قتيل وجريح . يشند القصفي الصار وخ الوم ردا 
على هذه الخسارة الفادحة» ولكن المعركة مازالت مستمرة» السواعد القسامية المتوضئة 
تواجه بكل إيمان وعزم وقوة الغطرسة الصهيونية والاستبداد الإسرائيلى» والأفواه 
الطاهرة فى البريج وكل فلسطين تلهج بالدعاء» أن يسدد الله رمى المجاهدين . 

كان عشق الشهادة حلم (أبى البراء) الذى لا ينقضى» وها هى الشهادة والخلود تطل 
فى ثنايا قذيفة تنفجر إلى جواره أو صلية رشاش تصم الآذان تصنع بحرا من الركام تحت 
قدميه . بقى الشوق الباسم للانتظام فى موكب الخالدين الذى تراصت صفوفه يجول فى 
خاطر (أبى البراء) . هل يقدر الله له أن يكون عضواً فى هذا الركب المقدس» هل تتزين 
السماء بنجمه الذى يهوى فوق البريج الصامدة التى رسمت عبر تاريخها الوضاء معالم 
الجهاد والاستشهاد منذ العصر الأول للبيعة. فحفرت بأظافرها خندق المواجهة 
والتحدى وأنشبت مخالبها فى عنق الجلاد» تهزا بالموت وتلحق بالمستحيل تجره إليها 
صاغرا ليغدو الأمل قريبا. . . قريبا. أقرب من قذيفة تفتك بجدار مجاور (لأبى 
البراء»)» أو أقرب من صلية رشاش تغرس أشتال الأمل بين قدميه الطاهرتين . . . ها هو 
صاروخ الخلود ينطلق بعد عشر ساعات من القتال الملحمى» يمتطيه أبو البراء بكل 
الكبرياء والشموخ» يتناثر جسده الطاهر فى كل موقع» يرسم معلمًا فى درب المستحيل 
من التحدى اللامعقول . . . وهاهى الدماء الطاهرة تروى أشتال الأمل . . تغدو أشجارا 
عظيمة يتفيأ ظلالها اليائسون من الاختراق لجدار الأمن الواهم الأخطبوط السرطانى 
الجاثم فوق الثرى الفلسطينى . . . يدعم بقاؤها أباطرة العالم» وثلة من المجاهدين تمثل 
تهديدا حقيقيًا لبرنامج السقوط فى براثن النظام العالمى الجديد والتسليم المطلق بالوجود 
والبقاء والتوسع فوق الذرا الفلسطينية المقدسة . 

يرحل أبو البراء . . يحدد معالم الوفاء. . معايشة وصبر واحتمال وتضحية وبذل 
وفداء. . بقاء فى خندق الجهاد حتى الاستشهاد. . يأبى الخروج سانًا. . يصمم على 
خياره الأوحد يقذف فى وجه القصف وفاءه اللا محدود. . ويستقبل فى صدره 
صاروخ التحدى يشطر قلبه المفعم وفاء وإخلاصا. . تهتف ملائكة السماء (ربح البيع 
أبا البراء) . . 


¥ 


و انطلقت الانتفاضة المباركة أذن الله أن يخرج العملاق من قمقمه ليصنع مجدا 
عظيمًا من الجهاد والفدائية والاستشهاد» كان موسى وقود هذه الثورة اللاهبة» فمنذ 
اليوم الأول للانتفاضة انطلق موسى جنديًا مخلصا فى صفوف (جهاز الأحداث) التابع 
لحر كة المقاومة الإسلامية (حماس) حتى غدا موسى علما من أعلام المقاومة فى مخيم 
البريج . ظ 

كانت الشورة الكامنة فى نفس موسى تتصاعد وتخرج إلى حيز الوجود» انتتقامًا 
للواقع المرير الذى يحياه شعب الأقصى الأسير والحرم الباكى وأرض الزيتون تنادى أبا 
البراء كى يبقى دومًا فى الطليعة ناهلاً من موائد القرآن الكريم ملتحقا بسفينة الحماس 
وضولا الن اعدى اللسدين : 

درب المحنة يقود إلى الجنة كى يمحص الله قلوب عباده» فالتحق أبو البراء فى عام 
ألف وتسعمائة وواحد وتسعين بمجموع المجاهدين الذى يضمهم سجن النقب 
الصحراوئ؛ وما كاد يخرج من المعتقل حتى أعيد اعتقاله مرة ثانية فى مطلع عام ألف 
وتسعمائة واثنين وتسعين يقضى محكومية جديدة بلغت ثمانية شهور قضاها خلف 
الأسلاك الشائكة والجدران السوداء المظلمة ولكنها كانت مدرسة جديدة تعلم خلالها 
موسى فنونًا إبداعية فى المقاومة والفدائية» كما أضاف إلى رصيده ثقافة إسلامية حركية 
ناضجة حول مفاهيم العمل الحركى والبناء التنظيمى المتين» فاشتاق كثيرا إلى تطبيق 
هذه المفاهيم على أرض الواقع بالعودة إلى ميدان الجهاد والتحدى . ليخرج من قلاع 
المقاومة فى أكتوبر من العام نفسه» أصلب عودا وأقوى شكيمة ليتابع عمله الجهادى 
وعبر معالم جديدة . 


ربح البيع أبا البراء وأنت تهاجر مجددا إلى الله ورسوله تركل الدنيا خلفك وتنضم 
إلى كتيبة الراحلين نحو الخلود. . تنظر فى كتاب الله يحرضك على الفناء فى درب 
اماف .فا تفط لفن د و احور العية كر لاال افلم النراجم» . 
فالتحقت فور يركب كتائب الشهيد عز الدين القسام (الجناح العسكرى لحركة المقاومة 
الإسلامية (حماس» ) تعمل بصمت وإخلاص وتضحية وتفان عز نظيره. (حامد 
القريناوى)» المطارد القسامى فى مخيم البريج» فكنت خير عون فى وقت جمت فيه 
منابع العون» فكنت السماء تظلل المجاهد القسامى وتسقيه ماء الوفاء تحجب عنه ظلام 


0۰ 


الاغتراب» تبيع كل ما تملك وتصر على البقاء فى الخندق الأمامى للمواجهة المقبلة 
فتكون رأس حربة وطليعة متقدمة لهذا الجهاد . 
ربح البيع أبا البراء وأنت تصوب بندقيتك الرشاشة التى اشتريتها يمالك الخاص نحو 
دورية عسكرية تجوب مخيم البريج» وتساهم دوما فى خطف العملاء والتحقيق معهم 
الوفاء الخالد وتصر أن تكون مع ركب الراحلين إلى الخلود المسطرين معالم التضحية 
والخلود والفداء . 
هاجر جمع المجاهدين إلى الله فوجب أجرهم على الله» فمنهم من مات ومنهم 
من لم يأكل من اجره شيئًاء كان أبو البراء أحدهم» أصابته القذيفة ؛ تناثر جسده يزرع 
فى كل بستان وردة للاستشهاد» ويتناول الظالمون جسده» وما علموا أنه استقر هناك 
ل والملائكة يدخلوت عليهم من كل باب 65 سلام عليكم بما صبرتم قَعم عَقبَى الذار) 
[الرعد TET‏ 
فكانت ملحمة البريح مصدرا للوفاء والتفانى ؛ سكنت فيها معانى الصدق والثبات 
والإيمان. . وكان (أبو البراء) معلم ذلك الفداء . 
اکا ا نه وهيل اا ااا ای '(اى ار إلا أن ب هيدنه وان 
EP EEE‏ وسيب PE‏ 
الله. . . وعده الله فأسرع بالوفاء . . فكان تمام البيع . ولا قدمت القافلة العسكرية تقل 
أشلائه رائحة المسك التى غطت المكان. . وسكنت الروح التواقة للقاء فى أرض البريج 
التى أحبت وفى ظل شجرة مورقة الأغصان» كان السكون الأخير لمعلم الوفاء. . وما 
تزال تلك الشجرة غضة نضرة وأوراقها خضرة . 
طوال العام يرويها أبو البراء بدمه ويمدها بالغذاء . . وأغصان شجرة الشهادة التى 
غذى (أبو البراء) أحد أغصانها تتسامى وتكبر فى مواجهة السرطان الذى يغزو الأرض 
الحرام على الدخلاء وأشلاء (أبى البراء) دواء هذا الداء السرطانى اللعين . 
وانطلق الفتيان الذين نشأوا فى كنف موسى ينهلون منه مفاهيم الإسلام » قالها 
بلسانه وها هو يخطها بدمه. وها هم على ذات الدرب يتحرقون شوقًا للحسنيين 
٤۵۱‏ 


يخطون بعلب الطلاء فى كل المواقع عبارات التحية لقائدهم العظيم يودعونه على أمل 
اللقاء فى الحنان. 


وحفل مهيب تكريما للشهيد تقيمه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يبرق الجمع 
الهدار بالتهنئة الغالية لأستاذ الوفاء والعطاء . . 


وغا هو ان ار )ان تومو جد تنا غر هة الاش مت را ا و شد عان يد 








+0۲ 


الشهيد / حامد هزاع القريناوى 
44/1۰/۲ ! 


. نعرض ولأول مرة شهادات حية لأسرى فلسطينيين 
يمضى بعضهم أكثر من مؤبد عسكرى فى سجون 
الاحتلال أغلبهم فى سجن نفحة الصحراوى الذى يفتقر 
إلى أدنى المقومات الإنسانية» وتتركز هذه الشهادات حول | 
بطولات كتائب القسام والتى استحقت وسام الشهادة 
لأجلهاء وقد أطلقناعليها اسم شهادات حية )لأنها 
حدثت فعلا وأخذت مصداقيتها من المشاركة الفعلية مع | 
هؤلاء الأبطال أو بالحديث مباشرة مع أهالى هؤلاء 
الأشاوس› وها نحن نتتحدث عن شهادة جديدة حول بطل من أبطال القسام» 
وستشمل هذه الشهادة أبطالا من الضفة الغربية وقطاع غزة ممن توفرت حولهم هذه 
الشهادات . 

إن أحدا من البشر لم يخلق عبنًا على وجه المعمورة» ومن ظن غير ذلك وجب عليه 
مراجعة نفسه قبل أن تلفظه الحياة لأنها لا تقبل ولا تحمل على ظهرها غير الأحياء فإن 
كان لك دور تؤديه فأنت تستحق الحياة وإن كنت مؤمتًا بدورك وهدفك فليس أقل من أن 
تنذر حياتك لأجله وأن تطلب أن تدفع عمرك ثمنًا لتأدية دورك» فلا تتردد لأنك بهذا 
تؤائ ادنك و سحن أن تدع شه وما أجمل الحياة مع الشهداء. وماأجمل 
ذكراهم وأحبها إلى النفس» ونلتقى وإياكم مع رجل نذر حياته للدفاع عن دينه ووطنه 
وبذل لأجله الغالى والنفيس» واستحق فى النهاية أن يكون شهيداء نتعرف إلى الشهيد 
«حامد هزاع القريناوى» الذى ولد لأسرة متدينة محافظة انتهى بها التشريد إلى مخيم 
البريج فى قطاع غزة» ورزقت العائلة بطفلها حامد عام (1479١م)‏ بعد عامين من النكسة 
الى الت ااا ونشأ شهيدنا فى أسرة يغلب عليها العلم والثقافة والالتزام 
ال وأحاطوه بعطفهم ورعايتهم ومحبتهم. وتلقى دراسته الابتدائية والإعدادية فى 
' مدارس المخيم» وأنهى دراسته الثانوية فى مدرسة خالد بن الوليد فى مخيم النصيرات 


20 










ودفعه حبه للعلم للالتحاق بالجامعة الإسلامية التى كان نصيبها الإغلاق مع بداية 
الانتفاضة نظرا لدورها الطليعى فى قيادة نشاطات الانتفاضة » وعرف حامد بالتزامه 
مسجد البريج الكبير» وكان من أوائل المشاركين فى الانتفاضة وفعالياتها الجماهيرية . 
لا يعرف الكلل أو الملل» يصل ليله بنهاره فى جهاد بغير هوادة ما عرضه للاعتقال لأكثر 
من سنة إضافة لإغلاق غرفته من قبل قوات الاحتلال» فكان السجن محطة جهادية فى 
حياة شهيدنا أكسبه تجربة اعتقالية وصقل شخصيته الجهادية فكان بمثابة التهيئة لمأ بعد 
. السجن من جهاد ومطاردة» فاعتنى شهيدنا بكل لحظة يستغلها فى تنمية قدراته الذاتية › 
وظلت تراوده أفكار العودة إلى الحرية وتجدد الجهاد من جديد» وفتر ان و 
السجن فى النقب مع تشكيل أول مجموعة مسلحة لكتائب القسام فى مخيم البريج عام 
(1441م) فاجتمعت الآراء على اختيار حامد ضمن المجموعة لما عرف عنه من إاح 
على تطوير العمل العسكرى ونشاط متواصل ضمن السواعد الرامية وميزه بحسن 
الخلق والصراحة والتواضع والوفاء ومحبة إخوانه له كما أنه من رواد المسجد وحفظة 
القرآن المعروفين» وقد واجه تشكيل المجموعة مشكلة عدم توفر السلاح فى البداية ؛ 
فاقتصر العمل على مطاردة العملاء فى منطقة المخيمات الوسطى ولم يكن بحوزتهم 
سوى مسدس قام الشهيد حامد بإحضار رضاصاته من مزبلة الجيش قرب المخيم. 
وبهذه الرصاصات تم قتل أول مستوطن على مفترق دير البلح بتاريخ (1/ /١‏ 1155م) 
وكان حامد يؤثر العمل بصمت وتخطيط دقيق وينزل دائما عند رأى إخوانه إذا علم فيه 
الصواب والسداد » وأكثر ما كان يضايقه تأجيل العمل أو وقفه ولو لفترة قصيرة› وقد 
كان يعمل بشكل متواصل ولاينام غير ساعات معدودة فكنت تجده مستيقظا قبل الفجر 
بساعتين أو ثلاث يمارس نشاطات الانتفاضة ويرصد دوريات الاحتلال. فى إحدى 
الليالى أطلق الجنود النار على مجموعة من المجاهدين معهم حامد أثناء إغلاقهم 
لطرقات المخيم فى أحد أيام الإضراب . . وانبطح الإخوة أرضا ليمر الرصاص من فوق 
رؤوسهم دون أن يصابوا بأذى» وكان حامد آخر من يتواجد فى ساحة المواجهة» وكان 
لشدة حرصه على الشباب المسلم قد خصص منزلا لأسرته كملتقى للشباب المسلم 
خشية أن ينجرفوا خلف التيارات العلمانية والشيوعية» وهكذا كان حامد شعلة من 
العطاء والبذل لا يعرف الراحة أو الهدوء » وبعد اعتقال عدد من أعضاء الكتائب على 
الحدود المصرية التحق شهيدنا بالمطاردين القساميين وفيهم عماد عقل وياسر الحسنات 
210 


والزايغ والنمروطى وقنديل وهم أوائل مطاردى القسام» ورغم قلة الإمكانات فقد 
استطاع تشكيل مجموعة جديدة فى المعسكرات الوسطى لاستئناف العمل الجهادى, 
واستمرت مطاردته قرابة العامين كانت المخابرات لا تعلم هل هو فى القطاع أم تسلل 
إلى مصر عبر الأسلاك» وبتاريخ (۲/ /٠١‏ ۱۹۹۳) استطاعت المخابرات الوصول إلى 
مخبئه فى منزل عبد الرحمن البحر فى مخيم البريج عن طريق عميل» فحاصرت قوات 
كبيرة المخيم وأحكمت الحصار على بلوك (7) وتم إخلاء المنازل المجاورة ليبدأ القصف 
مع ساعات الفجر. . ويرتقى حامد شهيدا إلى جنان الخلد بصحبة أخيه موسى السيد 
الذى رفض تسليم نفسه رغم إلحاح حامد عليه لأنه لم يكن مطارداء وقد تمكن 
الشهيدان من الالتحام بشجاعة مع قوات الاحتلال التى فاقتهم عددا وعدة وتمكنوا من 
إصابة بعضهم حسب شهود عيان . 

بقى أن نقول إن قلة الإمكانات وحداثة التجربة العسكرية لدى المطاردين قد مكنت 
بعض العملاء من الوصول لخبرة إخواننا. . وتصفيتهم» كما أن الحركة لم تكن هيأت 
الأجهزة القادرة على تقديم الدعم للمطاردين . . فكانوا لقمة سائغة للعملاء وأسيادهم 
الصهاينة رغم ما امتازوا به من جرأة وشجاعة واستبسال منقطع النظير . 

رح اللاسودانا اران ال ل ا ار م 





200 


الشهيد / خالد الرير 
3/7/1 


نعرض ولأول مرة على موقع قسام سلسلة من 
شهادات حية لأسرى فلسطينيين يمضى بعضهم أكثر من 
EG‏ ا ب 
ةالص خاروس الذى عقر إلى أدلى الموفات | 
الإنسانية. وتتركز هذه الشهادات حول بطولات كتائب | 
القسام والتى استحقت وسام الشهادة لأجلهاء وقد أطلقنا 
عليها اسم شهادات( حية ) لأنها حدثت فعلا وأخذت 
مصداقيتها من المشاركة الفعلية مع هؤلاء الأبطال أو بالحديث 
مباشرة مع أهالى هؤلاء الأشاوس» وها نحن تتحدث عن شهادة جديدة وهى الشهادة 
الثالثة حول بطل من أبطال القسام وهو الشهيد القسامى خالد الزير من منطقة بيت لحم . 
المثل الرفيع 

نعيش معكم وبكم فى هذه الحلقة الجديدة مع الشهيد القسامى خالد الزير» مع 
أولئتك الذين بعثوا الحياة فى الحياة» ادو ا واا ها إلى الأبة اوخا تقر فب 
فى عليائنا وذكريات يتردد صداها وتنطبع صورتها فى كل شىء جميل فى هذا 
الوطن» إن على المسلم الصادق أن يؤدى شهادة لهذا الدين» شهادة تؤيد حق هذا الدين 
فى البقاء وتؤيد ما يحمله الدين من سعادة للبشرية› وهو لا يؤدى هذه الشهادة حتى 
يجعل من نفسه وسلوكه وحياته صورة حية لهذا الدين» صوره يراها الناس فيرون فيها 
مشلا رفيعًا يشهد للإسلام بالأحقية فى الوجود» والخيرية على سائر الأوضاع 
والأنظمة» فيجاهد لأجل هذا الحق يكون قد شهد أن هذا الحق خير من الحياة ذاتهاء 
وعندها فقط يدعى شهيد. ) 

هكذا كان شهيدنا صورة حية وضميرًا نابضًا بالإسلام تتحرك كأنها أشعة الشمس 
تنشر الضوء بين السكان الطيبين فى قرية (حرملة) قضاء مدينة بيت لحم» ففى المسجد 


205 






كان المدرس والخطيب والواعظ والمربى لناشئة الدعوة والداعية الناجح المحبوب من 
الجميع » وكان حريصا على تربية الأطفال والناشئة . فأقام فريقًا لكرة القذم فى مسجد . 
القرية وأنشأ روضة للأطفال أشرف عليها بنفسه وعمل سائقًا لسيارة الروضة» حتى 
لحظة انضمامه لصفوف المطاردين من مجاهدى كتائب عز الدين القسام . 
نشرالدعوه.. 

وقد حرص على إقامة الإفطار الجماعى لتكون فرصة للتعارف والتالف وفتح آفاق 
جديدة لانتشار الدعوة فى جميع المجتمع» ولا نستغرب على خالد الزير كل هذا 
النشاط الدعوى» فهو خريج كلية الدعوة فى القدس التى رضع فيها حب الدين أولا 
وحب الأقصى ثانيًا. . . » وكان لبراعته فى السياقة دور كبير فى اختياره للجهاد فى 
صفوف الكتائب عن طريق أخيه و رفيقه محمد عزيز رشدى من مخيم العروب فى 
محافظة الخليل » حيث شارك فى قتل الكولونيل الصهيونى قرب مستوطنة تقوع فى 
منطقة التعامرة جنوب بيت لحم بصحبة المجاهد (محمد طقاطقة) الرابض فى سجن 
هداريم والشهيد محمد عزيز رشدى» وشارك فى إطلاق النار على باص قرب بلدة 
حلحول أدى لإصابة عدد من الصهاينة وشارك فى عملية المجنونة قرب( دورا ) بإطلاق 
النار على سيارة فورد ترانزيت »فقتل سائقها وجرح معه جندى آخر وشاركه فيها 
الجاهدان إبراهيم سلامة وعبد الرحمن حمدان رحمهما الله» وشارك فى الإعداد 
لخطف الحندى ( يرون حين) وقتله » فى ذروة نشاطه الجهادى » نفذ بصحبة محمد عزيز 
عملية إطلاق نار باتجاه باص جيب عسكرى فى منطقة سعير» وعند الانسحاب فوجىئ 
خالد وكان يقود السيارة بحاجز عسكرى» حيث كانت احتفالات لحركة فتح بمناسبة 
اتفاقية أوسلو بتاريخ /9/١5‏ ۱۹۹۳م فانقلبت السيارة وانسحب المجاهدون مثخنون 
بالجراح تاركين وراءهم قائدهم اللي مضي قرز وق الى انر القيحيا نس 
ليحمى انسحاب إخوانه ويكون دمه لعنة على مصافحى المجرم رابين صاحب سياسة 
تكسير العظام وهدم البيوت والإبعاد الجماعى لمجاهدينا إلى مرج الزهور» وبعد هذه 
العملية أصبح شهيدنا «أبو عبد الرحمن» مطاردا للمخابرات الإسرائيلية» وبعد أن 
انكشف دوره البطولى فى صفوف الكتائب . 

<0۷ 


عندما تقبل الدنيا .. 

كان خالد واحدا من أقبلت عليهم الدنيا بكل زينتها وزخرفهاء فآثر الآخرة» فقد 
كان بهى الطلعة باسم الثغر محبوبا للجميع » رزقه الله الزوجة الصا حة والطفلة الجميلة 
التى تحاكى ببراءتها بزوغ الشمس» فترك ذلك كله وانطلق باذلا إمكاناته كلها با فى 
ذلك جواهر زوجته لشراء السلاح ليثخن به أعداء الله وقد كان لنشأته فى بيت يغمره 
الإيمان» الأثر العظيم فى نقاء سريرته وحسن سيرته . 

وكان دخوله السجن عام ١۱۹۹م‏ محطة انطلاق لجهاده المبارك» تحول بعدها إلى 
بؤرة جهاد وتجميع للشباب المجاهد» وكانت حافزا له للانتقال إلى العمل العسكرى 
والبحث عن مصادر لتوفير السلاح. وكان یردد دائما ذكرى صور باهر الحبيبة إلى قلبه. 
منذ أيام الدراسة» لتكون فيها شهادته ويلقى من هناك نظرة الوداع على تراب القدس 
الذى أحبه وعشقه وجاهد لتحريره ودحر الغاصبين عن ثراه الطاهر» وكان ذلك إثر 
حصار القوات الخاصة للمنزل الذى يأويه بتاريخ ۲۲/ ١۱١/۱۹۹۳م‏ صباح يوم الجمعة . 
آخرايامك: 

وأما آخر أيامه قبل الشهادة» فكان صائمًا ا لخميس وقضى ليلة الجمعة قائما الى ما 
بعد الثالثة» وبعد صلاة الفجر أوى إلى فراشه استعدادا لمغادرة البيت الساعة الثامنة 
صباحًا لموعد كان قد حدده» وما درى أن موعده كان مع الشهادة وأن يوم الخميس كان 
إفطاره الأخير فى الدنياء ولحظة خرق الرصاص جسده الطاهر وقع على ركبته 
وسقطت جبهته على الأرض كأغا أراد أن يصعد بروحه ساجدا لله. رحمك الله يا 
الد طت خا ناوخا ف الان عا تع :فين اف ودا أن اجار 
الرابحة هى مع الله . . . وأن الفوز فوز من زحزح عن النار وأدخل الجنة» والسلام على 
روحك الطاهرة. 


04 


الشهيد / بسام محمد الكرد (أبو محمد ) 
44/1/۷ ) 
«الآلاف تلقى تحية الختام لرجل ملأ الدنيا جهادا 
وعطاء وتضحية» فاستحق سلام العظماء فى الوداع 
الأخير لعملاق فريد» زرع فى كل موقع سنبلة للقسام 
ضاعف الله غراسها فأنبتت ألف حبة» ها هو (أبو محمد) 
يسلم الروح بعد أن أدى الأمانة وأودعها فى جنبات 
القلوب المؤمنة نور ونارا. . . يرحل بعد أن حمل الراية 
ردحا من الزمن. . . يسلم الروح والمجد القسامى يتسامى س 
على الجراح وشجرة الجهاد لازالت نضرة الغصون بهذه الدماء الفياضة الطاهرة» . 
كان الركب القسامى الإيمانى يتقدم نحو البوابة الجنوبية للوطن المغيب بين الأسلاك 
الشائكة والغربة عن أبنائه الذين عاشوا فيه عبيدا لأولئك الذين سرقوا اللأرض وشيدوا 
لمان والمستوظتات كى بق متغرسةافى قلب الوطة: 
گائت هذه المسغوطدات سزطانا يسيرى ف قلت الآرضن امقدسة » عر يه أو للق 
الرجال الذين امتشقوا السلاح كى يبتروا المرض المستشرى فى الأرض . . ويجعلوا من 
دمهم أداة هذا البتر . 
الموكب النورانى يتقدم وكل لحظة ترى (بسام الكرد) أحد أبرز مقاتلى كتائب الشهيد 
عز الدين القسام يتراجع إلى الوراء» خطوات ويرفض التقدم مقسمًا الأيمان المغلظة 
على العودة السريعة إلى أرض الوطن» مصمما على أن الخروج جريمة سوف يحاسبنا 
الله تبارك وتعالى عليهاء وأن قرار الخروج خاطئ أيّا كان مصدر القرار» ويقفل (أبو 
محمد) راجعا إلى (رفح الصمود)» يلح عليه إخوانه أنه سيكون فى خطر» خاصة أن لا 
أحد يعلم بعودته وأنه من الضرورى أن يواصل الطريق معهم . 





208 


يقف (أبو محمد) جامد كالصخر ساكنًا كالليل» يذرف الدمع كأمواج البحر» هل 
كتب علينا أن نغادر الأرض؟ هل هذا هو قدر الله لنا؟ بل إننا نسير الآن للخروج 


يساعدون أبا محمد على التقدم» يرتجف الخطى» لم يكن (أبو محمد) ليهرب من 
الموت» بل كان يبحث عنه ليل نهارء يتقدم إلى مواقع الجهاد حيث يرى أن فيها 
الشهادة» ولو علم أنه على بعد خطوات منه يقبع قدر الله الغلاب ينتظر حيث تقبع 
خفافيش الليل تنتظر الصيد الثمين» ستة نفر من خيرة مطاردى كتائب الشهيد عز الدين 
القسام تمسهم عين الغدر . . وها هو كمين الموت ينتظرهم فى الساعات الأولى لفجر 
الثامن من مايو من العام ألف وتسعمائة وثلاث وتسعين . 

الركب النورانى يتقدم . . وملائكة السماء تستعد لتحتضن الأرواح الطيبة والسماء 
تتزين. . تفتح أبوابها كى يدخلوها بسلام آمنين لحظة الصباح الصامتة» حيث العصافير 
تغرد. . انطلقت صواريخ الحقد الأسود من كل مكان تستهدف الركب الطاهر . . تتمزق 
أشلاء المجاهدينء تتناثر . . لا تتمايز عن بعضها البعض» تحلق الأرواح فى السماء. . 
تتلقاها الملائكة . . تزرعها فى حواصل طير خضر» يمتطى (أبو محمد) صهوة المجد 
ويرتقى إلى الفردوس الأعلى . . هناك حيث النبيون والصديقون والشهداء لينال حلمه 
الأعظم وشهادته العلياء كم كان بسام فى شوق إلى لقاء الله تبارك وتعالى منذ اللحظة 
الأولى التى التحق فيها بركب كتائب الشهيد عز الدين القسام» أخبر قيادته لا أبايع إلا 
على شىء واحد. . (الموت). . (قالوا نعم الرجل أنت من نبحث عنه) . 

لم يكن يعطل أبو محمد عن مشروعه الاستشهادى عياله الذين بلغ عددهم ستة. 
ولاعمره الزمنى وهو الآن على أبواب عقده الثالث» فقد ولد شهيدنا فى منطقة الجرن 
فى جباليا فى الثامن عشر من أبريل من عام آلف وتسعمائة وثلاثة وستين» كان والده 
الحاج (محمد الكرد) ككل الآباء الفلسطينيين يخرج من بزوغ فجر النهار ولا يعود حتى 
الليل من أجل أن يوفر لقمة الطعام لأبنائه الذين يقبعون فى بيتهم القرميدى الذى طور 
عن الخيمة التى تسلموها من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بعد الرحيل 
الأكبر عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين» حيث هاجرت عائلة شهيدنا من قرية (بيت 
طيما) والتحقت بزحوف ال مهاجرين إلى (مخيم جباليا) الثورة» كان الأبناء يكبرون 

1 


ويكبر معهم الحلم الفلسطينى بعودة الأبناء إلى وطن الأجداد» وكان من الأبناء بسام 
وبسيم اللذين التحقا بركب المقاومة كى يشقا بأظافرهم طريق العودة» فكان أن اعتقل 
بسيم ونال حكما قاسيًا بالسجن» واستشهد بسام وهو يطارد أعداء الله . 

كان أبو محمد يتمتع بذكاء حاد» رغم أنه لم يكمل دراسته» حيث أنهى المرحلة 
الإعدادية» والتحق بسوق العمل ليتقن مهنة (القصارة) كى يساعد فى إعالة آل بيته فى 
ظل الظروف الخانقة التى يحياها آهل المخيم قاطبة . 

كان و ق ا ا و و تلك العيفات اول .ها يردت قن 
شخصهة (بسام) » فعندما التحق بالمدرسة الابتدائية » وكان ی الصف الأول الابتدائى 
حيث ألقى الفدائيون قنبلة على مركز شرطة أحدثت إصابات كثيرة وتجمعت الشرطة 
بشكل كثيف. فما كان من الطفل الصغير إلا أن ألقاهم بالحجارة» فأمسكوه وتم 
استدعاء أهله حيث صدر بحق والدته قرار حضور يومى إلزامى إلى مركز الشرطة من 
الساعة الثامنة صباحاء وحتى السادسة مساءء وأن يحضروا معهم ولدهم الذى يرجم 
الحجارة» واستمر هذا الحال أربعين يوماء وأحيانًا كثيرة كانوا يستجوبونه فى غرف 
التحقيق حول من الذى دفعه لإلقاء الحجارة. . . كانت هذه الشخصية بتلك المعالم 
الزاهية لم تكن تبقى فى غير ذات الدرب الذى نشأت فيه . 

وكم كان هذا الطفل حبيبًا إلى قلب أمه بشكل خاصء والتى كانت ترعاه فى كل 
خطوة من خطواته» وكم شعرت برجولته المبكرة» وكان من أبرز معالم هذه الرجولة 
الالتحاق السريع ببيوت الله تبارك وتعالى يؤدى الصلوات جميعا دون انقطاع حتى عن 
صلاة الفجر» كما يقوم برفع صوته مؤذنًا مناديا الناس للصلاة» ولا ينقطع مطلقًا عن 
كتاب الله تبارك وتعالى تلاوة وحفظًا. وكان أجمل الأوقات لدى (بسام) يوم ينطلق 
إلى شاطئ البحر يغوص فى أعماق المياه ويجوب البحر . 

استمر (بسام) فى دربه يمخر عباب بحر ال حياة يرتشف رحيق الإسلام صافيا نقيا من 
بيوت الله تبارك وتعالى» وفى كنف ورعاية جماعة (الإخوان المسلمين)» الذين التحق 
حتى غدا (نقيبًا)» ونادرًا ما يصل إلى هذا الموقع من هو فى مستوى تعليمى منخفض › 
ولكن بسام كان قد تجاوز تلك العقبة بمواصفاته الخاصة وذكائه الحاد وهمته المتقدة. 
حتى أنه كان يقود النشاط الدعوى الإسلامى فى مسجله . 


١ 


وما كادت الانتفاضة الفلسطينية الماجدة يبزغ فجرها فى التاسع من ديسمبر من عام 
ألف وتسعمائة وسبعة وثمانين حتى كان بسام الرائد الأول فى منطقة بيت لاهياء 
(حيث انتقل وأهله للسكن هناك)» فلا تكاد تلحظ دقيقة هدوء أو سكون فى حياته ؛ 
ينطلق نحو المسجد منذ الفجر» ومن هناك ينطلق إلى عمله ثم يعود إلى المسجد» 
ومساء تراه يرتدى زى الانتفاضة (اللثام) يخط على الجدران شعارات المقاومة ويضع 
الحواجز والمتاريس» وليلاً يتكب على الأوراق يكتب التقارير الأمنية اللازمة لتواصل 
المسيرة» ولم يكن ذلك يخفى عن الأعين التى ترصد حركات المقاومين» فكان 
الاعتقال الأول فى حياة (بسام) فى منتصف عام ١484‏ حيث قضى ثمانية عشر يوما 
فى التحقيق وخرج بعدها بتجربة جديدة» أضافت إلى رصيد (أبى محمد) رصيدا 
وخخبرة. 

وما كاد أبو محمد يخرج من المعتقل حتى كانت قوات الاحتلال تداهم منزله 
وتعتقله مرة ثانية» ولكن بعد تحقق معلومات حول انتمائه إلى جهاز الأمن والدعوة 
(مجد) التابع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)» وكان ذلك فى عام آلف وتسعمائة 
وثمانية وثمانين» وهى الضربة الأولى التى تعرضت لها حركة (حماس)» ولم تكن 
على نطاق واسع . ظ 

ويتم الحكم على بسام بالسجن لمدة ثمانية عشر شهرًاء وعلى أرض النقب الثائر يواصل 
بسام دوره الجهادى والأمنى» حيث يعمل ضمن جهاز الأمن العام لحركة حماس» وكان 
من أوائل الذين أسسوا الجهاز الأمنى فى النقب ليواصل دوره المقدس يرصد العملاء. 
يحصل منهم على المعلومات اللازمة للمواجهة المستمرة مع قوات الاحتلال سواء على 
أرض (النقب) أو فى الخارج» هناك فى (قطاع غزة) . 

ولم يكن ينقطع أبو محمد عن حنينه للعودة السريعة إلى أرض ال معركة» ولم ير فى 
العمل الأمنى على أرض النقب سوى مسكنات وأن ميدان العمل الحقيقى هناك على أرض ِ 
(غزة هاشم)ء حيث المجال مفتوح لخلق فجوات وتصدعات فى جند الاحتلال المتغطرس . 

وما كادت أيام الاعتقال تنقضى والتى تزود فيها بسام بخير الزاد (التقوى)» فالتجاً 
إلى كتاب الله تبارك وتعالى يتلوه ويقوم الليل بصحبة إخوانه» وخرج من السجن 
ليعود سريعا إلى حلبة الجهاد والمقاومة» فالتحق بكتائب الشهيد عز الدين القسام 


1Y 


(الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية - حماس). فقد كانت النواة الأولى 

نائب تنطلق بطيئًا فى جباليا الثورة» وكان كثير من الذين قاوموا الاحتلال فى 
مجموعات ولمان حركة حماس هم الذين بادروا بتأسيس الجهاز» ولم يكن (أبو 
محمد) ليغيب عن إخوانه الذين أحبهم أمثال (بشير حماد وعماد عقل) يخوضون 
مرحلة جديدة للجهاد والمقاومة 

وتركز دور (بسام) فى هذه المرحلة فى السعى الدؤوب لتوفير السلاح» وقد كانت 
تلك المهمة الأصعب فى تلك المرحلة» فالسلاح شحيح جداء وقديم» والأموال لا 
تتكافاً بحال مع السلاح المراد الحصول عليه» لذلك ما أن حصلت المجموعة على كارل 
غوستاف قديم لا يطلق النار فى أحيان كثيرة حتى أعدت جموع المجاهدين احتفالاً 
حقيقيا بهذا الفتح الجديد. عدا عن دور (بسام) الكبير والمتواصل فى كتابة التقارير حول 
العملاء وحركاتهم فى عملية رصد شامل طالت إثر ذلك مجموعة من باعوا ضمائرهم 
للغنيطان وازتكيوا أعمالا اة فين التعت التلمطى . وامعنت غات الرضيد 
لتشمل دوريات قوات الاحتلال التى تجوب المنطقة الشمالية من قطاع غزة . اسك ا 
محمد) يخط معالم الجهاد فى شتى المناحى والدروب يفتح الآفاق لكل عمل جديد أو 
رؤية مستحدثة جادة . 

حرص دوما أن يكون قريبًا من الله تبارك وتعالى مبتهلا إليه مقبلاً عليه حتى غرس 
الإيمان فى قلبه الهانىء بحب الله» فكان مقداما يحب الموت» كما يحب الناس الحياة» 
يقول لأهله دومًا. . وداعًا. . وداعا إلى اللقاء فى ظل عدالة السماء»ء أوصيكم أن 
تلتزموا دومًا بالزى الإسلامى» وألا تتركوا كتاب الله من أيديكم» اقرءوه واحفظوه 
وتدبروا معانيه» وإياكم وترك الصلاة أو إهمال فريضة» وكان يمثل لهم القدوة الحسنة 
فى هذا المجال لا يترك صلاة الفجر بل كان يذهب لإخوانه إلى بيوتهم يوقظهم للصلاة 
على مافى ذلك من مشقة» ولا يكاد ينسى صلاة الضحى» حتى عرف بين إخوانه 
(بالقانت) ذوما. 

كان يخشى على أهله أن ينغرسوا فى الدنياء فتشغلهم عن الآخرة» ويدعوهم إلى 
الاحتراس من العملاء ومن الذين لا يتقون الله عز وجل» كان ذلك النهج القويم 
والصراط المستقيم ديدنًا متواصلاً لفتى شمر عن ساعد الجد» فما كل ولا مل . 

1 


استمر يؤدى بهذه الروح المتقدة والعزيمة الصلبة دوره بكل أمانة وسرية وإخلااص» 
ومنذ أن غرس البذرة القسامية حتى استوت على سوقها تعجب الزراع لتغيظ الكفار» 
وبسام يكلؤها برعايته ويحفظها فى سويداء قلبه عهدا وبيعة وقسما. 

وها هو اسم (القسام) يدوى فى أرجاء الدنيا يحمل الرعب لقلوب تحمل الجحبن 
القسام عملاقًا يغطى بين السماء والأرض» هب من موته على يد هذه الثلة المؤمنة لتعيد 
التاريخ وتمتد أحراش يعبد تغطى كل ذرة تراب فى فلسطين» فالقسام وكتائبها فى كل 
مكان تملأ عقول اليهود وقلوبهم رعبًا وخوقًا. وهاهى كتائب القسام تنفذ فى 
۷ عملية الشجاعية وتقتل ثلاثة جنود» ويغلى دماغ إسحق رابين رئيس 
الوزراء الإسرائيلى حينها . ظ 

وفى ذات الليلة تقتحم قوات معززة من جنود الاحتلال منزل الحاج (محمد الكرد) 
تبحث عن (بسام) الذى اختفى عن العيون» واتخذ قراره الاستراتيجى أن يطارد قوات 
الاحتلال حتى يطردها أو ينال ما يريد شهادة يعز الله بها جنده ويذل بها عدوه» كما 
كان يدعو ذوما. ولم ينقطع (بسام) فى مرحلة المطاردة عن العطاء القسامى 
اللامحدود» فتواصل جهاده وامتد إلى كل المواقع» وغدا (بسام) علما فى صفوف 
المطاردين لما يتمتع به من مواصفات خاصة فى خفة الحركة والاتصالات وشراء 
الأسلحة والسرية المتناهية . . حتى كان القرار بالخروج من قطاع غزة» وقف حينها بسام 
بكل قوة يدفع باتجاه البقاء على أرض الجهاد حتى كانت الشهادة على الحد الجنوبى 
للوطن» تلك الشهادة التى نالها بعد أن بذل كل شىء من أجل الوصول إليهاء ونا طار 
الخبر إلى بيت لاهيا حيث والد بسام ووالدته وزوجه وأولاده الستة» كانت النفوس قد 
استعدت» فقالوا جميعا كلمات الحمد : «ولا حول ولا قوة إلا بالله» «إنا لله وإنا 
وإليه راجعون ». وردد والده «الحمد لله الذى شرفنى باستشهاد ولدى يسام . وإن شاء 
الله نلتقى فى الفردوس الأعلى». 

ورددت زوحه: قد كان نعم الزوج. كان مثالا وقدوة يحتذى به فى كل شىء . 
وكانت تحت قدميه كى يلاقى الأحبة محمدا وصحبه» فاختار طريق الجهاد والشهادة 
لذلك» فرحل الدنيا وما ترك على ظهرها من يريد منه شيئًا أو يحمل فى قلبه عليه شيئا . 

4 


ها هو الجمع يصطف» يدفن جثمان الشهيد المشطور بقذيفة صاروخية ليلا 
وحور عد قليل :مق دوه الآلاف تلقى تحية الختام لرجل ملا الدنيا جهادا 
وعطاء وفداء وتضحية» فاستحق سلام العظماء. . . الجميع يحتشد فى الوداع الأخير 
لعملاق فريد بعد أن زرع فى كل موقع سنبلة للقسام ضاعف الله غراسها. فا ال 
حبةء وها هو المجد القسامى يتسامى على الجراح وشجرة الجهاد نضرة الغصون بهذه 
الدماء الفياضة . . . 

ها هو (أبو محمد) يسلم الروح بعد أن أدى الأمانة وأودعها فى جنبات القلوب 
المؤمنة نورا ونارً. . ها هو يرحل بعد أن حمل الراية ردحا من الزمن حتى بتر العدو 
يديه فحملها بعضديه» ولا تسامت روح الشهيد إلى الفردوس الأعلى قذف الراية إلى 
أرواح تواقة مازالت تمسك البندقية تضغط على الزناد وحادى الركب ايات الله من 
(الأنفال والتوبة والإسراء). ها هى الروح تستقر فى حواصل طير خضر وبعد مشهد 
الختام فى حفل تأبين القسامى المتواصل لن يكون هناك ختام» فالدرب الذى سلكه بسام 
لن يغلق باستشهاذه بل إن القوافل تنتظر كى تمضى تغسل عار السنين ويبقى الجسد 
مسجى والروح تحلق فى الجنة حيث شاءت باسمة هانئة» فقد نالت الشهادة ونجحت فى 
الاسر 





وقبل شهيدا على ارضها 


10 


الشهيد /أسامة حمدى محمود حميد 
1١1/11/07‏ 

«هكذا قضى أبو مصعب ليلته الأخيرة. : متقلبًا على 
جمر الانتظار للرحيل الأعظم واللقاء الأكبر متبتلا. : 
اقا قلقام م كينا زدوها أن تعمسف اها 
هذا النهار حتى انطلق (أسامة) إلى عمله المنتظر ومهمته 
المقدسة (شبه المستحيلة) التى يسعى لتنفيذها فى يوم 
استنفار رهيب لقوات الاحتلال» . 

اللبل بی افلا فى مسناة اندض لال کانون 
الباردة» خاصة فى (غزة) التى تخضع لنظام منع تجول ليلى مستمر» غير أن الليل أكثر 
تثاقلاً لدى (أبو مصعي) ذلك الشاب الذى يحمل هم الإسلام والوطن» وخاصة تلك 
الليلة التى يحمل فجرها واقعا جديدا وسنة إضافية فى عمر حركة المقاومة الاسلامية 
(حماس) التى اقتنع بها (أبو مصعب) وعاش حياته من أجل عزها ومجدها. 

كان (أبو مصعب) يحمل كل الهم فذكرى انطلاقة الحركة فى الرابع عشر من 
ديسمبر من عام آلف وتسعمائة وثلاثة وتسعين» يجب أن لا يمر هذا اليوم دون احتفال 
بهيج على طريقة حماس وكتائبها خاصة بعد أن تعودت الجماهير هذه الاحتفالات منذ 
استل (مروان الزايغ وأشرف البعلوجى) الخناجر وأراقوا الدماء اليهودية فى يافا 
الساحل . ظ 

كان الأرق قد بلغ مداه مع (أبو مصعب)» فقد أعد العدة جيدا للقاء الغد المتتظر . . . 
وليس كأى لقاء» إنه لقاء الدم والنار والبارودء تململ الرجل واستوى وأعد نفسه 
للصلاة وبدأ فى اتصال مع الله تبارك وتعالى وابتهال عجيب راجيا الموؤلى عز وجل أن 
يقبله فى المصطفين من عباده وأن يوفق خطوته الميمونة . 

وكان أشد ما يؤرق (أبا مصعب) الاستعداد المكثف لقوات الاحتلال الإسرائيلى. . 
فمنذ حرب الأيام الستة . . أى على امتداد أيام وسنى (أبى مصعب) على هذه الأرض 





٦ 


لم تنتتشر قوات الاحتلال بهذه الكثافة تحسبًا لعمليات (كتائب القسام) فى ذكرى 
انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس). . خاصة وأن ذكرى الانتفاضة تأتى هذا 
العام بلون مختلف» فالعام ۱۹۹۴م كان حافلاً بالهجمات العسكرية الدامية بين قوات 
الاحتلال وكتائب القسام» ولا بسي الس ص 
اليهود وتصيب منهم موضعًا حساسا . 

بقى (أبو مصعب) على حاله من القلق والترقب والانتظار. . حيئا يفزع إلى 
الصلاة» وحيئًا آخر يلجأ إلى الذاكرة تعيد إليه نسمات الماضى المعبق بحلاوة الجهاد 
والمصابرة والمرابطة على ثرى الوطن الحزين» فما علم (أبو مصعب) فى حياته عدا 
الرجولة والفدائية. . فيوم انطلقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كان (أبو 
مصعب) بارزا فى منطقة التفاح حيث التحق بجهاز الآمن والدعوة (مجد) ونفذ العديد 
من الهجمات التى استهدفت أوكار الفتنة والفساد» حتى اعتقل فى ضربة شهر (مايو) 
6 اله و متك الج حه واربخين كتهراة كانت اة سات حامعة 
ومعهداللتعليم العالى تخرج منه شهيدنا بامتياز مع مرتبة الشرف» صبر وصلابة 
وصمود وعزم وإيمان وعلم وتضحية وإخوة» فكان (أسامة) لا يشق له غبار» خرج 
بعدها بعزم وإرادة من حديد أكسبته قسم الثأر بالمواصلة . 

وفى اليوم الثانى خروجه فى العام ألف وتسعمائة واثنين وتسعين كان أبو مصعب 
لعن ير كن المجاهدين من (كتائب عز الدين القسام) . 


وتذكر رحلته المتواضعة مع العلم» فقد التحق بكلية العلوم فى الجامعة الإسلامية 
وكان من الطلاب المتفوقين» ولكنه لم يكمل المسير لانشغاله بهموم الوطن وأبجديات 
المقاومة . 

كان العزم ديدنًا معروفًا لدی (أبو مصعب)» فما تراجع عن موقف تقدم نحوه وما 
تردد فى قرار اتخذهء يمضى متوكلاً على الله تبارك وتعالى . 

وها هو اليوم يمضى متوكلا على الله فى خطوة جريئة. مواجهة ملحمية مع بنى 
اليهود وهم فى كامل استنفار وتحد وعنجهية . . إنه التتحدى المقبول والحرىء. . لكنه 
التوكل عنوان (أسامة) ما جعله يتوانى» أو يتراجع» بل بسط كفيه إلى السماء داعيًا 


1¥ 


مولاه راجيا منه التوفيق والسداد» «اللهم سدد رميتى واكتب ذلك فى صحائف 
عملى) . 

كان رغم كل ذلك يشعر بالغربة. . يود لو تطويه الأيام كى يلقى الله تبارك وتعالى» 
فخاطب ربه تائبًا نادما راجيا. . «من حلكة الليل المضيع فى الهوى . . والتائهين وحيرة 
الأوهام يا مولاى جئت. . حبا لأنك خالقى وعلى بابك قد طرقت . . متوسلاً عطمًا 
لديك ومن لكسرى لو رددت . . ضاقت على مواجعى فى غفلتى والبعد موت. . 
ميراث أمسى بات يكوينى . . ولكن سلوتى أنى رجعت . واليوم يا مولاى عدت - اليوم 
عدت . . فلئن بسطت يدا إلى.فخافقى أنا ذا بسطت)» . 

كان يحلم من كل هذا العمل بالمغفرة والرضوان. . ليس أكثر من ذلك» وكم تمنى 
أن ينال الدرجة العالية ويسقط شهيدا على ثرى الوطن المقدس . . يا لها من أمنية 
غالية. . أتراها تتحقق غدا. . كم يعشق الشهادة. . هذا المتيم بحب الأقصى 
وفلسطين . ظ 

ورحل (أبو مصعب) قليلاً إلى الأيام الخوالى التى انصرفت حيث اشتعلت فلسطين 
لرحيل الشهيد (عماد عقل). . وساورته نفسه. . هل حقًا يرحل إلى (عماد) 
والراحلين من قبله. . هل تراه ينضم إلى قافلة النور ا ان فا 
الفجر الحديد. 

رحل (أسامة) فى خياله إلى ما بعد استشهاده» وكيف سيلقى (عمادا) والأحبة» 
وكيف سيدخل جنة ربه دون سؤال أو حساب بإذن الله. وهل حقًا سيدخل الجنة. . 
آم آم آه غ فا أجمله من فوز وما أكرمه من نضر» ٠‏ لبعه يحدث. . ليت 

ثم يغيب (أسامة) فى عالم ذكرياته . . فى (النقب الثائر). . وفى (مسجد المحطة)» 
وكيف استطاع أن يساهم فى نشأة جيل إسلامى كامل» أبى الوهن والظلم فانتفض وثار 
وكسر قواعد اللعبة الدولية وحطم أسس المعالجة اليومية وأعاد التاريخ إلى (داود 
وجالوت) متجاورا كل التقدم العلمى الرهيب والأسلحة الفتاكة المدمرة . 

وعاد بالذاكرة إلى طفولته وتذكر إخوانه وأخواته» والده ووالدته» وكيف سيكون 
حالهم لو رحل عنهم . . ولكنه توقف سريعا عن التفكير فى هذا الاتجاه . 


۸ 


تذكر يوم حدثه والده عن قدومه إلى الأرض وقال له «يا بنى حلت النكبة عام 
(147١م)‏ وكان عام ميلادك» . 


ا دا رامن سه لادی : . وعام النكبة . . وماذا قصد والدى بحديثه 
هذا. . فهل حقا سأكون ممن يساهمون فى مسح آثار النكبة ومرارتها ؟ هل يحدث ذلك 
وأنا العبد الضعيف قليل العتاد. . ثم تمتم فى لحظة شموخ وتحد رائعة ستبدى لك الأيام 
ما كنت جاهلا. . . وتذكر يوم رحل إلى فلسطين المحتلة للعمل فيها حيث كان يجيد 
الدهان. . كان يستمع من ركاب الباص أحاديثهم حول بلدانهم التى هجروها فى زمن 
التشريد الأول» يشعر (أسامة) أنه واحد منهم رغم أنه لم يهاجر من بلدته الأصلية 
غزة» إلا أن شعوره كان أسمى من الحدود. ففلسطين فى قلبه وفؤاده رقعة واحدة 
وأرض إسلامية . . حرام على الدخلاء» وعلى الغاصبين دفع الثمن. وسرح حين ذلك 
بتذكار أبيات من الشعر فى القدس وفلسطين والأقصىء فقد كان محبا للشعر وقراءته 
وحفظه» يرى فيه متنفسًا للحرية المفقودة على بوابة (إيرز) وردا للظلم المتمترس خلفه 
أدعياء الزمن الحاضر والحقبة الصهيونية الجديدة. . 

وعدا عن كتابة الشعرء فقد كان يدون المقالاات والموضوعات التى يزين بها مسجد 
(المحطة) كى يتزود الناس بالعلم لمواصلة رحلة الجهاد والعطاء . . وقد أثرى هذه الموهبة 
لدى (أبو مصعب) امتلاك أهله لمكتبة» حيث يرتزقون من بيع الكتب مما فتح له مجالاً 
خصبا کی يرتشف من معين العلم والإيمان ما شاء الله . 

هكذا قضى (أبو مصعب) ليلته الأخيرة متقلبًا على جمر الانتظار للرحيل الأعظم 
واللقاء الأكبر . . متبتلاً. . داعيا. . ذاكرا. . قلقا. . متمنيا . . 

بدأت الساعة تقترب رويدا من انبلاج صباح يوم الثلاثاء الموافق الرابع عشر من 
ديسمبر من العام آلف وتسعمائة وثلاثة وتسعين» و(أسامة) يتقلب فى انتظار ساعة 
الصفر من أجل الرحيل الأعظم والأكرم فى رحلة الخلود الأبدى . . كم كان ينتظر هذا 
اليوم. . ويرحل إليه كل يوم. وما أن تفتحت أزهار هذا النهار وغدا الناس ينطلقون 
إلى مواقع عملهم لكسب قوت يومهم . . حتى انطلق أسامة إلى عمله المنتظر ومهمته 
المقدسة (شبه المستحيلة) التى يسعى لتنفيذها فى يوم استنفار رهيب لقوات الاحتلال . 

فأعد (أبو مصعب) سيارته المرتقبة وزودها بكل ما يلزم من متفجرات وصواعق 
وأنابيب غاز وانطلق بها إلى منطقة (القبة بالشجاعية) (الخط الشرقى) لمدينة غزة» 


4۹ 


ا م ا ی ر ا کے لت کے ات على الطروق :فى کارت د 
الثمين. . كان كل شىء يبدو معدا بعناية واقتدار» (فأبو مصعب) صاحب تجربة عريقة 
فى العمل العسكرى» ولكن الانتشار الإسرائيلى والإعلام الحذر كان ينبؤ بخطورة 
المجازفة فى هذا اليوم» فالطير فى السماء يرغب الجيش الإسرائيلى بإيقافه والتدقيق فى 
أوراقه والتحسب من انتمائه لخلايا القسام . . لكنه التحدى من رجال صدقوا ما عاهدوا 
الله عليه. . وما أن اقتربت دورية عسكرية من المكان حتى لفت انتباهها وجود سيارة 
على قارعة الطريق» وفى لحظات كان المكان محاصرا والجنود يتتشرون والطائرات تحلق 
فى الأجواء. فأفسح (أسامة) لإخوانه سبيل النجاة ومثل لهم خط الدفاع الأخير» وبداً 
باطلاق صليات رشاشة من كلاشنكوف حمله (أسامة) لهذا الاحتمال» فأصاب ضابطًا 
إسرائيليا لكن نيراتا غزيرة انطلقت خلف الجبل الشامخ بمعانى العزة والإيمان والرجولة 
أصابت (أبو مصعب) بعدة أصابات استشهد على أثرها فى نفس المكان . 

ثم قدمت قوات معززة من الجيش وقام خبير المتفجرات بتفجير السيارة› وقد اعترف 
راديو اسرائيل بالعملية وأعلن إصابة ضابط» وأن (كتائب الشهيد عز الدين القسام) 
مسئولة عن العملية وأنها نفذتها فى الذكرى السادسة لانطلاقة حركة (حماس) . 

وقد زفت مكبرات المساجد فى غزة إلى الأمة الإسلامية نبأ استشهاد أحد قادة العمل 
العسكرى القسامى الذى كان يعمل فى الخنفاء» فلم يكن مطاردا أو مطلوباء بل كان 
(أبو مصعب) جنديًا مجهولاً» وارتقى فى ميدان الشهادة والإباء والشموخ عملاقا أبيا 
عصيا على الملاحقة والمطاردة . وقد وقف حى التفاح ومسجد (المحطة) بالتحديد على 
ساحة واحدة بعد سماع نبأ استشهاد درة المنطقة وشمسها التى لا تخبو. فأقاموا سرادق 
العزاء الذى أمه المواطنون من كافة أنحاء قطاع غزة مودعين الشهيد ويقدمون له التحية 
العسكرية التى يستحق» بينما وقف (آل حميد) شامخى الرؤوس مرفوعى الهامات 
بولدهم وقالوا كلمة الحمد للمولى تبارك وتعالى على ما أخذ وعلى ما أعطى وعلى ما 
أبقى » وأجمعوا أنه شرف عظيم أن يمثل أحد أبنائهم حلقة فى سلسلة الخلود التى لا 
تنقضى» سائلين المولى عز وجل أن يجمعهم به فى الفردوس الأعلى . 

وبعد يومين وفى تام الساعة العاشرة والنصف من ليلة يوم الخميس الموافق السادس 
عشر من ديسمبر من العام لف وتسعمائة وثلاثة وتسعين» وتحت الحراب الإسرائيلية 
المشرعة وبحضور تسعة عشر شخصا من ذوى الشهيد (أسامة) امتلأت فى المكان رائحة 


42 


الشهيد الغالى الممزوجة بعبير المواجهة والتحدى» فغدا المكان روضة معبقة بأريج 
الشهادة وعطرها الفواح وكان وجه الشهيد كما فى حياته يطفح بالنور والويمان . 

وإكرامًا للشهيد ولدمه المراق على أعتاب الانطلاقة الماجدة أقامت حركة المقاومة 
الإسلامية (حماس) حفل تأبين مهيب للشهيد المقدام» أمه الآلاف من جماهير قطاع 
غزة فى لحظة وداع مؤثرة. 

وإذا كان لك شرف الانطلاق نحو منطقة (السدرة)ء واتجهت إلى (مسجد المحطة) 
ستلامس عن قرب عظيم الأثر الذى تركه أسامة فى جيل من الفتيان التصقوا بكتاب الله 
تبارك وتعالى وعاشوا لدينه فى زمن سادت فيه الفتن وتقلب الناس على جمر المعصية . 

وإذا استعصى عليك الوصول اسأل عن (ملعب الشهيد أسامة حميد). ذلك الملعب 
الذى أعده الشهيد بيديه ليكون مكانًا يتدرب فيه جيل مسلم قوى نشا على قاعدة 
«المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف». 

وقد أطلق الأهالى اسم الشهيد الغالى (أسامة) على الملعب. فأصبح 5-5 (الشهيد 





هل يرهب الهدم والقتل... الأبطال؟! 


٤۷۱ 


الشهيد /محمد صالح كميل 
2191 


هنى دلادة فى ا ا تسم ولد 
القساميينة:فمنة كانت الشرارة الآولى لاولى فج عات 
الكتائب فى الشمال»ومن خيرة أبنائها ضنعت وقود 
الكتائب فى الانتفاضتين» وفى بيوتها أمضى العياش فترة 
من مطاردته» إنها قباطية » سلسلة طويلة من العطاء فمن 
ستة قساميين قدمتهم شهداء قبل اندلاع انتفاضة 
الأقصى» إلى ثلاثة شهداء قساميين آخرين قدمتهم فى 
ظل انتفاضة الأقصى » يضاف إليهم عشرات المعتقلين 
القساميين من أبناء البلدة على طول الانتفاضتين» لذا كان حمًا علينا أن نعيد إلى الذاكرة 
سيرة ثلة من أبناء هذه القرية من شهداء القسام بدءا بالقائد المؤسس الشهيد عبد القادر 
كميل» مرورا برائد زكارنة وأحمد أبو الرب محمد أبوالمعلا «الأناسى» وأمجد كميل › 
ومحمد صالح كميل» إلى شهدائها القساميين فى ظل انتفاضة الأقصى الشهيد صالح 
كميل وظافر كميل ومحمد كميل» وا حبل على الجرار . 

الشهية اقباس مسحي ضام كبيل سيل ال كر نيه الذي شاعدر ذلك 
الشبل القسامى الذى كان يجوب شوارع الخليل ليلا يقارع ويهاجم خفافيش الليل من 
المستوطنين الذين تعودوا الخروج فى جنح الظلام» يدمرون ويحرقون ويسرقون الراحة 
والأمن من عيون الأبرياء» فاستحقوا لقب «المفسدون فى الآأرض» بلا منازع » محمد 
كان ذلك الشبل وذلك القسامى الصغير فى سنه الكبير فى فعله . ولد الشهيد القسامى 
محمد صالح شريف كميل فى الأردن بتاريخ ١917/١/١‏ لعائلة فلسطينية متدينة تعود 
أصولها لقرية قباطية الواقعة على مشارف مدينة جنين القسام» وبعد مدة من الإقامة فى 
الأردن انتقلت العائلة للسكن فى مدينة الخليل حيث عمل والد الشهيد محمد محاضرا 
فى جامعة الخليل» تلقى الشهيد محمد دراسته الأساسية والإعدادية فى مدرسة 
الصديق فى الخليل» ثم أكمل المرحلة الثانوية فى مدرسة الحسين بن على» وفى هذه 





۲ 


المرحلة انخرط الشهيد محمد فى صفوف حركة المقاومة الإسلامية - حماس - حيث 
نشط فى صفوف العمل الطلابى فى الخليل» وعمل من خلال مجموعات السواعد 
الرامية فى حماس على مهاجمة قطعان المستوطنين ودوريات الاحتلال فى الخليل ما 
أدى فى ۱۹۹۰م لاعتقال محمد من قبل قوات الاحتلال لمدة ١١‏ شهراً حيث وضع 
الشهيد محمد فى تحقيق سجن الظاهرية مدة ٠١‏ يوماء تعرض فيها لعدد من أساليب 
التحقيق والتعذيب المختلفة» و رغم صغر سن محمد لم يستطع المحققون الحصول منه 
على أى معلومة . 

خرج محمد من السجن بعد قضاء مدة محكوميته ليستقر فى مدينة الخليل بعد أن 
رفض الانتقال مع عائلته لمدينة نابلس وذلك بسبب ظروف عمل والده كمحاضر فى 
جامعة النجاح الوطنية» قام محمد خلال إقامته فى الخليل بالعمل على سيارة أجرة من 
نوع «بيجو» حيث قام باستخدامها فى نقل المطلوبين من أبناء كتائب القسام وذلك بعد 
أن جند فى صفوف الكتائب بعد خروجه من السجن بشهر . 

حادثة الاسستهاد : 


فى يوم /1١/15‏ ٤۱۹۹م‏ حضر الشهيد محمد كميل مع رفيقه القسامى فريد الجعبة 
واللذين كانا يعملان على نقل السلاح والطعام للمجاهدين أمجد أبو خلف وأمجد 
شبانة فى مخبأ لهما فى أحد البيوت المهجورة على أطراف مدينة الخليل حيث كان 
المجاهدان شبانة وأبو خلف مطلوبين لقوات الاحتلال» وبعد لحظات من دخول الشهيد 
محمد كميل والقسامى فريد الجعبة للبيت قامت قوات كبيرة من المستعربين وحرس 
الحدود الصهيونى بمحاصرة المنزل وطلبوا من المجاهدين الأربعة الخروج وتسليم 
أنفسهم» قام محمد بعد هذا النداء بالخروج من المنزل وهو يضع يديه على رقبته 
ويمسك بقنبلة يدوية لكى يفجرها عند الاقتراب من جنود الاحتلال» ولكن أحد الجنود 
لاحظ القنبلة فقام على الفور بإطلاق النار على صدر محمد مما أدى على الفور 
لاستشهاده» قامت بعدها قوات الاحتلال بالاشتباك مع أبناء القسام أمجد شبانة وأمجد 
. أبو خلف وفريد الجعبة حتى استشهدوا جميعا ووضعت جثث الأربعة بجانب بعضها 

ونقلت بعد ذلك لمعهد الطب الشرعى فى أبو كبير فى القدس . ظ 
رفضت قوات الاحتلال عرض الحثث على أهالى الشهداء الأربعة وبقيت الجثث فى 

معهد أبو كبير حتى تدخل رئيس بلدية الخليل» بعدها سمحت قوات الاحتلال بعرض 
3 


للتعرف على جثة ولده محمد» دفن بعدها جثمان الشهيد محمد فى مقبرة الشهداء فى 
بلده الأصلى قباطية ليلا وتحت حراسة جنود الاحتلال وبحضور خمسة من أهل الشهيد 
فقط . . حتى والدة الشهيد لم يسمحوا لها برؤيته . 

هذا هو الشهيد محمد كميل» شبل الخليل» وبطل من أبطال كتائب العز التى لا 
تقهر» لقى الله عز وجل مقبلا ومضحيا فداء لوطنه ودينه وشعبه وقاتل فى سبيل كل 
هذه المعانى لينال شرف الشهادة . 


فهنيئًا لك الجنة يا محمدء وهنيئًا لك صحبة إبراهيم الخليل الذى أحببت . 








¥ 


فهرس الشهداء 












نزار أحمد الصباغ ۸/1۱/۱۲ ۳ 
نافذ یو سف سلمان أقطيفان ١1‏ 1 
عصام أبو خليفة ) 0 AA /Y‏ ۸ 
أحمد إبراهيم مصطفى البرغوثى ۲/۲۷/ ۹A۸‏ 0 
هانى محمود أبو حمام ) 1خ ١‏ 1 
ياسر أسعد إبراهيم الزعلان ۳/۲۷ / ١ ۹A۸‏ 
حسين كامل حسن عودة ١ 4A۸ TY‏ 
عمر محمود حمد ربايعة ١ / ۲Y‏ ۲۰ 
محمد فارس الزين !7/7 ۳/ 4A۸‏ ۳ 
جميل راشد حسين الكردى ۲/ € / AA‏ ۲۸ 
نزار حمد مساد ۹۸/2/۱۹ ۳۲ 
خمد ا زيل 8/5/7 ١‏ م 
خالد رفقى عميرى عر 0/ ٠ 4A۸‏ 
جمال محمد موسى عودة 14۸۸/۸/۱۴ ٤‏ 
جمال إبراهيم مطر شقيرات ١١75‏ 0 
محمد زين الكركى 88/4 ١‏ 0 
كانك سكي غد العزيز ۸/1/7 00 
لؤى فخرى البرغوثى 7/4/۲۱ AAA‏ 0۸ 
سف ج اف ا ۷/ ۹۸۸/1۰ 1١‏ 
زياد على خر انت 1۷ ۸/1۰ 1٤‏ 
عصمت جميل محمود ۷/ 1٦1 ١ 8/1١١‏ 
اجاج عدا يشارات 1۹۸۸/11/۷ 7١‏ 
هانى سامى خليل ۱۹۸/۱1۲/۱ V٤‏ 
بس على او سيدق 1/1/١‏ ۷۷ 
حمدان حسين النجار 7/1۲7۱۲ AA‏ ۸۰ 


0 






د سس سد OIE‏ 
بامنيرة غاول ال ١7‏ 
إبراهيم محمد المباشر ١88/17‏ 
عبد الحليم محمد رباح بخيت ANTI‏ 
فواز محمد رباح بخيت 4/11۷ 
١/9‏ 
AAT‏ 
۹۸44/1۱/۹ 






















































محمد الدواوسة 
نال ا خمد خالد مرق 












































محمد مراد جميل مطر / /Y‏ 1۹۸4 
محمد خالد الشريم ۹۸44/۳/۱۲ 
نعمان طه جرادات ١‏ 
نامق أحمد حسين ملحم /Y‏ ۳ / 1۹۸4 
محمد منصور عبد ربه ° ۹۸44 
داود قراقع ١7‏ 
صبحى محمد عطية شكارنة ١484/5/1‏ 
رياض محمد على غياضة ١484/5/1‏ 
فؤاد يو سف عوض نجاجرة AE‏ 
محمد حسن الشيخ شكارنة 1۹۸4/2/۱۳ 
وليد محمد عبد الله نجاجرة ١484/5/17‏ 
رائد محمد مؤنس ١14/05‏ 
محمد زقوت 5 ۱4۸4۹ 
غا غك الله ج 1۹۸4/0/1۰ 
خالد جاد الله جاد الله ١١‏ 
ناجى الفقيه 4 ١4‏ 
أحمد عبد الفتاح غانم 06 ١١‏ 
وائل أحمد إسماعيل الهود °/ ۱۹۸4/۷ 
حسام حماد ۱۹۸4/۷/7 
رائق حسن سلمان AON‏ 


ایھر و ھی دوا 4 844 ١‏ 


34 


ناصر موسى 

سمير الأخرس 

فايز المنذر 

نضال أبراهيم محمد مسك 
الطويل 
مصطفى حسين الدباغ 


أمجد واثق 


بلال زهيرعناب 

عبدالله ربايعة 

محمد خليل سعيد أبوزياد 

عمار زكى القدومى 

مجاهد محمد حسن شحادة 

| جميل صالح جواريش 
حسام سهيل فريد أبو زنط 

ناصر عبدالمجيد كجك 

أمجد عبد المجيد سعيد حسن 

فيصل سعود أبو سر حان 

E 

عبد اللطيف مصطفى السقا 

محمد شاكر أبو هشيم المصرى 
إياد إسماعيل صقر 


محمد سمير محمد حسن الخلحولى | 


رامی فريد قمحية 

مجدى عبد حميدان طه 

مريم مصطفى زهران 

موسى عبدالهادى السويطى 
برهان الدين عبد الرحمن كاشو ر 
جادو محمد راجح زاهدة 


344 


١ 844 14 
١ 844 4 
١ 844 5 
١ 4844 4 
۸4/۸/10 
١4 
١١ 5 


١4/4 


١ 84/4 
١/١ 
١ 
1۹۸4/1۰/۱۲ 
1۹۸4/1۰/1۳ 
١4/11١6 
1۹۸4/۱۲ /0 
1۹۸4/4/1 
۱۹4۰/۱/۸ 
ESTA 
ا‎ 
700 


144۰/0/۰ 


ES CAR 
1۹4۰/1/٥ 
1۹4۰/1۰/۷ 
١4١8 
١44١٠ 
۱۹4۰/1۰/۸ 
1۹4۰/1۰/۸ 





و وراد زعاترة 

لوده بد ان 
ربحى حسن شحادة العمورى 
إبرهيم محمد على أدكيدك 
إبراهيم عبدالغفار إبراهيم غراب 
فوزى سعيد إسماعيل الشيخ 

غر إبراهيم غر الدويك 

عز الدين جهاد محمود حم ده لاسي 
عدنان خلف شتيوى مواسى 
سليم أحمد الخالدى 

خمد أحمل خسن أبو تقيرة 

رائد محمود البرغوثى 

محمود محمد علا ونة 

بركات إبرهيم الفاخورى 
و 

محمد محمود يوسف جبر زلط 
عماد عرقاوى 

عماد عبد العفو الزغير 

سامر مرعى 

غسان مصباح عبد الحميد أبو ندى 
محمد حسن عبد القادر قنديل 


۸ 


١44١ 8 
١44١ 8 
١! 4١/٠8 
١44١8 
١ 4١8 
١! 4١8 
۹۹4۰/1/۸ 
١ 4١/٠8 
١44١ 
١4١/٠ 
١4١8 
١|4١8 
1۹4۰/1۰/۳ 
144۰/۱۱/۳ 
1۹4۰/1/۱۳ 


1۹41/0/۳ 
١44١/١/1: 
١447/5 /٠ 
١07/0 





ياسر أحمد النمروطى 
عبدالقادر كميل 

كياد مصلح محمد عيسى 
زكريا أحمد الشوربجى 


حسن محمد حمودة 
عماد منسى محمد نصار 


حسين أحمد محمود أبواللين 


١‏ ار اا مووا الان 


محمد إسماعيل عبد القادر صيام 


إبراهيم يونس عاشور 
جميل إبراهيم احمد وادى 
ماهر أبوسرور 

خد اد حسن الهندى 
بهاء الدين عوض النجار 
أيمن صلاح سلامة عطاالله 
محمد عزيز رشدى 
أشرف بشير محمد مهدى 
موسى جاسر محمود السيد 
حامد هزاع القريناوى 
E‏ 

بسام محمد الكرد 

أسامة حمدى محمود حميد 
محمد صالح كميل 

فهرس الشهداء 

ملك ار 


8 


To 
1۹41/7/10 
1۹4۲/۸/۱۳ 
۹4/1/۸ 
ATT 
4۳ /£/° 
TA 
ATA 
ATA 
١4 
T70 
Tel 
1 
١ 4 7/5 
1۹4۳/۷/۱ 
1۹4۳/۷/۱ 
3/4/717۳ 
۳/4/1۳ 
١١ 4/1 
AT 
1۹4۳/1۰/۲ 
1۹4۳/1۰/۲ 
AFIT 
١/1 
١5 
AES 





مسب 





شهداء الحركة الاسلامية 











شهداء الحركة الاسلامية 

















شهداء الحركة الاسلا 


ميه 


4 


؟ 


8 











8% 








ISHN SHR 
IT ]اه وان‎ TL 
به‎ oy FP BA EG ف‎ + + 
ETL TI LEELA 
AHH عاج جا‎ 29 4# © : 
BOK RR جامد جد‎ 4 
KANE RENEE X 





2 


RA E EO ¥ ادح‎ 
شرا وان‎ © 40 8 
E جد‎ RRR 3 


¥ 


8 


8 





ا 
RES‏ د 











AR e HR KF ل‎ ¢ 
a 
بو‎ 


RR BRU B4 » < 
RRR A 











شهداء الحركة الأسلامية